كيف
يشتم أقرانه؟!:
هناك أمر تحسن ملاحظته هنا، وهو:
أن عمر ـ كما تقدم في رواية المعتزلي وغيره ـ يقول لأهل
الشورى: أكلكم يطمع في الخلافة من بعدي؟!
فيجيبه الزبير، بقوله:
«وما يبعدنا منها؟! وليتها أنت فقمت بها، ولسنا دونك في قريش، ولا في
السابقة ولا في القرابة».
فهذا النص يعطي:
أنه لا معنى لقول عمر في طعونه التي أوردها حين وصل إلى سعد، وإلى ابن
عوف: ما زهرة وهذا الأمر؟!
أو ما يؤدى هذا المعنى، مما يدل على عدم الصلاحية
للخلافة، حسب معاييره..
ولعله أراد بذلك أن يفهمنا:
أن هؤلاء الذين لا أهلية لهم لهذا الأمر متقاربون في المؤهلات، ولا
فوارق تذكر فيما بينهم.. فعلي لسعد وطلحة كعثمان الخ.. ويكون بذلك قد
حط من مقام علي «عليه السلام»، وأوجد قرناء ومنافسين له.
ولعل تحسر عمر على أبي عبيدة وخالد وسالم ومعاذ، لأنه
وجد أنهم أقوى من هؤلاء الخمسة على منافسة علي «عليه السلام»، وأكثر
جرأة عليه وعلى بني هاشم.. بل إن أمثلهم وأقواهم بنظر عمر ـ وهو عثمان
ـ، لا يطمئن عمر إلى حسن قيامه بهذا الأمر، وسيبقى قلقاً على مصيره
فيه..
وكذا لا معنى لكثير من مطاعنه في أهل الشورى التي أراد
أن يسقطهم بها عن الصلاحية، لأن الذين اختارهم إذا كانوا ليسوا دونه،
فلا معنى لاستبعادهم منها وفق منطقه، إذ لا معنى لأن تجرَّ باء عمر،
ولا تجرّ باء غيره..
ولأجل ذلك شكَّك ابن روزبهان بصحة روايات هذه الطعون
عنه.. وإن كان هذا الإستبعاد في غير محله، فقد تعودنا من عمر أمثال هذه
المفارقات.
المدح
والذم للإضرار بعلي
×:
ويروي ابن قتيبة:
أن أصحاب الشورى هم الذين قالوا لعمر: قل فينا يا أمير المؤمنين مقالة
نستدل فيها برأيك، ونقتدي به([1]).
ونقول:
إننا لا نرجح أن يكون علي «عليه السلام» في جملة من طلب
منه ذلك، أو رضي بأن يطلب منه التصريح برأيه فيهم، فهو يعرف أنه سوف
يقول فيه وفيهم ما يوجب تعمية الأمر على الناس، وإيهامهم بأنه لا يرجح
أحداً منهم على من عداه، فإن الترجيح والتجني قد بان وظهر.
وكان علي «عليه السلام» قد عرف ورأى، إلى ما سيؤول
الأمر، بمجرد نطق عمر بالأسماء، وبيانه طريقة العمل والأداء.. وقد
ذكرنا ذلك فيما يأتي إن شاء الله تعالى..
ولم يكن علي يرغب في مساعدة عمر على تعمية الأمور، لأن
ذلك يضر بقضيته، بل كان يريد أن يعرِّف الناس بتعمد عمر صرف الأمر
عنه..
وكان من الطبيعي أن يتوقع علي «عليه السلام» أن يساوي
عمر بينه وبين الباقين، في المدح والذم على حد سواء، وكلاهما مضرٌّ
بقضية الحق والدين، ولا يصح السعي إليه، لأن المساواة بين الجميع فيها
غمط لحق علي «عليه السلام»، وتصغير لشأنه، وحط من مقامه، ورفعة لشأن من
لا يستحق الرفعة..
وقد قال «عليه السلام»:
«متى اعترض الريب فيّ مع الأول منهم، حتى صرت أقرن إلى هذه
النظائر؟!»..
وإن ساواه بهم في الذم والعيب والإنتقاص.. فحراجة
الموقف ستمنعه من الرد عليه..
وقد يجد هذا الذم من يصدق به، إذا نقل إلى أناس لا
يعرفون علياً «عليه السلام».. أكثر من معرفتهم بغيره..
أما من عدا علي «عليه السلام» من أهل الشورى، فهو رابح
على كل حال، لأنه إذا عابهم وعاب علياً فذلك لا يزعجهم، إن لم نقل إنه
يرضيهم ويسعدهم.. وإن مدحهم بما ليس فيهم، وساوى بينهم وبين علي «عليه
السلام»، فذلك غاية أمنياتهم، ومنتهى آمالهم..
إن من يراجع نصوص الروايات التي
ذكرت القصة المتقدمة يتضح له:
أن عمر طعن أو أثنى على أصحاب الشورى عدة مرات، إحداها في خلوة بينهم،
والأخرى حين عينهم، وطلب منه بعضهم أن يقول فيهم قولاً يستدلون به على
رأيه، وعلى ما هو محط نظره([2]).
ويبدو أنه قد صرح بهذا التعيين أكثر من مرة..
ومرة أخرى:
طعن بهم في حديثه مع ابن عباس في خلوة له به، وذلك قبل أن يطعنه أبو
لؤلؤة بيومين أو ثلاثة.
وفي بعض النصوص:
أنه قال لهم ذلك بعدما طعنه أو لؤلؤة، وجمعهم، ليبلغهم قرار تشكيل
الشورى منهم.
وفي بعضها أنه قال للناس:
من تستخلفون بعدي، فاقترحوا عليه هذا تارة وذاك أخرى، فصار يوجه إليهم
طعونه.
وملاحظة النصوص المختلفة تفيد وتظهر أن في أقوال عمر
نوعين من الإختلاف:
أحدهما:
لا يصل إلى حد التناقض، بل هو بعد ضم صفة إلى أخرى يفيد في استكمال
ملامح الصورة الحقيقية، لأنه يتضمن إثبات خصوصيتين، لا مانع من
اجتماعهما في شخص واحد..
الثاني:
الإختلاف إلى حد التضارب والتباين، وهذا هو الأكثر والأوفر في كلامه،
كوصفه لعبد الرحمان بن عوف تارة بأنه ضعيف، أمره بيد امرأته، ثم يصفه
أخرى بأنه فرعون هذه الأمة..
كما أنه تارة:
يصفه بفرعون الأمة. إلا إن المقصود: أن هذا الضعيف أمام امرأته، تراه
في ظلمة للناس مثل فرعون..
وأخرى يقول:
لو وزن إيمان المسلمين بإيمان عبد الرحمن بن عوف لرجح إيمان عبد
الرحمان به، فهل يكون فرعون الأمة الطاغية والمستكبر، الذي لا يتورع عن
ذبح الأبناء، ويدعي لنفسه الربوبية مؤمناً إلى هذا الحد؟!
