صفحة :155-190   

حديث الكساء:

ويذكر هنا حديث الكساء، ونزول آية التطهير، وقد حصل ذلك قبل شهر، أو قبل أربعين صباحاً، أو قبل ستة، أو سبعة، أو ثمانية، أو تسعة، أو عشرة أشهر، أو سبعة عشر، أو تسعة عشر شهراً من وفاة الرسول «صلى الله عليه وآله».. حيث بقي «صلى الله عليه وآله» يمر في كل يوم ببيت علي وفاطمة «عليهما السلام»، ويقول:

الصلاة يا أهل البيت، ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً([1]).

وذلك ليؤكد: أنهم المقصودون بالآية الشريفة دون سواهم. وأن المراد هو: أهل بيت النبوة، لا بيت السكنى.

ولينتشر ذلك في الناس، ولا سيما في تلك الفترة التي تكثر الوفود فيها إلى المدينة، ليعلنوا إسلامهم، ثم يعودون إلى بلادهم.

فراجع في تفصيل الكلام حول هذه القضية، ودلالة الآية، كتابنا: أهل البيت في آية التطهير.

وملخص ما جرى:

أن النبي «صلى الله عليه وآله» جمع علياً، وفاطمة، والحسن، والحسين «عليهم السلام» معه تحت كساء خيبري فدكي، في حجرة أم سلمة وفي يومها، وقال:

اللهم هؤلاء أهل بيتي، وهؤلاء أهلي وعترتي، فأذهب عنهم الرجس، وطهرهم تطهيراً.

فقالت أم سلمة: أدخل معهم يا رسول الله؟!

قال لها رسول الله «صلى الله عليه وآله»: يرحمك الله، أنت على خير، وإلى خير، وما أرضاني عنك، ولكنها خاصة لي ولهم.

ثم مكث رسول الله «صلى الله عليه وآله» بعد ذلك بقية عمره، حتى قبضه الله إليه، يأتينا في كل يوم عند طلوع الفجر، فيقول: الصلاة يرحمكم الله، ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً([2]) الحديث([3]).

وقد احتج علي «عليه السلام» بهذه القضية، وبنزول الآية فيهم في يوم الشورى، ثم استدل بها في مسجد المدينة في خلافة عثمان على جماعة من المهاجرين والأنصار، كما سيأتي..

بل واحتج «عليه السلام» بهذه الآية على أبي بكر أيضاً.

فقد روى حماد بن عثمان، عن أبي عبد الله «عليه السلام» في حديث قال: قال أمير المؤمنين «عليه السلام» لأبي بكر: يا أبا بكر تقرأ الكتاب؟!

قال: نعم.

قال: فأخبرني عن قول الله تعالى: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً([4]) في من نزلت؟! فينا؟! أم في غيرنا؟!

قال أبو بكر: بل فيكم([5]).

وراجع في تفصيل الكلام حول هذه القضية، وفي دلالة الآية كتابنا: أهل البيت في آية التطهير..

لمحات ضرورية:

غير أن ذلك لا يمنع من تسجيل بعض اللمحات التي ترتبط بهذه الحادثة الهامة جداً هنا أيضاً، وبيان مفاد الآية التي نزلت بهذه المناسبة، وسوف نستلُّها، أو نلخصها من كتابنا: أهل البيت في آية التطهير، وذلك على النحو التالي:

أهل البيت:

قد يراد بالبيت:

1 ـ بيت السكنى. وتكون الألف واللام عهدية، فأهل البيت هم: الناس الساكنون فيه. ولعله هو المقصود بقول الملائكة لزوجة إبراهيم «عليه السلام»:

﴿قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللهِ رَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ([6]).

وزوجة إبراهيم من جملة أهل البيت هنا، لأنها وقعت في الآية مورداً للخطاب المباشر. وهذا الخطاب هو القرينة على ذلك.

وليس هذا المعنى هو المقصود في آية التطهير، إذ قد كان لعلي وفاطمة «عليهما السلام»، ومعهما الحسنان «عليهما السلام» أيضاً بيت مستقل عن بيت النبي «صلى الله عليه وآله». والدليل على ذلك حديث سد الأبواب.

2 ـ وقد يراد بالبيت: العشيرة والأقارب، كقولك: البيت الأموي، والبيت العلوي أو الهاشمي.. وهذا ما نفاه زيد بن أرقم عن الأزواج، فقد قيل له: أليس نساؤه من أهل بيته؟!

فقال: نساؤه من أهل بيته؟! لكن أهل بيته من حرم الصدقة بعده..([7]). فإنه قرر: أن نساء النبي «صلى الله عليه وآله» لسن من أهل بيته، لأنهن لم يحرمن الصدقة، وأهل بيت النبي «صلى الله عليه وآله» قد حرموا منها.

وذلك، لأن قول زيد: نساؤه من أهل بيته؟! إستفهام إنكاري، حذفت منه أداة الإستفهام للتخفيف. والقرينة على ذلك: تعقيبه بعبارة: لكن أهل بيته من حرموا الصدقة بعده.. إذ لو لم يكن إستدراكاً لأجل التصحيح لكان ينبغي أن يقول: نساؤه من أهل بيته وكذا من حرموا الصدقة بعده..

وأصرح من ذلك: ما روي، من أن الحصين سأل زيد بن أرقم: من أهل بيته؟! نساؤوه؟!

قال: لا، وأيم الله، إن المرأة لتكون مع الرجل العصر من الدهر، ثم يطلقها، فترجع إلى أبيها وقومها.

أهل بيته: أصله، وعصبته الذين حرموا الصدقة بعده([8]).

3 ـ وقد يراد به معنى آخر، يصطلح عليه من يُقْبَلُ منه ذلك، لغرض بعينه، وهذا هوما حصل هنا، فإن المراد بالبيت: بيت النبوة. وأهل هذا البيت: من لهم موقعية، ودور أساس في تحقيق أهداف النبوة، ونشرها وحفظها.

ولأجل ذلك نجد هذا التعبير قد شاع وذاع، ويكفي أن نذكر هنا قول الإمام الحسين «عليه السلام»: إنَّا أهل بيت النبوة، ومعدن الرسالة، ومختلف الملائكة([9]).

أهل الرجل:

وقد دلت روايات حديث الكساء على أن النبي «صلى الله عليه وآله» لم يرض بدخول كل من أم سلمة ولا عائشة، ولا زينب بن جحش في جملة أهل البيت، ومنعهن من دخول أي منهم تحت الكساء، بل قال لأم سلمة: إنك من أهلي، وإنك على خير.

أو قال: إنك من أهلي، وهؤلاء أهل بيتي، أو نحو ذلك. أي أنه أخبرها أنها من أهله، أما من هم تحت الكساء، فهم أهل بيته (أي بما هو نبي ورسول).

