صفحة : 57-92   

الفصل الأول: أبو ذر: إلى الشام.. أسباب وممهدات..
أبو ذر.. والمال الحرام:

عن الإمام الصادق «عليه السلام» أنه قال: أرسل عثمان إلى أبي ذر موليين، ومعهما مئتا دينار، فقال لهما: انطلقا بها إلى أبي ذر، فقولا له: إن عثمان يقرؤك السلام، وهو يقول لك: هذه مائتا دينار، فاستعن بها على ما نابك.
فقال أبو ذر: فهل أعطى أحداً من المسلمين مثل ما أعطاني؟!
فقالا: لا.
قال: فأنا رجل من المسلمين، يسعني ما يسعهم.
فقالا له: إنه يقول: هذا من صلب مالي. وبالله الذي لا إله إلا هو ما خالطها حرام، ولا بعثت بها إليك إلا من حلال.
فقال: لا حاجة لي فيها. وقد أصبحت يومى هذا وأنا من أغنى الناس.
فقالا له: عافاك الله وأصلحك، ما نرى في بيتك قليلاً ولا كثيراً مما تستمتع به.
فقال: بلى، تحت هذا الأكاف الذي ترون رغيفا شعير، قد أتى عليهما أيام، فما أصنع بهذه الدنانير؟! لا والله، حتى يعلم الله أنى لا أقدر على قليل ولا كثير، وقد أصبحت غنياً بولاية علي بن أبي طالب، وعترته الهادين «عليهم السلام»، الذين يهدون بالحق وبه يعدلون.
وكذلك سمعت رسول الله «صلى الله عليه وآله» يقول: إنه لقبيح بالشيخ أن يكذب. فردها (لعل الصحيح: فرداها) عليه، وأعلماه أنه لا حاجة لي فيها، ولا فيما عنده، حتى ألقى الله ربى، فيكون هو الحاكم فيما بيني وبينه(
1 ).
ونقول:
لا بد من التوقف لملاحظة النقاط التالية:
هل أعطى أحداً غيري؟!
1 ـ إن أبا ذر حين سأل إن كان عثمان قد أعطى أحداً من المسلمين مثل ما أعطاه يكون قد حقق أمرين:
الأول: أنه أعطى درساً مفاده: أن على الإنسان أن يفكر بغيره كما يفكر بنفسه، وأنه يجب ألا يشغله حرصه على الدنيا عن العمل للآخرة.. ولذلك نلاحظ أنه قبل أن يذكر أي شيء عن حاجته وعدمها، وقبوله أو عدم قبوله سأل إن كان عثمان قد أرسل إلى سائر المسلمين أموالاً مثل ما أرسل إليه أم لا!!
الثاني: إنه على أساس الإجابة التي سيتلقاها ينتقل للتفكير بنفسه، ويلاحظ الجوانب الأخرى التي تؤثر في قبوله أو في رده..
2 ـ إن الإجابة على هذا السؤال هي التي تحدد طبيعة هذا العطاء والسخاء إن كان بنية صالحة وسليمة، أو هو رشوة، يشترى بها سكوته، أو دينه، أو تتخذ ذريعة لإسكاته، أو مرتكزاً لتوجيه التهم له، وتشويه سمعته.
إنما أنا رجل من المسلمين:
وقول أبي ذر: «إنما أنا رجل من المسلمين، يسعني ما يسعهم»، تحقيق لمعنى الأسوة التي تعني رفض الإستئثار بشيء عن الآخرين.. وهو يحمل إدانة أخرى لعثمان، من حيث إنه يُؤْثِرُ بالأموال والصلات فئات بعينها، ولا يراعي العدل والإنصاف في ذلك.
الخليفة والمال الحرام:
لاحظنا: أن عثمان يقسم لأبي ذر أنها من خالص ماله، وأنها لم يخالطها حرام.. وأن مصدرها حلال أيضاً، وهذا يعطي: أنه كان يعلم أن أبا ذر يدقق في المال الذي يأتيه، ويحاول التمييز بين ما هو حلال وما هو حرام، ويبحث أيضاً عن مصادر ومبادئ تكوين ذلك المال.
ويعطي أيضاً: أن وجود أموال محرمة فيما ينفقه عثمان كان أمراً معروفاً وشائعاً بين الناس.. وكان الصلحاء يحاذرون من الارتطام به.. كما أن عثمان نفسه يعترف بذلك هنا..
فكيف يرضى خليفة المسلمين، الذي يضع نفسه في موقع الرسول، ويقوم بمهماته أن يتعامل بالمال الحرام؟! ولماذا لا يسعى لتجنبه، ورفضه، وإزالة صفة الحرمة عنه بالوسائل الصحيحة والمشروعة؟ كما سعى لتجنيب إبي ذر الأرتطام به
أبو ذر من أغنى الناس:
وقد ذكر أبو ذر أنه أصبح وهو من أغنى الناس، لأنه يملك رغيفي شعير، مضت عليهما أيام. ونحن نعلم أن الأغنياء كابن عوف، وعثمان، وطلحة والزبير، وابن عامر، ومروان كانوا يملكون الذهب والفضة والأنعام والضياع بمقادير هائلة.. فكيف يضع أبو ذر نفسه في مصاف هؤلاء، ويعتبر نفسه من أغنى الناس؟!
ويجاب: إنه لا بد من تحديد مفهوم الغنى عنده وعندهم، فهم من أفقر الناس عند أبي ذر.. وأبو ذر الذي كان لا يملك سوى رغيفين من شعير أغنى منهم، بل هو من أغنى الناس، لأن الغنى عنده هو غنى النفس.
وهؤلاء الذين يملكون القناطير المقنطرة من الذهب والفضة، والأنعام المسومة وغيرها. فقراء، لأنهم لا يزالون يشعرون بالحاجة إلى ما سوى ذلك كله.. ويسعون للحصول على أي شيء آخر يضيفونه إليه، ولا يشعرون بالاستغناء عن شيء.
أما أبو ذر، فلا تدعوه نفسه إلى الحصول على شيء من حطام الدنيا، بل يشعر بالغنى وعدم الحاجة إلى أي شيء.. فهو إذن من أغنى الناس.
وهو إذا شعر بالحاجة إلى شيء فحينئذ يسعى للحصول على ما يسد حاجته.. ولكن بالطرق المحللة والمشروعة.. وبالتدقيق في المال، وفي مصادره، ومكوناته..
الغنى بولاية علي :
وقد قرر أبو ذر: أنه أصبح غنياً بولاية علي «عليه السلام» وعترته الهادين .. وتوضيح ذلك: أننا نعلم: أن رزق العباد هو من الله تعالى ومن رسوله، قال تعالى: ﴿وَمَا نَقَمُواْ إِلاَّ أَنْ أَغْنَاهُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ مِن فَضْلِهِ﴾(
2).
وقال تعالى: ﴿وَمِنْهُم مَّن يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُواْ مِنْهَا رَضُواْ وَإِن لَّمْ يُعْطَوْاْ مِنهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوْاْ مَا آتَاهُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللهُ سَيُؤْتِينَا اللهُ مِن فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللهِ رَاغِبُونَ﴾(
3 ).
ومن الواضح: أن رزق أهل الإيمان برسول الله «صلى الله عليه وآله» وبعلي «عليه السلام» وأهل بيته إنما هو بالولاء، والطاعة، والمحبة لهم، والإلتزام بنهجهم..
غير أن أبا ذر يرمي إلى معنى أوسع من مجرد الرزق، المتمثل بالمال الدنيوي، بل يتعداه إلى الغنى بالخير والبركات، والإيمان، والتقوى، ومعرفة الله تعالى، والتوكل عليه، والتحلي بالأخلاق الفاضلة، والسجايا الكريمة، من خلال محبة وولاية علي وعترته الهادين صلوات الله عليهم أجمعين..
فإذا حصل على ولاية علي «عليه السلام» وأهل بيته، فقد حصل على كل خير وصلاح، وفلاح ونجاح، ولم يشعر أنه بحاجة إلى أحد..
ولا شك في أن هذا سيزعج عثمان وبني أبيه بما لا مزيد عليه، وسيزيدهم إصراراً وتصميماً على مناوأته، وعزله عن الناس ومحاصرته..
من هم عترة علي ؟!:
ولسنا بحاجة إلى التذكير بأن مراد أبي ذر بعترة علي «عليهم السلام»، الذين يحصل بولايتهم على الغنى، ليس سائر بني هاشم، بل خصوص الزهراء والحسنين، والأئمة من ذرية الإمام الحسين «عليهم السلام». الذين أخبر رسول الله «صلى الله عليه وآله» عنهم، ولا سيما في حجة الوداع في حديث: الأئمة (أو الخلفاء) بعدي اثنا عشر، كلهم من قريش (أو كلهم من بني هاشم).
وإنما قلنا: إن هؤلاء هم الذين قصدهم أبو ذر، لأنهم هم الذين يهدون بالحق، وبه يعدلون.. كما صرّح به في تتمة كلامه.
أما سائر بني هاشم، فإنهم يحتاجون ـ كأبي ذر ـ إلى الهداية والرعاية، والتعاهد والوقاية، والتربية والإصلاح، والتعليم، والتقليم والتطعيم ـ بل قد يكون أكثرهم أحوج منه رحمه الله تعالى إلى ذلك..
بمن يعرض أبو ذر؟!:
وقد ألحق أبو ذر بكلامه عن الغنى والفقر كلاماً ليس من سنخه، فقد عطف عنان كلامه ليتناول عاهة الكذب في الشيخ المسن، وقد قتل عثمان عن تسعين، أو ثمان وثمانين سنة، أو ست وثمانين، وقيل غير ذلك(
4 ) .
فروى عن النبي «صلى الله عليه وآله» قوله: إنه لقبيح بالشيخ أن يكذب. وكأنه يتهم عثمان بهذا الأمر القبيح: إما لأنه لم يصدقه القول في حلية المال المرسل إليه، أو في حلية مصادره.. أو في زعمه أنه من خالص ماله وليس من مال المسلمين.
أو لأنه لم يصدقه القول في هدفه من إرسال ذلك المال إليه، حيث ادعى له أنه يريد أن يعينه به على ما ينوبه، ولا يريد به شراء ضميره، وحمله على التخلي عن القيام بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. أو لأنه يرى أن عثمان غاصب لموقعه، وهو يرتزق لأجله من بيت المال.. فما يأخذه لأجل هذا المقام المغتصب ليس حلالاً عند أبي ذر.
عهد رسول الله ’ لأبي ذر؟!:
قال سليم بن قيس: بينا أنا وحبش بن معمر بمكة، إذ قام أبو ذر وأخذ بحلقة الباب ثم نادى بأعلا صوته في الموسم: «أيها الناس، من عرفني فقد عرفني، ومن جهلني فأنا جندب بن جنادة، أنا أبو ذر. أيها الناس، إني قد سمعت نبيكم يقول: «إن مثل أهل بيتي في أمتي كمثل سفينة نوح في قومه، من ركبها نجى، ومن تركها غرق. ومثل باب حطة في بني إسرائيل».
أيها الناس، إني سمعت نبيكم يقول: «إني تركت فيكم أمرين، لن تضلوا ما إن تمسكتم بهما، كتاب الله وأهل بيتي..» إلى آخر الحديث.
فلما قدم إلى المدينة بعث إليه عثمان وقال له: «ما حملك على ما قمت به في الموسم».
قال: عهد عهده إلي رسول الله «صلى الله عليه وآله»، وأمرني به.
فقال: من يشهد بذلك.
فقام علي والمقداد.
فشهدا، ثم انصرفوا يمشون ثلاثتهم.
فقال عثمان: «إن هذا وصاحبيه يحسبون أنهم في شيء»(
5 ).
ونقول:
أولاً: إن هذا التدبير النبوي قد فاجأ عثمان، ولم يكن يملك تلافي حصوله، بأية صورة.. إذ لم يكن يعلم بالوصية، ولا بالموصى، ولا بما تخبئه الأيام..
ثانياً: إنه «صلى الله عليه وآله» قد حصن أبا ذر من بطش الهيئة الحاكمة بإشهاده عليها من لا يمكنه رد شهادته، ولا تكذيبه، ألا وهو علي «عليه السلام»، ومن لا يمكنه اتهامه بأنه يجر النار إلى قرصه، وهو المقداد «رحمه الله».
ثالثاً: إن عثمان بقي عاجزاً عن فعل أي شيء، سوى أنه أحال الأمر على علي «عليه السلام»، وكأنه يريد أن يتهمه بأنه هو الذي يدبر هذا الأمر مع صاحبيه: أبي ذر والمقداد، وذلك حين قال: «إن هذا وصاحبيه يحسبون أنهم في شيء».
وربما يكون قد قصد: أنهم يتوهمون أنهم سينالون شيئاً ذا بال من خلال هذه التحركات التي يقومون بها..
ولعله يريد: أنه يخالفهم فيما يعتقدونه ويرونه حقاً..
مع أن الحقيقة هي أنهم إنما يعملون بواجبهم في توعية الناس، وإقامة الحجة على من يجب إقامتها عليه، ولا يهمهم بعد ذلك ما يكون. بل إن النبي «صلى الله عليه وآله» هو الذي أعلم علياً بما يجري، ولم يكن «عليه السلام» ينطلق من فراغ، ولا من طمع بشيء من حطام الدنيا.
رابعاً: والأهم من ذلك: أنه «صلى الله عليه وآله» قد اختار مكة والكعبة بالذات لتكون هي التي يقوم أبو ذر فيها ذلك المقام.. وأن يكون ذلك في موسم الحج.. لأن الناس يأتون إلى مكة لأداء فريضة الحج من كل حدب وصوب..
كما أن قيامه بهذا الأمر على باب الكعبة يجعله في مأمن من أي تعدٍ عليه، أو محاولة لإسكاته بالقوة..
خامساً: إن الذي نادى به أبو ذر هو ثلاثة أحاديث، لها ثلاث خصوصيات:
الأولى: أن كلا الحديثين معروف عند أكثر الناس، ولا مجال للتشكيك به من أحد..
فإنه «صلى الله عليه وآله» لم يطلب منه أن يبلغ الناس نصاً خاصاً جديداً، ومبتكراً، ليتطرق احتمال في أن يكون هذا النص مصنوعاً من الأساس، أو أنه قد توهَّم فيه، أو غفل عن بعض خصوصياته..
الثانية: إن الحديث الأول ناظر لأمر يهم كل أحد أن يحسم خياره فيه، ألا وهو النجاة من المهالك، ولا سيما فيما يرتبط بالآخرة، التي لا مناص من الورود عليها، والوصول إليها..
الثالثة: إن الحديث الأخير ناظر إلى موضوع الهدى والضلال بعد فقد رسول الله «صلى الله عليه وآله»، إذ بفقده يشعر الناس بحاجتهم إلى الهداية، وإلى المرجعية في الأمور الحادثة.. فقرر «صلى الله عليه وآله» أن المرجع لهم بعد موته «صلى الله عليه وآله» هو كتاب الله وأهل بيت نبيه، ولم يرجع الناس إلى حكامهم لمعرفة أحكامهم، وأخذ معالم دينهم؟! كما قضت به السياسة العمرية بعد رسول الله «صلى الله عليه وآله» حيث منع من الفتوى إلا للأمراء..
فإذا سمع الناس هذا وذاك، فلا بد أن يراجعوا حساباتهم، وأن يكون موقع الخليفة، وكذلك الخلافة في معرض إعادة النظر فيه، على أساس هذين الحديثين الشريفين..
سادساً: إن هذا بالذات هو ما أحفظ عثمان. وإلا، فلم يكن هناك داع لإستدعائه أبا ذر، ومطالبته إياه بما كان منه، فإن للناس الحق في أن يرووا للناس ما سمعوه من نبيهم، وأن يبينوا لهم أحكام دينهم، في موسم الحج وفي غيره، وعند باب الكعبة وسواها، وفي حال الإمساك بحلقة بابها، وفي غير هذه الحال، وليس لأحد أن يمنعهم من ذلك، أو أن يسألهم عن أسبابه..
ممهدات.. ودواع:
هناك مسيرة اعتراضات وتعريضات طويلة من قبل أبي ذر تجاه السلطة كانت تضايق أهلها وتزعجهم بشكل كبير، وقد بذلت محاولات كثيرة معه ليكف عن ذلك، فلم تنفع، حتى بلغ الإنزعاج بهم إلى حد التفكير في التخلص منه، ولو بالأبعاد والنفي، ونذكر من هذه الإعتراضات ما يلي:
1 ـ عن الثقفي في تاريخه، عن الأحنف بن قيس، قال: بينما نحن جلوس مع أبي هريرة إذ جاء أبو ذر، فقال: يا أبا هريرة! هل افتقر الله منذ استغنى؟!
فقال أبو هريرة: سبحان الله! بل الله الغني الحميد، لا يفتقر أبداً، ونحن الفقراء إليه.
قال أبو ذر: فما بال هذا المال يجمع بعضه إلى بعض.
فقال: مال الله قد منعوه أهله، من اليتامى والمساكين.
ثم انطلق.
فقلت لأبي هريرة: ما لكم لا تأبون مثل هذا؟.
قال: إن هذا رجل قد وطن نفسه على أن يذبح في الله. أما إني أشهد أني سمعت رسول الله «صلى الله عليه وآله» يقول: ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر، فإذا أردتم أن تنظروا إلى أشبه الناس بعيسى بن مريم براً وزهداً ونسكاً فعليكم به(
6 ).
2 ـ وروى الثقفي في تاريخه: أن أبا ذر دخل على عثمان ـ وعنده جماعة ـ فقال: أشهد أني سمعت رسول الله «صلى الله عليه وآله» يقول: ليجاء بي يوم القيامة وبك وبأصحابك حتى نكون بمنزلة الجوزاء من السماء، ثم يرمى بنا إلى الأرض، فتوطأ علينا البهائم، حتى يفرغ من محاسبة العباد.
فقال عثمان: يا أبا هريرة! هل سمعت هذا من النبي «صلى الله عليه وآله»؟!
فقال: لا.
قال أبو ذر: أنشدك الله سمعت النبي «صلى الله عليه وآله» يقول: ما أقلت الغبراء ولا أظلت الخضراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر.
قال: أما هذا فقد سمعت.
فرجع أبو ذر وهو يقول: والله ما كذبت(
7 ).
3 ـ وفي نص آخر رواه الثقفي في تاريخه بإسناده، عن ابن عباس، قال: استأذن أبو ذر على عثمان، فأبى أن يأذن له.
فقال لي: استأذن لي عليه.
قال ابن عباس: فرجعت إلى عثمان فاستأذنت له عليه.
قال: إنه يؤذيني.
قلت: عسى أن لا يفعل.
فأذن له من أجلي، فلما دخل عليه قال له: إتق الله يا عثمان!
فجعل يقول: اتق الله.. وعثمان يتوعده، قال أبو ذر: إنه قد حدثني نبي الله «صلى الله عليه وآله»: أنه يجاء بك وبأصحابك يوم القيامة فتبطحون على وجوهكم، فتمر عليكم البهائم فتطأكم، كلما مرت آخرها ردت أولها، حتى يفصل بين الناس.
قال يحيى بن سلمة: فحدثني العرزمي أن في هذا الحديث: ترفعوني حتى إذا كنتم مع الثريا ضرب بكم على وجوهكم، فتطأكم البهائم(
8 ).
وقد ذكر الدياربكري: أن عثمان حبس عن أبي ذر عطاءه (
9 ).
4 ـ وذكر الثقفي في تاريخه، عن ثعلبة بن حكيم، قال: بينا أنا جالس عند عثمان ـ وعنده أناس من أصحاب محمد «صلى الله عليه وآله» من أهل بدر وغيرهم ـ فجاء أبو ذر يتوكأ على عصاه، فقال: السلام عليكم.
فقال: اتق الله يا عثمان!
إنك تسمع كذا وكذا.. وتصنع كذا وكذا.. وذكر مساويه.
فسكت عثمان حتى إذا انصرف، قال: من يعذرني من هذا الذي لا يدع مساءة إلا ذكرها.
فسكت القوم فلم يجيبوه، فأرسل إلى علي «عليه السلام»، فجاء، فقام في مقام أبي الذر، فقال: يا أبا الحسن!
ما ترى أبا الذر لا يدع لي مساءة إلا ذكرها؟!
فقال: يا عثمان! إني أنهاك عن أبي ذر، يا عثمان أنهاك عن أبي ذر.. ـ ثلاث مرات ـ أتركه كما قال الله تعالى لمؤمن آل فرعون: {وَإِن يَكُ كَاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِن يَكُ صَادِقاً يُصِبْكُم بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ}(
10 ).
قال له عثمان: بفيك التراب!.
قال له علي «عليه السلام»: بل بفيك التراب، ثم انصرف (
11 ).
5 ـ وعنه في تاريخه، عن المغرور بن سويد، قال: كان عثمان يخطب، فأخذ أبو ذر بحلقة الباب، فقال:
أنا أبو ذر! من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا جندب، سمعت رسول الله «صلى الله عليه وآله» يقول: إنما مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح في قومه، من تخلف عنها هلك، ومن ركبها نجا.
قال له عثمان: كذبت.
فقال له علي «عليه السلام»: إنما كان عليك أن تقول كما قال العبد الصالح: {وَإِن يَكُ كَاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِن يَكُ صَادِقاً يُصِبْكُم بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ}(
12 ).
فما أتم حتى قال عثمان: بفيك التراب.
فقال علي «عليه السلام»: بل بفيك التراب(
13 ).
6 ـ وذكر الثقفي في تاريخه: أن أبا ذر ألقي بين يدي عثمان، فقال: يا كذاب!.
فقال علي «عليه السلام»: ما هو بكذاب.
قال: بلى، والله إنه لكذاب.
قال علي «عليه السلام»: ما هو بكذاب.
قال عثمان: الترباء في فيك يا علي!.
قال علي «عليه السلام»: بل الترباء في فيك يا عثمان.
قال علي «عليه السلام»: سمعت رسول الله «صلى الله عليه وآله» يقول: ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر.
قال: أما والله على ذلك لأسيرنه.
قال أبو ذر: أما والله لقد حدثني خليلي عليه الصلاة والسلام: إنكم تخرجوني من جزيرة العرب(
14).
ونقول:
دلت النصوص السابقة على أمور كثيرة لا نريد أن نتوسع في بيانها، وذكر تفاصيلها، لأن ما يهمنا هو ما يرتبط بعلي «عليه السلام». ولسنا بصدد التأريخ لما جرى بين عثمان وأبي ذر.
من أجل ذلك نشير إلى بعض النقاط على سبيل الفهرسة، والإلماح الاجمالي، فنقول:
ألف: بالنسبة للحديث الأول نقول:
1 ـ إن سؤال أبي ذر لأبي هريرة إن كان قد افتقر، قد جاء صاعقاً ومثيراً. ولا يمكن لأبي هريرة ولا لغيره تجاهله. لأن الإجابة عنه بالإيجاب تخالف ابده البديهيات العقائدية في اكثر الأمور حساسية في الاعتقاد، وهو صادر عن رجل مثل أبي ذر، في فضله وعلمه، وصفاء إيمانه..
2 ـ إنه حين سمع جواب أبي هريرة رماه بالسؤال الأصعب المتضمن لاتهام لا مجال لأبي هريرة، ولا لغيره إلا أن يدفعه عن نفسه، وأن يبرر موقفه المخالف لما يتوقع من مثله.
3 ـ إن أبا هريرة يقول: إن التصريح بمثل هذه الأمور معناه تعريض الإنسان نفسه للذبح، مع أنها أمور من صميم هذا الدين. ومن مسلماته. ولا بد أن يتخفى بها مرتكبوها. وأن يتظاهروا بالتنزه عنها.
فما معنى أن تشيع عنهم، وأن يذبحوا من يطالبهم بالإقلاع عنها؟! وهل هذا يساعد على تبرئتهم منها؟
4 ـ ثم جاءت شهادة أبي هريرة لأبي ذر بصدقه الذي لا يضارعه فيه أحد. والتي نقلها عن رسول الله.
فما معنى إنكار صدقه، واتهامه بالكذب من قبل عثمان، ثم محاولات تبرئة عثمان وعماله التحامل من قبل محبي عثمان.
