علي
يتوسط
لأبي بكر وعمر:
ومرضت السيدة الزهراء «عليها السلام» فجاءا أبو بكر
وعمر يعودانها، فلم تأذن لهما.
فجاءا ثانية من الغد، فأقسم عليها أمير المؤمنين «عليه
السلام»، فأذنت لهما.
فدخلا عليها، فسلما.
فردت رداً ضعيفاً، (وفي غير هذه الرواية: أنها لم ترد
عليهما) ثم قالت لهما:
سألتكما بالله الذي لا إله إلا هو، أسمعتما قول رسول الله
«صلى الله
عليه وآله»
في حقي: من آذى فاطمة فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله.
قالا:
اللهم نعم.
قالت:
فأشهد أنكما آذيتماني([1]).
ونقول: هنا أمور تحتاج إلى ايضاح:
1 ـ
لقد كان من الحق أن تمتنع الزهراء «عليها السلام» عن قبول هذين
الرجلين، لكي يعرف الناس كلهم: أنهما لم يفعلا شيئاً لتلافي ما بدر
منهما..
وأن ما يصدر عنهما من كلام طيب، وودود إنما هو على سبيل
المجاملة، وذر الرماد في العيون، دون أن يكون وراءه أي فعل يؤكده أو
يؤيده.. بل هم يريدون به الحصول على البراءة أمام أعين الناس ليتخلصا
بذلك من سلبيات ما فعلوه.
2 ـ
ثم كان من اللازم: أن يتوسط لهما علي «عليه السلام»، لكي يسمعا، ويسمع
الناس كلمات الزهراء «عليها السلام» لهم، وموقفها منهم.
3 ـ
ثم يأتي دفن الزهراء «عليه السلام» ليلاً، تنفيذاً لوصيتها، ليكون
الدليل القاطع على استمرار هذا الغيظ منهما؛ وليكون إرغاماً لمعاطس
المحرفين والمزورين، حين لا بد لهم من الإعتراف بأنها «عليها السلام»
ماتت وهي واجدة على أبي بكر، ومهاجرة له.
وقد ذكرت الرواية السابقة:
أن الزهراء «عليه السلام» أذنت للشيخين بعيادتها بعد أن أقسم عليها
أمير المؤمنين «عليه السلام».
ونقول:
إن ذلك موضع ريب كبير، فقد ذكرت
الروايات:
أن الزهراء «عليها السلام» بعد إصرار أمير المؤمنين «عليه السلام»،
قالت له: البيت بيتك، والحرة زوجتك، إفعل ما تشاء([2]).
وفي نص آخر:
أن عمر توسط لدى علي ليدخل أبا بكر على الزهراء «عليها السلام»، بعد أن
أتياها مراراً، فكانت تأبى أن تأذن لهما، فكلمها، فلم تأذن.
فقال:
فإني ضمنت لهما ذلك.
قالت:
إن كنت قد ضمنت لهما شيئاً، فالبيت بيتك، والنساء تتبع الرجال، ولا
أخالف عليك، فأذن لمن أحببت.
ثم ذكر أنها «عليها السلام» لم ترد السلام عليهما.
فراجع([3]).
وهذا معناه:
أنها لم تأذن، لأن البيت بيت علي «عليه السلام»، وهو حر في أن يأذن لمن
يشاء.
وقد حاولت بعض نصوص الرواية تلطيف الموضوع، فبعد أن
ذكرت أن الزهراء «عليها السلام» لم تأذن لهما، قالت: فأتيا علياً،
فكلماه، فأدخلهما عليها([4]).
صرحت بعض روايات هذه الحادثة:
بأنه بعد أن هدأت تلك الفورة مشى أبو بكر إلى فاطمة «عليها السلام»
فشفع لعمر، وطلب إليها، فرضيت عنه([5]).
ونقول:
أولاً:
قال المعتزلي: «الصحيح عندي: أنها ماتت وهي واجدة على أبي
بكر وعمر،
وأنها أوصت أن لا يصليا عليها..»([6]).
ثانياً:
راوي هذا الحديث هو عامر الشعبي.. وقد روى العشرات من الحفاظ والرواة:
أنها ماتت وهي واجدة على أبي بكر وعمر على حد سواء([7]).