لا بما هم من سكان البيت، لأن الأزواج كن يسكن البيت أيضاً، في حين أن علياً وفاطمة والحسنين «عليهم السلام» لم يكونوا كذلك، بل كان لهم بيت سكنى خاص بهم..

ولا بما أنهم عصبته وعشيرته، فإن العباس كان عم الرسول، وأبناء العباس كانوا أبناء عمه «صلى الله عليه وآله»، وكذلك عقيل رضوان الله تعالى عليه، ولم يدخلهم في هذا الأمر..

أهل البيت في اللغة:

بل في كتب اللغة ما يدل على أن إطلاق كلمة الأهل على الزوجة ليس على نحو الحقيقة. مما يعني: أن قوله «صلى الله عليه وآله» لأم سلمة: إنك من أهلي قد جاء على سبيل المجاز، والتوسع في الإطلاق أيضاً.

قال الزبيدي: «ومن المجاز: الأهل للرجل: زوجته، ويدخل فيه الأولاد»([10]).

ويفهم من كلام ابن منظور: أن دلالة كلمة: «الأهل» على الزوجة إنما تكون مع القرينة، لا بدونها([11]).

وقال الراغب: «وعبر بأهل الرجل عن امرأته»([12])، فدل على أن إرادة الزوجة من هذه الكلمة من باب الإطلاق والإستعمال.

آيات سورة الأحزاب:

وحيث إن آية التطهير قد وردت كجزء من آية ترتبط بنساء النبي «صلى الله عليه وآله»، فقد وقعت الشبهة في شمولها للنساء وعدمه، رغم إصرار النبي «صلى الله عليه وآله» على بيان اختصاصها بفاطمة وبعلها وبنيها «صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين»، فاقتضى الأمر بيان المراد بالآية، وسبب ورود هذه الفقرة في هذا الموضع من الآية فنقول:

إننا نذكر هنا بعض ما أوردنا في كتابنا: أهل البيت في آية التطهير بعين لفظه، فنقول:

قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآَخِرَةَ فَإِنَّ اللهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْراً عَظِيماً.

يَا نِسَاء النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً.

وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ للهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحاً نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقاً كَرِيماً.

يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلاَ تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً.

وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاَةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً.

وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللهَ كَانَ لَطِيفاً خَبِيراً﴾.

وتستمر الآيات إلى أن تقول:

﴿وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ﴾([13]).

ثم تستمر الآيات في الحديث عن النبي «صلى الله عليه وآله» ومعه، ومع المؤمنين في ما يخص شأن النبي «صلى الله عليه وآله» فلتراجع.

ونقول:

ألف: إن الظاهر الصريح المستفاد من هذه الآيات هو أن الله سبحانه:

1 ـ قد أمر نبيه الأكرم «صلى الله عليه وآله» بأن يخيِّر نساءه بين الله ورسوله، وبين الحياة الدنيا وزينتها.

2 ـ وأمره بأن يقول لهن:

﴿يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ﴾.

3 ـ وأمره أيضاً بأن يقول لهن:

﴿فَلاَ تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ﴾.

﴿وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً﴾.

﴿وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ﴾.

﴿وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الجَاهِلِيَّةِ الأولَى﴾.

﴿وَأَقِمْنَ الصَّلاَةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ﴾.

﴿وَأَطِعْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ﴾.

4 ـ وبعد أن ينفذ النبي «صلى الله عليه وآله» ما طلبه الله منه، ويبلغ هذه الأوامر للنساء، يواصل الله سبحانه خطابه لمقام النبوة، وبيت الرسالة، ليخبره: بأن هذه الأوامر والنواهي التي أمره أن يبلغها لهن، إنما جاءت لأجل الحفاظ على قدسية بيت النبوة، ومهبط الوحي والتنزيل، ومختلف الملائكة.

وعلى هذا الأساس يكون: ﴿يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ..﴾. استمراراً لأمر الله تعالى لنبيه «صلى الله عليه وآله» بقوله: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ﴾، فهو مقول القول أيضاً، علاوة على ما سبق من تخييرهن بين الدنيا والآخرة.

ب: ولو صرفنا النظر عن ذلك، لأجل الإصرار على أن قوله تعالى: ﴿يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ..﴾. إنما هو خطاب منه تعالى للنساء مباشرة؛ فإننا نقول أيضاً: إنه لا يضر فيما نرمي إليه؛ لأنه قد جاء على سبيل الالتفات إليهن، وتكون النتيجة هي:

1 ـ أنه تعالى، قد أمر نبيه بأن يخير نساءه بين الله ورسوله، وبين الحياة الدنيا وزينتها.

2 ـ ثم التفت الله سبحانه إليهن وخاطبهن مباشرة، بعنوان أنهن منسوبات إلى النبي، لا بعنوان كونهن مجرد نساء. فأمرهن وزجرهن، وقرر لمن تأتي منهن بفاحشة مبينة: أن يضاعف لها العذاب ضعفين، ولمن تطيع الله ورسوله، أن تؤتى أجرها مرتين. وقرر أيضاً: أنهن لسن كأحد من النساء، إن التزمن جانب التقوى والورع.

3 ـ ثم عاد سبحانه وتعالى إلى خطاب مقام النبوة وبيت الرسالة من جديد، موضحاً أن سبب هذا الالتفات إلى الزوجات وعلة ما أصدره إليهن من أوامر وزواجر هو إذهاب الرجس عن هذا البيت، وتطهيره، فإن الحفاظ على قدسية بيت النبوة، ومعدن الرسالة، ومهبط الوحي، ومختلف الملائكة ضرورة لابد منها، لحفظ الرسالة نفسها.

فالخطاب للنبي ـ كما ظهر من خلال الآيات الشريفة ـ إنما هو من حيث إنه نبي، وصاحب وحي وقداسة إلهية، لا بما هو شخص.

ومن الواضح: أن حفظ بيت النبوة والرسالة، ما هو إلا حفظ للرسالة نفسها.

فالكلام مع النساء إذن، قد جاء على طريق الالتفات إليهن، كالالتفات الذي في قوله تعالى: ﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ([14]).

فيلاحظ: أن الحديث قد كان عن الله تعالى بصورة الحديث عن الغائب الرحمان ـ الرحيم ـ مالك، ثم التفت وخاطب الله تعالى مباشرة من موقع الحضور بين يديه تعالى فقال: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ﴾.

الإرادة بماذا تعلقت؟!:

ويظهر من كلام العلماء الأبرار «رضوان الله عليهم»: أن الإرادة الإلهية المعبر عنها بقوله تعالى: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ..﴾ قد تعلقت أولاً وبالذات بإذهاب الرجس، وبالتطهير([15]).

