وقد جرت بين علي «عليه السلام» وأبي بكر احتجاجات
كثيرة، لا يمكننا إيرادها بأجمعها، وبعضها تضمن أموراً قد لا تناسب
لذائقة كثيرين، إما من ناحية استثقالهم ما يتضمن منها معجزة إلهية تقهر
عقولهم.. أو من ناحية إظهار تلك الإحتجاجات حقائق لا يتوقعونها، من حيث
إنها تتسبب بإسقاط هالة القداسة التي أحاطوا بها أناساً هم أبعد ما
يكون عنها..
وقد تضمن الكتاب الشريف «بحار الأنوار» وكثير من كتب
الحديث المعتبرة غاية الإعتبار: الكثير الكثير من هذه الأحاديث.. فلا
بد من إحالة القارئ إليها، والتعويل عليها لمن أراد التوسع في هذا
الموضوع..
أما نحن، فنكتفي هنا بذكر نماذج يسيرة ثم ننصرف ـ
بالرغم عنا ـ إلى غيرها..
والموارد التي اخترناها وآثرنا أن نعرضها كما هي،
ومن دون تصرف أو تعليق سوى بعض ما يقتضيه التوضيح أو التصحيح، هي
التالية:
عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده
«عليهم السلام» قال:
لما كان من أمر أبي بكر، وبيعة الناس له، وفعلهم بعلي بن أبي طالب
«عليه السلام»، ما كان، لم يزل أبو بكر يظهر له الإنبساط، ويرى منه
الإنقباض، فكبر ذلك على أبي بكر، وأحب لقاءه، واستخراج ما عنده،
والمعذرة إليه مما اجتمع الناس عليه، وتقليدهم إياه أمر الأمة، وقلة
رغبته في ذلك، وزهده فيه. فأتاه في وقت غفلة، وطلب منه الخلوة، وقال
له:
والله يا أبا الحسن، ما كان هذا الأمر مواطاة مني، ولا
رغبة فيما وقعت فيه، ولا حرصاً عليه، ولا ثقة بنفسي فيما تحتاج إليه
الأمة، ولا قوة لي بمال، ولا كثرة العشيرة، ولا استيثاراً به دون غيري،
فما لك تضمر عليَّ ما لم أستحقه منك، وتظهر لي الكراهة فيما صرت إليه،
وتنظر إليَّ بعين الشناءة لي؟!
فقال له «عليه السلام»:
فما حملك عليه إذ لم ترغب فيه، ولا حرصت عليه، ولا وثقت بنفسك في
القيام به؟!
قال:
فقال أبو بكر: حديث سمعته من رسول الله «صلى الله عليه
وآله»: «إن الله لا يجمع أمتي على ضلال»، فلما رأيت إجماعهم اتبعت قول
النبي «صلى الله عليه وآله»، وأحلت([1])
أن يكون إجماعهم على خلاف الهدى من الضلال، فأعطيتهم قود الإجابة، ولو
علمت أن أحداً يتخلف لامتنعت!
قال:
فقال علي «عليه السلام»: أما ما ذكرت من حديث النبي «صلى الله عليه
وآله»: إن الله لا يجمع أمتي على ضلال، أفكنت من الأمة، أم لم أكن؟!
قال:
بلى.
قال:
وكذلك العصابة الممتنعة عنك، من سلمان، وعمار، وأبي ذر، والمقداد، وابن
عبادة ومن معه من الأنصار؟!
قال:
كل من الأمة.
فقال علي «عليه السلام»:
فكيف تحتج بحديث النبي «صلى الله عليه وآله» وأمثال هؤلاء قد تخلفوا
عنك، وليس للأمة فيهم طعن، ولا في صحبة الرسول ونصيحته منهم تقصير؟!
قال:
ما علمت بتخلفهم إلا من بعد إبرام الأمر، وخفت إن قعدت عن الأمر أن
يرجع الناس مرتدين عن الدين، وكان ممارستهم إلىَّ إن أجبتهم أهون مؤنة
على الدين، وإبقاءً له من ضرب الناس بعضهم ببعض، فيرجعون كفاراً، وعلمت
أنك لست بدوني في الإبقاء عليهم وعلى أديانهم!
فقال علي «عليه السلام»:
أجل، ولكن أخبرني عن الذي يستحق هذا الأمر، بما
يستحقه؟!
فقال أبو بكر:
بالنصيحة، والوفاء، ودفع المداهنة، والمحاباة، وحسن السيرة، وإظهار
العدل، والعلم بالكتاب والسنة، وفصل الخطاب، مع الزهد في الدنيا وقلة
الرغبة فيها، وانتصاف المظلوم من الظالم للقريب والبعيد.. ثم سكت.
فقال علي «عليه السلام»:
والسابقة والقرابة؟!
فقال أبو بكر:
والسابقة والقرابة.
قال:
فقال علي «عليه السلام»: أنشدك بالله، يا أبا بكر، أفي نفسك تجد هذه
الخصال، أو فيَّ؟!
قال أبو بكر:
بل فيك يا أبا الحسن.
قال:
أنشدك بالله، أنا المجيب لرسول الله «صلى الله عليه وآله» قبل ذكران
المسلمين، أم أنت؟!
قال:
بل أنت.
قال:
فأنشدك بالله، أنا صاحب الأذان لأهل الموسم ولجميع
الأمة بسورة براءة، أم أنت؟!
قال:
بل أنت.
قال:
فأنشدك بالله، أنا وقيت رسول الله بنفسي يوم الغار، أم أنت؟!
قال:
بل أنت.
قال:
فأنشدك بالله، ألي الولاية من الله مع ولاية رسوله في آية زكاة الخاتم،
أم لك؟!
قال:
بل لك.
قال:
فأنشدك بالله، أنا المولى لك ولكل مسلم بحديث النبي «صلى الله عليه
وآله» يوم الغدير، أم أنت؟!
قال:
بل أنت.
قال:
فأنشدك بالله، ألي الوزارة من رسول الله «صلى الله عليه وآله» والمثل
من هارون وموسى، أم لك؟!
قال:
بل لك.
قال:
فأنشدك بالله، أبي برز رسول الله «صلى الله عليه وآله» وبأهل بيتي
وولدي في مباهلة المشركين من النصارى، أم بك وبأهلك وولدك؟!
قال:
بكم.
قال:
فأنشدك بالله، ألي ولأهلي وولدي آية التطهير من الرجس، أم لك ولأهل
بيتك؟!
قال:
بل لك ولأهل بيتك.
قال:
فأنشدك بالله، أنا صاحب دعوة رسول الله «صلى الله عليه وآله» وأهلي
وولدي يوم الكساء: اللهم هؤلاء أهلي، إليك لا إلى النار، أم أنت؟!
قال:
بل أنت، وأهلك، وولدك.
قال:
فأنشدك بالله، أنا صاحب الآية:
{يُوفُونَ
بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً}([2])،
أم أنت؟!
قال:
بل أنت.
قال:
فأنشدك بالله، أنت الذي ردت له الشمس لوقت صلاته فصلاها ثم توارت، أم
أنا؟!
قال:
بل أنت.