ولا ندري إن كان قد ذكر ذلك على سبيل الرواية عن رسول
الله «صلى الله عليه وآله» في حق عبد الرحمان بن عوف، أو هو من عند
نفسه..
ثم وصف سعداً ـ فيما قاله لابنته حفصة ـ بأنه أهل
للخلافة تارة، ووصفه أخرى بأنه لا يقوم بقرية لو حمل أمرها..
وهو يقول:
إن النبي «صلى الله عليه وآله» مات وهو راض عن الستة..
ويقول لطلحة:
إن رسول الله «صلى الله عليه وآله» سوف ينجيه من النار يوم القيامة..
ثم ينقض هذا وذاك حين يعود فيقول
لطلحة:
إن النبي «صلى الله عليه وآله» مات وهو عليه ساخط.
ولعل رغبة عمر الجامحة في تمرير بعض الأمور هي التي
توقعه في التناقض، حيث يتفوه بكل ما يخطر على باله، ويجري على لسانه،
دون تدبر ولا تذكر لما كان قد صدر عنه في مناسبة أخرى.. فإذا جمع الناس
كلامه في الموارد المختلفة ظهر التناقض بين أطرافه..
تقدم:
أن عمر بن الخطاب قد عاب سعد بن أبي وقاص بالشدة والغلظة، مع أنه يزعم:
أن سعداً رجل حرب، وقال: إن هذا هو ما يمنعه من استخلافه.. وإن كنا لم
نر ولم نسمع لسعد شيئاً يدل على شجاعته وإقدامه، الذي يحاولون نسبته
إليه. كما أنه قد عاب الزبير بالبخل، وعاب عبد الرحمان بن عوف بالضعف.
وأقول:
ليت شعري كيف صح لأبي بكر إذن أن يستخلف عمر بن الخطاب
نفسه، مع شدته وغلظته؟!! ولم يكن سعد إلا نقطة في بحر عمر في الغلظة
والشدة؛ فإن هذه الصفات إن كانت تمنع من استخلاف سعد، فمنعها من
استخلاف أبي بكر لعمر كان بطريق أولى..
مع أن هذه الشدة والغلظة في عمر لم تتغير فيه بعد
استخلافه عما كانت عليه قبل ذلك، إلا إن كانت قد تغيرت إلى الأشد
والأسوأ..
وكذلك الحال بالنسبة للبخل والضعف، فإن عمر بن الخطاب
يقول عن نفسه في أول كلام تكلم به على المنبر بعد استخلافه: «اللهم إني
شديد فليّني، وإني ضعيف فقوني، وإني بخيل فسخّني»([3]).
وقد قال تعالى:
{بَلِ الإِنْسَانُ
عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ}([4]).
فهل يصح، أو فقل:
هل صدق المثل القائل: رمتني بدائها وانسلت؟! أم أن المثل قد غلط في
ذلك.
وكان الأولى أن يقال:
رمتني بدائها واعترفت به.
وقد طعن عمر بن الخطاب في صلاحية سعد بن أبي وقاص
للخلافة بأنه رجل حرب، وصاحب مقنب وقتال.
ونقول:
إننا وإن كنا نعتقد أن سعداً وخالداً لم يكونا رجال حرب
بل هما من أهل البطش والفتك ـ نشير إلى ما يلي:
أولاً:
إذا صح كلامه هذا، فلماذا يتحسر على فقد خالد بن الوليد؟!
وهل كان خالد إلا رجل حرب، وصاحب مقنب وقتال؟!
وهل خالد أصلح من سعد لهذا الأمر؟!
ثانياً:
هل عُرِف عن خالد شيء من العلم، ومن الحكمة، والتدبير،
والإلتزام بحدود الله، والورع والتقوى؟! سوى أنه قتل مالك بن نويرة،
وهو رجل مسلم من صحابة رسول الله «صلى الله عليه وآله»، ثم زنى بامرأته
في نفس يوم قتله!!
إلا إن كان عمر يريد أن يقول:
إن سعداً صاحب مقنب وقتال، وهذا لا يكفي لمقام الخلافة، بل يحتاج إلى
دهاء وسياسة وحيلة.. وصفات أخرى لا نحب ذكرها.. ولكن هل وجد هذه
الصفات، أو تلك في خالد أيضاً؟!
وماذا عرف عن طلحة والزبير، أكثر مما عرفه عن سعد؟!
فإنهما مثل سعد من جملة المقاتلين..
ثالثاً:
إن ما ذم به سعداً، واعتبره لأجله غير لائق بمقام الخلافة هو نفسه الذي
استدل به لابنته حفصة على أهلية سعد للخلافة، حيث قال: ما عسى أن أقول
في سعد؟!
سمعت رسول الله «صلى الله عليه وآله» يوم بدر، وقد أوتر
قوسه أربع عشرة مرة، فيدفعها له، ويقول: إرم فداك أبي وأمي..
رغم أننا قد أثبتنا في كتابنا:
الصحيح من سيرة النبي الأعظم «صلى الله عليه وآله»([5])
عدم صحة ذلك.. مع الإشارة إلى أن رواياتهم تقول: إن ذلك قد حصل يوم
أحد، لا يوم بدر.
رابعاً:
إذا كان سعد ليس أهلاً للخلافة لأي سبب كان، فلماذا جعله عمر نفسه في
الشورى، أليس ذلك يعد تغريراً بالناس، واستهانة بهم وبمصيرهم
وبمصالحهم؟!
وثمة مفارقة أخرى ظهرت فيما عاب به عمر بن الخطاب سعد
بن أبي وقاص، وهي أنه عابه بأنه صاحب عصبية، وجعل ذلك دليلاً على عدم
أهلية سعد لهذا المقام..
ونقول:
أولاً:
إن عمر نفسه قد قال عن سعد: وما زهرة والخلافة، وأمور الناس؟! وهذا
منطق أهل العصبية العشائرية، التي توجب حسب منطق عمر سقوط عمر نفسه عن
الصلاحية لمقام الخلافة.
ثانياً:
إن الجمع بين هذين الأمرين غير ممكن، بل هو نوع من الإزدواجية غير
المقبولة، إذ لا يعقل أن تكون العصبية سبباً لفقد الصلاحية لمقام
الخلافة، ثم نرضى بأن تكون هذه العصبية بالذات من صفات من يعتبرونه
جامعاً للصفات المطلوبة لهذا المقام..
ثالثاً:
ألم يكن سعد قرشياً؟! وقد احتج عمر نفسه على الأنصار بأن الأئمة من
قريش.. فلماذا هذا التمييز من عمر بين قبائل قريش؟!
فإن هذا يؤدي إلى أن يكون سبب الثبوت هو نفسه سبب
الإنتفاء..