ولكننا نقول:

إن الظاهر: هو أنها قد تعلقت أولاً وبالذات بأمر آخر، وهو نفس الأوامر والزواجر التي توجهت إلى زوجات النبي «صلى الله عليه وآله».

بيان ذلك:

أنه تعالى قال: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ﴾.

ولم يقل: إنما يريد الله أن يذهب، أو إذهاب الرجس عنكم.

ولو أنه قال: يريد أن يذهب الرجس عنكم، لكانت الإرادة متعلقة بنفس الإذهاب؛ وذلك معناه: أن الرجس موجود فيهم، ويريد الله إزالته عنهم. وحاشاهم «صلوات الله عليهم».

بل الصحيح: هو أن الرجس ليس فيهم، بل هو في غيرهم، ويريد الله إزالته عن الغير حفاظاً وإكراماً لـ «أهل البيت» «عليهم السلام» وإفهام الناس ان صدور المخالفات من النساء لا يضر بعصمة وطهارة أهل البيت.

بيان ذلك:

أن كلمة: «إنما» تفيد حصر المقصود، والغاية من الأمر والنهي لنساء النبي «صلى الله عليه وآله» في حفظ «أهل البيت» وتطهيرهم.

واللام في «ليذهب» هي لام كي، وهي تفيد التعليل، أي أن ما بعدها يكون علة لما قبلها، كقولك: «جئت لأكرمك»؛ فمدخول اللام، وهو الإكرام، علة لما قبلها وهو المجيء.

فما ذكره البعض من أن متعلق الإرادة هو نفس إذهاب الرجس، ليس على ما يرام لا من حيث التركيب ولا من حيث المعنى حسبما أوضحناه.

بل متعلق الإرادة شيء آخر، ويكون الإذهاب علة لتعلق الإرادة به.

وذلك الشيء الذي تعلقت به الإرادة هنا هو نفس التكاليف، والأوامر والنواهي الصادرة لزوجات الرسول «صلى الله عليه وآله»؛ فإن الله سبحانه قد أراد منهن ذلك لأجل إذهاب الرجس.

وبتعبير آخر: إذهاب الرجس عن «أهل البيت» علة لإرادة الله سبحانه من زوجات النبي «صلى الله عليه وآله» ـ بالإرادة التشريعية ـ أن يفعلن كذا، أو يتركن كذا.

فلا دلالة في الآية على أن النساء من «أهل البيت»، بل فيها دلالة على العكس إذ لو كانت النساء داخلات في مدلول الآية لكان المناسب أن يقول: إنما يريد الله أن يذهب عنكم الرجس، لأن نساءه قد صدر منهن أشياء هي من الرجس ومنها حرب الجمل بقيادة بعض نسائه «صلى الله عليه وآله»..

أضف إلى ذلك: أن لا رجس على الرسول «صلى الله عليه وآله» ليريد الله إزالته عنه.

ويتضح ذلك، بملاحظة النظائر التي استعملت فيها لام كي، بدلاً من كلمة «أن» في القرآن الكريم، وغيره.

فلاحظ: قوله تعالى في ذيل آية الوضوء والتيمم: ﴿مَا يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ([16]).

أي أن أمره تعالى لكم بالتيمم بدلاً عن الوضوء، إنما هو لأجل أن يطهركم.

فالتطهير لهم علة لإرادة هذا الأمر منهم بالإرادة التشريعية.

وفي مورد آخر، بعد أن ذكر الله تعالى بعض التشريعات والأحكام قال:

﴿يُرِيدُ اللهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ([17]).

وقال تعالى في موضع آخر: ﴿بَلْ يُرِيدُ الإِنْسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ([18]).

وفي مورد آخر يقول تعالى: ﴿فَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا([19]).

ومما يزيد الأمر وضوحاً: أننا نجد آيتين قد تعرضتا لأمر واحد، ولكن إحداهما قد جاءت «بأن» والأخرى «بلام كي»، التي تقدر بعدها أن.

فبعد أن ذكر الله سبحانه قول اليهود والنصارى في عزير، والمسيح، قال: ﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلاَ لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لاَ إِلَهَ إِلاَ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللهُ إِلاَ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ([20]).

وقال تعالى في مورد آخر: ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعَى إِلَى الإِسْلاَمِ وَاللهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ([21]).

والسبب في اختلاف التعبير أنهم في المورد الأول (أي في سورة التوبة) قد تعلقت إرادتهم مباشرة في إطفاء نور الله، فاستعمل الله كلمة «أن»، وقال: يريدون أن يطفئوا.

أما في هذا المورد الأخير فقد تعلقت إرادتهم بالافتراء على الله، لأجل أن يطفئوا، فالإطفاء كان داعياً لهم، وعلة وسبباً لتعلق إرادتهم بالافتراء والكذب، فاستعمل «اللام» فقال: «يريدون ليطفئوا».

ثم رأيت أن الراغب الأصفهاني قد أشار إلى ذلك أيضاً، فقال: «يريدون أن يطفئوا نور الله، يريدون ليطفئوا نور الله.

والفرق بين الموضعين: أن في قوله: «يريدون أن يطفئوا»، يقصدون إطفاء نور الله.

وفي قوله: «ليطفئوا» يقصدون أمراً يتوصلون به إلى إطفاء نور الله»([22]) كالانفاق في وجوه الخير مع أن المقصود هو الإضلال أو التسلط على الناس بغير حق. والأمر في آية التطهير كذلك أيضاً كما أوضحناه.

الأولوية القطعية ومفهوم الموافقة:

من الأمور التي لا يجهلها أحد: أن الأولوية القطعية هي من الظهورات اللفظية التي جرى عليها القرآن، كما جرى عليها أهل اللسان في محاوراتهم، وبيان مراداتهم.

والأولوية القطعية، ومفهوم الموافقة هذا موجود هنا أيضاً، ويدل على عصمة «أهل البيت» «عليهم السلام» بشكل قاطع ونهائي.

التوضيح بالمثال:

وتوضيح ذلك بالمثال على النحو التالي:

إنه إذا كان ثمة رجل يعزّ عليك، وتهتم بالحفاظ على مقامه، وترسيخ وتأكيد احترامه، فإنك ستنزعج كثيراً إذا رأيت ولده أو غيره ممن ينتسب إليه يرتكب بعض المخالفات التي تسيء إلى سمعة أبيه، وتدفع بالناس إلى توجيه النقد إلى ذلك الأب، ولسوف تردع ذلك الولد عن فعله ذاك؛ بهدف الحفاظ على كرامة الأب، وسمعته.

أما الولد نفسه، فقد لا يكون واقعاً في دائرة اهتماماتك أصلاً، بحيث لو لم يكن ابناً لذلك الرجل لما تعرضت له، ولما وجدت الدافع القوي في نفسك لأمره ولا لنهيه.