قال:
فأنشدك بالله، أنت الفتى الذي نودي من السماء: «لا سيف إلا ذو الفقار
ولا فتى إلا علي»، أم أنا؟!
قال:
بل أنت.
قال:
فأنشدك بالله، أنت الذي حباك رسول الله «صلى الله عليه وآله» برايته
يوم خيبر، ففتح الله له، أم أنا؟!
قال:
بل أنت.
قال:
فأنشدك بالله، أنت الذي نفست عن رسول الله «صلى الله عليه وآله» وعن
المسلمين بقتل عمرو بن عبد ود، أم أنا؟!
قال:
بل أنت.
قال:
فأنشدك بالله، أنت الذي ائتمنك رسول الله «صلى الله عليه وآله» على
رسالته إلى الجن فأجابت، أم أنا؟!
قال:
بل أنت.
قال:
أنشدك بالله، أنا الذي طهره رسول الله «صلى الله عليه
وآله» من السفاح من آدم إلى أبيه بقوله «صلى الله عليه وآله»: خرجت أنا
وأنت من نكاح لا من سفاح، من آدم إلى عبد المطلب، أم أنت؟!
قال:
بل أنت.
قال:
فأنشدك بالله، أنا الذي اختارني رسول الله «صلى الله عليه وآله»،
وزوجني ابنته فاطمة «عليها السلام»، وقال: الله زوجك إياها في السماء،
أم أنت؟!
قال:
بل أنت.
قال:
فأنشدك بالله، أنا والد الحسن والحسين سبطيه وريحانتيه إذ يقول: «هما
سيدا شباب أهل الجنة، وأبوهما خير منهما»، أم أنت؟!
قال:
بل أنت.
قال:
فأنشدك بالله، أخوك المزين بجناحين يطير في الجنة مع الملائكة، أم
أخي؟!
قال:
بل أخوك.
قال:
فأنشدك بالله، أنا ضمنت دين رسول الله «صلى الله عليه وآله» وناديت في
المواسم بإنجاز مواعيده، أم أنت؟!
قال:
بل أنت.
قال:
فأنشدك بالله، أنا الذي دعاه رسول الله «صلى الله عليه وآله» والطير
عنده يريد أكله، فقال: «اللهم ايتني بأحب خلقك إليَّ وإليك بعدي، يأكل
معي من هذا الطير»، فلم يأته غيري، أم أنت؟!
قال:
بل أنت.
قال:
فأنشدك بالله، أنا الذي بشرني رسول الله «صلى الله عليه وآله» بقتال
الناكثين، والقاسطين، والمارقين على تأويل القرآن، أم أنت؟!
قال:
بل أنت.
قال:
فأنشدك بالله، أنا الذي دل عليه رسول الله «صلى الله عليه وآله» بعلم
القضاء وفصل الخطاب بقوله: «علي أقضاكم»، أم أنت؟!
قال:
بل أنت.
قال:
فأنشدك الله، أنا الذي أمر لي رسول الله «صلى الله عليه وآله» أصحابه
بالسلام علي بالإمرة في حياته، أم أنت؟!
قال:
بل أنت.
قال:
فأنشدك بالله، أنا الذي شهدت آخر كلام رسول الله «صلى الله عليه وآله»،
ووليت غسله ودفنه، أم أنت؟!
قال:
بل أنت.
قال:
فأنشدك بالله، أنت الذي سبقت له القرابة من رسول الله «صلى الله عليه
وآله»، أم أنا؟!
قال:
بل أنت.
قال:
فأنشدك بالله، أنت الذي حباك الله عز وجل بالدينار عند حاجته إليه،
وباعك جبرئيل «عليه السلام»، وأضفت محمداً «صلى الله عليه وآله»،
فأطعمت ولده، أم أنا؟!
قال:
فبكى أبو بكر! وقال: بل أنت.
قال:
فأنشدك بالله، أنت الذي جعلك رسول الله «صلى الله عليه وآله» على كتفه
في طرح صنم الكعبة وكسره، حتى لو شئت أن أنال أفق السماء لنلتها، أم
أنا؟!
قال:
بل أنت.
قال:
فأنشدك بالله، أنت الذي قال لك رسول الله «صلى الله عليه وآله»: أنت
صاحب لواي في الدنيا والآخرة، أم أنا؟!
قال:
بل أنت.
قال:
فأنشدك بالله، أنت الذي أمرك رسول الله «صلى الله عليه وآله» بفتح بابه
في مسجده عندما أمر بسد أبواب جميع أهل بيته وأصحابه، وأحل لك فيه ما
أحله الله له، أم أنا؟!
قال:
بل أنت.
قال:
فأنشدك بالله، أنت الذي قدمت بين يدي نجوى رسول الله «صلى الله عليه
وآله» صدقة فناجيته، إذ عاتب الله عز وجل قوماً، فقال:
{ءأَشْفَقْتُمْ
أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ}([3])،
أم أنا؟!
قال:
بل أنت.
قال:
فأنشدك بالله، أنت الذي قال رسول الله «صلى الله عليه وآله» لفاطمة:
زوجتك أول الناس إيماناً، وأرجحهم إسلاماً. في كلام له، أم أنا؟!
قال:
بل أنت.
قال:
فأنشدك بالله يا أبا بكر، أنت الذي سلمت عليه ملائكة سبع سماوات يوم
القليب أم أنا؟!
قال:
بل أنت.
قال:
..فلم يزل علي «عليه السلام» يورد مناقبه التي جعل الله
عز وجل له ورسوله «صلى الله عليه وآله» دونه، ودون غيره.
ويقول أبو بكر:
بل أنت.
قال:
فبهذا وشبهه يستحق القيام بأمور أمة محمد «صلى الله عليه وآله»، فما
الذي غرك عن الله تعالى وعن رسوله ودينه، وأنت خلو مما يحتاج أهل دينه.
قال:
فبكى أبو بكر وقال: صدقت يا أبا الحسن، أنظرني قيام يومي، فأدبِّر ما
أنا فيه، وما سمعت منك.
قال:
فقال علي «عليه السلام»: لك ذلك يا أبا بكر.
فرجع من عنده، وطابت نفسه يومه، ولم يأذن لأحد إلى
الليل، وعمر يتردد في الناس لما بلغه من خلوته بعلي «عليه السلام».
فبات في ليلته، فرأى في منامه كأن رسول الله «صلى الله
عليه وآله» تمثل له في مجلسه، فقام إليه أبو بكر ليسلم عليه، فولى عنه
وجهه، فصار مقابل وجهه، فسلم عليه، فولى وجهه عنه.
فقال أبو بكر:
يا رسول الله! أمرت بأمر لم أفعله؟!
فقال رسول الله «صلى الله عليه
وآله»:
أرد عليك السلام وقد عاديت من والاه الله ورسوله؟! رد الحق إلى أهله.
فقلت:
من أهله؟!
قال:
من عاتبك عليه، علي.
قلت:
فقد رددت عليه يا رسول الله، ثم لم يره.
فأصبح وبكَّر إلى علي «عليه السلام»
وقال:
ابسط يدك يا أبا الحسن أبايعك، وأخبره بما قد رأى.
