صفحة :41-84   

1- الفصل الثاني: حديث سارية.. وأحداث أخرى

 2- يا سارية الجبل:

عن ابن عمر: أن عمر بن الخطاب بعث جيشاً، وأمَّر عليهم رجلاً يدعى سارية بن زنيم، قال: فبينا عمر يخطب، إذ جعل يصيح، وهو على المنبر: يا سارية الجبل، يا سارية الجبل، يا سارية الجبل.

قال: فقدم رسول الجيش على عمر، فسأله عما جرى لذلك الجيش، فقال: يا أمير المؤمنين، لقينا عدونا فهزمونا، فإذا صائح يصيح: يا سارية الجبل، يا سارية الجبل، يا سارية الجبل. فأسندنا ظهورنا إلى الجبل، فهزمهم الله.

فقيل لعمر: إنك كنت تصيح بذلك([1]).

وفي حديث آخر: أنه قال: يا سارية بن زنيم الجبل، ظلم من استرعى الذئب الغنم، وفي آخره: فقيل لعمر: ما ذلك الكلام؟!

فقال: والله، ما ألقيت له بالاً، شيء أتى على لساني([2]).

وفي نص آخر: إن سارية كان في فسا، ودارابجرد([3]).

وقيل: بنهاوند([4]).

ويبدو أن ذلك كان في سنة ثلاث وعشرين.

ونقول:

في هذه الروايات مواضع للبحث، فلاحظ ما يلي:

3- التناقض والإختلاف:

في رواية سارية تناقضات تدل على أن ثمة تصرفاً في بعضها على الأقل:

فبعضها يقول: إن سارية ومن معه قد هزموا كما تقدم.

وبعضها يقول: إنهم كانوا يحاصرون الأعداء، ولم يمكنهم فتح حصنهم إلا بالصعود للجبل بعد سماعهم النداء([5]).

كما أن قول عمر: إنه لم يلق بالاً للنداء الذي صدر عنه يتناقض مع ما ذكرته رواية أخرى ذكرها ابن عساكر في كتابه([6])، فراجع.

قال ابن بدران: «مهما اختلفت الروايات وتعددت، فإن أصل القصة صحيح والله أعلم»([7]).

4- ضعف سند الرواية:

وعن سند الرواية نقول:

قال محمد بن درويش الحوت عن قصة سارية: «روى قصته الواحدي، والبيهقي بسند ضعيف، وهم في المناقب يتوسعون»([8]).

وقال أبو القاسم الكوفي:

«على أنَّا قد رأينا جماعة من فقهاء أصحاب الحديث ينكرون صحة هذا الخبر، ويبطلونه، ويطعنون على الرواي له. وفي هذا كفاية لمن فهم ونظر»([9]).

5- أبو حنيفة ومؤمن الطاق:

قال ابن كثير عن حديث رد الشمس:

«روي عن أبي حنيفة: إنكاره، والتهكم بمن رواه. قال أبو عباس بن عقدة: حدثنا جعفر بن محمد بن عمير، حدثنا سليمان بن عباد: سمعت بشار بن دراع، قال: لقي أبو حنيفة محمد بن النعمان، فقال: عمن رويت حديث رد الشمس؟!

فقال: عن غير الذي رويت عنه: يا سارية الجبل»([10]).

وفي نص آخر: أن أبا حنيفة قال له ذلك كالمنكر عليه.. وأن مؤمن الطاق أجابه: عمن رويت أنت عنه: يا سارية الجبل([11]).

وهذا يدل على: أن مؤمن الطاق ينكر ويتهكم بمن يروي حديث: «يا سارية الجبل».

وقد حاول ابن كثير أن يخفف من وقع جواب مؤمن الطاق، فقال: «وقول محمد بن النعمان له ليس بجواب، بل مجرد معارضة بما لا يجدي، أي أنا رويت في فضل علي هذا الحديث، وهو إن كان مستغرباً، فهو في الغرابة نظير ما رويته أنت في فضل عمر بن الخطاب في قوله: يا سارية الجبل.

وهذا ليس بصحيح من محمد بن النعمان، فإن هذا ليس كهذا إسناداً ولا متناً، وأين مكاشفة إمام قد شهد الشارع له بأنه محدث بأمر خبر رد الشمس طالعة بعد مغيبها، الذي هو أكبر علامات الساعة»([12]).

ونقول لابن كثير:

أولاً: إن حديث رد الشمس متواتر وقطعي الصدور، فقد روي في مصادر أهل السنة عن ثلاثة عشر صحابياً([13]).

وروي عن بعضهم بطرق عديدة، فقد روي عن أسماء مثلاً بخمسة طرق([14]).

وصرح الطحاوي، والقاضي عياض بصحته([15]).

وحسَّنه شيخ الإسلام أبو زرعة، وتبعه غيره([16]).

وأخرجه ابن مندة، وابن شاهين بإسناد حسن.

ورواه ابن مردويه، عن أبي هريرة بإسناد حسن.

ورواه الطبراني في الكبير بإسناد حسن، كما حكاه ولي الدين العراقي([17]).

وأورد طرقه السيوطي في كتابه كشف اللبس بأسانيد كثيرة، وصححه بما لا مزيد عليه([18]).

وقالوا أيضاً: رواه الطبراني بأسانيد رجال أكثرها ثقات([19]).

ثانياً: لو كان كلام مؤمن الطاق لا يجدي، بل هو لمجرد المعارضة لاعترض عليه أبو حنيفة مباشرة، وقال له: إن هذا قياس مع الفارق.. ولذكر له: أن رواة حديث سارية من الثقات الأثبات، بخلاف حديث رد الشمس.

ثالثاً: من الذي قال: إن المقصود مجرد المعارضة، لبيان المشابهة في الغرابة؟! فإن هذا مجرد افتراض، لا سيما وأن السؤال هو عن رواة حديث رد الشمس، فاللازم هو المقارنة بينهم وبين رواة حديث سارية..

وليس في الكلام أية إشارة إلى استغراب الحدث نفسه.. ولو أن مؤمن الطاق قصد ذلك لاعترض عليه أبو حنيفة: بأن هذا خروج عن محل الكلام.

رابعاً: بالنسبة للحديث عن كون عمر محدثاً نقول:

إن هذا أول الكلام، وهو يحتاج إلى إثبات.. وإنما يرويه له أتباعه ومحبوه، ولا يعترف له به غيرهم، بل يرون في سيرته مع الناس، ومع رسول الله «صلى الله عليه وآله» خصوصاً قوله في مرض موته «صلى الله عليه وآله»: إن النبي ليهجر، أو نحو ذلك. ما يمنع من صحة هذه الأحاديث في حقه..

خامساً: بالنسبة لكون رد الشمس حدثاً كونياً عظيماً، لا يقاس بحديث سارية نقول:

ألف: إن مؤمن الطاق لم يقايسه به، بل قايس سند هذا بسند ذاك.

ب: إن حادثة رد الشمس كونية كحادثة شق القمر، فلماذا قبل ابن كثير هذه ورد تلك؟!

وقد تحدثنا عن هذه القضية في كتابنا: رد الشمس لعلي «عليه السلام» فراجع.

6- أبو القاسم الكوفي ماذا يقول؟!:

قال أبو القاسم الكوفي عن حديث سارية:

«ومثله في الكذب والمحال، وفظيع المقال روايتهم: أن عمر نادى في المدينة: يا سارية الجبل، وهو بنهاوند، فسمع سارية وهو بنهاوند صوته حين وقعت عليه الهزيمة وعلى أصحابه، وهو يقول: يا سارية الجبل، يا سارية الجبل.

فهذه معجزة من أجلِّ معجزات الرسل والأنبياء «عليهم السلام»، لو ظهرت منهم، و (لم) نجد مثلها لأحد منهم.

ولعمري لو ظهرت منهم ما استبعدنا ذلك ولا استعظمناه منهم، ولكنها عند كثير من الناس من المحالات ولو رويت.

ومن كان في محل من يأتي بمثل هذه المعجزة، من المحال أن لا يأتي بآية دونها أو مثلها، أو فوقها.

فلما لم يجد القوم لها نظيراً في المعجزات ولا ما هو دونها، ووجدنا مع ذلك أولياءه إذا طولبوا بالإقرار: أنه كان له أو لمن تقدم من صاحبه الذي هو عندهم أفضل منه معجزة أنكروا أن تكون المعجزات إلا للرسل، وكان هذا كله دالاً على إبطال تخرصهم([20]).