مع أن بني زهرة ليسوا بأقل من قبيلتي تيم وعدي.. ولماذا
صارت قبيلتا تيم وعدي أهلاً للخلافة، ولم تكن زهرة أهلاً لها؟!.
ولا ندري كيف يكون من يوصف بأنه صاحب فتنة ـ وهو سعد ـ
أهلاً لأن يحكم البلاد والعباد، ويكون مسؤولاً عن أمن الناس، وعن
استقرارهم، وعن إبعاد شبح الفتن عنهم.
على أن علينا أن نبحث في تاريخ سعد، فلعلنا نجد فيه ما
يصدق هذه التهمة العمرية له..
وعلينا أن نسال عمر عن السبب في ترشيح سعد له للخلافة،
وجعله ضمن الشورى، وهو على هذه الحال؟!
وثمة تناقض آخر في كلام عمر عن سعد، فهو تارة يصفه بأنه
لا يقوم بقرية لو حمّل أمرها، ثم هو يقول: إن تولوا سعداً فأهلها هو..
فكيف يكون أهلاً للخلافة، ولتحمل مسؤولية قيادة الأمة بأسرها رجل بلغ
في الضعف والعجز إلى حد أنه لا يقوم بقرية لو حمّل أمرها..
لقد وصف عمر عبد الرحمان بن عوف بأنه فرعون هذه الأمة..
ونقول:
أولاً:
قال الله تعالى عن نبي الأمة: {لَقَدْ
جَاءكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ
حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ}([6]).
وروي عن النبي «صلى الله عليه وآله»
قوله:
لا تصلح الإمامة إلا لرجل فيه ثلاث خصال: ورع يحجزه عن محارم الله.
وحلم يملك به غضبه، وحسن الولاية على من يلي، حتى يكون لهم كالوالد
الرحيم([7]).
فكيف يرشح عمر بن الخطاب لولاية
أمور المسلمين رجلاً يقول هو عنه:
إنه فرعون هذه الأمة.. فهل يمكن أن نتصور فرعون الأمة
إنساناً رحيماً، وحليماً، وورعاً؟!
ثانياً:
كيف يجعل عمر فرعون هذه الأمة إلى جانب من يصفه رسول الله «صلى الله
عليه وآله» بأنه أب هذه الأمة، وله على الأمة حق الوالد على ولده، وهو
علي بن أبي طالب «عليه السلام».. الأمر الذي يدل على أنه «عليه السلام»
كان يسعى إلى حفظ الأمة، وتربيتها، وتدبير شؤونها، وإرشادها وتعليمها
من موقع الحكمة والتعقل، تماماً كما هو حال الأب مع أولاده..
فقد روي عن النبي «صلى الله عليه
وآله» أنه قال:
أنا وعلي أبوا هذه الأمة([8]).
وعنه «صلى الله عليه وآله»:
حق علي بن أبي طالب على هذه الأمة (أو على كل مسلم) كحق الوالد على
ولده([9]).
ثالثاً:
كيف يكون فرعون هذه الأمة المستكبر المدعي للربوبية، الذي لا يتورع عن
ذبح الأطفال مؤمناً إلى حد أنه لو وزن إيمانه بإيمان المسلمين لرجح
إيمانه كما ادعاه عمر في حق عبد الرحمان؟!.
وكيف يكون فرعون الأمة ضعيفاً إلى الحد الذي يسقطه ضعفه
عن الصلاحية للخلافة؟!
وهل يكون أمر فرعون الأمة بيد امرأته؟! وهل؟! وهل؟!
قد يقال:
نعم إن هذه هي صفة الظلمة والطواغيت، فهم يخضعون لمن فوقهم إلى حد
الذل، ويبطشون بمن هم دونهم بنفس الشدة والحدة للتشفي والإنتقام.
رابعاً:
ما هذا المنطق القائم على أساس العصبيات العشائرية، البعيد عن منطق
الإسلام الذي تحدثنا عنه آنفاً، حين ذكر أن بني زهرة لا أهلية لهم
لمقام الخلافة.
خامساً:
كيف يأمر عمر بطاعة فرعون الأمة، ويقول: إنه مسدد ورشيد؟! وكيف يأمر
بطاعة ضعيف يجعل أمره في يد امرأته؟!
وكيف يجعل القول النهائي لعبد الرحمان، ويأمر بقتل من
يخالفه إذا كان عبد الرحمان فرعون هذه الأمة؟!
أو كيف يأمر بقتل من خالف هذا الرجل العاجز الضعيف إلى
الحد الذي يجعل أمره في يد امرأته.
ومن الذي يضمن له أن لا تصل الخلافة إلى هذا الرجل
العاجز والضعيف، والذي يجعل أمره في يد امرأته؟!
أو إلى هذا الفرعون الطاغي والباغي والجبار؟!
وإذا كان عبد الرحمان مؤمناً ضعيفاً كما يقول عمر، وفي
بعض الروايات: إنك رجل عاجز تحب قومك([10]).
وفي نص ثالث:
أنه إن ولي الناس يجعل القرار بيد امرأته.
فكيف جعل الأمر إليه، حين يجتمع معه اثنان؟!
ولماذا لا يجعل القرار بيد أحد الأقوياء، مثل علي «عليه
السلام» الذي يحملهم على المحجة باعترافه؟!
ولو أن الستة اجتمعوا على عبد الرحمان فولوه الخلافة،
فهل يرضى عمر بتوليته وهو رجل ضعيف؟! لا سيما مع قول علي أمير المؤمنين
«عليه السلام»:
«إن أحق الناس بهذا الأمر أقواهم عليه، وأعلمهم بأمر
الله فيه»([11]).
وقد أجاب ابن روزبهان:
بأن هذا من اجتهادات عمر في اختيار الإمام، فلا اعتراض، ونقول:
أولاً:
لا يصح الإجتهاد مع وجود النص من رسول الله.
ثانياً:
لو سلمنا: أنه من اجتهادات عمر، ولكن لا مجال للاجتهاد في سفك دماء
الناس، لمجرد مخالفتهم لرأي غيرهم، أو لمجرد عدم قدرتهم على الإتفاق،
أو لمخالفتهم لرأي ابن عوف.
ولعلك تقول:
إن علياً «عليه السلام» كان يريد الخلافة لنفسه، فكيف يجعل رأيه هو
المرجح؟!
ونجيب:
أولاً:
إذا كان السبب في إناطة الأمر بابن عوف هو علم عمر: بأنه لم يكن يريد
الأمر لنفسه، فلماذا جعله عمر في ضمن الستة أصلاً؟! ولماذا احتاج ابن
عوف إلى أن يخرج نفسه، ويخرج سعد بن أبي وقاص منها، كما ورد في بعض
الروايات؟!([12]).
ثانياً:
من أين علم عمر أن عبد الرحمان بن عوف سوف لا يعدل عن رأيه، وتحلو
الدنيا في عينه، ولا سيما بعد جعل الأمر في يده؟!