ثالثاً:
إن ثمة نصاً آخر لهذه القضية يقول: «فلما وقع بصرهما على فاطمة «عليها
السلام»، فلم تردّ عليهما، وحولت وجهها عنهما، فتحولا، واستقبلا وجهها
حتى فعلت ذلك مراراً.
وقالت:
يا علي، جاف الثوب.
وقالت للنسوة حولها:
حولن وجهي، فلما حولن وجهها حوّلا إليها الخ..».
إلى أن تقول الرواية:
«ثم قالت: اللهم أشهدك ـ فاشهدوا يا من حضرني ـ أنهما قد آذياني في
حياتي وعند موتي. والله لا أكلمكما من رأسي حتى ألقى ربي».
وهي تقول:
والله لأدعون عليك في كل صلاة أصليها([8]).
قد صرحت هذه الرواية:
بأنها «عليها السلام» لم ترد السلام على أبي بكر وعمر.
ومن الواضح:
أن رد السلام على المسلم واجب.. والزهراء «عليها السلام» أتقى وأبر من
أن تخالف حكماً شرعياً في أي من الظروف والأحوال، كما دلت عليه آية
التطهير.
فلا بد أن تكون قد رأت في الجرأة التي أظهراها على رسول
الله
«صلى الله
عليه وآله»،
ورميه بالهجر ونحوه.
ثم في عدم الاكتراث بنص القرآن الكريم في موضوع الإرث،
وما أفاءه الله على رسوله من دون أن يوجف عليه بخيل ولا ركاب. رغم
تذكيرها لهم به.
ثم في نسبة أحكام إلى رسول الله
«صلى الله
عليه وآله»،
لم يقلها جزماً.
ثم في قتل النفس المحرمة، بإسقاط جنينها المحسن وسواه.
إنها رأت في ذلك كله ـ ما يجعل رد السلام على من فعل
ذلك غير ذي موضوع..
ويلاحظ القارئ هنا:
الأسلوب البديع الذي انتهجته لاستدراجهما إلى الإعتراف بصدقها([9]).
ثم الإعتراف بما ترويه لهما عن رسول الله
«صلى الله
عليه وآله»؛
لتسجيل موقفها المستند إلى ذلك الإعتراف، لكي يبقى نوراً يهدي إلى الحق
على مرِّ الدهور وكرِّ العصور.
روى محمد بن جرير بن رستم الطبري، عن محمد بن هارون بن
موسى التلعكبري، عن أبيه، عن محمد بن همام، عن أحمد البرقي، عن أحمد بن
محمد بن عيسى، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن عبد الله بن سنان، عن
ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله «عليه السلام»، قال:
قبضت فاطمة «عليها السلام»، في جمادى الآخرة، يوم
الثلاثاء، لثلاث خلون منه، سنة إحدى عشرة من الهجرة. وكان سبب وفاتها:
أن قنفذاً ـ مولى عمر ـ لكزها بنعل السيف بأمره، فأسقطت محسناً، ومرضت
من ذلك مرضاً شديداً، ولم تدع أحداً ممن آذاها يدخل عليها.
وكان الرَّجلان من أصحاب النبي «صلى الله عليه وآله»
سألا أمير المؤمنين ـ صلوات الله عليه ـ أن يشفع لهما إليها، فسألها
أمير المؤمنين «عليه السلام»، فلمَّا دخلا عليها قالا لها:
كيف أنتِ يا بنتَ رسول الله؟!
قالت:
بخير بحمد الله، ثمَّ قالت لهما: ما سمعتما النبي يقول:
«فاطمة بضعةٌ منِّي، فمن آذاها فقد آذاني، ومن آذاني
فقد آذى الله؟».
قالا:
بلى.
قالت:
فوالله لقد آذيتماني..
قال:
فخرجا من عندها «عليها السلام»، وهي ساخطة عليهما [انتهى].
وسند هذه الرواية صحيح كما ترى..
ولكن بعضهم اعترض بقوله:
ذكرتم في السند (عبد الله بن سنان)، وليس (ابن سنان)
كما هو موجود في البحار.
والغريب في الأمر أن عبد الله بن مسكان يروي عن عبد
الله بن سنان، وليس العكس، كما هو مذكور في كتب الرجال.
والذي يروي عن عبد الله بن مسكان، هو محمد بن سنان،
وليس عبد الله بن سنان.. وروايات محمد بن سنان عن ابن مسكان كثيرة في
الكتب الأربعة..
