بـدايـة:
وبما أن خطبة السيدة الزهراء في مناسبة غصب فدك، تتضمن
الكثير مما يرتبط بأمير المؤمنين «عليه
السلام»
فقد آثرنا الإلماح إليها، لدفع ما قد يتوهمه المتوهمون حول ما قصدته في
بعض فقراتها.
فنقول:
عن عبد الله بن الحسن، عن آبائه:
«لما أجمع أبو بكر على منع فاطمة فدك، وبلغها ذلك لاثت
خمارها على رأسها، واشتملت بجلبابها، وأقبلت في لمة من حفدتها ونساء
قومها تطأ ذيولها، ما تخرم مشيتها مشية رسول الله «صلى الله عليه وآله»
حتى دخلت على أبي بكر، وهو في حشد من المهاجرين والأنصار وغيرهم، فنيطت
دونها ملاءة فجلست، ثم أنت أنة أجهش القوم لها بالبكاء، فارتج المجلس،
ثم أمهلت هنيئة حتى إذا سكن نشيج القوم وهدأت فورتهم، افتتحت الكلام
بحمد الله والثناء عليه والصلاة على رسوله، فعاد القوم في بكائهم، فلما
أمسكوا عادت في كلامها، فقالت «عليها السلام»:
الحمد لله على ما أنعم..
إلى أن قالت:
كلما أوقدوا ناراً للحرب أطفأها الله، أو نجم قرن
الشيطان، أو فغرت فاغرة من المشركين، قذف أخاه في لهواتها، فلا ينكفئ
حتى يطأ جناحها بأخمصه ويخمد لهبها بسيفه.
مكدوداً في ذات الله، مجتهداً في أمر الله، قريباً من
رسول الله، سيداً في أولياء الله، مشمراً ناصحاً، مجداً، كادحاً، لا
تأخذه في الله لومة لائم.
وأنتم في رفاهية من العيش، وادعون فاكهون آمنون،
تتربصون بنا الدوائر، وتتوكفون الأخبار، وتنكصون عند النزال، وتفرون من
القتال.
فلما اختار الله لنبيه دار أنبيائه، ومأوى أصفيائه، ظهر
فيكم حسكة النفاق، وسمل جلباب الدين، ونطق كاظم الغاوين، ونبغ خامل
الأقلين، وهدر فنيق المبطلين، فخطر في عرصاتكم، واطلع الشيطان رأسه من
مغرزة هاتفاً بكم، فألفاكم لدعوته مستجيبين، وللعزة فيه ملاحظين، ثم
استنهضكم فوجدكم خفافاً، وأحشمكم فألفاكم غضاباً، فوسمتم غير إبلكم،
ووردتم غير مشربكم.
هذا.. والعهد قريب، والكلم رحيب، والجرح لما يندمل،
والرسول لما يقبر، ابتداراً زعمتم خوف الفتنة، ألا في الفتنة سقطوا،
وإن جهنم لمحيطة بالكافرين، فهيهات منكم، وكيف بكم، وأني تؤفكون، وكتاب
الله بين أظهركم، أموره ظاهرة، وأحكامه زاهرة، وأعلامه باهرة، وزواجره
لايحة، وأوامره واضحة، وقد خلفتموه وراء ظهوركم، أرغبة عنه تريدون؟! أم
بغيره تحكمون؟! بئس للظالمين بدلاً،
{وَمَنْ
يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ
فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ}.
ثم لم تلبثوا إلا ريث أن تسكن نفرتها، ويسلس قيادها، ثم
أخذتم تورون وقدتها، وتهيجون جمرتها، وتستجيبون لهتاف الشيطان الغوي،
وإطفاء أنوار الدين الجلي وإهمال سنن النبي الصفي، تشربون حسواً في
ارتغاء، وتمشون لأهله وولده في الخمرة والضراء، ويصير منكم على مثل حز
المدى، ووخز السنان في الحشاء.
وأنتم الآن تزعمون:
أن لا إرث لنا، أفحكم الجاهلية تبغون، ومن أحسن من الله حكماً لقوم
يوقنون؟! أفلا تعلمون؟!
بلى قد تجلى لكم كالشمس الضاحية:
أني ابنته.
أيها المسلمون أغلب على إرثي؟!
يا بن أبي قحافة:
أفي كتاب الله ترث أباك ولا إرث أبي؟! لقد جئت شيئاً فرياً!
أفعلى عمد تركتم كتاب الله ونبذتموه وراء ظهوركم؟!
إذ يقول:
{وَوَرِثَ
سُلَيْمَانُ دَاوُودَ}
وقال: فيما اقتص من خبر يحيى بن زكريا، إذ قال:
{فَهَبْ
لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّاً، يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ}،
وقال: {وَأُولُو
الأرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللهِ}،
وقال: {يُوصِيكُمُ
اللهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأنْثَيَيْنِ}،
وقال: {إِنْ
تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ
بِالمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى المُتَّقِينَ}.
وزعمتم:
أن لا حظوة لي ولا إرث من أبي، ولا رحم بيننا، أفخصكم
الله بآية أخرج أبي منها؟!
أم هل تقولون:
إن أهل ملتين لا يتوارثان؟!
أو لست أنا وأبي من أهل ملة واحدة؟!
أم أنتم أعلم بخصوص القرآن وعمومه من أبي وابن عمي؟!
فدونكها مخطومة مرحولة، تلقاك يوم حشرك، فنعم الحكم
الله، والزعيم محمد، والموعد القيامة، وعند الساعة يخسر المبطلون، ولا
ينفعكم إذ تندمون، ولكل نبأ مستقر، وسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه،
ويحل عليه عذاب مقيم.
ثم رمت بطرفها نحو الأنصار فقالت:
يا معشر النقيبة، وأعضاد الملة، وحضنة الإسلام، ما هذه
الغميزة في حقي، والسنة عن ظلامتي؟! أما كان رسول الله صلى الله عليه
وآله أبي يقول (المرء يحفظ في ولده)؟! سرعان ما أحدثتم، وعجلان ذا
إهالة، ولكم طاقة بما أحاول، وقوة على ما أطلب وأزاول..
إلى أن قالت:
أيهاً بني قيلة أأهضم تراث أبي؟ وأنتم بمرأى مني ومسمع،
ومنتدى ومجمع، تلبسكم الدعوة، وتشملكم الخبرة، وأنتم ذوو العدد والعدة،
والأداة والقوة وعندكم السلاح والجنة، توافيكم الدعوة فلا تجيبون،
وتأتيكم الصرخة فلا تغيثون، وأنتم موصوفون بالكفاح، معروفون بالخير
والصلاح، والنخبة التي انتخبت، والخيرة التي اختيرت لنا أهل البيت،
قاتلتم العرب، وتحملتم الكد والتعب، وناطحتم الأمم، وكافحتم البهم، لا
نبرح أو تبرحون، نأمركم فتأتمرون، حتى إذا دارت بنا رحى الإسلام، ودر
حلب الأيام، وخضعت ثغرة الشرك، وسكنت فورة الإفك، وخمدت نيران الكفر،
وهدأت دعوة الهرج، واستوسق نظام الدين فأنى حزتم بعد البيان؟! وأسررتم
بعد الإعلان؟ ونكصتم بعد الإقدام؟! وأشركتم بعد الإيمان؟! بؤسا لقوم
نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم، وهموا بإخراج الرسول، وهم بدؤوكم أول مرة،
أتخشونهم فالله أحق أن تخشوه إن كنتم مؤمنين.
