وفور انتقال رسول الله «صلى الله عليه وآله» إلى الرفيق
الأعلى، بادر عمر بن الخطاب إلى إنكار موته «صلى الله عليه وآله» وقال:
ما مات رسول الله، ولا يموت، حتى يظهر دينه على الدين كله. وليرجعن
وليقطعن أيدي رجال وأرجلهم ممن أرجف بموته. لا أسمع رجلاً يقول: مات
رسول الله إلا ضربته بسيفي.
واستمر على هذا الحال يحلف للناس على صحة ما يقول حتى
ازبد شدقاه، إلى أن جاء أبو بكر من السنح، وهو موضع يبعد عن المسجد
ميلاً واحداً، فكشف عن وجه رسول الله «صلى الله عليه وآله»، ثم خرج
فقال لعمر الذي ما زال يحلف: أيها الحالف على رسلك.. وأمره ثلاث مرات
بالجلوس، فلم يفعل.
ثم قام خطيباً في ناحية أخرى، فترك الناس عمر وتوجهوا
إلى أبي بكر، فقال: من كان يعبد محمداً، فإن محمداً قد مات، ومن كان
يعبد الله فإن الله حي لا يموت، ثم تلا قوله تعالى:
﴿أَفَإِنْ
مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ﴾([1]).
وأظهر عمر أنه سلم وصدق، قائلاً:
كأني لم أسمع هذه الآية([2]).
وروى ابن إسحاق والبخاري عن أنس
قال:
لما بويع أبو بكر في السقيفة، وكان الغد جلس أبو بكر فقام عمر فتكلم،
وأبو بكر صامت.
فقال:
أيها الناس، إني كنت قلت لكم بالأمس مقالة ما كانت إلا عن رأيي، وما
وجدتها في كتاب الله، ولا كانت عهداً عهده إلي رسول الله «صلى الله
عليه وآله». ولكن كنت أرجو أن يعيش رسول الله فيدبرنا، ويكون آخرنا
موتاً، وإن الله أبقى فيكم كتابه الذي به هدى الله ورسوله، فإن اعتصمتم
هداكم الله كما هداكم به([3]).
ونقول:
السنح مكان يبعد عن المسجد بمقدار ميل واحد([4]).
وقيل:
هو عالية من عوالي المدينة([5]).
وأدنى العوالي كما يقول ياقوت
الحموي:
يبعد عن المدينة أربعة أميال أو ثلاثة([6]).
فقولهم:
إن منزل أبي بكر يبعد عن مسجد المدينة ميلاً واحداً لا يصح، إلا إن كان
مرادهم مسجد قباء لا مسجد النبي «صلى الله عليه وآله»..
والمفروض ـ حسب زعمهم ـ:
أن أبا بكر حريص على رسول الله «صلى الله عليه وآله» إلى حد دفعه حرصه
إلى التمرد عليه، والإمتناع عن امتثال أمره بالكون في جيش أسامة.. رغم
أن رسول الله لعن من تخلف عن ذلك الجيش!! فلماذا تركه إذن وذهب إلى
السنح؟!
وثمة سؤال آخر، وهو:
لماذا أسكن أبو بكر زوجته في ذلك المكان البعيد؟!
هل لأن أبا بكر كان يحب الخلوة، والإبتعاد عن الضوضاء؟!
أم لأنه كان يحتاج إلى هذه الخلوة لتمشية بعض الأمور
التي تحتاج إلى ذلك؟!
أم ماذا؟!
1 ـ
ثم إننا لا ندري من أين علم عمر بحرمة أن يقول القائل: إن النبي «صلى
الله عليه وآله» مات، وأنه يستحق العقوبة بذلك؟!
2 ـ
وكيف يحرم أن يقال: مات، ولا يحرم أن يقال: يهجر؟! وهل سيبقى يهجر بعد
رجوعه أو أنه سيعود إلى رشده؟!
3 ـ
من الذي أخبر عمر: أن النبي «صلى الله عليه وآله» سيرجع؟!
4 ـ
من أين سيرجع، أمن سفر، أم من موت، أم من إغماء؟!
وزعمت بعض النصوص:
أنه غيبته كغيبة موسى بن عمران؟!
5 ـ
من أين علم أن النبي «صلى الله عليه وآله» لم يمت؟!
6 ـ
من أين علم عمر أن النبي «صلى الله عليه وآله» سيموت، بعد أن يظهر دينه
على الدين كله؟! وما معنى هذا التعبير؟!.
7 ـ
هل كفَّر عمر عن أيمانه التي كان يطلقها ليقنع الناس بصحة ما يقول، ثم
ظهر عدم صحة شيء من تلك الأقوال؟!
1 ـ
إذا كان النبي «صلى الله عليه وآله» سيرجع، ويعاقب من أرجف بموته، بقطع
أيديهم وأرجلهم، فلماذا يتهددهم بضربهم عمر بسيفه؟!
2 ـ
من الذي خول عمر معاقبة الناس على مخالفاتهم؟
ومن الواضح:
أن ما فعله عمر لم يكن له أي أثر سوى إضاعة الوقت، وتأخير إعلان موت
النبي «صلى الله عليه وآله» والحؤول دون انتشار خبر موته، والمنع من
المبادرة إلى أي إجراء إلى حين مجيء أبي بكر من السنح.. وهكذا كان..
وحين أنكر عمر موت رسول الله «صلى
الله عليه وآله» قرأ عمرو بن زائدة على عمر وعلى الصحابة قوله تعالى:﴿أَفَإِنْ
مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ﴾. وقرأ عليه
أيضاً قوله تعالى: ﴿إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ﴾([7]).
ولكن عمر بقي مصراً على موقفه إلى أن جاء أبو بكر، وقرأ
الآية الأولى، فتراجع عمر فوراً، فلماذا أصر أولاً، ثم تراجع ثانياً،
مع أن الآية المذكورة قرأت عليه في الموردين؟!
ثانياً:
إن آية ﴿انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ﴾([8])
لا تحدد وقتاً لموت النبي «صلى الله عليه وآله»، لا بعد ظهور دينه، ولا
قبله.
ثالثاً:
قول عمر في رزية يوم الخميس، حسبنا كتاب الله، ومنعه النبي من كتابة أي
شيء، يستبطن الإعتراف بموت النبي وبقاء عمر، والناس بعده.. فلماذا أنكر
موته الآن؟!
وقد ذكر العلامة المظفر «رحمه
الله»:
أنه بعد أن اجتمع الرجلان: أبو بكر وعمر، وانتهت مهزلة إنكار موت رسول
الله «صلى الله عليه وآله»، لم يطل مقامهما «حتى جاء اثنان من الأوس
مسرعين إلى دار النبي، وهما: معن بن عدي، وعويم بن ساعدة. وكان بينهما
وبين سعد الخزرجي المرشح للخلافة موجدة قديمة، فأخذ معن بيد عمر بن
الخطاب، ولكن عمر مشغول بأعظم أمر، فلم يشأ أن يصغي إليه، لولا أنه كان
يبدو على معن الإهتمام، إذ يقول له: «لا بد من قيام»، فأسرَّ إليه
باجتماع الأنصار، ففزع أشد الفزع.
وهو الآخر يصنع بأبي بكر ما صنع معن معه، فيسر إلى أبي
بكر بالأمر، وهو يفزع أيضاً أشد الفزع.
فذهبا يتقاودان مسرعين إلى حيث مجتمع الأنصار، وتبعهما
أبو عبيدة بن الجراح، فتماشوا إلى الأنصار ثلاثتهم.
أما علي ومن في الدار، وفي غير الدار من بني هاشم،
وباقي المهاجرين والمسلمين، فلم يعلموا بكل الذي حدث، ولا بما عزم عليه
أبو بكر وعمر.
ألم تكن هذه الفتنة التي فزع لها أبو بكر وعمر أشد
الفزع ـ على حد تعبيرهم ـ تعم جميع المسلمين بخيرها وشرها، وأخص ما تخص
علياً «عليه السلام»، ثم بني هاشم؟
أوليس من الجدير بهما أن يوقفاهم على جلية الأمر،
ليشاركوهما في إطفاء نار الفتنة الذي دعاهما إلى الذهاب إلى مجتمع
الأنصار مسرعين؟!
ثم لماذا يخص عمر أبا بكر بالإسرار إليه دون الناس، ثم
أبا عبيدة»؟([9]).
