نذكر هنا عدداً من نصوص حديث الطير، وهي التالية:
1 ـ
عن جعفر بن محمد الصادق، عن آبائه ، عن علي «عليهم السلام» قال: كنت
أنا ورسول الله «صلى الله عليه وآله» في المسجد بعد أن صلى الفجر. ثم
نهض ونهضت معه، وكان إذا أراد أن يتجه إلى موضع أعلمني بذلك، فكان إذا
أبطأ في الموضع صرت إليه لأعرف خبره، لأنه لا يتقار قلبي على فراقه
ساعة، فقال لي: أنا متجه إلى بيت عائشة.
فمضى ومضيت إلى بيت فاطمة «عليها السلام»، فلم أزل مع
الحسن والحسين، وهي وأنا مسروران بهما، ثم إني نهضت وصرت إلى باب
عائشة، فطرقت الباب، فقالت لي عائشة: من هذا؟!
فقلت لها:
أنا علي.
فقالت:
إن النبي «صلى الله عليه وآله» راقد.
فانصرفت ثم قلت:
النبي راقد وعائشة في الدار؟! فرجعت وطرقت الباب.
فقالت لي عائشة:
من هذا؟!
فقلت:
أنا علي.
فقالت:
إن النبي على حاجة.
فانثنيت مستحيياً من دقي الباب، ووجدت في صدري ما لا
أستطيع عليه صبراً.
فرجعت مسرعاً، فدققت الباب دقاً عنيفاً.
فقالت لي عائشة:
من هذا؟
فقلت:
أنا علي، فسمعت رسول الله «صلى الله عليه وآله» يقول لها: يا عائشة،
افتحي [له] الباب.
ففتحت، فدخلت.
فقال لي:
اقعد يا أبا الحسن، أحدثك بما أنا فيه، أو تحدثني بإبطائك عني؟!
فقلت:
يا رسول الله، [حدثني]، فإن حديثك أحسن.
فقال:
يا أبا الحسن، كنت في أمر كتمته من ألم الجوع، فلما دخلت بيت عائشة
وأطلت القعود ليس عندها شيء تأتي به مددت يدي وسألت الله القريب
المجيب، فهبط علي حبيبي جبرئيل «عليه السلام» ومعه هذا الطير ـ ووضع
أصبعه على طائر بين يديه ـ فقال: إن الله عز وجل أوحى إلي أن آخذ هذا
الطير، وهو أطيب طعام في الجنة، فأتيتك به يا محمد.
فحمدت الله كثيراً، وعرج جبرئيل، فرفعت يدي إلى السماء،
فقلت: اللهم يسر عبداً يحبك ويحبني يأكل معي هذا الطائر.
فمكثت ملياً فلم أر أحداً يطرق
الباب، فرفعت يدي ثم قلت:
اللهم يسر عبداً يحبك ويحبني، وتحبه وأحبه، يأكل معي هذا الطائر، فسمعت
طرقك للباب وارتفاع صوتك، فقلت لعائشة: أدخلي علياً، فدخلت، فلم أزل
حامداً لله حتى بلغت إلي إذ كنت تحب الله وتحبني، ويحبك الله وأحبك،
فكل يا علي.
فلما أكلت أنا والنبي الطائر قال
لي:
يا علي حدثني.
فقلت:
يا رسول الله، لم أزل منذ فارقتك أنا وفاطمة والحسن والحسين مسرورين
جميعاً، ثم نهضت أريدك، فجئت، فطرقت الباب، فقالت لي عائشة: من هذا؟!
فقلت لها:
أنا علي.
فقالت:
إن النبي «صلى الله عليه وآله» راقد.
فانصرف، فلما صرت إلى الطريق الذي
سلكته رجعت، فقلت:
النبي راقد وعائشة في الدار لا يكون هذا.
فجئت، فطرقت الباب، فقالت لي:
من هذا؟!
فقلت لها:
أنا علي.
فقالت:
إن النبي «صلى الله عليه وآله» على حاجة.
فانصرفت مستحيياً، فلما انتهيت إلى الموضع الذي رجعت
منه أول مرة، وجدت في قلبي ما لا أستطيع عليه صبراً، وقلت: النبي «صلى
الله عليه وآله» على حاجة وعائشة في الدار.
فرجعت، فدققت الباب الدق الذي سمعته، فسمعتك يا رسول
الله وأنت تقول لها: ادخلي علياً.
فقال النبي «صلى الله عليه وآله»:
أبيت إلا أن يكون الأمر هكذا يا حميراء، ما حملك على هذا؟!
فقالت:
يا رسول الله، اشتهيت أن يكون أبي يأكل من الطير!
فقال لها:
ما هو بأول ضغن بينك وبين علي. وقد وقفت على ما في قلبك لعلي. إنك
لتقاتلينه!
فقالت:
يا رسول الله، وتكون النساء يقاتلن الرجال؟!
فقال لها:
يا عائشة، إنك لتقاتلين علياً، ويصحبك ويدعوك إلى هذا نفر من أصحابي،
فيحملونك عليه.
وليكونن في قتالك له أمر تتحدث به الأولون والآخرون.
وعلامة ذلك:
أنك تركبين الشيطان، ثم تبتلين قبل أن تبلغي إلى الموضع الذي يقصد بك
إليه، فتنبح عليك كلاب الحوأب، فتسألين الرجوع، فيشهد عندك قسامة
أربعين رجلاً ما هي كلاب الحوأب، فتصيرين إلى بلد أهله أنصارك، هو أبعد
بلاد على الأرض إلى السماء، وأقربها إلى الماء.
ولترجعين وأنت صاغرة، غير بالغة [إلى] ما تريدين.
ويكون هذا الذي يردك مع من يثق به من أصحابه، إنه لك
خير منك له، ولينذرنك ما يكون الفراق بيني وبينك في الآخرة، وكل من فرق
علي بيني وبينه بعد وفاتي ففراقه جائز.
فقالت:
يا رسول الله، ليتني مت قبل أن يكون ما تعدني!
فقال لها:
هيهات هيهات، والذي نفسي بيده، ليكونن ما قلت، حتى كأني أراه.
ثم قال لي:
قم يا علي، فقد وجبت صلاة الظهر، حتى آمر بلالاً بالأذان، فأذن بلال،
وأقام الصلاة، وصلى، وصليت معه، ولم نزل في المسجد([1]).
2 ـ
عن أنس بن مالك قال: دخلت على محمد بن الحجاج، فقال: يا أبا حمزة،
حدثنا عن رسول الله «صلى الله عليه وآله» حديثاً ليس بينك وبينه فيه
أحد.
فقلت:
تحدثوا، فإن الحديث شجون يجر بعضه بعضاً.
فذكر أنس حديثاً عن علي بن أبي طالب «عليه السلام»،
فقال له محمد بن الحجاج: عن أبي تراب تحدثنا؟! دعنا من أبي تراب!
فغضب أنس، وقال:
لعلي تقول هذا؟! أما والله، إذ قلت هذا، فلأحدثنك بحديث فيه سمعته من
رسول الله «صلى الله عليه وآله»:
أهديت له «صلى الله عليه وآله» يعاقيب، فأكل منها،
وفضلت فضلة، وشيء من خبز، فلما أصبح أتيته به، فقال رسول الله «صلى
الله عليه وآله»: اللهم ائتني بأحب خلقك إليك، يأكل معي من هذا الطائر.
فجاء رجل، فضرب الباب، فرجوت أن يكون من الأنصار، فإذا
أنا بعلي «عليه السلام»، فقلت: أليس إنما جئت الساعة فرجعت؟!
ثم قال رسول الله «صلى الله عليه
وآله»:
اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي من هذا الطائر.
فجاء رجل، فضرب الباب، فإذا به علي «عليه السلام»،
فسمعه رسول الله «صلى الله عليه وآله»، فقال: اللهم وإلي، اللهم وإلي([2]).
3 ـ
عن علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه إبراهيم بن هاشم، عن أبي هدبة،
قال: رأيت أنس بن مالك معصوباً بعصابة، فسألته عنها، فقال: هذه دعوة
علي بن أبي طالب «عليه السلام».
فقلت له:
وكيف كان ذاك؟!
فقال:
كنت خادماً لرسول الله «صلى الله عليه وآله»، فأهدي إليه طائر مشوي،
فقال: اللهم ائتني بأحب خلقك إليك وإلي، يأكل معي من هذا الطائر.
فجاء علي «عليه السلام»، فقلت له:
رسول الله عنك مشغول، وأحببت أن يكون رجلاً من قومي، فرفع رسول الله
«صلى الله عليه وآله» يديه الثانية، فقال: اللهم ائتني بأحب خلقك إليك
وإلي، يأكل معي من هذا الطائر.
فجاء علي «عليه السلام»، فقلت له:
رسول الله عنك مشغول، وأحببت أن يكون رجلاً من قومي، فرفع رسول الله
«صلى الله عليه وآله» يديه الثالثة، فقال: اللهم ائتني بأحب خلقك إليك
وإلي، يأكل معي من هذا الطائر.
فجاء علي «عليه السلام»، فقلت له:
رسول الله عنك مشغول، وأحببت أن يكون رجلاً من قومي.
فرفع علي «عليه السلام» صوته، فقال:
وما يشغل رسول الله عني؟!
فسمعه رسول الله «صلى الله عليه
وآله»، فقال:
يا أنس، من هذا؟!
فقلت:
علي بن أبي طالب.
قال:
ائذن له.
فلما دخل قال له:
يا علي، إني قد دعوت الله عز وجل ثلاث مرات أن يأتيني بأحب خلقه إليه
وإلي يأكل معي من هذا الطائر ، ولو لم تجئني في الثالثة لدعوت الله
باسمك أن يأتيني بك.
فقال علي «عليه السلام»:
يا رسول الله، إني قد جئت ثلاث مرات، كل ذلك يردني أنس ويقول: رسول
الله عنك مشغول.
فقال لي رسول الله «صلى الله عليه
وآله»:
يا أنس ما حملك على هذا؟!
فقلت:
يا رسول الله، سمعت الدعوة، فأحببت أن يكون رجلاً من قومي.
فلما كان يوم الدار استشهدني علي
«عليه السلام» فكتمته، فقلت:
إني نسيته، فرفع علي «عليه السلام» يده إلى السماء، فقال: اللهم ارم
أنساً بوضح لا يستره من الناس، ثم كشف العصابة عن رأسه، فقال: هذه
دعوة علي، هذه دعوة علي، هذه دعوة علي([3]).
