مصدر
السلطات:
لا نريد هنا أن نقدم بحثاً حول الإمامة، والخلافة، من
وجهة نظر الشيعة والسنة.. كما أننا لا نريد بيان مذاهب الناس وآرائهم
في تحديد مصدر السلطات في الأمة..
بل نريد فقط أن نشير إلى حقيقة قرآنية، لا مجال للنقاش
والبحث فيها، وهي: أن هناك آيات قرآنية تحدثت عن مصدر الحاكمية
والسلطة..
ونشير هنا إلى ثلاث منها، وهي التالية:
1 ـ
قال تعالى:
{يَا
دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ
النَّاسِ بِالحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعِ الهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ
اللهِ}([1]).
فقررت أن الله تعالى هو الذي جعل الخلافة لداود في الأرض ولم تأت
خلافته من شورى، ولا من بيعة أهل الحل والعقد، ولا من وصية السابق
للاحق. ولا من إرث وصل إليه.. ولا.. ولا..
2 ـ
قوله
تعالى في قصة طالوت:
{أَلَمْ
تَرَ إِلَى المَلإ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ
قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكاً نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ
اللهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلاَ
تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلاَ نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللهِ
وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا فَلَمَّا كُتِبَ
عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلاَ قَلِيلاً مِنْهُمْ وَاللهُ
عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ.
وَقَالَ لهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللهَ قَدْ بَعَثَ
لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكاً قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ المُلْكُ
عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً
مِنَ المَالِ قَالَ إِنَّ اللهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ
بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ
يَشَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}([2]).
إلى أن قال تبارك وتعالى:
{فَهَزَمُوهُمْ
بِإِذْنِ اللهِ وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللهُ المُلْكَ
وَالْحِكْمَةَ}([3]).
فقد تضمنت هذه الآيات الكريمة الإشارة إلى الحقائق
التالية:
أولاً:
إن بني إسرائيل لم يبادروا إلى نصب ملك لهم. من خلال
شورى يعقدونها لأهل الحل والعقد، أو إجراء انتخابات عامة، أو أية آلية
أخرى، بل التجأوا إلى نبي لهم، وطلبوا منه هو أن يبعث لهم ملكاً.. فهل
كان ذلك منهم لأنهم يرون أن لا حق لهم في أن ينصبوا حاكماً على أنفسهم،
فضلاً عن غيرهم. لأن ذلك من صلاحيات الأنبياء الذين يتصرفون على أساس
الأمر الإلهي.
أم انهم أرادوا تحاشي وقوع النزاع بينهم في هذا الأمر.
ثانياً:
إن نبيهم لم يعتذر لهم عن هذه المهمة، بأنها ليست من
مهماته، وأن عليهم أن يرجعوا فيها إلى أهل الحل والعقد، أو غيرهم من
الناس.. كالعلماء، أو الأغنياء أو رؤساء القبائل، أو المسنين، أو..
أو.. بل تقبل النبي منهم ذلك، وبادر إلى تلبية طلبهم..
ثالثاً:
إنه برغم اعتراض بني إسرائيل على جعل طالوت ملكاً، إلا
أن اعتراضهم لم يكن على أصل جعل هذا المنصب، بل على مبرراته، فقد برروا
اعتراضهم هذا بعدم توفر المواصفات المطلوبة فيه، فأخبرهم نبيهم بأنهم
قد أخطأوا في تحديد تلك المواصفات. ثم حدد لهم ما هو صحيح منها، فلم
يبدوا على ذلك أي اعتراض..
ثم قال لهم نبيهم:
إنه لا يحق لهم حتى مجرد الإعتراض على ذلك، لأن صلاحية
جعل الملك واختياره لا تعود لهم، بل هي منحصرة بالله تعالى؛ مع تعليل
من شأنه أن يقطع كل جدل في هذا الموضوع، وهو: أن الله تعالى هو صاحب
الملك، الذي يختار أن يمنحه لمن يشاء من عباده.
أما البشر فليس لهم ذلك، فلا يحق لهم إعطاء ما ليس لهم
لأي كان من البشر.
رابعاً:
إنه تعالى عاد فذكر أن داود، وإن كان نبياً، لكن الله
لم يكتف بذلك له، بل آتاه الملك والحكمة أيضاً.. فهو الذي جعله خليفة
في الأرض، وخوّله أن يحكم بينهم بالحق، بما أراه الله تعالى..
3 ـ
قال تعالى على
لسان موسى «عليه السلام»:
{وَاجْعَلْ
لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي، هَارُونَ أَخِي، اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي،
وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي}([4]).
فقررت هذه الآيات:
أن مقام الوزارة أيضاً قد جاء من قبل الله تبارك وتعالى.
وقد يؤكد ذلك:
أننا لم نجد وصياً، أو خليفة لنبي من الأنبياء، انتخب من قبل الناس، لا
كلهم، ولا بعضهم، مهما كانت صفاتهم وأحوالهم.
وما جرى بالنسبة لابي بكر وعمر، فقد جاء انتخابه لإبطال وصية الرسول،
ولأجل نقضها..
ويزيد في التأكيد هنا:
أن موسى «عليه السلام» حين أراد أن يذهب لميقات ربه أربعين ليلة،
{قَالَ
مُوسَى لأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ}([5]).
ويؤكده أيضاً:
نفس تصدي رسول
الله
«صلى الله عليه وآله»
لنصب علي «عليه السلام»، وأخذ البيعة له من الناس في
يوم الغدير. والتأكيد على خلافته من بعده، وعلى إمامته في عشرات
المناسبات.. كما هو معلوم..
ويزيده تأكيداً ووضوحاً:
أن النبي
«صلى
الله عليه وآله»
لم ينشئ سفراً ـ وما أكثر أسفاره للحرب ولغيرها ـ إلا
وجعل خليفة له على المدينة، ولم يجمع في كل تلك الأسفار المسلمين
ليشاورهم في هذا الأمر.. وكذلك كان يفعل في أمراء السرايا، فإنه كان
يعين القائد، ويعين خليفته إن حدث به حدث، ولا يشاور في ذلك أحداً.
إنتهت أحداث السقيفة بإبعاد علي «عليه السلام» عن
مقام الخلافة الذي جعله الله تعالى له، وتشير الشواهد إلى أن ما حدث لم
يكن وليد ساعته، بل كان قد سبقه تدبير واتفاق، كما أشار إليه معاوية في
رسالته لمحمد بن أبي بكر، حيث قال:
«..كان
أبوك وفاروقه أول من ابتزه حقه، وخالفه على أمره، على ذلك اتفقا
واتسقا، ثم إنهما دعواه إلى بيعتهما، فأبطأ عنهما، وتلكأ منهما، فهمّا
به الهموم، وأرادا به العظيم»!([6]).
بل في بعض الروايات:
أن جماعة من هؤلاء كانوا قد اجتمعوا عند الكعبة، وكتبوا
صحيفة تعهدوا فيها بصرف الأمر عن علي «عليه السلام». وذلك سنة عشر من
الهجرة([7])،
وكانوا أربعة وثلاثين رجلاً.
وروى ماجيلويه، عن عمه، عن البرقي، عن أبيه، عن محمد بن
سنان، عن المفضل بن عمر، قال: سألت أبا عبد الله «عليه السلام» عن معنى
قول أمير المؤمنين «عليه السلام» لما نظر إلى الثاني وهو مسجى بثوبه:
ما أحد أحب إلي أن ألقى الله بصحيفته من هذا المسجى.
قال:
عنى بها الصحيفة التي كتبت في الكعبة([8]).
والمراد بالملاقاة بها:
مخاصمة أصحابها عند الله فيها.
