صفحة :216-260   

1- الفصل الخامس:  أحكام علي في الزنا والنسب.

2- لا بد من السؤال عن حال الزاني:

عن الأصبغ بن نباتة: أن عمر حكم على خمسة نفر في زنا بالرجم، فخطأه أمير المؤمنين «عليه السلام» في ذلك، وقدم واحداً فضرب عنقه.

وقدم الثاني فرجمه.

 وقدم الثالث فضربه الحد.

وقدم الرابع فضربه نصف الحد خمسين جلدة.

 وقدم الخامس فعزره.

فقال عمر: كيف ذلك!

فقال «عليه السلام»: أما الأول: فكان ذمياً زنى بمسلمة، فخرج عن ذمته.

وأما الثاني: فرجل محصن زنى فرجمناه.

وأما الثالث: فغير محصن فضربناه الحد.

وأما الرابع: فعبد زنى فضربناه نصف الحد.

وأما الخامس: فمغلوب على عقله مجنون فعزرناه.

فقال عمر: لا عشت في أمة لست فيها يا أبا الحسن([1]).

ونقول:

1 ـ قد كان على الخليفة أن يستوضح أحوال هؤلاء الخمسة قبل أن يأمر برجمهم.

2 ـ إن المجنون، وإن كان القلم قد رفع عنه، وجنونه يسقط عنه الرجم، أو الحد عنه ولكنه لا يمنع من التعزير، لأن الجنون ليس على وتيرة واحدة، فهناك مرتبة منه يكون التعزير رادعاً له عن معاودة الفعل..

ومن الواضح: أن نفس حدوث الزنا حتى من المجنون مبغوض للمولى، فلا بد من منعه منه..

 3 ـ وحق لعمر أن يقول لعلي «عليه السلام»: لا عشت في أمة لست فيها، فإنه لم يزل ينقذ ماء وجهه.. ولو انكشف أن ما كان يفتي به مخالف للشريعة، وأن الناس الذين رجمهم وقتلهم كانوا لا يستحقون ذلك، وتكرر ذلك، فإنه سوف يثير أهل أولئك القتلى وغيرهم ممن كان ضحية لتلك الفتاوى، للمطالبة بدماء أولئك الناس، وبحقوقهم المستباحة..

كما أن الاستمرار في الخطأ في تطبيق الأحكام سيشيع الخوف بين الرعية على أمنها وعلى حقوقها.

وقد أظهرت الوقائع أنه لولا علي «عليه السلام» لكثرت أمثال هذه الحوادث، ولربما تؤدي كثرتها واتساعها إلى زعزعة السلطة، وضياع الهيبة إلى حد كبير وخطير.

4 ـ إن نفس هذه الوقائع قد أفسحت المجال لعلي لبيان أحكام وقواعد كثيرة كانت الأمة بحاجة إلى بيانها.. وقد أغنت الفقه الإسلامي حتى عند غير شيعة أهل البيت «عليهم السلام»، فليلاحظ ذلك.

5 ـ إن هذا الحديث يعطي: أن الإمام لا بد أن يكون عارفاً بأحوال رعيته، بدقة فائقة، لأن معرفته هذه من شأنها أن تحفظ للناس حقوقهم، وأن تصونهم من كثير من المزالق والمهالك.

3- إغتصبها فقتلته:

عن درر المطالب، عن ابن عباس قال: في أيام عمر بن الخطاب في ليلة من الليالي دخل عمر المسجد، فلما طلع الصبح رأى عمر شخصاً نائماً في وسط المحراب، فقال عمر لمولاه: نبه هذا يصلى.

فذهب إليه وحركه فلم يتحرك، فرأى عليه إزاراً فظنه امرأة، فنادى امرأة من الأنصار، فلما تفقدته وجدته رجلاً في زي النساء محلوق اللحية، مقطوع الرأس، فأخبرت عمر بذلك.

فقال عمر لمولاه أوفى: ارفعه من المحراب، واطرحه في بعض زوايا المسجد حتى نصلي.

فلما فرغ من الصلاة قال لعلي «عليه السلام»: ما ترى في هذا الرجل؟!

قال: جهزه وادفنه. سيعلم أمره بطفل تجدونه بالمحراب.

قال عمر: من أين تقول ذلك؟!

قال: أخي وحبيبي رسول الله أخبرني بذلك.

فلما مضى من القصة تسعة أشهر، أتى عمر يوماً إلى المسجد لصلاة الصبح، فسمع بكاء الطفل في المحراب، فقال: صدق الله ورسوله وابن عم رسوله علي بن أبي طالب.

ثم قال لغلامه أوفى: ارفعه عن المحراب.

فلما فرغ من الصلاة وضع الطفل بين يديه ودعا بعلي، فقال أمير المؤمنين «عليه السلام» لأوفى: اطلب مرضعة.

فذهب يدور في المدينة، إذ أقبلت امرأة من الأنصار وقالت: إن ولدي مات ومعي در كثير، فاتى إلى أمير المؤمنين، فأعطاها الطفل، وقال لها: احفظيه، وعيَّن لها من بيت المال مبلغاً. وكانت ولادة الطفل في شهر محرم الحرام، فلما كان العيد استكمل للطفل تسعة أشهر.

قال أمير المؤمنين لأوفى: اذهب إلى المرضعة، فأتني بها.

فلما حضرت قال لها أمير المؤمنين «عليه السلام»: آتيني بالطفل. ودفع إليها ثوباً وقال لها: اذهبي به إلى المصلى، وانظري أيما امرأة تأتيك وتأخذه وتقول: يا مظلوم، يا بن المظلومة، يا بن الظالم، آتيني بها.

فلما أصبحت فعلت ما أمرها به «عليه السلام»، فإذا امرأة تناديها: يا حرة، قفي بحق محمد بن عبد الله. فلما دنت منها رفعت الخمار عن وجهها، وكانت جميلة لا نظير لها في الحسن، فأخذت الطفل وقبلته وقالت: يا مظلوم، يا بن المظلومة، يا بن الظالم، ما أشبهك بولدي الذي مات وهي تبكي. ثم ردته إلى المرضعة وأرادت أن تنصرف، فتشبثت المرضعة بها، فضجت المرأة واضطربت اضطراباً شديداً وقالت: اتق الله، وارفعي يدك عني، فإنك إن أتيت بأمير المؤمنين فضحني بين الملأ. وأنا أكون خصمك يوم القيامة.

قالت المرضعة: ما يمكنني أن أفارقك حتى آتي بك أمير المؤمنين.

قالت: إذا أتيت بي أمير المؤمنين لا يعطيك عطاءاً، بل اذهبي معي حتى أعطيك هدية تفرحين بها، وهي بردتان يمانيتان، وحلة صنعائية، وثلاث مائة هجرية، وكوني كأنك ما رأيتني، واكتمي أمري، وإذا أقبل عيد الأضحى يشهد الله عليَّ أن أعطيك مثلها إذا رأيت الطفل سالماً.

فمضت المرأة معها وأخذت جميع ما ذكرت لها ومضت.

فلما رجع الناس من المصلى أحضرها أمير المؤمنين «عليه السلام» وقال لها: يا عدوة الله، ما صنعت بوصيتي؟!

قالت: يا ابن عم رسول الله، طفت بالطفل جميع المصلى فما وجدت أحداً أخذه مني.

فقال لها أمير المؤمنين «عليه السلام»: كذبت وحق صاحب هذا القبر، أتتك امرأة، وأخذت منك الطفل، وقبلته وبكت، ثم ردته إليك، وأنت تشبثت بها، فأعطتك رشوة، ثم وعدتك بمثلها.

فارتعدت فرائص المرضعة، فقالت في نفسها: إن لم أخبره أهلكني، ثم تعجبت وقالت: يا ابن عم رسول الله، أتعلم الغيب؟!

قال: معاذ الله، لا يعلم الغيب إلا الله، هذا علم علمنيه رسول الله.

فقالت: يا أمير المؤمنين، الصدق أحسن الكلام، كذلك كان. وإني بين يديك، مرني مهما تأمرني. وإن أردت مضيت إلى منزل المرأة وأتيتك بها.

فقال «عليه السلام»: هي لما أعطتك المال والتحف انتقلت من ذلك المنزل إلى غيره الآن. عفى الله عنك ما صنعت، فاحفظي الطفل، وإذا رأيتيها في عيد الأضحى فأتيني بها.

قالت: سمعاً وطاعة يا بن عم رسول الله.

فلما أقبل عيد الأضحى صنعت مثل صنيعتها الأولى، فأتتها تلك المرأة وقالت: تعالي معي حتى أوفيك ما وعدتك به.

فقالت المرضعة: لا حاجة لي بعطاياك، ولا يمكنني أن أفارقك حتى أحضرك بين يدي ابن عم رسول الله، ثم لزمت بطرف إزارها.

