عن أنس بن مالك قال:
كان علي بن أبي طالب مريضاً، فدخلت عليه وعنده أبو بكر وعمر جالسان.
قال:
فجلست عنده، فما كان إلا ساعة حتى دخل نبي الله «صلى الله عليه وآله»،
فتحولت عن مجلسي، فجاء النبي «صلى الله عليه وآله» حتى جلس في مكاني،
وجعل ينظر في وجهه.
فقال أبو بكر أو عمر:
يا نبي الله، لا نراه إلا لما به.
فقال:
لن يموت هذا الآن، ولن يموت إلا مقتولاً([1]).
ونقول:
أولاً:
لم يحدد «صلى الله عليه وآله» لأبي بكر، ولا لعمر تاريخ استشهاد علي
«عليه السلام». بل اكتفى ببيان أنه لا يموت في مرضه ذاك. ثم نفى نفياً
قاطعاً ومؤبداً موته «عليه السلام» بغير القتل.
ثانياً:
إن هذا الإخبار، يدلهم على إمكانيته قتل علي «عليه السلام» بل على أن
القتل واقع لا محالة.. وهذا يسقط أي توهم يريد أن ينحو منحى الغلو وأن
يتجاوز الحدود في علي «عليه السلام».
كما أنه يسقط
ما يراد إشاعته من أن ما حققه «عليه السلام» من انتصارات ، وإنجازات
هائلة في ساحات النزال والقتال، ثم خوف الناس منه، ونكولهم عنه لا
يجعله مستحقاً للتعظيم والتكريم، والتقديم، لأنه جاء نتيجة التصرف
الإلهي، الذي يريد صنع النصر على يد أي كان من الناس.. فليس في ذلك فضل
لعلي «عليه السلام» ، لأنه لا يستفيد من قدرات نفسه كما أنه لا يوجب
الإنتقاص من مقام أحد ممن كان ينكل في الحرب، ويفر في مقامات الطعن
والضرب.
فقول النبي «صلى الله عليه وآله» هنا يدل:
على أن علياً «عليه السلام» ليس في منأى عن القتل والجرح، وأن ما حققه
من انتصارات، إنما كان بجهده وجهاده، حتى استحق أن يفيض ألطافه عليه،
ويشمله بعناياته.. ولم يكن غيره أهلاً ولا محلاً لذلك.
([1])
تاريخ مدينـة دمشق ج3 ص267 و (ط دار الفكـر) ج 42 ص 536 وراجع:
= = الكامل في التاريخ ج3 ص387 وشرح إحقاق الحق ج8 ص780 وج23
ص384 وج23 ص392 و32 ص596 وعن الفخري في الآداب السلطانية (طبع
بغداد) ص82 .
|