وفي احتجاج أمير المؤمنين «عليه السلام» على طلحة
يقول النص:
«فقام
علي «عليه السلام» وغضب من مقالة طلحة، فأخرج شيئاً قد كان يكتمه، وفسر
شيئاً قد كان قاله يوم مات عمر، لم يدروا ما عنى به. وأقبل على طلحة
والناس يسمعون.
فقال:
يا طلحة، أما
والله ما من صحيفة ألقى الله بها يوم القيامة أحب إلّي من صحيفة هؤلاء
الخمسة، الذين تعاهدوا على الوفاء بها في الكعبة في حجة الوداع:
«إن
قتل الله محمداً، أو مات أن يتوازروا ويتظاهروا عليّ، فلا أصل إلى
الخلافة»([9]).
ولا منافاة بين هذه الرواية وبين ما تقدم من أن
المتعاقدين كانوا أربعة وثلاثين رجلاً، إذ لعل الذين قاموا بهذا الأمر
في البداية كانوا خمسة، ثم التحق الباقون بهم بسعي من هؤلاء الخمسة حتى
بلغوا أربعة وثلاثين رجلاً.
وقد كتب معاوية لعلي يعيبه بما جرى عليه في أمر
البيعة لأبي بكر، فأجابه علي «عليه السلام» بقوله:
«وقلت: إني أقاد كما يقاد
الجمل المخشوش حتى أبايع.
ولعمر الله، لقد أردت أن تذم فمدحت»([10]).
ونقول:
نعم،
إنه وسام الجهاد الأكبر، يناله علي «عليه السلام» عن
جدارة واستحقاق؛ حيث تعرّض لأعظم امتحان. وأشرس حرب يواجهها بشر على
وجه الأرض، فهو يهاجَم، ويُعتَقَل وتُضرب زوجته، ويباشر بحرق بيته على
من فيه، وفيه أشرف الخلق، وأكرمهم على الله، ويهان أكرم خلق الله تبارك
وتعالى، ورسوله وحبيبه، وصفيه، ويرمى بالهجر.. ثم تستشهد ابنته وزوجة
وصيه، ويصبح وصيه بسبب ما فعله أولئك المعتدون ـ بنظر الناس ـ الأقل
والأضعف..
ويختار ذلك الوصي التحمل والصبر على ما هو أمرّ من
العلقم، وآلم من حز المدى..
إنه يصبر على الأذى في جنب الله، ويسكت على العدوان على
بيته وزوجته، ونفسه، ويرى كتاب الله مبدلاً، وشرعه مستباحاً، ويرى
الظلم والعسف في نفسه.. وهو أغير الناس، وأشجع الناس، وأكثرهم التزاماً
بشرع الله، وغيرة على دينه، وعملاً بشرائعه..
ولولا وصية من أخيه رسول الله
«صلى الله عليه وآله» له بأن لا يناهضهم إلا إذا وجد
أنصاراً، لبادر إلى اختلاس أرواحهم، وارواء الأرض من دمائهم وطمس
ذكرهم.
وقد عرفنا أن حرب بدر رغم قساوتها البالغة على
المسلمين، لأسباب مختلفة، قد اعتبرت من مفردات الجهاد الأصغر؛ لأن
الجهاد الأكبر هو جهاد النفس، ولا شك في أن حال علي «عليه السلام» كانت
تحتاج إلى جهاد النفس في أعلى مراتب الجهاد..
وهذا كله..
يفسر لنا قول أمير المؤمنين لمعاوية:
«أردت أن تذم فمدحت».
ورووا عن أبي بكر أنه قال في مرضه
الذي توفي فيه ـ في ضمن حديث ـ:
«..وددت أني سألت رسول الله «صلى الله عليه وآله»، لمن هذا الأمر؟! فلا
ينازعه أحد. ووددت أني كنت سألته: هل للأنصار في هذا الأمر نصيب»؟!([11]).
وهو كلام عجيب حقاً..
فأولاً:
إن أبا بكر قد بايع علياً أمير المؤمنين «عليه السلام»
في يوم الغدير، وسمع النبي «صلى الله عليه وآله» يعلن إمامته وولايته،
وخلافته من بعده آنئذ، ثم في تبوك، وفي مواقف ومناسبات أخرى كثيرة
جداً.
ثانياً:
إذا كان أبو بكر لا يعرف وجه الحق في مسألة الخلافة،
فكيف ساغ له أن يتصدى، ويجادل الأنصار في أحقيته لها دونهم؟! وكيف جاز
له أن يعامل الذين لم يبايعوه بهذه القسوة، حتى ضرب بنت رسول الله «صلى
الله عليه وآله»، وأحرق بابها، وكشف بيتها، وأسقط جنينها. حتى ماتت
شهيدة، وتعدى على حرمة أمير المؤمنين «عليه السلام» وتهدده بالقتل،
وأرادوا قتله، وكذلك فعلوا بسعد بن عبادة؟!
وتهدد كل من لم يبايعه بالقتل. بل هو قد قتل طائفة منهم
لرفضهم بيعته إلا بعد أن يتحققوا ويتثبتوا من الأمر..
فهل الشاك في هذا الأمر يفعل بالناس كل هذه الأفاعيل؟!
ثالثاً:
إذا كان لا يعرف وجه الحق في هذا الأمر، فلماذا يستخلف
عمر بن الخطاب بوصية مكتوبة منه؟! ولماذا لم يترك المسلمين يختارون
لأنفسهم، أو يختار لهم أهل الحل والعقد من يرونه أهلاً لهذا المقام؟!
رابعاً:
لم ينتخب الناس خلفاء الأنبياء السابقين من بعدهم، بل
هم الذين اعلموا الناس بوصايتهم لهم، فلماذا لم يمنع ذلك أبا بكر من
الإقدام على ما أقدم عليه؟!
إن أبا بكر لم يستعن بأحد من الهاشميين طيلة فترة
حكمه، ولم يعطهم أي موقع ذي بال في أي شأن من شؤون حكومته..
ولكنه أعطى بني أمية الكثير من المواقع القيادية الهامة([12]).
بل كان لهم حصة الأسد. وكانت توليته يزيد ابن أبي سفيان أول رشوة قدمها
له ولأبيه ولبني أمية.
وقد قال أبو سفيان لما أخبروه بأن أبا بكر قد سوغه
الأموال التي جاء بها، وأنه قد ولى ابنه: «وصلته رحم»([13]).
ثم جاء عمر بعد أبي بكر، وسار على منهاجه واستن بسيرته
بصورة عامة..
وقد صرّح عمر بالداعي لانتهاج هذه السياسة، حين
أبدى خشيته من تولية ابن عباس لحمص، على اعتبار أنه إذا مات وقد تولى
الهاشميون بعض الأقطار الإسلامية، فقد يتغير مسار الخلافة عما يحبه
ويرتضيه([14]).
والذي يبدو لنا هو:
أنهم أرادوا تقوية البيت الأموي وتمكينه من الوصول إلى
الحكم بصورة أو بأخرى؛ لأنه حين يتشبث بالحكم، يكون هو القادر على
المنافسة والتحدي، والمهيأ للبطش، لمنع بني هاشم من الوصول أو الحصول
على أي موقع على مدى الأيام والأعوام..
وهكذا.. فقد كان عمر يقول عن
معاوية:
هذا كسرى العرب([15])..
وكان يحاول أن يطمعه بالخلافة بنحو أو بآخر، كما ذكرناه في كتابنا:
(الحياة السياسية للإمام الحسن «عليه السلام»).
ثم إن عمر رتب الشورى بنحو يحتم اختيار
عثمان..
