الفصل الثاني: إن كان لك بالشام حاجة..

   

صفحة : 93-108  

الفصل الثاني: إن كان لك بالشام حاجة..
تأثير أبي ذر في أهل الشام:
قال ابن أبي الحديد المعتزلي: فكان أبو ذر ينكر على معاوية أشياء يفعلها، فبعث إليه معاوية يوماً ثلاثمائة دينار، فقال أبو ذر لرسوله: إن كانت من عطائي الذي حرمتمونيه عامي هذا أقبلها، وإن كانت صلة فلا حاجة لي فيها، وردها عليه.
ثم بنى معاوية الخضراء بدمشق، فقال أبو ذر: يا معاوية، إن كانت هذه من مال الله فهي الخيانة، وإن كانت من مالك فهي الإسراف(
1 ).
وكان أبو ذر يقول بالشام: والله، لقد حدثت أعمال ما أعرفها. والله ما هي في كتاب الله ولا سنة نبيه «صلى الله عليه وآله».
والله إني لأرى حقاً يطفأ، وباطلاً يحيا، وصادقاً مكذباً، وأثرةً بغير تقى، وصالحاً مستأثراً عليه(
2 ).
وقال حبيب بن مسلمة الفهري لمعاوية: إن أبا ذر لمفسد عليكم الشام، فتدارك أهله إن كان لك فيه حاجة. فكتب معاوية إلى عثمان.. ألخ.. (
3 ).
وذكر الثقفي، عن إبراهيم التيمي، عن أبيه، عن أبي ذر، قال: قلت لمعاوية: أما أنا فأشهد أني سمعت رسول الله «صلى الله عليه وآله» يقول: إن أحدنا فرعون هذه الأمة.
فقال معاوية: أما أنا فلا(
4 ).
وروى أبو عثمان الجاحظ في كتاب «السفيانية»، عن جلام بن جندل الغفاري، قال: كنت غلاماً لمعاوية على قنسرين والعواصم، في خلافة عثمان، فجئت إليه يوما أسأله عن حال عملي، إذ سمعت صارخاً على باب داره يقول: أتتكم القطار بحمل النار.
اللهم العن الآمرين بالمعروف، التاركين له. اللهم العن الناهين عن المنكر المرتكبين له.
فازبأر معاوية، وتغير لونه وقال: يا جلام، أتعرف الصارخ؟
فقلت: اللهم لا.
قال: من عذيري من جندب بن جنادة! يأتينا كل يوم فيصرخ على باب قصرنا بما سمعت!
ثم قال: أدخلوه علي، فجيء بأبي ذر بين قوم يقودونه، حتى وقف بين يديه، فقال له معاوية:
يا عدو الله وعدو رسوله! تأتينا في كل يوم فتصنع ما تصنع!
أما إني لو كنت قاتل رجل من أصحاب محمد من غير إذن أمير المؤمنين عثمان لقتلتك، ولكني أستأذن فيك.
قال جلام: وكنت أحب أن أرى أبا ذر، لأنه رجل من قومي، فالتفت إليه فإذا رجل أسمر ضرب(
5 ) من الرجال، خفيف العارضين، في ظهره جنأ(6 ).
فأقبل على معاوية وقال: ما أنا بعدو لله ولا لرسوله، بل أنت وأبوك عدوان لله ولرسوله، أظهرتما الاسلام وأبطنتما الكفر، ولقد لعنك رسول الله «صلى الله عليه وآله»، ودعا عليك مرات ألا تشبع. سمعت رسول الله «صلى الله عليه وآله»، يقول: «إذا ولي الأمة الأعين الواسع البلعوم، الذي يأكل ولا يشبع، فلتأخذ الأمة حذرها منه».
فقال معاوية: ما أنا ذاك.
قال أبو ذر: بل أنت ذلك الرجل، أخبرني بذلك رسول الله «صلى الله عليه وآله»، وسمعته يقول وقد مررت به: «اللهم العنه ولا تشبعه إلا بالتراب».
وسمعته «صلى الله عليه وآله» يقول: «است معاوية في النار».
فضحك معاوية، وأمر بحبسه. وكتب إلى عثمان فيه(
7 ).
وذكر الثقفي في تاريخه بإسناده، قال: قام معاوية خطيباً بالشام، فقال: أيها الناس! إنما أنا خازن، فمن أعطيته فالله يعطيه، ومن حرمته فالله يحرمه.
فقام إليه أبو ذر، فقال: كذبت ـ والله ـ يا معاوية، إنك لتعطي من حرم الله، وتمنع من أعطى الله(
8 ).
ونقول:
تستوقفنا في النصوص المتقدمة أمور كثيرة، نذكر منها على سبيل المثال ما يلي:
التطاول في البنيان:

إن التطاول في البنيان كان عند أمم الفرس، والروم وسواهما.. ولم نجد له أثراً يذكر في العرب في زمن البعثة النبوية، وفي حياة رسول الله «صلى الله عليه وآله» سوى ما حفل به القرآن الكريم من حديث عن الأمم البائدة، كحديثه عن إرم ذات العماد.. وسواها..
ولم يحرم الإسلام البناء الواسع والكبير، ولكنه حدَّ في إنفاق الأموال حدوداً ووضع قيوداً. وفرض على الناس الالتزام بها.. ومخالفة هذه الحدود والقيود هي التي أخذها أبو ذر على معاوية وغيره من المتصدين لسياسة العباد، والبلاد..
وقد وضع أبو ذر معاوية أمام خيارين كل منهما مرّ.. فإما أن يعترف بأنه بنى الخضراء من مال الله تعالى.. وهذه هي الخيانة التي يستحق بها العقوبة، التي سوف تسقطه عن مقامه..
أو أنه بناها من ماله ـ ومن أين لمعاوية المال ـ فيكون قد وقع في الإسراف الذي ورد النهي عنه في كتاب الله سبحانه. وذم الله المسرفين فيه، فقال: {وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ المُسْرِفِينَ}(
9 ).
وقال تعالى: {وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ المُسْرِفِينَ}(
10).
وقال: {وَأَنَّ المُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ}(
11 ).
وآيات كثيرة أخرى.. فمعاوية خاسر في كلا الحالتين..
رشوات معاوية لأبي ذر:
1 ـ وقد كثرت إشكلات أبي ذر، وشاعت وذاعت، وتضايق معاوية، وأشفق من أثارها، فحاول اسكات أبي ذر بأساليب كثيرة: ومنها المال فأرسل به معاوية إلى أبي ذر.. ولكن فأله قد خاب حين قدّر أن أبا ذر سوف يسيل لعابه حين يرى المال.. وسيقبله إما لأجل نفسه، وإما لأجل أن يفرقه بين أهل الحاجة.. فيكون معاوية رابحاً في الحالتين، حيث سيتمكن من أن يقول لأهل الشام: إن ما يشنع به علي قد وقع هو فيه.. وسيشيع بين الناس: أن أبا ذر قد أنفق ذلك المال أو بعضه على نفسه، وسيشكك في أن يكون قد أنفق شيئاً منه على غيره.. وستنطلق أبواق معاوية لتشويه سمعة أبي ذر، وستعمل أقصى طاقتها..
2 ـ وجاء موقف أبي ذر الصاعق والماحق.. حين بيّن أن الفريق الأموي الحاكم قد حرمه من عطائه طيلة ذلك العام..فإن اعترف معاوية له بذلك، فمعاوية إذن لا يتفضل عليه، ولا يحسن بهذا المال إليه، بل هو يأكل حقه، ويظلمه..
وإن كان يعطيه إياه صلة يستجلب رضاه بها، ويربح محبته وولاءه، فذلك مرفوض، لأن ولاءه ومحبته ورضاه لا تنال بالمال، بل بإرجاع الحقوق إلى أصحابها، والكف عن مخالفة أحكام الشرع الشريف، والعمل بما يرضى الله تعالى..
أحدنا فرعون الأمة:
أما حديث: أحدنا فرعون هذه الأمة(
12).. فإن كان صيغته هذه هي الصحيحة، فيكون المطلوب هو إيكال هذا الأمر إلى وجدان الناس، لكي لا يأخذوا هذه الكلمة على أنها مجرد توصيف يراد منه تصغير شأن من يطلق عليه..
بل يراد به دعوة الناس إلى استحضار شخصية أبي ذر، وشخصية معاوية، ثم المقارنة بين الرجلين، والخروج بنتائج يلمس الناس واقعيتها، وحقيقتها بأنفسهم.. لا أن تلقى إليهم، وتمر على أسماعهم بلا توقف!!..
يضاف إلى ما تقدم: أن فرعون هو الذي كان يحكم بالناس ويملي عليهم إرادته.. وهو الذي يملك المال والرجال، ويهيمن على البلاد والعباد، ويبطش بهذا ويعتدي على ذاك، ويخيف زيداً، ويضرب أو يسجن أو يشرد عمراً، أو يقتل بكراً.
أما أبو ذر فكان هو الملاحق، والمضطهد والمحروم من عطائه، والمبعد عن بلده، وقومه، وأهله، وأحبته، والذي يُهدَّد بالقتل، وتمارس عليه الضعوط.. فهل ينفع معاوية بعد هذا أن يقول: أما أنا فلا؟!
على باب قصر معاوية:
تقدم في حديث جلام: أن أبا ذر كان يصرخ على باب قصر معاوية: أتتكم القطار بحمل النار، اللهم ألعن الآمرين بالمعروف، والتاركين له. اللهم ألعن الناهين عن المنكر المرتكبين له.