قال:
فبسط علي يده، فمسح عليها أبو بكر، وبايعه وسلم عليه، وقال له: أخرج
إلى مسجد رسول الله «صلى الله عليه وآله»، فأخبر الناس بما رأيت في
ليلتي، وما جرى بيني وبينك، وأخرج نفسي من هذا الأمر، وأسلمه إليك؟!
قال:
فقال علي «عليه السلام»: نعم.
فخرج من عنده متغيراً لونه، عاتباً نفسه، فصادفه عمر ـ
وهو في طلبه ـ فقال له: ما لك يا خليفة رسول الله؟!
فأخبره بما كان، وما رأى، وما جرى بينه وبين علي «عليه
السلام».
فقال له عمر:
أنشدك بالله يا خليفة رسول الله، والإغترار بسحر بني
هاشم، والثقة بهم، فليس هذا بأول سحر منهم..
فما زال به حتى رده عن رأيه، وصرفه عن عزمه، ورغَّبه
فيما هو فيه، في الثبات عليه والقيام به.
قال:
فأتى علي «عليه السلام» المسجد على الميعاد، فلم ير فيه منهم أحداً،
فأحس بشيء منهم، فقعد إلى قبر رسول الله «صلى الله عليه وآله»، قال:
فمر به عمر، فقال: يا علي، دون ما تريد خرط القتاد.
فعلم «عليه السلام» بالأمر، ورجع إلى بيته.
ويبدو لنا أن هذه القضية قد حدثت قبل وفاة أبي بكر
بيسير، بدليل أنه «عليه السلام» ناشده بقوله: فانشدك بالله، أنا ضمنت
دين رسول الله «صلى الله عليه وآله»، وناديت في المواسم بانجاز مواعيده
أم أنت؟!
فقال:
بل أنت.
وإنما تصح هذه المناشدة إذا كانت قد مرت أكثر من سنة
كان يحضر فيها المواسم لأجل انجاز مواعيد رسول الله «صلى الله عليه
وآله» إلا إن المقصود بالمواسم، مواسم الحج، ومواسم العمرة، ومواسم
عكاظ ونحو ذلك..
ورد في الرواية المتقدمة..
استدلال علي «عليه السلام» بآية التطهير على أنه هو الذي ولد من لدن
آدم من نكاح دون سفاح دون أبي بكر. وقد اعترف له ابو بكر له بذلك.
وهذا ينقض الإستدلال على طهارة أبي بكر برواية بعضهم عن
الإمام الصادق «عليه السلام» أنه قال: «ولدني أبو بكر مرتين»([4]).
ويؤكد ما قلناه من أن الصحيح هو ما ذكره القرحاني من أن
أم الإمام الصادق «عليه السلام»، هي بنت القاسم بن محمد بن أبي سمرة،
لا إبن أبي بكر([5]).
وقد ناقشنا هذا الموضوع في كتابنا مختصر مفيد ج1 ص71 ـ 78 فراجع.
وعن أبان بن تغلب قال:
قلت لأبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق «عليهما السلام»: جعلت فداك، هل
كان أحد في أصحاب رسول الله «صلى الله عليه وآله» أنكر على أبي بكر
فعله وجلوسه [في] مجلس رسول الله «صلى الله عليه وآله»؟!
فقال:
نعم، كان الذي أنكر على أبي بكر اثني عشر رجلاً من المهاجرين: خالد بن
سعيد بن العاص، وكان من بني أمية، وسلمان الفارسي «رضي الله عنه»، وأبو
ذر الغفاري، والمقداد بن الأسود الكندي، وعمار بن ياسر، وبريدة الأسلمي.
ومن الأنصار:
أبو الهيثم بن التيهان، وسهل وعثمان ابنا حنيف، وخزيمة بن ثابت ذو
الشهادتين، وأبي بن كعب، وأبو أيوب الأنصاري «رضي الله عنهم أجمعين».
قال:
فلما صعد أبو بكر المنبر تشاوروا بينهم، فقال بعضهم لبعض: والله
لنأتينه ولننزلنه عن منبر رسول الله «صلى الله عليه وآله».
وقال آخرون منهم:
والله لئن فعلتم ذلك إذاً أعنتم على أنفسكم، فقد قال الله عز وجل:
{وَلاَ
تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}([6]).
قالوا:
فانطلقوا بنا إلى أمير المؤمنين «عليه السلام» لنستشيره
ونستطلع رأيه.
فانطلق القوم إلى أمير المؤمنين
«عليه السلام» بأجمعهم، فقالوا:
يا أمير المؤمنين تركت حقاً أنت أحق به وأولى به من غيرك، لأنَّا سمعنا
رسول الله «صلى الله عليه وآله» يقول: «علي مع الحق والحق مع علي، يميل
مع الحق كيف ما مال».
ولقد هممنا أن نصير إليه فننزله عن منبر رسول الله «صلى
الله عليه وآله»، فجئناك نستشيرك ونستطلع رأيك، فما تأمرنا؟!
فقال أمير المؤمنين «عليه السلام»:
وأيم الله، لو فعلتم ذلك لما كنتم لهم إلا حرباً، ولكنكم كالملح في
الزاد، وكالكحل في العين، وأيم الله، لو فعلتم ذلك لأتيتموني شاهرين
بأسيافكم، مستعدين للحرب والقتال، وإذاً لأتوني فقالوا لي: بايع وإلا
قتلناك، فلا بد لي من أدفع القوم عن نفسي، وذلك أن رسول الله «صلى الله
عليه وآله» أوعز إلي قبل وفاته وقال لي:
«يا أبا الحسن، إن الأمة ستغدر بك من بعدي، وتنقض فيك
عهدي، وإنك مني بمنزلة هارون من موسى، وإن الأمة الهادية من بعدي
كهارون ومن اتبعه، والأمة الضالة من بعدي كالسامري ومن اتبعه».
فقلت:
يا رسول الله، فما تعهد إلي إذا كان كذلك؟!
فقال:
«إذا وجدت أعواناً فبادر إليهم وجاهدهم، وإن لم تجد
أعواناً كف يدك واحقن دمك حتى تلحق بي مظلوماً».
فلما توفي رسول الله «صلى الله عليه وآله» اشتغلت بغسله
وتكفينه، والفراغ من شأنه، ثم آليت على نفسي يميناً أن لا أرتدي برداء
إلا للصلاة حتى أجمع القرآن، ففعلت.
ثم أخذت بيد فاطمة «عليها السلام» وابني الحسن والحسين
«عليهما السلام» فدرت على أهل بدر وأهل السابقة، فناشدتهم حقي، ودعوتهم
إلى نصرتي، فما أجابني منهم إلا أربعة رهط: سلمان، وعمار، وأبو ذر،
والمقداد «رضي الله عنهم».
ولقد راودت في ذلك بقية أهل بيتي، فأبوا علي إلا السكوت
لما علموا من وغارة صدور القوم، وبغضهم لله ورسوله، ولأهل بيت نبيه.
فانطلقوا بأجمعكم إلى الرجل، فعرفوه ما سمعتم من قول
نبيكم، ليكون ذلك أوكد للحجة، وأبلغ للعذر، وأبعد لهم من رسول الله
«صلى الله عليه وآله» إذا وردوا عليه.