هذا.. وقد ذكرنا بعض ما جرى في السقيفة وفي غيرها، وبعض
ما استدلوا به على الأنصار، لإثبات أحقية أبي بكر بالخلافة، وبينا
خطلها في كتابنا: الصحيح من سيرة النبي الأعظم «صلى الله عليه وآله»
ج33، فصل: ما جرى في السقيفة، فراجع..
وقد تهدد عمر الأنصار بالقتل في يوم السقيفة، وحين عبر
الأنصار عن مخاوفهم من المهاجرين، وطالبوا بضمانات، ولو بأن يكون منهم
أمير، ومن المهاجرين أمير بادر إلى الإستنصار بالعرب، وقال:
«لن ترضى العرب إلا به، ولن تعرف العرب الإمارة إلا له،
ولن يصلح إلا عليه».
ثم أطلق قراره الحاسم والجازم الذي
أكده بالقسم، فقال:
«والله لا يخالفنا أحد إلا قتلناه».
فكثر اللغط، وارتفعت الأصوات، حتى كادت الحرب تقع،
وأوعد بعضهم بعضاً، وبايع أبا بكر عمر وأبو عبيدة، وبشير بن سعد، وأسيد
بن حضير.. ولعل عويم بن ساعدة، ومعن بن عدي، اللذين جاءا بأبي بكر وعمر
إلى السقيفة قد بايعاه أيضاً.
ولم يُسَمَّ أحد لنا غير هؤلاء، سوى خالد بن الوليد،
وسالم مولى أبي حذيفة، مع الشك في حضورهما في السقيفة، فلعلهما لحقا
بعض ما جرى، أو بايعاه في الطريق.
وإذا كان الإختلاف قد نما حتى كادت الحرب أن تقع، وقد
توعد بعضهم بعضاً، ومع إطلاق هذا التهديد والوعيد القوي والحاسم من عمر
كيف يقال: إن البيعة لأبي بكر كانت عن رضى، وإجماع؟!!
ويبدو أن أبا بكر وحزبه الذين ذكرنا أسماءهم، تركوا
الأنصار في سقيفتهم يختلفون فيما بينهم، ويتلاومون، ويتجادلون، ويتهم
بعضهم بعضاً، وخرجوا إلى المسجد، ليفاجئوا علياً «عليه السلام» بالأمر
الواقع، وليتدبروا الأمر قبل أن يصل الخبر إلى مسامع علي «عليه السلام»
وبني هاشم، فيقع ما لم يكن بالحسبان..
علي
يحارب بالشائعة:
وحين بدأت التجاذبات في السقيفة، وبدأت كفة أبي بكر
بالرجحان على سعد بن عبادة قال بعض الأنصار: «إن فيكم لرجلاً لو طلب
هذا الأمر لم ينازعه فيه أحد»، يعني علياً «عليه السلام»([10]).
فدلت هذه الكلمة على أن ثمة من قال
لهم:
إن علياً «عليه السلام» قد عزف عن هذا الأمر، ولم يعد يطلبه.. ولكن
سذاجة الأنصار، ومفاجأة المهاجرين لهم بهذه الأمور، وتلاحق الأحداث لم
يبق فرصة جعل الأنصار في مأزق أعجلهم عن التأمل والتفكير في صحة هذه
الدعاوى. مع أنها كانت بديهية البطلان، فإن في أعناقهم بيعة لعلي «عليه
السلام»، أخذها له رسول الله «صلى الله عليه وآله» منهم يوم الغدير.
ولو كان علي قد صرف النظر بالفعل، إن كان يحق له ذلك، فعليه أن يعلنه
على الملأ. وأن يقيل الناس من بيعتهم بصورة علنية.
كما أن ثبوت البيعة لعلي «عليه السلام» في أعناقهم
تغنيه عن طلب هذا الأمر، وذلك واضح..
وربما قيل ذلك لتبرير نقضهم لبيعة الغدير، لأنه إذا كان
صاحب الحق قد تخلى عن حقه، فلا بأس بطلب هذا الأمر، حفظاً لنظام الأمة،
وسعياً في إبعاد الإختلاف عنها. والأنصار لم يكونوا في أكثرهم أهل حنكة
سياسية ودهاء..
ولكن هذه الشائعات لم تفلح في اقتلاع علي «عليه السلام»
من نفوس الناس، بل بقوا يرون فيه المنقذ، والأمل الذي تسكن إليه
النفوس..
ولذلك نلاحظ:
أنه بعد نجاح أبي بكر في إزاحة سعد بن عبادة، وضاعت الفرصة من يد
الأنصار هتف فريق منهم: لا نبايع إلا علياً([11]).
وتدلنا هذه الكلمة على أنه حتى الذين بادروا إلى
الإستئثار بالأمر كانوا يثقون بأن إساءتهم لعلي «عليه السلام»، ولو
بهذا المستوى من الشناعة والبشاعة لا تدفعه إلى التخلي عن واجبه الديني
والأخلاقي تجاههم، ولا تدعوه إلى معاملتهم بما يستحقونه من مقت، وطرد
وإبعاد، بل هو الإنسان العدل الحكيم، والصفوح الحليم، الذي لا يفرط
بالحق، ولا يحيد عنه قيد شعرة.
وروى ابن عقبة ـ بأسناد جيد ـ عن
إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف:
أن رجالاً من المهاجرين غضبوا في بيعة أبي بكر، منهم علي والزبير،
فدخلا بيت فاطمة بنت رسول الله «صلى الله عليه وآله» ومعهما السلاح،
فجاءهما عمر بن الخطاب في عصابة من المهاجرين والأنصار، فيهم أسيد بن
حضير وسلمة بن سلامة بن وقش الأشهليان، وثابت بن قيس بن شماس الخزرجي،
فكلموهما حتى أخذ أحدهم سيف الزبير فضرب به الحجر حتى كسره.
ثم قام أبو بكر فخطب الناس، واعتذر
إليهم، وقال:
والله ما كنت حريصاً على الإمارة يوماً قط ولا ليلة، ولا سألتها الله
تعالى قط سراً ولا علانية. ولكني أشفقت من الفتنة وما لي في الإمارة من
راحة، ولكني قلدت أمراً عظيماً ما لي به طاقة ولا يدان، إلا بتقوية
الله تعالى، ولوددت أن أقوى الناس عليها مكاني اليوم.
فقبل المهاجرون منه ما قاله، وما
اعتذر به، وقال علي والزبير:
ما غضبنا إلا أنا أخرنا عن المشورة، وإنا لنرى أن أبا بكر أحق الناس
بها بعد رسول الله «صلى الله عليه وآله».
وإنه لصاحب الغار، وثاني اثنين.
وإنا لنعرف له شرفه.
ولقد أمره رسول الله «صلى الله عليه وآله» بالصلاة
بالناس وهو حي([12]).
ونقول:
هذا النص يظهر علياً بصورة المتمرد على صاحب الحق،
والظالم له، ويصور أبا بكر بصورة الإنسان المظلوم الزاهد بالمناصب،
الحريص على درء الفتنة، ويتمنى لو يجد من هو أقوى منه ليتخلى له عن ذلك
المقام.. في إشارة إلى أن علياً «عليه السلام» لا يملك هذه القوة التي
كانت لأبي بكر..
ثم هو يظهر تفاهة تفكير علي «عليه السلام» والزبير..
ويظهر أيضاً أن علياً «عليه السلام» يدلس على الناس في
إظهاره الزهد بالدنيا..
أو أنه ـ والعياذ بالله ـ يكذب على الناس بتظاهره بأنه
غضب لدينه، وهو إنما غضب لنفسه، لأنه أخر عن المشورة.
ثم هو يقدم علياً بصورة الذي أدركته لمسة وجدانية، فصار
يعترف بأحقية أبي بكر، ويقيم الأدلة على ذلك..
أما بالنسبة لزعمهم أن علياً «عليه السلام» بادر إلى
مبايعة أبي بكر، وأنه كان يستدل لهم على صحة خلافته بما تقدم، فنقول:
إن هؤلاء المفتئتين على الحق والحقيقة لا يذكرون أن
علياً «عليه السلام» لم يحضر السقيفة..
ولكن أهل السقيفة رجعوا إليه من سقيفتهم، ليهاجموه وهو
في داخل بيته.
