الفصل الخامس: لهذا أعيد أبو ذر..

   

صفحة : 163-178  

الفصل الخامس: لهذا أعيد أبو ذر..
سر إعادة أبي ذر من الشام:

عن أبي جهضم الأزدي، عن أبيه قال: لما أخرج عثمان أبا ذر الغفاري «رحمه الله» من المدينة إلى الشام كان يقوم في كل يوم، فيعظ الناس، ويأمرهم بالتمسك بطاعة الله، ويحذرهم من ارتكاب معاصيه، ويروي عن رسول الله «صلى الله عليه وآله» ما سمعه منه في فضائل أهل بيته «عليه وعليهم السلام»، ويحضهم على
التمسك بعترته. فكتب معاوية إلى عثمان:
أما بعد.. فإن أبا ذر يصبح إذا أصبح، ويمسي إذا أمسى وجماعة من الناس كثيرة عنده، فيقول كيت وكيت، فإن كان لك حاجة في الناس قبلي فأقدم أبا ذر إليك، فإني أخاف أن يفسد الناس عليك، والسلام..
فكتب إليه عثمان:
أما بعد.. فأشخص إليَّ أبا ذر حين تنظر في كتابي هذا، والسلام.
فبعث معاوية إلى أبي ذر فدعاه، وأقرأه كتاب عثمان، وقال له: النجا الساعة.
فخرج أبو ذر إلى راحلته، فشدها بكورها، وأنساعها.
فاجتمع إليه الناس، فقالوا له: يا أبا ذر رحمك الله أين تريد؟
قال: أخرجوني إليكم غضباً علي، وأخرجوني منكم إليهم الآن عبثاً بي، ولا يزال هذا الأمر فيما أرى شأنهم فيما بيني وبينهم حتى يستريح بر، أو يستراح من فاجر، ومضى.
وسمع الناس بمخرجه، فأتبعوه حتى خرج من دمشق، فساروا معه حتى انتهى إلى دير مران، فنزل، ونزل معه الناس، فاستقدم فصلى بهم، ثم قال:
أيها الناس، إني موصيكم بما ينفعكم، وتارك الخطب والتشقيق، احمدوا الله عز وجل.
قالوا: الحمد لله.
قال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً عبده ورسوله.
فأجابوه بمثل ما قال.
فقال: أشهد أن البعث حق، وأن الجنة حق، وأن النار حق، وأقر بما جاء من عند الله، فاشهدوا علي بذلك.
قالوا: نحن على ذلك من الشاهدين.
قال: ليبشر من مات منكم على هذه الخصال برحمة الله وكرامته ما لم يكن للمجرمين ظهيراً، ولا لأعمال الظلمة مصلحاً، ولا لهم معيناً.
أيها الناس، إجمعوا مع صلاتكم وصومكم غضباً لله عز وجل إذا عصي في الأرض، ولا ترضوا أئمتكم بسخط الله، وإن أحدثوا ما لا تعرفون فجانبوهم، وأزروا عليهم، وإن عذبتم، وحرمتم، وسيرتم، حتى يرضى الله عز وجل، فإن الله أعلا وأجل لا ينبغي أن يسخط برضى المخلوقين.
غفر الله لي ولكم، أستودعكم الله، وأقرأ عليكم السلام ورحمة الله.
فناداه الناس: أن سلم الله عليك ورحمك يا أبا ذر، يا صاحب رسول الله «صلى الله عليه وآله»، ألا نردك إن كان هؤلاء القوم أخرجوك، ألا نمنعك؟!
فقال لهم: ارجعوا رحمكم الله، فإني أصبر منكم على البلوى، وإياكم والفرقة والإختلاف.
فمضى حتى قدم على عثمان، فلما دخل عليه قال له:
لا قرب (كذا) الله بعمرو عيناً.
فقال أبو ذر: والله ما سماني أبواي عمرواً، ولكن لا قرب (كذا) الله من عصاه، وخالف أمره، وارتكب هواه.
فقام إليه كعب الأحبار، فقال له: ألا تتقي الله يا شيخ، تجيب أمير المؤمنين بهذا الكلام؟!
فرفع أبو ذر عصا كانت في يده، فضرب بها رأس كعب، ثم قال له: يا ابن اليهوديين ما كلامك مع المسلمين؟! فوالله ما خرجت اليهودية من قلبك بعد.
فقال عثمان: والله لا جمعتني وإياك دار، قد خرفت، وذهب عقلك.
أخرجوه من بين يدي حتى تركبوه قتب ناقته بغير وطاء، ثم أنخسوا به الناقة، وتعتعوه حتى توصلوه الربذة، فنزلوه بها من غير أنيس حتى يقضي الله فيه ما هو قاض.
فأخرجوه متعتعاً، ملهوزاً بالعصي.