4 ـ
عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: صنعت امرأة من
الأنصار لرسول الله «صلى الله عليه وآله» أربعة أرغفة، وذبحت له دجاجة،
فطبختها، فقدمته بين يدي النبي «صلى الله عليه وآله»، فبعث رسول الله
«صلى الله عليه وآله» إلى أبي بكر وعمر، فأتياه. ثم رفع رسول الله «صلى
الله عليه وآله» يديه إلى السماء، ثم قال: اللهم سق إلينا رجلاً رابعاً
محباً لك ولرسولك، تحبه اللهم أنت ورسولك، فيشركنا في طعامنا، وبارك
لنا فيه. ثم قال رسول الله «صلى الله عليه وآله»: اللهم اجعله علي بن
أبي طالب.
قال:
فوالله، ما كان بأوشك أن طلع علي بن أبي طالب.
فكبر رسول الله «صلى الله عليه
وآله» وقال:
الحمد لله الذي سرى بكم جميعاً، وجمعه وأياكم. ثم قال رسول الله «صلى
الله عليه وآله»: انظروا، هل ترون بالباب أحداً.
قال جابر:
وكنت أنا وابن مسعود، فأمر بنا رسول الله «صلى الله عليه وآله»،
فأدخلنا عليه، فجلسنا معه. ثم دعا رسول الله «صلى الله عليه وآله» بتلك
الأرغفة، فكسرها بيده، ثم غرف عليها من تلك الدجاجة، ودعا بالبركة،
فأكلنا جميعاً حتى تملأنا شبعاً وبقيت فضلة لأهل البيت([4]).
5 ـ
وفي نص آخر: أن النبي «صلى الله عليه وآله» قال لعلي
«عليه السلام»: ما أبطأك؟!
قال:
هذه ثالثة، ويردني أنس.
قال النبي «صلى الله عليه وآله»:
يا أنس، ما حملك على ما صنعت؟!
قال:
رجوت أن يكون رجلاً من الأنصار!
فقال لي:
يا أنس، أوفي الأنصار خير من علي؟! أوفي الأنصار أفضل من علي؟!([5]).
ونقول:
في هذا الحديث وقفات عديدة، نذكرمنها ما يلي:
إن رواة حديث الطير كثيرون ونحن نذكر أقوال بعض أهل
العلم، الذين أشاروا إلى هذا الأمر، فنقول:
1 ـ
قال ابن شهرآشوب: روى حديث الطير جماعة منهم: الترمذي في جامعه، وأبو
نعيم في حلية الأولياء، والبلاذري في تاريخه، والخركوشي في شرف
المصطفى، والسمعاني في فضائل الصحابة، والطبري في الولاية، وابن البيع
في الصحيح، وأبو يعلى في المسند، وأحمد في الفضائل، والنطنزي في
الإختصاص.
وقد رواه محمد بن إسحاق، ومحمد بن يحيى الأزدي، وسعيد،
والمازني، وابن شاهين، والسدي، وأبو بكر البيهقي، ومالك، وإسحاق بن عبد
الله بن أبي طلحة، وعبد الملك بن عمير، ومسعر بن كدام، وداود بن علي بن
عبد الله بن عباس، وأبو حاتم الرازي، بأسانيدهم عن: أنس، وابن عباس،
وأم أيمن.
ورواه ابن بطة في الإبانة من طريقين، والخطيب وأبو بكر
في تاريخ بغداد من سبعة طرق.
وقد صنف أحمد بن محمد بن سعيد كتاب الطير.
وقال القاضي أحمد:
قد صح عندي حديث الطير.
وقال أبو عبد الله البصري:
إن طريقة أبي عبد الله الجبائي في تصحيح الأخبار يقتضي القول بصحة هذا
الخبر، لإيراده يوم الشورى، فلم ينكر.
قال الشيخ:
قد استدل به أمير المؤمنين «عليه السلام» على فضله في قصة الشورى بمحضر
من أهلها، فما كان فيهم إلا من عرفه وأقر به، والعلم بذلك كالعلم
بالشورى نفسها، فصار متواتراً.
وليس في الأمة على اختلافها من دفع هذا الخبر.
وحدثني أبو العزيز كادش العكبري، عن أبي طالب الحربي
العشاري، عن ابن شاهين الواعظ في كتابه «ما قرب سنده» قال: حدثني نصر
بن أبي القاسم الفرائضي، قال: محمد بن عيسى الجوهري، قال: قال نعيم بن
سالم بن قنبر، قال: قال أنس بن مالك، الخبر.
وقد أخرجه علي بن إبراهيم في كتاب قرب الإسناد، وقد
رواه خمسة وثلاثون رجلاً من الصحابة عن أنس، وعشرة عن رسول الله «صلى
الله عليه وآله»، فقد صح: أن الله تعالى والنبي يحبانه، وما صح ذلك
لغيره، فيجب الإقتداء به، ومن عزى خبر الطائر إليه قصر الإمامة عليه([6]).
ورواه أحمد بن حنبل في مسنده عن سفينة مولى رسول الله
«صلى الله عليه وآله»([7]).
واحتج به علي «عليه السلام» يوم الشورى، وأقروا له به،
وإقرارهم به بمثابة رواية له..
وقال المجلسي «رضوان الله تعالى
عليه»:
«ورواه الشافعي ابن المغازلي في كتابه من نحو أكثر من ثلاثين طريقاً،
فمنها ما يدل على أن ذلك قد وقع من النبي «صلى الله عليه وآله» في طائر
آخر»([8]).
قال أسلم:
روى هذا الحديث عن أنس بن مالك: يوسف بن إبراهيم الواسطي، وإسماعيل بن
سليمان الأزرق، وإسماعيل السدي، وإسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة،
ويمامة بن عبد الله بن أنس، وسعيد بن زربى.
قال ابن سمعان:
سعيد بن زربى. إنما حدث به عن أنس، وقد روى جماعة عن أنس، منهم: سعيد
بن المسيب، وعبد الملك بن عمير، ومسلم الملائي، وسليمان بن الحجاج
الطائفي، وابن أبي الرجاء الكوفي، وإسماعيل بن عبد الله بن جعفر، ونعيم
بن سالم، وغيرهم .
أقول:
روى ابن بطريق هذا الخبر بعبارات قريبة المضامين من مسند أحمد بسند،
ومن مناقب ابن المغازلي بأربعة وعشرين سنداً، ومن سنن أبي داود بسندين.
وقال الشيخ المفيد «قدس الله روحه» في كتاب الفصول، عند
اعتراض السائل: بأن هذا الخبر من أخبار الآحاد، لأنه إنما رواه أنس بن
مالك وحده، فأجاب: بأن الأمة بأجمعها قد تلقته بالقبول، ولم يروا أن
أحداً رده على أنس، ولا أنكر صحته عند روايته، فصار الإجماع عليه هو
الحجة في صوابه.
مع أن التواتر قد ورد بأن أمير المؤمنين «عليه السلام»
احتج به في مناقبه يوم الدار، فقال: أنشدكم الله، هل فيكم أحد قال له
رسول الله «صلى الله عليه وآله»: اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي
من هذا الطائر، فجاء أحد غيري؟!
قالوا:
اللهم لا.
قال:
اللهم اشهد.
فاعترف الجميع بصحته، ولم يكن أمير المؤمنين «عليه
السلام» ليحتج بباطل، لا سيما وهو في مقام المنازعة، والتوصل بفضائله
إلى أعلى الرتب التي هي الإمامة والخلافة للرسول «صلى الله عليه وآله»،
وإحاطة علمه بأن الحاضرين معه في الشورى يريدون الأمر دونه، مع قول
النبي «صلى الله عليه وآله»: علي مع الحق والحق مع علي يدور حيثما دار([9]).
وذكر العلامة المتبحر السيد حامد حسين الموسوي الهندي
في كتابه عقبات الأنوار، الجزء الرابع: طائفة من أسماء رواة حديث
الطير، بلغوا (91) شخصاً منهم: أبو حنيفة، وأحمد بن حنبل، وعباد بن
يعقوب الرواحبي، وغيرهم. وعد (250) كتاباً من مؤلفات أهل السنة نقلت
هذا الحديث.
وقال الخوارزمي:
«أخرج الحافظ ابن مردويه هذا الحديث بمئة وعشرين إسناداً»([10]).
وقال الذهبي في ترجمة الحاكم
النيسابوري:
وأما حديث الطير فله طرق كثيرة جداً، قد أفردتها بمصنف، ومجموعها يوجب
أن يكون الحديث له أصل([11]).
وذكر صاحب عقبات الأنوار ثمانية كتب ألفت في طرق حديث
الطير، وهي:
1 ـ
طرق حديث الطير وألفاظه، لمحمد بن جرير الطبري المفسر، وصاحب التاريخ،
والمتوفي سنة 310هـ .
2 ـ
كتاب حديث الطير، لأحمد بن محمد بن سعيد، المعروف بإبن عقدة المتوفى
سنة 333هـ .
3 ـ
كتاب طرق حديث الطائر، لأبي عبيد الله بن أحمد الأنباري المتوفى سنة
356هـ .
4 ـ
كتاب جمع طرق حديث الطير، لأبي عبد الله الحاكم النيشابوري، المعروف بـ
«ابن البيع» صاحب المستدرك على الصحيحين، المتوفى سنة 407هـ .
5 ـ
كتاب طرق حديث الطير، لأحمد بن موسى بن مردويه الأصفهاني، المتوفى سنة
410.
6 ـ
كتاب الطير لأبي نعيم، أحمد بن عبد الله الأصفهاني، المتوفى سنة 430.
7 ـ
كتاب طرق حديث الطير، لأبي طاهر محمد بن أحمد بن علي، المعروف بابن
حمدان، المتوفى سنة 441هـ .
8 ـ
كتاب طرق حديث الطير لشمس الدين محمد بن أحمد الذهبي المتوفى سنة 748هـ
.([12]).
تقدم:
أن الحاكم النيشابوري روى حديث الطير في مستدركه، وصححه على شرط
الشيخين. وقال: رواه عن أنس جماعة من أصحابه، زيادة علي ثلاثين نفساً.
ثم صحت الرواية عن علي، وأبي سعيد الخدري وسفينة.
وبعدما تقدم نقول:
ذكر العلامة الحجة الشيخ محمد حسن
المظفر ما مؤداه:
أن الحاكم رواه من طريقين: عن إبراهيم بن ثابت البصري القصار، عن ثابت
البناني، عن أنس. فتعقبه الذهبي: بأن إبراهيم بن ثابت ساقط.