5 ـ وجاءت بعدها الفقرة التي تجعل أبا ذر أشبه الناس بعيسى «عليه السلام» في زهده ونسكه وبره، لتشهد بصفاء نيته، وبأنه لا يريد بمواقفه هذه جر نفع لنفسه، ولا هو بصدد تحقيق مآرب سياسية، وإنما هو يريد وجه الله، وإصلاح ما أفسده المتسلطون.
ب: بالنسبة للحديث الثاني والثالث نقول:
1 ـ إن أول ما يواجهنا هو التزوير الحاصل في الحديث رقم 2 وأن الصحيح هو ما ورد في الحديث الثالث. وربما يكون الجمع بين مضموني الحديثين ـ بعد إصلاح الحديث الأول ـ أقرب وأنسب.. لأننا لم نر ما يوجب إسقاط الحديث الثاني عن الإعتبار بجميع فقراته.. ومورد التحريف في الحديث الأول هو قوله: يجاء بي أو بك وبأصحابك، وقوله: ثم يرمى بنا إلى الأرض فتوطأ علينا البهائم.. فإن هذا لا يصح:
أولاً: لأن أبا ذر لم يصدر منه ما يوجب أن يرمى من السماء، وأن تطأه البهائم إلى أن يفرغ من محاسبة العباد.
ثانياً: ما هذا الترديد في قوله: «بي أو بك»؟!
ثالثاً: إن وطء البهائم في يوم القيامة هو بحسب الظاهر لأنهم كانوا يملكون إبلاً، وبقراً ويموتون ولا يؤدون زكاتها. وقد روى أبو ذر عن النبي «صلى الله عليه وآله» قوله: لا يموت أحد منكم فيدع إبلاً وبقراً لم يؤد زكاتها إلا جاءته يوم القيامة أعظم مما كانت وأسمن تطؤه بأخفافها الخ..(
15 ).
وربما يكون ذلك لأنهم متكبرون متجبرون في الدنيا، فيذلهم الله تعالى في الآخرة بهذا النحو وغيره.
واللافت هنا: أن عثمان كان يستفيد من اسلوب يشير إلى هذا المعنى، فقد وطأ عماراً حتى فتقه.
2 ـ إن عثمان قد اختص أبا هريرة بالسؤال عن حديث أبي ذر، مع أن الرواية تصرح: بوجود جماعة عند عثمان.. إلا أن يقال: إن الحاضرين لم يكونوا من الصحابة. ولكنه احتمال لا شاهد له. ولو صح لكان المناسب تصريح الراوي بذلك.
3 ـ لنفترض أن أبا هريرة لم يسمع بذلك الحديث، فهل يكون أبو ذر كاذباً فيما ينقله؟! وحتى لو كان الناقل يكذب في بعض الأحيان، فذلك لا يعني كذب هذا الحديث، فإن الكاذب يصدق كثيراً.. غاية الأمر: أننا لا نستطيع أن نجزم بصدق خبره، وعدم إمكان الإحتجاج به.
4 ـ ما تضمنه هذا الحديث يدل على سبب تصلُّب الحكام في المنع من رواية حديث رسول الله «صلى الله عليه وآله».. فإن السماح بذلك من شأنه أن يحرجهم في أمور حساسة لا يطيقون سماعها، ويحاذرون أشد الحذر من انتشارها وشيوعها عنهم.
5 ـ إن عثمان لا يأذن لأبي ذر بالدخول عليه، بحجة أنه يؤذيه. والذي رأيناه هو أنه «رحمه الله» كان يسدي إليه النصائح، ويذكره بما سمعه من رسول الله «صلى الله عليه وآله»، ويطلب منه إصلاح الأمور، وكف عماله عن ظلم الناس. ومنعهم من ارتكاب ما حرم الله تعالى.. فكان عثمان يتأذى بذلك.. أما أن يؤذي عثمان بأكثر من ذلك، فذلك مما لا يمكن صدوره من أبي ذر أحد الأربعة الذين تشتاق الجنة إليهم..
6 ـ ولفت نظرنا هنا أمران:
أحدهما: أن عثمان لا يأذن لأبي ذر بالدخول.. وهو ذو المنزلة الرفيعة عند الله وعند رسوله. ولدى الناس عامة، لأجل صدقه وعلمه، وتقواه وزهده.
فإن مُنِعَ أمثاله من الدخول على السلطان، لمجرد أنه ينطق بكلمة الحق. فأي حق يمكن أن يعود لصاحبه إذا كان صاحب الحق ليست له شوكة، ولا سلطان؟!
واللافت: أن بطانة عثمان المكرمين عنده كانوا من أمثال مروان، والوليد بن عقبة، ومعاوية. وأن الذين يقصيهم عثمان ويهينهم، ويعتدي على كرامتهم حتى بالضرب والنفي وغيره، هم من أمثال عمار، وأبي ذر، وكعب بن عبدة، وحتى علي بن أبي طالب.. وكثيرين آخرين من ذوي المكانة بين الناس، مثل ابن مسعود، وابن عوف.. و..
الثاني: إصرار أبي ذر على الدخول على عثمان، وتوسيطه ابن عباس لأجل ذلك..
ثم لما أذن له، ودخل عليه لم يزد على أن صار يأمره بتقوى الله تعالى..
وكان جواب عثمان على أمر أبي ذر له بتقوى الله هو التهديد والوعيد، والإعتزاز بالشوكة والسلطان.. فأين هذا الجواب من ذلك الخطاب؟!
7 ـ إن الحديث الذي لجأ إليه أبو ذر بعدما رأى من اعتداد عثمان بقوته، وبعد تهديده ووعيده، يشير إلى المهانة التي سيتعرض لها في الآخرة، فإنه هو وأصحابه (الذين يعتد بهم ويتوعد، ويهدد أبا ذر بالاعتماد عليهم) سَيُلْقَوْنَ من السماء، حيث تطأ عليهم البهائم، وليس الخلائق. وليس للبهائم شأن أو قيمة في مقابل بني الانسان. بل هي تكون في خدمة الانسان وفي قبضته.
ج: وأما بالنسبة للحديث الرابع، فلا يحتاج إلى بيان، ولكننا نقول:
1 ـ إن الذي صنعه أبو ذر هو الأمر بتقوى الله، ثم ذكر لعثمان ما يسمع ويصنع، ولم يجد عثمان ما يجيبه به سوى التهديد والوعيد.. ولو أمكنه تسجيل أيةمؤاخذة على كلام أبي ذر لبادر إليها..
والناصح إنما يشير إلى المعايب لكي تجتنب، ولم يكن أبو ذر ممن يدخل على الأمراء لمجرد إطرائهم وكيل المديح لهم، فإنهم في حكمهم إنما يقومون بواجباتهم، ويفترض فيهم أن لا يقصروا، وأن لا يعتدوا.
فمتى حصل شيء من ذلك وجب على جميع الناس تقويمهم، ومنهم أبو ذر.. فما فعله «رحمه الله» هو التصرف الطبيعي، والمتوقع من أمثاله.
2 ـ لو أن عثمان أخذ بنصائح أبي ذر وسواه لم يبق مبرر لذكر ما يسوءه ويزعجه..
3 ـ إن نفس إرسال عثمان إلي علي «عليه السلام» ليحضر، وليشتكي له أبا ذر يشير إلى أن عثمان كان بصدد الإقدام على شيء غير حميد.. ولكنه يخشى من تصدي علي «عليه السلام» له، ولذلك بادر «عليه السلام» إلى تحذيره ـ من التعدي على أبي ذر، وكرر ذلك ثلاث مرات بعبارة واحدة هي: «يا عثمان، إني أنهاك عن أبي ذر». ليؤكد له خطورة ما يفكر فيه تجاه ذلك الصحابي الجليل.
4 ـ وقد لفت نظر راوي الحادثة: أن علياً «عليه السلام» حين حضر إلى مجلس عثمان، قام في نفس مقام أبي ذر «رحمه الله».. فهل كانت صدفة؟! أم هي إشارة ودلالة؟! لا ندري.. غير أننا لم نجد في فعل علي «عليه السلام» إلا ما يشير إلى الوعي لكل حركة، والتدبر في كل تصرف..
5 ـ الإستشهاد بالآية الكريمة التي تذكر مؤمن آل فرعون لم يتضمن أي شيء يوجب هذه الجرأة من عثمان على علي «عليه السلام»، وهتك حرمته بقوله: بفيك التراب..
لأن هذه الآية إنما قررت معادلة عقلية مفادها: أنه إن كان كاذباً فكذبه سيعود عليه بالضرر، لأنه يُظهر: أنه ظالم، لا يتورع عن التجني على الأبرياء، وذلك يسقطه عن منازل الكرامة والشهامة، ويعرضه لعذاب الله الأليم، ويورده الجحيم.
وإن كان صادقاً، فعليهم أن يصلحوا ما أفسدوا، وأن يقوِّموا، وأن يسددوا، حتى لا يصيبهم بعض الذي يعدهم به..