وتقدم: أن لا يشيعه أحد من الناس، فبلغ ذلك أمير المؤمنين علي بن أبي طالب «عليه السلام»، فبكى حتى بل لحيته بدموعه، ثم قال: أهكذا يصنع بصاحب رسول الله «صلى الله عليه وآله»؟! إنا لله وإنا إليه راجعون، ثم نهض ومعه الحسن والحسين «عليهما السلام»، وعبد الله بن العباس، والفضل، وقثم، وعبيد الله حتى لحقوا أبا ذر، فشيعوه.
فلما بصر بهم أبو ذر «رحمه الله» حنَّ إليهم، وبكى عليهم، وقال: بأبي وجوه إذا رأيتها ذكرت بها رسول الله «صلى الله عليه وآله»، وشملتني البركة برؤيتها. ثم رفع يديه إلى السماء وقال: اللهم إني أحبهم، ولو قطعت إرباً إرباً في محبتهم ما زلت عنها ابتغاء وجهك والدار الآخرة.
فارجعوا رحمكم الله، والله أسأل أن يخلفني فيكم أحسن الخلافة.
فودعه القوم، ورجعوا وهم يبكون على فراقه(
1).
ونقول:
لنا مع هذا النص وقفات، هي التالية:
أحاديث العترة أخرجته من الشام:
1 ـ النص المتقدم صريح في أن أبا ذر لم يحدث أهل الشام بما يضر عثمان أو معاوية، بل هو لم يشر إلى أنه قد ذكرهما، أو أشار إليهما في قليل أو كثير..
ولا نظن أنهما يتضرران من أمر الناس بطاعة الله، وتحذيرهم من ارتكاب المعاصي.. فلماذا.. انزعج معاوية من أبي ذر حتى كتب فيه إلى عثمان، ثم أمره عثمان بحمله إليه؟!
إننا لا نجد مبرراً لذلك إلا رواية أبي ذر للناس ما سمعه من النبي «صلى الله عليه وآله» في فضائل أهل بيته، والترغيب والحض على التمسك بعترته..
وهذا يمثل خطراً على معاوية وعثمان من ناحيتين:
إحداهما: أنه كسر للحظر الذي فرضوه على رواية الحديث عن رسول الله «صلى الله عليه وآله». فإنه إذا انفتح هذا الباب، فستظهر أمور كثيرة كانوا يجهدون لكتمانها، ولا سيما ما قاله النبي «صلى الله عليه وآله» عنهم مما يبين حالهم وبعدهم عن الدين، ومحاربتهم له ولأهله، وسيسد الباب عليهم في كثير من سياساتهم، وسيجعلهم عاجزين عن توجيه الناس وفق ما يحلو لهم، أو هو على الأقل سيصعِّب عليهم ذلك بدرجة كبيرة..
بل إن ذلك سيؤدي إلى ظهور مخالفاتهم لكثير من السنن والأحكام. وسيفضح أمرهم، ويضعف ثقة الناس بهم..
الثانية: أن يعرف الناس حقيقة أهل بيت النبي «صلى الله عليه وآله» وعترته، وموقعهم من هذا الدين. والحال أن رأسهم وسيدهم وإمامهم هو علي «عليه السلام» الذي لا يطيقون ذكر اسمه..
وسيدرك الناس أنهم واقعون تحت وطأة خداع غير عادي، ولا يمكنهم السكوت عليه، لأنه يمحق دينهم، ويدمر آخرتهم، وحتى دنياهم أيضاً..
ومن شأن هذا أن يفشل مشاريع معاوية وسائر الأمويين، ويبطل كيدهم.. وسيحاول الناس أن يتعرفوا على هذا النمط من الناس، وسيقارنون بين ما قيل لهم عنهم، وبين الواقع الذي يعاينونه..
وقد تأكدت خشية معاوية، وتضاعف خوف عثمان من أبي ذر أن جماعة كثيرة من الناس كانت تجتمع عند أبي ذر في الصباح والمساء..
3 ـ يبدو لنا: أن أبا ذر قد مر في الشام بعدة حالات، جهر في بعضها بنقد عثمان، وخصوصاً حين بلغه ما فعله بعمار بن ياسر، وجهر في بعضها بنقد معاوية، وسياساته المالية وغيرها..
وانصرف في بعضها إلى موعظة الناس، وبيان العقائد والأحكام لهم، وتعريفهم بأهل بيت نبيهم عليه وعليهم الصلاة والسلام.
إجتماع الناس على أبي ذر:
وقد ذكر النص المتقدم: أن جماعة كثيرة من الناس كانت تأتي أبا ذر في الصباح والمساء، فيعظهم، ويحدثهم بما قاله النبي «صلى الله عليه وآله» في حق عترته ثم ذكر: أن الناس حين علموا بخروجه «رحمه الله» اجتمعوا إليه. وساروا حتى انتهى إلى دير مرّان(
2 ). فنزل، ونزل معه الناس.
فصلى بهم وخطبهم بما تقدم.. ولكن الأهم من ذلك هو قول الناس له حين ودعهم: «ألا نردك إن كان هؤلاء القوم أخرجوك؟! ألا نمنعك»؟!
فإن ذلك يشير إلى شدة تعلق الناس به، ومدى تأثيره فيهم..