لكن مشكلة ابن عوف هي وجود علي من جهة، ومعه من معه،
ووجود بني أمية وحزبهم، فلعله فضل أن يتناغم مع عثمان ليرد إليه الأمر
من بعده إن قدِّر له البقاء بعده..
ولكن فأله خاب وعرف أن عثمان لن يؤثره على بني أبيه،
فدق الله بينهما عطر منشم كما قال «عليه السلام»..
ومما يدل على شراكة ابن عوف التامة:
قول
سعد بن أبي وقاص لعبد الرحمان بن عوف:
أيها الرجل بايع لنفسك وأرحنا وارفع رؤوسنا؟!([13]).
وقد اعتذر بعضهم عن وصف عمر لابن
عوف بالضعف بقوله:
«والضعف الذي وصف به عبد الرحمن، إنما أراد به الضعف عن القيام
بالإمامة، لا ضعف الرأي»([14]).
والجواب:
إن ذلك أشر وأضر، إذ قد كان من الممكن أن يختار
المجتمعون ابن عوف للخلافة، وهو غير قادر على القيام بأعبائها.
ولعل المقصود الحقيقي بضعف ابن عوف:
هو ضعفه عن التصدي لعلي «عليه السلام» وبني هاشم.
أما ما ذكره عمر في أوصاف الزبير فلا يحتاج إلى تعليق،
غير أننا نشير إلى ما يلي:
1 ـ
كيف يجعل في الشورى رجلاً هو يوماً إنسان ويوماً شيطان، ومن لا يلين
قلبه يوماً وليلة و.. و.. إلخ..؟! كيف يجعله في جملة من يراد اختيار
أحدهم للإمامة والخلافة؟! وهل يصح اختيار الشيطان خليفة للأمة؟!
وكيف يرضى أن يصل إلى الخلافة من هو شيطان في بعض
حالاته؟! ولا يتحمل أن يوليها علياً الذي يحملهم في جميع الأحوال على
المحجة الواضحة، والطريق المستقيم؟!
ولعله كان يخشى من ميل الزبير لعلي «عليه السلام»، لأنه
ابن عمته، وهذا الميل هو الحالة الشيطانية التي يخشاها.. ولكنه كان يرى
فيه جهة رحمانية لعلها هي التي تطمئنه.. وهي أنه سمع من النبي «صلى
الله عليه وآله»: أن الزبير سيقاتل علياً «عليه السلام» وهو له ظالم..
ولكنه غفل عن أن نفس هذه الكلمة النبوية تدل على أن علياً «عليه
السلام» سيصل إلى الحكم، وسيقاتله الزبير في هذا الحال..
2 ـ
إذا كان يرى أن الله تعالى لا يجمع للزبير أمر الأمة، وكذلك الحال
بالنسبة لطلحة، فكيف يجعلهما في ضمن شورى الخلافة؟! وهل ادخلهما في
الشورى ليكونا متممين للعدد؟! أو لأجل المجاملة؟!.
أم أنه أراد إسكات عائشة وبني تيم بطلحة من جهة،
وليكونوا في مقابل علي «عليه السلام» من جهة أخرى..
3 ـ
من أين علم أن الزبير لا يصل إلى هذا المقام؟! هل أطلعه الله على
غيبه؟! أم أنه كان يعرف ميول أركان الشورى وآراءهم؟! فكيف يُدخِل بينهم
من يعلم علماً قطعياً بعدم وصوله إلى شيء.. وإنما سيكون مجرد آلة
ووسيلة؟!
4 ـ
إن كان عمر بكلامه هذا يريد أن يقرر أن القضية تدخل في دائرة الجبر
الإلهي.. فيرد سؤال: لماذا إذن كان مهموماً وغاضباً من قول عمار أوغيره:
إن مات عمر بايعت علياً؟! فإن الجبر الإلهي سوف لا يمكِّن علياً ولا
الزبير ولا غيرهما من مزاحمة عثمان..
بل لماذا كانت الشورى من أساسها؟! ألا يعد ذلك القول
مناقضاً لهذا التصرف؟!
5 ـ
وهل من يكون شيطاناً يكون النبي «صلى الله عليه وآله» معه يوم القيامة
يذب عن وجهه نار جهنم؟! وكيف يرضى رسول الله «صلى الله عليه وآله» عن
الشياطين.. ويشهد لهم بأنهم في الجنة؟!
إن الأوصاف والنعوت التي أغدقها عمر بن الخطاب على
الزبير، بالإضافة إلى أنها تسقطه عن الأهلية لمقام الخلافة، وإنما هي
أيضاً تجعله في عداد الفسقة الفجرة الذين لا بد من إقصائهم والحذر
منهم، وإيصاد كل الأبواب التي يمكن أن يتسللوا منها إلى أي موقع..
وبغض النظر عن ذلك فإن عمر كان هو الذي منع الزبير من
الغزو، وأمره بالجلوس في بيته، خوفاً من إفساده، فقد استأذنه الزبير في
الغزو ثلاث أو أربع مرات، فقال له في المرة الأخيرة:
«اقعد في بيتك، فوالله لأجد بطرف المدينة منك ومن
أصحابك أن تخرجوا فتفسدوا على أصحاب محمد»([15]).
فكيف أصبح هذا الذي يخشى إفساده أهلاً للإمامة والخلافة
التي تهدف إلى الإصلاح.. علماً بأن هذا الرجل نفسه قد حمل لواء الفساد
والإفساد بالفعل، وقاد جيش الفتنة في حرب الجمل، وتسبب بقتل الألوف من
المسلمين.
إلا إن كان عمر لا يرى هذا فساداً، بل صلاح.. ويرى أن
سيره في خط علي «عليه السلام» في بداية الأمر هو الفساد الذي خشي أن
يشيعه الزبير في الناس لو خرج إليهم..
وهذا وذاك مما لا يمكن قبوله منه ولا من غيره.
والذي لفت نظرنا بالنسبة لطلحة:
أنه قد تحدى عمر في اللحظة الحساسة، وسجل عليه أنه لا يقول من الخير
شيئاً.. ولم يخش من أن يستبعده عمر من الشورى..
ولعل الذي شجعه على ذلك أنه كان يعلم أن عمر غير قادر
على استبعاده في تلك اللحظة بالذات.. لأن ذلك من شأنه أن يثير ضده
عاصفة تتزعمها عائشة، من حيث أن طلحة كان تيمياً، وكان لعائشة هوى في
أن يكون له نصيب من الأمر..
ويؤكد ذلك:
أن طلحة كان مضموناً من حيث المؤدى والنتيجة لدى عمر،
فيما يرتبط بالالتزام بتنفيذ مراد عمر من هذه الشورى، فإن طلحة لن يقف
إلى جانب علي «عليه السلام». بل المهم عنده هو إبعاد علي «عليه السلام»
عن الخلافة. وهذا كان هو الهمّ الأكبر لعمر. ولا يهم بعد ذلك أن يلي
الخلافة المصلح أو المفسد، حتى لو كان أعرابياً أو مولى، كسالم مولى
حذيفة.