كما أن أحد الفريقين مسرف على نفسه كاذب، فيحتمل أن يكون ذلك القائل هو المسرف الكاذب، ويحتمل أن يكونوا هم المبتلين بالإسراف وبالكذب. والله تعالى مطلع على السرائر، واقف على ما في الضمائر، يعرف المحق من المبطل، والصادق من الكاذب، والعادل من المسرف، ولن يشمل بلطفه المسرف الذي يمتهن الكذب للفوز بالدنيا، وتحقيق مآربه الرخيصة فيها.
6 ـ وبعد أن لفت علي «عليه السلام» النظر إلى أنه كان بالإمكان أن يراجع الناس الوقائع التي شهدوها وعاينوها. ليعرفوا الصادق من غيره، والمسرف من غير المسرف.
ولم يعد بيد عثمان وسيلة للتستر على الحقيقة، ولملمة الأمور لجأ عثمان إلى وسيلة العاجز، وهو إذلال الآخرين، والبطش بهم، والمسِّ بكراماتهم ولو بلسانه.. فقال لعلي «عليه السلام» ـ ليصرف انظار الناس عن الواقع الذي انطلقوا إليه ليستعرضوه في ذاكرتهم ومخيلتهم. وليؤذي علياً «عليه السلام» بلسانه ويشفي غيظه منه عن هذا الطريق ـ فقال: بفيك التراب..
وأجابه «عليه السلام»: بل بفيك التراب.. لأن علياً «عليه السلام» قد فَلَجَ بحجته، و عثمان هو الذي لا يملك الحجة.. فهو أولى بالتراب وأجدر.
د ـ وعن الرواية الخامسة والسادسة، نقول:
1 ـ إن حديث السفينة متواتر عن رسول الله «صلى الله عليه وآله»، وقد رواه عنه أبو ذر، وابن عباس، وابو سعيد الخدري، وأنس، وعلي أمير المؤمنين «عليه السلام»، وعبدالله بن الزبير، وعامر بن واثلة، وسلمة بن الأكوع.. وربما غير هؤلاء هذا عدا رواته من طرق الشيعة..
فكيف يقول عثمان لأبي ذر، كذبت؟! ولماذا أغفل هنا قول رسول الله «صلى الله عليه وآله» في حق أبي ذر: ما أظلت الخضراء، ولا أقلت الغبراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر..
2ـ إن علياً «عليه السلام» ما زاد على أن قدم نصيحة لعثمان بأن لا يستعجل في حكمه على أبي ذر بالكذب.. وأرشده إلى الاقتداء بالعبد الصالح، بأن يقول: {وَإِن يَكُ كَاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِن يَكُ صَادِقاً يُصِبْكُم بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ}(
16 ).
فبماذا استحق علي هذه الكلمة الجارحة من عثمان؟!
3 ـ وحديث أبي ذر لعثمان: أن رسول الله «صلى الله عليه وآله» أخبره بأنهم سيخرجونه من جريرة العرب، كان كافياً لاستيحاش عثمان من تصرفاته الخشنه مع أبي ذر. وعدم إقدامه على نفيه إلى الشام، ثم إلى الربذة ولكن عثمان إنما يهتم بإسكات الصوت الذي يجاهر بما يكره.. أو خنقه قدر الإمكان، مهما كانت النتائج.
4 ـ وقد لاحظنا: أن عثمان يهتم بإلصاق تهمة الكذب بأبي ذر، رغم إخبارهم إياه بقول النبي «صلى الله عليه وآله» في حق أبي ذر وتأكيده «صلى الله عليه وآله» صدقه، فهل كان عثمان يسعى لإسقاط هذه الكلمة عن الاعتبار؟ ولماذا؟!
وهل يقاس الوحي الإلهي على لسان رسول الله «صلى الله عليه وآله» بالتهم الجزافية، التي تدعو الأهواء لإطلاقها وإلصاقها بالأبرار والأخيار؟!
5 ـ والأدهى والأمر، والأغرب والأعجب من ذلك كله: أن يصرح خليفة المسلمين، الذي يحكم الأمة باسم نبيها الأكرم، بأنه مصمم على التنكيل بأبي ذر، ونفيه، لأنه يصر على تكذيبه وتحدي قول رسول الله «صلى الله عليه وآله» فيه «رحمه الله»، وفي تأكيد صدقه، فيقول لعلي «عليه السلام» بعد رواية حديث أصدقية أبي ذر: «أما والله على ذلك لأسيرنه».
السبب المباشر:
قال ابن أبي الحديد المعتزلي:
إن الذي عليه أكثر أرباب السيرة، وعلماء الأخبار والنقل، أن عثمان نفى أبا ذر أولا إلى الشام، ثم استقدمه إلى المدينة لما شكا منه معاوية، ثم نفاه من المدينة إلى الربذة لما عمل بالمدينة نظير ما كان يعمل بالشام.
أصل هذه الواقعة: أن عثمان لما أعطى مروان بن الحكم وغيره بيوت الأموال، واختص زيد بن ثابت بشيء منها، (مئة ألف درهم، وأعطى الحارث بن الحكم بن أبي العاص ثلاث مئة ألف درهم) جعل أبو ذر يقول بين الناس، وفي الطرقات والشوارع: {بَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}. ويرفع بذلك صوته، ويتلو قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}(
17 ).
فرفع ذلك إلى عثمان مرارا وهو ساكت.
ثم إنه أرسل إليه مولى من مواليه (اسمه نائل): أن انته عما بلغني عنك.
فقال أبو ذر: أو ينهاني عثمان عن قراءة كتاب الله تعالى، وعيب من ترك أمر الله تعالى؟! فوالله لأن أرضي الله بسخط عثمان أحب إلي وخير لي من أن أسخط الله برضا عثمان.
فأغضب عثمان ذلك وأحفظه، فتصابر وتماسك.
إلى أن قال عثمان يوماً، والناس حوله: أيجوز للإمام أن يأخذ من المال شيئا قرضا، فإذا أيسر قضى؟
فقال كعب الأحبار: لا بأس بذلك.
فقال أبو ذر: يا بن اليهوديين، أتعلمنا ديننا!
فقال عثمان: قد كثر أذاك لي، وتولعك بأصحابي، الحق بالشام.
فأخرجه إليها(
18 ).
وذكر الثقفي في تاريخه، عن سهل بن الساعدي، قال: كان أبو ذر جالساً عند عثمان، وكنت عنده جالساً، إذ قال عثمان: أرأيتم من أدى زكاة ماله، هل في ماله حق غيره؟!
قال كعب: لا.
فدفع أبو ذر بعصاه في صدر كعب، ثم قال: يا ابن اليهوديين! أنت تفسر كتاب الله برأيك؟! {لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ المَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ}.
إلى قوله: {وَآتَى المَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالمَسَاكِينَ}(
19 ).
ثم قال: ألا ترى أن على المصلي بعد إيتاء الزكاة حقا في ماله؟!
ثم قال عثمان: أترون بأساً أن نأخذ من بيت مال المسلمين مالاً، فنفرقه فيما ينوبنا من أمرنا، ثم نقضيه؟!
ثم قال أناس منهم: ليس بذلك بأس. وأبو ذر ساكت.
فقال عثمان: يا كعب! ما تقول؟!
فقال كعب: لا بأس بذلك.
فرفع أبو ذر عصاه فوجأ بها في صدره، ثم قال: أنت يا بن اليهوديين تعلمنا ديننا؟!.
فقال عثمان: ما أكثر أذاك لي وأولعك بأصحابي؟!
ألحق بمكينك، وغيب عني وجهك.
أو قال: ما أكثر أذاك لي، غيب وجهك عني، فقد آذيتني(
20 ).
فخرج أبو ذر إلى الشام.
وذكر الثقفي، عن الحسين بن عيسى بن زيد، عن أبيه: أن أبا ذر أظهر عيب عثمان وفراقه للدين، وأغلظ له حتى شتمه على رؤوس الناس، وبرئ منه، فسيره عثمان إلى الشام(
21).
ونقول: علينا أن نشير هنا إلى الأمور التالية:
بشر الكافرين بعذاب أليم:

1 ـ إن قول أبي ذر بين الناس في الطرقات والشوارع: بشر الكافرين بعذاب أليم.. يدل على أن أبا ذر كان يكفر من يتصرف ببيت مال المسلمين على هذا النحو.. ولم يكن هذا محصوراً بأبي ذر، فقد كانت عائشة تكفر عثمان، ومن مقولاتها المشهورة: اقتلوا نعثلاً فقد كفر..
إلا إن كانت تكفره لأسباب أخرى غير هذه.. وكان عمار وغيره يكفرونه أيضاً. ولسنا بحاجة إلى إيراد الشواهد، ولا تتبع أقوال الصحابة في كفر وإيمان عثمان..
2 ـ لا ينحصر سبب الكفر بإنكار الألوهية أو النبوة، واتخاذ دين آخر غير دين الإسلام.. بل قد يحصل الكفر بالاستهزاء بأحكام الله، أو بإنكار بعض ضروريات الدين..وغيرذلك.
3 ـ إن هذه المنادات في الطرقات والشوارع، وعدم اعتراض أحد من الناس على أبي ذر في ذلك، يدل على أن أذهان الناس كانت قد قبلت هذا الأمر بالنسبة للمتسلطين والحاكمين، أو هي ـ على الأقل مستعدة لقبوله..
وهو يشير أيضاً إلى تناقص التأييد لعثمان بدرجة كبيرة وخطيرة.. ولذلك لم يجترئ هو، ولا حزبه على مواجهة أبي ذر في البداية..
ولذلك، رفع أمر أبي ذر إلى عثمان مراراً، وهو ساكت.
4 ـ إن ذهاب أعاظم الصحابة إلى تكفير عثمان.. علماً بأن هؤلاء الكبار لم يكونوا من فريق واحد، بل هم من جميع الفئات.. كما أن من بينهم أعاظم الذين كانوا من مؤيديه، والساعين إلى تكريس الأمر له، وفيهم أيضاً أبرار الصحابة وخيارهم وعلماؤهم، من أمثال أبي ذر، وعمار، وفيهم أيضاً: ابن مسعود، وعبد الرحمن بن عوف، وعائشة.. بل فيهم: علي بن أبي طالب «عليه السلام» كما ورد في بعض الأحاديث عنه، إن ذهابهم إلى ذلك يدل على أن أمر عثمان لم يكن يمكن الإغضاء عنه، والمرور عليه بلا اكتراث.
فلا يجوز تبسيط الأمور باتهام هذا، والطعن في ذاك، ولا يصح التشبث بتبريرات واهية، وتوجيهات خاوية، واستحسانات بالية، وفتاوى غبية وشعارات ردية، تضحك الثكلى، وشر البلية ما يضحك.
5 ـ واللافت هنا: أن أبا ذر لم يصرح باسم عثمان، بل اتبع طريقة تجعل التدخل لإسكاته غير مبرر ولا مقبول.. فهو إنما يقرأ القرآن، وهو يتحدث عن قواعد عامة تتضمن إدانات لمن يترك أمر الله تعالى..
وليس هو مسؤولاً عن تطبيقات الناس، ولا عن توهماتهم، أصاب الناس في ذلك أم أخطأوا.
وليس لعثمان أن يسخط، أو أن يمنع من إدانة أهل الكفر والباطل.
فتاوى كعب الأحبار:
1 ـ إن أبا ذر كان يعرف أن كعب الأحبار يريد بفتاواه هذه التزلف لعثمان، والحصول على المكانة الرفيعة لديه..الأمر الذي يعطيه القدرة على تمرير أمور قد تكون على درجة كبيرة من الخطورة على الدين وأهله..
2 ـ وكان يعلم أيضاً: أن عثمان كان يسعى للإستغناء بكعب عن كثير ممن لم يكن يسعد بأن يحتاج إليهم، فكان يحاول أن يضع كعب الأحبار في مقام علمي رفيع، لم يكن كعب أهلاً له. فكان يطلب منه الفتوى، لأنه يعلم أن طلب خليفة المسلمين الفتوى من كعب سوف يدفع الكثيرين للأخذ عنه كل شاردة وواردة. والغث والسمين..
وهذا يعطي الفرصة لكعب لأن يدس في هذا الدين من إسرائلياته ما شاء..
فرأى أبو ذر: أن من الضروري كسر هيبة كعب أمام الناس. ووضع الأمور في نصابها، ليحيا من حيي عن بينة، ويضل من يضل عن بينة.. وهكذا كان..
3 ـ لقد كان على خليفة المسلمين أن لا يهتم بهذا المقدار برجل كان من علماء أهل الكتاب، وقد تظاهر بالإسلام في زمن عمر.. وظهر للناس أنه كان مهتماً بالدس في هذا الدين، فما معنى أن يسأله خليفة المسلمين عن أمور دينه، وعن تكليفه الشرعي، فإن المفروض: هو أن يكون عثمان ـ الذي وضع نفسه في مقام رسول الله «صلى الله عليه وآله»، ويدَّعي لنفسه وظائفه وصلاحياته ـ هو المعلم للناس. والعالم بأمور الدين، والذي يسأله الناس عن الأحكام، وعن الحلال والحرام.
فإذا رأى الناس أنه يجهلها، ويتعلمها من كعب،فسيرون أن كعباً أعلم أهل الأرض والسماء، وسيتخذونه مرجعاً لهم، وكهفاً وملاذاً في أمور دينهم ودنياهم.. وهذا تغرير بالناس، وهو أمر في غاية الخطورة.
وقد أدرك ذلك أبو ذر، وواجهه بالنحو الذي رأينا.
4 ـ إن أبا ذر يصف كعباً بأنه ابن اليهوديين، ليفهم الناس أن هذا الرجل ليس له قدم في هذا الدين. وأنه حديث عهد به، فمن أين يأتيه علم رسول الله، وعلم كتاب الله؟!
وعثمان، والصحابة من حوله، قد قرأوا وسمعوا، وعاشوا مع رسول الله «صلى الله عليه وآله».. فهم أولى بالفتيا منه.
5 ـ إذا كان خليفة المسلمين لا يعرف مثل هذا الحكم البديهي، ولا يجد في الصحابة الأخيار من يعرفه، فعلى الإسلام السلام.
وأين كان باب مدينة علم رسول الله «صلى الله عليه وآله» عن عثمان؟! ولماذا لا يسأله عما يجهله، كما كان يسأله أسلافه: أبو بكر وعمر في مناسبات أخرى.. بل كان عثمان نفسه يرجع إليه «عليه السلام» في أمور كان يعجز عنها.
6 ـ لا ندري لماذا اصبح كعب الأحبار من أصحاب عثمان، وأصبح أبو ذر من الغرباء عنه، إلى حد أنه صار يستحق العقوبة بالنفي والتغريب، لمجرد أنه أراد نهي كعب الأحبار عن المنكر، فهل صار كعب الأحبار اليهودي أحب إلى عثمان من أبي ذر الذي تشتاق إليه الجنة؟!..
7 ـ وعن الحكم الذي سأل عنه عثمان نقول:
إذا جاز لعثمان أن يتصرف في بيت المال بالإقتراض، ليصرفه فيما ينوبه من أموره الخاصة، فلماذا لا يجوز لذوي الحاجة من المسلمين أن يقترضوا من بيت المال لأجل أمورهم الشخصية؟!
فإن غير عثمان كان أحوج من عثمان إلى الإقتراض من بيت المال.
8 ـ إن عثمان لم يكن بحاجة إلى الإقتراض، فهو يملك من الأموال ما لا يخطر على البال، حتى قال المسعودي: «ذكر عبد الله بن عتبة: أن عثمان يوم قتل كان له عند خازنه من المال خمسون ومئة ألف دينار، وألف ألف درهم، وقيمة ضياعه بوادي القرى وحنين، وغيرهما مئة ألف دينار، وخلف خيلاً، وإبلا كثيرةً»(
22 ).
وما معنى فتح هذا الباب على بيت المال، الذي سيؤدي إلى محقه وتبديده على أيدي الطامحين والطامعين.
9 ـ ثم إن أبا ذر قدم دليلاً حسياً على جهل كعب بآية إيتاء المال على حبه ذوي القربى، واليتامى والمساكين., وأثبت جهله بكتاب الله، فما معنى عودة عثمان لسؤاله؟! وما معنى تصديه للإجابة، بعد أن لامست عصا أبي ذر صدره وجسده؟!
ومن يفتي بغير علم يستحق أكثر من الضرب بعصا أبي ذر..
 