7- راوية الخصيبي:

وقد روى الخصيبي هذه الرواية بنحو آخر، فقال ما ملخصه:

عن جابر بن عبد الله الأنصاري: إن عمر خلا بأمير المؤمنين «عليه السلام» ملياً، ثم رقيا منبر رسول الله «صلى الله عليه وآله» جميعاً، فمسح أمير المؤمنين «عليه السلام» على وجه عمر، فصار عمر يرتعد، ويقول: لا حول ولا قوة إلا بالله، ثم صاح ملء صوته: يا سارية الجأ [إلى] الجبل..

ثم لم يلبث أن قبل صدر أمير المؤمنين، ثم نزل وهو ضاحك.

فطالبه علي «عليه السلام» أن يفعل ما وعده به.

فقال له عمر: امهلني يا أبا الحسن حتى أنظر ما يرد من خبر سارية. وهل ما رأيته صحيحاً أم لا.

ثم سألوا علياً أمير المؤمنين «عليه السلام» عن حقيقة ما جرى، فأخبرهم: أن عمر أحب أن يعلم خبر جيوشه في نهاوند بعد قتل عمرو بن معدي كرب، فقال له الإمام «عليه السلام»: كيف تزعم أنك الخليفة في الأرض، والقائم مقام رسول الله «صلى الله عليه وآله» وأنت لا تعلم ما وراء أذنك وتحت قدمك؟! والإمام يرى الأرض ومن عليها، ولا يخفى عليه من أعمالهم شيء؟!

فقال لي: يا أبا الحسن، أنت بهذه الصورة؟! فأت خبر سارية، وأين هو؟! ومن معهم؟! وكيف صورهم؟!

فقلت له: يا ابن الخطاب، فان قلت لك لا تصدقني، ولكني أريك جيشك وأصحابك. وسارية قد كمن بهم جيش الجبل في واد قعيد [قفر خ. ل]، بعيد الأقطار، كثير الأشجار، فإن سار به جيشك يسيراً خلصوا بها، وإلا قتل أول جيشك وآخره.

فقال: يا أبا الحسن، ما لهم ملجأ منهم، ولا يخرجون من ذلك الوادي؟!.

ثم طلب عمر منه: أن يريه إياهم، أو أن يحذرهم من عدوهم، فأخذ عليه عهداً إن رقى به المنبر، وكشف عن بصره، وأراه جيشه، وصاح بهم وسمعوه، ولجأوا إلى الجبل، وظفروا بعدوّهم أن يخلع نفسه، ويسلم إليه حقه..

إلى أن قال علي «عليه السلام»: ورقيت المنبر، فدعوت بدعوات، وسألت الله أن يريه ما قلت، ومسحت على عينيه، وكشفت عنه غطاءه، فنظر إلى سارية وسائر الجيش، وجيش الجبل، وما بقي إلا الهزيمة لجيشه.

فقلت له: صح يا عمر إن شئت.

قال: يسمع؟!

قلت: نعم، يسمع، ويبلغ صوتك إليهم.

فصاح الصيحة التي سمعتموها: يا سارية إلجأ [إلى] الجبل [الجبل]، فسمعوا صوته، ولجأوا إلى الجبل، فسلموا، وظفروا بجيش الجبل، فنزل ضاحكا كما رأيتموه، وخاطبته وخاطبني بما سمعتموه.

قال جابر: آمنا وصدقنا، وشك آخرون إلى ورود البريد بحكاية ما حكاه أمير المؤمنين، واراه عمر، ونادى بصوته، فكاد أكثر العوام المرتدين أن يعبدوا ابن الخطاب، وجعلوا هذا منقباً له، والله ما كان إلا منقلباً([21]).

ولم يف عمر بما كان قد وعد به كما هو معلوم.

ولعل هذه الرواية هي الأقرب والأصوب، فقد تعودنا الكثير مما يدخل في هذا السياق.

8- أين الإنصاف؟!:

وقد ذكرت بعض الروايات ما ملخصه:

أن الإمام الباقر «عليه السلام» شكا من ظلم كثير من الأمة لعلي.. فذكر «عليه السلام» أنهم يتولون محبي أبي بكر، ويبرؤون من أعدائه كائناً من كان، وكذلك الحال بالنسبة لعمر وعثمان.. فإذا وصل الأمر لعلي، قالوا: نتولى محبيه، ولا نتبرأ من أعدائه، بل نحبهم..

مع أن رسول الله «صلى الله عليه وآله» يقول: اللهم والِ من والاه وعادِ من عاداه، كما أنهم إذا ذكر لهم ما اختص الله به علياً «عليه السلام»، بدعاء رسول الله «صلى الله عليه وآله»، وكرامته على ربه جحدوه.. وهم يقبلون ما يذكر لهم في غيره من الصحابة.

هذا عمر بن الخطاب إذا قيل لهم: إنه كان على المنبر بالمدينة يخطب إذ نادى في خلال خطبته: يا سارية الجبل (وكان سارية بنهاوند)..

إلى أن قال: وكان بين المدينة ونهاوند مسيرة أكثر من خمسين يوماً. فإذا كان هذا لعمر، فكيف لا يكون مثل هذا لعلي بن أبي طالب «عليه السلام»، لكنهم قوم لا ينصفون، بل يكابرون([22]).

9- علي ووضع الجزية على بني تغلب:

وكان رسول الله «صلى الله عليه وآله» قد عاهد وفد بني تغلب على ألا يُنصِّروا وليداً، فكان ذلك الشرط على الوفد، وعلى من وفّدهم، ولم يكن على غيرهم.

فلما كان زمان عمر، وبالتحديد في السنة السابعة عشرة، قال مسلموهم: لا تنفروهم بالخراج فيذهبوا، ولكن أضعفوا عليهم الصدقة التي تأخذونها من أموالهم ـ فيكون جِزاءً (أي جزية)، فإنهم يغضبون من ذكر الجِزاء ـ على ألا ينصروا مولوداً إذا أسلم آباؤهم.

فخرج وفدهم في ذلك إلى عمر.. فلما بعث الوليد إليه برؤوس النصارى وبديانيهم قال لهم عمر: أدوا الجزية..

فقالوا لعمر: أبلغنا مأمننا، والله لئن وضعت علينا الجزية لندخلن أرض الروم».

إلى أن تقول الرواية:

«قالوا: فخذ منا شيئاً ولا تسمه جزاءً.

فقال: أما نحن فنسميه جِزاءً، وسموه أنتم ما شئتم.

فقال له علي بن أبي طالب «عليه السلام»: يا أمير المؤمنين، ألم يضعف عليهم سعد بن مالك الصدقة؟!

قال: بلى، وأصغى إليه، فرضي به منهم جزاءً، فرجعوا على ذلك الخ..»([23]).

ونقول:

إن لنا مع هذا النص وقفات، نجملها على النحو التالي:

10- الفطرة.. والتنصر، والتهويد:

لقد منَّ الله عز وجل على الإنسان بهدايات مختلفة، من شأنها لو استفاد منها أن توصله إلى موقعه الطبيعي الذي يليق به، وبدون هذه الإستفادة سيرى نفسه في غير الموقع اللائق به، وليس له أن يضع نفسه في أي موقع آخر، لأن ذلك سيكون من الخطأ الذي يجلب له ولغيره المتاعب، والمصاعب، والمصائب، وينتهي به إلى الخراب والدمار والبوار..

فهناك هداية تكوينية، وإلهامية، وفطرية، وحسية، وعقلية، وتشريعية، وهي هدايات يترتب اللاحق منها على السابق، ويحتاج إليه. ولذلك شرط عليه أن يكون وصوله إلى الهداية التشريعية من خلال الهدايات التي سبقتها، وبالإعتماد عليها والإستناد إليها.

وقد منع أياً كان من الناس حتى الأبوين من تجاوز هذه الهدايات في تعامله مع الآخرين، لأن ذلك يعتبر ذلك من الظلم القبيح، ومن التعدي على الحقوق الذي لا مجال للرضا به، ولا السكوت عنه.

فليس لأحد أن يهيمن على الفطرة، أو أن يمنع العقل من ممارسة دوره، أو أن يستغني عن خدمات الحواس وينكر ما تؤدي إليه. أو أن يصادر دور التشريع الإلهي في حياته. إذا كان قد حصل على هذا التشريع من خلال الهداية العقلية، والفطرية وسواهما مما تقدم، من حيث إنها تصله بالهداية التشريعية من خلال المعجزة القاهرة للعقل.. وهذه المعجزة هي التي دلت على صدق الأنبياء.. بالإضافة إلى سائر الدلائل والشواهد التي يرضاها العقل، وتؤيدها سائر الهدايات بصورة صريحة وواضحة..