فسار القوم حتى أحدقوا بمنبر رسول الله «صلى الله عليه
وآله»، وكان يوم الجمعة، فلما صعد أبو بكر المنبر قال المهاجرون
للأنصار: تقدموا وتكلموا.
فقال الأنصار للمهاجرين:
بل تكلموا وتقدموا أنتم، فإن الله عز وجل بدأ بكم في الكتاب، إذ قال
الله عز وجل:
{لَقَدْ تَابَ اللهُ عَلَى النَّبِيِّ
وَالمُهَاجِرِينَ وَالأنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ
الْعُسْرَةِ}([7]).
إلى أن تقول الرواية:
فأول من تكلم به خالد بن سعيد بن العاص، ثم باقي
المهاجرين، ثم [من] بعدهم الأنصار([8]).
وروي:
أنهم كانوا غُيَّباً عن وفاة رسول الله «صلى الله عليه وآله»، فقدموا،
وقد تولى أبو بكر، وهم يومئذ أعلام مسجد رسول الله «صلى الله عليه
وآله».
1 ـ
فقام إليه خالد بن سعيد بن العاص وقال: اتق الله يا أبا بكر، فقد علمت
أن رسول الله «صلى الله عليه وآله» قال ـ ونحن محتوشوه يوم بني قريظة،
حين فتح الله عز وجل له باب النصر، وقد قتل علي بن أبي طالب «عليه
السلام» يومئذ عدة من صناديد رجالهم، وأولي البأس والنجدة منهم ـ:
يا معاشر المهاجرين والأنصار، إني موصيكم بوصية
فاحفظوها، وموعدكم أمراً فاحفظوه، ألا إن علي بن أبي طالب أميركم بعدي،
وخليفتي فيكم. بذلك أوصاني ربي. ألا وإنكم إن لم تحفظوا فيه وصيتي
وتوازروه وتنصروه اختلفتم في أحكامكم، واضطرب عليكم أمر دينكم، ووليكم
أشراركم. ألا وإن أهل بيتي هم الوارثون لأمري، والعالمون لأمر أمتي من
بعدي.
اللهم من أطاعهم من أمتي، وحفظ فيهم وصيتي، فاحشرهم في
زمرتي، واجعل لهم نصيباً من مرافقتي، يدركون به نور الآخرة.
اللهم ومن أساء خلافتي في أهل بيتي، فاحرمه الجنة التي
عرضها كعرض السماء والأرض.
فقال له عمر بن الخطاب:
اسكت يا خالد، فلست من أهل المشورة، ولا ممن يقتدى برأيه.
فقال له خالد:
بل اسكت أنت يا بن الخطاب، فإنك تنطق على لسان غيرك، وأيم الله، لقد
علمت قريش أنك من ألأمها حسباً، وأدناها منصباً، وأخسها قدراً، وأخملها
ذكراً، وأقلهم عناءاً عن الله ورسوله.
وإنك لجبان في الحروب، [و] بخيل بالمال، لئيم العنصر،
ما لك في قريش من فخر، ولا في الحروب من ذكر، وإنك في هذا الأمر بمنزلة
الشيطان
{إِذْ قَالَ لِلإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا
كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللهَ رَبَّ
الْعَالَمِينَ فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ
خَالِدَيْنِ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ}([9]).
فأبلس عمر، وجلس خالد بن سعيد.
2 ـ
ثم قام سلمان الفارسي وقال: «كرديد ونكرديد».
أي فعلتم ولم تفعلوا، وقد كان امتنع من البيعة قبل ذلك
حتى وجئ عنقه.
فقال:
يا أبا بكر إلى من تسند أمرك إذا نزل بك ما لا تعرفه، وإلى من تفزع إذا
سئلت عما لا تعلمه، وما عذرك في التقدم على من هو أعلم منك، وأقرب إلى
رسول الله «صلى الله عليه وآله»، وأعلم بتأويل كتاب الله عز وجل وسنة
نبيه، ومن قدمه النبي «صلى الله عليه وآله» في حياته، وأوصاكم به عند
وفاته، فنبذتم قوله، وتناسيتم وصيته، وأخلفتم الوعد، ونقضتم العهد،
وحللتم العقد الذي كان عقده عليكم من النفوذ تحت راية أسامة بن زيد،
حذراً من مثل ما أتيتموه، وتنبيهاً للأمة على عظيم ما اجترمتموه من
مخالفة أمره.
فعن قليل يصفو لك الأمر، وقد أثقلك الوزر، ونقلت إلى
قبرك، وحملت معك ما كسبت يداك.
فلو [أنك] راجعت الحق من قريب، وتلافيت نفسك، وتبت إلى
الله من عظيم ما اجترمت، كان ذلك أقرب إلى نجاتك يوم تفرد في حفرتك،
ويسلمك ذوو نصرتك، فقد سمعت كما سمعنا، ورأيت كما رأينا، فلم يردعك ذلك
عما أنت متشبث به من هذا الأمر الذي لا عذر لك في تقلده، ولا حظ للدين
ولا المسلمين في قيامك به، فالله الله في نفسك، فقد أعذر من أنذر، ولا
تكن كمن أدبر واستكبر.
3 ـ
ثم قام [إليه] أبو ذر الغفاري «رحمه الله»، فقال: يا
معشر قريش، نصبتم قناعة (قباحة)، وتركتم قرابة، والله لترتدن جماعة من
العرب ولتشكن في هذا الدين، ولو جعلتم الأمر في أهل بيت نبيكم ما اختلف
عليكم سيفان، والله لقد صارت لمن غلب، ولتطمحن إليها عين من ليس من
أهلها، وليسفكن في طلبها دماء كثيرة ـ فكان كما قال أبو ذر ـ.
ثم قال:
لقد علمتم وعلم خياركم: أن رسول الله «صلى الله عليه وآله» قال: «الأمر
[من] بعدي لعلي بن أبي طالب «عليه السلام»، ثم من بعده لابنيَّ [منه]
الحسن والحسين، ثم للطاهرين من ذريتي»، فأطرحتم قول نبيكم وتناسيتم ما
عهد به إليكم، فأطعتم الدنيا الفانية، ونسيتم الآخرة الباقية، التي لا
يهرم شبابها، ولا يزول نعيمها، ولا يحزن أهلها، ولا يموت سكانها،
بالحقير التافه، الفاني الزائل، فكذلك الأمم من قبلكم كفرت بعد
أنبيائها، ونكصت على أعقابها، وغيرت وبدلت، واختلفت، فساويتموهم حذو
النعل بالنعل، والقذة بالقذة، وعما قليل تذوقون وبال أمركم، وتجزون بما
قدمت أيديكم. وما الله بظلام للعبيد.
4 ـ
ثم قام المقداد بن الأسود «رضي الله عنه»، فقال: يا أبا
بكر، ارجع عن ظلمك، [ورد الأمر إلى صاحبه]، وتب إلى ربك، والزم بيتك،
وابك على خطيئتك، وسلم الأمر لصاحبه الذي هو أولى به منك.