وهو نداء من شأنه أن ينبه الناس إلى أن الأمور لا يجوز أن تسير وفق الأهواء والآراء، بل هناك منكر ومعروف، لا بد من معرفتهما ومراعاة أحكام الشرع فيها، وضبط الحركة والمراقبة، واتخاذ الموقف، والإقدام والإحجام من خلال هذه المعرفة وعلى أساسها..
والمنادات بذلك على باب قصر معاوية هو بيت القصيد.. فإن معاوية لا يريد لأحد أن يحاسبه ويتعامل معه على أساس الحق والباطل، لأن صفقة معاوية ستكون خاسرة في هذه الحالة، وستصبح حركته مقيدة، وخطواته قصيرة. وهذا ما يزعجه، ويقض مضجعه.
ولذلك كان يرى أنه لا بد لهذا الصوت أن يخفت، ولهذا النداء أن يتوقف.
من هو عدو الله وعدو رسوله!
وقد وصف معاوية أبا ذر: بأنه عدو الله، وعدو رسوله.. ولا ندري بماذا استحق أبو ذر هذا التصنيف الظالم، فإن مضمون ندائه لا يدل على شيء من ذلك. بل هو على ضده أدل، لأنه يريد من معاوية، ومن كل الناس أن لا يتعدوا دائرة ما يرضي الله تبارك وتعالى..
ومعاوية حين يريد إسكات هذا النداء إنما يفعل ما يغضب الله ورسوله..
فيكون هذا التوصيف لأبي ذر من باب إسقاط صفة المتكلم على المخاطب.. وهذا ظلم آخر لا بد من الإقلاع عنه من أي كان من الناس.
بماذا استحق أبو ذر القتل؟!
هل نداء أبي ذر بلزوم العمل بالمعروف والانتهاء عن المنكر يجعله مستحقاً للقتل؟! أو هو يستحق لأجله الثناء والإحترام والإكبار، ومنحه أكبر الأوسمة، وأجلها؟!
وهل انقلبت المفاهيم، فأصبحت الفضائل رذائل.. وصار المنكر معروفاً، والمعروف منكراً؟!
وتهديد معاوية لأبي ذر بالقتل، لأمره بالمعروف ونهىه عن المنكر أليس هو من مفردات الأمر بالمعروف والترك له، والنهي عن المنكر، وارتكابه..
وقد دعا هذا التصرف الأرعن أبا ذر إلى مواجهة معاوية بالحقيقة المرة، التي يعرفها الناس كلهم عنه وعن وأبيه.. فبيَّن للناس أن معاوية يقلب الحقائق، ويتجنى على الأبرياء، ويرميهم بدائه، على قاعدة: «رمتني بدائها وانسلت».
وذلك يفقد معاوية مصداقيته لدى الناس، ويعريه أمامهم.
لتأخذ الأمة حذرها:
إن الحديث الذي واجه به أبو ذر معاوية، وتضمن تحذير الأمة منه، يمثل ضربة ماحقة وساحقة لمعاوية في أعز شيء لديه، ألا وهو طمأنينة الناس إليه، وطاعتهم له.
فإذا كان «صلى الله عليه وآله» قد أوجب على الأمة الحذر منه، فإن إمساكه بالأمور لن يكون سهلاً.. إلا عن طريق التمرد على الله وعلى رسوله بصورة ظاهرة.
وهذا الحديث قد حمل دليل صدقه معه، لتضمنه الإخبار عن أمر لا يمكن الوصول إليه بالتحليلات العقلية، وإنما يؤخذ من عالم الغيب والشهادة، وهو وإن لم يصرح بالاسم، لكنه حمل معه مواصفات تنطبق على معاوية دون سواه..
وحين أراد معاوية التملص والتخلص من هذه الورطة، لم ينكر الحديث من أصله، لعلمه بأن ذلك لن يقبل منه، بل هو سيزيد الطين بلة والخرق اتساعاً، لتضمنه تكذيباً لرسول الله «صلى الله عليه وآله» في قوله: ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء من ذي لهجة أصدق من أبي ذر.
فادعى: أن المواصفات المذكورة كما تنطبق عليه، فإنها تنطبق على غيره، فليكن ذلك الغير هو المقصود بها.
ولكن أبا ذر الرجل الصادق والتقي زاد في البيان، حين ذكر: أن رسول الله «صلى الله عليه وآله» صرح بأن المقصود هو معاوية بالذات..
تزوير المفاهيم:
1 ـ والأمر الأهم هو أن معاوية كان يشيع في الناس مفاهيم مزورة، يؤسس عليها سياساته الظالمة، ويكون لها وظيفة ضبط حركة الناس، والتحكم بردات فعلهم تجاه تلك السياسات..
فمعاوية يجعل فعله هو فعل الله تبارك وتعالى، وكأنه يتلقى الأمر منه سبحانه.. فهو يدعي للناس أنه خازن، فمن أعطاه فالله يعطيه..
ولكنه لم يبين للناس كيف حصل معاوية على معرفة مراد الله في الإعطاء، أو المنع، هل هو بنحو الإلهام أو هو إلقاء شيطاني؟! وكيف ميز الإلهام الإلهي عن الإلقاء الشيطاني، وأن ما سمعه من إخبار جبرئيل له عن الله، أو من وسوسات بعض شياطين الجن؟!