فلما رأت المرأة ذلك منها حولت وجهها نحو السماء وقالت: يا غياث المستغيثين، ويا جار المستجيرين، ومشت مع المرضعة إلى مسجد النبي «صلى الله عليه وآله».

فلما رآها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب «عليه السلام» قال: يا أمة الله، أيما تحبين؟! تحدثيني أم أحدثك بالقصة؟! قد أخبرني بها حبيبي رسول الله من أولها إلى آخرها.

فقالت: أنا أخبرك بقصتي، ولكن تعطيني الأمان منك، وتؤمنني من عقوبة الله.

قال أمير المؤمنين: كذلك أفعل.

قالت الامرأة: اعلم يا أمير المؤمنين، أنني ابنة من بنات الأنصار، قتل أبي بين يدي رسول الله، واسمه عامر بن سعيد الخزرجي، وماتت أمي في خلافة أبي بكر، وبقيت وحيدة فريدة ليس أحد يتعاهدني، وكن في جواري نساء أقعد معهن، وأغزل بالمغزل، وكانت معهن لي مؤانسة، فبينا أنا ذات يوم جالسة مع نساء المهاجرين والأنصار، إذ أقبلت علينا عجوز وفي يدها سبحتها وهي تتوكأ على عصاة، فسلمت، فرددنا عليها السلام، ثم سألت اسم كل واحدة منا، ثم أتت إلي وقالت: يا صبية، ما اسمك؟!

قلت: جميلة.

قالت: بنت من؟!

قلت: بنت عامر الأنصاري.

قالت: ألك أب أو بعل؟!

قلت: لا.

قالت: فكيف تكونين على هذه الحالة وأنت صبية جميلة؟! وأظهرت التحنن علي، ثم بكت وقالت: هل تريدين امرأة تكون معك، تؤنسك وتكون قائمة بما تحتاجيه؟!

فقلت لها: وأين تلك المرأة؟!

قالت: أنا أكون بمنزلة الوالدة الشفيقة.

فقلت لها من رغبتي: البيت بيتك، وكان لي بذلك فرح عظيم.

ثم دخلت معي الحجرة، فطلبت ماء وتوضأت، فلما فرغت قلت لها: الحمد لله الذي يسر لي، ورحم ضعفي. فقدمت إليها خبزاً ولبناً وتمراً، فنظرت إليه وبكت.

فقلت: مم بكاؤك؟!

قالت: يا بنية، ليس هذا طعامي.

فقلت: وأي طعام معهودك؟!

فقالت: قرص من الشعير، معه قليل من الملح.

فأحضرت ذلك، فبكت وقالت: يا بنية، ما هذا وقت أكلي، ولكن إذا فرغت من صلاة العشاء احضري لي ذلك حتى أفطر لأني صائمة.

ثم قامت إلى الصلاة، فلما فرغت من صلاة العشاء قدمت إليها قرصين من الشعير وملحاً، فقالت: احضري لي قليلاً من الرماد.

فأحضرته لها، فمزجت الملح بالرماد، وتناولت قرصاً من الشعير، فمزجت الملح بالرماد، وتناولت قرص الشعير، فأكلت منه ثلاث لقمات مع الملح والرماد، ثم قامت وشرعت في الصلاة، فما زالت تصلى حتى أن طلع الفجر، فدعت بدعاء لم اسمع أحسن منه، ثم إني قمت وقبلت ما بين عينيها وقلت: بخ بخ لمن تكوني عندها دائمة، فأسألك بحق محمد نبي الله «صلى الله عليه وآله» أن تدعي لي بالمغفرة، فلا شك أن دعاءك لا يرد.

ثم قالت: أنت صبية جميلة، وأنا أخاف عليك من الوحدة، ولا بد لي من الخروج إلى الحاجة، فلا بد أن تكون لك أنيسة تؤنسك.

فقلت لها: أنى يكون لي ما تقولين؟!

قالت: إن لي ابنة هي أصغر سناً منك، عاقلة موقرة متعبدة، آتيك بها كي تؤنسك.

فقلت: افعلي.

وخرجت ومضت زماناً، ثم رجعت وحدها، فقلت لها: أين أختي التي وعدتني بها؟!

فقالت: إن ابنتي وحشية من الناس، أنسها مع ربها، وأنت صبية مزوحية ضحوكة، ونساء المهاجرين والأنصار يترددن إليك، وأنا أخاف إذا جاءت إليك يحظرن ويكثرن الحديث، وتشتغل عن العبادة، فتفارقك وتروح عنك.

فحلفت لها يميناً بأمير المؤمنين «عليه السلام» ما دامت ابنتك عندي لم أدخلهن علي.

قالت العجوز: الشرط يكون كذلك، ثم خرجت وعادت بعد ساعة ومعها امرأة تامة متغطية بالإزار، لا بيان منها غير عينيها، فلما وصلت العجوز إلى باب الحجرة وقفت، فقلت لها: ما بالك لا تدخلين؟!

قالت: من شدة الفرح، حيث بلغت مرادك، وإني تركت باب حجرتي مفتوحة، وأخاف أن يدخلها أحد، وأنت أغلقي باب حجرتك ولا تفتحيها لأحد حتى أرجع إليك.

فغلقت الباب ثم توجهت إلى تلك المرأة وكلمتها فلم تجبني، فلححت عليها لترفع إزارها، فلم تفعل حتى أخذت الإزار عن رأسها، فوجدتها رجلاً محلوق اللحية، مخضب اليدين والرجلين، لابساً ملابس النساء متشبهاً بهن، فلما رأيت ذلك بهت وغشى علي، فلما أفقت قلت له: ما حملك على هذا، فضحتني وفضحت نفسك، قم فاخرج من حيث أتيت بسترك، ولو علم بك الخليفة لعذبك.

فلزمني، وأنا خفت إن صحت فضحت، وعلم بذلك جيراني، ثم عانقني وصرعني، وما كنت تحته إلا كالفرخ بين يدي النسر، وفضني وهتك ستري، فلما أراد أن يتباعد عني لم يقدر من شدة السكر، فخر على وجهه مغشياً عليه، فلم أر فيه حركة، فنظرت في وسطه سكيناً، فجذبتها وقطعت رأسه، ثم رفعت طرفي إلى السماء وقلت: إلهي وسيدي، تعلم أنه ظلمني، وفضحني، وهتك ستري، وأنا توكلت عليك، يا من إذا توكل عليه العبد كفاه، يا جميل الستر.

فلما دخل الليل حملته على ظهري، وأتيت به إلى مسجد النبي «صلى الله عليه وآله»، فلما حان وقت الحيض ما رأيت شيئاً مما ترى النساء، فاغتممت لذلك، وأردت (قتله) كي لا افتضح، ثم قلت في نفسي: أتركه، فإذا خرج قتلته وأخفيت أمري، حتى ولد هذا الطفل، وما اطلع عليه أحد، فقلت في نفسي: هذا طفل، وأي ذنب له حتى أقتله، فلففته ووضعته في المحراب، وهذا حالي يا بن عم رسول الله.

قال عمر: أشهد أني سمعت من رسول الله «صلى الله عليه وآله» يقول: أنا مدينة العلم وعلي بابها، وسمعته يقول «صلى الله عليه وآله»: أخي علي ينطق بلسان الحق. الآن احكم أنت يا أمير المؤمنين هذا الحكم، فإنه لا يحكم فيه سواك.

قال أمير المؤمنين «عليه السلام»: دية ذلك المقتول ليست على أحد، لأنه ارتكب الحرام، وهتك الحرمة، وباشر بجهله أمراً عظيماً، ولا على هذه المرأة شيء من الحد، لأن الرجل دخل عليها من غير علمها، وغلبها على نفسها من غير شهوة منها، وحيث استمكنت منه استوفت حقها.

ثم قال أمير المؤمنين «عليه السلام»: أنت على كل حال ينبغي أن تحضري العجوز حتى آخذ حق الله منها، وأقيم عليها حده، فلا تقصري كي يظهر صدق كلامك.

قالت المرأة: أنا ما أقصر في طلبها، لكن أمهلني ثلاثة أيام.

قال «عليه السلام»: أمهلتك. وأمر المرضعة أن ترد الولد إليها، وقالت لها: سميه مظلوماً، ويل لأبيه من الله تعالى يوم تجزى كل نفس بما عملت.

ثم انصرفت إلى بيتها، ودعت ربها بأن يظفرها بالعجوز، ثم إنها خرجت من بيتها وهي متوكلة على الله، وإذا بالعجوز في طريقها، فأخذتها وأتت بها إلى مسجد النبي «صلى الله عليه وآله»، فلما رآها أمير المؤمنين «عليه السلام» قال لها: يا عدوة الله، أما علمت أنا علي بن أبي طالب وعلمي من علم رسول الله «صلى الله عليه وآله»، اصدقيني عن قصة هذا الرجل الذي أتيت به إلى بيت هذه المرأة.