فقد علمت ما عقده رسول الله «صلى الله عليه وآله» في
عنقك من بيعته، وألزمك من النفوذ تحت راية أسامة بن زيد وهو مولاه.
ونبه على بطلان وجوب هذا الأمر لك ولمن عضدك عليه، بضمه
لكما إلى علم النفاق، ومعدن الشنآن والشقاق، عمرو بن العاص، الذي أنزل
الله على [لسان] نبيه «صلى الله عليه وآله»:
{إِنَّ
شَانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ}([10])،
فلا اختلاف بين أهل العلم أنها نزلت في عمرو، وهو كان أميراً عليكما
وعلى سائر المنافقين في الوقت الذي أنفذه رسول الله «صلى الله عليه
وآله» في غزاة ذات السلاسل.
وإن عَمْراً قلدكما حرس عسكره، فأين الحرس إلى
الخلافة؟!
اتق الله، وبادر بالإستقالة قبل فوتها، فإن ذلك أسلم لك
في حياتك وبعد وفاتك، ولا تركن إلى دنياك، ولا تغرنك قريش وغيرها، فعن
قليل تضمحل عنك دنياك، ثم تصير إلى ربك، فيجزيك بعملك.
وقد علمت وتيقنت أن علي بن أبي طالب «عليه السلام» هو
صاحب الأمر بعد رسول الله، فسلمه إليه بما جعله الله له، فإنه أتم
لسترك واخف لوزرك، فقد والله نصحت لك إن قبلت نصحي، وإلى الله ترجع
الأمور.
5 ـ
ثم قام إليه بريدة الأسلمي «رضي الله عنه» فقال: إنا
لله وإنا إليه راجعون، ماذا لقي الحق من الباطل!! يا أبا بكر، أنسيت أم
تناسيت، [وخدعت] أم خدعتك نفسك، أم سولت لك الأباطيل؟! أولم تذكر ما
أمرنا به رسول الله «صلى الله عليه وآله» من تسمية علي «عليه السلام»
بإمرة المؤمنين، والنبي «صلى الله عليه وآله» بين أظهرنا؟!
وقوله «صلى الله عليه وآله» في عدة
أوقات:
«هذا علي أمير المؤمنين، وقاتل الناكثين، والمشركين،
والقاسطين، والمارقين».
فاتق الله، وتدارك نفسك قبل أن لا تدركها، وأنقذها مما
يهلكها، واردد الأمر إلى من هو أحق به منك، ولا تتماد في اغتصابه،
وراجع وأنت تستطيع أن تراجع، فقد محضتك النصح، ودللتك على طريق النجاة،
فلا تكونن ظهيراً للمجرمين.
6 ـ
ثم قام عمار بن ياسر «رضي الله عنه»، فقال: يا معاشر
قريش، ويا معاشر المسلمين، إن كنتم علمتم، وإلا فاعلموا: أن أهل بيت
نبيكم أولى به، وأحق بإرثه، وأقوم بأمور الدين، وآمن على المؤمنين،
وأحفظ لملته، وأنصح لأمته، فمروا صاحبكم، فليرد الحق إلى أهله، قبل أن
يضطرب حبلكم، ويضعف أمركم، ويظهر شتاتكم، وتعظم الفتنة بكم، وتختلفوا
فيما بينكم، ويطمع فيكم عدوكم، فقد علمتم أن بني هاشم أولى بهذا الأمر
منكم، وعلي أقرب منكم إلى نبيكم، وهو وليكم بعهد الله ورسوله.
وفرق ظاهر قد [علمتموه و] عرفتموه في حال بعد حال، عند
سد النبي «صلى الله عليه وآله» أبوابكم التي كانت إلى المسجد كلها غير
بابه، وإيثاره إياه بكريمته فاطمة «عليها السلام»، دون سائر من خطبها
إليه منكم، وقوله «صلى الله عليه وآله»:
«أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد [العلم و]
الحكمة فليأتها من بابها». وإنكم جميعاً مضطرون فيما أشكل عليكم من
أمور دينكم إليه، وهو مستغن [عن دينكم و] عن كل أحد منكم، إلى ما له من
السوابق التي ليست لأفضلكم عند نفسه.
فما بالكم تحيدون عنه، وتبتزون علياً حقه، وتؤثرون
الحياة الدنيا على الآخرة، بئس للظالمين بدلاً؟!
أعطوه ما جعله الله له، ولا تتولوا عنه مدبرين، ولا
ترتدوا على أعقابكم، فتنقلبوا خاسرين.
7 ـ
ثم قام أُبي بن كعب «رحمه الله»، فقال: يا أبا بكر، لا
تجحد حقاً جعله الله لغيرك، ولا تكن أول من عصى رسول الله «صلى الله
عليه وآله» في وصيه وصفيه، وصدف عن أمره.
واردد الحق إلى أهله تسلم، ولا تتماد في غيك فتندم،
وبادر الإنابة يخف وزرك، ولا تخصص بهذا الأمر الذي لم يجعله الله لك
نفسك، فتلقى وبال عملك، فعن قليل تفارق ما أنت فيه، وتصير إلى ربك،
فيسألك عما جنيت، وما ربك بظلام للعبيد.
8 ـ
ثم قام خزيمة بن ثابت ذو الشهادتين، فقال: أيها الناس،
ألستم تعلمون أن رسول الله «صلى الله عليه وآله» قبل شهادتي وحدي، ولم
يرد معي غيري؟!
قالوا:
بلى.
قال:
فأشهد أني سمعت رسول الله «صلى الله عليه وآله» يقول: «أهل بيتي
يفرِّقون بين الحق والباطل، وهم الأئمة الذين يقتدى بهم». وقد قلت ما
علمت، وما على الرسول إلا البلاغ المبين.
9 ـ
ثم قام أبو الهيثم بن التيهان، فقال: وأنا أشهد على
نبينا «صلى الله عليه وآله» أنه أقام علياً ـ يعني في يوم غدير خم ـ
فقالت الأنصار: ما أقامه إلا للخلافة، وقال بعضهم: ما أقامه إلا ليعلم
الناس أنه مولى من كان رسول الله «صلى الله عليه وآله» مولاه، وكثر
الخوض في ذلك، فبعثنا رجالاً منا إلى رسول الله «صلى الله عليه وآله»
فسألوه عن ذلك، فقال: قولوا لهم: علي ولي المؤمنين بعدي، وأنصح الناس
لأمتي.
وقد شهدت بما حضرني، فمن شاء فليؤمن، ومن شاء فليكفر،
إن يوم الفصل كان ميقاتاً.
10 ـ
ثم قام سهل بن حنيف «رضي الله عنه»، فحمد الله تعالى
وأثنى عليه، وصلى على النبي محمد وآله، ثم قال: يا معاشر قريش، اشهدوا
علي أني أشهد على رسول الله «صلى الله عليه وآله» وقد رأيته في هذا
المكان ـ يعني الروضة ـ وقد أخذ بيد علي بن أبي طالب «عليه السلام» وهو
يقول:
«أيها الناس، هذا علي إمامكم من بعدي، ووصيي في حياتي
وبعد وفاتي، وقاضي ديني، ومنجز وعدي، وأول من يصافحني على حوضي، فطوبى
لمن اتبعه ونصره، والويل لمن تخلف عنه وخذله».