وقد رفض «رحمه الله» طلبهم، لأنهم لو فعلوا لتعرضوا لبلاء عظيم، قد لا يكون لهم به طاقة، ولكن أبا ذر كان على استعداد لتحمل البلاء، وسيكون أصبر منهم عليه، كما أشار هو إلى ذلك، لأنهم لم تحكمهم التجارب بعد، ولا هذبوا أنفسهم، بالمقدار الذي ينالون ذلك المقام في الصبر على البلاء..
أخرج أبو ذر إلى الشام غضباً:
وقد ذكر أبو ذر للناس: أنه لم يأت إلى الشام باختياره، بل أخرجوه إليها، لا لأجل مصلحة توخوها من إخراجه فلا ينبغي أن يتوهم أحد ذلك. بل حنقاً وغضباً. وعلى الناس أنفسهم أن يبحثوا عن أسباب هذا الغضب، وأن ينظروا في تلك الأسباب، ومدى مطابقتها للشرع والدين والإنصاف، والخلق الرضي.
كما أن الإنسياق مع هذا الغضب لم يكن من الحكمة والتدبير في شيء.
وبهذا يكون «رحمه الله» قد فتح أعين الناس على أمور لم يكن يسعد معاوية ولا عثمان، ولا غيرهما من الأمويين والحاكمين أن يبحث الناس عنها، ثم أن يحصلوا على معرفتها..
وتلك ضربة أخرى يسددها ذلك الرجل الصالح والمجاهد لمن يريد طمس الحقائق، وتجهيل الناس.
إخراج أبي ذر من الشام كان عبثاً:
وقد قال أبو ذر: إن إخراجه من بين أهل الشام، وإرجاعه إلى المدينة كان يهدف إلى العبث به، ربما لأنهم تأكدوا: أن هذا النوع من التصرفات الضاغطة عليه، لا يثني عزمه على مواصلة العمل بتكليفه الشرعي، وهو هداية الأمة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وذلك يجعل عملهم هذا بلا هدف معقول أو مقبول. وهذا هو العبث بعينه..
وقد حرص أبو ذر على بيان أنه «رحمه الله» سيواصل العمل بوظيفته، وسيواصلون عبثهم إلى أن يلقى ربه.. معتبراً أنه هو البر الذي يستريح بلقاء ربه، وهم مصداق الفاجر الذي يطلب الناس الراحة منه..
وعلينا أن لا ننسى هذه اللفتة التي سجلها أبو ذر هنا حين قال: أخرجوني منكم إليهم، ولم يقل أخرجوني من الشام أو من هذا البلد، ليشير إلى هذه الصلة القوية التي تكونت بينه «رحمه الله» وبين الناس. حيث يصبح إخراجه من بينهم على حد الإساءة لهم، كما هو، إساءة إليه.
خطبة أبي ذر:
أما خطبة أبي ذر في ذلك الجمع الذي أحبه وتعلق به، وأراد أن يعبر عن هذا الحب بهذا النحو الذي عرفناه.. فهي من أروع ما سمعناه وقرأناه عن أبي ذر، حيث تضمنت تذكير ذلك الجمع، بأمور بالغة الأهمية والحساسية بالنسبة إليهم، ولذلك كانوا يرددونها معه، ويقرون بها بثقة وصراحة. وهي تلك المباني العقائدية الأساسية، مشفوعة بالبشارة لكل فرد فرد برحمة الله تعالى وكرامته، بشرط أن لا يكون ظهيراً للمجرمين، ولا مصلحاً لأعمال الظالمين، ولا معيناً لهم.
وذكر «رحمه الله» لهم: أن عليهم أن يجمعوا مع عباداتهم الغضب لله إذا عصي في الأرض، وأن لا يشتروا رضا أئمتهم بسخط الخالق.
وإن أحدثوا البدع فعليهم أن يعيبوهم بذلك، وإن عذبوا، وحرموا، وتعرضوا للنفي والإبعاد..
ثم أوصاهم بعدم الفرقة والاختلاف..
والإلتزام بهذه العناصر، وسلوك هذا الطريق هو مفتاح السعادة في الدنيا والآخرة..
رد أبي ذر على تزلف كعب الأحبار:
وقد حاول كعب الأحبار أن يتصيد الفرصة، ويتزلف إلى عثمان، فبادر إلى الإعتراض على أبي ذر في أمر لا يرتاب أحد في أن أبا ذر كان محقاً فيه، ولا يصح الاعتراض عليه من أحد، فإن أبا ذر لم يزد على أن أخبر عثمان بأن أباه لم يسمه عمرواً، وهو صادق في ذلك.
ثم أخبره: أن قول عثمان: لا قرب الله بعمرو عيناً، إنما يليق بمن عصى الله تعالى وخالفه، حيث قال له: «ولكن لا قرب الله من عصاه، وخالف أمره، وارتكب هواه». وهو مصيب في كلامه هذا كبد الحقيقة..