إلى غير ذلك من أمور تستحق إفراد تأليف مستقل لها، وبذل
جهد لاستجلاء آفاق واستكناه واقع هذا الموضوع.
وعن مهاجمتهم بيت علي والزهراء «عليهما السلام»، يقول
إبراهيم، بن عبد الرحمان، بن عوف: إنّ عبد الرحمان، بن عوف، كان مع عمر
بن الخطّاب، وإنّ محمّد بن مسلمة كسر سيف الزبير. ثمّ قام أبو بكر فخطب
الناس..
إلى أن قال:
قال عليّ
«عليه السلام»، والزبير: ما غضبنا إلا لأنّا أخرنا عن المشاورة، وإنّا
نرى أن أبا بكر أحقّ الناس بها بعد رسول الله
«صلى الله
عليه وآله».
إنّه لصاحب الغار، وثاني اثنين. وإنّا لنعلم بشرفه وكِبَرِه.
ولقد أمره رسول الله «صلى الله عليه وآله» بالصلاة
بالناس، وهو حيّ([16]).
ونقول:
أولاً:
ذكرنا في كتابنا: الصحيح من سيرة النبي الأعظم «صلى
الله عليه وآله»: أن ما يذكرونه من صلاة أبي بكر بالناس بأمر من رسول
الله «صلى الله عليه وآله»، غير صحيح..
بل قد ذكرنا قول أستاذ المعتزلي:
إن علياً «عليه السلام» يقول: إن عائشة هي التي أمرت
أباها بذلك، وأن هذا هو ما ثبت لدى علي «عليه السلام»([17]).
ثانياً:
ذكرنا أيضاً: أنه حتى لو كان النبي «صلى الله عليه
وآله» قد أمره بأن يصلي بالناس، فذلك لا يدل على أهليته لقيادة الأمة،
فإن الأوصاف المطلوبة في إمام الجماعة هي: الإسلام، والإيمان، والبلوغ،
والعقل، واجتناب الذنوب الكبائر، وأن لا يصر على الصغائر..
فكيف إذا كان أبي بكر وعمر يجيزون الصلاة خلف كل بر
وفاجر؟!
وشرائط الإمامة للمسلمين أعظم وأهم من ذلك.. فإن
المطلوب هو: العلم، والعصمة، والشجاعة، والتنصيص الإلهي الكاشف عن وجود
الملكات الخاصة المطلوبة في الإمام، وغير ذلك من شرائط عامة وخاصة..
ثالثاً:
لنفترض: أن النبي «صلى الله عليه وآله» أمر أبا بكر
بالصلاة بالناس، ولكن أليس قد سبق ذلك نصب علي «عليه السلام» إماماً في
يوم الغدير، وقد بايعه الناس، ومنهم أبو بكر بالإضافة إلى مواقف كثيرة
أخرى أكد «صلى الله عليه وآله» فيها على هذا الأمر؟!
فإن تكليف أي إنسان بالصلاة في أي مكان لا يعد إلغاءً
لما كان قد تقرر سابقاً، ولا هو من مفردات نقض البيعة لمن كان الناس قد
بايعوه..
وقد كان ابن عباس والياً على البصرة، وكان أبو الأسود
على الصلاة بالناس، فهل أوجب ذلك عزل أو انعزال ابن عباس؟!
رابعاً:
كون أبي بكر صاحب الغار، وثاني اثنين ليس من دلائل
الأهلية للخلافة، بل هو من دلائل عدم صلاحية أبي بكر لها، كما أوضحناه
في كتابنا: الصحيح من سيرة النبي الأعظم «صلى الله عليه وآله» ولا سيما
مع كون هذا الصاحب قد رأى من آيات الله وعناياته، ما يحتم عليه اليقين
بالحفظ الإلهي، والرعاية الربانية، وزوال أي مبرر لأدنى حزن أو قلق أو
ارتياب في ذلك..
فإذا ظهر أن ذلك لم يفد شيئاً في
إزالة حزنه، فهو يعني:
أن ثمة مشكلة كبيرة فيما يرتبط بموضوع التسليم، والرضا والمعرفة بالله
تعالى، والثقة به..
هذا بالاضافة إلى اشارات عديدة تضمنتها آية الغار، ولا
سيما، إخراج أبي بكر من السكينة واختصاص الله تعالى بنيه الأكرم «صلى
الله عليه وآله» بها. فضلاً عما سوى ذلك..
خامساً:
بالنسبة لمعرفتهم بشرف وكِبَر أبي بكر، نقول:
ذكرنا في كتابنا:
الصحيح من سيرة النبي الأعظم «صلى الله عليه وآله» ما
يدل على ما يخالف ذلك، وأنه كان من أقل وأذل حي من قريش، كما سيأتي في
فصل: سياسات لاستيعاب أمويين.. فهناك بعض ما يدل على ذلك.. كما أن
الرواية التي ستأتي عن محاولة أبي بكر قتل علي «عليه السلام» على يد
خالد، قد ذكرت ما يدل على ما نقول أيضاً..
سادساً:
إن ما طفحت به كتب الحديث والرواية والتاريخ، وهو من
المسلمات لدى القاصي والداني: أن علياً، وأهل بيته «عليهم السلام»
يرون: أن الحق في الخلافة لهم، وأن أبا بكر وعمر وعثمان قد غصبوا
حقهم.. وكلمات أمير المؤمنين «عليه السلام» في تقرير هذا المعنى قد
تواصلت إلى آخر أيام حياته، وهي لا تكاد تحصى لكثرتها، وفي نهج البلاغة
الشيء الكثير منها.. ومنها الخطبة المعروفة بالشقشقية. فما معنى أن
تنسب هذه الرواية إلى علي «عليه السلام» ما يخالف ذلك كله؟!
سابعاً:
لو صح ما نسبته الرواية إلى علي «عليه السلام» من أن
غضبهم إنما هو لتأخيرهم عن المشاورة فهو يعتبر طعناً في دين علي وأهل
بيته «عليهم السلام»، وإهانة وانتقاصاً لهم، لدلالته على أنهم قد
أثاروا مشكلة عظيمة، قتلت من أجلها النفوس، وحلّت بالأمة بسببها
البلايا، وستبقى آثارها وتداعياتها إلى يوم القيامة، لمجرد نزوة شخصية
عارضة تمثلت بإرضاء غريزة الأنا لديهم، وليس لأجل مصلحة الأمة، ولا
لأجل الردع عن مخالفة أمر الله تعالى..
ولعل الصحيح هو ما ذكره المسعودي
وغيره، فقد قال المسعودي:
«لما بويع أبو بكر في السقيفة، وجددت له البيعة يوم
الثلاثاء خرج علي «عليه السلام» فقال: أفسدت علينا أمورنا، ولم تستشر،
ولم ترع لنا حقاً.
فقال أبو بكر:
بلى، خشيت الفتنة..»([18]).
وبعد..
فإن المتغلبين
على أمر الأمة بعد استشهاد الرسول
«صلى الله
عليه وآله»،
قد استعملوا أقصى درجات الخشونة للوصول إلى مرادهم.. فتهددوا سعد بن
عبادة، حتى قال عمر بن الخطاب: اقتلوا سعداً قتله الله.
وهاجموا بيت الزهراء «عليها السلام»، وضربوها، وأسقطوا
جنينها، وأضرموا النار في بيت علي، وفاطمة، والحسنين «عليهم السلام»،
وأراد عمر قتل علي.
وتهددوا الأنصار ببسط اليد واللسان على معارضيهم منهم،
وبقتلهم..
وحاولوا قتل علي أيضاً بواسطة خالد بن الوليد.