فقالت العجوز: يا أمير المؤمنين، لا أعرف هذه المرأة، ولا رأيتها قط، ولا أعرف الرجل، ولا أستحل هذه الأمور.

فقال «عليه السلام»: تحلفين على ما قلت.

قالت: نعم.

فقال «عليه السلام»: اذهبي وضعي يدك على قبر رسول الله، واحلفي أنك لا تعرفين هذه المرأة، ولا رأيتيها قط، فقامت العجوز ووضعت يدها على قبر رسول الله «صلى الله عليه وآله» وحلفت، فاسود وجهها، وهي لا تشعر، فأمر أمير المؤمنين أن يأتوا بمرآة، وناولها إياها ثم قال: انظري فيها، وإذا وجهها كالفحم الأسود.

فارتفعت الأصوات بالتكبير والصلاة على محمد والعجوز تنظر وتبكي وتقول: يا بن عم رسول الله، تبت ورجعت إلى الله.

فقال «عليه السلام»: اللهم أنت العالم بما في الضمائر، إن كانت صادقة في كلامها أنها تابت أرجعها إلى حالها.

فلم يرتفع عنها السواد، فعلم أمير المؤمنين «عليه السلام»: أنها لم تتب، فقال: يا ملعونة، كيف كانت توبتك لا غفر الله لك.

ثم قال لعمر: مر أصحابك أن يخرجوها إلى خارج المدينة ويرجموها، لأنها كانت سبب قتل النفس المحترمة، وهتك حرمة المرأة، واستقرار النطفة من الحرام.

فأمر عمر بذلك، فلما كانت الخلافة إلى أمير المؤمنين «عليه السلام» كان ذلك الغلام قد كمل في العمر، ثم قتل في صفين بين يدي أمير المؤمنين «عليه السلام»([2]).

ونقول:

يستوقفنا في هذه الرواية عدة أمور، نذكرها ضمن العناوين التالية:

4- لماذا ظنها من الأنصار؟!:

إننا لم نعرف السبب في أن العبد الذي رأى النائم في المسجد ظن أنه امرأة من الأنصار، فهل عرف نساء الأنصار بدخول المساجد والنوم فيها؟! وهل كان لنساء الأنصار علامة يعرفون بها؟! ألم يكن للأنصار بيوت تكفيهم؟! ولماذا يسمح الأنصار لنسائهم بالنوم في المساجد؟! وأين هي غيرتهم وحميتهم؟!

ولماذا لا تنام نساء المهاجرين في المساجد أيضاً؟!

أم أن المطلوب هو تسجيل ما ينقص قدر الأنصار، ولو بهذا المقدار من التلويح والتلميح؟!

5- من أين تقول هذا؟!:

واللافت هنا: أن علياً «عليه السلام» يقول لعمر: إن النبي «صلى الله عليه وآله» أخبره بما يجري، وبأنه سيوضع طفل في المحراب، ثم يخبر مرضعة الطفل بما تفعله أم الطفل، وبرشوتها للمرضعة، وبانتقال الأم من بيتها. وذلك بصورة تفصيلية ودقيقة.. ثم يعرض «عليه السلام» على أم الطفل أن يخبرها بما جرى لها، إنه «عليه السلام» يخبر بذلك كله، ويصرح: بأنه سمعه من رسول الله «صلى الله عليه وآله»، مع أنها حادثة جزئية، وتفاصيل عادية، لا يظن أحد بأن الأنبياء يخبرون بوقوعها..

وإخبارهم هذا يشير إلى ثلاثة أمور:

1 ـ شمولية معارفهم «صلوات الله عليهم» لكل ما يحصل في أمتهم، من صغير الأمور وكبيرها، ربما لأنهم شهداء على هذه الأمة..

2 ـ إنهم يخبرون أوصياءهم بها أيضاً.. لمسؤوليتهم عنها، وشهادتهم عليها أيضاً.

3 ـ إن الأمر بهذا الإخبار يكون قد خرج من دائرة الحدس والإجتهاد، ليصبح حقيقة راسخة، لو انتقضت، لأسقطت مقام النبوة أو الإمامة عن الإعتبار.. وإذا تحققت كانت من آيات النبوة.

ولأجل ذلك قال عمر حين وجد الطفل في المسجد بعد تسعة أشهر: «صدق الله ورسوله، وابن عم رسوله».

6- هذا الأسلوب لماذا؟!:

وقد يسأل سائل: إذا كان علي «عليه السلام» يخبر بكل تلكم التفاصيل، فلماذا لا يخبر عمر من أول الأمر باسم القاتل ومكانه فيؤتى به للمساءلة والحساب؟!

أو لماذا لا يخبر بالمكان الذي انتقلت إليه أم الطفل بعد رشوتها لمرضعته؟!

أو لماذا لا يقص «عليه السلام» القصة بتمامها على عمر من أول الأمر؟!

ونجيب:

أولاً: بأنه «عليه السلام» أراد أن لا يسلب تلك المرأة القدرة على التصرف، ويحرمها من الإختيار، لأنه لو استفاد من عنصر الغيب، وحرمها من ذلك كان ظالماً لها..

ثانياً: لو فعل ذلك، فإن ما سيقصه على عمر أو على غيره، سيبقى في دائرة الإحتمال، ولن يحدث الأثر المطلوب في إبراز البعد الغيبي لمقام النبوة والإمامة.. ولن يكون له الأثر الذي يتوخى حدوثه في تقوية الإيمان، وإظهار أعلام النبوة..

ثالثاً: إن ذلك قد يدفع عمر أو أولياء المقتول للمطالبة بالدية وبالإقتصاص من القاتلة، لو لم تظهر المعجزة باسوداد وجه تلك العجوز حين حلفت اليمين الكاذبة.. وعدم الأخذ بقصة يرويها صحابي لهم خصوصاً إذا كانوا يخالفونه أو يناوئونه، ويسعون في تصغير شأنه، وتضعيف أمره.

مع أن القاتلة لا تستحق هذه العقوبة.. ولا تجب الدية للمقتول كما تقدم.

7- ادعت عليها، وأتت بها:

ويلاحظ هنا: أن المدعية على العجوز، هي التي تعلقت بالعجوز وجاءت بها، كما أنه «عليه السلام» بعد أن أخبر عمر بالحكم لم يبادر إلى تنفيذه، بل ألزم أم الطفل بأن تأتي بالعجوز، ليأخذ حق الله منها، بعد أن يستكمل القرائن المثبتة لصحة ما ذكرته تلك المرأة.

8- أحكام بالرجم والصواب الحد:

1 ـ عن الرضا «عليه السلام» قال: قضى أمير المؤمنين «عليه السلام» في امرأة محصنة فجر بها غلام صغير، فأمر عمر أن ترجم، فقال «عليه السلام»: لا يجب الرجم، إنما يجب الحد، لأن الذي فجر بها ليس بمدرك([3]).

2 ـ وأمر عمر برجل يمنى محصن، فجر بالمدينة أن يرجم.

فقال أمير المؤمنين «عليه السلام»: لا يجب عليه الرجم، لأنه غائب عن أهله، وأهله في بلد آخر، إنما يجب عليه الحد.

فقال عمر: لا أبقاني الله لمعضلة لم يكن لها أبو الحسن([4]).

9- رجم الحبلى:

عن عبد الله بن الحسن قال: دخل علي «عليه السلام» على عمر، وإذا امرأة حبلى قد زنت تقاد، ترجم، قال: ما شأن هذه المرأة؟!

قالت: يذهبون بي يرجمونني.

فقال: يا أمير المؤمنين، لأي شيء ترجم؟! لئن كان لك سلطان عليها، فما لك سلطان على ما في بطنها.

فقال عمر: كل أحد أفقه مني، ثلاث مرات.

فضمنها علي حتى ولدت غلاماً، ثم ذهب بها إليه، فرجمها([5]).

وفي نص آخر: فلما ولدت ماتت.

قال عمر: لولا علي لهلك عمر([6]).

وفي نص آخر: اعتبره الطبري قضية أخرى: أن المرأة اعترفت بعد إخافتها.

فقال له علي «عليه السلام»: أوما سمعت رسول الله «صلى الله عليه وآله» قال: لا حدَّ على معترف بعد بلاء، إنه من قيد، أو حبس، أو تهدد، فلا إقرار له.

فخلى سبيلها وقال: عجزت النساء أن يلدن مثل علي بن أبي طالب. لولا علي لهلك عمر([7]).

ونقول:

ألف: إنه حتى لو كان عمر لا يعرف حكم الحبلى، فإن نفس ظهور حبلها للناس جميعاً يدعو للتساؤل عن جواز رجمها وعدمه، ولا يمكن أن تُدَّعَى الغفلة لعمر، ولجميع من حضر ذلك المجلس. فلماذا لم يطرح هذا الأمر، ولو على سبيل التساؤل؟!