ألا وقد أرى أن قد أخلدتم إلى الخفض، وأبعدتم من هو
أحق بالبسط والقبض، وخلوتم بالدعة، ونجوتم بالضيق من السعة، فمججتم ما
وعيتم، ودسعتم الذي تسوغتم، فإن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعاً فإن
الله لغني حميد .
ألا وقد قلت ما قلت..
هذا.. على معرفة مني بالجذلة التي خامرتكم، والغدرة
التي استشعرتها قلوبكم، ولكنها فيضة النفس، ونفثة الغيظ، وخور القناة،
وبثة الصدر، وتقدمة الحجة، فدونكموها فاحتقبوها دبرة الظهر، نقبة الخف،
باقية العار، موسومة بغضب الجبار، وشنار الأبد، موصولة بنار الله
الموقدة، التي تطلع على الأفئدة، فبعين الله ما تفعلون، وسيعلم الـذين
ظلموا أي مقلب ينقلبون.
وأنا ابنة نذير لكم، بين يدي عذاب شديد، فاعملوا إنا
عاملون، وانتظروا إنا منتظرون.
إلى أن قالت في جواب أبي بكر:
سبحان الله.. ما كان أبي رسول الله صلى الله عليه وآله
عن كتاب الله صادفاً ولا لأحكامه مخالفاً! بل كان يتبع أثره، ويقفو
سوره، أفتجمعون إلى الغدر اعتلالاً عليه بالزور، وهذا بعد وفاته شبيه
بما بغى له من الغوائل في حياته، هذا كتاب الله حكماً عدلاً، وناطقاً
فصلاً يقول:
{يَرِثُنِي
وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ}،
ويقول: {وَوَرِثَ
سُلَيْمَانُ دَاوُودَ}،
وبين عز وجل فيما وزع من الأقساط، وشرع من الفرائض والميراث، وأباح من
حظ الذكران والإناث، ما أزاح به علة المبطلين، وأزال التظني والشبهات
في الغابرين.
كلا بل سولت لكم أنفسكم أمراً، فصبر جميل والله
المستعان على ما تصفون.
فقال أبو بكر:
صدق الله ورسوله، وصدقت ابنته، أنت معدن الحكمة وموطن الهدى والرحمة،
وركن الدين، وعين الحجة، لا أبعد صوابك، ولا أنكر خطابك هؤلاء المسلمون
بيني وبينك، قلدوني ما تقلدت، وباتفاق منهم أخذت ما أخذت، غير مكابر
ولا مستبد، ولا مستأثر، وهم بذلك شهود.
فالتفتت فاطمة «عليها السلام» إلى الناس وقالت:
معاشر المسلمين المسرعة إلى قيل الباطل، المغضية على
الفعل القبيح الخاسر، أفلا تتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها؟
كلا بل ران على قلوبكم ما أسأتم من أعمالكم، فأخذ
بسمعكم وأبصاركم، ولبئس ما تأولتم، وساء ما به أشرتم، وشر ما منه
اغتصبتم لتجدن والله محمله ثقيلاً، وغبه وبيلاً، إذا كشف لكم الغطاء،
وبان بأورائه الضراء، وبدا لكم من ربكم ما لم تكونوا تحتسبون، وخسر
هنالك المبطلون.
ثم انكفأت «عليها السلام»، وأمير المؤمنين «عليه
السلام» يتوقع رجوعها إليه، ويتطلع طلوعها عليه، فلما استقرت بها
الدار، قالت: لأمير المؤمنين «عليه السلام»:
يابن أبي طالب، اشتملت شملة الجنين، وقعدت حجرة الظنين،
نقضت قادمة الأجدل، فخانك ريش الأعزل.
هذا ابن أبي قحافة يبتزني نحلة أبي وبلغة ابني! لقد
أجهد في خصامي، وألفيته ألد في كلامي حتى حبستني قيلة نصرها، والمهاجرة
وصلها، وغضت الجماعة دوني طرفها، فلا دافع ولا مانع، خرجت كاظمة، وعدت
راغمة، أضرعت خدك يوم أضعت حدك، افترست الذئاب، وافترشت التراب، ما
كففت قائلاً، ولا أغنيت طائلاً ولا خيار لي، ليتني مت قبل هنيئتي، ودون
ذلتي، عذيري الله منه عادياً، ومنك حامياً، ويلاي في كل شارق! ويلاي في
كل غارب! مات العمد، ووهن العضد، شكواي إلى أبي! وعدواي إلى ربي! اللهم
إنك أشد منهم قوة وحولا، وأشد بأسا وتنكيلاً.
فقال أمير المؤمنين «عليه السلام»:
لا ويل لك، بل الويل لشانئك ثم نهنهي عن وجدك يا ابنة الصفوة، وبقية
النبوة، فما ونيت عن ديني، ولا أخطأت مقدوري، فإن كنت تريدين البلغة،
فرزقك مضمون، وكفيلك مأمون، وما أعد لك أضل مما قطع عنك، فاحتسبي الله.
فقالت:
حسبي الله وأمسكت»([1]).
هناك من يطرح الأسئلة التالية:
1 ـ
هل الخطبة التي ألقتها السيدة فاطمة الزهراء «عليها السلام» في المسجد
أمام أبي بكر والمهاجرين والأنصار، كانت قبل الهجوم على الدار، أو بعد
الهجوم؟!
2 ـ
إن كان بعد الهجوم على الدار، فلم لم تذكر السيدة فاطمة
«عليها السلام» مصابها، وما جرى عليها للناس؟!
3 ـ
وبعد تلك المصائب والإصابات والأذية، كإسقاط المحسن «عليه السلام»،
وكسر الضلع، كيف خرجت الزهراء «عليها السلام» من بيتها، وتحملت هذه
الآلام التي قد تقعد شخصاً في بيته لمدة طويلة؟
ونجيب:
1 ـ بالنسبة للسؤال عن تاريخ خطبتها نقول:
إن السيدة الزهراء «عليها السلام» ألقت خطبتها المشار
إليها بعد اغتصابهم لفدك، واستيلائهم على إرثها من أبيها صلوات الله
وسلامه عليه وعليها، وعلى الأئمة الطاهرين.
وقد كان اغتصابهم فدكاً بعد عشرة أيام من استشهاد رسول
الله «صلى الله عليه وآله»([2]).
ويدل على ذلك قول الطبرسي أيضاً:
«لما بويع أبو بكر، واستقام له الأمر على جميع
المهاجرين والأنصار، بعث إلى فدك من أخرج وكيل فاطمة بنت رسول الله
«صلى الله عليه وآله»، فجاءت فاطمة الزهراء «عليها السلام» إلى أبي بكر
الخ..»([3]).
فإن استقامة الأمر لأبي بكر على جميع المهاجرين
والأنصار، لم يتيسر له إلا بعد عدة أيام، كما يظهر من نقلهم الكثير من
الاعتراضات التي واجهها أبو بكر([4]).
2 ـ وأما لماذا لم تذكر مصابها، وما جرى عليها للناس
فنقول:
من الواضح: أن ذلك لا مبرر له، لأن الناس كانوا حاضرين
لتلك الأحداث الفظيعة، وناظرين لها، ولا يزيدهم ذكر هذا الأمر معرفة
بأمر يجهلونه، ولا يزيل عنهم شبهة يحتاجون إلى إزالتها، ولكن الأمر
الذي كان يحتاج إلى كشف وبيان، هو تلك الشبهة التي ألقاها أبو بكر حول
ما تركه رسول الله «صلى الله عليه وآله»، وكان لابد من فضح أمره فيها،
لأن ذلك معناه جعله أمام خِيارَين، كل منهما يعد كارثة بالنسبة إليه،
وهما:
الف ـ
ظهور جهله بآيات القرآن، وبأحكام الإسلام البديهية التي
لا يجهلها حتى الأطفال..