على أن هذا النوع من التعابير لا يضر عمر فيما يرمي
إليه..
إن ما صدر عن طلحة في حق رسول الله «صلى الله عليه
وآله»، حتى نزل القرآن في تقبيحه وإدانته يجعل طلحة غير صالح لشيء من
أمور المسلمين، بل هو يوجب أن يعامل بالشدة والإهانة، والإدانة، وإظهار
الإستياء مما صدر منه.. لا أن يكافئه عمر بجعله ضمن شورى الخلافة..
كما أن الذنب الذي صدر منه، يظهر سقوطه من الناحية
الأخلاقية، إلى الحضيض، فإن من يتجرأ على رسول الله «صلى الله عليه
وآله» في عرضه، ويؤذيه فيه، لا يمكن أن يؤتمن على أعراض الناس
وأخلاقهم، فضلاً عما سوى ذلك..
إلا أن يقال:
لقد رضي الناس بخلافة عمر، مع أنه اتهم النبي «صلى الله عليه وآله»
بالهجر والهذيان، واعتدى بالضرب وإسقاط الجنين على الزهراء «عليها
السلام» وغير ذلك..
النبي
راض على طلحة أم ساخط:
ثم إننا لا ندري كيف نجمع بين قول
عمر:
إن النبي «صلى الله عليه وآله» مات وهو ساخط على طلحة، وبين جعله طلحة
في جملة الذين مات النبي «صلى الله عليه وآله» وهو راض عنهم.. أو قوله:
إن جبريل يقرئ طلحة السلام، ويقول له: إنه معه يوم القيامة حتى ينجيه
منها..
إلا إن كان المراد تبرير ترشحه للخلافة في جملة أهل
الشورى.. حتى لو كان كلامه هذا قد جاء مناقضاً لكلامه الآخر، فقد كان
عمر يعلم أن أحداً لا يجرؤ على مطالبته بهذا الأمر أو إثارته، ولا سيما
في تلك الظروف الحساسة..
وهل يصلح للخلافة من مات النبي «صلى الله عليه وآله»
وهو ساخط عليه؟!. وجاء القرآن بتقبيح ما صدر منه من إيذاء لرسول الله
«صلى الله عليه وآله» في عرضه؟!
تقدم:
أن ذنب طلحة عند عمر هو اعتراضه على أبي بكر لتوليته عمر من بعده، وعمر
فظ غليظ.. بقوله: «وليت علينا فظاً غليظاً». وقد كان عمر يبغض طلحة
لأجل ذلك..
وهذا الذي وقع فيه طلحة، وأوجب حقد عمر عليه هو نفسه
الذي وقع فيه عمر أيضاً مع أهل الشورى، فإن طعونه الجارحة لأركان
الشورى بلغت حداً يجعل الذي يتفوه بها مبغوضاً، وساقطاً عن الإعتبار
بنظر أهل الشورى اذ لا يمكن لمن يوصف منهم بأنه شيطان، أو فرعون أن يحب
عمر، حتى مع صدق عمر في قوله هذا..
وأما الذي ظلمه عمر في الطعن عليه، بل كانت هذه العملية
كلها لتكريس هذا الظلم، فهو علي «عليه السلام»، لتوصيفه إياه بأن فيه
دعابة، فإن هذا الطعن سيسقط عمر نفسه، فضلاً عن قوله عن الإعتبار، من
حيث ظهور بطلانه وعدم صحته..
وفي جميع الأحوال نقول:
لماذا يتعامل عمر مع الناس بالحقد والضغينة، لمجرد أن
أحدهم أعطى رأيه كشخص؟! وهل يصح اضطهاد إنسان لمجرد رأي أظهره سواء
أخطأ ذلك الشخص في رأيه أو أصاب؟!
قال
الجاحظ:
«لو قال لعمر قائل: أنت قلت: إن رسول الله «صلى الله عليه وآله» مات
وهو راض عن الستة، فكيف تقول الآن لطلحة: إنه مات «عليه السلام» وهو
ساخط عليك للكلمة التي قلتها.. لكان قد رماه بمشاقصه([16]).
ولكن من الذي كان يجسر على عمر أن يقول له ما دون هذا
فكيف هذا»؟!([17]).
أما الكلمة التي ذكر عمر أن طلحة
قالها، فهي:
أن طلحة لما نزلت آية الحجاب قال: ما الذي يغنيه حجابهن
اليوم، وسيموت غداً فننكحهن([18]).
أو قال ـ كما عن مقاتل ـ:
لئن قبض رسول الله «صلى الله عليه وآله» لأنكحن عائشة بنت أبي بكر،
فنزلت:
{..وَمَا
كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا
أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللهِ
عَظِيماً}([19])»([20]).
أو قال:
لئن أمات الله محمداً لنركضن بين خلاخيل نسائه، كما ركض
بين خلاخيل نسائنا([21]).
ويتابع ابن أبي الحديد، فيذكر:
أن عمر قد زاد في الطين بلة حين زعم: أن رسول الله «صلى الله عليه
وآله» توفي وهو راض عن هؤلاء الستة، «ثم يأمر بضرب أعناقهم إن أخروا
فصل حال الإمامة».
هذا بعد أن ثلبهم، وقال في حقهم ما لو سمعه العامة
اليوم من قائل لوضعت ثوبه في عنقه سحباً إلى السلطان، ثم شهدت عليه
بالرفض، واستحلت دمه.
فإن كان الطعن على بعض الصحابة، رفضاً فعمر بن الخطاب
أرفض الناس، وإمام الروافض كلهم([22]).
وأغرب من ذلك كله..
ما وصف به عمر عثمان من أوصاف متناقضة أيضاً، حيث اعتبره تارة أنه إذا
مات تصلي عليه ملائكة السماء. واعتبره أخرى من أهل العصبية التي يرفضها
الإسلام ويدينها، وقال: إن عصبيته سوف تؤدي به إلى أن يسير الناس إليه
ويقتلوه ذبحاً على فراشه.. وإلى أن يحمل على رقاب الناس من يعمل في
الناس بمعصية الله..
ووصفه أيضاً بأنه يحب المال..
وقال:
إن روثةً خير منه.
فهل من يكون كذلك تصلي عليه الملائكة؟!
وقد أشرنا إلى بعض الكلام في ذلك في فقرة تقدمت، فلا
حاجة إلى الإعادة.
وصرحت الروايات:
بأن عمر ذكر: أن عثمان إن ولي الخلافة فسيحمل قومه من بني أمية على
رقاب الناس، وسيعملون فيهم بمعصية الله، وأن الناس سوف يسيرون إليه
ليقتلوه، وسيقتلونه بالفعل..