ب: إن علياً «عليه السلام» لم يقل لعمر: لك سلطان عليها، ولا سلطان لك على ما في بطنها، كما أنه لم يقل: إذا كان لك سلطان الخ..

بل قال: إن كان لك سلطان عليها.

ومن المعلوم: أن كلمة «إن» إنما تستعمل في مقام الشك، وكلمة إذا تستعمل في مقام اليقين..

مما يعني: أن علياً «عليه السلام» يريد أن يسجل هذا الشك في أن تكون لعمر أية سلطة على الناس، ومنها سلطة إجراء الحدود.

ج: إن الرواية الثانية تصرح بأن عمر قد سمع النبي «صلى الله عليه وآله» يقول ذلك، فكيف ساغ له أن يخالف ما كان يسمعه من رسول الله «صلى الله عليه وآله»؟!

د: إن النصوص المتقدمة هي نصوص لأكثر من قضية واحدة، فليلاحظ ذلك.

10- علي ورجم المجنونة:

وعن أبي ظبيان، عن ابن عباس قال: شهدت عمر بن الخطاب أُتي بامرأة قد زنت، فأمر عمر برجمها؛ فانتزعها علي من أيديهم، فردهم.

فرجعوا إلى عمر، فقالوا: ردنا علي.

قال: ما فعل هذا علي إلا لشيء. فأرسل إليه فجاءه، فقال: ما لك رددت هؤلاء؟!

قال: أما سمعت النبي «صلى الله عليه وآله» يقول: رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصغير حتى يكبر، وعن المبتلى حتى يعقل؟!

فقال: بلى.

فقال: هذه متبلاة بني فلان، فلعله أتاها، وهو بها([8]).

فقال عمر: لا أدري.

فقال علي: أنا أدري.

فترك رجمها([9]).

وقال المناوي في فيض القدير: واتفق له (لعلي «عليه السلام») مع أبي بكر نحوه([10]).

ونقول:

يلاحظ هنا:

ألف: أن اعتذار عمر عن الخطأ الذي وقع فيه، وكاد أن يودي بنفس محترمة بأنه لا يدري، لا يعفيه من المسؤولية، حيث إن على الحاكم أن يستقصي في بحثه عن حيثيات الحكم الذي يصدره، وليس له أن يبادر إلى إصدار أي حكم قبل الوقوف على مختلف الوسائل والجهات والحيثيات المؤثرة في حكمه بنحو أو بآخر.

ومن الواضح: أن المرأة المبتلاة ليس أمرها بالذي يخفى على الناظر البصير، فكان ينبغي أن يدرك أن ثمة خللاً يظهر في كلماتها أو حركاتها، أو ما إلى ذلك. إلا إذا كان جنونها أدوارياً.. كما يدل عليه قوله «عليه السلام»: لعله أتاها وهو بها. ولكنها حتى في هذه الحالة تكون في حال إفاقتها قادرة على الدفاع عن نفسها، وإخباره بحالها.

فإذا أخبرته، ولم يصدقها، لم يجز له المبادرة إلى إقامة الحد عليها إلا بعد أن يتحقق من الأمر، بسؤال من يعرفها..

على أنه قد كان من الممكن أن يسأل عن هذه المرأة من يعرفها. وأن يتعرف عن هويتها قبل أن يقدم على أي فعل تجاهها.

فإن كانت حاملاً، لم يجز له رجمها قبل وضع حملها..

وإن كانت متزوجة وزنت فإنها لا ترجم قبل أن يعرف أنها ليست حاملاً من زوجها، لأن حملها يفرض عليه التريث في إجراء الحكم في حقها إلى أن تضع، وعليه أن يسأل عن زوجها إن كان حاضراً أو غائباً، ومتى غاب. كما لا بد من معرفة ورثتها، وغير ذلك مما يرتبط بها.

ولكن عمر لم يفعل شيئاً من ذلك فيما يظهر، ولو فعل ذلك لظهر له حالها في أغلب الظن، بل بادر إلى الأمر برجمها بدون تثبت.

ب: أخرج البخاري هذا الحديث في صحيحه، بعد أن حذف منه معظمه، فقال: «قال علي لعمر: أما علمت أن القلم رفع عن المجنون حتى يفيق، وعن الصبي حتى يدرك، وعن النائم حتى يستيقظ؟!([11]).

فلماذا يتصرف البخاري في الأحاديث، ويحذف منها مثل هذه الأمور الحساسة. ولكنه لا يتصرف في الأحاديث الأخرى التي تتضمن تفاصيل من الرواة غير مفيدة؟!

ج: واللافت هنا أن تعرف أن البخاري لم يكن قادراً على اخفاء الحقيقة بتمامها، فان نفس العبارة التي أوردها تدل على وجود حذف، يحتاج فهم العبارة التي ابقاها إلى مراجعة المحذوف حيث قال: ام علمت ان القلم الخ.. فدل على أنه «عليه السلام» في مقام لومه على عدم عمله .

11- تشبهت بجاريته فواقعها:

عن أبي روح: أن امرأة في عهد عمر تشبهت بأمة لرجل ـ وذلك ليلاً ـ فواقعها، وهو يرى أنها جاريته، فرفع إلى عمر، فأرسل إلى علي «عليه السلام»، فقال: اضرب الرجل حداً في السر، واضرب المرأة حداً في العلانية([12]).

ونقول:

المشهور بين الأصحاب اختصاص الحد بالمرأة، ولكن قد عمل بمضمون هذه الرواية القاضي.

وقال الشيخ الحر العاملي «رحمه الله»: «حمله أكثر الأصحاب على شك الرجل أو ظنه، وتفريطه في التأمل، وأنه حينئذٍ يعزَّر، لما تقدم في تزويـج امرأة لها زوج، وغير ذلك»([13]).

غير أن ذلك لا يكفي لرفع الإشكال. فإن الإمام «عليه السلام» لم يأمر بتعزير الرجل، بل أمر بجلده الحد في السر. وهذا معناه: أن القضية كانت أكثر من تفريط في التأمل.

فإنه إذا كان غافلاً عن هذا الأمر، فذلك يكفي لدرء الحد والتعزير عنه، فإن الحدود تدرأ بالشبهات. وإن كان متعمداً فلماذا يجلد في السر؟!

وربما يكون السبب في أمره بجلد الرجل الحد كاملاً في السر، أنه قد بدأ وطأها وهو غافل، ثم شك، أو علم بالأمر في أثناء الفعل، فغلبته شهوته، وأكمل ما بدأه، فاستحق الحد. ولكنه خفف عنه، لأنه أصبح في وضع يصعب عليه فيه التوقف، وإن كان ممكناً لغير المتهاون في أمر الشرع والدين. واستكشاف هذا الأمر ربما تيسر من خلال اقرارهما وقرائن أحوالهما.

وقال المجلسي «رحمه الله»: يمكن حملها على أنه «عليه السلام» كان يعلم: أنه إنما فعل ذلك عمداً، وادعى الشبهة لدرء الحد. فعمل «عليه السلام» في ذلك ([14]).

غير أننا نعلم: أنه «عليه السلام» إنما يعامل الناس وفق الإيمان والبينات، ولا يأخذهم بما علمه عنهم بطرق غير عادية.

غير أن ما يهون الخطب هنا: أن الرواية ضعيفة سنداً أيضاً.

12- حكم من يعمل عمل قوم لوط:

1 ـ محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن سيف بن الحارث، عن محمد بن عبد الرحمن العرزمي، عن أبيه عبد الرحمن، عن أبي عبد الله، عن أبيه «عليهما السلام» قال: اتي عمر برجل قد نكح في دبره، فهم أن يجلده، فقال للشهود: رأيتموه يدخله كما يدخل الميل في المكحلة؟!

فقالوا: نعم.

فقال لعلي «عليه السلام»: ما ترى في هذا؟!

فطلب الفحل الذي نكحه فلم يجده.

فقال علي «عليه السلام»: أرى فيه أن تضرب عنقه.

قال: فأمر به فضربت عنقه.

ثم قال: خذوه، فقد بقيت له عقوبة أخرى.

قال: وما هي؟!

قال: ادع بطَنٍّ (أي حزمة) من حطب.

فدعا بطن من حطب، فلف فيه، ثم أخرجه فأحرقه بالنار.

قال: ثم قال: إن لله عباداً لهم في أصلابهم أرحام كأرحام النساء.

قال: فما لهم لا يحملون فيها؟!

قال: لأنها منكوسة، في أدبارهم غدة كغدة البعير، فإذا هاجت هاجوا، وإذا سكنت سكنوا.

2 ـ وروى أبو علي الأشعري، عن الحسن بن علي الكوفي، عن العباس بن عامر، عن سيف بن عميرة، عن عبد الرحمن العرزمي قال:

سمعت أبا عبد الله «عليه السلام» يقول: وجد رجل مع رجل في إمارة عمر، فهرب أحدهما وأخذ الآخر فجيء به إلى عمر، فقال للناس: ما ترون؟!

