صفحة : 74-79   

البدن التي نحرت:

قالوا: ثم انصرف «صلى الله عليه وآله» إلى النحر بمنى ، فنحر ثلاثاً وستين بدنة بيده الشريفة بالحربة، وكان ينحرها قائمة معقولة اليسرى، وكان عدد هذا الذي نحره عدد سنيِّ عمره «صلى الله عليه وآله».

ثم أمسك، وأمر علياً «عليه السلام» أن ينحر ما بقي من المائة، ثم أمره أن يتصدق بجلالها، وجلودها، ولحومها، في المساكين، وأمره أن لا يعطي الجزار في جزارتها شيئاً منها، وقال: «نحن نعطيه من عندنا»([1])، وقال: «من شاء اقتطع»([2]).

قال ابن جريج  : قلت: من الذي أكل مع النبي «صلى الله عليه وآله» وشرب من المرق؟!

قال جعفر : علي بن أبي طالب «عليه السلام» أكل مع النبي «صلى الله عليه وآله» وشرب من المرق([3]).

وقول أنس : إن رسول الله «صلى الله عليه وآله» نحر بيده سبع بدن قياماً([4]).

حمله أبو محمد " : على أنه «صلى الله عليه وآله» لم ينحر بيده أكثر من سبع بدن كما قال أنس ، وأنه أمر من ينحر ما بعد ذلك إلى تمام ثلاث وستين([5])، ثم زال عن ذلك المكان، وأمر علياً «عليه السلام» فنحر ما بقي.

أو أنه لم يشاهد إلا نحره «صلى الله عليه وآله» سبعاً فقط بيده، وشاهد جابر تمام نحره «صلى الله عليه وآله» للباقي، فأخبر كل واحد منهما بما رأى وشاهد. أو أنه «صلى الله عليه وآله» نحر بيده مفرداً سبع بدن كما قال أنس، ثم أخذ هو وعلي الحربة معاً، فنحرا كذلك تمام ثلاث وستين.

وقال عروة (غرفة) بن الحارث الكندي :ل أنه شاهد رسول الله «صلى الله عليه وآله» يومئذ أخذ بأعلى الحربة، وأمر علياً «عليه السلام» فأخذ بأسفلها، ونحرا بها البدن، ثم انفرد علي «عليه السلام» بنحر الباقي من المائة كما قال جابر ([6]).

وكان الهدي الذي جاء به رسول الله «صلى الله عليه وآله» أربعة وستين، أو ستة وستين.

وجاء علي «عليه السلام» بأربعة وثلاثين، أو ستة وثلاثين، فنحر رسول الله «صلى الله عليه وآله» ستة وستين، ونحر علي «صلى الله عليه وآله» أربعة وثلاثين بدنة([7]).

وفي الرواية الأخرى: نحر رسول الله «صلى الله عليه وآله» ثلاثاً وستين نحرها بيده، ثم أخذ من كل بدنة بضعة فجعلها في قدر الخ..([8]).

وأمر رسول الله «صلى الله عليه وآله» أن يؤخذ من كل بدنة منها جذوة من لحم، ثم تطرح في برمة، ثم تطبخ، فأكل رسول الله «صلى الله عليه وآله» وعلي «عليه السلام»، وحسيا من مرقها([9]).

وفي صحيح الحلبي عن علي «عليه السلام»: أن النبي «صلى الله عليه وآله» ساق مئة بدنة([10]).

وقد ذكر المجلسي : أن المقصود: هو أنه «صلى الله عليه وآله» ساق مئة بدنة، لكن ساق بضعاً وستين لنفسه، والباقي لأمير المؤمنين «عليه السلام»، لعلمه بأنه «عليه السلام» يحرم كإحرامه، ويهل كإهلاله إلخ..([11]).

لكن قد تقدم قولهم: إن النبي «صلى الله عليه وآله» وعلياً «عليه السلام» ساقا البدن، فساق منها النبي «صلى الله عليه وآله» ستاً وستين، وساق علي «عليه السلام» أربعاً وثلاثين.

وقال ابن كثير : قدم علي من اليمن ببدن رسول الله «صلى الله عليه وآله»([12]).

فنسب ما جاء به علي «عليه السلام» إلى النبي «صلى الله عليه وآله»، لأنه أخوه، ولأنهما تشاركا في مجموع المئة، ونحراها بصورة مشتركة.

وقد تقدم: أن النبي «صلى الله عليه وآله» كان يأخذ بأعلى الحربة، وعلي «عليه السلام» يأخذ بأسفلها إلى ثلاث وستين، ثم نحر علي «عليه السلام» الباقي، وأخذا من كل واحدة جذوة من لحم، وجعلاها في قدرٍ واحد، وأكلا منها، وحسيا من مرقها..

مضافاً إلى أن علياً «عليه السلام» أهل بما أهل به رسول الله «صلى الله عليه وآله»، فنية علي «عليه السلام» معتمدة على نية النبي «صلى الله عليه وآله»، ومتقومة بها..