فقد رجع أهل السقيفة إلى المسجد، وطرقوا الباب على علي
«عليه السلام»، بعد فراغه من دفن النبي «صلى الله عليه وآله»، وكانت
زوجته فاطمة الزهراء «عليها السلام» وراء الباب عند القبر، وكأنها تبكي
أباها، وتناجيه، وتودعه بدموعها، وبكلماتها الأخيرة، فسألت: من
الطارق؟! وإذ بهم يقتحمون عليها الباب بعنف، فعصروها بين الباب
والحائط، فصرخت، وأسقطت جنينها..
فسمع علي «عليه السلام» صوتها، فبادر المهاجمين،
فهربوا، وخلَّوها رهينة الآلام، والأوجاع قد حصل وكل ذلك في ثوان
معدودة.
وانصرف علي «عليه السلام» لإسعاف سيدة النساء، وبقي
معها إلى الصباح، وهم مكتنفون باب داره.
وجاء أبو بكر في الصباح إلى المسجد، وجلس على المنبر،
وصار الناس يبايعونه.
ولعل الزبير تسلل في هذه الفترة إلى داخل بيت علي «عليه
السلام»..
وجاء عمر، وخالد، وأسيد بن حضير، ومعاذ بن جبل، ومحمد
بن مسلمة، وثابت بن قيس بن شماس الخزرجي، وسلامة بن وقش، وقنفذ،
والمغيرة في عصابة آخرين إلى بيت الزهراء وعلي «عليهما السلام». وجاؤوا
بالحطب، وأضرموا النار بباب فاطمة «عليها السلام».
ولعل الزبير خرج إليهم في تلك اللحظة، فأخذوا سيفه
فضربوا به الحجر فكسروه. ثم اقتحموا البيت على علي «عليه السلام»،
وحاولت «عليها السلام» أن تدفعهم مرة أخرى، فضربوها، وأخرجوه ملبباً،
لكي يبايع.
فخرجت
«عليها السلام»
خلفه، فضربوها أيضاً، وأرجعها سلمان إلى البيت بأمر من علي «عليه
السلام». ثم تُرِكَ علي «عليه السلام».. فعاد إلى البيت.
وبعد ثمانية أو عشرة أيام أخذت منها فدك، وتعرضت للضرب
مرة أخرى أيضاً..
وفي ليلة الثلاثاء بعد دفن النبي «صلى الله عليه وآله»
مباشرة دخلت إلى المدينة ـ وهي بلد صغير الحجم، قليل عدد السكان ـ عدة
ألوف من المقاتلين، من قبائل النفاق التي كانت حول المدينة، ولا سيما
قبيلة أسلم، وأخذوا مسالكها، وملأوا أزقتها، وتضايقت بهم سككها، فقوي
بهم جانب أبي بكر، وأيقن عمر بالنصر، واختبأ المؤمنون في بيوتهم، وهم
قلة قليلة جداً، وصار عمر وجماعة معه يدورون على البيوت، وبعض الناس
يدلونهم عليهم، فيقولون لهم: في هذا البيت يوجد اثنان. وفي ذاك يوجد
ثلاثة، أو واحد أو أكثر، فيقتحمون عليهم البيوت، ويخرجونهم بالقوة،
ويسحبونهم إلى المسجد للبيعة..
ولم يكن مع علي «عليه السلام» في بيته من يصول به على
المهاجمين، أو من ينتصر به. ولو أنه ظهر لهم: أنه يريد قتالهم، فلا شك
في أنهم سوف لا يبقون على أي مؤمن في المدينة، بل هم سيقتلونهم كيداً
منهم لعلي «عليه السلام»، فإن السكك كانت مشحونة بالمقاتلين، ولا
يستطيع أحد أن يظهر رأسه منها، فضلاً عن أن يتمكن من الإلتحاق بعلي
«عليه السلام» لنصرته، أو ليقاتل معه..
ولو أن تلك الثلة القليلة من المؤمنين قتلت فعلى من
سيتأمر علي «عليه السلام»؟! وبمن سوف يقيم الدولة، ويحفظ أمن الناس،
وبمن يدفع الأعداء؟!
وقال أبو بكر:
إنه أشفق من الفتنة، مع أن الحقيقة هي: أنه لو ترك هذا الأمر، لتسير
الأمور فيه وفق توجيهات رسول الله «صلى الله عليه وآله»، لم يبق مكان
للفتنة.
ولو أنهم لم يتهموا رسول الله بالهجر.
ولو أطاعوه في الخروج في جيش أسامة.
ولو تركوه يكتب لهم الكتاب الذي لن يضلوا بعده.
ولو تركوه ينصب لهم أمير المؤمنين «عليه السلام» يوم
عرفة..
ولو لم يستأثر أبو بكر بالأمر لنفسه، فلماذا تضرب
الزهراء «عليها السلام»، ويسقط جنينها، وهي التي يغضب الله لغضبها؟!
وقد قالت الزهراء «عليها السلام»
رداً على هذه المقالة:
«أزعمتم خوف الفتنة؟! ألا في الفتنة سقطوا»([13]).
4 ـ
إن أبا بكر يقول: إنه كان يودّ أن يكون مكانه من هو أقوى منه على حمل
مسؤولية الأمارة.
والسؤال هو:
من أين علم أبو بكر أنه هو الأقوى من سائر الصحابة على حمل هذه
المسؤولية؟!
ولماذا لا يكون الأقوى هو الذي نصبه الله ورسوله لها،
وهو الجامع للصفات المطلوبة فيها دون سواه، وهو علي «عليه السلام»،
فإنه هو الأعلم، والأتقى، والأشجع والأقوى، والأزهد، والأعظم جهاداً،
ومؤازرة، وبذلاً لنفسه في الله ورسوله من جميع البشر.
وأما الإستدلال على أحقية أبي بكر بالخلافة بما زعموه
من أنه صلى بالناس في مرض رسول الله «صلى الله عليه وآله»، وبأنه صاحب
النبي «صلى الله عليه وآله» في الغار، فهو مكذوب على أمير المؤمنين
«عليه السلام». بلا ريب، وقد ذكرنا ذلك أكثر من مرة.. فلا حاجة إلى
الإعادة.
غير أننا نعود لتذكير القارئ بما يلي:
ألف:
إن الصلاحية لإمامة الجماعة لا تعني الصلاحية لإمامة الأمة.
ب:
إن الصحبة في الغار لا تعني أن ذلك الصاحب عالم، أو شجاع، أو تقي، أو
مدبر، أو غير ذلك.. ليصح الإستدلال بها على أهليته للإمامة والخلافة.
ج:
قلنا: إن الصحبة في الغار قد بينت وأثبتت أن ذلك الصاحب فاقد لأبسط
الأمور التي تؤهله لأدنى مقام.. بل إن آية الغار قد أظهرت موجبات القدح
فيه، كما أوضحناه في كتابنا: الصحيح من سيرة النبي الأعظم «صلى الله
عليه وآله»..
قال ابن إسحاق:
ولما قبض رسول الله «صلى الله عليه وآله» انحاز هذا الحي من الأنصار
إلى سعد بن عبادة في سقيفة بني ساعدة، واعتزل علي بن أبي طالب، والزبير
بن العوام، وطلحة بن عبيد الله في بيت فاطمة، وانحاز بقية المهاجرين
إلى أبي بكر، وانحاز معهم أسيد بن حضير في بني عبد الأشهل.
فأتى آت إلى أبي بكر وعمر فقال:
إن هذا الحي من الأنصار مع سعد بن عبادة في سقيفة بني ساعدة، وقد
انحازوا إليه، فإن كان لكم بأمر الناس حاجة فأدركوا قبل أن يتفاقم
أمرهم.
ورسول الله «صلى الله عليه وآله» في بيته لم يفرغ من
أمره، قد أغلق دونه الباب أهله.
قال عمر:
فقلت لأبي بكر: انطلق بنا إلى إخواننا هؤلاء حتى ننظر ما هم عليه([14]).
ونقول:
إن علياً «عليه السلام» لم يعتزل أهل السقيفة في بيت
فاطمة، بل كان «عليه السلام» منشغلاً بتغسيل وتجهيز رسول الله «صلى
الله عليه وآله» ـ حسب تصريح الرواية نفسها ـ وبعض بني هاشم كانوا
بالقرب منه يلبون ما يطلبه منهم..
وأهل السقيفة هم زعماء الأوس والخزرج، ولحق بهم أربعة
أو خمسة أشخاص من المهاجرين، وبايع هؤلاء المهاجرون واحداً منهم، ولم
يرض أكثر الأنصار آنئذٍ بذلك، ثم خرج أولئك المهاجرون، ومعهم بضعة رجال
من الأنصار إلى المسجد، فلحق بهم غيرهم في الطريق وفي المسجد، فصاروا
جماعة، وهاجموا الزهراء، وعلياً «عليهما السلام» في بيتهما..