قال: فقال هذا: اصنع كذا. وقال هذا: اصنع كذا.

قال: فما تقول يا أبا الحسن؟!

قال: اضرب عنقه.

فضرب عنقه.

قال: ثم أراد أن يحمله، فقال: مه، إنه قد بقي من حدوده شيء.

قال: أي شيء بقي؟!

قال: ادع بحطب.

قال: فدعا عمر بحطب، فأمر به أمير المؤمنين «عليه السلام» فأحرق به([15]). وسند هذه الرواية صحيح.

ونقول:

1 ـ إن هذه القضية من الوضوح بحيث لا تحتاج إلى أي تعليق، غير أن من الغريب جداً أن لا يكون الخليفة عارفاً بحد من يعمل عمل قوم لوط، بل هو يبادر إلى الأمر بجلده. وهذا لا يتوافق مع أحكام الشرع الشريف.

2 ـ والأغرب من ذلك: أن يكون سائر الناس من حوله يجهلون حكم هذه الواقعة أيضاً، فيشير كل منهم عليه برأي، مع علمه وعلمهم بأن دين الله لا يصاب بالعقول ـ وأن الآراء لا قيمة لها في قبال حكم الله تعالى..

ثم نجد فريقاً من الناس يدعي لهؤلاء الإجتهاد، ويعطيهم حق الفتوى؟!

3 ـ وقد لفت نظرنا أيضاً: أن علياً «عليه السلام» قد ذكر لهم حكم اللائط بصورة تدريجية، ظهر من خلالها: أن ثمة جهلاً مطبقاً بهذه الأحكام، وأن هذا لا يختص بعمر، بل هو شامل لجميع من حضر، وقد ظهر ذلك بصورة جلية من خلال المسارعة إلى حمله، قبل أن يجري عليه بقية حدوده.

مع احتمال أنه «عليه السلام» لم يذكر لهم تلك الأحكام دفعة واحدة، خوفاً من أن يستثقلوها، ويبادروا إلى رفضها، استناداً إلى بعض الذرائع الواهية.

وقد ذكر المعتزلي: أن الصحابة رفضوا العمل بكثير من النصوص، ولجأوا إلى آرائهم كما ذكرناه في موضع آخر من هذا الكتاب.

4 ـ قد يقال: إن ما ذكره «عليه السلام»، من وجود غدة لدى من يفعل به ذلك العمل الشنيع، إذا هاجت هاج، وإذا سكنت سكن. لعله يشير إلى زيادة الهرمونات الأنثوية لدى هذا النوع من الناس، فيميلون إلى هذا العمل الشنيع..

غير أننا نرى: أن هذا تمحل غير مقبول، إذ لماذا لا يكون الإمام يتحدث عن حالة نادرة، تكون لدى أشخاص بهذا النحو الذي ذكره «عليه السلام»، وكان ذلك الذي كان صاحب المشكلة منهم؟!

ويرى بعض الأخوة الأكارم: أن ذلك قد يحصل لبعض الناس على سبيل العقوبة لهم على ذنب اقترفوه، أو اقترفه آباؤهم.. فيصير ذلك من موجبات ميلهم إلى هذا الأمر، وإن كان لا يفقدهم عنصر الإختيار، والقدرة على مقاومة تلك الرغبة..

وللأعمال آثارها كما دلت عليه الآيات والروايات، وقد عاقب الله الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله.. ونقضوا ما عاهدوا الله عليه بما ذكره بقوله: {فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِي قُلُوبِهِمْ..}([16]).

وورد: إن من فعل كذا ألقى الله عليه شهوة النساء، أو من فعل كذا، جاء ولده مخنثاً.. أو نحو ذلك.

لا مانع من تكرار الحدث وفق ما ورد في الروايتين المتقدمتين، ولعل احداهما تكفلت ببيان عقوبة المفعول به، والأخرى ببيان عقوبة الفاعل..

6 ـ ويبقى هنا سؤال: إن هذه القضية قد حدث نظيرها في عهد أبي بكر، فهل لم يكن عمر عارفاً بتلك الحادثة؟! أم أنه نسي ما أشار به علي «عليه السلام» في عهد أبي بكر؟!. ربما يكون الإحتمال الأول هو الأقرب، بأن يكون كتاب خالد قد وصل إلى أبي بكر، فقرأه، واكتفى باستشارة علي «عليه السلام»، ثم أجاب على الكتاب، وتستَّر على الموضوع، لأنه رأى أن من المصلحة التستر على موضوع كهذا.

13- التي ولدت لستة أشهر:

عن أبي الأسود: رفع إلى عمر امرأة ولدت لستة أشهر، فسأل عنها أصحاب النبي «صلى الله عليه وآله»، فقال علي «عليه السلام»: لا رجم عليها؛ ألا ترى أن الله يقول: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْراً}([17]). فستة للحمل، وسنتان لمن أراد أن يتم الرضاعة.

وقال: ثم بلغنا: أنها ولدت آخر لستة أشهر([18]).

وفي بعض الروايات: أن عمر أراد أن يرجم تلك المرأة، فجاءت أختها إلى علي «عليه السلام»، فسألته إن كان يعلم لأختها عذراً، فأجابها «عليه السلام»بالإيجاب، فكبرت تكبيرة سمعها عمر، ومن عنده، ثم أخبرته بقول علي «عليه السلام»، فأرسل إليه فسأله الخ..([19]).

14- التي نكحت في عدتها:

وعن مسروق: أتى عمر بإمرأة قد نكحت في عدتها، ففرق بينهما، وعاقبهما، وجعل مهرها في بيت المال. وقال: لا يجتمعان أبداً.

فبلغ ذلك علياً، فقال: ما بال الصداق وبيت المال؟! إن كانا جهلا فلها المهر بما استحل من فرجها، ويفرق بينهما، ولا جلد عليهما، فإذا انقضت عدتها فهو خاطب من الخطّاب.

فخطب عمر، وقال: رد الجهالات إلى السنة. فرجع إلى قول علي([20]).

ونقول:

1 ـ بالنسبة للمرأة التي ولدت لستة أشهر، نلاحظ:

ألف: هناك مسائل يواجهها الخلفاء تضطرهم إلى الإفصاح عن أنهم لا يملكون أي حل لها.. ولا يكون أمامهم أي مخرج منها إلا بسؤال العارفين. ومنها هذه المسألة بالذات، لأن الإقدام على أي إجراء فيها سوف ينقل ويذاع في جميع الأصقاع، فإن ظهر الخطأ فيه، فسوف يوجب الفضيحة لذلك المخطئ. وسيلحق به ضرراً بالغاً، من حيث تضمنه للجرأة على الفتوى بغير علم، الأمر الذي يشير إلى قلة الورع لديه.

فالسؤال عنها هو أقل الضررين، وأهون الشرين، لإمكان جبر بعض الكسر فيه بالتظاهر بالانصاف، وبالورع والتقوى.

ب: تميزت هذه المسألة بأن الواقع الموضوعي قد أيد صحة الإستدلال بالآية الكريمة، فسد بذلك الباب أمام أي متأول، أو متمحل للأعذار الواهية. حيث تضمنت بلاغاً عن أن نفس تلك المرأة قد ولدت ولداً آخر لستة أشهر أيضاً.

ج: قد جرى نظير هذه الحادثة في زمن عثمان، فبلغ ذلك علياً، فأتاه، فقال: ما تصنع؟! ليس ذلك عليها، ثم قرأ عليه الآيات وبينها.

فقال عثمان: والله ما فطنت لهذا، فأمر بها عثمان أن ترد، فوجدت قد رجمت.. فشب الغلام، فاعترف به الرجل. وكان أشبه الناس به إلخ..([21]).

2 ـ بالنسبة للتي نكحت في عدتها نلاحظ:

ألف: هنا سؤال يحتاج إلى الإجابة، وهو أن من تزوج امرأة في عدتها جاهلاً، ثم فارقها قبل الدخول، فإنها لا تحرم عليه مؤبداً.

ولكن إذا كان هناك دخول، فإنها تحرم عليه، سواء أكانا جاهلين أو عالمين. وهذا لا خلاف فيه، بل عليه الاجماع بقسميه: المحصل، والمنقول.

لكن هذا الحديث يخالف ذلك، ويقول: إذا كان هناك دخول، وكانا جاهلين، فإنها لا تحرم عليه، بل يكون بعد انقضاء العدة خاطباً من الخطاب.

ويمكن أن يجاب:

أولاً: إن بعض نصوص الرواية ليس فيها عبارة: ثم يكون خاطباً من الخطاب.. فراجع([22]).