11 ـ
وقام معه أخوه عثمان بن حنيف فقال: سمعنا رسول الله
«صلى الله عليه وآله» يقول: أهل بيتي نجوم الأرض، فلا تتقدموهم
وقدموهم، فهم الولاة بعدي.
فقام إليه رجل فقال:
يا رسول الله، وأي أهل بيتك؟!
فقال:
علي والطاهرون من ولده.
وقد بين «صلى الله عليه وآله» فلا تكن يا أبا بكر أول
كافر به، ولا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون.
12 ـ
ثم قام أبو أيوب الأنصاري «رضي الله عنه» فقال: اتقوا
الله عباد الله في أهل بيت نبيكم، وارددوا إليهم حقهم الذي جعله الله
لهم، فقد سمعتم مثل ما سمع إخواننا في مقام بعد مقام لنبينا «صلى الله
عليه وآله»، ومجلس بعد مجلس، يقول: «أهل بيتي أئمتكم بعدي».
ويؤميء إلى علي بن أبي طالب «عليه
السلام» ويقول:
«[إن] هذا أمير البررة، وقاتل الكفرة. مخذول من خذله،
منصور من نصره».
فتوبوا إلى الله من ظلمكم إياه إن الله تواب رحيم، ولا
تتولوا عنه مدبرين، ولا تتولوا عنه معرضين.
قال الصادق جعفر بن محمد «عليه
السلام»:
فأفحم أبو بكر على المنبر حتى لم يحر جواباً، ثم قال:
وليتكم ولست بخيركم، أقيلوني أقيلوني، فقال له عمر بن
الخطاب: انزل عنها يا لكع، إذا كنت لا تقوم بحجج قريش لم أقمت نفسك هذا
المقام؟! والله لقد هممت أن أخلعك، وأجعلها في سالم مولى أبي حذيفة.
قال:
فنزل، ثم أخذ بيده وانطلق [به] إلى منزله، وبقوا ثلاثة أيام لا يدخلون
مسجد رسول الله «صلى الله عليه وآله».
فلما كان في اليوم الرابع جاءهم خالد بن الوليد
[المخزومي] ومعه ألف رجل، فقال لهم: ما جلوسكم، فقد طمع فيها والله بنو
هاشم؟!
وجاءهم سالم مولى أبي حذيفة ومعه ألف رجل.
وجاءهم معاذ بن جبل ومعه ألف رجل، فما زال يجتمع إليهم
رجل رجل حتى اجتمع [لهم] أربعة آلاف رجل، فخرجوا شاهرين بأسيافهم
يقدمهم عمر بن الخطاب، حتى وقفوا بمسجد رسول الله «صلى الله عليه
وآله»، فقال عمر: والله يا أصحاب علي، لئن ذهب منكم رجل يتكلم بالذي
تكلم بالأمس لنأخذن الذي فيه عيناه.
فقام إليه خالد بن سعيد بن العاص،
وقال:
يا بن صهاك الحبشية، أبأسيافكم تهددوننا، أم بجمعكم تفزعوننا؟!
والله إن أسيافنا أحد من أسيافكم، وإنا لأكثر منكم وإن
كنا قليلين، لأن حجة الله فينا.
والله لولا أني أعلم أن طاعة الله ورسوله وطاعة إمامي
أولى بي، لشهرت سيفي، وجاهدتكم في الله إلى أن أبلي عذري.
فقال له أمير المؤمنين علي «عليه
السلام»:
اجلس يا خالد، فقد عرف الله لك مقامك، وشكر لك سعيك. فجلس.
وقام إليه سلمان الفارسي «رضي الله
عنه»، فقال:
الله أكبر، الله أكبر، سمعت رسول الله «صلى الله عليه وآله» بهاتين
[الأذنين] وإلا صمتا يقول:
«بينا أخي وابن عمي، علي بن أبي طالب جالس في مسجدي مع
نفر من أصحابه، إذ تكبسه جماعة من كلاب أصحاب النار، يريدون قتله وقتل
من معه».
فلست أشك إلا وأنكم هم.
[قال:]
فهم به عمر بن الخطاب، فوثب إليه أمير المؤمنين «عليه
السلام» وأخذ بمجامع ثوبه، ثم جلد به الأرض، ثم قال: يا بن صهاك
الحبشية، لولا كتاب من الله سبق، وعهد من رسول الله «صلى الله عليه
وآله» تقدم، لأريتك أينا أضعف ناصراً وأقل عدداً.
ثم التفت إلى أصحابه «رضي الله
عنهم»، فقال:
انصرفوا رحمكم الله، فوالله لا دخلت المسجد إلا كما دخل أخواي موسى
وهارون، إذ قال له أصحابه:
{فَاذْهَبْ
أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلاَ إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ}([11]).
[ثم قال «عليه السلام»]:
والله، لا دخلته إلا لصلاة، أو لزيارة رسول الله «صلى
الله عليه وآله»، أو لقضية أقضيها، فإنه لا يجوز لحجة أقامها رسول الله
«صلى الله عليه وآله» أن يترك الناس في حيرة.
وعن عبد الله بن عبد الرحمن قال:
ثم إن عمر احتزم بأزاره وجعل يطوف بالمدينة وينادي:
ألا إن أبا بكر قد بويع [له]، فهلموا إلى البيعة.
فينثال الناس يبايعون.
فعرف أن جماعة في بيوت مستترون.
[قال:] فكان يقصدهم في جمع كثير، ويكبسهم ويحضرهم [في]
المسجد، فيبايعون.
حتى إذا مضت أيام أقبل في جمع كثير، إلى منزل علي بن
أبي طالب «عليه السلام»، فطالبه بالخروج فأبى، فدعا عمر بحطب ونار
وقال: والذي نفس عمر بيده، ليخرجن أو لأحرقنه على ما فيه.
فقيل له:
إن فيه فاطمة «عليها السلام» بنت رسول الله، وفيه الحسن والحسين، ولدي
رسول الله، وآثار رسول الله «صلى الله عليه وآله» فيه، وأنكر الناس ذلك
من قوله.
فلما عرف إنكارهم قال:
ما بالكم، أتروني فعلت ذلك؟! إنما أردت التهويل.
فراسلهم علي «عليه السلام»:
أن ليس إلى خروجي حيلة، لأني في جمع كتاب الله عز وجل
الذي قد نبذتموه، وألهتكم الدنيا عنه، وقد حلفت أن لا أخرج من بيتي ولا
أدع ردائي على عاتقي حتى أجمع القرآن.
قال:
وخرجت فاطمة «عليها السلام» بنت رسول الله «صلى الله عليه وآله» إليهم،
فوقفت خلف الباب، ثم قالت: لا عهد لي بقوم أسوء محضراً منكم، تركتم
رسول الله «صلى الله عليه وآله» جنازة بين أيدينا، وقطعتم أمركم فيما
بينكم، [و] لم تؤمِّرونا (لعل الصحيح: تؤامرونا) ولم تروا لنا حقاً،
كأنكم لم تعلموا ما قال يوم غدير خم، والله لقد عقد له يومئذ الولاء
ليقطع منكم بذلك منها الرجاء، ولكنكم قطعتم الأسباب بينكم وبين نبيكم،
والله حسيب بيننا وبينكم في الدنيا والآخرة([12]).
