صفحة :229    

أمهات المؤمنين يهنئن علياً عليه السلام:

وقد تقدم: أنه «صلى الله عليه وآله» أمر أمهات المؤمنين بأن يسرن إلى علي «عليه السلام» ويهنئنه، ففعلن، وما ذلك إلا لأنه يريد أن يقطع العذر لمن تريد منهن أن تشن عليه حرباً ضروساً، يقتل فيها المئات والألوف، فليس لها أنها تدَّعي أنها بسبب عزلتها في خدرها، وكونها رهينة الحجاب، لم تعرف شيئاً مما جرى في يوم الغدير.

أو أن تدّعي: أن ما عرفته من أفواه الناس من أقاربها كان لا يقيم حجة، ولا يقطع عذراً، أما النساء فإنهن وإن أبلغنها بشيء مما كان يجري، لكن حالهن حالها، وربما يبلغها ما لا يبلغهن، أو أن ما يبلغها قد يكون أكثر دقة مما يتناهى إلى مسامعهن، بعد أن تعبث به الأهواء، ويختلط بالتفسيرات والتأويلات، والإجتهادات وما إلى ذلك..

وإن نفس الطلب إلى نساء النبي «صلى الله عليه وآله» بأن يقمن بهذا الأمر، يقتضي فسح المجال لهن لكي يسألن عن سبب هذه التهنئة، وعن حقيقة ما جرى. لا سيما إذا كانت هذه أول مرة يطلب فيها من أمهات المؤمنين أن يشاركن في تهنئة أحد، في أمر له ارتباط بالرجال غير رسول الله «صلى الله عليه وآله»..

وقد جاء الأمر بذلك عاماً وشاملاً لهن من دون استثناء، فلا مجال للتأويل والتحليل، أو لاحتمال أن ذلك كان لخصوصية اقتضت طلب ذلك من امرأة بعينها.. بل هو امتداد لبيعتهن لرسول الله «صلى الله عليه وآله»، والتزامهن بطاعة الله ورسوله من ناحية، وتأسيس لمرحلة ما بعد رسول الله «صلى الله عليه وآله» من ناحية أخرى.

 

 
   
 
 

موقع الميزان