ب ـ
إظهار تعمده مخالفة نص القرآن، وانتهاك حرمة الشريعة، والدين، عن علم
ودراية والتفات..
وليرى الناس بأم أعينهم:
أنه فاقد لأبسط الشرائط والمواصفات التي تؤهله لأن يكون
ولياً حتى على عائلته، فضلاً عن أن يؤتمن على الدين، وعلى دماء
المسلمين، وعلى أعراضهم، وأموالهم.. وعلى مستقبل الأمة بصورة عامة..
على أن المتأمل في خطبتها يجد:
أنها كانت تركز على أمور من شأنها تعريف الناس بالإمام الحقيقي، وبيان
المواصفات التي تبعد من تصدى لهذا الأمر عن أن يكون أهلاً لأي مقام..
علماً بأن الحديث عما جرى عليها قد يستفيد منه الخصوم
لتحويل القضية، إلى قضية شخصية، وادعاء أنها كانت حانقة عليهم من أجل
ما تعرضت هي شخصياً له، لا من أجل أخطر قضية، وهي قضية الإسلام
الكبرى..
وأما السؤال الثالث فإننا نقول:
إن كسر الضلع، لا يمنع ـ ولا سيما بعد مرور عدة أيام ـ
من الحركة والمشي، مع مراعاة الإحتياط، ولا يمنع من الكلام والإحتجاج،
وذلك ظاهر لا يخفى..
يضاف إلى ذلك:
أن خطبتها في المهاجرين كانت في المسجد، وبيتها كان في المسجد أيضاً،
فلا تحتاج في إلقاء خطبتها إلا إلى بضع خطوات يمكن أن يساعدها عليها
النساء.
لما اجتمع أبو بكر وعمر على منع فاطمة «عليها السلام»
فدكاً، وبلغها ذلك لاثت خمارها على رأسها، واشتملت بجلبابها، وأقبلت
إلى المسجد. وخطبت فيه خطبتها الشهيرة في المهاجرين والأنصار..
لكن أبا بكر أجابها بالإصرار على موقفه، واجتهاده في
تمييع القضية، رغم تصريحه في جوابه لها بقوله:
«وأنت يا خيرة النساء، وابنة خير الأنبياء صادقة في
قولك، سابقة في وفور عقلك، غير مردودةٍ عن حقك، ولا مصدودة عن صدقك».
ثم أتبع ذلك بادِّعاء:
أنه ما عمل إلا بقول رسول الله «صلى الله عليه وآله» وبإذنه.
ثم نسب إلى النبي «صلى الله عليه
وآله» قوله:
«نحن معاشر الأنبياء لا نورث».
فأجابته «عليها السلام» بتفنيد كلامه، وأن أباها «صلى
الله عليه وآله» لا يخالف كتاب الله. وأنهم أجمعوا على الغدر بها..
ثم استدلت عليه بآيات القرآن..
فعاد أبو بكر ليواجهها بالإطراء والمديح، دون أن يقر
لها بالحق.
فانكفأت «عليها السلام»، وكان علي «عليه السلام» يتوقع
رجوعها.
فلما استقرت بها الدار كلمت أمير المؤمنين «عليه
السلام» بكلام زعموا: أنه قاسٍ، وفيه تقريع ولوم وجفاء، فقالت له:
«أَشتملت شملة الجنين، وقعدت حجرة الضنين، نقضت قادمة
الأجدل، فخانك ريش الأعزل؟!.
هذا ابن أبي قحافة قد ابتزني نحيلة أبي، وبليغة ابني،
والله لقد أجهر في خصامي، وألفيته ألد في كلامي، حتى منعتني (الـ) قيلة
نصرها، والمهاجرة وصلها، وغضت الجماعة دوني طرفها، فلا دافع ولا مانع،
خرجت كاظمة، وعدت راغمة.
أَضرعت خدك، يوم أضعت حدك؟!
أَفترست الذئاب وافترشت التراب؟!
ما كففت قائلاً، ولا أغنيت باطلاً؟!
ولا خيار لي، ليتني مت قبل هينتي، ودون زلتي.
عذيري الله منه عادياً، ومنك حامياً.
ويلاي في كل شارق، ويلاي في كل غارب، ويلاي مات العمد
ووهى العضد، وشكواي إلى أبي. وعدواي إلى ربي اللهم أنت أشد قوة».
وقد أجابها «عليه السلام» بكلام جاء
فيه:
«فما ونيت عن ديني، ولا أخطأت مقدوري، فإن كنتِ تريدين البلغة، فرزقك
مضمون، وكفيلك مأمون، وما أُعِدّ لك خير مما قطع عنك، فاحتسبي الله.
فقالت:
حسبي الله. وأمسكت»([5]).
فهل يمكن أن يصدر هذا الكلام القاسي والجافي في حق سيد
الوصيين من فاطمة «عليها السلام»، وهي المعصومة الطاهرة؟!
أم أن ذلك مكذوب عليها؟!
وهل يمكن أيضاً:
أن يظن بها أمير المؤمنين «عليه السلام» أنها تريد البلغة؟! أم أن ذلك
مكذوب عليه؟!
ونجيب بما يلي:
أولاً:
إن الله سبحانه وتعالى قال مخاطباً عيسى بن مريم «عليه السلام»:
{وَإِذْ
قَالَ اللهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ ءأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ
اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللهِ قَالَ سُبْحَانَكَ
مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ
قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ
مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلاَمُ الْغُيُوبِ}([6]).
فعلّام الغيوب إذن يسأل عيسى «عليه السلام» عن هذا
الأمر، ولكنه ليس سؤالاً يهدف إلى معرفة شيء جديد من خلال الإجابة. بل
هو سؤال تقرير، يراد به إسماع الإجابة للآخرين. مع كون السائل عالماً
بها، وهو يشبه من بعض الجهات الأسئلة الإمتحانية.
وهذا النحو من التعاطي مع القضايا شائع في حياة النبي
«صلى الله عليه وآله»، والأئمة الطاهرين «عليهم السلام».. وهو طريقة
عقلائية متبعة في كل وقت وحين.
ونظير ذلك:
ما فعله نبي الله موسى بأخيه هارون «عليهما السلام»، فقد أخذ برأس أخيه
يجره إليه مع علمه ببراءته.. لأنه أراد أن يعرِّف قومه عظيم جنايتهم،
وشدة قبح فعلتهم حين عبدوا العجل، ليظهر للناس: أنهم ليسوا أهلاً
للمقام الذي يضعون أنفسهم فيه..
وتوضيح ذلك:
هناك من يقرأ كلمة اشتملت على إنها إخبار عن أنه «عليه
السلام»
فعل ذلك والذي يظهر لنا هو:
أن الهمزة في كلمة «أشتملت» هي همزة الإستفهام، التي
تكون مفتوحة لا مكسورة. أي: هل اشتملت؟!
فهي «عليها السلام»، إنما تسأل علياً «عليه السلام» هذا
السؤال لأجل تقريره، أي لكي تسمع الناس جوابه. وتعرِّفهم: بأن ما قد
يفكرون به من أنه «عليه السلام» قد ونى عن دينه، وتساهل في القيام
بواجبه الشرعي، ليس له ما يبرره، فهم مخطئون جداً حين يفكرون بهذه
الطريقة..