ثانياً: قد يكون المراد: أنه استحل من فرجها ما دون الدخول، فيثبت لها من المهر ما يناسب ذلك. وهو نصف المهر. وليس المراد الدخول التام ليثبت تمام المهر، وليوجب ذلك التحريم المؤبد.

ولكن هذا التوجيه غير وجيه، لأنه «عليه السلام» قال: يثبت لها المهر، والظاهر هو: ثبوت جميعه، وذلك يكون مع الدخول التام..

نعم، هو يصح لو كان قد قال: يثبت لها من المهر الخ..

ب: يؤخذ على الخليفة: أنه ليس له أن يجعل المهر في بيت المال.

ولا أن يجعله صدقة في سبيل الله.

وليس له أن يجلدها، لفرض أنهما فعلا ذلك عن جهالة..

وإذا كانت المفارقة قبل الدخول، فلا معنى لحكمه بتحريمها مؤبداً..

15- نوبية تزني ولا ترجم:

عن يحيى بن حاطب قال: توفي حاطب، فاعتق من صلى من رقيقه وصام. وكانت له أمة نوبية قد صلت وصامت، وهي أعجمية لم تفقه. فلم ترعه إلا بحبلها. وكانت ثيباً.

فذهب إلى عمر فحدثه، فقال: لأنت الرجل لا تأتي بخير.

فأفزعه ذلك.

فأرسل إليها عمر، فقال: أحبلت؟!

فقالت: نعم، من مرغوش بدرهمين. فإذا هي تستهل بذلك، لا تكتمه.

قال: وصادف علياً، وعثمان، وعبد الرحمن بن عوف.

فقال: أشيروا عليَّ، وكان عثمان جالساً فاضطجع.

فقال علي وعبد الرحمن: قد وقع عليها الحد.

فقال: أشر علي يا عثمان؟!

فقال: قد أشار عليك أخواك.

قال: أشر علي أنت.

قال: أراها تستهل به كأنها لا تعلمه، وليس الحد إلا على من علمه.

فقال: صدقت، صدقت. والذي نفسي بيده ما الحد إلا على من علمه.

فجلدها عمر مائة، وغربها عاماً([23]).

قال ابن القيم: وهذا من دقيق الفراسة([24]).

ونقول:

أولاً: إن مجرد جهر النوبية بما فعلت لا يثبت أنها لا تعرف أن الزنا حرام، لا سيما وأنها قد صلت وصامت.. فلعل هذه النوبية لم تكتم هذا الحرام في الإسلام، لأنه في قومها، أو في من هم على شاكلتها من الإماء مما لا يتحاشى منه، فعدم كتمانها لهذا الأمر لا يلازم عدم معرفتها بحكم الله فيه.

بل لعلها أرادت أن تتجاهل هذا الأمر، لكي لا تعرض نفسها للعقوبة الأقصى والأشد. وقد عرفنا أن علياً لم يرض بادعاء بعضهم الجهل بتحريم الخمر، حتى تحقق من ذلك، فأرسله إلى الصحابة، ليرى إن كان أحد منهم قرأ عليه آية تحريم الخمر أم لا..

فلما ظهر له صدقه استتابه، وأطلقه.

ثانياً: قول عثمان «أراها تستهل به كأنها لا تعلمه» يدل على أن عثمان لم يتيقن من عدم علمها، بل هو احتمل ذلك.

ولا يكفي إصدار الحكم في أمر ما لم يعرف الوجه فيه على سبيل القطع. وهو يحتمل جهلها، ولكنه يصدر الحكم الثابت للجاهل على نحو القطع واليقين. ولذلك قال عثمان: وليس الحد إلا على من علمه.

ثالثاً: قول عثمان ليس الحد إلا على من علمه. إن المراد أن الحد لا يثبت إلا على من علم بثبوت الحد فهو غير صحيح لأن المطلوب هو العلم بحرمة الزنا، أما العلم بثبوت الحد فليس شرطاً في ثبوت الحد، بل يقام على الزاني سواء علم به أو جهله.

وإن كان المراد هو العلم بحرمة الزنا.. فإن الحد لا يسقط بمجرد ادعاء الجهل بحرمة الزنا، بل لا بد من التثبت من ذلك، كما فعل علي «عليه السلام» في قصة شرب قدامة بن مظعون للخمر وادعائه عدم العلم بحرمتها، حيث أمر علي «عليه السلام» بأن يطاف به على الصحابة ليعلم إن كان أحد قرأ عليه آية تحريم الخمر أم لا. ولو قبل من المذنبين ذلك بمجرد ادعائه لعطلت الحدود.

رابعاً: إذا فرضنا: أنه لا حد عليها، وأنها كانت تجهل، فلماذا جلدها عمر مئة؟! فإن المئة حد من حدود الله.

ولو قلنا: لم يكن عليها حد، بسبب جهلها. فهذا تعزير.. فإنه يقال:

ألف: لا تعزير عليها أيضاً للسبب نفسه، وهو الجهل.

ب: إذا كان عمر قد قال لعثمان: صدقت، فلما يعزرها، أو يحدها.. فان المفروض ان الجهل عذر لها.

خامساً: لم نعرف وجهاً لإضافة تغريب عام إلى جلد المئة..

سادساً: لو سلمنا: أن جلد المئة ليس حداً، وهو من التعزيرات.. وسلمنا جدلاً: أن التعزير ثابت في حقها.. فإننا نقول:

التعزيرات يجب أن لا تبلغ الحد، فقد روى حماد بسند صحيح عن أبي عبد الله الصادق «عليه السلام» قال: قلت: كم التعزير؟!

فقال: دون الحد.

قال: قلت: دون ثمانين؟!

قال: لا، ولكن دون أربعين، فإنها حد المملوك.

قلت: وكم ذاك؟!

قال: على قدر ما يراه الوالي من ذنب الرجل، وقوة بدنه([25]).

وفي معتبرة إسحاق بن عمار قال: سألت أبا إبراهيم «عليه السلام» عن التعزير: كم هو؟!

فقال: بضعة عشر سوطاً. ما بين العشرة إلى العشرين([26]).

والظاهر: أنه لا منافاة بين هاتين الروايتين، إذ لعل الأولى قد نظرت إلى الحد الأقصى في التعزير للرجل القوي، المذنب ذنباً غير عادي.. والثانية ناظرة إلى الذنوب التي لا تصل إلى الحدود القصوى، إذا صدرت من أشخاص عاديين في درجة تحملهم.

أما المروي عند أهل السنة، فقد ذكر العلامة الأميني «رحمه الله» روايات عندهم تحدد التعزير بعشرة أسواط.

فقد رووا عن النبي «صلى الله عليه وآله» أنه قال: لا يحل لأحد أن يضرب أحداً فوق عشرة أسواط إلا في حد من حدود الله. وبمعناه غيره([27]).

وروي أيضاً عنه قوله: لا تعزروا فوق عشرة أسواط([28]).

سابعاً: ما ذنب حاطب حتى يفزعه عمر بقوله: «لأنت الرجل لا تأتي بخير»؟!

وهل صحيح: أن ذلك الرجل كان كذلك؟!

ثامناً: ويبقى سؤال: كيف يجلدها وهي حامل. وهل بقي ولدها في بطنها بعد هذا الجلد؟! أم أنه انتظر بها حتى تضع، ثم أمر بجلدها؟!

16- لا رجم على المضطرة لشربة ماء:

أتي عمر بامرأة زنت، فأقرت، فأمر برجمها.

فقال علي «عليه السلام»: لعل بها عذراً.

ثم سألها عن ذلك، فذكرت: أنها عطشت فاستسقت راعياً، فأبى أن يسقيها حتى تمكنه من نفسها. فأبت عليه ثلاثاً، فلما ظمئت، وظنت أن نفسها ستخرج أعطته الذي أراد، فسقاها.

فقال علي «عليه السلام»: الله أكبر، {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}([29]).

فخلى سبيلها([30]).

ونقول:

يبدو أن هذه المرأة قد سلمت نفسها في مكان حسبه ذلك الراعي خالياً، ثم تبين ان هناك من ينظر إليهما، دون أن يعلما بوجوده، فلما أخذا اعترفت المرأة بصدور الفعل منها.

ولا ندري.. كيف يمكن أن نتصور حاكماً، أو قاضياً يبادر إلى رجم إمرأة لمجرد أنها اعترفت بالزنا، قبل أن يسألها عن سبب فعلها. ولو لحب الاستطلاع، فإن الرجم لا يثبت على كل من ابتلى بهذا الأمر كيفما اتفق، فلو أن امرأة اضطرت إلى ذلك لحفظ حياتها من الهلاك، ولم يكن لها طريق لذلك سوى التمكين من نفسها، فإن الحكم ليس هو الرجم في هذه الحالات.

فإذا كان هذا الحكم ليس ثابتاً على كل حال، بل هو ثابت في بعض الأحوال دون بعضها الآخر، فلا بد من إحراز تحقق موضوع الحكم بجميع حيثياته وخصوصياته.