فما معنى أن يعترض كعب الأحبار على هذا القول الصائب والصحيح والصادق؟! ولماذا يعتبره كلاماً لا يليق بمقام الخليفة.. وأي شيء رآه في هذا الكلام يدعو إلى الإعتراض على قائله؟!
إننا لا نجد تفسيراً لموقف كعب هذا إلا أنه أراد التحريض على أبي ذر، وتعميق الخلاف بينه وبين عثمان. وإرادة التزلف لعثمان بإظهار التأييد له، وشد أزره مقابل ذلك الصحابي الجليل.
أبو ذر أعرف بكعب الأحبار:
وقد يخطر ببال البعض: أن كعب الأحبار أسلم في عهد عمر، وقد مضى على إسلامه العديد من السنوات، فما معنى اتهامه باليهودية من قبل أبي ذر «رحمه الله»؟!
ونجيب: بأنه لا مانع من أن يتظاهر بعض الناس بالاسلام لأهداف مختلفة، منها ما يعود إليه كشخص يحب جلب المنافع لنفسه، أو دفع بعض الأسواء عنها.. ومنها ما يكون هدفاً شريراً، يدخل في دائرة الكيد الخفي، والتآمر على الخط، أو على الواقع السياسي، أو الإجتماعي أو الأمني، أو ما إلى ذلك.
ومن الذي قال: إن كعباً لم يكن من هؤلاء أو أولئك؟!
ولا شك في أن أبا ذر كان أقرب إلى معرفة أحوال كعب الأحبار منا.
بل إن قول رسول الله «صلى الله عليه وآله»: «ما أقلت الغبراء، ولا أظلت الخضراء من ذي لهجة أصدق من أبي ذر»، يضطرنا للجزم بصحة ما أخبرنا به «رحمه الله» عن كعب الأحبار، لا سيما وهو يقسم عليه بالله تبارك وتعالى.
أبو ذر خرف ومجنون:
ويستوقفنا قول عثمان لأبي ذر: قد خرفت وذهب عقلك.. ثم أمره بأن يخرجوه، ويركبوه قتب ناقة بغير وطاء، وأن ينخسوا به الناقة ويتعتعوه، وينزلوه الربذة حيث لا أنيس له.
فأخرجوه متعتعاً ملهوزاً بالعصي، وأمر أن لا يشيعه أحد..
فأولاً: فكيف يحكم عثمان على أبي ذر بالخرف والجنون، ثم ينزل به هذه العقوبات الشديدة؟!
أليس قد رفع القلم عن المجنون حتى يفيق؟!(
3 )، وهل يؤاخذ عاقل الشيخ الخرف؟!
ثانياً: لم نجد في العقوبات الاسلامية أن يلهز أحد بالعصي، (لهزه بالرمح: طعنه في صدره) وأن يتعتعوه (أي أن يقلقوه ويزعجوه). وأن يركب على ناقة بغير وطاء. وأن ينفى إلى حيث لا أنيس له. وأن تنخس الناقة التي يركبها، وأن لا يشيعه أحد..
فكيف إذا كان هذا الذي يراد عقوبته بذلك كله، خَرِفاً وذاهب العقل، بنظر نفس ذلك الحاكم عليه بهذه العقوبات؟!..
البركة بالرؤية:
وقد بكى أمير المؤمنين «عليه السلام» لأجل ما يفعل بصاحب رسول الله «صلى الله عليه وآله»، ولكنه بكاء المجاهدين العاملين، والصامدين، الذين لا يفرطون بواجباتهم، ولا يتراجعون عن مواقف الحق مهما نالهم من الأذى والبلاء.
وقد بادر إلى وداع الرجل الوفي، والصادق التقي، الذي يعلن بدوره أن البركة تشمله برؤية تلك الوجوه التي إذا رآها ذكر بها رسول الله «صلى الله عليه وآله»..
وهذا معنى بالغ الدقة والأهمية، فيما يرتبط بالتبرك بالأنبياء والأوصياء، وبأثارهم، وآثار التواصل معهم، حتى على مستوى رؤية وجوههم المباركة..
أبو ذر يحبهم ولو قطع إرباً إرباً:
وذكرت الرواية: أن أبا ذر رفع يديه إلى السماء وقال: اللهم إني أحبهم. ولو قطعت إرباً إرباً في محبتهم ما زلت عنها، ابتغاء وجهك والدار الآخرة..
إذن.. فهذا هو السر الأعمق لما يواجهه أبو ذر، وهو حبه لعلي وأهل بيته «عليهم السلام».. لا سيما هو يعلن أنه غير مستعد للتخلي عن محبتهم، ولو قُطع إرباً إرباً، فعلى الذين يبالغون في إلحاق الأذى به من أجل ذلك أن يعلموا أن ذلك لن يؤثر في زعزعة هذه المحبة..
ثم ذكر «عليه السلام» أن محبته لهم لم تكن لاستجلاب منافع دنيوية، بل هي ابتغاء وجه الله والدار الآخرة.. فلا حيلة لأحد إذن فيها، ولا يمكن اقتلاعها بأية وسيلة دنيوية.. 