ولعل هذا يشير إلى وجود أجواء مسمومة تثار حول موقف
أمير المؤمنين «عليه السلام».. أو هي على الأقل قد أرادت تحصيننا نحن
من أن نقع فريسة أوهام كهذه، وذلك استشرافاً منها للغيب، وانسجاماً مع
مقتضياته..
ويؤيد ذلك:
أنها «عليها السلام» صرحت في آخر كلامها بقولها: «ألا وقد قلت ما قلت
على معرفة مني بالخذلة التي خامرتكم، والغدرة التي استشعرتها قلوبكم،
ولكنها فيضة النفس، ونفثة الغيظ..»([7]).
ثانياً:
لو سلمنا: أن الهمزة ليست للإستفهام، فإننا نقول:
لا مانع أن يكون هذا الكلام قد جاء على سبيل التألم
والتأسف أيضاً لما انتهى إليه حال أمير المؤمنين «عليه السلام»، الذي
لم يكن أمامه أي خيار مشروع إلا التصرف بهذه الطريقة، حتى لكأنه الجنين
المحبوس، الجالس في بيته فراراً من الناس الذين لا يفهمون حكمة موقفه.
ثم عادت «عليها السلام» لتصف حاله «عليه السلام» فتقول:
إنه في بدء أمره نقض مقاديم ريش الصقر ببسالته وشجاعته،
ثم أصبح كالأعزل من السلاح والقوة، فكأنه أصبح صقراً نقضت قوادمه، ولا
يجديه صغار ريش الصقر الذي نقضت قوادم ريشه القوية.
فإن هذه الريش الصغار لا تعطي الصقر أية قوة على
الطيران.
فكأنها «عليها السلام» تقول له:
أنت الذي فعلت بالمشركين الأفاعيل، وقد انتهى بك الأمر إلى هذه الحال
الصعبة عليك وعلى هؤلاء الضعفاء..
وبعد ذكر مظلوميتها، وما جرى عليها من غاصبي حقها، عادت
لتقول له «عليه وعليها السلام»:
إنك امتثالاً لأمر الله، وطلباً لرضاه خضعت، ووضعت خدك
على التراب، ورضيت بتحمّل الأذى، وصبرت على استخفاف ظالميك بك، وتركت
سعيك واهتمامك بالأمر، حتى ذهبت شوكتك وبأسك بنظرهم..
ورغم أنه «عليه السلام» كان يفترس ذئاب الشرك في
حروبه مع المشركين، ولكنه رضي بأن يفترش التراب، ويصبح في منتهى الفاقة
والبؤس؛ لأن الله تعالى يريد منه ذلك.
ثم ذكرت «عليها السلام»:
أنه ما كفّ عنها، وعنه قول الباطل من الذين كانوا يؤذونهما بكلماتهم
القارصة. ولم يغن (أي لم ينفع) في دفع باطل (وفي رواية: ولا أغنيت
طائلاً)، أي ما عملت ما أنتج شيئاً عظيماً فيما يرتبط باسترجاع الحق
المغتصب، بسبب استكبار أولئك وبطشهم، ولأنك التزمت بوصية رسول الله
«صلى الله عليه وآله».
لأنك كل همك هو حفظ معنى الإمامة في وجدان الأمة، فكان
عملك هذا مؤثراً
في حفظ الإمامة التي هي الركن الأعظم بعد النبوة.
ويمكن قراءة كلمتي:
«كففت، وأغنيت» بضم التاء. أي أنها هي «عليها السلام» لم تحقق ما كانت
ترمي إلى تحقيقه. حيث لم يستجب لها الغاصبون لحقها.
وقولها:
عذيري الله منه عادياً، ومنك محامياً معناه: العذير كالسميع، والأليم
بمعنى: العاذر، والسامع، والمؤلم.
أي أن الله تعالى هو الذي يقبل عذرها في كلامها هذا
الذي قالته لأبي بكر المعتدي عليها، حيث إنه تعالى يعلم أنها لم تتجنّ
عليه في شيء من ذلك..
كما أن الله هو الذي يقبل عذرها في إظهارها للألم
والأسى من الحالة التي بلغها علي «عليه السلام»، وهو سبحانه يعلم أن ما
قالته في بيان ذلك لم يعدُ الحقيقة.
ومما جرى بعد تلك الأحداث الصعبة أن أبا بكر قد شبَّه
علياً وفاطمة «عليهما السلام» بثعالة (أي الثعلب) شاهده ذنبه. ثم شبه
علياً «عليه السلام» وهو يستعين بالسيدة فاطمة بنت رسول الله
«صلى الله
عليه وآله»
بأم طحال، أحب أهلها إليها البغي([8]).
فقد قال المعتزلي:
قال أبو بكر: «قد بلغني يا معشر الأنصار مقالة سفهائكم ، وأحق من لزم
عهد رسول الله
«صلى الله
عليه وآله»
أنتم فقد جاءكم فآويتم ونصرتم ألا إني لست باسطاً يداً
ولا لساناً على من لم يستحق ذلك منا .
ثم نزل، فانصرفت فاطمة عليه السلام إلى منزلها.
قلت:
قرأت هذا الكلام على النقيب أبى يحيى جعفر بن يحيى بن أبي زيد البصري
وقلت له: من يعرض؟!
فقال:
بل يصرح.
قلت:
لو صرح لم أسألك.
فضحك وقال:
بعلي بن أبي طالب «عليه السلام».
قلت:
هذا الكلام كله لعلي يقوله؟!
قال:
نعم، إنه الملك يا بنى..»
فإن أم طحال امرأة كانت من بغايا الجاهلية، كان
يضرب بها المثل، فيقال: أزنى من أم طحال([9]).
فقول أبي بكر:
إن علياً كأم طحال، وأن أحب أهله إليه البغي، ولذلك كانت الزهراء
«عليها السلام» أحب أهله إليه، مطبقاً عليها ـ والعياذ
بالله ـ هذا
الوصف القبيح. لهو كلام بالغ الخطورة
من حيث إنه يعتبر بمثابة القذف الصريح للسيدة
الزهراء «عليها السلام»؟! أو هو سب سمج وممجوج لا يمكن قبوله، ولا
السكوت عنه!!
ولعل هذا هو مراد الإمام الصادق
«عليه السلام» بقوله:
«وأما قذف المحصنات، فقد قذفوا فاطمة على منابرهم»([10]).
فإنا لله، وإنا إليه راجعون!!..
وروي:
أن فضال بن الحسن بن فضال الكوفي مرَّ بأبي حنيفة وهو في جمع كثير،
يملي عليهم شيئا من فقهه وحديثه.
فقال ـ لصاحب كان معه ـ:
والله لا أبرح حتى أخجل أبا حنيفة.
فقال صاحبه ـ الذي كان معه ـ:
إن أبا حنيفة ممن قد علت حاله، وظهرت حجته.
قال:
مه! هل رأيت حجة ضال علت على حجة مؤمن؟!
ثم دنا منه فسلم عليه، فردها، ورد القوم السلام
بأجمعهم.
فقال:
يا أبا حنيفة،
إن أخاً لي يقول:
إن خير الناس بعد رسول الله «صلى الله عليه وآله» علي
بن أبي طالب «عليه السلام»، وأنا أقول: أبو بكر خير الناس، وبعده عمر.