وأما سائر الناس، فهم إما في بيوتهم، وهم الأكثر، أو في
المسجد، أو في أعمالهم، أو في غير ذلك من شؤون..
إن الذين وردوا على الأنصار هم:
1 ـ
أبو بكر بن أبي قحافة.
2 ـ
عمر بن الخطاب.
3 ـ
أبو عبيدة.
وأضاف بعضهم:
سالماً مولى أبي حذيفة.. وربما أضيف خالد أيضاً، ولعلهما جاءا
متأخرين..
وقد استطاع هؤلاء بمساعدة أسيد بن حضير، وعويم بن
ساعدة، ومعن بن عدي، وبشير بن سعد أن يبتزوا الأوس والخزرج ما كانوا
يرونه في أيديهم..
ولم يكلفهم الحصول على هذا الأمر سوى كلمات يسيرة
أوردها أبو بكر، وهي التالية: «إن هذا الأمر إن تطاولت إليه الخزرج لم
تقصر عنه الأوس، وإن تطاولت إليه الأوس لم تقصر عنه الخزرج، وقد كانت
بين الحيين قتلى لا تنسى، وجراح لا تداوى.
فإن نعق منكم ناعق جلس بين لحيي أسد، يضغمه المهاجري،
ويجرحه الأنصاري.
وأنتم يا معشر الأنصار من لا ينكر فضلكم في الدين، ولا
سابقتكم العظيمة في الإسلام، رضيكم الله أنصاراً لدينه ولرسوله، وجعل
إليكم هجرته، وفيكم جلة أزواجه وأصحابه، فليس بعد المهاجرين الأولين
عندنا بمنزلتكم، فنحن الأمراء، وأنتم الوزراء»([15]).
ونوضح بعض مرامي هذه الخطبة على النحو التالي:
1 ـ
بدأ أبو بكر خطابه برشوة شكلية للأنصار، حين ذكر فضلهم وسابقتهم،
واعتبرهم أول من آمن ونصر، إلخ.. فأرضى بذلك غرورهم، واستمال الكثيرين
منهم إليه، وأوحى لهم بأنه يريد إنصافهم، وليس بصدد التنافس معهم،
ومفاخرتهم..
2 ـ
فإذا عاد وقدم المهاجرين عليهم، وجعل الأنصار في درجة تلي درجتهم، فلن
يتهم بالتعصب لفريقه، ويكون قد مهد السبيل لترتيب الآثار على هذا
التقديم، من أسهل طريق، وتأتي تلك النتيجة طبيعية ومقبولة..
3 ـ
وقد حرص على أن لا يطلق تفضيله للمهاجرين، لأن ذلك سيكون غير مقبول،
فخص منهم المهاجرين الأولين بالتقديم.
4 ـ
ثم تحاشى أي تعبير يدل على استبعاد الأنصار، بل أزاحهم بطريقة توحي
بأنه يريد مشاركتهم، حين قال لهم: نحن الأمراء، وأنتم الوزراء..
5 ـ
ثم أذكى طموح بعض الأنصار، واستفزهم لمناوأة سعد بن عبادة ومنافسته،
حين حرك فيهم عرقهم القبلي وعصبيتهم العشائرية التي وصفها النبي بأنها
منتنة.. حيث ذكر: أن الأمير إن كان من الأوس، فلن ترضى به الخزرج،
وكذلك العكس.
6 ـ
ثم ذكرهم بإحن الجاهلية، وبما كان بينهم من حروب وترات، وآلام وجراح،
فادعى لهم أنها لا تنسى؟!
مع أن الإسلام كان قد أخمدها، وكان البلسم الشافي لها،
لو التزموا بتعاليمه، ومفاهيمه..
7 ـ
فضعف بذلك أمر سعد، ثم أكد هذا الإستضعاف العملي لسعد وللأنصار حين
تهددهم عمر، وأهان سعداً، واعتبره هو وكل من يطلب هذا الأمر من الأنصار
ناعقاً..
8 ـ
ثم تقدم أبو بكر خطوة أخرى، فجعل المهاجرين حكاماً على الناس، يقررون
لأنفسهم ولغيرهم، ويعزلون وينصبون، وأخرج الأنصار عن دائرة المشاركة في
الإختيار.
9 ـ
ثم استدل على أحقية المهاجرين من الأنصار بأنهم أولياء الله وعشيرته،
فأسقط بذلك حجج الأنصار، وجعلهم غرباء عن هذا الأمر، مدلين بباطل،
متهماً إياهم بأنهم بصدد إعادة حكم الجاهلية.. وهو ما لا يرضاه منهم
أحد من المسلمين.
10ـ
ثم أخرج موقف الأنصار عن دائرة الحكمة، والتعقل والتدبير السليم، ليصبح
إفساداً لأمر الناس، ومن أعمال الفتنة
11 ـ
وبذلك يصبح الأنصار موضع التهمة، ويثير الشك والشبهة في أمرهم لدى كل
من يرغب بمساعدتهم والكون إلى جانبهم، فإنه يصبح متهماً مثلهم بإثارة
الفتنة.
12ـ
ثم أدخل اليأس إلى نفوس الأنصار في أن تستقيم لهم الأمور، حين قرر أن
العرب لا تدين إلا لهذا الحي من قريش.
ثم جاء عمر بن الخطاب ليؤكد ذلك التهديد والوعيد، وسائر
المضامين التي سجلها أبو بكر، فقال مجيباً على مقولة أحد الأنصار: منا
أمير ومنكم أمير
بقوله:
«لا يجتمع اثنان في قرن، والله لا ترضى العرب أن
يؤمروكم ونبيها من غيركم، ولكن العرب لا تمتنع أن تولي أمرها من كانت
النبوة فيهم، وولي أمورهم منهم.
ولنا بذلك على من أبى من العرب الحجة الظاهرة، والسلطان
المبين.
من ذا ينازعنا سلطان محمد وإمارته، ونحن أولياؤه
وعشيرته إلا مدل بباطل، أو متجانف لإثم، أو متورط في هلكة»([16]).
وبعد أن أظهر بشير بن سعد اقتناعه بحجة أبي بكر وعمر،
وتسليمه بأن لا نصيب للأنصار في الحكم والحاكمية، بادر أبو بكر إلى
إظهار زهده في هذا الأمر، والتحدث بطريقة توحي بأنه ينأى بنفسه عن هذا
المقام، وأنه إنما كان يتكلم لمجرد إحقاق الحق، فقال مشيراً إلى عمر،
وإلى أبي عبيدة: قد رضيت لكم أحد هذين الرجلين، فأيهما شئتم فبايعوا.
لقد قال أبو بكر هذا مع علمه بأنهما سيردان الأمر إليه،
ربما لأنهم كانوا متفقين على ذلك.
وربما لعلمه بعدم جرأتهما على القبول بالتقدم عليه،
لأكثر من سبب..
وهكذا كان، فبايعاه وسبقهما بشير بن سعد بالبيعة،
وبايعه أيضاً قريبه أسيد بن حضير، وعويم بن ساعدة، ومعن بن عدي، وسالم
مولى أبي حذيفة فيما قيل.
وترك هؤلاء سقيفة أولئك، ليواصلوا فيها نزاعاتهم،
وخرجوا إلى المسجد لمعالجة أمر علي وبني هاشم، وجماعات آخرين، وذلك
بوضعهم أمام الأمر الواقع، ومواجهتهم بأمر قد قضي، وإيهامهم بأنه لا
ثمرة، بل لا مجال للنقاش فيه، ولا للعودة عنه.
وبعد كل العنف الذي مارسه الذين بايعوا أبا بكر، ورغم
كل حشودهم وتهديداتهم.. وبعد مرور أيام كثيرة قضوها في الترهيب
والترغيب، فقد
تخلف عن بيعة
أبي بكر جماعة منهم:
بنو هاشم، وعلي، والعباس، والفضل بن العباس، وعتبة بن أبي لهب، وسعد بن
عبادة، وسلمان، وعمار، والمقداد، وأبو ذر، وأبي بن كعب، وسعد بن أبي
وقاص، والزبير، وطلحة، والبراء بن عازب، وخزيمة بن ثابت، وفروة بن عمرو
الأنصاري، وخالد بن سعيد بن العاص([17]).