 

([1]) الأمالي للشيخ المفيد ص161 ـ 165 وبحار الأنوار ج22 ص395 ـ 397  وراجع: مستدرك الوسائل ج8 ص206 وج12 ص199 وجامع أحاديث الشيعة ج14 ص453 وج16 ص473.

([2]) قال ياقوت في معجم البلدان ج2 ص33: هو دير بالقرب من دمشق، على تل مشرف على مزارع الزعفران، ورياض حسنة، وبناؤه بالجص.

([3]) الخصال للصدوق ص175 ووسائل الشيعة (ط مؤسسة آل البيت) ج1 ص45 وج28 ص33 و (ط دار الإسلامية) ج1 ص32 وج18 ص317 وفتح الباري ج12 ص107 وعمدة القاري ج20 ص254 ومسند الشاميين ج4 ص344 وموارد الظمآن ج5 ص40 ونصب الراية للزيلعي ج5 ص376 ومعرفة السنن والآثار ج6 ص402 والمعجم الكبير للطبراني ج7 ص287 وصحيح ابن حبان ج1 ص355 والفصول المهمة للحر العاملي ج1 ص656 ومسند ابن الجعد ص120 وشرح معاني الآثار ج2 ص74 ومسند أبي يعلى ج7 ص366 والسنن الكبرى للبيهقي ج4 ص269 و 325 وج6 ص57 وج8 ص264 وج10 ص317 ومجمع الزوائد ج6 ص251 وصحيح البخاري (ط دار الفكر) ج6 ص169 وج8 ص21 ومستدرك الوسائل ج1 ص84 وج18 ص3 والإرشاد = = للمفيد ج1 ص204 ومناقب آل أبي طالب ج2 ص188 والخلاف للطوسي ج2 ص41 والمبسوط للطوسي ج7 ص15 ومسند زيد بن علي ص326 والأم للشافعي ج5 ص275 والمجموع للنووي ج3 ص6 وج4 ص250 وج6 ص253 وبحار الأنوار ج40 ص250 وج76 ص87 و 88 وجامع أحاديث الشيعة ج1 ص347 ومصادر كثيرة أخرى.

 
   
 
 

العودة إلى موقع الميزان