والحال في الآيات الشريفة من هذا القبيل، فإن الرجس ليس في أهل البيت، بل هو في غيرهم، فالله إنما يأمر وينهى نساء النبي الأكرم «صلى الله عليه وآله»، لأن مخالفاتهن سوف تنعكس سلباً على أهل بيت الرسالة أنفسهم. فـ «أهل البيت» هم الأهم ولا يريد الله سبحانه أن ينالهم أدنى رجسٍ أو هنات، ولو على سبيل النسبة المجازية، ولو من طرف خفي، كما لو كان ذلك الرجس صادراً ممن ينسبون إلى ذلك البيت نسبة مجازية، كما تقدم عن أهل اللغة عن زيد بن أرقم، وأوضحه الرسول «صلى الله عليه وآله» في حديث الكساء.

وهذا هو غاية الاهتمام بـ «أهل البيت»، وهو يقع في سياق شمولهم بالعنايات والألطاف الإلهية، والتوفيقات الربانية.

ومعنى ذلك كما قلنا: أن الدلالة على الاهتمام الإلهي بطهر «أهل البيت»، وعدم لحوق أي رجس بهم أولاً وبالذات، لسوف تكون أشد وأعظم وأهم، وآكد وأتم.

ثم إنه إذا كان الله تعالى يريد أن يذهب حتى الرجس الذي ينسب إلى «أهل البيت» «عليهم السلام»، ولو بالعرض والمجاز، فإنه يريد إذهاب ما يلحق بهم «عليهم السلام» أولاً وبالذات بطريق أولى؛ فنستفيد، بمفهوم الموافقة والأولوية القطعية: أن الله سبحانه قد طهرهم ونزههم فعلاً عن الرجس، لاسيما وأن المقام مقام تعظيم لبيت النبوة، وهو يدخل في نطاق خطة إلهية، تعمل على إبعاد الرجس بكل حالاته ومجالاته، حتى ما كان منه ليس لهم فيه أي اختيار، بأن كان صادراً عن أشخاص آخرين كالزوجات.

فإذا كان الله سبحانه يبادر للمنع من حصول هذا، حتى لَيقرر للزوجات ضعفي العذاب، والثواب لو بدرت منهن أية بادرة، فإن ذلك يكشف عن تصميم إلهي أكيد على أن لا يلحق «أهل البيت» أنفسهم رجس أصلاً، لا أولاً وبالذات ولا ثانياً وبالعرض.

ومما يشير إلى أن الأهمية إنما هي لأهل بيت النبوة لا للزوجات ـ بل هنّ كغيرهن من بني الإنسان، ما ألمحت إليه الآيات التي سبقت الآيات التي هي مورد البحث والتي تحدثت عن أن الله تعالى قد أمر نبيه بأن يخير زوجاته بين الحياة الدنيا وزينتها، فيمتعهن النبي «صلى الله عليه وآله»، ويسرحهن سراحاً جميلاً.. وبين الله ورسوله، والدار الآخرة، فإن الله ـ والحالة هذه ـ قد أعد للمحسنات منهن أجراً عظيماً.

فهذا التخيير يشير إلى أنه ليس للزوجات أهمية مميزة، وترجيح خاص لهن، بل هن عبء على غيرهن. والمطلوب في الآية التخلص منه.

وفي الآية أيضاً إشارة إلى أن اللواتي يخترن الله ورسوله قد كن على قسمين: محسنات وغير محسنات.

أضف إلى ذلك: أن السورة نفسها قد ذكرت بعد ذلك: أن النبي «صلى الله عليه وآله» كان بالخيار بين أن يرجي من يشاء منهن، وأن يؤوي إليه من يشاء.

فكل ذلك يشير بوضوح: إلى أن الأهمية الباعثة على تسجيل الموقف هنا إنما هي للنبي «صلى الله عليه وآله»، وأهل بيت النبي «صلى الله عليه وآله» بما هو نبي وقد قال الإمام الحسين «عليه السلام»: إنّا أهل بيت النبوة، ومعدن الرسالة ومختلف الملائكة.

وبيت النبوة له حالات وشؤون يجب مراعاتها وهناك تكاليف ومسؤوليات تجاهه يجب الالتزام بها. خصوصاً من قبل الزوجات وليس المراد «أهل البيت» بمعنى السكن ولا «أهل البيت» بمعنى العشيرة..

وقد أكد ذلك حين اختار أن يخاطبه بالقول: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ. ويخاطبهن بالقول: ﴿يَا نِسَاء النَّبِيِّ﴾. ولم يقل: يا نساء الرسول، أو نحو ذلك. ولم يقل: أيتها النساء، أو يا محمد، حتى لا يفهم الأمر على أنه حديث معه كشخص من الناس. أو يقال: إن الهدف هو الحفاظ على ثقة الناس به وانقيادهم له كرسول، من خلال سلوك زوجاته.

كل ذلك يدل: على أن الأمر والزجر للزوجات لا لخصوصية وامتياز ذاتي لهن، إذ قد ظهر من الآيات أنه يعاملهن معاملةً عادية جداً.

بل الخصوصية هي للنبي «صلى الله عليه وآله»، بما هو نبي، وهي التي توجب الحفاظ عليه، ولأجل ذلك قرر سبحانه أن يكون العذاب والثواب لزوجاته ـ أي هذا النبي بما هو نبي ـ ضعفين في صورة المخالفة والموافقة، حتى إنهن إذا خرجن عن صفة الزوجية للنبي بما هو نبي، فإنهن كما دلت عليه آية التخيير يصبحن كسائر النساء الأُخريات.

ولأجل ما ذكرناه بالذات كان التهديد الإلهي للتين تظاهرتا على النبي «صلى الله عليه وآله» بالطلاق، ثم ضرب لهن مثلاً بامرأتي نوح ولوط، وما كان لهما من المصير الذي انتهتا إليه.

هذا.. ونلاحظ أخيراً: أن القرآن قد تحدث في موارد متعددة عن زوجات الرسول بطريقة تُظهر أنهن لسن في منأى عن ارتكاب الذنب، فلتلاحظ آيات سورة الأحزاب، والطلاق، والتحريم.

وقد حكى سبحانه عن صدور مخالفات كبيرة من بعضهن، ولم يمنع من صدور المزيد من ذلك في المستقبل، كما قد حصل ذلك بالفعل ممن خضن منهن حروباً قتلت فيها الألوف من النفوس المسلمة والبريئة، دونما سبب معقول، أو مقبول.