والذين بايعوه إنما بايعوه كرهاً([18]).
ومن المقولات المشهورة قول أبي بكر:
«إن بيعتي كانت فلتة وقى الله شرها، وخشيت الفتنة»([19]).
كما أن عمر في أيام خلافته قد وصف بيعة أبي بكر بأنها
كانت فلتة كما تقدم وسيأتي([20]).
والفلتة:
ما وقع من غير إحكام.
وقيل:
يجوز أن يريد بها الخلسة، وبمعنى أن الإمامة يوم السقيفة مالت إلى
توليتها الأنفس، ولذلك كثر فيها التشاجر، فما قلدها أبو بكر إلا
انتزاعاً من الأيدي.
ومثل هذه البيعة جديرة بأن تكون مثيرة للفتن، فعصم الله
من ذلك، ووقى شرها([21]).
وقد رسم العلامة الأميني «رحمه الله» صورة للعنف الذي
رافق بيعة أبي بكر، نحاول أن نلخصها على النحو التالي:
لقد بلغت الأمور في السقيفة حداً جعل عمر بن الخطاب
يقول: «اقتلوا سعداً قتل الله سعداً، إنه منافق أو صاحب فتنة».
وقد قام الرجل (عمر) على رأسه، وقال
له:
«لقد هممت أن أطأك حتى تندر عضوك، أو عيونك»([22]).
فيتلقاه قيس بن سعد بقوله:
«لئن حصصت منه شعرة ما رجعت وفي فيك واضحة، أو جارحة»([23]).
ثم قال عمر:
«والله ما يخالفنا أحد إلا قتلناه..» حسبما ورد.
وارتفعت الأصوات حتى كادت الحرب أن تقع..
وينتضي الحباب بن المنذر سيفه
ويقول:
«والله لا يرد علي أحد ما أقول إلا حطمته بالسيف».
فيقال له:
إذن يقتلك الله.
فيقول:
بل إياك يقتل([24]).
فأخذ، ووطئ في بطنه، ودس في فيه التراب([25]).
وآخر ينادي:
«أما والله، أرميكم بكل ما في كنانتي من نبل، وأخضب منكم سناني ورمحي،
وأضربكم بسيفي ما ملكته يدي، وأقاتلكم مع من معي من أهلي وعشيرتي»([26]).
و آخر يقول:
«إني لأرى عجاجة لا يطفئها إلا دم»([27]).
ويستل الزبير سيفه، ويقول:
«لا أغمده حتى يبايع علي».
فيقول عمر:
«عليكم بالكلب».
فيؤخذ سيفه من يده، ويضرب به الحجر، فيكسر([28]).
كما أن المقداد يُدْفَعُ في صدره([29])،
ويضرب أنف الحباب بن المنذر ويُكْسَرُ([30]).
والأمرُّ والأدهى من ذلك كله أن أبا بكر بعث عمر بن
الخطاب إلى بيت الزهراء «عليها السلام» وقال له: إن أبوا فقاتلهم.
فأقبل بقبس من نار على أن يضرم عليهم الدار، فلقيته
فاطمة فقالت: «يا بن الخطاب، أجئت لتحرق دارنا»؟!
قال:
«نعم، أو تدخلوا فيما دخلت فيه الأمة»([31]).
وقال لهم عمر:
«لتخرجن إلى البيعة، أولأحرقنها على من فيها».
فقيل له:
«إن فيها فاطمة».
فقال:
«وإن»([32]).
ثم إنهم ضربوا الزهراء «عليها السلام»، وأسقطوا جنينها
في هذا السبيل([33])،
ولم يبايع علي «عليه السلام» حتى رأى الدخان يخرج من بيته([34]).
ثم يذكر «رحمه الله» ما لاقاه علي والزهراء «عليهما
السلام» من ظلم واضطهاد في هذا السبيل([35])،
فراجع كلامه.
لقد دلت النصوص المتقدمة على ممارسة المتغلبين الجدد
أقسى أنواع القهر، وعلى سعيهم الحثيث لإكراه الناس على البيعة، ونضيف
إليها ما يلي:
1 ـ
عن عبدالله بن عبد الرحمن قال:
«إن عمر احتزم بإزاره، وجعل يطوف بالمدينة، وينادي: ألا
إن أبا بكر قد بويع له، فهلموا إلى البيعة، فينثال الناس عليه
فيبايعون.
فعرف أن جماعة في بيوت مستترون، فكان يقصدهم في جمع
كثير ويكبسهم، ويحضرهم المسجد، فيبايعون، حتى إذا مضت أيام أقبل في جمع
كثير إلى منزل علي بن أبي طالب «عليه السلام» الخ..».
ثم تذكر الرواية إحضارهم الحطب لإحراق باب علي والزهراء
«عليهما السلام» على من فيه..([36]).
2 ـ
ذكر الطبرسي: أنه قد جيء بعلي «عليه السلام» ملبباً يُعْتَلُ ـ أي يجر
بعنف ـ إلى أبي بكر «وعمر قائم بالسيف على رأسه، ومعه خالد وأبو عبيدة،
وسالم، والمغيرة، وأسيد بن حضير، وبشير بن سعد. وسائر الناس قعود،
ومعهم السلاح».
ثم تذكر الرواية:
أنهم مدُّوا يد علي «عليه السلام» وهو يقبضها، حتى وضعوها فوق يد أبي
بكر، وصيح في المسجد: بايع بايع([37]).
3 ـ
وقد جاء في حديث الإثني عشر، الذين احتجوا على أبي بكر، ونصحوه
بالتراجع عما أقدم عليه، ما يلي:
«فنزل أبو بكر من المنبر، فلما كان يوم الجمعة المقبلة،
سل عمر سيفه، ثم قال: لا أسمع رجلاً يقول مثل مقالته تلك إلا ضربت
عنقه، ثم مضى هو وسالم، ومعاذ بن جبل، وأبو عبيدة، شاهرين سيوفهم حتى
أخرجوا أبا بكر، وأصعدوه المنبر»([38]).
وسيأتي هذا الحديث مفصلاً في الجزء التالي تحت عنوان:
اثنا عشر صحابياً يحتجون على أبي بكر.
وقال الصدوق بعد ذكره لاحتجاجات الإثني عشر رجلاً
المشار إليها:
«فأخبر الثقة من أصحاب رسول الله «صلى الله عليه وآله»:
أن أبا بكر جلس في بيته ثلاثة أيام، فلما كان اليوم الثالث أتاه عمر بن
الخطاب، وطلحة، والزبير، وعثمان بن عفان، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن
أبي وقاص، وأبو عبيدة بن الجراح، مع كل واحد منهم عشرة رجال من
عشائرهم، شاهرين السيوف، فأخرجوه من منزله، وعلا المنبر، وقال قائل
منهم:
«والله، لإن عاد منكم أحد فتكلم بمثل الذي تكلم به
لنملأن أسيافنا منه. فجلسوا في منازلهم، ولم يتكلم أحد بذلك»([39]).
وذِكْرُ الزبير هنا قد يكون سهواً من الرواة، بسبب
الإرتباط الذهني بينه وبين طلحة.
ومهما يكن من أمر:
فإن هذا الحديث مروي بعدة طرق.. وقد رواه ابن طاووس عن أحمد بن محمد
الطبري، المعروف بالخليلي، وعن محمد بن جرير الطبري، صاحب التاريخ، في
كتاب مناقب أهل البيت «عليهم السلام»([40])،
وقال: «إعلم أن هذا الحديث روته الشيعة متواترين.. الخ..»([41]).
وقد ذكر السيد هذه الرواية لكنه
قال:
«فجلس أبو بكر في بيته ثلاثة أيام، فأتاه عمر وعثمان و.. و..
إلى أن قال:
فأتاه كل منهم متسلحاً في قومه حتى أخرجوه من بيته، ثم أصعدوه المنبر،
وقد سلوا سيوفهم، فقال قائل منهم: والله، لئن عاد أحد منكم بمثل ما
تكلـم به رعاع منكم بالأمس لنملأن سيوفنـا منـه، فأحجم ـ والله ـ
القوم، وكرهوا الموت»([42]).
4 ـ
إن نصاً آخر للحديث الآنف الذكر نفسه، يذكر رقماً محدداً للمقاتلين
الذين استفادوا منهم في إرعاب الناس من الأنصار وغيرهم، وخصوصاً في
مواجهة علي «عليه السلام» ومن معه..