فما تقول أنت رحمك الله؟!
فأطرق ملياً ثم رفع رأسه فقال:
كفى بمكانهما من رسول الله «صلى الله عليه وآله» كرماً وفخراً، أما
علمت أنهما ضجيعاه في قبره، فأي حجة تريد أوضح من هذا؟!
فقال له فضَّال:
إني قد قلت ذلك لأخي فقال: والله لئن كان الموضع لرسول الله «صلى الله
عليه وآله» دونهما فقد ظلما بدفنهما في موضع ليس لهما حق فيه، وإن كان
الموضع لهما فوهباه لرسول الله «صلى الله عليه وآله» لقد أساءا وما
أحسنا، إذ رجعا في هبتهما، ونسيا عهدهما.
فأطرق أبو حنيفة ساعة ثم قال له:
لم يكن له ولا لهما خاصة، ولكنهما نظرا في حق عايشة وحفصة، فاستحقا
الدفن في ذلك الموضع بحقوق ابنتيهما.
فقال له فضَّال:
قد قلت له ذلك، فقال: أنت تعلم أن النبي «صلى الله عليه وآله» مات عن
تسع نساء، ونظرنا فإذا لكل واحدة منهن تسع الثمن، ثم نظرنا في تسع
الثمن فإذا هو شبر في شبر، فكيف يستحق الرجلان أكثر من ذلك؟!
وبعد، فما بال عائشة وحفصة ترثان رسول الله «صلى الله
عليه وآله» وفاطمة بنته تمنع الميراث؟!
فقال أبو حنيفة:
يا قوم، نحوه عني فإنه رافضي خبيث([11]).
علي
والعباس يتنازعان في الميراث:
عن محمد بن عمر بن علي، عن أبيه، عن أبي رافع قال:
إني لعند أبي بكر إذ طلع علي والعباس، يتدافعان
ويختصمان في ميراث النبي
«صلى الله
عليه وآله»،
(في المناقب: في برد النبي
«صلى الله
عليه وآله»
وسيفه، وفرسه)، فقال أبو بكر: يكفيكم القصير الطويل. يعني بالقصير:
علياً، وبالطويل: العباس.
فقال العباس:
أنا عم النبي ووارثه، وقد حال علي بيني وبين تركته.
قال أبو بكر:
فأين كنت يا عباس حين جمع النبي بني عبد المطلب وأنت أحدهم، فقال: أيكم
يؤازرني، ويكون وصيي وخليفتي في أهلي، ينجز عدتي، ويقضي ديني؟؟.
فأحجمتم عنها إلا علياً.
فقال النبي:
أنت كذلك.
فقال العباس:
فما أقعدك في مجلسك هذا؟! تقدمته وتأمرت عليه.
قال أبو بكر:
أعذرونا يا بني عبد المطلب (أو أغدراً يا بني عبد المطلب؟!)([12]).
ونقول:
إن لنا مع هذا الحديث وقفات، هي التالية:
إننا نعتقد:
أن هذا الحديث قد تعرض للتلاعب والتحريف، كما يدل عليه نفس متنه، لأن
ما نقله أبو بكر عن رسول الله
«صلى الله
عليه وآله»
إنما تضمن ذكر خلافة علي «عليه السلام» للنبي
«صلى الله
عليه وآله»
في أهله، وليس في الأمة.
وقول العباس لأبي بكر:
فما أقعدك في مجلسك هذا. إنما يتم لو كان
«صلى الله
عليه وآله»
قد جعله خليفة في أمته، أو خليفته من بعده على الإطلاق..
إلا إذا قلنا:
أن خلافته في أهله لا تنفصل عن خلافته في أمته من حيث هو نبي وولي، إذ
لا أهل للنبي بعد وفاته غير الزهراء، وهي زوجة علي
«عليه
السلام».
فاستدلال العباس بهذه الفقرة على أحقية علي «عليه
السلام» بموقع الخلافة من أبي بكر، وقبول أبي بكر بهذا الإستدلال،
وخشيته من أن يكون بنو هاشم بصدد استرجاع هذا الأمر منه، لأنهم هم
الأحق به، يدل على أن كلمة «في أهلي» إما زيدت في الرواية للتشويه
والتمويه، أو انها تدل على الولاية العامة حسبما ذكرناه..
وقد سأل يحيى بن خالد البرمكي هشام بن الحكم بمحضر
الرشيد، فقال: أخبرني يا هشام، هل يكون الحق في جهتين مختلفتين؟!
قال هشام:
الظاهر لا..
إلى أن قال يحيى:
فأخبرني عن علي والعباس لما اختصما إلى أبي بكر في الميراث، أيهما كان
المحق من المبطل؟! إذ كنت لا تقول إنهما كانا محقين، ولا مبطلين!!
قال هشام:
فنظرت، فإذا إنني إن قلت: إن علياً «عليه السلام» كان مبطلاً كفرت،
وخرجت من مذهبي.
وإن قلت:
إن العباس كان مبطلاً ضرب الرشيد عنقي. ووردت علي مسألة لم أكن سئلت
عنها قبل ذلك الوقت، ولا أعددت لها جواباً.
فذكرت قول أبي عبد الله «عليه
السلام»:
يا هشام، لا تزال مؤيداً بروح القدس ما نصرتنا بلسانك. فعلمت أني لا
أخذل، وعنّ لي الجواب في الحال، فقلت له:
لم يكن لأحدهما خطأ حقيقة، وكانا جميعاً محقين،
ولهذا نظير قد نطق به القرآن في قصة داود «عليه السلام»، يقول الله عز
وجل:
{وَهَلْ
أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ}.
إلى قوله تعالى:
{خَصْمَانِ
بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ}([13]).
فأي الملكين كان مخطئاً، وأيهما كان مصيباً؟!
أم تقول:
إنهما كانا مخطئين؟! فجوابك في ذلك جوابي.
فقال يحيى:
لست أقول: إن الملكين أخطئا، بل أقول: إنهما أصابا، وذلك أنهما لم
يختصما في الحقيقة، ولم يختلفا في الحكم. وإنما أظهرا ذلك لينبها داود
«عليه السلام» في الخطيئة، ويعرفاه الحكم، ويوقفاه عليه.
قال هشام:
قلت له: كذلك علي «عليه السلام» والعباس لم يختلفا في الحكم، ولم
يختصما في الحقيقة، وإنما أظهرا الإختلاف والخصومة لينبها أبا بكر على
خطئه، ويدلا على أن لهما في الميراث حقاً، ولم يكونا في ريب من أمرهما،
وإنما كان ذلك منهما على حد ما كان من الملكين.
فاستحسن الرشيد ذلك الجواب([14]).
روى المدائني عن هشام بن سعد، عن عيسى بن عبد الله بن
مالك قال: خاصم العباس علياً إلى أبي بكر، فقال: العم أولى أو ابن
العم؟!
قال:
العم.
قال:
ما بال درع النبي «صلى الله عليه وآله»، وبغلته دلدل، وسيفه عند علي؟!
فقال أبو بكر:
هذا شيء وجدته في يده، فأنا أكره نزعه منه، وتركه العباس([15]).
فنلاحظ:
1 ـ
كان بإمكان أبي بكر أن يسأل علياً «عليه السلام» عن هذا الذي تحت يده
كيف وصل إليه.. فإن كان بنحو مملك تركه له، وإن كان على سبيل الإستيلاء
والتعدي فلماذا لا ينتزعه منه؟!