ويرد عليه:
أنه ذكر في ميزان الإعتدال: أنه لا يعرف حاله جيداً. فعدم معرفة الذهبي
بحال الراوي جيداً لا يعني سقوط ذلك الراوي عند من عرفه جيداً. كما أن
عدم معرفة الذهبي، لا يعني أن لا يعرفه غيره، وقد عرفه الحاكم وصحح
حديثه على شرط الشيخين..
كما أن الذهبي تعقب الحديث الأول:
بأن في سنده محمد بن أحمد بن عياض، عن أبيه.
فقال:
ابن عياض لا أعرفه.
ولكنه قال في ميزان الإعتدال، في ترجمة محمد بن أحمد بن
عياض، بعد ما ذكر روايته لحديث الطير بالسند الذي ذكره الحاكم:
«قال الحاكم: هذا على شرط
البخاري ومسلم، ثم قال الذهبي: الكل ثقات إلا هذا. يعني محمداً، فأنا
أتهمه به. ثم ظهر لي أنه صدوق»..
إلى أن قال:
«فأما أبوه فلا أعرفه».
ونعود فنكرر:
إن عدم معرفة الذهبي له لا تضر بعد ما عرفه الحاكم، وصحح حديثه على شرط
الشيخين([13]).
وكيفما كان، فإن الذهبي نفسه قد ألف في حديث الطير
كتاباً، وقال عن طرق الحديث الكثيرة: إنها توجب أن له أصلاً.. فما معنى
أن يتهم به هذا وذاك؟!
كما أنه هو نفسه قد روى حديث الطير في ترجمة جعفر بن
سليمان الضبعي بسند صحيح، لأنه روا، عن قطن بن نسير، عن جعفر بن سليمان
الضبعي، (وهما من رجال مسلم) عن عبد الله بن المثنى بن عبد الله بن أنس
(وهو من رجال البخاري) عن أنس..
وعلى كل حال،
فإن طرق حديث الطير كثيرة وغزيرة.. والمصادر التي أوردته أكثر وأغزر([14]).
وذلك كله يدلنا:
على أنه لا قيمة لقول ابن تيمية: إنه لم يرو حديث الطير أحد من أصحاب
الصحاح، ولا صححه أئمة الحديث.
والحال:
أنه رواه الترمذي، والنسائي، وصححه الحاكم، ورواه الذهبي بسند لا شبهة
في صحته عندهم.
كما لا قيمة لقول ابن تيمية:
إن الحديث عند أهل المعرفة والعلم من المكذوبات والموضوعات..
فإن كثرة طرق الحديث تمنع من تكذيبه، والحكم عليه
بالوضع، كما أن الحاكم قد صححه على شرط الشيخين، والذهبي حكم بأن له
أصلاً..
وليس في أهل العلم والمعرفة من حكم بكذب ووضع هذا
الحديث، إلا إن كان ابن تيمية نفسه، ومن هم على شاكلته ممن يتعصب على
علي «عليه السلام»، ويجهد لإبطال فضائله، وردها([15]).
هناك اختلافات بين عدد من نصوص حديث الطير.. وربما يجعل
البعض هذا الإختلاف منشأ للقول بتعدد الوقائع التي تشابهت في بعض
عناصرها. ولا مانع من ذلك، إذا كان النبي «صلى الله عليه وآله» نفسه
أراد أن يكرر تأكيده على مضمون بعينه، فيعيد نفس الموقف كلما حضرت
المناسبة التي تصلح له.
فتعدد الوقائع، واختلافها في بعض الخصوصيات الجانبية،
أو اختلاف بعض الأشخاص فيها، لا يضر فيما يرمي النبي «صلى الله عليه
وآله» إلى التأكيد عليه، ونشره في الناس.
ولذلك نلاحظ:
1 ـ
أن هناك رواية تقول: إن عائشة هي التي منعت علياً «عليه السلام» من
الدخول.
وأخرى تقول:
إن أنساً هو الذي منعه من ذلك.
وثمة رواية يظهر منها:
أنه لم يمنع أصلاً([16]).
أما الروايات الساكتة عن ذكر رده، فلعلها أرادت اختصار
ما جرى، أو أنها سعت لحفظ ماء وجه أنس.
2 ـ
رواية الإحتجاج، التي تنص على منع عائشة لعلي «عليه السلام» تقول: إن
جبرئيل هو الذي جاء بالطير من الجنة([17]).
وأخرى تقول:
إن امرأة من الأنصار جاءت بها([18]).
وثالثة تقول:
جاءت بها أم سليم([19]).
ولعل هذه الرواية لا تنافي سابقتها.
ورابعة تقول:
جاءت بها أم أيمن([20]).
3 ـ
هل الهدية كانت دجاجة طبختها امرأة من الأنصار؟!([21]).
أم كانت من الحبارى؟!([22]).
أم كانت نحامة مشوية، أم نحامات؟!([23]).
أم حجل مشوي، أم حجلات؟!([24]).
أم قطاتان؟!([25]).
أم يعاقيب؟!([26]).
4 ـ
هل كانت طيراً كما في أكثر الروايات؟!.
أو كانت طيرين؟!([27]).
وقد يقال:
لا منافاة بينهما، إذ لعل المراد بالطير اسم الجنس، الصادق على القليل
والكثير..
أم كانت طوائر ( أو أطيار([28]))؟!
5 ـ
وهل ردوا علياً «عليه السلام» مرتين، ثم دخل في الثالثة؟! كما ورد في
العديد من الروايات.
أم ردوه ثلاث مرات، ودخل في الرابعة؟!([29]).
هذا بالإضافة إلى اختلافات أخرى لا حاجة إلى التعرض
لها، وقد ظهر، وسيظهر شطر منها في سياق حديثنا هذا..
ولا بأس بملاحظة النص التالي:
وروي هذا الحديث عن جابر بطريقة مختلفة تماماً عما هو
مروي عن غيره، حيث ذكر: أنه «صلى الله عليه وآله» بعث إلى أبي بكر
وعمر، فجاءا، ثم دعا الله أن يسوق إليهم رابعاً، يحب الله ورسوله،
ويحبه الله ورسوله. ثم دعا أن يجعله علياً.
فجاء علي «عليه السلام». وليس في الرواية أنهم ردوه مرة
بعد أخرى.
ثم ذكرت الرواية إشراك ابن مسعود وجابر أيضاً([30]).
فإذا صحت هذه الرواية، فهل لنا أن نحتمل أنه «صلى الله
عليه وآله» أراد أن يسمع أبا بكر وعمر مقالته في علي «عليه السلام»،
لأنه كان يعلم بما يطمحان إليه، ويدبران له، كما كانت تصرفاتهما تشي به،
فأراد أن يبين لهما: أن الإمامة والخلافة حق لعلي «عليه السلام»، لأنه
أحب الخلق إلى الله تعالى. فلا يحق لهما منازعته في هذا الحق..
وقد دل الحديث:
على أن علياً «عليه السلام» أفضل الخلق بعد رسول الله «صلى الله عليه
وآله»، لأنه يقول: إنه «عليه السلام» أحب الخلق إلى الله تعالى.. وقد
استثنيا الرسول، لأنه هو القائل لذلك.. ولقيام الإجماع على أنه ليس أحب
إلى الله منه.
والمراد بحب الله له ليس هو هذا الإنفعال النفساني الذي
يسميه البشر حباً، لأنه تعالى منزه عن الإنفعالات والتغيرات.
بل المراد به:
هو كثرة الثواب، والتوفيقات، والهدايات المترتبة على كثرة طاعات علي
«عليه السلام»، وعلى اتصافه بالصفات الحسنة..
فلا بد من وجود فضيلة، أو خصلة كريمة، أو عمل حسن لدى
علي «عليه السلام» يوجب ثواب الله تعالى، وإكرامه له..
ولأجل ذلك قال تعالى:
﴿قُلْ
إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ﴾([31])،
فإن اتباع الرسول طاعة، وعمل حسن، يوجب المزيد من ثواب الله تعالى.
ولذلك ترتب حب الله لهم على متابعتهم للرسول.
ومن الواضح:
أنه لا يمكن أن يثيب الله العاصي، والمقصر، أكثر من المطيع المكثر من
الأعمال الصالحة، لحكم العقل بقبح تفضيل الناقص على الكامل، والعاصي
على المطيع، والجاهل على العالم. والمتقدم في الكمالات المتفوق فيها
على فاقدها أو القاصر فيها.
ولعلك تقول:
لعله «عليه السلام» كان في ذلك الوقت أحب الخلق إلى
الله، ثم صار غيره أحب إلى الله منه.
ونجيب:
بأن جعل الإمامة والخلافة يدل على أنه «عليه السلام»
كان هو الأفضل في جميع الأحوال وسائر الأزمنة.. إذ لا يجوز جعل الخلافة
لغير الأفضل كما سنوضحه في الفقرة التالية:
وإذا كان «عليه السلام» هو الأفضل كان هو الأحق
بالخلافة، ولذلك نصبه رسول الله «صلى الله عليه وآله» بأمر من الله
تعالى خليفة، ووصياً وإماماً للناس من بعده، وأخذ له البيعة من الناس
يوم الغدير، ونص عليه في مقامات كثيرة قبل ذلك وبعده، وإلى حين وفاته
«صلى الله عليه وآله».
ويقبح من الحكيم، ولا يجوز عند العقل القويم تقديم غير
الأفضل على الأفضل.. فكيف يجوز تقديم من لم تثبت له فضيلة إلا من طريق
محبيه ومؤيديه المستفيدين من سلطانه؟! بل قد ثبتت له هفوات عديدة على
لسان نفس هؤلاء الناس، فضلاً عما رواه غيرهم.
ولعلك تقول:
إن المعتزلة البغداديين لا يرون بأساً بتقديم المفضول
على الفاضل لحكمة يراها. وقال المعتزلي في شرحه لنهج البلاغة: «الحمد
لله الذي قدم المفضول على الفاضل لحكمة اقتضاها التكليف»([32]).
ونجيب:
بأن التقديم لم يكن من الله تعالى،
ليقال:
إن ذلك ينقض ما قلناه، بل الناس هم الذين قدموا من يصفونه بالمفضول.
وإنما فعلوا ذلك بأهوائهم، وما ظنوه منافع شخصية لهم. وقد خالفوا بهذا
الذي فعلوه أمر الله تعالى، الذي جعل الفاضل خليفة عليهم دون سواه..
فلا معنى لقول المعتزلي:
إن الله هو الذي قدم أبا بكر، ولا سبيل لادعاء وجود حكمة اقتضاها
التكليف دعت إلى ذلك.. فإن الملتزمين بخلافة أبي بكر لا يدعون الخلافة
له بالنص، بل يدعونها له بالإنتخاب في السقيفة.