فهل عدم التحقيق والتدقيق في هذا الأمر ناشئ عن الإستهانة بكرامات الناس، وبحياتهم؟! أم أن هناك ثقة فائقة للحاكم بالذين كانوا يعملون لمساعدته في مثل هذه الشؤون؟! فيكون التهاون منهم في متابعة الأمور؟! أم أنهم كانوا يجهلون بما يجب عليهم عمله في أمثال هذه القضايا؟!

لا ندري. ولعل تكرار هذه الحوادث يثبت لنا أن التهاون، وإن كان حاصلاً، ولكن ذلك لا يعفي القاضي من التثبت والسؤال ولو في بعض المرات، فلا يمكن الرمي بالمسؤولية على عاتق الاعوان، وتبرئة المتصدي نفسه.


([1]) مناقب آل أبي طالب ج2 ص371 و (ط المكتبة الحيدرية) ج2 ص183 وبحار الأنوار ج40 ص228 وج76 ص53 ومستدرك سفينة البحار ج4 ص327 و ووسائل الشيعة (ط مؤسسة آل البيت) ج28 ص66 و (ط دار الإسلامية) ج18 ص350 وتهذيب الأحكام ج10 ص50 والكافي ج7 ص265 وجامع أحاديث الشيعة ج25 ص338 وج25 ص410 وغاية المرام ج5 ص272.

([2]) قضاء أمير المؤمنين علي بن أبي طالب «عليه السلام» ص238 ـ 242 عن درر المطالب، وعن ابن أبي الحديد، عن الليث بن سعد مختصراً، مقتصراً على وقوع القضية في زمن عمر. والأنوار العلوية ص101 ـ 105.

([3]) مناقب آل أبي طالب ج2 ص360 و (ط المكتبة الحيدرية) ج2 ص183وبحار الأنوار ج76 ص52 ومستدرك سفينة البحار ج4 ص327 وعجائب أحكام أمير المؤمنين «عليه السلام» ص64.

([4]) مناقب آل أبي طالب ج2 ص360 و (ط المكتبة الحيدرية) ج2 ص183 وبحار الأنوار ج40 ص226 وج76 ص53 وعجائب أحكام أمير المؤمنين «عليه السلام» ص64.

([5]) ذخائر العقبى ص81 والرياض النضرة ج3 ص144 وكفاية الطالب ص227 والغدير ج6 ص111 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج17 ص454 وراجع: كتاب الأربعين للشيرازي ص427 والمواقف للإيجي ج3 ص636 والدر النظيم ص261 وشرح المواقف للجرجانى ج8 ص370 والنجاة في القيامة لابن ميثم البحراني ص153.

([6]) مناقب آل أبي طالب ج2 ص362 و (ط المكتبة الحيدرية) ج2 ص184 وبحار الأنوار ج76 ص53 وعجائب أحكام أمير المؤمنين «عليه السلام» ص56.

([7]) ذخائر العقبى ص80 وراجع: مطالب السؤول ص13 والمناقب للخوارزمي ص81 والرياض النضرة ج3 ص143 والأربعين للفخر الرازي ص466. وراجع: مسند زيد بن علي ص335 والأحكام ليحيى بن الحسين ج2 ص220 وبحار الأنوار ج30 ص679 وج40 ص277 والغدير ج6 ص110 ومستدرك سفينة البحار ج8 ص498 وكشف الغمة ج1 ص110 وكشف اليقين ص63 وغاية المرام ج5 ص260 وعجائب أحكام أمير المؤمنين «عليه السلام» ص56 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج8 ص202 وج17 ص454 وج31 ص471 و 473 و 478.

([8]) أي والحال أن البلاء كان بها في ذلك الوقت.

([9]) سنن ابن ماجة ج1 ص651 وجامع الأصول، وتيسر الوصول ج2 ص5 وإرشاد الساري ج10 ص9 وذخائر العقبى ص81 و 82 وتذكرة الخواص ج1 ص560 ومسند أحمد ج1 ص154 وسنن أبي دواد ج4 ص140 وسنن الدارقطنى ج3  ص138 و 139 والسنن الكبرى للبيهقي ج8 ص264 والسنن الكبرى للنسائي ج4 ص323 ومستدرك الحاكم ج1 ص258 و ج2 ص59 وج4 ص389 ومناقب آل أبي طالب ج2 ص366 و (ط المكتبة الحيدرية) ج2 ص188 والإرشاد للمفيد ج1 ص203 و 204 وبحار الأنوار ج40 ص250 وج76 ص88 وجامع أحاديث الشيعة ج25 ص304 ومسند أبي يعلى ج1 ص440 وسنن سعيد بن منصور ج2 ص67 والمغني لابن قدامة ج10 ص169 والرياض النضرة ج2 ص144 وينابيع المودة ص211 و (ط أخرى) ج2 ص172 ووسائـل الشيعة (ط مؤسسة آل البيت) ج28 ص23 = = و (ط دار الإسلامية) ج18 ص316 وكنز العمال ج5 ص451 والغدير ج6 ص101 و 102 عن بعض من تقدم، وعن فيض القدير ج4 ص357 و (ط دار الكتب العلمية) ج4 ص470 وحاشية شرح العزيري على الجامع الصغير ج2 ص417 وفتح الباري ج12 ص101 وعن عمدة القاري ج10 ص151 والنص والإجتهاد ص375 وجواهر المطالب لابن الدمشقي ج1 ص198 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج17 ص492 وعجائب أحكام أمير المؤمنين «عليه السلام» ص54.

([10]) فيض القدير ج4 ص357 و (ط دار الكتب العلمية) ج4 ص470 والغدير ج6 ص102.

([11]) صحيح البخاري، باب لا يرجم المجنون والمجنونة (ط دار إحياء التراث) ج14 ص79 و (ط دار الفكر) ج8 ص21.

([12]) تهذيب الأحكام ج10 ص47 والكافي ج7 ص262 ووسائل الشيعة (ط مؤسسة آل البيت) ج28 ص143 و (ط دار الإسلامية) ج18 ص409 وبحار الأنوار ج40 ص313 وجامع أحاديث الشيعة ج25 ص390 والمصنف لابن أبي شيبة ج6 ص494 وغاية المرام ج5 ص273 والتاريخ الكبير للبخاري ج4 ص231، وفي كتاب: المقنعة للمفيد ص124 و (ط مركز النشر الإسلامي) ص784 ومستدرك الوسائل ج18 ص70 والسرائر لابن إدريس ج3 ص448 ومختلف الشيعة ج9 ص149: فوطأها من غير تحرز.

([13]) وسائل الشيعة (ط مؤسسة آل البيت) ج28 ص143 و (ط دار الإسلامية) ج18 ص409.

([14]) مرآة العقول ج23 ص408.

([15]) بحار الأنوار ج40 ص294 و 295 والكافي ج7 ص199 و 200 ووسائل الشيعة (ط مؤسسة آل البيت) ج28 ص158 و (ط دار الإسلامية) ج18 ص420 وتهذيب الأحكام ج10 ص52 والإستبصار ج4 ص219 وجامع أحاديث الشيعة ج25 ص437 وغاية المرام ج5 ص270.

([16]) الآية 77 من سورة التوبة.

([17]) الآية 15 من سورة الأحقاف.

([18]) الدر المنثور ج1 ص288 وج6 ص40 وتذكرة الخواص ج1 ص562 والإرشاد للمـفـيـد ج1 ص206 والسنن الكـبرى للبيهقي ج7 ص442 والمنـاقـب  = = للخوارزمي ص95 وكفاية الطالب ص226 والرياض النضرة ج2 ص142 وذخائر العقبى ص82 وبحار الأنوار ج40 ص252 ومناقب آل أبي طالب ج2 ص365 وكنز العمال ج5 ص457 وج6 ص205 والميزان ج18 ص207 وسبل الهدى والرشاد ج11 ص289 وتفسير الرازي ج28 ص15 وينابيع المودة ص211 و (ط دار الأسوة) ج1 ص226 (ط أخرى) ج2 ص172 وسنن سعيد بن منصور ج2 ص66 وعن مختصر جامع بيان العلم ص150 وأربعين الرازي ص466 وعن تفسير النيسابوري في تفسير سورة الأحقاف، ونور الثقلين ج5 ص14. والمجموع للنووي ج18 ص129 والمغني لابن قدامة ج9 ص115 والشرح الكبير لابن قدامة ج9 ص86 وكشاف القناع للبهوتي ج5 ص484 وكتاب الأربعين للـماحـوزي ص470 والغـديـر ج6 ص93 والمصنف للصنعاني ج7 ص349 ومعرفة السنن والآثار ج6 ص65 وجامع بيان العلم وفضله ج2 ص88 ونظم درر السمطين ص131 وغاية المرام ج5 ص260.