ونقول:
الذي يبدو لنا:
أن هذه التنبؤات لم يأت بها عمر من عند نفسه، ولا كانت قراءة سياسية
له، مكنه منها وقوفه على دخيلة عثمان، ومعرفته بنفسيات الناس..
ولكنه أخذ ذلك من رسول الله «صلى الله عليه وآله»، فإنه
هو الذي أخبر بما يكون بعده من تمكن بني أمية من رقاب الناس. وبما
ستؤول إليه الأحوال حين يخضمون مال الله خضم الإبل نبتة الربيع، وحين
يتجاهرون بالمعاصي، والظلم والإستبداد، والإستئثار، ويشيعون ذلك في كل
اتجاه، ثم ما يكون بعد ذلك.
وقد رووا:
أن النبي «صلى الله عليه وآله» قال: إذا بلغ وُلْدُ الحكم، أو بنو أبي
العاص ثلاثين رجلاً جعلوا مال الله دولاً، وعباده خولاً([23]).
وروى محبوا عثمان:
أن النبي «صلى الله عليه وآله» في حديث تبشير عثمان
بالجنة قال لأنس: «وأخبره أنه يلي أمتي من بعد أبي بكر وعمر، وأنه
سيلقى منهم بلاء يبلغون دمه([24]).
وفي رواية أخرى أنه «صلى الله عليه
وآله» قال لعثمان:
وأنت مقتول([25])،
وهناك روايات أخرى بهذا المعنى.
وحينئذ لا بد من الإجابة على سؤال:
لماذا يريد عمر إيهام الناس بأنه يخبر عن الغيب، ويقول ذلك من عند
نفسه؟! ولماذا أيضاً يقدم على جعل عثمان في الشورى، بل هو يسوق الأمر
إليه، ويتيقن بحصوله عليه، مع كونه قد سمع بما يكون منه وبما يجري له
من رسول الله «صلى الله عليه وآله»، الذي لا ينطق عن الهوى؟!
هل أراد له أن يقتل ليكون ذلك ذريعة لتشبث معاوية وعمرو
بن العاص وأضرابهما بالأمر عن هذا الطريق؟!
ويكون ذلك ذريعة لمحاربة علي «عليه السلام» ومنعه، ومنع
بني هاشم من نيل هذا الأمر، ولأجل ذلك اتهموا بني هاشم بالتحريض على
قتل عثمان، والمشاركة فيه، تمهيداً لمواجهتهم بالحرب والقتال؟!.. ولعل
في النصوص التي تظهر حرص عمر على اطماع معاوية وابن العاص، وبني أمية
بهذا الأمر ما يشهد لهذه الحقيقة، والله هو العالم..
وقد وصف عمر بن الخطاب عثمان:
بأنه رجل فيه لين.. مع أنه هو الآخر كان معروفاً بالزهو والتكبر..
ولكننا لم نلحظ هذا اللين في عثمان.. فهل هذا من قبيل
الدعايات الإنتخابية؟! كيف وهو قد داس في بطن عمار بن ياسر حتى أحدث له
فتقاً([26]).
وعمار هو الذي يقول فيه رسول الله
«صلى الله عليه وآله»:
إنه مليء إيماناً إلى مشاشه([27]).
وعثمان هو الذي يصر على العمل بما يخالف سنة النبي «صلى
الله عليه وآله».. رغم تذكيره بها([28]).
وهو الذي أمر ابن زمعة بأن يعنف بابن مسعود، فاحتمله
فضرب به الأرض، فكسر ضلعاً من أضلاعه([29]).
وهو الذي لم يرض بالتراجع عن مواقفه وأعماله التي نقمها
الناس عليه، حتى قتل.
ويمكن حشد الكثير من الشواهد الدالة على قسوته، وجرأته
على عظائم الأمور، فما معنى وصف عمر له بأنه رجل فيه لين.
إلا أن كان يريد حثه على القسوة والشدة على الناس خوفاً
من علي «عليه السلام» وبني هاشم.
ولكن قد ظهر صدق قول عمر في عثمان:
أنه يحب المال ويحب قومه. وقد كان به عارفاً. فإن حب عثمان هذا، هو
الذي أودى به إلى القتل.. حتى ذبح على فراشه.
وقد قلنا آنفاً:
إن عمر وإن أوهم أنه يتنبأ بهذا الأمر لعثمان، فصدقت نبوءته.. ولكن
الحقيقة هي أن عمر كان قد سمع ذلك من رسول الله «صلى الله عليه وآله»
نفسه.
تقول
بعض الروايات المتقدمة:
يوم يموت عثمان تصلي عليه ملائكة السماء.
قالت حفصة:
قلت يا رسول الله عثمان خاصة أم للناس عامة.
قال:
عثمان خاصة.
وهذا كلام غير صحيح، فإن صلاة الملائكة تعم المؤمنين.
وقد قال تعالى:
{هُوَ الَّذِي
يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ}([30]).
فالملائكة تصلي على جميع المؤمنين.
فلماذا تريد الرواية إخراجهم منها، وتخصيص عثمان
بها؟!..
وكيف يقتل الصحابة العدول من تصلي عليه الملائكة دون
سواه؟!..
([1])
الإمامة والسياسة ج1 ص24 و (تحقيق الزيني) ج1 ص29 و (تحقيق
الشيري) ج1 ص43 وحياة الإمام الحسين «عليه السلام» للقرشي ج1
ص309 وفلك النجاة لفتح الدين الحنفي ص127.
([2])
راجع: الإمامة والسياسة ج1 ص24 و (تحقيق الزيني) ج1 ص29 و
(تحقيق الشيري) ج1 ص43 ودلائل الصدق ج3 ق1 ص117 عنه.
([3])
تاريـخ الخميس ج2 ص241 ومناقـب أهل البيت «عليهم السلام»
للشيرواني = = ص352 والطبقات الكبرى لابن سعد ج3 ص274.
([4])
الآية14 من سورة القيامة.
([5])
راجع: الصحيح من سيرة النبي الأعظم «صلى الله عليه وآله»
(الطبعة الخامسة) ج7 ص213 ـ 217 و (الطبعة الرابعة) ج6 ص214 ـ
218.
([6])
الآية 128 من سورة التوبة.
([7])
الكافي ج1 ص407 والإمامة والتبصرة ص138 والخصال للصدوق ص116
وبحار الأنوار ج25 ص137 وج27 ص250 ومستدرك سفينة البحار ج1
ص512 وموسوعة أحاديث أهل البيت «عليهم السلام» للنجفي ج4 ص234
و 125.