ولأجل ذلك جاز للنبي «صلى الله عليه وآله» أن يشترط على وفد بني تغلب ومن وفّدهم أن لا ينصروا وليداً، بل عليهم أن يفسحوا المجال لعقله، ولفطرته، وسائر هداياته وقدراته وإمكاناته لتكون هي التي تختار له، وتهديه السبيل.

وقد روي عن رسول الله «صلى الله عليه وآله» أنه قال: كل مولود يولد على الفطرة إلا أن أبويه يهودانه، أو ينصرانه، أو يمجسانه([24]).

11- سياسة عمر مع نصارى تغلب خاطئة:

ثم إن من حقنا أن نسأل عن السبب الذي دعا عمر بن الخطاب إلى تغيير سياسته مع نصارى تغلب، وعدوله عن السياسة النبوية المباركة إلى العمل بهذا الرأي، الذي احتاج علي «عليه السلام» إلى التدخل لإيقافه، وردعه عنه..

واللافت هنا: أن مسلمي بني تغلب قد حذروا عمر من اعتماد هذه السياسة، وبينوا له أن وضع الخراج على نصارى تغلب يؤدي إلى نفورهم، وتركهم البلاد، ودخولهم بلاد الروم.

وذكروا له: أنه إذا كان الهدف هو الحصول على المزيد من المال منهم، فيمكن زيادة مقدار الصدقة التي تؤخذ من أموالهم شرط ألا ينصِّروا أولادهم إذا أسلم آباؤهم.

ولكن عمر أصر على رأيه، وطلب من وفدهم الجزية.. رغم أن رفقه بهم سوف يهيء الأجواء لدخول الكثيرين منهم في الإسلام، مع وجود ضمانات لأبنائهم أن لا يتعرضوا للتنصير أيضاً، الأمر الذي من شأنه أن يؤدي إلى استيعابهم، ودخولهم في الإسلام بصورة تدريجية، حتى ينتهي الأمر إلى تلاشي النصرانية ليحل الإسلام محلها..

فإصرار عمر على مخالفة السياسة النبوية من شأنه تضييع هذا الإنجاز العظيم الذي جاء وفق خطة حكيمة ورائعة.

12- تدخل علي أنقذ الموقف:

وقد أعاد تدخل أمير المؤمنين «عليه السلام» الأمور إلى نصابها. حيث أقنع عمر بن الخطاب بأن يكتفي بما صنعه سعد بن مالك، من إضعاف الصدقة عليهم، لكي تبقى الفرصة متاحة لاستيعاب نصارى تغلب في الإسلام بصورة هادئة ومعقولة.. وإن كان عمر قد أصر على توصيفه بأنه جزية..

ولكن هذا الإصرار يبقى في حدوده كشخص، يريد أن يحفظ ماء الوجه، ولا يريد أن يكون تراجعه صريحاً وظاهراً..

13- حيرة عمر في أمر المجوس:

وروى جابر بن يزيد، وعمر بن أوس، وابن مسعود، واللفظ له: أن عمر قال: لا أدري ما أصنع بالمجوس!! أين عبد الله بن عباس؟!

قالوا: ها هو ذا.

فجاء فقال: ما سمعت علياً يقول في المجوس، فإن كنت لم تسمعه، فاسأله عن ذلك.

فمضى ابن عباس إلى علي «عليه السلام»، فسأله عن ذلك، فقال: {أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ}([25])، ثم أفتاه([26]).

14- للمجوس كتاب، ورفع:

عن ابن جبير قال: لما انهزم أسفيذ هميار (أهل أسفندهان) قال عمر: ما هم بيهود، ولا نصارى، ولا لهم كتاب. وكانوا مجوساً.

فقال علي بن أبي طالب «عليه السلام»: بلى، كان لهم كتاب، ولكنه رفع، وذلك أن ملكاً لهم سكر، فوقع على ابنته ـ أو قال على أخته ـ فلما أفاق قال: كيف الخروج منها؟!

قيل: تجمع أهل مملكتك فتخبرهم أنك ترى ذلك حلالاً، وتأمرهم أن يُحِلُّوه.

فجمعهم، وأخبرهم أن يتابعوه، فأبوا أن يتابعوه؛ فخدّ لهم أخدوداً في الأرض، وأوقد فيه النار، وعرضهم عليها، فمن أبى قبول ذلك قذفه في النار، ومن أجاب خلى سبيله([27]).

ونقول:

1 ـ إن رجوع عمر إلى أمير المؤمنين «عليه السلام» يمثل اعترافاً علنياً بأنه هو المرجع في الأمور، ومنه تلتمس الهداية.

2 ـ إن أمير المؤمنين «عليه السلام» قرأ الآية الكريمة ليبين: أن الإمامة إنما هي لمن يهدي إلى الحق، أما الذي يحتاج إلى غيره ليهديه، فلا يحق له أن يتصدى لهذا المقام.

غير أن اللافت في هذه الآية هو: أنها تتحدث عن اتباع الناس لمن لا يملك الهداية لهم.. وتقول: إن على الناس أن يكفوا عن اتباعه.

كما أن هذه الآية تدل على أن من واجب عمر بن الخطاب أن يتبع من يهديه إلى الحق.. وهو علي أمير المؤمنين «عليه السلام»..

أما علي «عليه السلام» فليس له أن يتبع عمر، لأن عمر لا يهدِّي إلا أن يهدى..

15- علي يجلد عبيد الله بن عمر الحد:

عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن إبن بكير، عن زرارة، قال: سمعت أبا جعفر «عليه السلام» يقول: أقيم عبيد الله بن عمر، وقد شرب الخمر، فأمر به عمر أن يضرب، فلم يتقدم إليه أحد يضربه، حتى قام علي «عليه السلام» بنسعةٍ مثنية، لها طرفان. فضربه بها أربعين([28]).

وسند الحديث موثق كالصحيح.

ونقول:

1 ـ يستفاد من هذا الحديث: أنه إذا كان السوط ذا شعبتين اكتفي بالأربعين، وكذلك فعل «عليه السلام» بالوليد بن عقبة، فإنه جلده بسوط له شعبتان أربعين جلدة([29]).

2 ـ ذكر بعضهم: أن أبا شحمة ابن لعمر اعترف بالزنى، فلما أمر أبوه بأخذه، قال أبو شحمة: معاشر المسلمين، من فعل فعلي في جاهلية أو إسلام، فلا يأخذني.

فقام علي بن أبي طالب، فقال لولده الحسن، فأخذه بيمينه، وقال لولده الحسين، فأخذ بيساره، ثم ضربه ستة عشر سوطاً، فأغمي عليه. ثم قال: إذا وافيت ربك، فقل: ضربني الحد من ليس لك في جنبيه حد.

ثم قام عمر، حتى أقام عليه تمام مئة سوط، فمات من ذلك إلخ([30])..

3 ـ إننا لا نرى مبرراً لاشتراط أبي شحمة أن يجلده الحد من لم يفعل مثل فعله في جاهلية ولا إسلام، لأسباب:

أولها: إنه قد مر على ظهور الإسلام وقت يسمح لثلة كبيرة قضت عدة سنوات من حين بلوغها إلى ذلك الوقت في أحضان الإسلام، وعاشت أجواءه، أن تعيش كل حياتها بالطهارة والعفة، ولا تسمح لنفسها بارتكاب جريمة الزنا، ولعل بعضهم كان قد جاوز سن العشرين حتى بلغ الثلاثين.

الثاني: إن الله تعالى قد أخبر عن تطهير أهل البيت، ومنهم علي والحسنان «عليهم السلام». والذين طهرهم الله سبحانه لا يمكن أن تصدر منهم صغائر الذنوب، فضلاً عن كبائرها، وهو يعلم: أن هؤلاء لا يزالون على قيد الحياة، فما معنى أن يفترض عدم وجود من هو بريء من هذا الفعل؟!

الثالث: لماذا اشترط أبو شحمة أن لا يكون من يجري عليه الحد قد ارتكب ذلك الأمر الشنيع في الجاهلية، فإن الإسلام يجب ما قبله، ولا يؤخذ به فاعله، وإنما يؤخذ الإنسان بما يصدر منه بعد دخوله في هذا الدين، فإن كان ممن ظهرت عدالته، وصحت توبته، فما المانع من أن يشارك في إقامة الحد على غيره.. فإنه ليس لله في جنبيه حد.