([1]) راجع: إختيار معرفة الرجال (ط مؤسسة آل البيت لإحياء التراث سنة 1404 هـ) ج1 ص118 بحار الأنوار ج22 ص398 عنه، وروضة الواعظين ص285 ومستدرك سفينة البحار ج8 ص617 ومواقف الشيعة ج2 ص359 والدرجات الرفيعة ص241.

([2]) من الآية 74 من سورة التوبة.

([3]) الآيتان 58 و 59 من سورة التوبة.

([4]) راجع: تاريخ الأمم والملوك ج4 ص417 ـ 419 و (ط مؤسسة الأعلمي) ج3 ص441 ـ 443 وراجع: مسند أحمد ج1 ص74  والمستدرك للحاكم ج3 ص96 والآحاد والمثاني ج1 ص127 والمصنف لابن أبي شيبة ج8 ص45 ومجمع الزوائد ج9 ص99 وبحار الأنوار ج31 ص494 والمعجم الكبير للطبراني ج1 ص77 و 78 والإستيعاب (ط دار الجيل) ج2 ص817 وج3 ص1048 وتاريخ خليفة بن خياط ص132 وتاريخ مدينة دمشق ج39 ص515 و 516 و 520 و 522 و 524 و 525 وكتاب الفتوح لابن أعثم ج2 ص433.