([8])
راجع: البرهان (تفسير) ج1 ص369 ومعاني الأخبار 52 و 118 وعيون
أخبار الرضا ج2 ص85 و (ط مؤسسة الأعلمي) ج1 ص91 وعلل الشرائع
ص127 وكمال الدين ص261 والأمـالي للصدوق ص65 و 411 و 755
والميـزان ج4 = = ص357 وبحار الأنوار ج16 ص95 و 364 وج23 ص128
و 259 وج26 ص264 و 342 وج36 ص6 و 9 و 11 و14 و 255 وج38 ص92 و
152 وج39 ص93 وج40 ص45 وج66 ص343 وكتاب الأربعين للماحوزي ص238
والمراجعات ص286 وجامع أحاديث الشيعة ج1 ص149 وج18 ص311 و 312
ومستدرك سفينة البحار ج9 ص264 وج10 ص455 ومناقب آل أبي طالب ج2
ص300 وروضة الواعظين ص322 وخاتمة المستدرك ج5 ص14 والغارات
للثقفي ج2 ص717 و 745 وكنز الفوائد للكراجكي ص186 والعمدة لابن
البطريق ص345 والروضة في فضائل أمير المؤمنين ص133 وسعد السعود
ص275 والعقد النضيد والدر الفريد ص70 والمحتضر للحلي ص73
والصراط المستقيم ج1 ص242 و 243 وكتاب الأربعين للشيرازي ص47 و
74 والإمام علي بن أبي طالب «عليه السلام» للهمداني ص76 و 787
ومسند الإمام الرضا «عليه السلام» للعطاردي ج1 ص80 و 221
وموسوعة أحاديث أهل البيت «عليهم السلام» للنجفي ج7 ص243
وتفسير أبي حمزة الثمالي ص159 والتفسير المنسوب للإمام العسكري
«عليه السلام» ص330 والصافي (تفسير) ج1 ص150 وج4 ص165 و 166
وج5 ص52 وج6 ص12 و 13 و 520 ونور الثقلين ج4 ص237 و 238 وكنز
الدقائق ج1 ص286 وج2 ص440 ومفردات غريب القرآن للراغب ص7
وتفسير الآلوسي ج22 ص31 وبشارة المصطفى ص97 و 254 ونهج الإيمان
ص625 و 629 وتأويل الآيات لشرف الدين الحسيني ج1 ص74 و 128
وينابيع المودة ج1 ص370 واللمعة البيضاء ص81 = = و 123 ومشارق
أنوار اليقين ص43 و 289 وغاية المرام ج1 ص177 و 250 وج2 ص179 و
211 وج3 ص70 وج5 ص118 و122 و 299 و301 و 303 وج6 ص66 و 155 و
166 و 167 وج7 ص128 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج4 ص100 و 227
و 366 وج5 ص95 وج7 ص216 وج13 ص77 وج15 ص518 و 519 وج20 ص230
وج22 ص280 و 282 و 346 وج23 ص580 و 621.
([9])
فرائد السمطين ج1 ص397 وأمالي الشيخ الطوسي ج2 ص277 و (ط دار
الثقافة) ص45 و 334 ومناقب آل أبي طالب ج2 ص300 والعمدة لابن
البطريق ص280 و 345 والروضة في فضائل أمير المؤمنين ص131
والمناقب للخوارزمي ص219 و 230 و (ط
مركز النشر الإسلامي)
ص310 ومناقب الإمام علي «عليه السلام» لابن المغازلي ص48
وترجمة الإمام علي بن أبي طالب «عليه السلام» لابن عساكر
(بتحقيق المحمودي) ج2 ص271 و 272 وغاية المرام ص544 ولسان
الميزان ج4 ص399 وميزان الإعتدال ج3 ص316 والصراط المستقيم ج1
ص242 وكتاب الأربعين للشيرازي ص73 وبحار الأنوار ج36 ص5 و 11
والغدير ج7 ص243 ومستدركات علم رجال الحديث للشاهرودي ج8 ص72
وكتاب المجروحين لابن حبان ج2 ص122 والكامل لابن عدي ج5 ص243
وتاريـخ مدينـة دمشق ج42 ص307 و 308 ومناقب علي بن أبي طالب
«عليـه = = السلام» لابن مردويـه الأصفهاني ص180 وفضائل أمير
المؤمنين «عليه السلام» لابن عقدة ص77 وبشارة المصطفى ص414
ونهج الإيمان لابن جبر ص629 وكشف اليقين ص300 وينابيع المودة
ج1 ص369 و 370 وج2 ص76 و 238 ومعارج اليقين للسبزواري ص53
وغاية المرام ج5 ص296 و 298 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج6
ص488 و 491 و 492 وج17 ص25 و 26 و 27 وج21 ص577 وج23 ص272.
([10])
راجع: نهج الحق للعلامة الحلي (مطبوع مع دلائل الصدق) ج3 ق1
ص113 و (ط ار الهجرة ـ قم) ص287 وبحار الأنوار ج31 ص63 وشرح
نهج البلاغة للمعتزلي ج12 ص259 وإحقاق الحق (الأصل) ص245.
([11])
نهج البلاغة (بشرح عبده) ج2 ص86 الخطبة رقم 173 وبحار الأنوار
ج34 ص249 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج9 ص328.
([12])
أنساب الأشراف ج5 ص21 وكتاب الفتوح لابن أعثم ج2 ص333 وتاريخ
الأمم والملوك ج3 ص300 و 296 وراجع: أصول السرخسي ج2 ص132 وأسد
الغابة ج3 ص315 وخلاصة عبقات الأنوار ج3 ص334 وشرح نهج البلاغة
للمعتزلي ج12 ص278 والفصول في الأصول للجصاص ج4 ص55 وتاريخ
اليعقوبي ج2 ص162 وتاريخ المدينة لابن شبة ج3 ص928 والعبر
وديوان المبتدأ والخبر ج2 ق1 ص126 والكامل في التاريخ ج3 ص70.
([13])
تاريخ المدينة لابن شبة ج3 ص928 والغدير ج10 ص12 وبحار الأنوار
ج31 ص401 والكامل في التاريخ ج3 ص70 وتاريخ الأمم والملوك ج4
ص232 و (ط مؤسسة الأعلمي) ج3 ص296 والعبر وديوان المبتدأ
والخبر ج2 ق1 ص126.
([14])
شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج12 ص258 والشافي في الإمامة ج4 ص202
و 217.
([15])
المستدرك للحاكم ج3 ص120 وتلخيصه للذهبي (مطبوع بهامشه) نفس
الجزء والصفحة، وعون المعبود ج11 ص246 وكنز العمال ج11 ص267.
([16])
المشاقص: جمع مشقص. وهو نصل السهم إذا كان طويلاً.
([17])
شرح نهج البلاغة ج1 ص186 وبحار الأنوار ج31 ص388 والغدير ج10
ص127.
([18])
شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج1 ص186 والغدير ج10 ص127 وكتاب
الأربعين للشيرازي ص567 مناقب أهل البيت «عليهم السلام»
للشيرواني ص348 وأعيان الشيعة ج1 ص437 وبحار الأنوار ج31 ص388.
وراجع: الصراط المستقيم ج3 ص23 والشافي في الإمامة ج4 ص203
وتقريب المعارف لأبي الصلاح الحلبي ص350 ونهج الحق ص286 وإحقاق
الحق (الأصل) ص245.