مع العلم بأنه حتى الإنتخاب في السقيفة لم يحصل. بل
الذي حصل هو التغلب بواسطة التهديد، وإثارة الإنقسامات والخلافات،
وبالضرب على الوتر العشائري، والعصبيات والمنافسات القبلية كما أوضحناه
في هذا الكتاب حين الكلام حول أحداث السقيفة..
لقد كان علي «عليه السلام» يتعامل مع موضوع الأمن
الشخصي لرسول الله «صلى الله عليه وآله» بكل دقة وحكمة، فلا مجال
للتعامل بمنطق غض النظر والتغاضي، لإمكان أن تتسلل بعض السلبيات من
خلال هذا التغاضي بالذات، ولذلك نلاحظ: أنه يبادر إلى التدقيق في معاني
كلام عائشة وفي مراميه، ويسعى لاتخاذ جانب الحيطة والحذر، ويتساءل
«عليه السلام» عن مغزى كلام عائشة، ويزنه بميزان الحكمة، فلم يره
مقبولاً ولا معقولاً وفق ما يعرفه من النبي «صلى الله عليه وآله». إذ
لا يستقيم أن تكون عائشة في الدار والنبي «صلى الله عليه وآله» راقد..
ثم أشار «عليه السلام» إلى تناقض كلام عائشة في المرة
الثانية، حيث قالت له: إن النبي «صلى الله عليه وآله» على حاجة. وهذا
لا يستقيم، إذ كيف يكون راقداً، ويكون على حاجة خلال لحظات، وتكون
عائشة في الدار.
والمفروض:
أن تكفي هي النبي حاجته، ولذلك عاد مسرعاً في المرة الثالثة، ودق الباب
دقاً عنيفاً، ثم ظهر صدق ما فكر به، إذ لم يكن النبي «صلى الله عليه
وآله» راقداً، ولا كان على حاجة..
وظهر أن عائشة أرادت إبعاد علي «عليه السلام» عن نيل
الوسام الذي رصده «صلى الله عليه وآله» لمن يحب الله ورسوله، ويرسله
الله ليأكل معه من ذلك الطير.. وأنها تريد أن يكون أبوها هو الذي يأكل
من الطير، ويفوز بذلك الوسام..
وقد صرح «صلى الله عليه وآله»:
بأن عائشة، قد ردت علياً «عليه السلام»، انطلاقاً من ضغن في قلبها على
علي «عليه السلام». وليس الأمر مجرد حب الخير لأبيها.
واللافت:
أن النبي «صلى الله عليه وآله» حين أخبر عائشة بأن الضغن هو الذي دعاها
لرد علي «عليه السلام» في المرتين، وبأنه «صلى الله عليه وآله» يعرف
بما في قلبها على علي «عليه السلام» لم تنكر هي ذلك..
ثم أخبرها النبي «صلى الله عليه وآله» بتفاصيل ما يجري
بدقة، لا مجال معها لاحتمال حصول بداء في شيء من ذلك، فقد أخبرها
بحربها لعلي، وبأنها تركب الشيطان، وتنبحها كلاب الجوأب.. وبغير ذلك
مما يجري لها، وبأنها سترجع صاغرة، لا تبلغ ما تريد. وبغير ذلك
وتضمنت رواية الإحتجاج:
أن النبي «صلى الله عليه وآله» كان إذا أراد أن يتجه إلى موضع أعلم
علياً بذلك. فإذا أبطأ أسرع علي «عليه السلام» إليه، ليعرف خبره.
ويبدو:
أن هذا من الإحتياطات الأمنية التي كان علي «عليه السلام» متكفلاً بها،
فقد كان «عليه السلام» يتولى حراسة النبي «صلى الله عليه وآله»، وقد
اختار أسطوانة في المسجد يصلى عندها، وهو يؤدي مهمته هذه.. وها هو هنا
يريد أن يبقى «عليه السلام» على علم مسبق بالمواضع التي يكون فيها، ثم
هو يريد أن يبقى على علم بما يجري له.
وفي بدر كان يتفقد رسول الله «صلى
الله عليه وآله» باستمرار، ليطمئن على سلامته.
وفي بعض النصوص أيضاً:
أنه «صلى الله عليه وآله» إذا أراد أن يدخل إلى الحجرة، كان شخص يدخل
إليها قبله. حيث إن التعليل الأقرب لذلك هو إرادة الإطمئنان إلى خلو
المكان من كل ما يخشى منه.
وهذا احتياط محمود، فإن المتربصين شراً برسول الله «صلى
الله عليه وآله» كثيرون، وهو يتعرض لمؤامرات مختلفة من المشركين
واليهود، والمنافقين، وحتى من بعض أصحابه المتظاهرين بمحبته، والحريصين
على ملازمته.. وقد نفروا به ناقته ليلة العقبة، لكي تلقيه إلى الوادي..
وذلك بعد عودته من غدير خم، أو من تبوك..
فلا عجب إذا كان قلب علي «عليه
السلام»:
لا يسكن ولا يثبت، ولا يستقر على فراقه «صلى الله عليه وآله» ساعة
واحدة، وذلك خوفاً وقلقاً عليه، ومحبته له..
غير أن الأكثر إثارة هنا:
أنه «صلى الله عليه وآله» حتى حين يريد أن يدخل إلى بيت إحدى نسائه كان
يخبر علياً «عليه السلام» بذلك.. فهل كان أيضاً «صلى الله عليه وآله»
لا يشعر بالأمن، أو كان علي «عليه السلام» يقلق عليه حتى في هذه
المواضع؟!
17-
النبي
يردُّ أبا بكر وعمر:
وورد في بعض نصوص حديث الطير:
أنه أتى النبي «صلى الله عليه وآله» وعنده طائر، فقال:
اللهم ائتني بأحب خلقك إليك، يأكل معي من هذا الطير.
فجاء أبو بكر، فرده.
ثم جاء عمر، فرده.
(وفي نص آخر: ثم جاء عثمان فرده). ثم جاء علي، فأذن له([33]).
ونقول:
إن ظاهر هذه الرواية:
أن رسول الله «صلى الله عليه وآله» هو الذي ردهم، وأذن لعلي «عليه
السلام»، ومعنى ذلك: أن المردودين لم يكونوا أحب خلق الله إلى الله
تعالى..
بل تدل الرواية:
على أنهم يستحقون الفضيحة بين الناس، وإسقاط محلهم، وإثارة الشبهة
حولهم والريب فيهم، والتساؤل عما أوجب لهم هذه العقوبة المسقطة للمقام.
وهل جاء أبو بكر بدعوة عائشة، ثم جاء عمر بدعوة حفصة،
ثم جاء عثمان بإشارة أحد محبيه عليه؟! أم أن مجيئهم جميعاً كان بمحض
الصدفة، أو بتدبير إلهي؟!
قد يقال:
إن النص التالي يقرب احتمال أن تكون عائشة وحفصة أشارتا على أبيهما
بالمجيء، لنيل وسام عظيم تهفو له النفوس، وتطمح إليه الأنظار، والنص هو
التالي:
قال أبو يعلى:
حدثنا قطن بن بشير، حدثنا جعفر بن سليمان الضبعي، حدثنا عبد الله بن
مثنى، حدثنا عبد الله بن أنس، عن أنس بن مالك، قال:
أهدي لرسول الله «صلى الله عليه وآله» حجل مشوي بخبزه
وضيافة (كذا)، فقال رسول الله «صلى الله عليه وآله»: اللهم ائتني بأحب
خلقك إليك، يأكل معي من هذا الطعام.
فقالت عائشة:
اللهم اجعله أبي.
وقالت حفصة:
اللهم اجعله أبي.
وقال أنس:
وقلت: اللهم اجعله سعد بن عبادة.
قال أنس:
فسمعت حركة بالباب([34])..
ثم ذكر مجيء علي «عليه السلام»، ورده إياه.. إلخ..
وعن تمنيات عائشة المشار إليها نقول:
هل أرادت عائشة البر بأبيها، فتمنت له أن يكون أحب
الخلق إلى الله؟! وكذلك أرادت حفصة ؟!
أم أن المطلوب هو الحصول على ما ينفع أباها في أن يرضى
به الناس خليفة بعد رسول الله «صلى الله عليه وآله»؟! وبغض النظر عن
هذا وذاك، نلاحظ ما يلي:
إن هذا الحديث يدل على عدم صحة ما
يزعم:
من أن النبي «صلى الله عليه وآله» سئل عن أحب الناس إليه، فقال: عائشة.
فقالوا له:
من الرجال؟!
فقال:
أبوها([35]).
فإن ذلك لوصح لم يكن مجـال للتمني، بل سوف تتيقن عائشة
بأن أباها هو المطلوب، وهو الفائز بهذا الوسام. كما أنه لم يكن لتمني
حفصة معنى..
ثم إن هذا يدل على أن عائشة وحفصة وأنساً لم يكونوا
يعرفون فضلاً لأبي بكر يميزه عن عمر، أو عن سعد بن عبادة. ولذلك قالت
عائشة وحفصة: اللهم اجعله أبي..
وقال أنس:
اللهم اجعله سعد بن عبادة.
مع أن المفروض هو:
أن هؤلاء قريبون من الرسول، ويمكنهم سؤاله عن أي شيء!! فكيف انقلبت
الأمور بين ليلة وضحاها، وصار أبو بكر أفضل الناس وأحب الناس إلى الله
ورسوله. كما يقول محبوه، ومن هم من حزبه؟!
وكشاهد على ما سبق، ولكن في سياق آخر، نقول:
لقد وجدنا من عائشة وحفصة تصرفاً مشابهاً في أكثر من
موقف ومقام، فقد تسابقتا إلى تقديم أبويهما في قضية الصلاة بالناس في
مرض رسول الله «صلى الله عليه وآله»، حيث أمرت عائشة أباها، وأمرت حفصة
أباها بالصلاة بالناس.
فصلى أبو بكر، فبادر بالنبي «صلى الله عليه وآله» رغم
مرضه إلى عزله.. كما ذكرناه في كتابنا هذا.. وفي كتاب الصحيح من سيرة
النبي الأعظم «صلى الله عليه وآله».
ومرة أخرى يتسابقان أيضاً في هذا المجال.
فعن ابن عباس:
لما مرض رسول الله «صلى الله عليه وآله» مرضه الذي مات فيه قال: ادعوا
لي علياً.
قالت عائشة:
ندعو لك أبا بكر؟!
قالت حفصة:
ندعو لك عمر؟!
قالت أم الفضل:
ندعو لك العباس؟!