أما «أهل البيت» فقد تحدث الله تعالى عنهم في هذه الآية، وعلى لسان نبيه في عشرات المواقع والمواضع بطريقة مباينة تماماً، لحديثه عن الزوجات، فأوضح أن الله سبحانه قد عصمهم وطهرهم، كما أنه «صلى الله عليه وآله» قد جعلهم بأمر الله عِدْلاً للقرآن، وسفينة للنجاة، والعروة الوثقى، إلى غير ذلك مما يظهر بملاحظة النصوص المشهورة والمتواترة، والتي تفوق حد الحصر والعدّ.

وبذلك كله ظهر: أنه تعالى يريد بأوامره للزوجات أن يتوسل إلى إذهاب الرجس عن «أهل البيت»، وقد جاء التعبير بالإذهاب لا بالإزالة ربما ليشير إلى أن الرجس ليس فيهم وإنما في غيرهم وهو يتوجه إليهم عن طريق ذلك الغير، لان حلوله في غيرهم «كالزوجات» يهئ لنسبته إليهم بالعرض والمجاز خصوصاً وأن النبي المعصوم بالقطع واليقين من جملتهم..

الإرادة تشريعية:

ومن المعلوم: أن الإرادة على نحوين:

تكوينية: وهي التي تتعلق بفعل المريد نفسه، أي بتكوين الشيء وإيجاده. كالإرادة الإلهية التي تعلقت بإيجاد الزرع والشجر والشمس والقمر.

وتشريعية: وهي التي تتعلق بفعل الغير، على أن يصدر العمل منه باختياره.

وقد اتضح مما تقدم: أن الإرادة الملحوظة في الآيات أولاً وبالذات. لم تتعلق بإزالة الرجس مباشرة لكي تكون إرادة تكوينية، بل هي إرادة تشريعية تعلقت بأوامر وزواجر موجهة إلى زوجات الرسول الأكرم «صلى الله عليه وآله».

وهي إرادة منبثقة عن إرادة أخرى ـ سيأتي الحديث عنها إن شاء الله ـ تعلقت بإذهاب الرجس عن «أهل البيت»، وتطهيرهم إلى درجة العصمة. والإرادة الأولى قد دلت عليها الآية صراحة، أما الإرادة الثانية فقد دُلّ عليها بمفهوم الموافقة، والأولوية القطعية.

الإرادة التشريعية أولى وأدل:

ولاشك في أن الإرادة التشريعية أشد وآكد، وأكثر رسوخاً وجديةً من إرادة التكوين، في دلالتها على عظيم فضل «أهل البيت» «عليهم السلام» وذلك لأن الله سبحانه وهو في مقام جلاله وعزته يهتم بأن لا يلحق بيت النبوة ـ لا العشيرة ولا بيت السكنى ـ وهم الخمسة أصحاب الكساء أدنى شيء يوجب حزازة وإساءة إليهم ولو من طرف خفي ولو بالانتساب المجازي إليهم، بل هو يضع أحكاماً إلزامية يلزم بها أناساً آخرين ليسوا منهم بل لهم بهم علقة عرضية بسبب مصاهرة توجب الاختلاط بهم. فيأمر أولئك الأغيار وينهاهم ثم يعاقبهم على مخالفة أوامره وزواجره فذلك يكشف عن درجة الاهتمام بأولئك الناس الذين يريد الحفاظ عليهم.

أما لو كانت الإرادة تكوينية وقد تعلقت بإذهاب الرجس عنهم فإنها لا تدل على عظيم فضلهم عنده، إذ لو فرضنا أن إرادة التكوين قد تعلقت بخلق شيء بعينه فإن ذلك لا يدل على عظمة ذلك المخلوق.

وإرادة خلق الذباب لا تدل على عظمة الذباب، بل تدل على الحاجة إليه. كما أن حاجتنا إلى سائق سيارة لا تدل على عظمة ذلك السائق ولا على قداسته نعم قد يكون لذلك السائق قداسته لأسباب أخرى غير مجرد كونه سائقاً.

والأمر هنا كذلك، فإنه حينما يشرع الأمر والنهي لأناس آخرين ويبيّن أنه يضاعف العقاب على المخالفة من أجل الحفاظ على غيرهم فإن العظمة لذلك الغير تصبح ظاهرة ولا حاجة إلى الاستدلال عليها بأكثر من ذلك.

بل قد يقال: لو كانت الإرادة في الآية تكوينية تتعلق بإزالة الرجس عنهم فإن ذلك قد يكون على العجز والضعف أدل، لدلالتها على الحاجة إلى التدخل الإلهي للمساعدة، وهذا التدخل كما يمكن أن يكون للتكريم، كذلك يمكن أن يكون لظهور الحاجة والضعف.

الخبر الصادق والشهادة الإلهية:

والحاصل: أن الآية تتضمن إخباراً عن أن الله سبحانه يرعى «أهل البيت»، ويريد تطهيرهم من كل رجس، حتى ما كان منه ثانياً وبالعرض.

وذلك يعني: أنهم قد حصلوا على الطهارة التامة بالفعل، فاستحقوا منه هذه العناية التامة وهذا التكريم العظيم فاختصاصهم بهذه العناية الإلهية يتضمن إخباراً صادقاً، وشهادة إلهية([23]) بأنهم حاصلون على مزية الطهر، ونفي الرجس، دون كل من عداهم، إلى درجة العصمة التي صرح بها الرسول الأكرم «صلى الله عليه وآله» ـ مستشهداً بهذه الآية «آية التطهير» بالذات حيث قال: «فأنا وأهل بيتي مطهرون من الذنوب»([24]).

وفي دعاء عرفة يقول الإمام زين العابدين «عليه السلام»: «وطهرتهم من الرجس والدنس تطهيراً بإرادتك، وجعلتهم الوسيلة»([25]).

طريقان آخران: الإلتفات والإعتراض:

ولو سلمنا: أن الآيات تخاطب النساء مباشرة، لا بواسطة رسول الله «صلى الله عليه وآله»، فهناك طريقان آخران لبيان اختصاص آية التطهير بالخمسة أصحاب الكساء، وهما:

1 ـ الالتفات:

فإن الإلتفات هو من الأساليب البيانية، التي جرى عليها الناس في محاوراتهم.

وهو يعطي الكلام جمالاً، ورونقاً، وإشراقاً. وله أيضاً فوائد جليلة لأنه يشد السامع، ويثير انتباهه، ويجعله يتطلع لمعرفة هذا الجديد، وإلى سماع المزيد.

وقد استخدم القرآن هذا الأسلوب في كثيرٍ من الموارد، حتى في فاتحة الكتاب، كما تقدم، وكما يكون الإلتفات من الغيبة للخطاب كما ورد في سورة الفاتحة، أو عكسه كذلك قد يكون من شخص لآخر كما في قوله تعالى: ﴿يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ([26]).