وأُخذ الحباب بن المنذر، ووطئ في بطنه، ودس في فيه
التراب، وحطّم أنفه.
ودفع في صدر المقداد.
وأخذ سيف الزبير، وكسر.
وكان الناس يسحبون إلى البيعة بخشونة، وقسوة..
وقال من قال:
إني لأرى عجاجة لا يطفئها إلا دم..
إلى كثير من الأحداث الصعبة، والمتشنجة الأخرى..
وخلاصة ذلك:
أن ما فعلوه سيبقى من أسباب تمزق وتفرق الأمة، ومادة للإختلاف فيها إلى
يوم القيامة.
وقد قال الشهرستاني:
«وأعظم خلاف بين الأمة خلاف الإمامة، إذ ما سل سيف في
الإسلام على قاعدة دينية مثلما سل على الإمامة في كل زمان»([19]).
نعم..
هذا هو الحال الذي كان قائماً آنذاك، ولكنهم لا
يرون أن ذلك كله من الفتنة التي لا يجوز الإقدام عليها. ولا جر الناس
إليها..
أما حين يصل الأمر إلى علي «عليه السلام»، فإن نفس
هؤلاء الذين فعلوا ذلك كله وسواه يبادرون إلى التخويف من وقوع الفتنة،
لمجرد أن يمتنع صاحب الحق المغتصب عن اعلان رضاه باغتصاب حقه، وعن
بيعتهم، وأن يتفوه هو أو أحد من محبيه بالإعتراض عليهم، بالآية أو
بالرواية عن رسول الله
«صلى الله
عليه وآله»
التي تدنيهم، وتسقط ذكر أئمتهم.
وقد وصف الخليفة علياً «عليه
السلام»:
بأنه مرب لكل فتنة، وأنه يشبه أم طحال أحب أهلها إليها
البغي([20]).
وذلك لمجرد مطالبة فاطمة «عليها السلام» لهم بحقها
في الإرث والنِحلة. ومحاولتها إظهار مظلوميتها، حين اغتصبوا منها إرثها
ونِحْلتَها..
كما أنه حين قال له علي «عليه
السلام»:
أفسدتّ علينا أمرنا، ولم تستشر، ولم ترع لنا حقنا.
قال أبو بكر:
بلى، ولكني خشيت الفتنة([21]).
علي
لا يقيل أبا بكر:
قالوا:
ولما تمت البيعة لأبي بكر أقام ثلاثة أيام يقيل الناس،
ويستقيلهم، ويقول: قد أقلتكم في بيعتي! هل من كاره؟! هل من مبغض؟!.
فيقوم علي في أول الناس، فيقول:
والله لا نقيلك، ولا نستقيلك أبداً. قد قدمك النبي
لتوحيد ديننا، من ذا الذي يؤخرك لتوجيه دنيانا([22]).
يشير إلى صلاته بالناس في مرض النبي
«صلى الله
عليه وآله».
ونقول:
إننا لا نرى حاجة إلى تفنيد هذه المزعمة.. وقد ذكرنا
بعض ما يفيد في ذلك في كتابنا: الصحيح من سيرة النبي
«صلى الله
عليه وآله»..
غير أننا نكتفي هنا بما يلي:
أولاً:
قد روى أهل السنة في صحاحهم: أن علياً «عليه السلام» لم
يبايع أبا بكر إلا بعد ستة أشهر([23])،
أي بعد استشهاد فاطمة الزهراء «عليها السلام».
ثانياً:
لا ندري كيف نوفق بين هذا وبين ما فعلوه في الزهراء،
حيث ضربوها وأسقطوا جنينها، وسعوا في إحراق بيتها على من فيه، وفيه علي
نفسه، والزهراء، والحسن والحسين «عليهم السلام»!!
ثالثاً:
لا شك في أن قياس مسألة الإمامة والخلافة على مسألة
إمامة الصلاة غير صحيح، إذ لا يشترط في إمامة الصلاة علم، ولا فقه، ولا
شجاعة، ولا كثير من شرائط الخلافة.
رابعاً:
إن هؤلاء لا يشترطون عموماً عدالة الإمام في الصلاة،
ولكنهم يشترطون ذلك في الخليفة، وغيرهم يشترط فيه العصمة، والنص.
كما أن هؤلاء لا يشترطون لانعقاد الجماعة وصية ولا
شورى، ولا بيعة أهل الحل والعقد، ولا نصاً ولا غير ذلك.. أما الخلافة
فتحتاج في انعقادها إلى شيء من ذلك عند الكل..
خامساً:
إن حديث صلاة
أبي بكر بالناس في مرض رسول الله
«صلى الله
عليه وآله»،
بأمر منه لا يصح.
وكان علي «عليه السلام» يقول:
إن عائشة هي
التي أمرت أباها بالصلاة، وليس رسول الله
«صلى الله
عليه وآله».
فراجع الصحيح من سيرة النبي
«صلى الله
عليه وآله».
سادساً:
إن الخلافة ليست منصباً دنيوياً محضاً، بل هي رئاسة
دينية بالدرجة الأولى أيضاً.
وقد ذكر ابن أبي الحديد خلاصة لحقيقة الدوافع التي
كانت وراء إقصاء علي «عليه السلام» عن مقام الخلافة بعد رسول الله
«صلى الله
عليه وآله»،
فقال: «.. والقوم الذين غلب على ظنونهم أن العرب لا تطيع علياً «عليه
السلام»:
فبعضها للحسد.
وبعضها للوتر والثأر.
وبعضها لاستحداثهم سنه.
وبعضها لاستطالته عليهم، ورفعه عنهم.
وبعضها كراهة اجتماع النبوة والخلافة في بيت واحد.
وبعضها للخوف من شدة وطأته، وشدته في دين الله.
وبعضها خوفاً لرجاء تداول قبائل العرب للخلافة، إذا لم
يقتصر بها على بيت مخصوص عليه، فيكون رجاء كل حي لوصولهم إليها ثابتاً
مستمراً.
وبعضها ببغضه، لبغضهم من قرابته لرسول الله
«صلى الله
عليه وآله»،
وهم المنافقون من الناس، ومن في قلبه زيغ من أمر النبوة.
فأصفق الكل إصفاقاً واحداً على صرف الأمر عنه
لغيره..
وقال رؤساؤهم:
إنَّا خفنا الفتنة، وعلمنا: أن العرب لا تطيعه، ولا
تتركه. وتأولوا عند أنفسهم النص ـ ولا ينكر النص ـ وقالوا: إنه النص،
ولكن الحاضر يرى ما لا يرى الغائب([24]).
ولكن فات المعتزلي أن يذكر:
أن هناك من صمم والتزم، وكتب عهداً وعقداً عند الكعبة:
أن يمنع علياً «عليه السلام» من الوصول إلى هذا الأمر، وأنه كان يدبر
الأمر لنفسه ولحزبه حسداً، وطمعاً، واستطالة، وخوفاً، ورجاء تداول
قبائل العرب الخلافة.. إلى آخر ما ذكره، فكان له ما أراد من خلال
الوسائل المختلفة التي استفاد منها، وكلها غير مشروعة.
وبعد..
فإن النصوص التي أشارت على سبب عدم تصدي علي «عليه
السلام» لاسترداد حقه بالقوة كثيرة، نذكر منها ما يلي:
1 ـ
قال الأشعث بن
قيس لعلي «عليه السلام»: «وأنت
لم تخطبنا خطبة منذ كنت قدمت العراق إلا قلت فيها قبل أن تنزل على
المنبر:
«والله، إني لأولى الناس بالناس، ولا زلت مظلوماً مذ
قبض رسول الله
«صلى الله
عليه وآله»»،
فما يمنعك أن تضرب بسيفك دون مظلمتك»؟!
