صفحة : 85   

للإمامة تاريخها:

صحيح أن موضوع الإمامة هو من أكثر الموضوعات حساسية، وأشدها أهمية.. وله تأثيره في الكثير الكثير من قضايا التاريخ، وفي فهمها، ومعرفة أسرارها وخلفياتها..

وصحيح أيضاً: أن أمير المؤمنين علياً «عليه السلام» هو محورها الأعظم، وهو أساسها وبه قوامها.. وأنه لا يمكن لمن يريد أن يبحث في أي شأن من شؤونه أن يتجاهل أمر الإمامة هذا..

ولكن من الواضح والصحيح أيضاً: أن إيفاء هذا الأمر حقه من البحث والتقصي غير ميسور، بل غير مقدور.. بل هو كإيفاء علي «عليه السلام» حقه من ذلك. وإن أياً كان من الناس لا يستطيع أن يدعي أنه قادر على استيفاء البحث في هذين الأمرين معاً، ولو حاول أن يتصدى لذلك، فإنه سوف ينتهي إلى الفشل الذريع، والخيبة القاتلة، والفضيحة الصلعاء والنكراء..

من أجل ذلك نقول:

لا بد لنا من تجنب الدعاوى الفارغة، وتحاشي استعراض العضلات المنتفخة بالأورام التي تنتج له الأسقام والآلام.. فلا ندعي أننا نريد أن نوفي سيرة أمير المؤمنين «عليه السلام» حقها.. أو نريد إعطاء موضوع الإمامة حقه.. لأن نتيجة المغامرة ستكون غاية في الضعف، وفي منتهى الهزال، والتواضع..

لذلك آثرنا أن نحيل القارئ الكريم إلى ما أوردناه في كتابنا الصحيح من سيرة النبي الأعظم «صلى الله عليه وآله»، ولا سيما الأجزاء الثلاثة الأخيرة منه، ليطلع منها على بعض التفاصيل في الناحيتين التاريخية والعقائدية في موضوع الإمامة.. فإن ما ذكرناه هناك وما نذكره هنا ربما يعطي لمحة ولو محدودة ومتواضعة عن بعض معاناة النبي «صلى الله عليه وآله» وعلي «عليه السلام» فيما يرتبط بالعمل على ترسيخ موضوع الإمامة، وصيانته في ضمير ووجدان الأمة..

وإحالتنا هذه على كتاب الصحيح سوف تغنينا عن التعرض هنا لكثير مما ذكرناه هناك.. مع اعترافنا بأننا لم نوف كلا الأمرين حقهما، ونحن أعجز من ذلك.. فكيف نجيز لأنفسنا أن ندعيه..

 
   
 
 

موقع الميزان