وحكمة هذا الالتفات في آية التطهير: هو الإشارة إلى أن تأديب الزوجات إنما هو من توابع إذهاب الرجس والدنس عن «أهل البيت»، وإكراماً لهم حتى لا يلحقهم بسببهن وصمة أو عيب([27]).

2 ـ الاعتراض:

ولنا أن نعتبر قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ..﴾ جملة اعتراضية، إذا صححنا ورود الاعتراض في آخر الكلام، أو اعتبرنا الآيات سابقاً ولاحقاً كلها ذات وحدة واحدةً، جاءت الجملة الاعتراضية فيما بينها؛ للإشارة إلى حيثيات ودوافع الحكم الوارد في الفقرات السابقة واللاحقة.

وهذا الاعتراض ليس فقط قد جاء معقولاً ومقبولاً، بل هو راجح ومطلوب، بل ضروري أيضاً؛ لحكمة ونكتة، وهي بيان هذا الأمر الهام والخطير، أعني أن الإرادة الإلهية قد تعلقت بتطهير «أهل البيت»، ثم هو لبيان الفرق الشاسع بين أهل بيته الحقيقيين، وبين الزوجات اللواتي لا يصح توهم أنهن في مستوى أهل بيت النبوة في العصمة والطهارة.

وبعد هذا فإن الجمل الإعتراضية كثيرة في القرآن، وقد قال تعالى: ﴿فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ([28]).

وقال تعالى: ﴿وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ([29]).

وقال تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لاَ تُشْرِكْ بِاللهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً..﴾.

إلى أن قال: ﴿يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ([30]).

وأمثال ذلك في القرآن ليس بعزيز.

مخالفة السياق لأجل القرينة:

ولنفترض: أن السياق القرآني يؤيد كون الخطاب للنساء، فإن رفع اليد عن الظهور السياقي، الذي هو أضعف الظهورات، لأجل وجود قرينة بل قرائن داخلية وخارجية على خلافه، ليس فيه أي محذور.

ويكفي من القرائن الخارجية على ذلك روايات حديث الكساء المتواترة. أما القرائن في الآيات نفسها، فقد ذكرنا بعضها في كتابنا: أهل البيت في آية التطهير. فراجع.

موقع الإرادة التكوينية:

ولكن ذلك كله لا يعني أن الإرادة التكوينية في نطاق الألطاف والتأييد والتسديد، محظورة الحضور في دلالات الآية المباركة وإشاداتها. فإنها، وإن لم توفق للقاء بها نشاهد لها ظهوراً قوياً في نطاق الدلالة المباشرة إلا أننا نجدها حاضرة بوضوح في الإشارات غير المباشرة، فإن المقام مقام التشريف والتعظيم والتكريم، والتأكيد التام على الطهارة الواقعية، وحصرها بأهل البيت بالإستفاد من كلمة «إنما»، وبالتصريح بالإرادة الإلهية، وبتأكيد ذلك بالمفعول المطلق، المنون بتنوين التعظيم، أو التنكير الهادف إلى تعميم الطهارة مورد مورد. وبالإستفادة أيضاً من اللام في كلمة «ليذهب» وبغير ذلك.

الإرادة التكوينية لا تنافي الإختيار:

وكل ما تقدم من إشارات إلى الإرادة التكوينية يحتم علينا المزيد من التوضيح لها، لكي لا يتوهم أحد أنها تؤدي إلى الإعتقاد بالجبر الإلهي الذي لا مجال للقبول به.

ونستطيع أن نزيد في توضيح المراد من الإرادة التكوينية هنا، فنقول:

إن الله تعالى حين أفاض الوجود على المخلوقات، كانت هذه الصفوة تسعى إلى الحصول على أقصى ما يمكن الحصول عليه من ملكات، وميزات وأحوال، تمكنها من الوصول إلى أعلى مقامات القرب والزلفى من الله سبحانه وتعالى. ولم ترد شيئاً غير ذلك، فأفاض سبحانه عليها، ما استحقت الحصول علىه بسعيها، وبتحقيق عبوديتها التامة لله تبارك وتعالى..

ولم يقف الأمر بهم عند هذا الحد، بل وظفوا هذه العطايا والألطاف، والنعم، والملكات والسجايا، والتوفيقات، والإمدادات الغيبية في الحصول على المزيد، شكراً وعرفاناً منهم لله، واعتداداً بفواضله.. فكان لهم المزيد على قاعدة: .. ﴿وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآَتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ([31])، و﴿لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ([32])، و﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ([33]).

ومن الواضح: أن هذه الإرادة التكوينية لإعطاء النعم، والمزايا والملكات والسجايا والألطاف تابعة لما اختاروه هم، وهم لا يختارون إلا ما هو خير وصلاح وفلاح ونجاح..

وهذا هو مراد من قال: إن الإرادة في آية التطهير تكوينية لا تشريعية.. ولا يريد به: أن العصمة مخلوقة فيهم، ومفروضة عليهم بصورة جبرية، يفقدون معها الاختيار والقدرة على المخالفة والموافقة..

بل المراد فيما يبدو: أن فطرتهم السليمة وإدراكهم العميق لمساوئ المخالفة، وحسن الطاعة يجعل المخالفة بالنسبة إليهم بمثابة إقدام العاقل المتوازن على شرب السم، من العارف به وبآثاره.

ويجعل الطاعة بمثابة التخلي عن أعظم النعم والملذات من دون مبرر، وهذا لا يصدر عن عاقل، فكيف بأعقل البشر وأعدلهم مزاجاً، وأصفاهم نفساً، وأطهرهم روحاً؟!

خلاصة وبيان:

إن هناك إرادة تشريعية في الآية، وقد تعلقت بالأوامر والزواجر الموجهة إلى زوجات رسول الله «صلى الله عليه وآله»، وهو ما تعلقت به كلمة: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ﴾.

وهي منبثقة عن إرادة تكوينية تعلقت بإبعاد الرجس عنهم، والتطهير لهم. ونستفيد هذه الثانية بالدلالة عليها بمفهوم الموافقة، المستند إلى الإشعار بها من خلال نسبة إذهاب الرجس والتطهير في قوله تعالى: ﴿لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ﴾ و ﴿وَيُطَهِّرَكُمْ﴾ إلى الله سبحانه. لأن الفاعل لكلا الفعلين المذكورين إنما هو ضمير عائد للفظ الجلالة المتقدم في: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ﴾.. بالإضافة إلى إشارات أخرى دلتنا عليها.

ولكن هذه الإرادة التكوينية له تعالى، إنما تعلقت بإبعاد الرجس وبالتطهير. ولم تتعلق بنفس الفعل الصادر عن «أهل البيت»؛ حيث إنه تعالى لم يقل: يريد الله أن يجعلكم تفعلون هذا وتجتنبون ذاك مثلاً؛ لتكون إرادتهم مقهورة لإرادته سبحانه تعالى التكوينية.