فهل ترون أن عبد الله بن سنان يروي أيضاً عن ابن
مسكان؟!
وهل عثرتم على روايات أخرى؟! أم أن هذه الرواية هي
الوحيدة التي يرويها عبد الله بن سنان عن ابن مسكان؟!
وأجبنا بما يلي:
لا بد من ملاحظة الأمور التالية:
1 ـ
إنهم يقولون: إن ابن سنان يروي عن الإمام الصادق «عليه
السلام»..
وقيل:
إنه يروي عن أبي الحسن موسى «عليه السلام»، ولم يثبت..
([10]).
مع أنهم يذكرون أنه كان خازناً للمنصور، والمهدي،
والهادي، والرشيد..([11])
والرشيد تولى الخلافة في سنة 170 للهجرة، فابن سنان إذن قد مات بعد
ابتداء خلافة الرشيد أي بعد سنة 170 هـ..
وإذا كان الإمام الصادق «عليه السلام» قد استشهد في سنة
148 للهجرة، فلماذا لم يرو عن الإمام الكاظم «عليه السلام» مع أنه قد
عاصره هذه السنين الطويلة؟!
هل لأنه كان «عليه السلام» في المدينة، وهو كان في
بغداد مع الخلفاء، يعمل لهم خازناً، ولا يستطيع أن يلتقي بالإمام بسبب
ذلك؟!.. أم أن السبب غير ذلك؟!..
2 ـ
ومن جهة أخرى، فقد عد الشيخ في رجاله: ابن مسكان من أصحاب الإمام
الصادق «عليه السلام»، وعدَّه المفيد من فقهاء أصحاب الإمامين الصادق
والكاظم «عليهما السلام»..([12])
وعدّوه من أحداث أصحاب الإمام الصادق «عليه السلام» أيضاً..
فابن مسكان قد عاصر الإمامين الصادق والكاظم «عليهما
السلام»، على حد سواء، ولكنه لم يرو ـ كما يقولون ـ عن الإمام الصادق
«عليه السلام» سوى حديث واحد، هو: من أدرك المشعر، فقد أدرك الحج..
مع أنه كان من أروى أصحاب أبي عبد الله «عليه السلام»..
ويذكرون في سبب ذلك:
أنه كان لا يدخل على أبي عبد الله «عليه السلام» شفقة من أن لا يوفيه
حق إجلاله، وكان يسمع من أصحابه، ويأبى أن يدخل عليه إجلالاً وإعظاماً
له..
([13]).
وابن مسكان أيضاً قد مات في زمن الإمام موسى الكاظم
«عليه السلام» قبل الحادثة..
([14]).
والظاهر:
أن المقصود بالحادثة هو نكبة البرامكة التي حصلت في سنة 186 للهجرة.
لكن المامقاني قال:
أراد حادثة حمل الإمام من الحجاز عن طريق البصرة وحبسه، أو وقوع الوقف
بعد موته..
([15]).
وما ذكرناه لعله الأقرب..
3 ـ
مما تقدم يظهر: أن ابن سنان، وابن مسكان، كانا متعاصرين. وأنهما قد
عاصرا الإمامين الصادق والكاظم «عليهما السلام»، وكانا في خلافة
الرشيد، قبل استشهاد الإمام الكاظم «عليه السلام»، على قيد الحياة..
وقد صرحت الروايات بموت ابن مسكان قبل استشهاد الإمام
الكاظم «عليه السلام» ولم تصرح بذلك عن ابن سنان..
ولكن رغم هذه المعاصرة، فإن ابن سنان لم يرو عن الإمام
الكاظم «عليه السلام»، وابن مسكان لم يرو عن الإمام الصادق «عليه
السلام» مباشرة..
وقد صرحت بعض النصوص بأن سبب عدم رواية ابن مسكان عن
الإمام الصادق «عليه السلام» هو تهيبه من الدخول عليه، خوفاً من أن لا
يوفيه حقه، ولكنها لم تصرح بشيء بالنسبة لسبب عدم رواية ابن سنان، عن
الإمام الكاظم «عليه السلام»..
4 ـ
إن ملاحظة أسماء الذين يروون عن ابن سنان، وعن ابن مسكان، تعطي أن
عدداً منهم يروي عن هذا تارة، وعن ذاك أخرى..