فقد روى الطبرسي «رحمه الله» وغيره، حديث احتجاج الاثني
عشر صحابياً على أبي بكر عن الإمام الصادق «عليه السلام» وفيه: أنهم
بعد ان تكلموا بما أفحم أبا بكر، أخذ عمر بيده «وانطلق إلى منزله،
وبقوا ثلاثة أيام لا يدخلون مسجد رسول الله «صلى الله عليه وآله».
فلما كان في اليوم الرابع جاءهم خالد بن الوليد ومعه
ألف رجل، فخرجوا شاهرين بأسيافهم، يقدمهم عمر بن الخطاب، حتى وقفوا
بمسجد رسول الله «صلى الله عليه وآله» فقال عمر:
والله يا أصحاب علي، لئن ذهب منكم رجل يتكلم، بالذي
تكلم بالأمس، لنأخذن الذي فيه عيناه»([43]).
5 ـ
«قال هشام: قال أبو مخنف: فحدثني أبو بكر بن محمد الخزاعي:أن أسلم
أقبلت بجماعتها حتى تضايقت بهم السكك، فبايعوا أبا بكر، فكان عمر يقول:
ما هو إلا أن رأيت أسلم، فأيقنت بالنصر»([44]).
6 ـ
قال ابن الأثير: «وجاءت أسلم فبايعت»([45]).
7 ـ
وعند المعتزلي: «جاءت أسلم فبايعت، فقوي بهم جانب أبي بكر»([46]).
8 ـ
عن أبي مخنف، عن محمد بن السائب الكلبي، وأبي صالح، عن زائدة بن قدامة:
أن قوماً من الأعراب دخلوا المدينة ليمتاروا منها، فأنفذ إليهم عمر،
فاستدعاهم وقال لهم:
«خذوا بالحظ والمعونة على بيعة خليفة رسول الله «صلى
الله عليه وآله»، فمن امتنع، فاضربوا رأسه وجبينه.
قال:
فوالله، لقد رأيت الأعراب قد تحزموا، واتشحوا بالأزر الصنعانية، وأخذوا
بأيديهم الخشب، وخرجوا حتى خبطوا الناس خبطاً، وجاؤوا بهم مكرهين إلى
البيعة»([47]).
ومن المعلوم:
أن الأعراب الذين كانوا حول المدينة هم أسلم، وجهينة، وغفار، ولحيان.
وهم الذين يقول الله تعالى فيهم:
﴿وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ
الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ﴾([48])،
كما جاءت به الرواية.
9 ـ
روى المعتزلي وغيره، عن البراء بن عازب: أنه فقد أبا بكر وعمر حين وفاة
رسول الله «صلى الله عليه وآله»، «وإذا قائل يقول: القوم في سقيفة بني
ساعدة، وإذا قائل آخر يقول: قد بويع أبو بكر. فلم ألبث، وإذا أنا بأبي
بكر قد أقبل، ومعه عمر، وأبو عبيدة، وجماعة من أصحاب السقيفة، وهم
محتجزون بالأزر الصنعانية، لا يمرون بأحد إلا خبطوه، وقدموه، ومدوا
يده، ومسحوها على يد أبي بكر، شاء ذلك أو أبى»([49]).
فهذا النص يقترب جداً إلى سابقه، إلى حد التطابق، وهما
معاً يقتربان ـ بنحو أو بآخر ـ من النصوص المتقدمة حول بني أسلم..
ونقول:
لاحظ ما يلي:
1 ـ
إن لنا كلاماً حول كل ما سبق من نصوص أوردناه في الجزء الأخير من
كتابنا الصحيح من سيرة النبي الأعظم «صلى الله عليه وآله»، فلا غنى
للباحث عن مراجعته.
2 ـ
إن المدينة كانت بلداً صغيراً جداً قد لا يزيد عدد سكانه، كبيرهم
وصغيرهم، نساءاً ورجالاً، على الثلاثة أو الأربعة آلاف([50]).
وهو بلد منقسم على نفسه إلى جماعات، فإذا دخل إليها
فجأة بضعة مئات من المقاتلين، وأصبحوا في كل حي وكل زقاق، وعلى أبواب
البيوت، فقد انتهى امرها، وسقطت كل إرادة للمقاومة فيها، ولا سيما إذا
كان بعض الفرقاء فيها هو الذي رغب إلى هؤلاء المقاتلين بالمجيء لنصرته
ومعونته..
3 ـ
إن إيقان عمر وأبي بكر بالنصر حين حضور قبيلة أسلم، قد يوحي بانسجام
تام بينهما، إن لم نقل بوجود تنسيق مسبق بين هذه القبيلة التي حضرت
فجأة، وفرضت إرادتها على الجميع.
وقد صرحت رواية المفيد بتحريض عمر لهم على معونتهم في
أخذ البيعة من الناس.
4 ـ
إن قبيلة أسلم، وجهينة، ومزينة، وغفار، وعصية، وأشجع، كانوا يسكنون حول
المدينة، وكان النفاق فاشياً في هذه القبائل، حتى لقد قال تعالى عنهم([51]):
﴿وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ
الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ﴾([52]).
([1])
الآية 144 من سورة آل عمران.
([2])
راجع: كنز العمال (ط الهند) ج3 ص3 و 129 وج4 ص53 و (ط مؤسسة
الرسالة) ج7 ص244 وعن البخاري ج4 ص152 وعن شرح المواهب
للزرقاني ج8 ص280 وذكرى حافظ للدمياطي ص36 وتاريخ الأمم
والملوك ج3 ص201 وعن الكامل في التاريخ ج2 ص324 وعن السيرة
النبوية لدحلان (بهامش الحلبية) ج3 ص371 ـ 374 وشرح نهج
البلاغة للمعتزلي ج1 ص178 وج2 ص40 والإحكام لابن حزم ج4 ص581
والطرائف لابن طاووس ص452 وتاريخ اليعقوبي ج2 ص114 والمعجم
الكبير ج7 ص57 والبداية والنهاية ج5 ص242 وتاريخ أبي الفداء ج1
ص156 والمواهب اللدنية ج4 ص544 و 546 وروضة المناظر لابن شحنة
(مطبوع بهامش الكامل) ج7 ص64 وإحياء العلوم ج4 ص433. وراجع:
إحقاق الحق (الأصل) ص238 و 287 وكتاب الأربعين للشيرازي ص547
([3])
سبل الهدى والرشاد ج12 ص315. وراجع: الفصول المختارة للشريف
المرتضى ص243 وبحار الأنوار ج30 ص592 وتخريج الأحاديث والآثار
للزيلعي ج2 ص406 وكنز العمال ج5 ص600 والثقات لابن حبان ج2
ص156 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص450 والبداية والنهاية لابن
كثير ج5 ص268 وج6 ص332 والسيرة النبوية لابن هشام ج4 ص1074
والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص492.
([4])
سبل الهدى والرشاد ج12 ص246 و 302 وراجع: زهر الربى على
المجتبى ج1 ص253 و 254 وعون المعبود ج2 ص77 وشرح مسلم للنووي
ج5 ص122 وإرشاد الساري ج1 ص493.
([5])
سبل الهدى والرشاد ج12 ص246 ووفاء الوفاء ج 4 ص1261.
([6])
راجع: معجم البلدان ج4 ص166 وسبل الهدى والرشاد ج4 ص260 وعون =
= المعبود ج3 ص268 وراجع: السنن الكبرى للبيهقي ج1 ص440 وعمدة
القاري ج5 ص37 وج21 ص161 وصحيح البخاري ج4 ص170 وج8 ص153 وفتح
الباري ج2 ص23 ووفاء الوفاء ج ص1261 وتغليق التعليق ج5 ص323
وتاريخ مدينة دمشق ج15 ص70 وج43 ص201.
([7])
الآية 30 من سورة الزمر.
([8])
الآية 144 من سورة آل عمران.
([9])
السقيفة للشيخ محمد رضا المظفر (نشر مكتبة الزهراء ـ قم) ص120
و 121.
([10])
شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج6 ص20 وتاريخ اليعقوبي ج2 ص123
والموفقيات للزبير بن بكار ص579.
([11])
راجع: تاريخ الأمم والملوك ج2 ص443 وبحار الأنوار ج28 ص311 و
338 والغدير ج7 ص78 والكامل في التاريخ ج2 ص325 وشرح نهج
البلاغة للمعتزلي ج2 ص22 والإكمال في أسماء الرجال ص82.