فلما اجتمعوا رفع رأسه فلم ير علياً «عليه السلام»
فسكت.
فقال عمر:
قوموا عن رسول الله «صلى الله عليه وآله»([36]).
وفي نص آخر:
أنه «صلى الله عليه وآله» قال: ادعو إليَّ حبيبي، فدعوا أبا بكر، ثم
عمر، فأعرض عنهما، فدعوا له علياً، فلما رآه أفرج له الثوب الذي كان
عليه، ثم أدخله فيه، فلم يزل يحتضنه حتى قبض ويده عليه([37]).
ومن طريق أهل البيت «عليهم السلام»:
أن عائشة دعت أباها، فأعرض عنه، ودعت حفصة أباها فأعرض عنه، ودعت أم
سلمة علياً «عليه السلام»، فناجاه طويلاً ثم أغمي عليه([38]).
وقد ذكرنا هذه الروايات مع مصادرها في آخر الجزء السابع
من هذا الكتاب في فصل: أحداث جرت في مرض النبي «صلى الله عليه وآله»
تحت عنوان: علي «عليه السلام» يروي ويستدل. وقد ذكرنا هناك بعض ما له
ارتباط بهذه الروايات.
ويبقى أن نشير إلى أن الروايات
تذكر:
أن النبي «صلى الله عليه وآله» قال حين سمع جواب أنس: «الرجل يحب
قومه». كما ذكرته بعض النصوص.
ونقول:
ألف:
إن مراجعة النصوص والمقارنة بينها تظهر: أن ثمة محاولة للتصرف فيما
خاطب به النبي «صلى الله عليه وآله» أنساً بعد سماع جوابه، وذلك بهدف
تلطيف الجواب مهما أمكن.
بل قد يظهر من بعضها:
أنه «صلى الله عليه وآله» كان بصدد التعبير عن الرضا، أو الإستحسان
لتصرف أنس. والتصرف بكلام رسول الله «صلى الله عليه وآله» إلى هذا الحد
غير مقبول، لأنه يصل إلى حد الخيانة، والإفتراء على رسول الله «صلى
الله عليه وآله»..
ب:
لا شك في أن النبي «صلى الله عليه وآله» يدين تصرف أنس، لأكثر من سبب،
أهونها: أنه قد انساق وراء العصبية الجاهلية التي ذمها الله ورسوله
والأئمة الطاهرون، وحذروا منها أشد تحذير.
فعن رسول الله «صلى الله عليه
وآله»:
من كان في قلبه حبة خردل من عصبية بعثه الله يوم القيامة مع أعراب
الجاهلية([39]).
وعنه «صلى الله عليه وآله»:
من تعصب أو تُعُصِّبَ له، فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه.
وفي نص آخر عن الإمام الصادق «عليه
السلام» قال:
«الإيمان» بدل «الإسلام»([40]).
وعن
الإمام الصادق «عليه السلام» قال:
من تعصب عصبه الله بعصابة من نار([41]).
ولا شك في أن تعصب أنس لم يكن للحق وأهله، بل كان
تعصباً جاهلياً.
فأولاً:
إنه أنكر الخير على أهل الخير، وغمطهم حقهم.
ثانياً:
إنه أساء إليهم، واستخف بهم، وبمقامهم، بإرجاعهم ثلاث أو أربع مرات.
ثالثاً:
إنه لم ينفذ أمر رسول الله «صلى الله عليه وآله». بل خانه، كما ذكره
ابن أبي داود.
رابعاً:
صرحت رواية عن أنس بأنه يقول: إن الذي حمله على رد علي «عليه السلام»
ثلاث مرات هو الحسد له «صلوات الله عليه»([42]).
خامساً:
إنه «صلى الله عليه وآله» قد أنكر على أنس أن يرى أن أحداً من الأنصار
أفضل من علي «عليه السلام»، وبين له: أن هذا الظلم الشنيع لعلي «عليه
السلام»، ولأجل ذلك ينكر عليه، ويقول:
«يا أنس، أوفي الأنصار خير من علي؟! أوفي الأنصار أفضل
من علي «عليه السلام»؟!»([43]).
وهذا يجعل أنساً مصداقاً للتفسير الوارد للعصبية
المذمومة، فقد سئل الإمام علي بن الحسين «عليه السلام» عن العصبية،
فقال:
العصبية التي يأثم عليها صاحبها:
أن يرى الرجل شرار قومه خيراً من خيار قوم آخرين.
وليس من العصبية أن يحب الرجل قومه. ولكن من العصبية أن
يعين قومه على الظلم([44]).
أما العصبية المحمودة، فقد بينها أمير المؤمنين «عليه
السلام» في خطبته المفصلة، بقوله: «فإن كان لا بد من العصبية، فليكن
تعصبكم لمكارم الخصال، ومحامد الأفعال، ومحاسن الأمور»([45]).
سادساً:
إن ملاحظة نصوص الحديث تشير: إلى أن أنس بن مالك قد موَّه على رسول
الله «صلى الله عليه وآله».
بل في بعضها:
أنه كذب عليه ثلاث مرات.. وهذا يضع علامة استفهام كبيرة حول مدى
استقامة أنس، وحول ما يدعى عدالة كل من رأى رسول الله «صلى الله عليه
وآله»، يستدلون على ذلك بآيات القرآن، وقد ذكرنا أن الآيات لا تدل على
ذلك([46]).
والحديث الذي يكذب فيه أنس على رسول الله «صلى الله
عليه وآله» ويعترف هو بذلك هو التالي:
عن أنس:
بعثتني أم سليم إلى رسول الله «صلى الله عليه وآله» بطير مشوى، ومعه
أرغفة من شعير، فأتيته به، فوضعته بين يديه، فقال: يا أنس، ادع لنا من
يأكل معنا من هذا الطير، اللهم آتنا بخير خلقك.
فخرجت فلم تكن لي همة إلا رجل من أهلي آتيه فأدعوه،
فإذا أنا بعلي بن أبي طالب «عليه السلام»، فدخلت فقال: أما وجدت
أحداً؟!
قلت:
لا.
قال:
انظر فنظرت، فلم أجد أحداً إلا علياً.
ففعلت ذلك ثلاث مرات، ثم خرجت،
فرجعت، فقلت:
هذا علي بن أبي طالب يا رسول الله.
فقال:
ائذن له. اللهم وإلي، اللهم وإلي، وجعل يقول ذلك بيده، وأشار بيده
اليمنى يحركها([47]).
بل هو قد صرح في رواية أخرى عنه:
بأنه إنما رد علياً «عليه السلام» في المرات كلها حسداً منه، فراجع([48]).
فإن هذا أشنع وأبشع أن تجد صحابياً يحسد أحب الخلق إلى الله ورسوله،
ويجعل نفسه مصداقاً لقوله تعالى:
﴿أَمْ
يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آَتَاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾([49])،
ولقوله تعالى:
﴿حَسَداً
مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ﴾([50]).
سابعاً:
في حديث آخر يعترف أنس: أنه يرد على رسول الله «صلى الله عليه وآله»،
وأنه كذب على علي أيضاً.
فهو يقول:
لما وضع بين يديه قال: اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي من هذا
الطير.
قال أنس:
أريد أن يأكله رسول الله «صلى الله عليه وآله» وحده. فجاء علي: فقلت
رسول الله نائم.
قال:
فرفع يده ثانية، وقال: اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي من هذا
الطير، فجاء علي فقلت: رسول الله نائم.
قال:
فرفع يده الثالثة: فقال: اللهم ائتني بأحب خلقك إليك، يأكل معي من هذا
الطير.
قال أنس:
كم أرد على رسول الله «صلى الله عليه وآله». أدخل.
فلما رآه قال:
اللهم وإلي، فأكلا جميعاً([51]).
ملاحظة:
قوله: اللهم وإلي، يريد أن يعطف كلمة إلي على كلمة إليك، ليصير الكلام
هكذا: بأحب خلقك إليك وإليّ..
وفي نص آخر يقول أنس:
فلما دخل مسح رسول الله وجهه، ثم مسح رسول الله بوجه علي، ثم مسح وجه
علي فمسحه بوجهه. فعل ذلك ثلاث مرات.
فبكى علي، ثم قال:
ما هذا يا رسول الله؟!
فقال:
ولم لا أفعل بك هذا؟! وأنت تسمع صوتي، وتؤدي عني، وتبين لهم ما اختلفوا
فيه من بعدي.
ثم قال رسول الله «صلى الله عليه
وآله»:
اللهم إني سألتك أن تأتيني بأحب خلقك إليك، يأكل معي من هذا الطير،
فجئت به. اللهم وإنه أحب خلقك إلي([52]).
ونقول:
دل هذا الحديث على أمور عديدة، نذكر منها:
1 ـ
أن الرسول «صلى الله عليه وآله» قد مسح وجهه أولاً، ثم مسح وحه علي
«عليه السلام». أي أنه أراد أن يبارك على علي «عليه السلام» بآثار وجهه
هو «صلى الله عليه وآله». ثم مسح وجه علي «عليه السلام»، وأخذ من آثاره
ومسح بها «صلى الله عليه وآله» وجهه الشريف، لينال هو «صلى الله عليه
وآله» من بركات وجه علي «عليه السلام».
وقد كرر ذلك ثلاث مرات، طلباً للمزيد من الثواب،
ولتأكيد المعنى في الأذهان بصورة نهائية..
وهذا يبطل ما يزعمه بعض الناس من حرمة التبرك، واعتباره
من الشرك.
2 ـ
إن علياً «عليه السلام» قد بكى فرحاً برضوان الله تبارك وتعالى، ولم
يبك حزناً على شيء فاته، كما لم يأخذه الزهو والغرور، بل اعترف لله
بالعبودية، وأن ما به من نعمة وفضل فمن الله سبحانه..
ولأجل ذلك سأل رسول الله «صلى الله عليه وآله» عن السبب
الذي أوجب أن يفعل به ما فعله، فإنه لم ير نفسه مستحقاً لشيء من ذلك.
3 ـ
إنه «صلى الله عليه وآله» علل تبركه بعلي «عليه السلام» بثلاثة أمور:
الأول:
أنه يسمع صوته. أي بنحو لا يتيسر لغيره. أي أنه يسمعه في كل زمان
ومكان.. وحيثما كان. فدل ذلك على أن الله تعالى قد حباه بهذه المنحة
التي لا ينالها إلا من اختاره الله لأمر عظيم.. ولأنه يستحق هذا الأمر
لأهلية واستعداد كان فيه.