5 ـ
إن مراجعة كلمات الذين يذكرون من يروي عن هذا أو عن ذاك، تعطينا أيضاً:
أن الإحصائيات التي يوردونها ناظرة غالباً إلى خصوص الكتب الأربعة:
الكافي، والتهذيب، والإستبصار، ومن لا يحضره الفقيه..([16]).
6 ـ
إحصائياتهم المشار إليها لا تتمتع بالدقة في التتبع، فيقعون في الخطأ
أحياناً.. وقد وقعوا في الخطأ حتى في نفس هذا المورد الذي نحن بصدده.
فقد قالوا:
إن ابن مسكان لم يرو عن الإمام الصادق «عليه السلام»، إلا حديث: من
أدرك المشعر فقد أدرك الحج..
مع أن ابن مسكان قد روى عن الإمام الصادق «عليه السلام»([17])
في نفس الكتب الأربعة. وقد جاء حديثه بلفظ: سمعت أبا عبد الله يقول..
فراجع الكافي، باب طلب الرياسة..
وبلفظ:
سألت أبا عبد الله في باب السعي بين الصفا والمروة في كتاب التهذيب..
وبلفظ:
عن أبي عبد الله.
وبلفظ:
قال أبو عبد الله، كثير في الكافي والتهذيب..
وقال الوحيد البهبهاني في التعليقات:
قال جدي في شرح الفقيه:
قد تقدم قريباً من ثلاثين حديثاً من الكتب الأربعة وغيرها عنه، عن أبي
عبد الله «عليه السلام».
إلا أن يقال:
إن ذلك كله ليس صريحاً في روايته وسماعه المباشر من الإمام الصادق
«عليه السلام»..([18]).
ولكن هذا مرفوض بعد تصريحه بالسماع منه «عليه السلام»
في الكافي في باب طلب الرياسة، وتصريحه بسؤاله الإمام «عليه السلام» في
باب السعي بين الصفا والمروة، كما في كتاب التهذيب..
والقول بوقوع الاشتباه من قبل العلماء في هذا الأمر هو
الأولى بالقبول والاعتماد..
هذا على الرغم من أن هذا النفي يحتاج إلى إثبات تتبعهم
التام للأحاديث، وأن تتبعهم يشمل حتى غير الكتب الأربعة.. وهو موضع شك
أكيد..
7 ـ
إن العلماء حين يذكرون من يروي عن ابن سنان، وعن ابن مسكان، أو من
يرويان عنه يُتْبِعُون كلامهم بكلمة: وغيرهم..([19]).
8 ـ
قال المامقاني وهو يعدد من يروي عن عبد الله بن مسكان: «والحسن بن
الجهم، وابنه محمد بن عبد الله بن مسكان، وعبد الله بن سنان، وعلي بن
رئاب، ومحمد بن علي، وغيرهم عنه..»([20]).
وقال المولى أحمد الأردبيلي وهو
يتحدث عن عبد الله بن مسكان:
«عنه عبد الله بن سنان في باب من اشترط في حال الإحرام الخ..»([21]).
9 ـ
ما المانع من أن يروي عبد الله بن سنان عن ابن مسكان خصوص هذه الرواية،
حتى لو لم يرو عنه أية رواية أخرى..
بل حتى لو كان عبد الله بن سنان في مرتبة الشيخ بالنسبة
لابن مسكان، فإن رواية الأكابر عن الأصاغر ليست بالأمر المستهجن..
10 ـ
يلاحظ أن الطبري قد أورد هذه الرواية بنفس هذا السند في
كتابه في موردين أحدهما ص79 فقال:
«.. وحدثنا محمد بن عبد الله قال: حدثنا أبو علي محمد
بن همام، قال: روى أحمد بن محمد البرقي، عن أحمد بن محمد بن عيسى
الأشعري القمي، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن عبد الله بن سنان، عن
ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام»([22]).
والآخر في صفحة 134، قال:
«حدثني أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى التلعكبري، قال: حدثني أبي،
قال: حدثني أبو علي محمد بن همام بن سهيل، قال: روى أحمد بن محمد بن
البرقي، عن أحمد بن محمد الأشعري القمي، عن عبد الرحمن بن أبي نجران،
عن عبد الله بن سنان، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله جعفر
بن محمد «عليه السلام»، قال: الخ..»([23]).