([5]) الإحتجاج (ط النجف سنة 1386 هـ) ج1 ص229 وبحار الأنوار ج23 ص119 وخلاصة عبقات الأنوار ج4 ص119 وكتاب سليم بن قيس (تحقيق محمد باقر الأنصاري ـ مجلد واحد) ص457.

([6]) بحار الأنوار ج31 ص277 وتقريب المعارف لأبي الصلاح الحلبي ص268.

وأخرجه باختلاف ألفاظه وأسانيده: ابن سعد، والترمذي، وابن ماجة، وأحمد، وابن أبي شيبة، وابن جرير، وأبو عمر، وأبو نعيم، والبغوي، والحاكم، وابن عساكر، والطبراني، وابن الجوزي وغيرهم، انظر مثلاً: صحيح الترمذي ج2 ص221 وسنن ابن ماجة ج1 ص 68 ومسند أحمد ج2 ص163 و 175 و 223 وج5 ص197 و 426 ومستدرك الحاكم ج3 ص342 والإستيعاب ج1 ص84 ومجمع الزوائد ج9 ص329 والإصابة ج3 ص622 وج4 ص64 وكنز العمال ج6 ص169 وج8 ص15 ـ 17 وغيرهم. وراجع الغدير ج8 ص303 ـ 306 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج8 ص257 وج3 ص55 وقاموس الرجال ج6 ص262 وبهج الصباغة ج5 ص247.

([7]) بحار الأنوار ج31 ص271 وتقريب المعارف لأبي الصلاح الحلبي ص264.

([8]) بحار الأنوار ج31 ص270 وتقريب المعارف لأبي الصلاح الحلبي ص263.

([9]) تاريخ الخميس ج2 ص268 والغدير ج9 ص6 وفلك النجاة لفتح الدين الحنفي ص156.

([10]) الآية 28 من سورة غافر.

([11]) بحار الأنوار ج31 ص270 و271 وتقريب المعارف لأبي الصلاح الحلبي ص263 و 264.

([12]) الآية 28 من سورة غافر.

([13]) تقريب المعارف لأبي الصلاح الحلبي ص269 وبحار الأنوار ج31 ص277 و278 عن الثقفي: وقال في هامشه، وقريب منه ما جاء في رواية الواقدي من طريق صهبان مولى الأسلميين كما في الأنساب ج5 ص52 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج1 ص241.

([14]) بحار الأنوار ج31 ص272 وتقريب المعارف لأبي الصلاح الحلبي ص265.

([15]) راجع: مسند أحمد ج5 ص157 و 158 وصحيح مسلم ج3 ص75 و 74 وسنن النسائي ج5 ص29 و 27 والسنن الكبرى للبيهقي ج4 ص97 و 182 وعمدة القاري ج9 ص27 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج19 ص240 وكنز العمال ج6 ص301 و 309 وكشف الخفاء ج1 ص219 والسنن الكبرى للنسائي ج2 ص14 و 12 والمغني لابن قدامة ج2 ص467 والشرح الكبير لابن قدامة ج2 ص496 وكشاف القناع ج2 ص220 والمحلى لابن حزم ج6 ص8  وجواهر العقود ج1 ص169 ونيل الأوطار ج6 ص44 وسنن الدارمي ج1 ص380 وصحيح ابن خزيمة ج4 ص9.

([16]) الآية 28 من سورة غافر.

([17]) الآية 34 من سورة التوبة.

([18]) شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج8 ص255 و 256 وبحار الأنوار ج22 ص414 وج31 ص174 و175 عنه، والغدير ج8 ص303 وكتاب الأربعين للشيرازي ص604 والشافي ج4 ص293 ـ 297 وسفينة النجاة للتنكابني ص250.

([19]) الآية 177 من سورة البقرة.

([20]) بحار الأنوار ج31 ص272 و 273 وج93 ص93 ومروج الذهب (تحقيق شارل بلا) ج3 ص83 والغدير ج8 ص295 وراجع: تقريب المعارف لأبي الصلاح الحلبي ص265 ومستدرك الوسائل ج7 ص37 وجامع أحاديث الشيعة ج8 ص321.

([21]) بحار الأنوار ج31 ص273 وتقريب المعارف لأبي الصلاح الحلبي ص265.

([22]) مروج الذهب ج1 ص433 و (تحقيق شارل بلا) ج 3 ص 76 والغدير ج8 ص285 والعبر وديوان المبتدأ والخبرج1 ص204 وأعيان الشيعة ج1 ص346.

 
   
 
 

العودة إلى موقع الميزان