كما أنه يشير بذلك إلى أنس ليعرفه أن علياً كان مطلعاً
على الأمر، غير أنه كان يعامله بالعفو والصفح. كما أن ذلك يتضمن دلالة
وإشارة إلى صفة من صفات إمامته «عليه السلام».
الثاني:
إنه يؤدي عنه. فدل ذلك على خلافته له، وعلى أنه حامل الأمانة بعده، ولا
يكلف بهذه المهمة إلا من كان من الأولياء والأصفياء، الذين تلتمس
البركة والزيادة والسمو الروحي والمادي منه.
الثالث:
إنه يملك من المعارف والعلوم ما ليس لدى أحد سواه، فهو القادرعلى حل
المشكلات، وإزالة الخلافات بعلمه الصائب، وحرصه على شرع الله، وعلى كل
حقائق الدين، ومن كان كذلك، فإن التماس البركة منه يكون أولى وآكد،
لأنه عالم عامل بعلمه.
وقال ابن تيمية:
إن أكل الطير ليس فيه أمر عظيم هنا يناسب أن يجيء أحب الخلق إلى الله
ليأكل معه. فإن إطعام الطعام مشروع للبر والفاجر، وليس في ذلك زيادة
وقربة عند الله لهذا الآكل، ولا معونة على مصلحة دين ولا دنيا([53]).
وأجاب العلامة الحجة الشيخ محمد حسن المظفر بما يلي:
بل هنا أمر عظيم، وهو تعريف الأحب إلى الله للناس،
بدليل وجداني، فإنه آكد من اللفظ، وأقوى في الحجة. كما عرفهم نبي الهدى
«صلى الله عليه وآله»: أن علياً حبيب الله في قصة خيبر، بإخبارهم: بأنه
يعطي الراية من يحبه الله ورسوله، ويحب الله ورسوله، وأن الفتح على
يده.
على أنه يكفي في المناسبة رغبة النبي «صلى الله عليه
وآله» بأن يأكل مع أحب الخلق إلى الله، وإليه([54]).
وقال ابن تيمية أيضاً:
هذا الحديث يناقض مذهب الرافضة، لأنهم يقولون: إن النبي «صلى الله عليه
وآله» كان يعرف أحب الخلق إلى الله. وإنه جعله خليفة من بعده. وهذا
الحديث يدل على أنه ما كان يعرف أحب الخلق إلى الله..
وأجاب العلامة الحجة المظفر أيضاً:
بإنَّا لا نعرف وجه الدلالة على أنه لا يعرف.
أتراه لو قال:
ائتني بعلي، يدل على عدم معرفته له؟!
وكيف لا يعرفه، وقد قال كما في بعض
الأخبار:
اللهم ائتني بأحب الخلق إليك وإلي؟!
وقال لعلي في نصٍ آخر:
ما حبسك عليَّ؟!
وقال له في بعضها:
ما الذي أبطأ بك؟!
فالنبي «صلى الله عليه وآله» كان عارفاً، لكنه أبهم في
الكلام ليحصل التعيين من الله سبحانه، فيعرف الناس: أن علياً «عليه
السلام» هو الأحب إلى الله تعالى بنحو الإستدلال([55]).
قال علي بن عبد الله الداهري:
سألت ابن أبي داود بالري عن حديث الطير، فقال: إن صح حديث الطير فنبوة
النبي«صلى الله عليه وآله» باطلة، لأنه يحكي عن حاجب النبي «صلى الله
عليه وآله» خيانة، وحاجب النبي لا يكون خائناً([56]).
ونقول:
أولاً:
لا ملازمة بين خيانة حاجب النبي، وبين بطلان نبوة ذلك النبي.. فقد يكون
الحاجب مؤمناً، وقد يكون منافقاً وفاسقاً، وقد يكون عالماً وقد يكون
جاهلاً.. وقد.. وقد..
ثانياً:
قال تعالى:
﴿ضَرَبَ
اللهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ
كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ
فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللهِ شَيْئاً
وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ﴾([57]).
فهل كفر زوجة نبي، أو كفر ابن نوح يبطل نبوة ذلك النبي؟!
وأشكل في المواقف وشرحها على
الحديث:
بأنه لا يفيد أنه أحب إليه في كل شيء، لصحة تقسيم وإدخال لفظ الكل
والبعض، ألا ترى أنه يصح أن يستفسر ويقال: أحب إليه في كل الأشياء، أو
في بعض الأشياء، فلا يدل على الأفضلية مطلقاً.
والجواب:
أن الإطلاق مع عدم القرينة على الخصوص يفيد العموم في مثل المقام، ألا
ترى أن كلمة الشهادة تدل على التوحيد، وبمقتضى ما ذكرناه ينبغي أن لا
تدل عليه، لإمكان الإستفسار بأنه لا إله إلا هو في كل شيء، أو في
السماء، أو في الأرض، إلى غير ذلك، فلا تفيد نفي التشريك مطلقاً، وهذا
لا يقوله عارف، والعجب منهما أن يقولا ذلك، وهما يستدلان على فضل أبي
بكر بقوله تعالى:
﴿وَسَيُجَنَّبُهَا
الْأَتْقَى﴾([58]).
زاعمين: أن المراد بالأتقى أبو بكر، فيكون أفضل. والحال أنه يمكن
الإستفسار بأنه الأتقى في كل شيء، أو في بعض الأشياء، مضافاً إلى أنه
لا يصح حمل الحديث على إرادة الأحب في بعض الأمور، وإلا لجاء مع علي
«عليه السلام» كل من هو أحب منه بزعمهم في بعض الأمور كالشيخين،
لاستجابة دعاء النبي «صلى الله عليه وآله»، والحال أن النبي «صلى الله
عليه وآله» قد ردهما كما في حديث النسائي، ونحن نمنع أن يكون أحد أحب
إلى الله سبحانه بعد النبي «صلى الله عليه وآله» من علي «عليه السلام»
في شيء من الأشياء، لما سبق في المبحث الثاني من مباحث الإمامة: أن
الإمام أفضل الناس في كل شيء، فيكون أحب إلى الله تعالى في كل شيء([59]).
([1])
بحار الأنوار ج38 ص348 ـ 350 وج32 ص277 ـ 278 والإحتجاج ج1
ص292 ـ 294 ومدينة المعاجز ج1 ص388 ـ 392 .
([2])
بحار الأنوار ج38 ص356 ـ 357 والعمدة لابن البطريق ص244 ونهج
الإيمان ص332 وغاية المرام ج5 ص70 وشرح إحقاق الحق (الملحقات)
ج5 ص352 و 357 وج16 ص197 عن مناقب أمير المؤمنين لابن المغازلي
(ط طهران ) ص157.
([3])
الأمالي للصدوق (ط مؤسسة البعثة سنة 1417هـ) ص753 وراجع: روضة
الواعظين ص130 ومناقب آل أبي طالب ج2 ص115 وبحار الأنوار ج38
ص352 وج57 ص301 .
([4])
ترجمة الإمام علي من تاريخ دمشق (بتحقيق المحمودي) ج2 ص105
وتاريخ مدينة دمشق ج42 ص245 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج4
ص204 وج16 ص215 وج30 ص254 وعن مختصر تاريخ دمشق (ط دار الفكر)
ج17 ص361 والمناقب للخوارزمي ص77.
([5])
بحار الأنوار ج38 ص356 عن ابن المغازلي، والطرائف ص18 و (ط
الخيام ـ قم) ص73 وإحقاق الحق (الملحقات) ج21 ص232 عن التبر
الذاب، ومناقب الإمام علي لابن المغازلي ص166 وحياة الحيوان ج2
ص297 ونزهة المجالس ج2 ص212 والصراط المستقيم ج1 ص193 وكتاب
الأربعين للماحوزي ص449.
([6])
مناقب آل أبي طالب (ط المكتبة الحيدرية) ج2 ص114 و 115 وبحار
الأنوار ج38 ص351 و 352.
([7])
بحار الأنوار ج38 ص355 والطرائف ص18 و (ط الخيام ـ قم) ص73
وكتاب الأربعين للماحوزي ص448.
([8])
بحار الأنوار ج38 ص355.
([9])
الفصول المختارة ص97 وبحار الأنوار ج10 ص431 و 432 وج38 ص357 و
358.
([10])
مقتل الحسين للخوارزمي ج1 ص46 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج5
ص329 .
([11])
تذكرة الحفاظ ج3 ص1042 والطبقات الشافعية ج4 ص165 الطبقة
الثانية. وخلاصة عبقات الأنوار ج7 ص179 والغدير ج1 ص156 وتحفة
الأحوذي ج10 ص154 وفتح الملك العلى للمغربي ص13.
([12])
عبقات الأنوار ج4 (المقدمة).
([13])
دلائل الصدق ج2 ص281.
([14])
إننا نحيل هنا على بعض المصادر التي ذكرت حديث الطير، ونترك
سائرها لمن أراد التتبع والإستقصاء، فنقول:
سنحاول أن نذكر شطراً مما ذكره في إحقاق الحق (قسم الملحقات)
ج5 ص318 ـ 368 وج16 ص169 ـ 219 وج21 ص222 ـ 242 وغير ذلك.
فلاحظ:
صحيح
الترمذي (ط الصاوي بمصر) ج5 ص300 والخصائص للنسائي ص29 ح10
والمناقب لابن المغازلي من ص156 إلى ص177 وترجمة الإمام علي بن
أبي طالب من تاريخ دمشق (بتحقيق المحمودي) ج2 ص105 ـ 134.
والمعجم الكبير للطبراني ج7 ص95 وفضائل الصحابة لأحمد بن حنبل
ص560 وعن = = طبقات المحدثين بأصبهان، وعن الرسالة القوامية،
ومناقب الصحابة للسمعاني، والجمع بين الصحاح للعبدري الأندلسي،
وشرح الأرجوزة للآبي، ومفتاح النجا، وتجهيز الجيش والأربعون
حديثاً لعطاء الله الشيرازي، ومناقب العشرة.