 

([1]) سبل الهدى والرشاد ج8 ص476 و 477 والمجموع للنووي ج8 ص361 وقد تقدمت مصادره فراجع.

([2]) سبل الهدى والرشاد ج8 ص476 و 477 والمغني لابن قدامة ج3 ص558 وقد تقدمت مصادره فراجع.

([3]) سبل الهدى والرشاد ج8 ص476 والطبقات الكبرى لابن سعد ج2 ص177 ومنتخب مسند عبد بن حميد ص340.

([4]) سبل الهدى والرشاد ج8 ص477 ونيل الأوطار ج5 ص213 وأحكام القرآن لابن العربي ج3 ص292 وصحيح البخاري (ط دار الفكر) ج2 ص185 وعمدة القاري ج10 ص49.

([5]) سبل الهدى والرشاد ج8 ص477 وصحيح ابن خزيمة ج4 ص285.

([6]) سبل الهدى والرشاد ج7 ص376 وج8 ص477 وسنن أبي داود ج1 ص396 والمعجم الأوسط ج3 ص173 والمعجم الكبير للطبراني ج18 ص262 والإستيعاب (ط دار الجيل) ج3 ص1255 والسنن الكبرى للبيهقي ج5 ص238 والمغني لابن قدامة ج3 ص564 والطبقات الكبرى لابن سعد ج7 ص431 وطبقات المحدثين بأصبهان ج3 ص514 وأسد الغابة ج4 ص169 وتهذيب الكمال ج23 ص97 والمنتخب من ذيل المذيل ص79 والبداية والنهاية ج5 ص207 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص376.

([7]) سبل الهدى والرشاد ج8 ص477 وعوائد الأيام ص28 والكافي ج4 ص247 وبحار الأنوار ج21 ص393 وجامع أحاديث الشيعة ج10 ص354 وج12 ص34 و 49 وراجع: الصافي (تفسير) ج3 ص378.

([8]) الكافي ج4 ص249 وذخيرة المعاد (ط.ق) ج1 ق3 ص551 وعلل الشرائع ج2 ص413 ووسائل الشيعة (ط مؤسسة آل البيت) ج11 ص223 و (ط دار الإسلامية) ج8 ص157 وبحار الأنوار ج21 ص396 وج96 ص89       وجامع أحاديث الشيعة ج10 ص357 ومستدرك سفينة البحار ج10 ص6  وموسوعة أحاديث أهل البيت «عليهم السلام» للنجفي ج3 ص45 ومنتقى الجمان ج3 ص121 وتفسير الميزان ج2 ص84 وسبل الهدى والرشاد ج8 ص476 عن ابن جريج، عن جعفر بن محمد، عن جابر.

([9]) الكافي ج4 ص246 ـ 248 ومجمع الفائدة والبرهان ج7 ص286 وذخيرة المعاد (ط.ق) ج1 ق3 ص670 وج1 ق3 ص670 والحدائق الناضرة ج14 ص318 وجواهر الكلام ج19 ص159 وجامع المدارك ج2 ص462 وتهذيب الأحكام ج5 ص457 ووسائل الشيعة (ط مؤسسة آل البيت) ج11 ص217 وج14 ص163 و (ط دار الإسلامية) ج8 ص153 وج10 ص144 وبحار الأنوار ج21 ص393 و 395 وجامع أحاديث الشيعة ج10 ص354 وج12 ص101 وج12 ص104 ومنتقى الجمان ج3 ص125 وج3 ص373 وج3 ص401 وراجع المغني لابن قدامة ج11 ص109 والشرح الكبير لابن قدامة ج3 ص579 وج3 ص582 والتمهيد لابن عبد البر ج2 ص111 وتفسير البغوي ج3 ص284.

([10]) الكافي (الفروع) ج4 ص248 و 249 وذخيرة المعاد (ط.ق) ج1 ق3 ص551 وجواهر الكلام ج18 ص211 وعلل الشرائع ج2 ص412 ووسائل الشيعة (ط مؤسسة آل البيت) ج11 ص222 و (ط دار الإسلامية) ج8 ص157 ومستدرك الوسائل ج8 ص75 وبحار الأنوار ج21 ص395 وج96 ص88 وجامع أحاديث الشيعة ج10 ص356 وج10 ص455 و 499 وموسوعة أحاديث أهل البيت «عليهم السلام» للنجفي ج3 ص44 وتفسير العياشي ج1= = ص89 ونور الثقلين ج1 ص185 وكنز الدقائق ج1 ص465 وتفسير الميزان ج2 ص83 ومنتقى الجمان ج3 ص121.

([11]) مرآة العقول ج17 ص116.

([12]) سبل الهدى والرشاد ج8 ص467 والبداية والنهاية (ط دار إحياء التراث العربي) ج5 ص165 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص291.

 
   
 
 

موقع الميزان