4 ـ إن ظاهر الروايتين اللتين ذكرناهما: أن علياً «عليه السلام» قد باشر إقامة الحد على ولدين لعمر: هما عبد الرحمان، وأبو شحمة.. وأن السبب في الأول هو شربه للخمر، والسبب في الثاني هو الزنا..

وأنه «عليه السلام» قد أقام الحد بتمامه على شارب الخمر، أما الثاني فضربه بعض الحد، وهو ستة عشر سوطاً، وترك الباقي لغيره..

5 ـ لم نستطع أن نعرف السبب في اكتفائه بستة عشر سوطاً بالتحديد، ولم يكمل العدد، غير أننا ندرك: أنه «عليه السلام» أراد أن يثبت لأبي شحمة وللناس طهارته، وتصديق الآية الشريفة النازلة فيه وفي ولديه؟! كما صرح هو نفسه به.

وأن يدل بتركه إتمام الحد إلى غيره على أنه يجوز لمن كان في جنبه حد أن يقيم الحد على غيره، لا سيما إذا كان تائباً توبة نصوحاً، ويعرفهم بذلك أن النهي عن تولي من في جنبه حد إقامة الحد على غيره إنما يراد به مجرد الكراهة لا التحريم البات.

6 ـ ثمة من يدعي: أن الصحابة كلهم عدول، وأنهم لا يقدمون على معصية الله تبارك وتعالى، فما معنى امتناعهم عن إقامة حد من حدود الله محاباة للسلطان؟! رغم أن السلطان نفسه يطالبهم بإجراء الحد!!..

إلا إن كانوا يتخوفون من نوايا عمر تجاه من يقدم منهم على ذلك..

7 ـ وما أشبه ما جرى لعلي «عليه السلام» مع ابن عمر، مع ما جرى له «عليه السلام» مع أخي عثمان من الرضاعة، أعني الوليد بن عقبة، حيث لم يقدم الناس على ضربه الحد، حتى بادر أمير المؤمنين «عليه السلام» إلى ذلك قائلاً: لتدعونِّي قريش جلادها، كما سيأتي إن شاء الله تعالى.

16- ظاهرة شرب الخمر في بيت الخليفة:

وإذا راجعنا النصوص التاريخية، فسنجد أن أربعة من أبناء عمر بن الخطاب قد جلدوا الحد في الخمر، بل إن عمر نفسه كان يشرب المسكر أيضاً، ولكنه لم يجلد، لأن الأمر لم يصل به إلى حد السكر، كما يدعون.

بيان ذلك باختصار، أنهم يقولون:

1 ـ إن عبد الله بن عمر شرب الخمر، وجلد فيها.

قال السائب بن يزيد: إن عمر صلى على جنازة، ثم أقبل علينا بوجهه، فقال: إني وجدت من عبد الله ريح شراب، وإني سألته عنه، فزعم أنه خل، وإني سائل عنه، فإن كان مسكراً جلدته.

قال السائب: فأنا شهدته جلده الحد([31]).

2 ـ عبد الله بن عمر، ذكر ابن عبد ربه ـ وغيره ـ: أنه شرب الخمر بمصر، فحده هناك عمرو بن العاص سرّاً، فلما قدم على عمر جلده حداً آخر علانية([32]).

3 ـ عبد الرحمان بن عمر المعروف بأبي شحمة، حده أبوه في الشراب، وفي أمر أنكره عليه([33]).

والمراد بالأمر الذي أنكره عليه هو جريمة الزنا، حسبما تقدم.

4 ـ عاصم بن عمر: حده بعض ولاة المدينة في الشراب([34]).

5 ـ وأما شرب عمر للخمر، فقد تحدثنا عنه في كتابنا: الصحيح من سيرة النبي الأعظم «صلى الله عليه وآله». ونكتفي هنا بالإشارة إلى ما يلي:

ألف: إنه كان يشرب النبيذ ليقطع لحوم الإبل في بطنه حتى لا تؤذيه([35]) كما يزعم.

وسقوه حين طعن نبيذاً، وكان من أحب الشراب إليه، فخرج من جرحه([36]).

وهناك العديد من الروايات التي تدل على شرب عمر للنبيذ، فراجعها([37]).

ب: ساير رجل عمر بن الخطاب في سفر وكان صائماً، فلما أفطر أهوى إلى قربة لعمر، معلقة فيها نبيذ، فشرب منها فسكر، فضربه عمر الحد.

فقال له الرجل: إنما شربت من قربتك؟!

فقال له عمر: إنما جلدتك لسكرك، لا على شربك([38]).

ج: وأتي بإعرابي قد سكر، فطلب له عذراً، فلما أعياه قال: احبسوه، فإن صحا فاجلدوه.

ودعا عمر بفضله (أي بما فضل عنه)، ودعا بماء فصبه عليه، فكسره، ثم شرب، وسقى أصحابه، ثم قال: هكذا فاكسروه بالماء إذا غلبكم شيطانه.

قال: وكان يحب الشراب الشديد([39]).

17- إختلاف الصحابة في الموؤودة:

وذكروا: أن الصحابة اختلفوا في (الموؤودة) فقال لهم علي «عليه السلام»: إنها لا تكون موؤودة حتى يأتي عليها التارات السبع([40]).

فقال له عمر: صدقت أطال الله بقاك.

أراد بذلك المبينة في قوله: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ مِنْ سُلاَلَةٍ مِّن طِينٍ ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا المُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الخَالِقِينَ}([41])، فأشار أنه إذا استهل بعد الولادة ثم دفن فقد وئد([42]).

والذي يستوقفنا هنا:

1 ـ أن الصحابة كانوا عرباً، فكيف جهلوا معنى الموؤودة حتى بلغ بهم الأمر حد الإختلاف؟!.

2 ـ وإذا كان عمر قادراً على تأكيد صدق أمير المؤمنين «عليه السلام»، فلماذا لم يجهر بالمعنى الذي علمه، وقاس عليه كلامه «عليه السلام» حتى عرف صدقه، وجهر به، ودعا له؟!.

3 ـ على أن قوله تعالى: {بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ}([43]) إنما يصح لو كان قتل الموؤودة بنفس وأدها.. ودفنها وذلك لا يكون إلا إذا ولد حياً، ثم يقتل.. ولا يصدق الحياة ثم القتل إلا إذا مر بالأطوار السبع التي ذكرتها الآية الكريمة، قال تعالى:

{وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ مِنْ سُلاَلَةٍ مِنْ طِينٍ، ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ، ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا المُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحماً ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الخَالِقِينَ}([44]).

فكيف لا يعرف خليفة رسول الله «صلى الله عليه وآله» معنى هذه الكلمة وهي من مفردات اللغة التي يتكلم بها، ونشأ عليها؟!..

وليت شعري ما هو مقدار علمه بنظائر هذه الكلمة، فضلاً عن علمه بما هو أدق، وأعمق، سواء في اللغة العربية، أو في سائر المسائل ولا سيما المشكلة منها.

18- وزن القيد في رِجل السجين:

مرّ رجل مقيد برجلين، فحلف أحدهما بالطلاق الثلاث أن وزن قيده كذا وكذا. وحلف الآخر بخلاف مقاله. فسأل مولى العبد أن يحل قيده لكي يعرف وزنه، فأبى.

فارتفعا إلى عمر.

فقال لهما: اعتزلا نساءكما، وبعث إلى علي «عليه السلام»، وسأله عن ذلك.

فدعا «عليه السلام» بوعاء فوضع فيه علامة. وأمر الغلام أن يجعل رجله في الوعاء.

ثم أمر أن يصب الماء حتى غمر القيد والرجل.

ثم علّم في الوعاء علامة، وأمره أن يرفع قيده من رجله.

فنزل الماء من العلامة.

فدعا بالحديد فوضعه في الوعاء حتى تراجع الماء إلى موضعه.

ثم أمر أن يوزن الحديد، فوزن، فكان وزنه بمثل وزن القيد.

وأخرج القيد فوزن، فكان مثل ذلك.

فعجب عمر([45]).

19- علي ينجي طفلاً من موت محتم:

روي: أن امرأة تركت طفلاً ابن ستة أشهر على سطح، فمشى الطفل يحبو حتى خرج من السطح، وجلس على رأس الميزاب، فجاءت أمه على السطح فما قدرت عليه.

فجاؤوا بسلم ووضعوه على الجدار، فما قدروا على الطفل من أجل طول الميزاب وبعده عن السطح.