بل تعلقت بإبعاد الرجس عنهم، بتوجيه الأوامر والنواهي لغيرهم إكراماً لهم، مع إبقاء إرادتهم حرة طليقة، من دون أدنى تعرض لها. بل قد صرف النظر عنها بالكلية.


([1]) الآية 33 من سورة الأحزاب.

([2]) الآية 33 من سورة الأحزاب.

([3]) بحار الأنوار ج10 ص138 وراجع هذه الأحاديث الكثيرة جداً على اختلاف ألفاظها في المصادر التالية: جامع البيان ج22 ص5 و 7 والدر المنثور ج5 ص198 و 199 عنه، وعن ابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني، وابن مردويه، والخطيب، والترمذي، والحاكم، وصححاه، والبيهقي في سننه، وابن أبي شيبة، وأحمد، ومسلم، وفتح القدير ج4 ص279 و 280 وجوامع الجامع ص372 = = والتسهيل لعلوم التنزيل ج3 ص137 وتأويل الآيات الظاهرة ج2 ص457 ـ 459 والطرائف ص122 ـ 130 والمناقب لابن المغازلي ص301 ـ 307 وشواهد التنزيل ج2 ص11 ـ 92 ومسند الطيالسي ص274 والعمدة لابن بطريق ص31 ـ 46 ومجمع الزوائد ج7 ص91 وج9 ص121 و 119 و 146 و 167ـ 169 و 172 وأسد الغابة ج4 ص49 وج2 ص9 و 12 و 20 وج3 ص413 وج5 ص66 و 174 و 521 و 589 وآية التطهير في أحاديث الفريقين، المجلد الأول كله. وأسباب النزول ص203 ومجمع البيان ج9 ص138 وج8 ص356 و 357 وبحار الأنوار ج35 ص206 ـ 223 وج45 ص199 وج37 ص35 و 36 ونهج الحق ص173 ـ 175 والجامع لأحكام القرآن ج14 ص182 وصحيح مسلم ج7 ص130 وسعد السعود ص204 و 106 و 107 وذخائر العقبى ص21 ـ 25 و 87 وكشف اليقين في فضائل أمير المؤمنين ص405 والإيضاح لابن شاذان ص170 ومسند أحمد ج4 ص107 وج3 ص259 و 285 وج6 ص292 و 298 و 304 وج1 ص331 وتفسير القرآن العظيم ج3 ص483 ـ 486 وكفاية الطالب ص54 و 242 و 371 و 377 وترجمة الإمام علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق (بتحقيق المحمودي) ج1 ص184 و 183 والمعجم الصغير ج1 ص65 و 135 والجامع الصحيح ج5 ص663 و 699 و 351 و 352 وخصائص الإمام علي للنسائي ص49 و 63 والمستدرك على الصحيحين ج2 ص416 وج3 ص172 و 146 و 147 و158 و133 وتلخصيـه للـذهـبي (مطبوع بهـامشـه)، وتفسير القمي ج2 = = ص193 والتبيان ج8 ص307 ـ 309 والتفسير الحديث ج8 ص261 و 262 ومختصر تاريخ دمشق ج7 ص13 والبرهان (تفسير) ج3 ص309 ـ 325 وتفسير فرات ص332 ـ 340 ووفاء الوفاء ج1 ص450 وراجع: نزهة المجالس ج2 ص222 ومنتخب ذيل المذيل للطبري ص83 وحبيب السير ج1 ص407 وج2 ص11 والشفاء لعياض ج2 ص48 وسير أعلام النبلاء ج10 ص346 و 347 وج3 ص270 و 315 و 385 و 254 والغدير ج1 ص50 وج3 ص196 وإحقاق الحق (الملحقات) ج9 ص1 ـ 69 وج3 ص513 ـ 531 وج2 ص502 ـ 573 وج14 ص40 ـ 105 وج18 ص359 ـ 383 عن مصادر كثيرة جداً، وسليم بن قيس ص 105 و 52 و 53 وراجع ص100 ونزل الأبرار ص102 ـ 104 و 108 وكنز العمال ج13 ص646 ونوادر الأصول ص69 و 265 والصراط المستقيم ج1 ص184 ـ 188 وقال في جملة ما قال: «أسند نزولها فيهم صاحب كتاب الآيات المنتزعة. وقد وقفه المستنصر بمدرسته، وشرط أن لا يخرج من خزانته. وهو بخط ابن البواب. وفيه سماع لعلي بن هلال الكاتب. وخطه لا يمكن أحد أن يزوره عليه» ومرقاة الوصول ص105 ـ 107 وذكر أخبار أصبهان ج2 ص253 وج1 ص108 وتهذيب التهذيب ج2 ص297 والرياض النضرة ج3 ص152 و 153 ونهج الحق (مطبوع ضمن إحقاق الحق) ج2 ص502 و 563 ومصابيح السنة ج4 ص183 والكشاف ج1 ص369 والإتقان ج2 ص199 و 200 وتذكرة الخواص ص233 وأحكام القرآن لابن عربي ج3 ص1538 والفصول المهمة = = لابن الصباغ ص7 و 8 والإصابة ج2 ص509 وج4 ص378 وترجمة الإمام الحسن لابن عساكر (بتحقيق المحموي) ص63 ـ 70 والصواعق المحرقة ص141 ـ 143 و 137 ومتشابه القرآن ومختلفه ج2 ص52 وتفسير نور الثقلين ج4 ص270 ـ 277 وإسعاف الراغبين (مطبوع بهامش نور الأبصار) ص106 و 107 ونور الأبصار ص110 ـ 112 وفضائل الخمسة من الصحاح الستة ج1 ص224 ـ 243 والإستيعاب (مطبوع بهامش الإصابة) ج4 ص46 وج3 ص37 وفرائد السمطين ج1 ص316 و 368 وج2 ص10 و 19 و 22 ـ 23 وينابيع المودة ص107 و 167 و 108 و 228 و 229 و 230 و 260 و 15 و 8 و 174 و 294 و 193 والعقد الفريد ج4 ص313 ومقتل الحسين للخوارزمي ج2 ص61 ـ 62 وراجع: التاريخ الكبير للبخاري ج1 قسم2 ص69 ـ 70 و 110 وراجع ص197 وكتاب الكنى للبخاري ص25 ـ 26 ونظم درر السمطين ص 133 و 238 و 239 وتهذيب تاريخ دمشق ج4 ص207 ـ 209 والنهاية في اللغة ج1 ص446 ولباب التأويل ج3 ص466 والكلمة الغراء «مطبوع مع الفصول المهمة» ص203، 217 وأنساب الأشراف (بتحقيق المحمودي) ج2 ص104 و 106 وترجمة الإمام الحسين (عليه السلام) من تاريخ دمشق (بتحقيق المحمودي) ص60 ـ 76 والمعتصر من المختصر ج2 ص226 و 267 وراجع أيضاً: المواهب اللدنية ج2 ص122 والمحاسن والمساوئ ج1 ص481 ونفحات اللآهوت ص84 و 85 وتيسير الوصول ج2 ص161 والكافي ج1 ص287 ومنتخب كنز العمال (مطبـوع بهامش مسنـد = = أحمد) ج5 ص96 عن ابن أبي شيبة، وكنز العمال (ط الهند) ج16 ص257 والإتحاف ص18 وتاريخ الإسلام للذهبي (عهد الخلفاء الراشدين) ص44 وأحكام القرآن للجصاص ج5 ص230 وتاريخ بغداد ج10 ص278 وج9 ص26 ـ 27 والمناقب للخوارزمي ص23 و 224 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص300 ومشكل الآثار ج1 ص332 ـ 339 والسنن الكبرى ج2 ص149 ـ 152 وج7 ص63 والبداية والنهاية ج5 ص321 وج8 ص35 و 205 ومنهاج السنة ج3 ص4 وج4 ص20 وعن ذخائر المواريث ج4 ص293 وعن ميزان الإعتدال ج2 ص17.