فذكره للرواية في الموردين بطريقين إلى محمد بن همام،
ثم بسند واحد إلى أبي بصير يؤكد: أنه متعمد للتصريح بالاسم، وأنه لا
يوجد اشتباه في السند..
وقد نقلها في البحار عنه، لكنه اختصر السند كعادته،
وتصرف فيه، فقال: عن محمد بن هارون بن موسى التلعكبري، عن أبيه، عن
محمد بن همام، عن أحمد البرقي، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن عبد الرحمن
بن أبي نجران، عن ابن سنان، عن ابن مسكان، عن أبي بصير..
([24]).
ونقل الحديث الأول متصرفاً فيه،
ومختصراً له أيضاً فقال:
عن أبي المفضل الشيباني، عن محمد بن همام، عن أحمد بن محمد البرقي، عن
أحمد بن محمد بن عيسى، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن ابن سنان، عن
ابن مسكان، عن أبي بصير..([25]).
11 ـ
وبعد.. فإنهم حين يقولون: ابن سنان، فالمتبادر هو عبد الله، إلا إذا
دلت قرينة على أن المراد به محمد بن سنان. ويشير إلى ذلك: اختصار
البحار لكلمة عبد الله بن سنان، وابن مسكان، في الموردين بقوله: ابن
سنان، وابن مسكان..
وقد وردت رواية ابن سنان عن ابن مسكان، من دون تصريح في
الكافي..([26]).
وَحمْلُها على أن المراد هو محمد بن سنان، لا عبد الله،
مجرد استحسان، إذ إن الرجلين كانا متعاصرين، ولا مانع من رواية كل
منهما عن الآخر.. والعدول عما شاع بين العلماء ليس له ما يبرره، إلا
إذا دل دليل قاطع على عدم رواية عبد الله بن سنان، عن ابن مسكان
أصلاً..
ومجرد كثرة رواية محمد عن ابن مسكان، لا ترجح كونه هو
المراد، ولا توجب العدول عما هو شائع في طريقة تعبيرهم.
على أن رواية محمد عن ابن مسكان ليست بهذه الكثرة التي
تمنع من إرادة غيره..
12 ـ
إننا نعود فنكرر ونلخص: أنه حتى لو لم يرو عبد الله بن سنان عن ابن
مسكان إلا هذه الرواية، فإنه يؤخذ بها مع هذا التصريح المتعمد بالاسم
في موردين من موارد النقل، الأمر الذي يبعِّد احتمال الخلط، والاشتباه
في الأسماء.. لأن رواية الأكابر عن الأصاغر هي بطبيعتها مبنية على
الندرة والقلة، وذلك حين يلفت نظره أمر لم يصل إليه عن غير هذا الطريق،
فيبادر إلى نقله عمن لا يضارعه في السن، ولا في المقام والمرتبة، ولا
يعد من أقرانه..
فكيف إذا كان لم يثبت ذلك، بل كانت القرائن تشير إلى
أنه من أقرانه، كما تقدم!! وقد عدُّوه من أصحاب الإمام الصادق «عليه
السلام»..
وأما الإشكال على الرواية بعدم إمكان رواية البرقي، وهو
من أصحاب الإمام الرضا «عليه السلام»، عن ابن سنان، وهو من أصحاب
الإمام الصادق «عليه السلام»..
فهو مردود.. لأن ابن سنان كان خازناً للرشيد، فهو من
أصحاب الإمام الكاظم «عليه السلام»، وقد روى البرقي عن أصحاب الإمام
الكاظم «عليه السلام» كثيراً..
وفي جميع الأحوال نقول:
إن الروايات لا تنحصر في الكتب الأربعة، فحتى لو لم يرد
في الكتب الأربعة أية رواية لابن سنان، عن ابن مسكان، فإن ذلك لا يدفع
رواية دلائل الإمامة، ولا يسقطها عن درجة الاعتبار..
([1])
بحار الأنوار ج29 ص157 وفي هامشه عن: مصابيح الأنوار ص246 و
247 و 255 والغدير ج7 ص229 وعن إحقاق الحق ج10 ص217 وغيرهما.