2 ـ
لماذا انتزع أبو بكر فدكاً من يد فاطمة «عليها السلام»
وطرد وكلاءَها منها.. ولا ينتزع بغلة النبي «صلى الله عليه وآله» من
علي «عليه السلام»؟!
3 ـ
إن السؤال الصحيح ليس هو عن كون ابن العم أولى من العم،
بل السؤال هو: هل العم أولى من البنت؟!
إذ إن علياً «عليه السلام» لم يدَّعِ أنه هو الوارث
للمال، بل هو يقول: إن فاطمة هي التي ترث دون العم.
قال العلامة:
«كيف يجوز لأبي بكر أن يقول: أنا ولي رسول الله، وكذا
لعمر، مع أن رسول الله «صلى الله عليه وآله» مات وقد جعلهما من جملة
رعايا أسامة بن زيد»([16]).
وأجاب البعض:
بأن المراد بالولي: من تولى الخلافة، فإنه يصبح المتصرف
في أمور رسول الله «صلى الله عليه وآله» بعده، وتأمير أسامة عليهما لا
يجعلهما من رعاياه، بل هم جميعاً من رعايا النبي «صلى الله عليه وآله»([17]).
وهو جواب لا يصح:
فقد قال الشيخ محمد حسن المظفر «رحمه الله»، ما حاصله: إن الولي للشخص
هو المتصرف في أموره؛ لسلطانه عليه ولو في الجملة، كالمتصرف في أمور
الطفل والغائب. ولا يصدق على الوكيل أنه ولي، مع أنه متصرف في أمور
غيره. فلا أقل من أن ذلك إساءة أدب معه «صلى الله عليه وآله».
ولو سلم اعتبار السلطنة في معنى الولي، فدعواهما أنهما
وليا رسول الله «صلى الله عليه وآله» غير صحيحة، لأن النبي «صلى الله
عليه وآله» لم يستصلحهما حين وفاته إلا لأن يكونا في جملة رعايا أسامة،
فكيف صلحا بعده للإمامة على الناس عامة ومنهم أسامة؟!
على أن إضافة الولي إلى رسول الله «صلى الله عليه
وآله»، من دون اعتبار السلطنة في معنى الولي، تقتضي ظاهراً: أن تكون
الولاية مجعولة من النبي «صلى الله عليه وآله»، لأنها من إضافة الصفة
إلى الفاعل، لا إلى المفعول، وذلك باطل بالاتفاق.
وإنكار إطلاق الرعية على مثل تأمير أسامة في غير محله([18]).
وقال المجلسي أيضاً والمعتزلي روي
عن عائشة:
إن أزواج النبي
«صلى الله
عليه وآله»
أرسلن عثمان إلى أبي بكر يسألنه ميراثهن من رسول الله
«صلى الله عليه وآله»([19]).
فهل جهل نساء رسول الله
«صلى الله
عليه وآله»
بأن النبي لا يورث؟!
وكيف يذهب عثمان بهذه المهمة، مع أن عمر قد أقسم على
جماعة فيهم عثمان: أن النبي «صلى الله عليه وآله» قال: لا نورث، ما
تركناه صدقة.
فقالوا:
نعم؟!([20]).
وكيف لم يصدق عثمان أبا بكر فيما رواه عن رسول الله من
أن الأنبياء لا يورثون؟!
وكيف دفع عمر صدقة النبي
«صلى الله
عليه وآله»
بالمدينة إلى علي «عليه السلام» إذا كان النبي لا يورث أصلاً؟!
وكيف دفع عمر سهم النبي «صلى الله عليه وآله»
بخيبر، وما أفاءه الله عليه إلى علي وحده، أو إلى علي «عليه السلام»
والعباس؟!
وكيف ترك أبو بكر سيف رسول الله
«صلى الله
عليه وآله»
وبغلته وعمامته إلى علي «عليه السلام»؟! فإن كان لأجل احتمال أن يكون
قد منحه النبي «صلى الله عليه وآله» إياهما قبل وفاته.. فلماذا لم
يحتمل مثل الاحتمال في فدك أيضاً مع وجود الشهود، وسائر الدلائل
والشواهد على ذلك، وإن كان لأجل أن الوارث هو الزهراء «عليها السلام»..
فلماذا يمنع الزهراء إرثها؟!
وكيف، ولماذا إذن.. يروي أبو بكر عن رسول الله
«صلى الله
عليه وآله»
أنه قال: نحن معاشر الأنبياء لا نورث، ما تركناه صدقة؟!.
1 ـ
ورد في النصوص:
أن أبا بكر قال: سمعت رسول الله يقول: إنَّا معاشر الأنبياء لا نورث
ذهباً ولا فضة، ولا أرضاً، ولا عقاراً، ولكنا نورث الإيمان، والحكمة،
والعلم، والسنة([21]).
وهو كلام يدل على أن الأنبياء لم يأتوا إلى الدنيا لجمع
الأموال..
ولا يدل على أنهم لو تركوا شيئاً كان لغير ورثتهم، وهذه
الإختلافات في نقل حديث عدم توريث الأنبياء قد تكررت في كلام أبي بكر،
ولعله لأنه كرر كلامه في أكثر من موقف ومناسبة.
2 ـ
وقد ذكر الشيخ الطوسي وغيره:
أن أبا بكر قد ناقض نفسه في موضوع الإرث بصورة لا يمكن معالجتها، فهو
قد روى عن النبي
«صلى الله
عليه وآله»
أنه قال: نحن معاشر الأنبياء لا نورث.
ثم دفع سيف رسول الله وبغلته، وعمامته وغير ذلك
(وفي نص آخر: دفع آلة رسول الله ودابته وحذاءه([22]))
إلى أمير المؤمنين «عليه السلام». وقد نازعه العباس فيها، فحكم بها
لعلي «عليه السلام».
إما لأن ابن العم ـ إذا كان عم الميت ـ من الأب
والأم، أولى من العم إذا كان من جانب الأب فقط([23])،
لأن المتقرب إلى الميت بسببين أولى من المتقرب إليه بسبب واحد..
وإما لأن العم لا يرث مع وجود البنت، كما هو مذهب
أهل البيت «عليهم السلام»([24]).
و قد دافع أتباع أبي بكر وعمر عنهما في موضوع إرث
النبي «صلى الله عليه وآله» بما لا يصلح ولا يفيد، فقالوا:
1 ـ
بالنسبة لما أعطاه لعلي «عليه السلام» من تركة النبي
«صلى الله عليه وآله»:
لا شك في أن أبا بكر لم يدفع هذه الاشياء ذلك إلى علي
«عليه السلام» بعنوان أنها إرث، لأن ذلك لا ينسجم مع حديث نحن
معاشرالأنبياء لا نورث.
كما أنه لا إرث لعلي «عليه السلام» مع العم، لأنه
عصبة.. فإن كانت فاطمة «عليها السلام» قد ورثت شيئاً، فالعباس شريكها،
وأزواج النبي «صلى الله عليه وآله» شركاؤها أيضاً.
ولوجب أن يكون ذلك ظاهراً مشهوداً، ليعرف أنهم
أخذوا نصيبهم من غير ذلك، أو بدله..
وذكروا أيضاً:
أن عدم أخذ الشيء بالإرث لا يعني عدم الحصول عليه أصلاً، إذ قد يحصل
عليه عن طريق النحلة، أو قد يعطيه إياه أبو بكر، ليكون في يده لمصلحة
يراها، كتقوية الدين.. (ثم يتصدق أبو بكر ببدله).