قال «عليه السلام»:
يا ابن قيس،
اسمع الجواب: لم يمنعني من ذلك الجبن، ولا كراهة للقاء ربي، وأن لا
أكون أعلم أن ما عند الله خير لي من الدنيا والبقاء فيها. ولكن منعني
من ذلك أمر رسول الله
«صلى الله
عليه وآله»،
وعهده إلي».
ثم ذكر «عليه السلام»:
أن النبي
«صلى
الله عليه وآله»
قال له: «إن وجدت أعواناً فانبذ إليهم وجاهدهم. وإن لم
تجد أعواناً، فكف يدك، واحقن دمك، حتى تجد على إقامة الدين، وكتاب الله
وسنتي أعواناً»([25]).
وهناك أحاديث أخرى تشير إلى هذا السبب في قعوده «عليه
السلام»([26])..
2 ـ
في نص آخر عن
زرارة: قلت لأبي عبد الله «عليه السلام»: ما منع
أمير المؤمنين «عليه السلام» أن يدعو الناس إلى نفسه؟!
قال:
خوفاً أن يرتدوا.
قال علي (أي ابن حاتم):
وأحسب في
الحديث: ولا يشهدوا أن محمداً
«صلى الله
عليه وآله»
رسول الله([27]).
3 ـ
ويوضح نص آخر
عن أبي جعفر «عليه السلام» هذا الأمر؛ فيقول:
لم يمنعه من
أن يدعو
إلى نفسه إلا
أنهم
إن يكونوا ضلالاً، لا يرجعون عن الإسلام أحب إليه من أن
يدعوهم، فيأبوا عليه، فيصيرون كفاراً كلهم([28]).
4 ـ
يقول «عليه السلام» في خطبته المعروفة بالشقشقية:
«فطفقت أرتأي بين أن أصول بيد جذاء، أو أصبر على طخية
عمياء، يهرم فيها الكبير، ويشيب فيها الصغير، ويكدح فيها مؤمن حتى يلقى
ربه.. فرأيت أن الصبر على هاتا أحجى، فصبرت وفي العين قذى، وفي الحلق
شجى، أرى تراثي نهباً»([29]).
5 ـ
قيل للإمام
الرضا «عليه السلام»: لِمَ لَمْ يجاهد علي أعداءه خمساً
وعشرين سنة
بعد رسول الله
«صلى الله
عليه وآله»؟!
فقال:
لأنه اقتدى
برسول الله
«صلى الله
عليه وآله»
في تركه جهاد المشركين بمكة بعد النبوة ثلاث عشرة سنة،
وبالمدينة تسعة عشر شهراً، وذلك لقلة أعوانه عليهم. وكذلك ترك علي
مجاهدة أعدائه لقلة أعوانه عليهم([30]).
6 ـ
لو قام بالسيف لتذرعوا بأنه شق عصا الطاعة، وأفسد في
الأرض. ولادَّعوا أنه بايع، ثم نكث بيعته. وأثار الفتنة.
7 ـ
عن علي «عليه
السلام» قال: «فنظرت فإذا ليس لي معين إلا أهل
بيتي؛ فضننت بهم عن الموت، وأغضيت على القذى»([31]).
وفي نص آخر:
«فنظرت فإذا ليس لي رافد، ولا ذاب، ولا مساعد إلا أهل
بيتي، فضننت بهم عن المنية، فأغضيت على القذى، وجرعت ريقي. وصبرت من
كظم الغيظ على أمر من العلقم. وآلم للقلب من وخز الشفار»([32])..
ولا مانع من أن يكون «عليه السلام» قد لاحظ ذلك كله، من
ادراكه لمرامي وصية رسول الله «صلى الله عليه وآله» بعدم مناجزة
الغاصبين إلا إذا وجد أعواناً.. وقد رأى بأم عينيه مبررات هذه الوصية،
على أرض الواقع.
قد يدور بخلد البعض:
أن ثمة تناقضاً في روايات: أن علياً «عليه السلام» كان
موصى من النبي «صلى الله عليه وآله»، فإن بعضها يقول: إن عليه أن لا
يحارب الغاصبين، إلا إذا وجد أربعين مناصراً.
وبعضها:
تستثني عشرين مناصراً فقط..
ونجيب:
لو صح وجود الرواية التي تذكر العشرين مناصراً، وترجح
لنا صدورها عن رسول الله «صلى الله عليه وآله» فإننا نقول:
إنه لا تعارض بينها وبين روايات الأربعين، إذ لا مانع،
بل قد يكون ذلك هو الأقرب بأن يكون «صلى الله عليه وآله» قد قال مرة
هذا القول، وقال مرة أخرى ذلك القول، وأمره مرة ثالثة بالكف من دون
الإشارة إلى عددٍ بعينه أيضاً..
ولا شك في أن تكرار هذه الوصية، والإشارة إلى قلة
الناصر، أمر هام جداً في مجال إفهام الناس حقيقة موقف علي «عليه
السلام»، والتزامه بأوامر الرسول، وأنه لا يقف هذا الموقف عن خوف وجبن.
كما أن ذلك يعرفنا بحقيقة المعتدين على حقه، وبدرجة
إيمان من يدعون لأنفسهم المقامات العالية في الإسلام والإيمان.
وقد يقال:
ما زلنا نسمع أن الأنصار كانوا يميلون إلى علي «عليه
السلام»، ويرون أن الحق له دون سواه، فلو كان كل هذا الجمع العظيم من
الأنصار، يعتقدون منذ البداية، بأن علياً هو خليفة النبي «صلى الله
عليه وآله» بلا فصل، لكان علي «عليه السلام»، قادراً منذئذ على
الإستعانة بهذه الأكثرية من الصحابة، ولصح له أن يصرَّ على منع مناوئيه
من اغتصاب حقه.. فهل عدم تصديه لذلك دليل على ضعفه؟! أم أنه يدل على
أنه لا حق له؟!
ونجيب:
أولاً:
لا شك في أن أكثر الناس يحبون حياة الدعة والسلامة،
فإذا رأوا الأعين محمرة على أمر، ولم تكن لديهم حوافز للدفاع عنه، تفوق
في أهميتها عندهم ما سوف يقدمونه من أجله من خسائر، وتضحيات، فإنهم سوف
ينصرفون عن التصدي للدفاع عنه..
والأمر هنا من هذا القبيل، فقد رأينا أن هؤلاء الأنصار
أنفسهم لا يعترضون ولا يحركون ساكناً حينما قال قائلهم للرسول «صلى
الله عليه وآله»: إن النبي ليهجر (أو نحو ذلك)، وحينما هوجم بيت السيدة
الزهراء «عليها السلام»، وجاؤوا بقبس من نار لإحراق ذلك البيت، رغم
معرفتهم بخطورة ما صدر من ذلك القائل، وبخطورة ما يجري على السيدة
الزهراء «عليها السلام»..
كما أنهم سكتوا عن المتخلفين عن جيش أسامة، وسكتوا عن
الذين نفَّروا برسول الله «صلى الله عليه وآله» ناقته في ليلة العقبة،
وسكتوا على الذين رفعوا أصواتهم فوق صوت النبي في يوم عرفة، ومنعوه من
بلوغ ما يريد، حتى ليقول جابر بن سمرة ـ كما في صحيح مسلم وغيره ـ:
«فقال كلمة أصمَّنيها الناس».
وفي نص آخر:
فضج الناس..
وفي نص آخر:
فصاروا يقومون، ويقعدون، ونحو ذلك..
وقد أشفق هؤلاء الأصحاب أيضا أن يقدموا بين يدي نجواهم
صدقة.