وراجع: مصابيح السنة ص202 والمناقب للخوارزمي (ط مركز النشر
الإسلامي) ص108 و 115 وفرائد السمطين ج1 ص209 ـ 214. وجامع
الأصول (ط السنة المحمدية بمصر) ج9 ص471 وأسد الغابة ج4 ص30
وتذكرة الخواص ص44 وعن شرح نهج البلاغة للمعتزلي (ط القاهرة)
ج4 ص221 وكفاية الطالب ص144 ـ 156 وذخائر العقبى ص61 و 62
وتاريخ الإسلام للذهبي (الخلفاء الراشدون) ص633 والبداية
والنهاية ج7 ص305 و 351 و 350 و 353 ومشكاة المصابيح (ط دلهي ـ
الهند) ص564 وشرح ديوان أمير المؤمنين للميبدي (مخطوط) ص190
وكنوز الحقائق ص24 وذخائر المواريث ج1 ص18 وينابيع المودة ص56
و 203 عن الترمذي، وأبي داود، والجزلي والبغوي. وسعد الشموس
والأقمار (ط التقدم العلمية بالقاهرة سنة 1330) ص209 وتاريخ آل
محمد ص52 ومستدرك الحاكم ج3 ص130 و 131 وتلخيصه للذهبي (مطبوع
بهامشه ج3 ص130 و 131 ومجمع الزوائد ج9 ص125 و 126) ومقتل
الحسين للخوارزمي ج1 ص46 والمواقف للأيحجي (ط الأستانة مع شرح
الجرجاني) ج2 ص615 وتاريخ بغداد ج11 ص376 وج3 ص171 وج8 ص382
وج9 ص369 والإتحــاف ص8 وتــاريـخ = = جرجان ص134 وميزان
الإعتدال ج1 ص329 و 321 وج3 ص380 والعثمانية للجاحظ ص134 و 139
وحياة الحيوان (ط القاهرة) ج2 ص340 وذكر أخبار إصبهان ج1 ص232
ـ 205 وحلية الأولياء ج6 ص339 ومنتخب كنز العمال (مطبوع بهامش
مسند أحمد) ج5 ص53 وموضح أوهام الجمع والتفريق ج2 ص398 و 304
ونزهة المجالس ج2 ص212 وشرح المقاصد ج2 ص219 ولسان الميزان ج5
ص199 وج1 ص37 ونظم درر السمطين ص100 وأرجح المطالب (ط لاهور)
ص502 و 501 ومناقب سيدنا علي، للحيدرآبادي ص17 وأشعة اللمعات
(ط نول كشور) ج4 ص677 وشرح وصايا أبي حنيفة (ط إسلامبول) ص176
والنكت الظراف على الأطراف (مطبوع مع تحفة الأشراف) ص94 وجمع
الفوائد (ط بلدة ميرية في الهند) ج2 ص211 والرصف ص369 وكنز
العمال ( ط حيدر آباد ـ الدكن) ج15 ص147 ووسيلة النجاة (ط كلشن
فيض ـ لكنهو) ص114 وتحفة الأشراف بمعرفة الأطراف (ط بمبئ) ص94
وقرة العينين (ط بشاور) ص119 و 166 وتقريب المرام للسنندجي (ط
بولاق) ص332 وإتحاف السادة المتقين (ط الميمنية بمصر) ج7 ص120
ومرقاة المفاتيح (ط ملتان) ج11 ص343 ومودة القربى (ط لاهور)
ص87 وتفريح الآل والأحباب في مناقب الآل والأصحاب (ط الهند)
ص308 والإدراك للواسطي (ط كانبور) ص46 والبريقة المحمودية (ط
مصطفى الحلبي بالقاهرة) ج1 ص211 ومرآة المؤمنين ص34 والمعيار
والمـوازنـة ص224 والكامـل لابن عـدي (ط بيروت) ج6 = = ص2309 و
2449 وج2 ص793 و 773 وج7 ص2738 والجوهرة (ط دمشق) ص63 وعن
مختصر تاريخ دمشق (مخطوط) ج17 ص144 و 145.
وراجع: بحار الأنوار ج38 ص348 ـ 358 والأمالي للصدوق المجلس94
حديث3 ص389 والفصول المختارة ص60 فما بعدها، والطرائف ص18
وتذكرة الحفاظ ج3 ص1042 وعبقات الأنوار ج4 ودلائل الصدق ج2
ص280 فما بعدها، والعلل المتناهية ج1 ص227 و 228 وتاريخ دمشق
الكبير (ط دار إحياء التراث العربي سنة1421هـ) ج45 ص185 ـ 196
والأمالي للطوسي ص159 وعن الإحتجاج ج1 ص104 ـ 105 واليقين ص113
وبشارة المصطفى ص202 ـ 204.
([15])
دلائل الصدق ج2 ص283.
([16])ترجمة
الإمام علي من تاريـخ دمشق (بتحقيق المحمودي) ج2 ص105 وتاريخ =
= مدينة دمشق ج42 ص245 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج4 ص204
وج16 ص215 وج30 ص254 وعن مختصر تاريخ دمشق (ط دار الفكر) ج17
ص361 والمناقب للخوارزمي ص77.
([17])
راجع: الإحتجاج للطبرسي ج1 ص292 وبحار الأنوار ج38 ص348 ومدينة
المعاجز ج1 ص388.
([18])
فرائد السمطين ج1 ص214 وترجمة الإمام علي من تاريخ دمشق
(بتحقيق المحمودي) ج2 ص133 وتاريخ مدينة دمشق ج42 ص258
والمطالب العالية ج4 ص62 وتذكرة الخواص ص44 وعن مسند أحمد، وعن
مناقب العشرة للنقشبندي ص10 والعمدة لابن البطريق ص242
والطرائف لابن طاووس ص71 وبحار الأنوار ج38 ص355 وكتاب
الأربعين للماحوزي ص448 ونهج الإيمان ص331 وشرح إحقاق الحق
(الملحقات) ج5 ص360 وج21 ص239 و 242.
([19])
حلية الأولياء ج6 ص339 وكنز العمال (ط مؤسسة الرسالة) ج13 ص166
= = وتاريخ مدينة دمشق ج37 ص406 وشرح إحقاق الحق (الملحقات)
ج22 ص181 و 183.
([20])
المستدرك للحاكم ج3 ص131 وترجمة الإمام علي من تاريخ دمشق
(بتحقيق المحمودي) ج2 ص114 و 131 وموضح أوهام الجمع والتفريق
(ط حيدرآباد) ج2 ص304 والبداية والنهاية ج7 ص351 ومناقب الإمام
علي لابن المغازلي ص170 وأمالي المحاملي ص443 والمعجم الأوسط
ج2 ص206 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج5 ص334 و 361 وج16 ص171.
([21])
ترجمة الإمام علي من تاريخ دمشق (بتحقيق المحمودي) ج2 ص105
وتاريخ مدينة دمشق ج42 ص245 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج4
ص204 وج16 ص215 وج30 ص254 وعن مختصر تاريخ دمشق (ط دار الفكر)
ج17 ص361 والمناقب للخوارزمي ص77.
([22])
تاريخ بغداد ج1 ص376 والبداية والنهاية ج7 ص353 و (ط دار إحياء
التراث العربي) ج7 ص390 وترجمة الإمام علي من تاريخ دمشق
(بتحقيق المحمودي) ج2 ص107 وتاريخ مدينة دمشق ج42 ص245 وشرح
إحقاق الحق (الملحقات) ج5 ص344 وج5 ص359 وج16 ص173 وج30 ص242 =
= عن كفاية الطالب (ط الغري) ص62 وعن مختصر تاريخ دمشق (ط دار
الفكر) ج17 ص62.
([23])
مناقب الإمام علي لابن المغازلي ص 156 وكفاية الطالب ص155
وترجمة الإمام علي من تاريخ دمشق (بتحقيق المحمودي) ج2 ص119
وتاريخ مدينة دمشق ج42 ص250 و 251 والإمام علي بن أبي طالب
للهمداني ص310 وغاية المرام ج5 ص69 وشرح إحقاق الحق (الملحقات)
ج16 ص204 و30 ص244.
([24])
ترجمة الإمام علي من تاريخ دمشق (بتحقيق المحمودي) ج2 ص112
والبداية والنهاية ج7 ص350 وشرح الأخبار ج1 ص137 والإمام علي
بن أبي طالب للهمداني ص310 ونظم درر السمطين ص100 وحلية
الأولياء ج6 ص339 وكنز العمال (ط مؤسسة الرسالة) ج13 ص166
وتاريخ مدينة دمشق ج37 ص406 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج22
ص181 و 183 والفصول المهمة لابن الصباغ ج1 ص207.
([25])
مناقب الإمام علي لابن المغازلي ص161 ونهج الإيمان ص333
والإمام علي بن أبي طالب للهمداني ص310 وشرح إحقاق الحق
(الملحقات) ج5 ص337 وج16 ص201 وغاية المرام ج5 ص71 .
([26])
مناقب الإمام علي لابن المغازلي ص158 والعمدة لابن البطريق
ص244 وغاية المرام ج5 ص70 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج5 ص356
وج16 ص197.
([27])
فرائد السمطين ج1 ص214 وترجمة الإمام علي من تاريخ دمشق
(بتحقيق المحمودي) ج2 ص133 والمطالب العالية ج4 ص62 وتذكرة
الخواص ص44 وعن مسند أحمد، وعن مناقب العشرة للنقشبندي ص10
وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج5 ص360 وج16 ص171 وج21 ص239 و 242
والعمدة لابن البطريق ص242 والطرائف لابن طاووس ص71 وبحار
الأنوار ج38 ص355 وكتاب الأربعين للماحوزي ص448 وتاريخ مدينة
دمشق ج42 ص258 ونهج الإيمان ص331 .
([28])
كفاية الطالب ص151 وترجمة الإمام علي من تاريخ دمشق (بتحقيق
المحمودي) ج2 ص133 وتاريخ مدينة دمشق ج42 ص258 ومناقب الإمام
علي لابن المغـازلي ص168 وتاريخ بغداد ج14 ص317 وعوالي اللآلي
ج1 ص108 = = ومجمع الزوائد ج9 ص126 وسير أعلام النبلاء ج9 ص51
وعن حلية الأولياء ج10 ص243 وأمالي المحاملي ص445 والعهود
المحمدية ص159 والكامل لابن عدي ج7 ص122 وشرح إحقاق الحق
(الملحقات) ج5 ص322 و 337 و 361 وج16 ص171 و 181 و 201 وج30
ص245 و 252 والعمدة لابن البطريق ص245 والإمام علي بن
أبي طالب للهمداني ص310 وتاريخ مدينة دمشق ج42 ص254 وتاريخ
الإسلام للذهبي ج3 ص633 وغاية المرام ج5 ص71.
([29])
فرائد السمطين ج1 ص209 وتاريخ مدينة دمشق ج42 ص251 وشرح إحقاق
الحق (الملحقات) ج30 ص243 وعن مختصر تاريخ دمشق (ط دار الفكر)
ج17 ص62.