ونحن نعلم أن جبرئيل قد انقطع عن الإتيان بالوحي الإلهي منذ ارتحل رسول الله إلى الرفيق الأعلى..
إلا إن كان معاوية يدَّعي الرسولية مجدداً، أو يدعي مرتبة من الربوبية للناس.. ومن حيث جعل فعله هو نفس فعل الله سبحانه، حيث قال: «فمن أعطيته فالله يعطيه، ومن حرمته فالله يحرمه».
وبذلك يتحقق مصداق قول رسول الله «صلى الله عليه وآله» عن معاوية: بأنه فرعون هذه الأمة، فإن فرعون قد سبقه إلى ادعاء الربوبية.
2 ـ وقد تصدى أبو ذر لمعاوية في هذا الأمر بالذات، وبيّن للناس كذبه فيما يدعيه فقال: كذبت والله يا معاوية.
ثم قدّم الدليل العملي القاطع على ذلك، حين قال: إنك لتعطي من حرم الله، وتمنع من أعطى الله.. أي أن الله سبحانه قد جعل ـ مثلاً ـ لليتامى والمساكين، وأبناء السبيل، والعاملين عليها حقاً في المال، ولكن معاوية يحرمهم من هذا الحق..
كما أن الله تعالى قد منع من إعطاء الأغنياء أموالاً جعلها سبحانه للفقراء، ولكن معاوية يعطيهم إياها، ويخالف بذلك ما أمر الله به.
التوفيق الجبري لأصحاب علي ×:
لقد كان همُّ الخلفاء وأعوانهم.. وجميع المناوئين لعلي وأهل بيته «عليهم السلام» هو إخمال ذكر علي «عليه السلام»، وأهل بيته، ومنع الأخيار من الصحابة من الإتصال بالناس، لتعريفهم على حقائق الدين ومفاهيمه بل كانوا يخشون من أن يرى الناس صلاح الصالحين من الصحابة ويقارنونه بسلوك أولئك الحكام الذي لا يقره شرع ولا دين..
إن أولئك الحكام يريدون أن يهيمنوا على الناس، وأن يتصرفوا حسبما يحلو لهم، فلا يعترض عليهم معترض، ولا يلومهم على ما يفعلونه لائم..
فيسرحون ويمرحون، ولأحكام الله يعصون، وعلى عباده يعتدون، وبهم يتحكمون وعلى بيوت الأموال يستولون. ويرتكبون العظائم، ويمارسون المآثم، ولا تأخذهم في طاعة الشيطان، ومعصية الرحمان لومة لائم.
ثم هم يريدون للناس أن يبقوا في أطباق من الجهل.. وفي سِنَةٍ من الغفلة، وطمس الوجدان، وتعطيل العقل..
وقد حبسوا مشاهير صحابة رسول الله «صلى الله عليه وآله» في المدينة، حتى لا يخرجوا للناس، ولا يعلموهم أحكام الله وشرائعه.. لأن ذلك يفسد الناس عليهم ـ بزعمهم.
ولكن فألهم قد خاب، فإن خروج أصحاب علي «عليه السلام» في الفتوح، وانتشارهم في البلاد، وتوليتهم بعضها قد هيّأ لهم الفرصة لنشر تعاليم الإسلام الصحيح، وعرف كثير من الناس من خلالهم إسلام علي «عليه السلام»، وأهل بيته، وأصحابه، ومحبيه. ورأوا مدى التفاوت بينهم وبين أولئك الذين يسيرون في الاتجاه الآخر..
كما أن عثمان وأعوانه وعماله قد وقعوا في المحذور الذي فرَّ منه الذين سبقوه، وذلك حين نفى أبا ذر إلى الشام، ونفى صلحاء الكوفة إلى بلاد الشام أيضاً. هذا بالإضافة إلى وصول بعض هؤلاء وأولئك إلى أقطار أخرى دخلت في الإسلام، كمصر، واليمن وسواها..
فقد تمكن الأخيار الأبرار من الصحابة من تعريف الناس بأحكام دينهم، وتنبيههم إلى أن من حقهم أن يعترضوا على الحكام فيما يرتكبونه من موبقات، وما يمارسونه من مآثم. وظهر الفرق الكبير بين النهج النبوي الصحيح، وبين ممارسات الحكام..
وأفلت الزمام من يد الحكام. وانقلب السحر على الساحر، وأصبح رفض الظلم والتعدي وضرورة الإلتزام بالحق، والإلزام به حتى للحكام والمتسلطين أصلاً أصيلاً متجذراً في الناس، رغم جهود الحكام لإستئصاله أو التشكيك به على الأقل.. وشاعت المطالبات لهم بلزوم رعاية شرع الله، وتطبيق أحكامه على الكبير والصغير، والحاكم والسوقة، والقريب والبعيد.
وبدأت في المجتمع الإسلامي حركة جديدة.. ساعد الحكام أنفسهم على نشوئها، وعلى تقويتها.. فكانوا كمن أعان على نفسه، وسار إلى حتفه بظلفه، وجعل الله كلمته هي العليا وكلمة الباطل هي السفلى. 