([12])
سبل الهدى والرشاد ج12 ص317 وراجع: الرياض النضرة ج 1 ص 241
وتاريخ الخميس ج2 ص169 وراجع: المسترشد للطبري ص379 و 378
وإثبات الهداة ج2 ص383.
([13])
راجع: دلائل الإمامة ص116 والإحتجاج ج1 ص137 والطرائف لابن
طاووس ص265 وبحار الأنوار ج29 ص225 و 238 و 275 ومناقب أهل
البيت للشيرواني ص417 والسقيفة وفدك للجوهري ص143 وشرح الأخبار
ج3 ص36 وفدك في التاريخ ص133 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج16
ص251 وبلاغات النساء لابن طيفور ص14 وجواهر المطالب لابن
الدمشقي ج1 ص160 واللمعة البيضاء ص636.
([14])
سبل الهدى والرشاد ج12 ص311 وقال في هامشه: أخرجه البيهقي في
الدلائل ج7 ص229 وابن كثير في البداية والنهاية ج5 ص252 وانظر
ترجمة حماد في الميزان ج1 ص598 والبخاري في التاريخ ج3 ص28
والضعفاء للعقيلي ج1 ص308 والمجروحون لابن حبان ج1 ص252 وأنساب
الأشراف للبلاذري (ط دار المعارف) ج1 ص583 و (ط دار الفكر) ج2
ص264 وراجع: السيرة النبوية لابن هشام ج4 ص1071 وراجع: صحيح
البخاري ج8 ص27 ومسند أحمد ج1 ص55 والسنن الكبرى للبيهقي ج8
ص142 و تاريخ الإسلام للذهبي ج3 ص6 والكامل في التاريخ ج2 ص327
وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص446 وتاريخ مدينة دمشق ج30 ص282
والثقات لابن حبان ج2 ص154 وشرح نهـج البلاغـة للمعتزلي ج2 ص23
والسـيرة النبويـة لابن كثـير ج4 = = ص488 والمصنف للصنعاني ج5
ص442 وعمدة القاري ج24 ص7 والصوارم المهرقة ص56 وخلاصة عبقات
الأنوار ج3 ص302 و 308 .
([15])
راجع: البيان والتبيين ج3 ص181 وراجع: تاريخ الأمم والملوك ج2
ص457 وبحار الأنوار ج28 ص335 والكامل في التاريخ ج2 ص329
وراجع: المصنف لابن أبي شيبة ج8 ص571.
([16])
راجع: الإحتجاج للطبرسي ج1 ص92 وبحار الأنوار ج28 ص181 و 345
وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج6 ص9 والسقيفة وفدك للجوهري ص60 و
تاريخ الأمم والملوك ج2 ص457 والإمامة والسياسة (بتحقيق
الزيني) ج1 ص15 و (بتحقيق الشيري) ج1 ص25 والشافي في الإمامة
للشريف المرتضى ج3 ص188 وحياة الإمام الحسين «عليه السلام»
للقرشي ج1 ص248.
([17])
مروج الذهب ج2 ص301 والعقد الفريد ج4 ص259 و (ط أخرى) ج3 ص64
وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج1 ص131 وج2 ص130 ـ 134 عن الجوهري،
وأسد الغابة ج3 ص222 وتاريخ الأمم والملوك (ط دار المعارف) ج3
ص208 = = والكامل في التاريخ ج2 ص325 و 331 وتاريخ اليعقوبي (ط
الغري) ج2 ص103 و 105 وسمط النجوم العوالي ج2 ص244 والسيرة
الحلبية (ط البهية بمصر) ج3 ص356 والمختصر لأبي الفداء ج1 ص156
وراجع: الرياض النضرة ج1 ص167 وتاريخ الخميس ج1 ص188 وابن شحنة
(بهامش الكامل) ج11 ص112.
([18])
راجع: شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج1 ص219 وج6 ص9 و 11 و 19 و 40
و 47 و 48 و 49.
([19])
راجع: شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج2 ص50 وج6 ص47 وأنساب الأشراف
البلاذري ج1 ص590 وسبل الهدى والرشاد ج12 ص314 عنه. وراجع:
كتاب الأربعين للشيرازي ص154 والمراجعات للسيد شرف الدين ص337
والسقيفة وفدك للجوهري ص46.
([20])
راجع: صحيح البخاري (كتاب الحدود، باب رجم الحبلى من الزنا إذا
أحصنت) (ط محمد علي صبيح) ج8 ص209 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي
ج2 ص23 = = و 26 و 29 وج6 ص47 والسيرة النبوية لابن هشام (ط
دار الجيل) ج4 ص226 والنهاية لابن الأثير ج3 ص466 وتاريخ الأمم
والملوك (ط دار المعارف بمصر) ج3 ص305 والكامل في التاريخ ج2
ص327 ولسان العرب ج2 ص371 وتاج العروس ج1 ص568 والصواعق
المحرقة (ط المحمدية) ص8 و 12 و 34 و 36 وتاريخ الخلفاء ص67
والسيرة الحلبية ج3 ص360 و 363 ومسند أحمد ج6 ص55 وأنساب
الأشراف ج5 ص15 والرياض النضرة ج1 ص161 وتيسير الوصول ج2 ص42 و
44 وتمام المتون للصفدي ص137 والملل والنحل (ط دار المعرفة) ج1
ص22 والتمهيد للباقلاني ج1 ص116.
([21])
راجع: سبل الهدى والرشاد ج12 ص318 والفائق للزمخشري ج3 ص50.
([22])
مسند أحمد ج1 ص56 والعقد الفريد ج4 ص86 وتاريخ الأمم والملوك
ج3 ص222 و (ط مؤسسة الأعلمي) ج2 ص459 والسيرة النبوية لابن
هشام ج4 ص339 والرياض النضرة ج1 ص162 و 164 والسيرة الحلبية ج3
ص359 و (ط دار المعرفة) ج3 ص482. وراجع: بحار الأنوار ج28
ص336.
([23])
تاريخ الأمم والملوك ج3 ص222 و (ط مؤسسة الأعلمي) ج2 ص459
والسيرة الحلبية ج3 ص359 والشافي في الامامة للشريف المرتضى ج3
ص190 وسفينة النجاة للسرابي التنكابني ص68 والغدير ج5 ص369 وج7
ص76.
([24])
مسند أحمد ج1 ص56 والبيان والتبيين ج3 ص198 والعقد الفريد ج4
ص86 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص339 والإمامة والسياسة ج1
ص15 وعن صحيح البخاري ج6 ص256 وتاريخ الأمم والملوك ج3 ص220 و
223 و (ط مؤسسة الأعلمي) ج2 ص457 والكامل في التاريخ ج2 ص330
والرياض النضرة ج1 ص202 و 204 والبداية والنهاية ج5 ص246 وج7
ص142 وعن صفة الصفوة ج1 ص256 وتيسير الوصول ج2 ص45 وشرح نهج
البلاغة للمعتزلي ج2 ص38 وج6 ص9 والسيرة الحلبية ج3 ص358 وبحار
الأنوار ج28 ص325
([25])
شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج6 ص40 والغدير ج7 ص76.
([26])
الإمامة والسياسة لابن قتيبة (بتحقيق الزيني) ج1 ص17 و (بتحقيق
الشيري) ج1 ص27 وتاريخ الأمم والملوك ج3 ص222 والكامل في
التاريخ ج2 ص331 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج2 ص39 والغدير ج7
ص76 والسيرة الحلبية ج3 ص359 و (ط دار المعرفة) ج3 ص483
والشافي في الإمامة للشريف المرتضى ج3 ص191.
([27])
الغدير ج3 ص253 وج7 ص76 والسقيفة وفدك للجوهري ص39 وشرح نهج
البلاغة للمعتزلي ج1 ص221 وج2 ص44 وتاريخ الأمم والملوك ج2
ص449 والكامل في التاريخ ج2 ص326 وراجع: بحار الأنوار ج28 ص327
و 328 وفدك في التاريخ ص104 وحياة الإمام الحسين «عليه السلام»
للقرشي ج1 ص252.
([28])
الإمامة والسياسة ج1 ص18 وتاريخ الأمم والملوك ج3 ص203 والرياض
النضرة ج1 ص207 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج1 ص174 وج2 ص156
وج6 ص11 و 47 والأمالي للمفيد ص49 والإحتجاج للطبرسي ج1 ص95
وبحار الأنوار ج28 ص184 .