([30])
ترجمة الإمام علي من تاريخ دمشق (بتحقيق المحمودي) ج2 ص105
وتاريخ مدينة دمشق ج42 ص245 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج4
ص204 وج16 ص215 وج30 ص254 وعن مختصر تاريخ دمشق (ط دار الفكر)
ج17 ص361 والمناقب للخوارزمي ص77.
([31])
الآية 31 من سورة آل عمران.
([32])
شرج نهج البلاغة للمعتزلي، الجزء الأول، خطبة الكتاب..
([33])
خصائص الإمام علي بن أبي طالب للنسائي ص51 وترجمة الإمام علي
من تاريخ دمشق (بتحقيق المحمودي) ج2 ص27 والبداية والنهاية ج7
ص305 و (ط دار إحياء التراث العربي) ج7 ص388 وعن أبي يعلى،
ومجمع الزوائد ج9 ص125 والسنن الكبرى للنسائي ج5 ص107 وعن
مختصر تاريخ دمشق (مخطوط) ج17 ص144 و 145 ومسند أبي يعلى ج7
ص105 وقاموس الرجال للتستري ج12 ص39 وتاريخ مدينة دمشق ج42
ص254 وإمتاع الأسماع ج7 ص298 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج5
ص319 و 324 وج21 ص230 و 235 وج30 ص253.
([34])
ترجمة الإمام علي من تاريخ دمشق (بتحقيق المحمودي) ج2 ص112
والبداية والنهاية ج7 ص350 و (ط دار إحياء التراث العربي) ج7
ص387 وشرح الأخبار ج1 ص428 والإمام علي بن أبي طالب للهمداني
ص311 وتاريخ مدينة دمشق ج42 ص247 وشرح إحقاق الحق (الملحقات)
ج5 ص333 وج21 ص228 وج30 ص242.
([35])
مسند أحمد ج4 ص203 وج6 ص241 وصحيح البخاري (ط دار الفكر) ج4
ص192 وج5 ص113 وصحيح مسلم (ط ار الفكر) ج7 ص109 وسنن ابن ماجة
ج1 ص38 وسنن الترمذي ج5 ص364 و 365 و 366 وفضائل الصحابة
للنسائي ص8 والمستدرك للحاكم ج4 ص12 والسنن الكبرى للبيهقي ج6
ص370 وج7 ص299 وج10 ص233 وشرح مسلم للنووي ج15 ص153 وعمـدة
القـاري ج16 ص181 وج18 ص13 والمصنف لابن أبي شيبـة ج7 = =
ص476 ومنتخب مسند عبد بن حميد ص121 وبغية الباحث ص289 وكتاب
السنة لابن أبي عاصم ص564 والسنن الكبرى للنسائي ج5 ص39 وصحيح
ابن حبان ج15 ص309 و 326 وج16 ص40 والمعجم الكبير ج23 ص43 و
44 والإستيعاب (ط دار الجيل) ج3 ص967 وج4 ص1883 والجامع الصغير
للسيوطي ج1 ص37 وكنز العمال (ط مؤسسة الرسالة) ج12 ص133 و 500
و 510 و 523 وشرح مسند أبي حنيفة ص253 و 466 وفيض القدير ج1
ص218 وتفسير البغوي ج4 ص207 والجامع لأحكام القرآن ج14 ص218
والطبقات الكبرى لابن سعد ج3 ص176 وج8 ص67 وتاريخ بغداد ج11
ص423 وتاريخ مدينة دمشق ج3 ص199 وج30 ص134 و 135 و 136 و 137
وج44 ص221 وأسد الغابة ج5 ص503 وتهذيب الكمال ج35 ص235 وسير
أعلام النبلاء ج2 ص142 و 147 و 148 وميزان الإعتدال ج2 ص349
والإصابة ج4 ص149 وتهذيب التهذيب ج12 ص386 ولسان الميزان ج3
ص216 و تاريخ الإسلام للذهبي ج4 ص246 والوافي بالوفيات ج16
ص342 و البداية والنهاية (ط دار إحياء التراث العربي) ج3 ص283
وج5 ص238 وج8 ص100 وإمتاع الأسماع ج5 ص405 وعيون الأثر ج2 ص383
والسيرة النبوية لابن كثير ج2 ص333 وج3 ص520 و 521 وج4 ص435
وسبل الهدى والرشاد ج11 ص170 و 255 وعيون أخبار الرضا ج1 ص202
والإيضاح لابن شاذان ص254 وشرح الأخبار ج3 ص55 وذخائر العقبى
ص35 والصوارم المهرقة ص322 وبحار الأنوار ج33 ص224 وج49 ص192.
([36])
مسند أحمد ج1 ص356 ومناقب آل أبي طالب (ط الأضواء) ج1 ص293 و
(ط أخرى) ج1 ص293 و (ط المكتبة الحيدرية) ج1 ص203 عنه، وبحار
الأنوار ج22 ص521 وسنن ابن ماجة ج1 ص391 وتاريخ الأمم والملوك
ج2 ص439 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج13 ص33 و 35 والجمل للمفيد
ص227 وسفينة النجاة للتنكابني ص149 ومناقب أهل البيت
للشيرواني ص397 والمعجم الكبير للطبراني ج12 ص89.
([37])
مناقب آل أبي طالب (ط دار الأضواء) ج1 ص293 و (ط المكتبة
الحيدرية) ج1 ص203 وراجع: تاريخ مدينة دمشق ج42 ص393 ومناقب
علي بن أبي طالب لابن مردويه ص70 والمناقب للخوارزمي ص68 وشرح
الأخبار ج1 ص147 والأمالي للطوسي ص332 والطرائف لابن طاووس
ص154 والعقد النضيد والدر الفريد ص92 وجواهر المطالب لابن
الدمشقي ج1 ص175 وكشف الغمة ج1 ص100 والدر النظيم ص194 وكتاب
الأربعين للشيرازي ص128 وبحار الأنوار ج22 ص455 و 473 وج38
ص308 و 312 وخلاصة عبقات الأنوار ج3 ص287 وشرح إحقاق الحق
(الملحقات) ج4 ص335 وج15 ص527 و 528 و 529 وج21 ص670 و 671
وج22 ص212 و 213 وج30 ص652 وج31 ص52 وراجع: عمدة القاري ج18
ص71 وبشارة المصطفى ص373.
([38])
مناقب آل أبي طالب (ط دار الأضواء) ج1 ص293 و (ط المكتبة
الحيدرية) ج1 ص203 وبحار الأنوار ج22 ص521 والدر النظيم ص194.
([39])
الكافي ج2 ص308 وبحار الأنوار ج70 ص284 و 289 عن الكافي،
والأمالي للصدوق ص361 و (ط مؤسسة البعثة) ص704 وثواب الأعمال
ص241 و (ط منشورات الشريف الرضي) ص271 ووسائل الشيعة (ط مؤسسة
آل البيت) ج15 ص371 و (ط دار الإسلامية) ج11 ص296 ومستدرك
الوسائل ج12 ص26 وجامع أحاديث الشيعة ج13 ص440 ومستدرك سفينة
البحار ج7 ص250 ونور الثقلين ج5 ص71.
([40])
الكافي ج2 ص307 وبحار الأنوار ج70 ص291 و 283 وثواب الأعمال
ص241 ووسائل الشيعة (ط مؤسسة آل البيت) ج15 ص370 و 373 و (ط
دار الإسلامية) ج11 ص296 و 298 وجامع أحاديث الشيعة ج13 ص439
ومستدرك سفينة البحار ج7 ص250 ومعارج اليقين للسبزواري ص461
وأعلام الدين للديلمي ص401 والإثنا عشرية للحر العاملي ص196 و
197 ونور الثقلين ج5 ص72.
([41])
الكافي ج2 ص308 وبحار الأنوار ج70 ص284 و 291 وثواب الأعمال
ص241 ووسائل الشيعة (ط مؤسسة آل البيت) ج15 ص371 و (ط دار
الإسلامية) ج11 ص297 وجامع أحاديث الشيعة ج13 ص440 ونور
الثقلين ج5 ص72 ومعارج اليقين للسبزواري ص461 والإثنا عشرية
للحر العاملي ص196.
([42])
مناقب الإمام علي لابن المغازلي ص174 ومناقب علي بن أبي طالب
لابن مردويه ص140 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج30 ص249.
([43])
بحار الأنوار ج38 ص356 ومناقب الإمام علي لابن المغازلي ص166
وحياة الحيوان ج2 ص297 ونزهة المجالس ج2 ص212 والطرائف ص18 و
(ط الخيام ـ قم) ص73 وعن التبر المذاب، والعمدة لابن البطريق
ص248 وبحار الأنوار ج38 ص356 والصراط المستقيم ج1 ص193 وغاية
المرام ج5 ص73 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج16 ص196.
([44])
الكافي ج2 ص308 وبحار الأنوار ج70 ص288 ووسائل الشيعة (ط مؤسسة
آل البيت) ج15 ص373 و (ط دار الإسلامية) ج11 ص297 وجامع أحاديث
الشيعة ج13 ص441 ومستدرك سفينة البحار ج7 ص251 ونور الثقلين ج5
ص73 والإثنا عشرية للحر العاملي ص197 وراجع: طبقات خليفة ص207
وأسد الغابة ج5 ص332 .
([45])
راجع: نهج البلاغة (بشرح عبده) ج2 ص150 وبحار الأنوار ج14 ص472
ومستدرك سفينة البحار ج7 ص251 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج13
ص166 ونور الثقلين ج4 ص338 وحياة الإمام الحسين «عليه السلام»
للقرشي ج1 ص416.
([46])
راجع: صراع الحرية في عصر المفيد.
([47])
حلية الأولياء ج6 ص339 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج5 ص346.
([49])
الآية 54 من سورة النساء.
([50])
الآية 109 من سورة البقرة.
([51])
كفاية الطالب ص155 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج5 ص344.
([52])
مقتل الحسين للخوارزمي ج1 ص46 ومناقب علي بن أبي طالب لابن
مردويه ص141 و 142 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج5 ص328.
([53])
دلائل الصدق ج2 ص283.
([54])
دلائل الصدق ج2 ص283.
([55])
دلائل الصدق ج2 ص283.
([56])
تاريخ مدينـة دمشـق ج29 ص179 و (ط دار الفكـر) ج29 ص179 ترجمـة
= = عبد الله بن سليمان بن الأشعث، المعروف بأبي بكر بن أبي
داود الأزدي السجستاني، والكامل لابن عدي ج4 ص266 وسير أعلام
النبلاء ج13 ص231 و 517.
([57])
الآية 10 من سورة التحريم.
([58])
الآية 17 من سورة الليل.
([59])
دلائل الصدق ج2 ص282 ـ 283.
|