([19]) راجع: المصنف للصنعاني ج7 ص350 والدر المنثور ج6 ص40 و 41 عن عبد الرزاق، وعن عبد بن حميد، وابن المنذر، والغدير ج6 ص93 والإمام علي بن = = أبي طالب «عليه السلام» للهمداني ص682 والإستذكار لابن عبد البر ج7 ص492 وكنز العمال ج6 ص205 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج31 ص503.

([20]) راجع: ذخائر العقبى ص81 وأحكام القرآن للجصاص ج1 ص504 و (ط دار الكتب العلمية) ج1 ص515 والمناقب للخوارزمي ص95 وتذكرة الخواص ج1 ص561 وجامع بيان العلم لأبي عمر ج2 ص187 والرياض النضرة ج2 ص196 وبحار الأنوار ج40 ص227 وج101 ص3 وكفاية طالب ص334 ومناقب آل أبي طالب ج2 ص361 و (ط المكتبة الحيدرية) ج2 ص183 عن عمرن، وابن شعيب، وأبي الضحى، والأعمش، والقاضي أبي يوسف، والسنن الكبرى للبيهقي ج7 ص441 و 442 والغدير ج6 ص113 و 114 والمحرر الوجيز ج1 ص317 والجامع لأحكام القرآن ج3 ص194 وشرح إحقاق الحق (الملحقـات) ج31 ص482 ومستـدرك الـوسـائـل ج14 ص396 وكتـاب = = الأربعين للماحوزي ص471 وجامع أحاديث الشيعة ج20 ص450 والمصنف لابن أبي شيبة ج3 ص406 وج4 ص122 والإستذكار ج5 ص475 ونظم درر السمطين ص131.

([21]) الغدير ج6 ص94 وج8 ص97 عن الموطأ ج2 ص176 وأبي عمر في العلم ص150 وتفسير القرآن العظيم ج4 ص157 و (ط دار المعرفة) ج4 ص169 والسنن الكبرى للبيهقي ج7 ص442 وأضواء البيان ج5 ص391 وج7 ص149 وتاريخ المدينة لابن شبة ج3 ص979 وتاريخ اليعقوبي ج2 ص174 وتيسير الوصول ج2 ص9 والدر المنثور ج6 ص40 عن ابن المنذر، وابن أبي حاتم، والميزان ج18 ص207 وتفسير ابن أبي حاتم ج10 ص3293 وسبل الهدى والرشاد ج11 ص289 وراجع: الطرائف لابن طاووس ص487 وبحار الأنوار ج31 ص246 وج40 ص236 وعمـدة القـاري ج21 ص18 والمصنف للصنعاني ج7 ص351  والإستذكار ج7 ص491 وكنز العمال ج5 ص419 وجامع البيان ج2 ص666 ومعاني القرآن للنحاس ج1 ص215 وأحكام القرآن للجصاص ج3 ص517 وتفسير السمعاني ج1 ص236 والجامع لأحكام القرآن ج16 ص120 و 193 وسبل الهدى والرشاد ج11 ص289 ونهج الحق ص302.

([22]) السنن الكبرى للبيهقي ج7 ص441 و 442 باب اجتماع العدتين، والحديث الرابع في الباب الذي بعده، والغدير ج6 ص114.

([23]) الغدير ج6 ص174 وج8 ص227 عن كتاب الأم للشافعي ج1 ص135 و (ط دار الفكر) ج1 ص178 و (ط أخرى) ج1 ص157 وج9 ص3 واختلاف الحديث للشافعي (مطبوع بهامش كتاب الأم) ج7 ص144 (ج7 ص507) والسنن الكبرى للبيهقي ج8 ص238 وذكر أبو عمر شطراً منه في العلم ص148 (ص308 ح1548). والمصنف للصنعاني ج7 ص403 و 404 ومعرفة السنن والآثار ج6 ص356 والمسند للشافعي (ط دار الكتب العلمية) ص168 و (ط دار الفكر) ج1 ص301 والمحلى لابن حزم ج11 ص184 و 402 وكنز العمال ج5 ص416 والإحكام لابن حزم ج4 ص536 وتاريخ المدينة لابن شبة ج3 ص851.

([24]) الطرق الحكمية ص65 والنص والإجتهاد ص377 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج17 ص455.

([25]) الكافي ج7 ص241 وعلل الشرائع ج2 ص538 والإستبصار ج4 ص237 وتهذيب الأحكام ج10 ص92 ووسائل الشيعة (ط مؤسسة آل البيت) ج28 = = ص228 و 375 و (ط دار الإسلامية) ج18 ص472 و 584 ورياض المسائل ج13 ص541 وجواهر الكلام ج41 ص257 وبحار الأنوار ج76 ص102 وجامع أحاديث الشيعة ج25 ص510 وج26 ص88.

([26]) تهذيب الأحكام ج10 ص144 وتحرير الأحكام للعلامة الحلي ج5 ص411 وجواهر الكلام ج41 ص392 ووسائل الشيعة (ط مؤسسة آل البيت) ج28 ص374 و (ط دار الإسلامية) ج18 ص583 وراجع: الكافي ج7 ص240 وجامع أحاديث الشيعة ج26 ص88.

([27]) سنن الدارمي ج2 ص176 والغدير ج6 ص175 عنه، وعن المصادر التالية: صحيح البخاري ج6 ص2512 و (ط دار الفكر) ج8 ص32 باب كم التعزير والأدب، وسنن أبي داود ج4 ص167 وعن صحيح مسلم ج3 ص540 و (ط دار الفكر) ج5 ص126 ومستدرك الحاكم ج4 ص382 و (تحقيق المرعشلي) ج4 ص370 والسنن الكبرى للبيهقي ج8 ص327 و 328. والمجموع للنووي ج20 ص123 وروضة الطالبين ج7 ص382 ومغني المحتاج ج4 ص193 والمغني لابن قدامة ج8 ص163 وج10 ص347 والمحلى لابن حزم ج8 ص172 وج11 ص173 وسبل السلام ج4 ص37 ونيل الأوطار ج7 ص328 ومن لا يحضره الفقيه ج4 ص73 ووسائل الشيعة (ط مؤسسة آل البيت) ج28 ص375 و (ط دار الإسلامية) ج18 ص584 وجامع أحاديث الشيعة ج25 ص278 وج26 ص88 ومسند أحمد ج4 ص45 وشرح مسلم للنووي ج11 ص221 وفتح الباري ج12 ص157 وعمدة القاري ج24 ص24 والمصنف لابن أبي شيبة ج6 ص567 ومنتخب مسند عبد بن حميد ص143 وبغية الباحث ص181 والآحاد والمثاني ج3 ص466 والسنن الكبرى للنسائي ج4 ص320 وصحيح ابن حبان ج10 ص307 والمعجم الكبير للطبراني ج22 ص196 وسنن الدارقطني ج3 ص144 ومعرفة السنن والآثار ج6 ص470 والإستيعاب ج4 ص1610 ونصب الراية ج4 ص175 والدراية في تخريـج أحاديث الهـدايـة ج2 ص107 وكنز العـمال ج5 ص304 و 396 = = وعلل الدارقطني ج6 ص22 وأسد الغابة ج3 ص326 وج5 ص145 والإصابة ج4 ص305 وج 2 ص423 وسبل الهدى والرشاد ج9 ص198.

([28]) سنن ابن ماجة ج2 ص867 والغدير ج6 ص175 وفتح الباري ج12 ص157 والجامع الصغير للسيوطي ج2 ص741 وكنز العمال ج5 ص390 و 395 وسبل الهدى والرشاد ج9 ص198.

([29]) الآية 173 من سورة البقرة.

([30]) راجع: الطرق الحكمية لابن قيم الجوزية ص63 و 64 وكنز العمال ج5 ص456 عن البغوي. وراجع: السنن الكبرى للبيهقي ج8 ص236 و 411 والرياض النضرة ج3 ص144 وذخائر العقبى ص81 والغدير ج6 ص119 و 120 ومناقب آل أبي طالب ج2 ص369 و (ط المكتبة الحيدرية) ج2 ص190 ووسائل الشيعة (ط مؤسسة آل البيت) ج28 ص112 و (ط دار الإسلامية) ج18 ص384 ومن لا يحضره الفقيه ج4 ص25 والإرشاد ج1 ص206 و 207 وتهذيب الأحكام ج10 ص49 وتفسير العياشي ج1 ص74 والنص  والإجتهاد ص376 وجامع أحاديث الشيعة ج25 ص370 وبحار الأنوار ج40 ص253 وج76 ص50 والمغني لابن قدامة ج10 ص159 ومستدرك سفينة البحار ج4 ص328 وج6 ص458 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج17 ص456 وج32 ص137 و 167 وعجائب أحكام أمير المؤمنين «عليه السلام» ص61 والشرح الكبير لابن قدمة ج10 ص185.

 
   
 
 

العودة إلى موقع الميزان