وكلنا يعلم مدى شراسة أعداء علي «عليه السلام»، ولا
سيما الأمويين
والعباسيين
، وغيرهم ممن جاء بعدهم، وإلى يومنا هذا تجاه كل من
يروي فضيلة لعلي «عليه السلام» مهما كانت، ومدى الأخطار التي يواجهها
العلماء في هذا المجال، حيث يتعرضون لمختلف أنواع الأذى، وأهونها تشويه
السمعة، والإهانات والضرب والزج بالسجون، وقطع الأرزاق، إن لم يمكنهم
قطع الأعناق..
هذا فضلاً عن أن الكثيرين من حملة الحديث كانت الأحقاد
والضغائن تصدهم عن رواية أي شيء يتعلق بعلي «عليه السلام»، فهل يروون
له حديث الغدير الذي يدينهم في اعتقادهم، ويسقط حجتهم؟!..
من أجل ذلك نقول:
إن تواتر هذا الأمر الذي يحاربه الأكثرون، ويعاقَبُ من
يرويه بأشد ما يكون. لا يحتاج إلى كل هذا العدد الهائل، بل يكفي
لإثباته، وظهور تواتره خمس هذا العدد، أو أقل من ذلك، ما دام أن الراوي
له إنما يحمل دمه على كفه، ويخاطر بروحه ونفسه، ويسير إلى حتفه بظلفه..
وقد قال ابن قتيبة
عن تعصب أهل
السنة
على علي «عليه السلام» ما يلي:
«وتحامى كثير من المحدثين أن يحدثوا بفضائله «عليه
السلام»، أو يظهروا ما يجب له.. وأهملوا من ذَكَرَه، أو روى حديثاً من
فضائله، حتى تحامى كثير من المحدثين ثوابها، وعنوا بجمع فضائل عمرو بن
العاص
، ومعاوية
! كأنهم لا يريدونهما بذلك. بل يريدونه.
فإن قال قائل:
أخو رسول الله
«صلى الله عليه وآله» علي، وأبو سبطيه الحسن
والحسين
، وأصحاب
الكساء: علي، وفاطمة
،
والحسن والحسين، تمعَّرت الوجوه، وتنكرت العيون، وطرَّت حسائك الصدور.
وإن ذكر ذاكر قول النبي «صلى الله
عليه وآله»:
«من كنت مولاه
فعلي مولاه»، و «أنت مني بمنزلة هارون
من موسى
» واشباه هذا التمسوا لتلك الأحاديث المخارج ليتنقصوه
ويبخسوه حقه». انتهى([1]).
([1])
الإختلاف في اللفظ (ط دار القدسي بمصر سنة 1349 هـ) ص47 وفتح
الملك العلي لأحمد بن الصديق المغربي ص154 ودفع الإرتياب عن
حديث الباب لعلي بن محمد العلوي ص33.
|