وراجع: دلائل الإمامة ص134 و 135 وبحار الأنوار ج43 ص170 و 181
و 157 والإمامة والسياسة ج1 ص20 والدر النظيم ص484 واللمعة
البيضاء ص775 و 852 و 861 و 862 وعوالم العلـوم ج11 ص411 و 504
والمناقـب لابن = = شهرآشوب ج3 ص362 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي
ج16 ص281 وأعلام النساء ج4 ص123 و 124.
([2])
بحار الأنوار ج28 ص303 وج43 ص198 وكتاب سليم بن قيس ج2 ص869
واللمعة البيضاء ص871 والخصائص الفاطمية للكجوري ج1 ص191
والأنوار العلوية ص301.
([3])
بحار الأنوار ج43 ص203 واللمعة البيضاء ص874 وعلل الشرايع ج1
ص221 و (ط المكتبة الحيدرية سنة 1385هـ) ج1 ص178 والدر النظيم
ص484 ومجمع النورين للمرندي ص143 وبيت الأحزان ص172.
([4])
الإمامة والسياسة (تحقيق الزيني) ج1 ص20 و (تحقيق الشيري) ج1
ص31 والغدير ج7 ص229 وبحار الأنوار ج28 ص357 وقاموس الرجال
للتستري ج12 ص328 ومصباح الهداية ص218 وبيت الأحزان ص84 وشرح
إحقاق الحق (الملحقات) ج10 ص217 وج25 ص541 وج33 ص275 و 359.
([5])
راجع: بحار الأنوار ج28 ص322 وتشييد المطاعن ج1 ص436 وشرح نهج
البلاغة للمعتزلي ج6 ص49 والرياض النضرة ج1 ص152 والبداية
والنهاية ج5 ص289. والسقيفة وفدك للجوهري ص74 وكتاب الأربعين
للشيرازي ص157 و 158 وغاية المرام ج5 ص326 وبيت الأحزان ص113.
([6])
شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج6 ص50. وراجع: كتاب الأربعين
للشيرازي ص157 وبحار الأنوار ج28 ص322 وبيت الأحزان ص113.
([7])
راجع: صحيح البخاري (ط دار الفكر) ج4 ص42 وج5 ص82 وصحيح مسلم
(ط دار الفكر) ج5 ص154 ومسند أحمد ج1 ص6 و 9 ومشكل الآثار ج1
ص41 والسنن الكـبرى للبيهقي ج6 ص300 و 301 وعمـدة الـقـاري ج15
ص19 وج17 ص258 وصحيح ابن حبان ج11 ص153 و 573 ومسند الشاميين
للطبراني ج4 ص198 ونصب الراية للزيلعي ج2 ص360 والطبقات الكبرى
لابن سعد ج8 ص28 و (ط دار صادر) ج2 ص315 ووفاء الوفاء ج30 ص995
والبداية والنهاية ج5 ص306 و285 وكنز العمال ج7 ص242 و (ط
مؤسسة الرسالة) ج5 ص604 وتاريخ المدينة لابن شبة النميري ج1
ص196 وإمتاع الأسماع للمقريزي ج13 ص159 والسيرة النبوية لابن
كثير ج4 ص567 وسبل الهدى والرشاد ج12 ص369 وشرح نهج البلاغة
للمعتزلي ج6 ص46 والسيرة الحلبية ج3 ص361 وتاريخ الخميس ج2
ص174 وبحار الأنوار ج29 ص112 وج30 ص386 وفتح الباري ج6 ص197
وج7 ص493 و (ط دار المعرفة) ج6 ص139 والجامـع الصحيح = =
للترمذي ج4 ص185 والإمامة والسياسة (تحقيق الزيني) ج1 ص20 و
(تحقيق الشيري) ج1 ص31 وسير أعلام النبلاء ج2 ص120 و 121 وشرح
النووي لصحيح مسلم ج12 ص77. والإكمال في أسماء الرجال ص168
وأبو هريرة لشرف الدين ص138 وشرح أصول الكافي ج7 ص218 و 405
والعمدة لابن البطريق ص390 و 391 والطرائف لابن طاووس ص258
ووصول الأخيار إلى أصول الأخبار ص69 وكتاب الأربعين للشيرازي
ص522 ومناقب أهل البيت «عليهم السلام» للشيرواني ص412 والنص
والإجتهاد ص51 و 59 والغدير ج7 ص227 والإمام علي بن أبي طالب
«عليه السلام» للهمداني ص740 وموسوعة أحاديث أهل البيت «عليهم
السلام» للنجفي ج8 ص255 و 256 واللمعـة البيضاء ص758 ومجمع
النورين للمرندي ص238 وفلك النجاة في الإمامة والصلاة لعلي
محمد فتح الدين الحنفي ص157 ونهج الحق للعلامة الحلي ص359
وإحقاق الحق (الأصل) للتستري ص298 وشرح إحقاق الحق (الملحقات)
ج10 ص478 وج25 ص535 و 536 و 538 وج33 ص356.