وقد لامهم الله تعالى على تثاقلهم عن الجهاد في سبيل
الله، وكانوا إذا رأوا تجارة أو لهواً انفضوا إليها، وتركوا النبي «صلى
الله عليه وآله» قائماً..
{قُلْ
مَا عِندَ اللهِ خَيْرٌ مِّنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ}([33]).
مع يقينهم بأن المطلوب منهم كان غير ذلك في جميع هذه الموارد، وسواها.
ثانياً:
إن الأنصار قد رأوا بأم أعينهم: كيف أن بني أسلم قد
يظهرون فجأة في بلدهم الصغير جداً، الذي قد لا يصل عدد سكانه إلى بضعة
آلاف. ليساعدوا أبا بكر على إقامة حكومته، وإخماد أصوات مناوئيه.
رواه أبو مخنف لوط بن يحيى الأزدي عن محمد إسحاق الكلبي
وأبي صالح، ورواه أيضاً عن رجاله زايدة بن قدامة قال:
كان جماعة من الأعراب قد دخلوا المدينة ليتماروا منها،
فشغل الناس عنهم بموت رسول الله «صلى الله عليه وآله» فشهدوا البيعة
وحضروا الأمر فأنفذ إليهم عمر واستدعاهم وقال لهم:
خذوا بالحظ من المعونة على بيعة خليفة رسول الله
واخرجوا إلى الناس واحشروهم ليبايعوا فمن امتنع فاضربوا رأسه وجبينه.
قال:
والله لقد رأيت الأعراب تحزموا، واتشحوا بالأزر
الصنعانية وأخذوا بأيديهم الخشب وخرجوا حتى خبطوا الناس خبطا وجاؤا بهم
مكرهين إلى البيعة وأمثال ما ذكرناه من الأخبار في قهر الناس على بيعة
أبي بكر وحملهم عليها بالاضطراب كثيرة ولو رمنا إيرادها لم يتسع لهذا
الكتاب فإن كان الذي ادعاه المخالف من إكراه من أكره على بيعة أمير
المؤمنين «عليه السلام» دليلاً على فسادها مع ضعف الحديث بذلك فيكون
ثبوت الأخبار بما شرحناه من الأدلة على بيعة أبي بكر موضحة عن بطلانها([34])
.
وكانوا من الكثرة بحيث تضايقت بهم سكك المدينة([35])،
وقوي بهم أبو بكر، كما يقول المؤرخون، ويقول عمر: إنه لما رأى قبيلة
أسلم أيقن بالنصر([36])،
بل في بعض النصوص: إن أكثر من أربعة آلاف مقاتل، قد ظهروا فجأة في
المدينة، وكان خالد على ألف منهم، ومعاذ على ألف، وغيره على ألف،
وهكذا..
وتذكر نصوص تاريخية وروائية:
أنهم صاروا يسحبون الناس للبيعة ويهينونهم، ويجبرونهم
على مبايعة أبي بكر، شاؤوا أم أبوا، ثم صاروا يذهبون إلى من جلسوا في
بيوتهم، وتغيبوا، فيستخرجونهم منها قهراً، ويأتون بهم إلى المسجد
ليبايعوا..
وماذا ينفع الجمع العظيم من الأنصار في مثل هذه الحالة
ما دام أنه لا يقدر أحد منهم على الوصول إلى الإمام علي «عليه السلام»،
لنجدته وهو محاصر في بيته؟! وقد كان بيته في داخل مسجد رسول الله «صلى
الله عليه وآله»، مقابل المنبر الذي يبايع الناس عليه أبا بكر. ولا
يفصل المنبر عن بيت الإمام علي «عليه السلام» سوى بضعة أمتار، قد لا
تزيد على عدد أصابع اليد الواحدة إلا قليلاً..
وعن بني أسلم نقول:
لقد كانت هذه القبيلة تعيش في أطراف المدينة هي وقبيلة
أشجع، وجهينة، ومزينة، وغفار، كانت هي وأخواتها هذه، أعرابية بكل ما
لهذه الكلمة من معنى، ولعل قوله تعالى:
{وَمِمَّنْ
حَوْلَكُم مِّنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ المَدِينَةِ
مَرَدُواْ عَلَى النِّفَاقِ لاَ تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُم}([37]).
جاء ليشير إلى هذه القبيلة وأخواتها بالذات ويقول: إن النفاق كان
مستشرياً إلى هذا الحد في نفس المدينة، وفيما حولها..
وقد أعلم الله رسوله بحقيقة هؤلاء المنافقين في هذه
الآية، ربما من أجل الإشارة إلى هذه الأحداث المؤلمة التي كان الرسول
«صلى الله عليه وآله» يحمل همها قبل وفاته «صلى الله عليه وآله»،
وسيعاني منها أمير المؤمنين «عليه السلام» بعد ذلك..
والخلاصة:
ظهر:
أن تقسيم البعض للناس في زمن الرسول إلى شيعة وسنة،
تقسيم غير دقيق، بل هم إما مطيع لأوامر رسول الله «صلى الله عليه
وآله»، وإما عاص لها. وإما مؤمن صحيح الإيمان، وإما منافق..
وقد ظهر:
أن الذين سعوا إلى مخالفة أمر الرسول، كانوا يملكون
قوة، ولهم مؤيدون.. وأما سائر الناس العاديين، فكانوا يخضعون للترغيب
وللترهيب، وكان حبهم للسلامة، والابتعاد عن المصادمات هو الأقوى،
والأكثر ملاءمة لهوى نفوسهم..
ثالثاً:
هل وجد الإمام علي «عليه السلام» فرصة ليدعو الناس إلى
نصرته؟!
أليس قد هوجم، وحوصر، وضربت زوجته واسقط جنينها وحوصر
محبوه، واخذوا من بيوتهم، فور فراغه من دفن الرسول؟!
([1])
الآية 26 من سورة ص.
([2])
الآيتان 246 و 247 من سورة البقرة.
([3])
الآية 251 من سورة البقرة.
([4])
الآيات 29 ـ 32 من سورة طه.
([5])
الآية 142 من سورة الأعراف.
([6])
مروج الذهب (تحقيق شارل پلا) ج3 ص200 والإحتجاج للطبرسي ج1
ص272 والجمل لابن شدقم المدني ص93 وراجع: ظلامة الزهراء «عليها
السلام»، للعلامة الأحمدي ص63 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي (ط
دار إحياء الكتب العربية) ج3 ص190 و (ط مصر) ج1 ص283 وقاموس
الرجال للتستري ج10 ص119 والغدير ج10 ص158 وصفين للمنقري ص118
و 119 و (ط المؤسسة العربية الحديثة سنة 1382هـ) ص120
والإختصاص ص119 و (ط دار المفيد سنة 1414هـ) ص126 وغاية المرام
ج5 ص309 وج6 ص123 وجمهرة رسائل العرب ج1 ص542. وراجع: أنساب
الأشراف ج1 ص312 وج2 ص393 وبحار الأنوار ج8 ص603 و 604 وج33
ص577 و 579 عن الإحتجاج، والإختصاص، ونصر بن مزاحم.