والأم تصيح، وأهل الصبي يبكون ـ وكان في أيام عمر بن الخطاب ـ فجاؤوا إليه، فحضر مع القوم، فتحيروا فيه، فقالوا: ما لهذا إلا علي بن أبي طالب «عليه السلام».

فحضر علي «عليه السلام»، فصاحت أم الصبي في وجهه.

فنظر أمير المؤمنين «عليه السلام» إلى الصبي، فتكلم الصبي بكلام لم يعرفه أحد.

فقال «عليه السلام»: أحضروا ههنا طفلاً مثله.

فأحضروه، فنظر بعضهما إلى بعض، وتكلم الطفلان بكلام الأطفال، فخرج الطفل من الميزاب إلى السطح، فوقع فرح في المدينة لم ير مثله.

ثم سألوا أمير المؤمنين «عليه السلام»: علمت كلامهما؟!

فقال: أما خطاب الطفل فإنه سلم علي بإمرة المؤمنين فرددت عليه، وما أردت خطابه، لأنه لم يبلغ حد الخطاب والتكليف، فأمرت بإحضار طفل مثله حتى يقول له بلسان الأطفال: يا أخي، ارجع إلى السطح ولا تحرق قلب أمك وعشيرتك بموتك.

فقال: دعني يا أخي قبل أن أبلغ، فيستولي علي الشيطان.

فقال: ارجع إلى السطح، فعسى أن تبلغ ويجيئ من صلبك ولد يحب الله ورسوله، ويوالي هذا الرجل.

فرجع إلى السطح بكرامة الله تعالى على يد أمير المؤمنين «عليه السلام»([46]).

 

ونقول:

1 ـ إن الناس يتوجهون بصورة عفوية إلى علي أمير المؤمنين «عليه السلام» ليحل لهم مشكلاتهم، ولينقذهم من المآزق الصعبة التي يجدون أنفسهم فيها. وقد حصل ذلك مرات ومرات.. مع أن الصحابة المدعين للأهلية، للمقامات كثر.. بل إنهم ليحاربون أوصياء الأنبياء، ليستأثروا لأنفسهم دونهم بمقام الوصاية، والخلافة والإمامة..

ولولا أن الأحداث قد أظهرت لعلي هذه القدرة على حل المشكلات، لما توجهت إليه القلوب والعقول، التماساً للأجوبة والحلول.

2 ـ إن تسليم ذلك الطفل على علي «عليه السلام» بإمرة المؤمنين، وسائر ما جرى بين الطفل ورفيقه يدل على:

ألف: أن للأطفال في عالمهم إدراكاً للحقائق، لا يقصر عن إدراك الكبار، وإن كان هذا الإدراك محجوباً عن الناس الذين لا يشاركونهم في حالة الطفولة.

ب: إن هذا الإدراك يفرض نفسه على بعض تصرفاتهم. ويدعوهم إلى الإلتزام بمقتضياته، حتى لقد رضي هذا الطفل بالخروج من الموضع الخطر إلى محل الأمان، استجابةً لما فرضه عليه إدراكه لواجب حياتي وإيماني، يعرف أن فيه رضا الله تبارك وتعالى..

ج: إن معرفة هذا الطفل بولاية أمير المؤمنين لم يكن نتيجة تلقين تلقاه من خارج ذاته، بواسطة أبويه أو غيرهم، بل كان نتيجة إلهام فطري، ولطف إلهي، ونفحة ربانيّة، هي التي دعت إلى التحذير من التلاعب بها في الحديث الشريف الذي يقول: «كل مولود يولد على الفطرة، إلا أن أبويه يهودانه، أو ينصرانه، أو يمجسانه»([47]).

د: هذه الحادثة تدلنا على أن الطفولة قد أوجبت الإعفاء من التكاليف، لا لأجل عدم إدراك الأطفال للحقائق، بل لعله لأجل عدم قدرتهم على الإستجابة لها تكويناً بالمستوى المطلوب، ولأن سعيهم للإستجابة لها، قد يعرضهم لسلبيات من محيطهم، ومن يحيط بهم.. لا طاقة لهم بتحملها..

3 ـ قد لوحظ: أن الإمام «عليه السلام» لم يشأ أن يصدر لذلك الطفل أمراً بالخروج من الموضع الخطر، لأنه لم يرد أن يدخله في مستوى آخر قد لا يقدر على الإستجابه لكل مقتضياته، بل أراد له أن يبقى في نفس الحال التي أراد الله تعالى له أن يكون فيها..

ولعل إصدار ذلك الأمر له يعرضه لتعديات من الناس الذين لا يدركون الواقع الذي يعيشه، قد تؤثر سلباً على تكوينه الروحي والمشاعري، ظناً منهم أن هذا النوع من التعامل مع الأطفال طبيعي، ومشروع.. ويدخل في نطاق التربية الصالحة، مع أن الأمر يكون على عكس ذلك تماماً.

4 ـ قد أوضح «عليه السلام» لمن حضر أن رجوع الطفل إلى بر الأمان لم يكن بصورة عفوية، ولا كان نتيجة مشاعر طفولة، بل كان عملاً جارياً وفق السنة التكوينية، القائمة على أساس التفاعل الإدراكي في أعلى مستوياته.. وهو قرار مستند إلى حكم عقلي، له مبانيه التكوينية، ومبرراته العقلانية الصحيحة والثابتة.

5 ـ قد أثبت هذا الحديث: أن كثيراً من الأمور التي تتفق للأطفال، ليست تصرفات عفوية، بل هي تخضع لموازين، ونتيجة قرارات لها مبرراتها، وإن كان الناس لا يدركون ذلك.

20- عمر وتفسير سبحان الله:

عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب، عن أحمد بن محمد بن عبد الله من ولد عمار، عن عبد الله بن يحيى بن عبد الباقي، عن علي بن الحسن المعافى، عن عبد الله بن يزيد، عن يحيى بن عقبة، عن ابن أبي الغيرار، عن محمد بن حجار، عن يزيد بن الأصم قال:

سأل رجل عمر بن الخطاب فقال: يا أمير المؤمنين ما تفسير {سُبْحَانَ اللهِ}؟!

قال: إن في هذا الحائط رجلاً كان إذا سئل أنبأ، وإذا سكت ابتدأ.

فدخل الرجل فإذا هو علي بن أبي طالب «عليه السلام»، فقال: يا أبا الحسن ما تفسير {سُبْحَانَ اللهِ}؟!

قال: هو تعظيم جلال الله عز وجل، وتنزيهه عما قال فيه كل مشرك، فإذا قالها العبد صلى عليه كل ملك([48]).

ونقول:

1 ـ لا نرى حاجةً إلى أي تعليق على هذه الرواية، سوى أن نعبر للقارئ الكريم عن مزيد استغرابنا من عدم معرفة عمر، وهو في موقع خلافة الرسول «صلى الله عليه وآله» بجواب هذا السؤال، الذي هو من أبده البديهيات، حتى احتاج إلى أن يحيل السائل على سيد الوصيين علي أمير المؤمنين «عليه السلام».

2 ـ وتتأكد هذه المفارقة ونحن نجد عمر نفسه كان  يعرف من أين تؤكل الكتف، وهو يدبر لتكريس سياساته كواقع لا يرى الناس مناصاً منه، ولا مندوحة عنه. فكيف نوفق بين هاتين الحالتين في هذا الرجل يا ترى.

3 ـ إن كلمة عمر عن علي «عليه السلام» التي برر بها إحالة السائل عليه تعطي: أن غير علي كان يفقد هذه الصفة التي أشار إليها، وهي اهتمام علي «عليه السلام» بالعلم وبالمعرفة، حتى إنه إذا سئل أنبأ، وإذا سُكِتَ ابتدأ.

فلماذا هذا الإعراض عن العلم منهم، وهذا التعلق والإهتمام به من علي «عليه السلام»؟!

4 ـ إن كلمة عمر هذه تشير إلى أن اهتمام علي «عليه السلام» كان منصباً على نشر علمه في الناس. فهو يجيب سائله، وهو أيضاً يبدأ جليسه ببيان الحقائق العلمية له، إذا اختار جليسه السكوت، لسبب أو لآخر.

5 ـ إن خيار علي «عليه السلام» هو إخراج الناس من ظلمات الجهل إلى نور العلم، وهذا هو خيار الإسلام الوحيد..