ونقول:
قد تضمنت تلك المناشدة، وهذه الاحتجاجات أموراً كثيرة
وهامة، ولا نريد أن نرهق القارئ الكريم بإعادة تذكيره بها، غير أننا
نختار منها نزراً يسيراً جداً، وهو ما يلي:
تضمنت الرواية المتقدمة:
أن عمر بن الخطاب دعا بحطب ونار، وأقسم أن يحرق البيت على من فيه إن لم
يخرجوا للبيعة.. فلما عيب عليه ذلك، وانكره الناس عليه، اعتذر بأنه
أراد تخويفهم.
وصرحت الرواية:
بأن هذه الحادثة قد حصلت بعد أيام، ويبدو أنها كانت بعد أكثر من شهرين،
أي بعد رجوع خالد بن سعيد بن العاص من اليمن، كما تقدم..
وقد قلنا في كتابنا:
خلفيات كتاب مأساة الزهراء «عليها السلام»، وفي كتابنا: الصحيح من سيرة
النبي الأعظم «صلى الله عليه وآله»: أن إحراق بيت الزهراء «عليها
السلام» قد حصل في ثاني يوم السقيفة، وذلك عند جلوس أبي بكر على المنبر
ليبايع له.
فتكون هذه الحادثة قد تكررت بعد شهرين أيضاً.. ويبدو أن
عمر بن الخطاب رأى أن ما جرى قد أخلَّ بثبات قدم أبي بكر في الخلافة،
فأراد إحكام الأمر، فطالب الناس بتجديد البيعة، وسعى إلى إجبار من كان
قد توارى عن الأنظار..
وربما يكون الراوي قد دمج بين روايتين، لتكتمل صورة ما
جرى بنظره..
وتذكر الروايات أن الناس ارتدوا على أدبارهم بعد رسول
الله «صلى الله عليه وآله» غير أربعة، هم سلمان، وعمار، وأبوذر،
والمقداد. ويبدو ان المقصود به هو التمرد على الأوامر والزواجر الإلهية
والنبوية، ولاسيما فيما يرتبط بولاية على «عليه السلام» ثم بعد مرور
شهر أو شهرين، أي بعد عودة خالد بن سعيد بن العاص من اليمن وتكشف
الأمور لهم، وظهور جانب من سياسات وممارسات الذين استولوا على السلطة،
عاد قسم من الناس، كان منهم هؤلاء الإثنا عشر الذين بادروا إلى
الإحتجاج على أبي بكر، كما ذكرته هذه الرواية.
قد تضمنت الرواية السابقة:
أن عمر بن الخطاب قد وجه لأبي بكر كلمات لاذعة، فقد وصفه بأنه لكع،
وقال له: لقد هممت بأن أخلعك، وأجعلها في سالم مولى أبي حذيفة.. وهذا
يدل على: أن عمر بن الخطاب يرى نفسه هو الذي يخلع، وهو الذي يضع..
وقد
ذكرت الرواية المتقدمة:
أن النبي «صلى الله عليه وآله» قال: إن أهل بيته هم نجوم أهل الأرض وهم
الولاة بعده، فلما قيل له: وأي أهل بيتك؟
قال:
علي والطاهرون من ولده.
فدلنا ذلك:
على أن النبي «صلى الله عليه وآله» إما عرف الناس بهؤلاء الطاهرين، أو
أنه جعل الطهارة من أي رجس، والعصمة الظاهرة لكل أحد هي الدليل الذي
يدل الناس على وليهم وإمامهم.. وهذا نص شرعي يتوافق مع قضاء العقل
بلزوم العصمة في الإمام والولي.. وهي علامة يمكن لكل الناس أن يتلمسوها
بأنفسهم، وأن يعرفوا الإمام بها ومن خلالها.
إن هذه الإحتجاجات تضمنت الإستدلال على أبي بكر بحديث
الغدير.. وقد كان ذلك من علي والزهراء «عليهما السلام»، ومن الصحابة
أيضاً، فمن ذلك:
1 ـ
قول علي «عليه السلام» لأبي بكر: «فأنشدك بالله، أنا المولى لك ولكل
مسلم، بحديث النبي «صلى الله عليه وآله» يوم الغدير، أم أنت»؟!
قال:
بل أنت.
2 ـ
قالت فاطمة «عليها السلام» للذين اجتمعوا على بابها وأرادوا إحراقه:
«ولم تروا لنا حقاً، كأنكم لم تعلموا ما قال يوم غدير خم، والله لقد
عقد له يومئذ الولاء ليقطع منكم بذلك منها الرجاء».
3 ـ
ورد في كلام المقداد قوله لأبي بكر: « فقد علمت ما عقده رسول الله «صلى
الله عليه وآله» في عنقك من بيعته». أي بيعة علي «عليه السلام».
4 ـ
قال أبو الهيثم بن التيهان: «وأنا أشهد ـ يا أبا بكر ـ على نبينا «صلى
الله عليه وآله» أنه أقام علياً ـ يعني في يوم غدير خم ـ فقالت
الأنصار: ما أقامه إلا للخلافة.
وقال بعضهم:
ما أقامه إلا ليعلم الناس: أنه مولى من كان رسول الله «صلى الله عليه
وآله» مولاه، وكثر الخوض في ذلك، فبعثنا رجالاً منا إلى رسول الله «صلى
الله عليه وآله» فسألوه عن ذلك. فقال:
قولوا لهم:
علي ولي المؤمنين بعدي».
12-
علي
يجلد بعمر الأرض:
واللافت هنا:
أن علياً «عليه السلام»، بمجرد أن رأى عمر بن الخطاب بصدد التعدي على
سلمان الفارسي، وثب إليه، وأخذ بمجامع ثوبه، وجلد به الأرض.. وتهدده..
ثم أمر أصحابه بالإنصراف..
لقد فعل به هذا في الوقت الذي كان عمر يرى أنه في أقصى
درجات القوة، حيث كان معه أربعة آلاف مقاتل، فلم تغن عنه شيئاً..
وعرف أن علياً «عليه السلام» لو أراد أن يقضي عليه، فلا
شيء يقف في وجهه.. فلم يكن له بد من السكوت.
وقد أعلن خالد بن سعيد:
أن قريشاً تعلم: أن عمر من ألأمها حسباً، وأدناها منصباً، وأخسها
قدراً، وأخملها ذكراً، وأقلها غناء عن الله ورسوله، وإنه لجبان في
الحروب، وبخيل بالمال، لئيم العنصر، ما له في قريش من فخر، ولا في
الحروب من ذكر الخ..
ولم نجد أحداً ناقشه في ذلك، أو اعترض عليه فيه، حتى
عمر نفسه.. وهذا أمر غير معهود، إلا في الحالات التي يكون الإعتراض
فيها، من موجبات تأكيد الفضيحة، واتساع الخرق على الراقع..