([4]) الآية 33 من سورة الأحزاب.

([5]) البرهان (تفسير) ج3 ص312 وتفسير القمي ج2 ص156 و 274 وتفسير نور الثقلين ج4 ص187 وغاية المرام ج3 ص199 وبحار الأنوار ج29 ص129 والإحتجاج للطبرسي ج1 ص122 وجامع أحاديث الشيعة ج25 ص117 .

([6]) الآية 73 من سورة هود.

([7]) راجع: الدر المنثور ج5 ص199 وصحيح مسلم ج7 ص130 وتفسير القرآن العظيم ج3 ص486 وفتح القدير ج4 ص280 وكنز العمال ج13 ص641 والمواهب اللدنية ج2 ص122 والتفسير الحديث ج8 ص261 والبرهان في تفسير القرآن ج3 ص324 والصواعق المحرقة ص226 وراجع ص227 و 228 والسنن الكبرى للبيهقي ج2 ص148 وتهذيب الأسماء واللغات ج1 ص347 وكتاب سليم بن قيس ص104 ونور الأبصار ص110 وإسعاف الراغبين ص108 والإتحاف بحب الأشراف ص22 والسيرة النبوية لدحلان = = ج2 ص300 وراجع: بحار الأنوار ج35 ص229 وكفاية الطالب ص53 (وليس فيه عبارة: نساؤه من أهل بيته؟!) عن مسلم، وأبي داود، وابن ماجة. وفي هامشه عن: مسند أحمد ج4 ص336 وعن كنز العمال ج1 ص45 وعن مشكل الآثار ج4 ص368 وعن أسد الغابة ج2 ص12 وعن المستدرك على الصحيحين ج3 ص109.

([8]) صحيح مسلم ج7 ص123 والصراط المستقيم ج1 ص185 وتيسير الوصول ج2 ص161 والبرهان في تفسير القرآن ج3 ص324 وتفسير القرآن العظيم ج4 ص486 والطـرائـف ص122 وبحـار الأنـوار ج35 ص230 وج23 = = ص117 والعمدة لابن البطريق ص35 والتفسير الحديث ج8 ص261 عن التاج الجامع للأصول ج3 ص308 و 309 وخلاصة عبقات الأنوار ج2 ص64 عن دراسات اللبيب في الأسوة الحسنة بالحبيب ص227 ـ 231 وإحقاق الحق (الملحقات) ج9 ص323 عن الجمع بين الصحيحين، والصواعق المحرقة ص148 ونقل أيضاً عن جامع الأصول ج10 ص103.

([9]) بحار الأنوار ج44 ص325 والعوالم، الإمام الحسين ص174 ومثير الأحزان لابن نما الحلي ص14 ولواعج الأشجان ص25 واللهوف في قتلى الطفوف ص17 وحياة الإمام الحسين للقرشي ج1 ص120 وج2 ص209 و 255 والمجالس الفاخرة للسيد شرف الدين ص182 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج33 ص615   و 674.

([10]) تاج العروس ج1 ص217.

([11]) راجع: لسان العرب ج11 ص38 وراجع: الغدير ج 6 ص170.

([12]) راجع: مفردات غريب القرآن للراغب ص29 وبحار الأنوار ج70 ص66 .

([13]) الآيات 28 ـ 37 من سورة الأحزاب.

([14]) الآيات 3 ـ 5 من سورة الفاتحة.

([15]) ستأتي المصادر لذلك إن شاء الله تعالى، حيث الحديث حول انحصار آية التطهير بأهل الكساء.

([16]) الآية 6من سورة المائدة.

([17]) الآية 26 من سورة النساء.

([18]) الآية 5 من سورة القيامة.

([19]) الآية 55 من سورة التوبة.

([20]) سورة التوبة الآية31 و 32.

([21]) الآيتان 7 و 8 من سورة الصف.

([22]) مفردات غريب القرآن للراغب الأصفهاني ص305 وتفسير الميزان ج19 ص255.

([23]) وقد نص على أنها تضمنت شهادة إلهية بالطهارة أمير المؤمنين «عليه السلام» في خطابه لأبي بكر في أمر فدك، فراجع: علل الشرايع ج1 ص191 والإحتجاج للطبرسي ج1 ص123 وتفسير القمي ج2 ص156 و 157 إضافة إلى مصادر أخرى تقدمت.

([24]) ستأتي مصادر هذه الحديث في أواخر هذا الكتاب إن شاء الله تعالى.

([25]) راجع الصحيفة السجادية الدعاء رقم47.

([26]) الآية 29 من سورة يوسف.

([27]) راجع: نفحات اللاهوت ص85 ودلائل الصدق ج2 ص72 والصوارم المهرقة للتستري ص147 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج2 ص569.

([28]) الآيتان 28 و 29 من سورة يوسف.

([29]) الآية 76 من سورة الواقعة.

([30]) الآيات 13 ـ 16 من سورة لقمان.

وليراجع حول الإلتزام بالإستطراد والإعتراض: تفسير القمي ج2 ص193 ـ 194 والكلمة الغراء (مطبوع مع الفصول المهمة) ص213 ـ 214 ونهج الحق (هامش) ص174.

([31]) الآية 17 من سورة محمد.

([32]) الآية 7 من سورة إبراهيم.

([33]) الآية 69 من سورة العنكبوت.

 
   
 
 

العودة إلى موقع الميزان