ولكن خيار غيره هو السعي لتجهيل الناس، وإبقائهم في ظلمات التخلف، لكي يتمكنوا بذلك من رقابهم، ومن الإمعان في التسلط عليهم.

6 ـ وكأن عمر كان يسعى لتكريس مفهوم يخفف من معاناته في نطاق المعرفة، والإجابة على الأسئلة، وهو: أنه لا يجب أن يكون الخليفة قادراً على الإجابة على جميع الأسئلة، ولا يجب أن يكون عالماً بكل العلوم، ولا عارفاً بجميع الشؤون..

ويريد أن يفصل بين العلم الخاص، وبين الإمامة، فلو بلغ العالم أعلى الدرجات في علمه فليس بالضرورة أن يكون أهلاً للخلافة، فإن للخلافة مؤهلات أخرى ليس العلم الخاص منها.

7 ـ إن عمر يريد بتعامله هذا أن يغطي على ضعفه بإظهار نفسه بمظهر الخليفة المتواضع، والمرن، والحكيم، والمنصف، والمتحري للصواب، والذي يعطي لكل ذي حق حقه.

21- رجفة بالمدينة في عهد عمر:

عن سليمان الشاذكوني قال: رجفت قبور البقيع على عهد عمر بن الخطاب، فضج أهل المدينة من ذلك، فخرج عمر وأصحاب رسول الله «صلى الله عليه وآله» يدعون لتسكن الرجفة، فما زالت تزيد إلى أن تعدى ذلك إلى حيطان المدينة، وعزم أهلها على الخروج عنها.

فعند ذلك قال عمر: علي بأبي الحسن علي بن أبي طالب، فحضر، فقال: يا أبا الحسن ألا ترى إلى قبور البقيع ورجفتها حتى تعدى ذلك إلى حيطان المدينة، وقد هم أهلها بالرحلة عنها.

فقال علي «عليه السلام»: علي بمائة رجل من أصحاب رسول الله «صلى الله عليه وآله» البدريين، فاختار من المائة عشرة، فجعلهم خلفه، وجعل التسعين من ورائهم، ولم يبق بالمدينة سوى هؤلاء إلا حضر، حتى لم يبق بالمدينة ثيب ولا عاتق إلا خرجت.

ثم دعا بأبي ذر ومقداد وسلمان وعمار، وقال [لهم]: كونوا بين يدي حتى أتوسط البقيع. والناس محدقون به، فضرب الأرض برجله، ثم قال: مالك (مالك مالك) ثلاثاً. فسكنت (الأرض).

فقال: صدق الله وصدق رسوله «صلى الله عليه وآله» لقد أنبأني بهذا الخبر، وهذا اليوم، وهذه الساعة، وباجتماع الناس له، إن الله عز وجل يقول في كتابه {إِذَا زُلْزِلَتِ الأرْضُ زِلْزَالَهَا، وَأَخْرَجَتِ الأرْضُ أَثْقَالَهَا، وَقَالَ الإِنْسَانُ مَا لَهَا}([49]) أما لو كانت هي هي، لقلت: مالها. وأخرجت الأرض لي أثقالها.

ثم انصرف، وانصرف الناس معه، وقد سكنت الرجفة([50]).

ونقول:

تقدم بعض الكلام حول حادثة شبيهة بهذه جرت له «عليه السلام» في عهد أبي بكر.. ونعتقد: أن ما ذكرناه هناك يكفي في توضيح بعض الأمور هنا، ولكننا نضيف هنا زيادة على ما سبق، ما يلي:

1 ـ إن عمر وسائر الصحابة بادروا إلى الدعاء لتسكن الرجفة. أي أنهم أرادوا أن يتولواهم دفع هذا الأمر المخيف عن أنفسهم..

ولم يلتفتوا إلى أن اختصاص الرجفة بالقبور أولاً ليس أمراً عادياً، بجميع المقاييس، بل هو فعل إلهي، يريد به تعالى إفهامهم أمراً خاصاً، هو على درجة كبيرة من الأهمية والحساسية. إذ هو ليس من الزلازل التي يتفق وقوعها، لأن الزلزال يهز الأرض كلها، وليس القبور وحسب.

2 ـ وليت شعري إذا كان الله سبحانه يريد أن يوجه أنظارهم إلى أمر بعينه له علاقة بالقبور وبمستقبلهم معها، فإن الخروج من المدينة، ثم الرحيل عنها لا يجديهم، ولا ينجيهم، فلا معنى لاتخاذهم قرار الخروج عنها.

3 ـ أظهرت الرواية: أن عمر بن الخطاب كان يعرف من هو حلّال المشاكل.. إنه علي بن أبي طالب «عليه السلام»، الذي يعرف أيضاً أنه يملك من الأسرار الغيبية ما يمكنه من التصرف حتى في الأمور التكوينية، ولو كانت مثل الرجفة والزلزال، وربما ما هو أعظم من ذلك.

4 ـ وما أشبه اختيار علي «عليه السلام» عشرة أشخاص من مئة من أهل بدر باختيار موسى قومه، كما قال الله تعالى: {وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً}([51]).

5 ـ كان بإمكانه «عليه السلام» أن يطلب من الأرض أن تسكن. وستطيعه في ذلك ـ من دون أن يختار أحداً من الناس.

فلماذا طلب مئة من أهل بدر، ثم اختار منهم عشرة، ثم قدم سلماناً وعماراً وأبا ذر، والمقداد.

ولعل الحكمة في هذا الإختيار، وفي هذا التصرف هو توجيه الناس في هذه الحالات الصعبة إلى قيمة أهل الإستقامة، وتعريف الناس بأهمية الإلتزام بنهج الحق.

وبآثار الجهاد والتضحية في سبيل الله..

وبأن هذه التضحيات لا تفقد قيمتها ولا أثرها بمرور الزمن.

وهو يدلهم أيضاً على: أن النتائج الظاهرة للأعمال الصالحة مثل تحقق النصر في الحرب ونحو ذلك هي أقل القليل بالنسبة لواقع النتائج الحقيقية في حجمها، وفي امتداداتها..

6 ـ وصرحت الرواية: بأن كل ما فعله «عليه السلام» قد جرى بحضور أهل المدينة عن آخرهم، فقامت بذلك الحجة على الجميع، وكل من حضر ورأى لا بد أن يسأل نفسه عن خلفيات ما رآه.. وأن يوازن بين من يدعي لنفسه موقع خلافة الرسول، ويبادر إلى اغتصاب مقام الخلافة من صاحبه الشرعي بقيمة ضرب الزهراء «عليها السلام» واسقاط جنينها، واتهام النبي «صلى الله عليه وآله» بالهجر.. وبين من أقصي عن موقعه بقيمة العدوان على بيته وزوجته سيدة نساء العالمين. وسكت امتثالاً لوصية رسول الله «صلى الله عليه وآله»، وخوفاً على الإسلام وأهله..


([1]) مختصر تاريخ دمشق ج9 ص184 و 185 وتهذيب تاريخ دمشق ج6 ص46 عن البيهقي، وكنز العمال ج12 ص571 وتاريخ مدينة دمشق ج20 ص24 و 25 والإصابة ج3 ص5 وتاريخ الإسلام للذهبي ج1 ص384 والبداية والنهاية ج7 ص147.

([2]) مختصر تاريخ دمشق ج9 ص185 وتهذيب تاريخ دمشق ج6 ص47 وكنز العمال ج12 ص581 وتاريخ مدينة دمشق ج20 ص25 والوافي بالوفيات ج15 ص48 والبداية والنهاية ج7 ص148.

([3]) مختصر تاريخ دمشق ج9 ص185 وتهذيب تاريخ دمشق ج6 ص47 وتاريخ مدينة دمشق ج20 ص26 والكامل في التاريخ ج3 ص42 وتاريخ الإسلام للذهبي ج3 ص249 والبداية والنهاية ج7 ص146 والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ق2 ص123.

([4]) الإستغاثة ج2 ص5 و (ط أخرى) ج2 ص48 وكشف الخفاء للعجلوني ج2 ص380 وتاريخ مدينة دمشق ج20 ص23 وتاريخ اليعقوبي ج2 ص156 وكتاب الفتوح لابن أعثم ج2 ص307 وتاج العروس ج16 ص327.

([5]) تهذيب تاريخ دمشق ج6 ص47 والبداية والنهاية ج7 ص148 وكنز العمال ج12 ص581 وتاريخ مدينة دمشق ج20 ص25 وتاريخ الإسلام للذهبي ج3 ص249 والوافي بالوفيات ج15 ص48 والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ق2 ص123.

