صفحة : 228   

الجمع بين المعاني:

وقد ذكر العلامة الأميني وغيره: أن الذي يجمع تلك المعاني كلها هو أن يراد: الأولى بالشيء، فإنه مأخوذ من جميع تلك المعاني بنوع من العناية، فـ «المعتِق» أولى. لأن له حقاً على «المعتَق»، وهو أولى به لتفضله عليه.

والمالك أولى بالمملوك، والسيد أولى بمن هم تحت سيادته، والابن أولى بالأب، والأخ أولى بأخيه، والتابع أولى بمتبوعه، والصاحب أولى بصاحبه الخ..

فالمعاني التي تذكر لكلمة مولى ليست معاني لها على سبيل الإشتراك اللفظي، بل هي خصوصيات في موارد استعمال كلمة مولى، ولا دخل لها في معناها وهو «الأولى». وقد اشتبه عندهم المفهوم بخصوصية المصداق.

وقوله «صلى الله عليه وآله»: «ألست أولى بكم من أنفسكم» يدل على ما نقول..

ويدل عليه أيضاً: ما ورد في بعض نصوص الحديث، من أنه «صلى الله عليه وآله» سأل الناس، فقال: فمن وليكم؟!

قالوا: الله ورسوله مولانا.

وقوله «صلى الله عليه وآله» في نص آخر: «تمام نبوتي، وتمام دين الله في ولاية علي بعدي..» فإن ما يتم به الدين هو الولاية بمعنى الإمامة.

وفي بعض النصوص أنه «صلى الله عليه وآله» قال في تلك المناسبة: هنئوني، هنئوني، إن الله تعالى خصني بالنبوة، وخص أهل بيتي بالإمامة..

يضاف إلى ذلك قوله «صلى الله عليه وآله»: الله أكبر على إكمال الدين، وإتمام النعمة، ورضا الرب برسالتي، والولاية لعلي من بعدي.

ويؤيد ذلك أيضاً، بل يدل عليه: بيعتهم لعلي «عليه السلام» في تلك المناسبة، وقد استمرت ثلاثة أيام.

وكذلك قوله «صلى الله عليه وآله»: «إني راجعت ربي خشية طعن أهل النفاق ومكذبيهم، فأوعدني لأبلغها أو ليعذبني» أو ما هو قريب من هذه المعاني، فإن طعن أهل النفاق، وخوف النبي «صلى الله عليه وآله» من الإبلاغ إنما هو لأمر جليل كأمر الإمامة، ولا ينسجم ذلك مع إرادة المحب أو الناصر من كلمة المولى.

يضاف إلى ذلك، التعبير بكلمة: «نصب علياً»، أو «أمر الله تعالى نبيه أن ينصبني»، أو «نصبني» أو نحو ذلك.

وعبارة ابن عباس : وجبت والله في رقاب (أو في أعناق) القوم.

ونزول قوله تعالى: ﴿وَالله يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ([1]).

وثمة مؤيدات وقرائن أخرى ذكرها كلها العلامة الأميني في كتابه الغدير، فراجع الجزء الأول منه، فصل «القرائن المعيّنة لمعنى الحديث». وراجع الأحاديث الأخرى المفسرة لمعناه أيضاً في كتاب الغدير ج1 ص385 ـ 390.


 

([1]) الآية 67 من سورة المائدة.

 
   
 
 

موقع الميزان