([8])
راجع: علل الشرائع الباب 148 ص222 و (ط المكتبة الحيدرية) ج1
ص186 والغدير ج7 ص229 وبحار الأنوار ج43 ص203 واللمعة البيضاء
ص874 وبيت الأحزان ص172. وراجع: الإمامة والسياسة ص20 وأعلام
النساء ج4 ص123 و 124 ورسائل الجاحظ ص301.
([9])
راجع على سبيل المثال: اللمعة البيضاء ص836 و 871 و 872 و 874
و875 وكتاب سليم بن قيس جص869 وبحار الأنوار ج28 ص203 و 303 و
204 وج29 ص390 وج43 198 و 199 وعلل الشرايع ج1 ص221 و 222 و (ط
المكتبة الحيدرية) ج1 ص186 و 187 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي
ج16 ص281 والأنوار العلوية ص301 وقاموس الرجال للتستري ج12
ص324 والشافي في الإمامة ج4 ص115 والأسرار الفاطمية للمسعودي
ص467.
([10])
راجع: بهجة الآمال ج5 ص238 عن النجاشي، والخلاصة، وابن داود.
وجامع الرواة للأردبيلي ج1 ص487 وراجع: رجال الخاقاني ص347
([11])
راجع: بهجة الآمال ج5 ص238 عن النجاشي، والخلاصة، وابن داود.
وجامع الرواة للأردبيلي ج1 ص487.
([12])
راجع: تنقيح المقال ج2 ص216. وراجع: قاموس الرجال للتستري ج11
ص126.
([13])
راجع: بهجة الآمال ج5 ص285 و 286 عن الكشي، وأبي داود،
والخلاصة. وإختيار معرفة الرجال للطوسي ج2 ص680 والإختصاص ص207
وخلاصة الأقوال للعلامة الحلي ص194 والرواشح السماوية ص110
وبحار الأنوار ج47 ص394 وخاتمة المستدرك ج4 ص430 والحبل المتين
(ط.ق) للبهائي العاملي ص35 وجواهر الكلام ج13 ص53 والتحرير
الطاووسي ص336 وجامع الرواة ج1 ص507 والرسائل الرجالية لأبي
المعالي الكلباسي ج2 ص43 و 410 وج4 ص231 ومستدركات علم رجال
الحديث ج5 ص108 والكنى والألقاب ج1 ص408.
([14])
رجال النجاشي ص215 وبهجة الآمال ج5 ص285 عنه، ورجال ابن داود
ص124 والفوائد الرجالية للكجوري الشيرازي ص165وتوضيح المقال
للملا على كني ص164 والرسائل الرجالية لأبي المعالي الكلباسي
ج2 ص53 و 283.
([15])
راجع: تنقيح المقال ج2 ص216.
([16])
راجع كتاب: معجم رجال الحديث.
([17])
دلائل الإمامة ص284.
([18])
راجع في ما تقدم: بهجة الآمال ج5 ص287 وتنقيح المقال ج2 ص216 و
217 وتعليقة على منهج المقال للوحيد البهبهاني ص231.
([19])
راجع: تنقيح المقال ج2 ص186 و 217.
([20])
راجع: تنقيح المقال ج2 ص186 و 217.
([21])
جامع الرواة ج1 ص510.
([22])
دلائل الإمامة ص79.
([23])
دلائل الإمامة ص134.
([24])
راجع: بحار الأنوار ج43 ص170.
([25])
بحار الأنوار ج43 ص9.
([26])
راجع الكافي ج1 ص26 باب: الأئمة لو ستر عليهم لأخبروا كل امرئ
بما له وعليه وج5 ص84 باب: كراهية النوم والفراغ.
|