([19])
الآية 53 من سورة الأحزاب.
([20])
بحار الأنوار ج31 ص388 والتفسير الكبير للرازي ج25 ص225 وتفسير
البغوي ج3 ص541 ونور الثقلين ج4 ص298 ومجمع البيان ج8 ص174
ومناقب أهل البيت «عليهم السلام» للشيرواني ص348 وتخريج
الأحاديث والآثار ج3 ص127 و 128 والسيرة الحلبية ج1 ص448 وج3
ص362.
([21])
شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج9 ص56 و 323 وبحار الأنوار ج17 ص27
وج22 ص190 وج31 ص388 وج32 ص107 وكتاب الأربعين للشيرازي ص217
ومناقب أهل البيت «عليهم السلام» للشيرواني ص375 والأصفى
(تفسير) ج2 ص1000 والصافي (تفسير) ج4 ص199 وج6 ص61 ونور
الثقلين ج4 ص298.
([22])
راجع: شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج20 ص21 والإيضاح لابن شاذان
ص515 وكتاب الأربعين للشيرازي ص324 والدرجات الرفيعة ص19.
([23])
شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج3 ص56 وج8 ص258 وقاموس الرجال ج6
ص262 و 263 عنه، ومصباح البلاغـة (مستدرك نهج البلاغـة) ج4
ص235 = = وكتاب سليم بن قيس ص303 و 362 وكتاب الأربعين
للشيرازي ص586 و 607 وبحار الأنوار ج22 ص416 وج31 ص177 وج33
ص152 والغدير ج8 ص305 و 346 و 389 والإمام علي بن أبي طالب
«عليه السلام» للهمداني ص696 والدرجات الرفيعة ص244 وكتاب
الفتوح لابن أعثم ج2 ص374 والشافي في الإمامة ج4 ص295 وتقريب
المعارف ص270 ونهج الحق (ط دار الهجرة) ص299 وإحقاق الحق
(الأصل) ص256 وسفينة النجاة للتنكابني ص252.
([24])
تاريخ مدينة دمشق ج39 ص146 ومختصر تاريخ دمشق ج16 ص140.
([25])
تاريخ مدينة دمشق ج39 ص174 و 184 و 290 وج44 ص165 ومختصر تاريخ
دمشق ج16 ص148 وكنز العمال ج5 ص743 وج13 ص66 و 96 والتاريخ
الكبير للبخاري ج1 ص262 ومجمع الزوائد ج5 ص176 وج9 ص89 وعمدة
القاري ج16 ص177 وكتاب السنة لابن أبي عاصم ص544 ومسند أبي
يعلى ج7 ص45 وج12 ص474 والوضاعون وأحاديثهم ص422 والكامل لابن
عدي ج1 ص264 وج4 ص92 وتاريخ بغداد ج9 ص340 ولسان الميزان ج3
ص193 وسبل الهدى والرشاد ج11 ص249.
([26])
راجع: كتاب الفتـوح لابن أعثم ج2 ص373 وبحار الأنـوار ج31 ص194
= = والشافي في الإمامة ج4 ص290 والغدير ج9 ص16 وشرح نهج
البلاغة للمعتزلي ج3 ص50 وراجع ج10 ص102 وج20 ص36 والـدرجـات
الرفيعـة ص263 وراجع ص255 والإستغاثة ج1 ص53 وحياة الإمام
الحسين «عليه السلام» للقرشي ج1 ص366 وسفينة النجاة للتنكابني
ص247 وفلك النجاة لفتح الدين الحنفي ص156 وراجع: مناقب أهل
البيت «عليهم السلام» للشيرواني ص362 وخلاصة عبقات الأنوار ج3
ص21 والإستيعاب (ط دار الجيل) ج3 ص1136 والوافي بالوفيات ج22
ص233 وعن أنساب الأشراف ج6 ص162 وعن الرياض النضرة ج3 ص85.
([27])
راجع: الأمالي للصدوق ص324 وروضة الواعظين ص281 وبحار الأنوار
ج22 ص319 وج33 ص25 وج43 ص46 ومناقب أهل البيت «عليهم السلام»
للشيرواني ص379 والغدير ج9 ص24 و 25 وج10 ص18 و 87 و 312 وسنن
ابن ماجة ج1 ص52 وسنن النسائي ج8 ص111 وفضائل الصحابة للنسائي
ص50 والمستدرك للحاكم ج3 ص392 ومجمع الزوائد ج9 ص295 وفتح
الباري ج7 ص72 والمصنف لابن أبي شيبة ج7 ص217 و 524 والسنن
الكبرى للنسائي ج5 ص74 وج6 ص532 وصحيح ابن حبان ج15 ص552
والإستيعاب ج3 ص1137 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج10 ص103 وج20
ص38 والجـامع الصغير ج2 ص178 و 539 وكنز العـمال = = ج11 ص722
و 724 وفيض القدير ج4 ص473 وج6 ص5 والدرجات الرفيعة ص257 وعلل
الدارقطني ج4 ص152 وتاريخ مدينة دمشق ج43 ص359 و 391 و 392 و
393 وج60 ص168 وأسد الغابة ج5 ص383 وتهذيب الكمال ج21 ص222.
وراجع: سير أعلام النبلاء ج1 ص413 والإصابة ج4 ص473 وتهذيب
التهذيب ج7 ص358 وتاريخ الإسلام ج3 ص573 والوافي بالوفيات ج22
ص233 والبداية والنهاية ج7 ص345 وصفين للمنقري ص323 وينابيع
المودة ج2 ص77 والنهاية في غريب الحديث ج4 ص333 ولسان العرب ج6
ص347 وتاج العروس ج9 ص196 وحليف مخزوم (عمار بن ياسر) ص75 وشرح
إحقاق الحق (الملحقات) ج5 ص285 وج6 ص134 وج16 ص503.
([28])
راجع: راجع: تاريخ الأمم الملوك ج3 ص322 وتاريخ الإسلام للذهبي
ج3 ص327 والغدير ج8 ص101 والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 قسم2
ص140 والبداية والنهاية ج7 ص154 والكامل في التاريخ ج3 ص103 و
104 والصراط المستقيم ج3 ص32 وكتاب الأربعين للشيرازي ص586
وبحار الأنوار ج31 ص269 وتقريب المعارف ص262.
([29])
راجع: قاموس الرجال (ط مركز نشر الكتاب ـ طهران) ج6 ص138 وشرح
نهج البلاغة للمعتزلي ج3 ص43 و الشافي في الإمامة ج4 ص281
وسفينة النجاة للتنكابني ص263 ومستدركات علم رجال الحديث
للشاهرودي ج5 ص19 والغدير ج9 ص4 وبحار الأنوار ج31 ص188 عن
الواقدي.
([30])
الآية 43 من سورة الأحزاب.
|