([29])
الصوارم المهرقة ص58 وكتاب الأربعين للشيرازي ص146 وكتاب
الأربعين للماحوزي ص266 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج1 ص174.
([30])
الغدير ج5 ص368 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج1 ص174 وكتاب
الأربعين للماحوزي ص266.
([31])
العقد الفريد ج4 ص87 وتاريخ أبي الفداء ج1 ص156 وأعلام النساء
ج4 ص114 وراجع: روضة المناظر ج1 ص189 حوادث سنة 11 والطرائف
لابن طاووس ص239 وبحار الأنوار ج28 ص339 والغدير ج7 ص77 ونهج
السعادة للمحمودي ج5 ص272 ومجمع النورين للمرندي ص246 ونهج
الحق وكشف الصدق للعلامة الحلي ص271 وإحقاق الحق (الأصل) ص228
و شرح إحقاق الحق (الملحقات) ج25 ص544. وراجع: البداية
والنهاية ج5 ص250 وسير أعلام النبلاء (سيرة الخلفاء الراشدين)
ص26 والرياض النضرة ج1 ص241.
([32])
تاريخ الأمم والملوك ج3 ص202 و (ط مؤسسة الأعلمي) ج2 ص443
والإمامة والسياسة ج1 ص19 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج2 ص56
وج6 ص48 وأعلام النساء ج4 ص114 والسقيفة وفدك للجوهري ص53 و 73
= = والطرائف لابن طاووس ص238 وبناء المقالة الفاطمية ص402
وكتاب الأربعين للشيرازي ص151 و 155 وبحار الأنوار ج28 ص315 و
321 والغدير ج5 ص369 و 371 وج7 ص77 و 86.
([33])
راجع كتابنا: مأساة الزهراء «عليها السلام» ج2 ص132 ـ 143.
([34])
تاريخ اليعقوبي ج2 ص137 وتاريخ الإسلام للذهبي ج1 ص117 و 118
وإثبات الهداة ج2 ص359 و 367 و 368 والعقد الفريد ج4 ص268
والإيضاح لابن شاذان ص161 والإمامة والسياسة ج1 ص18 وسير أعلام
النبلاء (سير الخلفاء الراشدين) ص17 ومجموع الغرائب للكفعمي
ص288 ومروج الذهب ج1 ص414 وج2 ص301 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي
ج1 ص130 وج 17 ص168 و 164 وج6 ص51 وج2 ص47 و 46 وج20 ص24 و 17
وميزان الإعتدال ج3 ص109 وج2 ص215 والإمامة ص82 (مخطوط) توجد
نسخة مصورة منه في مكتبة المركز الإسلامي للدراسات في بيروت.
ولسان الميزان ج4 ص189 وتاريخ الأمم والملوك ج3 ص430 (ط
المعارف) وكنز العمال ج3 ص125 وج5 ص631 و 632 والرسائل
الاعتقادية (رسالة طريق الإرشاد) ص470 و 471. ومنتخب كنز
العمال (مطبوع بهامش مسند أحمد) ج2
ص171.
=
=
وراجع: المعجم الكبير للطبراني ج1 ص62 وضياء العالمين (مخطوط)
ج2 ق3
ص 9 و
108 عن العديد من المصادر والنص والإجتهاد ص91 والسبعة من
السلف ص16 و 17 والغدير ج7 ص170 ومعالم المدرستين ج2 ص79 وعن
تاريخ ابن عساكر (ترجمة أبي بكر) ومرآة الزمان.
وراجع: زهر الربيع ج2 ص124 وأنوار الملكوت ص227 وبحار الأنوار
ج30 ص123 و 136 و 138 و 141 و 352 ونفحات اللاهوت ص79 وحديقة
الشيعة ج2 ص252 وتشييد المطاعن ج1 ص340 ودلائل الصدق ج3 ق1
ص32.
وراجع: الخصال ج1 ص171 و 173 وحياة الصحابة ج2 ص24 والشافي
للمرتضى ج4 ص137 و 138. والمغني لعبد الجبار ج20 ق1 ص340 و
341. ونهج الحق ص265 والأموال لأبي عبيد ص194 (وإن لم يصرح
بها).
وراجع
ايضاً: مجمع الزوائد ج5 ص203 وتلخيص الشافي ج3 ص170 وتجريد
الإعتقاد لنصير الدين الطوسي ص402 وكشف المراد ص403 ومفتاح
الباب (أي الباب الحادي عشر) للعربشاهي (تحقيق مهدي محقق) ص199
وتقريب المعارف ص 366 و 367 واللوامع الإلهية في المباحث
الكلامية للمقداد ص302 ومختصر تاريخ دمشق ج13 ص122 ومنال
الطالب ص280.
([35])
الغدير ج7 ص77 ـ 82.
([36])
راجع: الإحتجاج ج1 ص201 ـ 202 وبحار الأنوار ج28 ص204.
([37])
الإحتجاج ج1 ص212 ـ 213 فما بعدها، وبحار الأنوار ج28 ص270 ـ
276 وبيت الأحزان ص110 وكتاب سليم بن قيس ج2 ص587 وراجع: تخريج
الحديث في ج3 ص965 ـ 966 فإنه أشار إلى العديد من المصادر.
([38])
كتاب الرجال للبرقي ص 66 وقاموس الرجال للتستري ج10 ص98 ومعجم
رجال الحديث للسيد الخوئي ج19 ص203.
([39])
الخصال ج 2 ص 465 وراجع: بحار الأنوار ج 28 ص 213 ـ 219.
([40])
راجع: اليقين ص 108 و (ط مؤسسة دار الكتاب ـ الجزائري) ص335
وبحار الأنوار ج28 ص214.
([41])
اليقين في إمرة أمير المؤمنين «عليه السلام» ص 108 و 113 و (ط
مؤسسة دار الكتاب ـ الجزائري) ص335 وراجع: بحار الأنوار ج28
ص214 و 215.
([42])
اليقين ص113 و (ط مؤسسة دار الكتاب ـ الجزائري) ص342 وبحار
الأنوار ج28 ص219.
([43])
الإحتجاج ج1 ص200 وبحار الأنوار ج28 ص202 عنه، والصراط
المستقيم ج2 ص82 عن كتاب إبطال الإختيار، بسنده عن أبان بن
عثمان، عن الإمام الصادق «عليه السلام»، وكتاب الأربعين
للشيرازي ص243 ونهج الإيمان لابن جبر ص586 والفوائد الرجالية
للسيد بحر العلوم ج2 ص334.
([44])
تاريخ الأمم والملوك (تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم) ج 3 ص 222
و (ط مؤسسة الأعلمي) ج2 ص458 وتلخيص الشافي ج 3 ص 66 وبحار
الأنوار ج 28 ص 335 والشافي في الإمامة للشريف المرتضى ج3
ص190.
([45])
الكامل في التاريخ ج 3 ص331 وراجع: بحار الأنوار ج28 ص326 وشرح
نهج البلاغة للمعتزلي ج2 ص40.
([46])
شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج 2 ص 40 وبحار الأنوار للمجلسي ج 28
ص 326 عنه.
([47])
الجمل للشيخ المفيد ص119 و (ط مكتبة الداوري) ص59.
([48])
الآية 101 من سورة التوبة.
([49])
شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج1 ص219 وبحار الأنوار ج28 ص286
وكتاب سليم بن قيس (نشر الهادي) ج2 ص572 وكتاب الأربعين
للشيرازي ص147 والسقيفة وفدك للجوهري ص48.
([50])
راجع: الصحيح من سيرة النبي الأعظم «صلى الله عليه وآله» ج33
ص333 ـ 335.
([51])
راجع: تفسير النسفي ج2 ص107 والتفسير الكبير للرازي ج16 ص173
والدر المنثور ج 3 ص 271 عن ابن المنذر، وبحار الأنوار ج22 ص41
وتفسير مجمع البيان ج5 ص114 وتفسير مقاتل بن سليمان ج2 ص68
وأسباب نزول الآيات للواحدي النيسابوري ص174 وتفسير البيضاوي
ج3 ص168 وتفسير أبي السعود ج4 ص97 وفتح القدير للشوكاني ج2
ص401 وتفسير الآلوسي ج11 ص9. والمحرر الوجيز في تفسير الكتاب
العزيز ج3 ص75 وتفسير البحر المحيط ج5 ص97 وتفسير الثعالبي ج3
ص208.
([52])
الآية 101 من سورة التوبة.
|