([6]) تهذيب تاريخ دمشق ج6 ص47 وكنز العمال ج12 ص581 وتاريخ مدينة دمشق ج20 ص25 والوافي بالوفيات ج15 ص48.

([7]) تهذيب تاريخ دمشق ح6 ص48.

([8]) أسنى المطالب ص553 والغدير ج8 ص84.

([9]) الإستغاثة ج2 ص48 و (ط أخرى) ص150.

([10]) البداية والنهاية (ط دار إحياء التراث العربي ـ 1408هـ) ج6 ص93.

([11]) لسان الميزان ج5 ص301 وفتح الملك العلى لابن الصديق المغربي ص144.

([12]) البداية والنهاية ج6 ص93.

([13]) رد الشمس لعلي «عليه السلام» ص18 و 19.

([14]) السيرة الحلبية ج1 ص385 و 386 و (ط دار المعرفة 1400هـ) ج2 ص103 عن الإمتاع، ونسيم الرياض ج3 ص11 وراجع: السير النبوية لدحلان ج2 ص201 والغدير ج3 ص136 ورسائل في حديث رد الشمس للمحمودي ص63 ونظرة في كتاب الفصل في الملل ص108.

([15]) راجع: شرح المواهب اللدنية للزرقاني ج6 ص488 والصواعق المحرقة باب 9 فصل 3 ونسيم الريـاض ج3 ص11 عن الخفـاجي. والغـديـر ج3 ص133= = و 134 و 137 ورسائل في حديث رد الشمس للمحمودي ص67 و 117 و 184 وكشف الخفاء للعجلوني ج1 ص220 و 428 وتفسير الآلوسي ج23 ص194 والبداية والنهاية ج6 ص94 و 314 وسبل الهدى والرشاد ج9 ص437 ومناقب أهل البيت «عليهم السلام» للشيرواني ص183 وينابيع المودة ج2 ص409 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج5 ص532 وج16 ص325 وج21 ص266 وفلك النجاة لفتح الدين الحنفي ص193.

([16]) الصواعق المحرقة باب 9 فصل3. وراجع: كتاب الأربعين للماحوزي ص418 ومناقب أهل البيت «عليهم السلام» للشيرواني ص183 والغدير ج3 ص135 ورسائل في حديث رد الشمس للمحمودي ص61 وينابيع المودة ج1 ص418 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج20 ص619 وج21 ص266 وفلك النجاة لفتح الدين الحنفي ص194.

([17]) السيرة النبوية لدحلان ج2 ص201 وشرح المواهب للزرقاني ج6 ص488 ونسيم الرياض ج3 ص11 وشرح الشفاء للقادري (مطبوع مع نسيم الرياض) ج3 ص11.

([18]) نسيم الرياض ج3 ص12. وراجع: كشف الخفاء للعجلوني ج1 ص428.

([19]) نسيم الرياض ج3 ص10 وشرح الشفاء للقاري (بهامشه) ج3 ص10 ورسائل في حديث رد الشمس للمحمودي ص19 و 33.

([20]) الإستغاثة ج2 ص48 و (ط أخرى) ص150.

([21]) الهداية الكبرى ص170 ـ 172 ومدينة المعاجز ج2 ص14 ـ 18.

([22]) التفسير المنسوب للإمام الحسن العسكري ص562 و 563 والإحتجاج ج2 ص191 ـ 193 و (ط دار النعمان) ج2 ص66 ـ 68 وبحار الأنوار ج21 ص239 و 240 وراجع: ص244 وراجع: فضائل الخمسة ج1 ص347.

([23]) تاريخ الأمم والملوك ج4 ص56 و (ط مؤسسة الأعلمي) ج3 ص158 والبداية والنهاية ج7 ص88.

([24]) راجع: كنز العمال ج1 ص261 و 266 وج4 ص591 ونيل الأوطار ج8 ص14 وشرح الأخبار ج1 ص190 وصحيح البخاري ج2 ص97 و 98 و 104 وج6 ص20 و 202 والسنن الكبرى للبيهقي ج6 ص203 والمجموع للنووي ج19 ص223 والمبسوط للسرخسي ج10 ص62 وكتاب الموطأ لمالك ج1 ص241 وج11 ص246 والمغني لابن قدامة ج10 ص88 و 473 وكشاف القناع ج3 ص62 وج6 ص233 ومجمع الزوائد ج7 ص218 ومسند أبي داود ص311 والمصنف للصنعاني ج11 ص119 ومسند الحميدي ج2 ص473 وبغية الباحث ص207 وشرح مسند أبي حنيفة ص226 وفيض القدير ج5 ص44 وكشف الخفاء ج2 ص125 وصحيح ابن حبان ج1 ص336 و 337 والإستذكار ج3 ص97 و 98 و 99 والتمهيد لابن عبد البر ج18 ص57 و 61 ـ 64 و 98 والفايق في غريب الحديث ج3 ص39 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج6 ص140 وتخريج الأحاديث ج3 ص58 والإنصاف للمرداوي ج11 ص285 والجامع الصغير ج2 ص287 وتفسير الثعلبي ج2 ص5 وج7 ص302 وتفسير البغوي ج3 ص482 وتفسير القرآن العظيم ج1 ص569 وج3 ص33 و 442 وج4 ص551 وتفسير الثعالبي ج4 ص 312 وتفسير الآلوسي ج21 ص40 وأضواء = = البيان ج1 ص309 وج8 ص380 والكامل لابن عدي ج2 ص434 وطبقات المحدثين بأصبهان ج3 ص470 وذكر أخبار إصبهان ج2 ص226 والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج1 ص123 وغريب الحديث لابن سلام ج2 ص21 وغريب الحديث لابن قتيبة ج1 ص121.

([25]) الآية 35 من سورة يونس.

([26]) مناقب آل أبي طالب (ط المكتبة الحيدرية) ج2 ص190 و بحار الأنوار ج40 ص235.

([27]) مناقب آل أبي طالب ج2 ص368 و (ط المكتبة الحيدرية) ج2 ص190 عن الواحدي في البسيط، وابن مهدي في نزهة الأبصار، وبحار الأنوار ج14 ص443 وج40 ص235 ومجمع البيان للطبرسي ج10 ص313 ونور الثقلين ج5 ص546 والميزان ج20 ص256 وراجع: الدر المنثور ج6 ص333 وتفسير الثعلبي ج10 = = ص171 وتفسير الآلوسي ج30 ص88 وكنز العمال ج2 ص549 والمحرر الوجيز لابن عطية الأندلسي ج5 ص461 وزاد المسير لابن الجوزي ج8 ص218.

([28]) وسائل الشيعة (ط مؤسسة آل البيت) ج28 ص221 و (ط دار الإسلامية) ج18 ص466 وتهذيب الأحكام ج10 ص90 والكافي ج7 ص214 ومناقب آل أبي طالب ج1 ص408 وحلية الأبرار ج2 ص287 وبحار الأنوار ج76 ص164 وجامع أحاديث الشيعة ج25 ص510.

([29]) الكافي ج7 ص215 وتهذيب الأحكام ج10 ص90 ووسائل الشيعة (ط مؤسسة آل البيت) ج28 ص226 و (ط دار الإسلامية) ج18 ص470 ومناقب آل أبي طالب ج1 ص408 وبحار الأنوار ج76 ص163 وجامع أحاديث الشيعة ج19 ص500 والغدير ج8 ص121 وغاية المرام ج5 ص270.

([30]) تاريخ الخميس ج2 ص253.

([31]) راجع: تاريخ المدينة المنورة ج3 ص824 والمصنف للصنعاني ج9 ص228 والسنن الكبرى ج3 ص238 وج4 ص190 وفتح الباري ج10 ص57 ومسند الشاميين ج4 ص159 والإستذكار ج8 ص3 و 5 والمحلى لابن حزم ج7 ص502 ونيل الأوطار ج7 ص321 وكتاب الأم ج6 ص156 و 194 وكتاب الموطأ ج2 ص842 وكتاب المسند للشافعي ص284 وسنن النسائي ج8 ص326 وعمدة القاري ج21 ص182 وعون المعبود ج10 ص102 ومعرفة= = السنن والآثار ج6 ص440 وتغليق التعليق ج5 ص26 وتفسير البغوي ج1 ص192 والجامع لأحكام القرآن ج10 ص131.

([32]) العقد الفريد ج1 ص333 ونور الأبصار (ط مصر) ص69.