([7])
راجع: مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب ج3 ص212 و 313 و (ط
المطبعة الحيدرية ـ النجف 1376هـ) ج3 ص14 وبحار الأنوار ج28
ص103 و 104 و 122 و 123 و 126 وراجع ص85 و 116 و 127 وج31 ص636
وج36 ص632 والصوارم المهرقة للتستري ص74 ـ 77 والأنوار العلوية
ص75 والدرجات الرفيعة ص301 وعن إرشاد القلوب ج2 ص112 ـ 135
للديلمي في تفسير قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ
الشَّيْطَانِ﴾ [الآية 10 من سورة المجادلة]، وقوله تعالى:
{مَا
يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ}
[الآية 8 من سورة المجادلة] والكافي ج4 ص545 وج8 ص179 و 334
وكتاب سليم بن قيس (بتحقيق محمد باقر الأنصاري) ج2 ص652 و 650
و 589 ـ 591 و (ط أخرى) ص271 وجامع أحاديث الشيعة ج12 ص212
ومستدركات علم رجال الحديث ج2 ص267 وج4 ص411 وراجع: مجمع
البحرين ج2 ص484 وطرائف المقال للبروجردي ج2 ص207 والمحتضر
لابن سليمان الحلي ص108 والصراط المستقيم ج3 ص151 و 152
والفصول المختارة ص58.
([8])
معاني الأخبار ص312 و (ط مؤسسة النشر الإسلامي سنة 1379هـ)
ص412 وبحار الأنوار ج28 ص117 عنه، وص105 وج31 ص589 وج10 ص296
ومدينة المعاجز ج1 ص469 ـ 471 عن العيون والمحاسن، والفصول
المختارة ص90 والمحاسن ص58 وراجع: الأصول الستة عشر ص18 وكتاب
الأربعين للشيرازي ص574 والأصول الستة عشر من الأصول الأولية
(تحقيق ضياء الدين المحمودي) ص144 والإستغاثة ج2 ص66.
([9])
كتاب سليم بن قيس (تحقيق محمد باقر الأنصاري) ج2 ص650 و (ط
أخرى) ص203 وراجع ص154 بحار الأنوار ج31 ص416 و ج28 ص274
ومصباح البلاغة (مستدرك نهج البلاغة) ج1 ص335 والإحتجاج
للطبرسي = = ج1 ص218 وراجع ص110 والأنوار العلوية ص335 وغاية
المرام ج2 ص102 وج6 ص104 وراجع: ج5 ص318 و 336 وراجع: المحتضر
لابن سليمان الحلي ص110 وكتاب الأربعين للشيرازي ص249 ونفس
الرحمن للطبرسي ص485.
([10])
نهج البلاغة (بشرح عبده) ج3 ص33 والإحتجاج للطبرسي ج1 ص262
والصوارم المهرقة ص220 وكتاب الأربعين للشيرازي ص165 وبحار
الأنوار ج28 ص368 وج29 ص621 وج33 ص59 و 162 و 108 ومستدرك
سفينة البحار ج7 ص505 والإمام علي بن أبي طالب «عليه السلام»
للهمداني ص733 ونهج السعـادة للمحمودي ج4 ص197 وشرح نهج
البـلاغـة للمعتزلي ج15 = = ص183 وجواهر المطالب في مناقب
الإمام علي «عليه السلام» لابن الدمشقي ج1 ص374 وتقريب المعارف
لأبي الصلاح الحلبي ص237 وغاية المرام ج5 ص329 وشرح إحقاق الحق
(الملحقات) ج2 ص369 وسفينة النجاة للتنكابني ص327 وصفين
للمنقري ص87 ومنهاج البراعة ج19 ص92 و 104 عن العديد من
المصادر.
([11])
تاريخ الأمم والملوك ج3 ص341 والعقد الفريد ج4 ص93 و268
والأموال لأبي عبيد ص174 ح353 والإمامة والسياسة ج1 ص24 ومروج
الذهب ج2 ص317 وتاريخ اليعقوبي (ط سنة 1394هـ) ج2 ص126.
وراجع
المصادر التالية: تاريخ الإسلام للذهبي ج1 ص117 و 118 وإثبات
الهداة ج2 ص359 و 367 و 368 والإيضاح لشاذان ص161 وسير أعلام
النبلاء (سير الخلفاء الراشدين) ص17 ومجموع الغرائب للكفعمي
ص288 ومروج = = الذهب ج1 ص414 وج2 ص301 وشرح نهج البلاغة
للمعتزلي الشافعي ج1 ص130 وج17 ص168 و 164 وج6 ص51 وج2 ص47 و
46 وج20 ص24 و 17 وميزان الإعتدال ج3 ص109 ج2 ص215 والإمامة
(مخطوط توجد نسخة مصورة منه في مكتبة المركز الإسلامي للدراسات
في بيروت) ص82. ولسان الميزان ج4 ص189 وتاريخ الأمم والملوك (ط
المعارف) ج3 ص430 وكنز العمال ج3 ص125 وج5 ص631 و 632 والرسائل
الإعتقادية (رسالة طريق الإرشاد) ص470 و 471 ومنتخب كنز العمال
(مطبوع بهامش مسند أحمد) ج2 ص171 والمعجم الكبير للطبراني ج1
ص62 وضياء العالمين (مخطوط) ج2 ق3 ص90 و 108 عن العديد من
المصادر. والنص والإجتهاد ص91 والسبعة من السلف ص16 و 17
والغدير ج7 ص170 ومعالم المدرستين ج2 ص79 وعن تاريخ ابن عساكر
(ترجمة أبي بكر) ومرآة الزمان.
وراجع: زهر الربيع ج2 ص124 وأنوار الملكوت ص227 وبحار الأنـوار
ج30 ص123 و 136 و 138 و 141 و 352 ونفحات اللاهوت ص79 وحديقة
الشيعة ج2 ص252 وتشييد المطاعن ج1 ص340 ودلائل الصدق ج3 ق1 ص32
والخصال ج1 ص171 ـ 173 وحياة الصحابة ج2 ص24 والشافي للمرتضى
ج4 ص137 و 138 والمغني لعبد الجبار ج20 ق1 ص340 و 341 ونهج
الحق ص265 ومجمع الزوائد ج5 ص203 وتلخيص الشافي ج3 ص170
وتجريـد الاعتقـاد لنصير الـديـن الطـوسي ص402 وكشف المـراد =
= ص403 ومفتاح الباب (أي الباب الحادي عشر) للعربشاهي (تحقيق
مهدي محقق) ص199 وتقريب المعارف ص366 و 367 واللوامع الإلهية
في المباحث الكلامية للمقداد ص302 ومختصر تاريخ دمشق ج13 ص122
ومنال الطالب ص280.
([12])
راجع: تاريخ الأمم والملوك ج3 ص426 و 427 وغيره.. فإنك لا تجد
ذكراً لأحد من بني هاشم.
([13])
راجع: تاريخ الأمم والملوك ج2 ص449 ودلائل الصدق ج2 ص39 عنه،
وأعيان الشيعة ج1 ص82 و 430 وج6 ص291.
([14])
مروج الذهب (تحقيق شارل پلا) ج3 ص65 و 66 والسقيفة للمظفر
ص161.
([15])
راجع: الإستيعاب ج3 ص1417 وأسد الغابة ج4 ص386 والإصابة ج6
ص121 وسير أعلام النبلاء ج3 ص134 وتاريخ مدينة دمشق ج59 ص114 و
115 وتاريخ الإسلام للذهبي ج4 ص311 والبداية والنهاية ج8 ص134
وشرح الأخبار ج2 ص164 والغدير ج10 ص226 والأعلام للزركلي ج7
ص262 وإحقاق الحق (الأصل) للتستري ص263.
([16])
المستدرك على الصحيحين للحاكم ج3 ص66 والغدير ج5 ص356 وكنز
العمال ج5 ص597 والوضاعون وأحاديثهم للشيخ الأميني ص464 وتاريخ
الإسلام للذهبي ج3 ص13 والبداية والنهاية ج6 ص333 والسيرة
النبوية لابن كثير ج4 ص496 والسيرة الحلبية ج3 ص484.