وأما البردة والقضيب، فلعل أبا بكر لم يتصدق بهما، بل
جعلهما عدة في سبيل الله، تقوية على المشركين، فتداولته الأئمة.
هذا إن ثبت أنه
«صلى الله
عليه وآله»
لم ينحله أحداً في حال حياته..
ونقول:
أولاً:
إذا جاز أن يكون كل ذلك مما نحله الرسول «صلى الله عليه وآله» في حال
حياته.. لأحد من الناس، فلماذا لم يصدقوا الزهراء «عليها السلام» في
أمر فدك، فإنها كانت نحلة لها من رسول الله
«صلى الله
عليه وآله»،
في حال حياته وكانت في يدها، وعمالها فيها لعدة سنوات في حياته
«صلى الله
عليه وآله»..
إلا إذا فرض ـ والعياذ بالله ـ:
أن أبا بكر يكذّب السيدة الزهراء «عليها السلام»، التي طهرها الله
تطهيراً..
ثانياً:
لقد أوجب هذا المدافع: أن يكون ما وصل إلى فاطمة «عليها السلام» معروف
الجهة، هل هو نحلة؟! أو على سبيل الإرث؟! أو غير ذلك؟! وأن يكون ذلك
ظاهراً مشهوداً.
ولكنه يعود فيدَّعي لأجل تصحيح فعل أبي بكر بالبردة
والقضيب، وإعطائه سيف وبغلة وعمامة الرسول «صلى الله عليه وآله» لعلي
«عليه السلام» ـ يدعي ـ: أنه قد يكون ذلك ملك علي من جهة أن النبي
«صلى الله
عليه وآله»
قد نحله إياه، وقد يكون
«صلى الله
عليه وآله»
قد أعطى البردة والقضيب لأحد على سبيل النحلة.
مع أنه لا بد أن يكون ذلك ظاهراً مشهوداً أيضاً حسب
قوله. إلا إذا كان هذا المدافع يشترط الظهور والشهرة في نحلة الزهراء
«عليها السلام» دون غيرها!!
مع أن كون فدك نحلة للزهراء «عليها السلام» أيضاً
كالنار على المنار، وكالشمس في رائعة النهار.
2 ـ
أما بالنسبة لتنازع علي «عليه السلام» والعباس، وكذلك بالنسبة لطلب
الأزواج الميراث، فقد أجاب المدافعون عن أبي بكر، بأن من الممكن أن
يكون العباس، وعلي «عليه السلام»، وكذلك الأزواج غير عالمين بحديث: نحن
معاشر الأنبياء لا نورث..
ونجيب:
بأن هذا الإحتمال غريب وعجيب، فإن علياً «عليه السلام»
وكذلك سائر الصحابة، قد شهدوا ما جرى بين أبي بكر والزهراء «عليها
السلام»، وسمعوا خطبتها المشهورة حول هذا الموضوع.
وعرفوا ورأوا كيف استدل أبو بكر بهذا الحديث ناسباً له
إلى رسول الله
«صلى الله
عليه وآله»..
فمتى نسوا هذا الحديث؟! وهل يمكن أن ينسى العباس وعلي «عليه السلام»
هذا الحديث، وقد انتزع أبو بكر بسببه من يدهم تلك الأراضي والأموال؟!
والحال أن هذه المنازعة بين العباس وعلي «عليه السلام»
قد جرت بعد استشهاد الزهراء «عليها السلام».
([1])
الأحتجاج ج 1 ص 131 ـ 146 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج16 ص210
ـ= = 211 وص 249 وبلاغات النساء ص 12 و أعلام النساء ج 4 ص
116 و الشافي ج 4 ص 69 وأمالي الطوسي ج 2 ص 69 والبحار (ط
قديمة) ج 8 ص 106 و (ط أخرى) ج29 ص324.
([2])
شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج16 ص263 واللمعة البيضاء ص751.
([3])
الإحتجاج ج1 ص234 و 235 و (ط دار النعمان) ج1 ص119 وبلغة
الفقيه لبحر العلوم ج3 ص354 وبحار الأنوار ج29 ص127 ونور
الثقلين ج4 ص186 و 374 واللمعة البيضاء ص309 و 747 والأنوار
العلوية ص292 ومجمع النورين للمرندي ص134 وغاية المرام ج5 ص348
وبيت الأحزان ص133.
([4])
راجع كتاب الغدير للعلامة الأميني «رحمه الله»، والإحتجاج ج1
ص186 ـ 202 وغير ذلك..
([5])
بحار الأنوار ج29 ص234 و 311 والإحتجاج (ط دار النعمان سنة
1386هـ) ج1 ص145 ـ 146 و (ط أخرى) ج1 ص280 ـ 282 ومناقب آل أبي
طالب لابن شهرآشوب ج2 ص50 وقاموس الرجال للتستري ج12 ص322
وأعيان الشيعة ج1 ص318 و 432 والدر النظيم ص478 واللمعة
البيضاء للتبريزي ص723 والأنوار العلوية ص300 ومجمع النورين
للمرندي ص135 وبيت الأحزان للقمي ص150.
([6])
الآية 116 من سورة المائدة.
([7])
بحار الأنوار ج29 ص227 ـ 229 و 298 وكشف الغمة ج1 ص491 وج2
ص114 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج16 ص212 و213 والإحتجاج ج1
ص273 ودلائل الإمامة ص121 ومناقب آل أبي طالب ج2 ص50 و السقيفة
وفدك للجوهري ص102 و 146 والدر النظيم ص477 و اللمعة البيضاء
ص670 والأنوار العلوية ص298 ومجمع النورين للمرندي ص132 وشرح
إحقاق الحق (الملحقات) ج19 ص163 ـ 167.
([8])
شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج16 ص214 و 215 ودلائل الامامة لابن
رستم الطبري ص123 وبحار الأنوار ج29 ص325 ـ 328 وموسوعة أحاديث
أهل البيت «عليهم السلام» للنجفي ج8 ص447 و 448 والسقيفة وفدك
للجوهري ص104 وقاموس الرجال للتستري ج12 ص323 واللمعة البيضاء
ص744 ومجمع النورين للمرندي ص136 وسفينة النجاة للتنكابني ص344
وبيت الأحزان ص152 والأسرار الفاطمية للمسعودي ص509.
([9])
شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج16 ص215 وبحار الأنوار ج29 ص328
واللمعة البيضاء ص745 وبيت الأحزان ص153.
([10])
الخصال للصدوق ص364 وعلل الشرائع ج2 ص475 وتهذيب الأحكام ج4
ص149 و 150 ومعادن الحكمة ج2 ص122 و 123 ومن لا يحضره الفقيه
(ط النجف) ج2 ص366 ومناقب آل أبي طالب ج3 ص375 و 376 وبحار
الأنوار ج27 ص210 و 211 وج76 ص5 و 6 و 14 وجامع أحاديث الشيعة
ج8 ص621 وج13 ص356 و 357 و 358. راجع: موسوعة أحاديث أهل البيت
«عليهم السلام» للنجفي ج8 ص342 وج9 ص272 وتفسير العياشي = = ج1
ص237 وتفسير فرات الكوفي ص102 و 103 ونور الثقلين ج5 ص163 و
164 وكنز الدقائق ج2 ص434 وأطائب الكلم في بيان صلة الرحم
للشيخ حسن الكركي ص45.