 

([1]) شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج3 ص54 و 55 وج8 ص256 وأنساب الأشراف ج5 ص53 وبحار الأنوار ج22 ص415 وج31 ص175 والشافي في الإمامة ج4 ص294 وكتاب الأربعين للشيرازي ص605 والغدير ج8 ص293 و 304  وأعيان الشيعة ج4 ص237 وسفينة النجاة للتنكابني ص251.

([2]) شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج3 ص55 وج8 ص256 و 257 وبحار الأنوار ج22 ص415 وج31 ص175 و 176 والغدير ج8 ص293 و 304 و 338 والدرجات الرفيعة ص243 والفوائد الرجالية للسيد بحر العلوم ج2 ص152 وحياة الإمام الحسين للقرشي ج1 ص369 والشافي في الإمامة ج4 ص294.

([3]) شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج3 ص55 وج8 ص257 وبحار الأنوار ج22 ص415 وج31 ص176 والشافي في الإمامة ج4 ص295 ونهج الحق وكشف الصدق ص299 وسفينة النجاة للتنكابني ص251 والغدير ج8 ص304 والدرجات الرفيعة ص243 ومستدركات علم رجال الحديث ج2 ص302.

([4]) بحار الأنوار ح31 ص274 وتقريب المعارف لأبي الصلاح الحلبي ص266 والعمدة لابن البطريق ص339 وراجع: علل الدارقطني ج6 ص271 ومناقب أهل البيت «عليهم السلام» للشيرواني ص378.

([5]) الضرب: الخفيف اللحم.

([6]) جنأ: إذا أشرف كاهله على ظهره حدباً.

([7]) راجع: شرح نهج البلاغة ج8 ص257 و 258 وكتاب الأربعين للشيرازي ص605 وبحار الأنوار ج22 ص415 والغدير ج8 ص304 والدرجات الرفيعة ص243 وأعيان الشيعة ج4 ص237.

([8]) راجع: بحار الأنوار ج31 ص274 وتقريب المعارف لأبي الصلاح الحلبي ص266.

([9]) الآية 141 من سورة الأنعام.

([10]) الآية 151 من سورة الشعراء.

([11]) الآية 43 من سورة غافر.

([12]) يلاحظ: أن النبي «صلى الله عليه وآله» يصف معاوية بأنه فرعون هذه الأمة، ويصفه عمر بأنه كسرى العرب. ولعل عمر يقصد معنى لا يتنافى مع قول الرسول هذا.

 
   
 
 

العودة إلى موقع الميزان