([17])
شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج9 ص198.
([18])
مروج الذهب ج3 ص42 وراجع: الإمامة والسياسة ج1 ص12 ـ 14 مع
اختلاف.
([19])
الملل والنحل ج1 ص24 وراجع محاضرات في التاريخ الإسلامي للخضري
ج1 ص167 والمهـذب لابن الـبراج ج1 ص13 ودلائـل الإمـامـة
للـطـبري ص16 = = والمراجعات ص51 وخلاصة عبقات الأنوار ج3 ص313
والشهب الثواقب للشيخ محمد آل عبد الجبار ص20 والشافي في
الإمامة ج1 ص8 ومنهاج الكرامة ص110.
([20])
شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج16 ص215 ودلائل الامامة لابن رستم
الطبري ص123 وبحار الأنوار ج29 ص326 وموسوعة أحاديث أهل البيت
«عليهم السلام» للنجفي ج8 ص447 و 448 والسقيفة وفدك للجوهري
ص104 وقاموس الرجال للتستري ج12 ص323 واللمعة البيضاء ص744
ومجمع النورين للمرندي ص136 وسفينة النجاة للتنكابني ص344 وبيت
الأحزان ص152 والأسرار الفاطمية للمسعودي ص509.
([21])
مروج الذهب (تحقيق شارل پلا) ج3 ص42 والسقيفة للمظفر ص148
وموسوعة الإمام علي بن أبي طالب «عليه السلام» في الكتاب
والسنة والتاريخ ج3 ص58 عن المصادر التالية: الإمامة والسياسة
ج1 ص30 ـ 31 ومشاهير علماء الأمصار ص22.
([22])
الإمامة والسياسة ج1 ص15 و 16 و (تحقيق الزيني) ج1 ص22 و
(تحقيق الشيري) ج1 ص33 والجامع لأحكام القرآن ج1 ص272 وج7
ص172. وراجع: الغدير ج8 ص40 وكنز العمال ج5 ص654 و 657 وطبقات
المحدثين بأصبهان ج3 ص576 والعثمانيـة للجاحظ ص235 وسبل الهـدى
= = والرشاد ج12 ص317 وشرح المقاصد للتفتازاني ج2 ص287 وتاريخ
مدينة دمشق ج64 ص345.
([23])
صحيح البخـاري (ط دار الفـكر) ج5 ص82 وصحيح مسلم ج5 ص154 وشرح
أصول الكافي ج7 ص218 والصوارم المهرقة ص71 ومناقب أهل البيت
«عليهم السلام» للشيرواني ص413 وشرح مسلم للنووي ج12 ص77 وفتح
الباري ج7 ص378 وعمدة القاري ج17 ص258 وصحيح ابن حبان ج14 ص573
ونصب الراية للزيلعي ج2 ص360 والبداية والنهاية ج5 ص307
والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص568 والإكمال في أسماء الرجال
ص168.
([24])
شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج12 ص84 و 85.
([25])
بحار الأنوار ج29 ص467 و 419 وكتاب سليم بن قيس ج2 ص663 و 664
و (ط أخرى) ص304 والإحتجاج ج1 ص449 و 450 و (ط دار النعمان) ج1
ص281 ومستدرك الوسائل ج11 ص75 وحلية الأبرار ج2 ص64 وجامع
أحاديث الشيعة ج13 ص41 والإمام علي بن أبي طالب «عليه السلام»
للهمداني ص698 وغاية المرام ج2 ص105 و 197.
([26])
بحار الأنوار ج29 ص437 و 438 و 450 و 451 و 452 وعلل الشرايع
باب122 ح6 ج1 ص148 وتفسير العياشـي ج1 ص303 و ج2 ص51 ومستدرك
الوسائل ج11 ص74 وكتاب سليم بن قيس ص427 والغيبة للطوسي ص193
و203 و335 والإحتجاج (ط دار النعمان) ج1 ص281 وكتاب الأربعين
للشيرازي ص238 وحلية الأبرار ج2 ص65 وجامع أحاديث الشيعة ج13
ص42 و 43 ومستدرك سفينة البحار ج3 ص115 ونهج الإيمان ص579.
([27])
علل الشرايع ج1 ص149 و 150 باب122 ومناقب آل أبي طالب ج1 ص271
ـ 275 و (ط المكتبة الحيدرية) ج1 ص234 وبحار الأنوار ج29 ص440
و 445 وحلية الأبرار ج2 ص344 والأمالي للطوسي ص230 وغاية
المرام ج6 ص27.
([28])
علل الشرايع ج1 ص150 وبحار الأنوار ج29 ص440 وحلية الأبرار ج2
ص345.
([29])
نهج البلاغة (بشرح عبده) الخطبة رقم3 ج1 ص30 والإرشاد للمفيد
ج1 ص287 وعلل الشرائع ج1 ص150 والأمالي للطوسي ص372 والإحتجاج
(ط دار النعمان) ج1 ص281 والطرائـف لابـن طـاووس ص418 و 420 =
= وكتاب الأربعين للشيرازي ص167 وحلية الأبرار ج2 ص289 و 291
وبحار الأنوار ج29 ص497 ومناقب أهل البيت «عليه السلام»
للشيرواني ص457 والغدير ج7 ص81 وج9 ص380 والدرجات الرفيعة ص34
ونهج الحق للعلامة الحلي ص326 وبيت الأحزان ص89 ومناقب آل أبي
طالب ج2 ص48 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج1 ص151 ومعاني الأخبار
ص360.
([30])
راجع: علل الشرائع ج1 ص148 وعيون أخبار الرضا «عليه السلام» ج1
ص88 ووسائل الشيعة (ط مؤسسة آل البيت) ج15 ص88 و (ط دار
الإسلامية) ج11 ص66 وحلية الأبرار ج2 ص341 وبحـار الأنـوار ج29
ص435 وجامع أحاديث الشيعة ج13 ص39 ومسند الإمام الرضا «عليه
السلام» ج1 ص115.
([31])
نهج البلاغة (بشرح عبده) الخطبة 26 ج1 ص67 وكشف المحجة ص174 عن
رسائل الكليني، وبحار الأنوار ج29 ص610 والمراجعات ص391
ومستدرك سفينة البحار ج6 ص158 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج2
ص20 وغاية المرام ج5 ص322 وسفينة النجاة للتنكابني ص346.
([32])
راجع: نهج البلاغة (بشرح عبده) ج2 ص202 والإمامة والسياسة ج1
ص154 وبحار الأنوار ج29 ص608 وج33 ص569 والغارات للثقفي ج1
ص309 والمسترشد ص417 ومناقب آل أبي طالب ج2 ص48 والصوارم
المهرقة ص29 والجمل لضامن بن شدقم المدني ص119 وكتاب الأربعين
للشيرازي ص186 ومصباح البلاغة (مستدرك نهج البلاغة) ج1 ص276
وج4 ص175والإمام علي بن أبي طالب «عليه السلام» للهمداني ص730
وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج6 ص66 وج11 ص109 والدرجات الرفيعة
ص195 وأعيان الشيعة ج4 ص188 وسفينة النجاة للتنكابني ص306 وشرح
إحقاق الحق (الملحقات) ج2 ص379.
([33])
الآية 11 من سورة الجمعة.
([34])
الجمل للشيخ المفيد ص 59.
([35])
تاريخ الطبري ج2 ص458 وعنه بحار الأنوار ج 28 ص335 والشافي في
الامامة للشريف المرتضى ج3 ص190 وسفينة النجاة للسرابي
التنكابني ص 68.
([37])
الآية 101 من سورة التوبة.
|