وقد أظهر النص الذي أورده أبو الهيثم بن التيهان «رحمه
الله» أموراً:
أحدها:
أن الأنصار كانوا موافقين لعلي «عليه السلام»، راضين به إماماً وخليفة
بعد رسول الله «صلى الله عليه وآله».. وقد فهموا واقعة الغدير بصورة
صحيحة.
فلا وجه لعدم فهم غيرهم لها، إلا إن كانت السياسة التي
قضت بضرب الزهراء «عليها السلام»، وإسقاط جنينها، وأخذ فدك منها هي
التي قضت بتجاهل الواضحات، والإغماض عن أبده البديهيات..
الثاني:
إن الذين أثاروا الشبهات حول دلالة كلام رسول الله «صلى الله عليه
وآله» في يوم الغدير هم غير الأنصار.
الثالث:
إن حملة التشكيك، وإيراد الشبهات، والتحوير والتزوير بدأت في وقت مبكر،
أي في حياة رسول الله «صلى الله عليه وآله»..
الرابع:
إن النبي «صلى الله عليه وآله» كان يتصدى لإزالة الشبهة بصورة واضحة
وصريحة وحازمة..
الخامس:
إن محبي الخلفاء لم يعبأوا بتوضيحات الرسول «صلى الله عليه وآله»، بل
بقوا يثيرون نفس الشبهة. ويروجون نفس الشائعات، وإلى يومنا هذا..
وما أحسن، وألطف، وأدق استدلال المقداد على أبي بكر،
حيث ذكَّره بتأمير عمرو بن العاص عليه في غزوة ذات السلاسل، وكان عمرو
عَلم النفاق، ومعدن الشنآن والشقاق ـ على حد تعبيره ـ فقلد أبا بكر
وعمر حرس عسكره، فإين الحرس.. إلى الخلافة؟!
وقد بين علي «عليه السلام»:
أن الذين استجابوا له حين توجه إليهم ودار عليهم ومعه فاطمة والحسنان
«عليهم السلام» كانوا أربعة هم سلمان، وأبو ذر، وعمار، والمقداد. أما
بنو هاشم فأبوا ذلك لما علموا من شدة حقد الناس عليهم.
غير أن ما يثير الإهتمام هنا:
1 ـ
أنه «عليه السلام» يقول: إن امتناع بني هاشم إنما كان لعلمهم ببغض
القوم لله ولرسوله، وأهل بيته..
وهذا أمر عظيم وهائل، أن يكون هؤلاء القوم قد عُرِفُوا
ببغض الله والرسول!!..
2 ـ
إن هذا يدل على: أن ذكر الزبير في جملة من استجابوا لأمير المؤمنين
«عليه السلام» غير صحيح..
ويدل عليه أيضاً:
أن الزبير قد انقاد للقوم، وبايع أبا بكر بمجرد أخذ سيفه منه. وكان ذلك
قبل أخذ علي الزهراء «عليهما السلام» إلى بيوت المهاجرين والأنصار لطلب
النصرة..
3 ـ
إن أمير المؤمنين «عليه السلام» إنما أخذ الزهراء والحسنين «عليهم
السلام» ودار بهم على المهاجرين والأنصار، ليتحقق أمر رسول الله «صلى
الله عليه وآله» له بأنه إن وجد أعواناً فليجاهدهم، وقد استعان بكل
الوسائل للتأثير على الصحابة وإقناعهم بمساعدته، حتى لقد واجههم
بالزهراء، وبالحسنين، وما يمثلونه للإنسان المسلم، ويثيرونه فيه، في
المجال العاطفي والإيماني.
([1])
أي حكمت باستحالة ذلك.
([2])
الآية 7 من سورة هل أتى.
([3])
الآية 13 من سورة المجادلة.
([4])
راجع: تهذيب التهذيب ج2 ص103 وتذكرة الحفاظ ج1 ص166 وعمدة
الطالب ص176 (مطبعة الصدر سنة 1417هـ قم) وغاية الاختصار ص100
وكشف الغمة ج2 ص161 (ط سنة 1381 هـ. المطبعة العلمية قم
المقدسة) عن الجنابذي وعن جواهر الكلام لابن وهيب ص13 وسير
أعلام النبلاء ج6 ص255 والصواعق المحرقة ص84 وأورده السيد
الخوئي في مستند العروة كتاب الخمس ج1 ص317 وتنقيح المقال ج3
ص73 وعن الدر المنثور ج1 ص240 ولم أجده.
([5])
اخبار الدول (مطبوع بهامش الكامل في التاريخ سنة 1302 هـ.) ج1
ص234.
([6])
الآية 195 من سورة البقرة.
([7])
الآية 117 من سورة التوبة.
([8])
الإحتجاج للطبرسي ج1 ص157 والخصال للصدوق ص548 ومصباح البلاغة
(مستدرك نهج البلاغة) ج3 ص201 وحلية الأبرار ج2 ص305 ومدينة
المعاجز ج3 ص23 وبحار الأنوار ج29 ص3 و (ط حجرية) ج8 ص79 وكتاب
الأربعين للماحوزي ص273 وغاية المرام ج2 ص123 وج3 ص196 وج6
ص11.
([9])
الآيتان 16 و 17 من سورة الحشر.
([10])
الآية 3 من سورة الكوثر.
([11])
الآية 24 من سورة المائدة.
([12])
الإحتجاج ج1 ص186 ـ 203 و (ط دار النعمان سنة 1386هـ) ج1 ص97 ـ
105 وأشار في هامشه إلى: الخصال ج2 ص461 أبواب الإثني عشر،
الحديث 4:
حدثنا علي بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن أبي عبد الله
البرقي، قال: حدثني أبي، عن جده أحمد بن أبي عبد الله البرقي
قال: حدثني النهيكي قال: حدثنا أبو محمد خلف بن سالم قال:
حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة، عن عثمان بن المغيرة، عن
زيد بن وهب، قال: كان الذين أنكروا على أبي بكر جلوسه في
الخلافة وتقدمه على علي بن = = أبي طالب «عليه السلام» اثني
عشر رجلاً من المهاجرين والأنصار.. (مع اختلاف).
والحديث في كتاب: الإمامة والسياسة ج1 ص12 مع تفاوت. وفي أعلام
النساء ج4 ص114 نقل ذيل الحديث (قصة إحراق البيت) ملخصاً.
وقال
العلامة المجلسي «رحمه الله»: اعلم أن هذا الحديث روته الشيعة
متواترين، ولو كانت هذه الرواية برجال الشيعة ما نقلناه، لأنهم
عند مخالفيهم متهمون، ولكن نذكره حيث هو من طريقهم الذي
يعتمدون عليه.. فقال أحمد بن محمد الطبري ما هذا لفظه: «خبر
الإثني عشر الذين أنكروا على أبى بكر جلوسه في مجلس رسول الله
«صلى الله عليه وآله»: حدثنا أبو علي، الحسن بن علي بن النحاس
الكوفي العدل الأسدي، قال: حدثنا..» وذكر مثله إلى أخر الخبر،
مع تغيير يسير ـ بحار الأنوار ج28 ص214 ـ 219 و 189 و 205 و
208.
|