([33]) العقد الفريد ج1 ص333 ونور الأبصار (ط مصر ـ مكتبة الجمهورية العربية) ص69. وراجع: إمتاع الأسماع ج6 ص217 والمعارف لابن قتيبة ص188.

([34]) راجع: العقد الفريد ج1 ص333 ونور الأبصار (ط مصر) ص69.

([35]) راجع: السنن الكبرى ج8 ص299 والجوهر النقي (مطبوع مع السنن الكبرى) ج8 ص299 وسنن الدار قطني ج4 ص260 والغدير ج6 ص257 والمحلى ج7 ص486 و 487 والمصنـف لابن أبي شيبـة ج5 ص487 والحد الفاصل = = للرامهرمزي ص256 والجامع لأحكام القرآن ج10 ص130 والكامل لابن عدي ج4 ص10 وسير أعلام النبلاء ج8 ص203 وتاريخ الإسلام للذهبي ج11 ص170.

([36]) راجع: الطبقات الكبرى لابن سعد ج3 ص257 و (ط دار صادر) ج3 ص354 و 338 والمصنف لابن أبي شيبة ج8 ص579 والإمامة والسياسة ج1 ص26 وفتح الباري ج7 ص52 وحياة الحيوان ج1 ص346 والإيضاح لابن شاذان ص270 وتاريخ مدينة دمشق ج44 ص430 وموارد الظمآن ج7 ص104 وكنز العمال ج5 ص729 وج12 ص697.

([37]) راجع: الطبقات الكبرى لابن سعد (ط دار صادر) ج3 ص338 والموطأ ج2 ص894 والمصنف لابن أبي شيبة ج8 ص576 والإمامة والسياسة ج1 ص26 وفتح الباري ج7 ص52 وحياة الحيوان ج1 ص346 والإيضاح لابن شاذان ص270 وتاريخ مدينة دمشق ج44 ص411 و 412 و 416 ونيل الأوطار ج6 ص162 والمستدرك للحاكم ج3 ص91 والسنن الكبرى للبيهقي ج6 ص282 وج8 ص47 و 48 ومجمع الزوائد ج9 ص76 وعمدة القاري ج16 ص208 و 211 ومسنـد أبي يعـلى ج5 ص117 وصحيح ابن حبـان ج15 = = ص332 و 351 وموارد الظمآن ج7 ص104 وكنز العمال ج5 ص729 وج12 ص697 وتاريخ الإسلام للذهبي ج3 ص278 وصحيح البخاري ج4 ص205 وجامع المسانيد والمراسيل ج13 ص392.

([38]) كتاب الخراج لأبي يوسف ص165 والمصنف لابن أبي شيبة ج6 ص502 ونصب الراية ج4 ص162 وشرح مسند أبي حنيفة ص521 وسنن الدارقطني ج4 ص260 و 261 والعقد الفريد ج6 ص369 وفتح الباري ج10 ص34 ولسان الميزان ج3 ص27 وربيع الأبرار ج4 ص63 وراجع: المصنف لعبد الرزاق ج9 ص224 وأحكام القرآن للجصاص ج2 ص464 وحاشية ابن التركماني على سنن البيهقي ج8 ص306 والجوهر النقي ج8 ص306 والغدير ج6 ص258 وكنز العمال ج5 ص517.

([39]) جامع مسانيد أبي حنيفة ج2 ص192 والآثار للشيباني ص226 وراجع: السنن للنسائي ج8 ص326 وأحكام القرآن للجصاص ج2 ص565 وراجع: فتح الباري ج10 ص34 والغدير ج6 ص258 والمبسوط للسرخسي ج24 ص11 والسنن الكبرى للنسائي ج3 ص237 وعمدة القاري ج9 ص276 والمصنف لابن أبي شيبة ج5 ص526.

([40]) المراد بالتارات: الأحيان أو المرات، وهو جمع تارة.

([41]) الآيات 12 ـ 14 من سورة المؤمنون.

([42]) الإستذكار ج6 ص227 والتمهيد لابن عبد البر ج3 ص148 وبحار الأنوار ج40 ص164 عن درة الغواص لابن الحريري البصري، وعن شرح الأخبار = = لابن فياض، وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج17 ص434 وج31 ص490 ومناقب آل أبي طالب ج1 ص327.

([43]) الآية 9 من سورة التكوير.

([44]) الآيات 12 ـ 14 من سورة المؤمنون.

([45]) مناقب آل أبي طالب ج2 ص50 و (ط المكتبة الحيدرية) ج1 ص328 والفضائل لشاذان ص551 وبحار الأنوار ج40 ص165 و 280 ومن لا يحضره الفقيه ج3 ص9 و (ط مركز النشر الإسلامي ـ الطبعة الثانية) ج3 ص17 وخصائص الأئمة للشريف الرضي ص85 ووسائل الشيعة (ط مؤسسة آل البيت) ج27 ص287 و (ط دار الإسلامية) ج18 ص210 ومستدرك الوسائل ج17 ص390 والروضة في فضائل أمير المؤمنين ص214 وجامع أحاديث الشيعة ج25 ص136 وعجائب أحكام أمير المؤمنين «عليه السلام» ص79 ومستدرك الوسائل ج17 ص390 ونهج الإيمان لابن جبر ص279 وجواهر الفقه للقاضي ابن البراج ص243.

([46]) بحار الأنوار 40 ص267 والفضائل لابن شاذان ص151 و 152 و (ط المكتبة الحيدرية) ص 63 ـ 64 ومدينة المعاجز ج1 ص414.

([47]) راجع: كنز العمال ج1 ص261 و 266 وج4 ص591 ونيل الأوطار ج8 ص14 وشرح الأخبار ج1 ص190 وصحيح البخاري ج2 ص97 و 98 و 104 وج6 ص20 و 202 والسنن الكبرى للبيهقي ج6 ص203 والمجموع للنووي ج19 ص223 والمبسوط للسرخسي ج10 ص62 وكتاب الموطأ لمالك ج1 ص241 وج11 ص246 والمغنـي لابن قدامة ج10 ص88 و 473 وكشاف القناع ج3 ص62 وج6 ص233 ومجمع الزوائد ج7 ص218 ومسند أبي داود ص311 والمصنف للصنعاني ج11 ص119 ومسند الحميدي ج2 ص473 وبغية الباحث ص207 وشرح مسند أبي حنيفة ص226 وفيض القدير ج5 ص44 وكشف الخفاء ج2 ص125 وصحيح ابن حبان ج1 ص336 و 337 والإستذكار ج3 ص97 و 98 و 99 والتمهيد لابن عبد البر ج18 ص57 و 61 ـ 64 و 98 والفايق في غريب الحديث ج3 ص39 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج6 ص140 وتخريج الأحاديث ج3 ص58 والإنصاف للمرداوي ج11 ص285 والجامع الصغير ج2 ص287 وتفسير الثعلبي ج2 ص5 وج7 ص302 وتفسير البغوي ج3 ص482 وتفسير القرآن العظيم ج1 ص569 وج3 ص33 و 442 وج4 ص551 وتفسير الثعالبي ج4 ص 312 وتفسير الآلوسي ج21 ص40 وأضواء البيان ج1 ص309 وج8 ص380 والكامل لابن عدي ج2 ص434 وطبقات المحدثين بأصبهان ج3 ص470 = = وذكر أخبار إصبهان ج2 ص226 والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج1 ص123 وغريب الحديث لابن سلام ج2 ص21 وغريب الحديث لابن قتيبة ج1 ص121.

([48]) التوحيـد للصـدوق ص311 و 312 وبحـار الأنـوار ج40 ص121 وج90 = = ص177 عنه، ومعاني الأخبار ص9 ومستدرك الوسائل ج5 ص322 ونور البراهين ج2 ص165 وجامع أحاديث الشيعة ج15 ص397 ونور الثقلين ج5 ص297 والصافي (تفسير) ج5 ص160.

([49]) الآيات1 ـ 3 من سورة الزلزلة.

([50]) مدينة المعاجز للسيد هاشم البحراني ج2 ص100 و 101 وتأويل الآيات الظاهرة ج2 ص837 والثاقب في المناقب ص273 ح7 وبحار الأنوار ج41 ص272 وج48 ص298 والبرهان (تفسير) ج8 ص358 عن تأويل الآيات، وكنز الدقائق ج14 ص392 و 393 وشرح مئة كلمة لأمير المؤمنين لابن ميثم البحراني ص258.

([51]) الآية 155 من سورة الأعراف.

 
   
 
 

العودة إلى موقع الميزان