([11])
راجع: الإحتجاج ج2 ص315 و 316 و (ط دار النعمان) ج2 ص150 وكنز
الفوائد للكراجكي ج1 ص294، وبحار الأنوار ج10 ص231 وج31 ص93
وج44 ص155 وج47 ص400 والأنوار النعمانية ج1 ص87 والفصول
المختارة ص74 واللمعة البيضاء ص803 و 804 والخرائج والجرائح ج1
ص243 وشجرة طوبى ج2 ص428.
([12])
بحار الأنوار ج29 ص67 و 68 وج38 ص3 وراجع: الإحتجاج للطبرسي ج1
ص229 و 230 و (ط دار النعمان سنة 1386هـ) ج1 ص116 وإثبات
الهداة ج2 ص175 عن كتـاب البرهـان للشمشاطي، ومناقـب آل أبي
طـالب ج3 = = ص49 و (ط المكتبة الحيدرية 1376هـ) ج2 ص249
وراجع: الدرجات الرفيعة ص90 والمسترشد لابن رستم الطبري ص577
والعقد النضيد للقمي ص144 وستأتي خصومة علي والعباس في الميراث
لدى عمر.
وقد
ذكر عمر خصومتهما إلى أبي بكر، وسنن أبي داوود برقم 2693 و
1964 و 2965 و 2967 والترمذي برقم 1610 وسنن النسائي ج7 ص136 و
137 وصحيح مسلم رقم 1757 ج3 ص1377 ـ 1379 و (ط دار الفكر) ج5
ص152 وصحيح البخاري كتاب الفرائض: باب قول النبي «صلى الله
عليه وآله» لا نورث ما تركناه صدقة (ط دار الفكر) ج8 ص3 و 4
وج4 ص43 وج5 ص23. وكتاب الجهاد باب المحن، ومختصر المنذري حديث
2843 و 2847 وجامع الأصول حديث 1202 والسنن الكبرى للبيهقي ج6
ص297 و 298 وكنز العمال ج7 ص240 واللمعة البيضاء ص761.
([13])
الآيتان 21 و 22 من سورة ص.
([14])
بحار الأنوار ج10 ص293 وج29 ص69 و 70 ومناقب آل أبي طالب ج3
ص49 والفصول المختارة للمرتضى ص49 وقاموس الرجال للتستري ج10
ص545 وإحقاق الحق (الأصل) ص228 وهشام بن الحكم للشيخ عبد الله
نعمة ص227 وقال في هامشه: الفصول المختارة ج1 ص24 ـ 25 وقارن
ما نقله في ضحى الإسلام ج3 ص262 ـ 269، فإنه اختصر هذه
المناظرة، وانظر بحار الأنوار ج4 ص159. وعيون الأخبار لابن
قتيبة ج5 ص150 والعقد الفريد ج1 ص270.
([15])
إمتاع الأسماع ج7 ص148 وراجع: مسند أحمد ج1 ص13 ومجمع الزوائد
ج4 ص207 ومسند أبي يعلى ج1 ص34 والتمهيد لابن عبد البر ج8 ص159
وكنز العمال (ط مؤسسة الرسالة) ج5 ص586.
([16])
نهج الحق ص364 وراجع: دلائل الصدق ج3 قسم 2 ص124 والطرائف لابن
طاووس ص272 وإحقاق الحق (الأصل) ص302.
([17])
هذا كلام ابن روزبهان في كتابه المسمى: «إبطال نهج الباطل»
فراجع دلائل الصدق ج3 قسم 2 ص125.
([18])
دلائل الصدق ج3 قسم 2 ص126.
([19])
بحار الأنوار ج29 ص71 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج16 ص223 و
228 وفتوح البلدان للبلاذري ج1 ص34 وأنساب الأشراف ج1 ص520
ومسند ابي عوانة ج4 ص145 وراجع ص143 وطبقات ابن سعد ج2 ص315
والمصنف للصنعاني ج5 ص471 و472 والصواعق المحرقة ص36 وتلخيص
الشافي ج3 ص150 والموطأ (مطبوع مع تنوير الحوالك) ج3 ص154
والبداية النهاية ج4 ص203 وج5 ص288 والإيضاح لشاذان ص257 ـ 262
وراجع هوامشه، وصحيح البخاري (ط دار الفكر) ج5 ص24 وتركة النبي
«صلى الله عليه وآله» للبغدادي ص84 ومسند الشاميين ج4 ص199 لكن
في صحيح مسلم ج3 ص1379 حديث51: إنهن أردن أن يرسلن عثمان إلى
أبي بكر، فاعترضت عائشة عليهن بحديث أبي بكر: إن النبي لا
يورث. وراجع: سنن أبي داود ج3 ص144 و 145 وراجع: السقيفة وفدك
للجوهري ص113 و 115 ومعجم البلدان ج4 ص239 وتاريخ المدينة لابن
شبة ج1 ص205 و 207 و201 وعمـدة القـاري ج17 ص130 و 131
واللمـعـة البيضاء ص762 = = والسنن الكبرى للبيهقي ج6 ص299.
([20])
شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج16 ص223 و 222 واللمعة البيضاء ص762
ونيل الأوطار للشوكاني ج6 ص196 وأضواء البيان للشنقيطي ج3 ص361
وعن الرياض النضرة ج2 ص124.
([21])
شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج16 ص214 و 252 و 224 والسقيفة وفدك
للجوهري ص103 واللمعة البيضاء ص758 و 687 وراجع: الإحتجاج (ط
دار النعمان) ج1 ص142 وبحار الأنوار ج29 ص231 ومناقب علي بن
أبي طالب «عليه السلام» ومـا نـزل من القرآن في عـلي لابن
مردويـه الأصفهاني ص203 والخصائص الفاطمية للكجوري ج2 ص17
ومجمع النورين للمرندي ص133 والشافي في الإمامة للمرتضى ج4 ص76
وسفينة النجاة للتنكابني ص173 وبيت الأحزان ص147 وشرح إحقاق
الحق (الملحقات) ج33 ص359 والأسرار الفاطمية للمسعودي ص493.
([22])
شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج16 ص214 والسقيفة وفدك للجوهري ص103
واللمعة البيضاء ص758 ومعالم المدرستين ج2 ص138 عن: الأحكام
السلطانية للماوردي ص171.
([23])
البداية والنهاية ج6 ص9 والرياض النضرة ج2 ص17 وبحار الأنوار
ج29 ص70 وج101 ص394 وإحقاق الحق (الأصل) للتستري ص226 والمقنعة
للشيخ المفيد ص692 وراجع: الخلاف للشيخ الطوسي ج4 ص20 والمراسم
العلوية لسلار ص225 والمهذب لابن البراج ج2 ص145 والنهاية
للطوسي ص653 وشرائع الإسلام للمحقق الحلي ج4 ص831 وقواعد
الأحكام للعلامة الحلي ج3 ص370 ومختلف الشيعة ج9 ص24 وإيضاح
الفوائد ج4 ص227 ومسالك الأفهام ج13 ص158وكشف اللثام (ط.ق) ج2
ص297= = و (ط.ج) ج9 ص446 والقواعد والفوائد ج2 ص291 وفقه الرضا
ص289 ونضد القواعد الفقهية للمقداد السيوري ص450 والمناقب لابن
شهرآشوب ج1 ص129 و (ط المكتبة الحيدرية) ج1 ص225 والإحتجاج.
([24])
تلخيص الشافي ج3 ص147 و 148 وبحار الأنوار ج29 ص70 وإحقاق الحق
(الأصل) ص226 وراجع ص458.
|