الفصل السادس: علي في وداع أبي ذر..

   

صفحة : 179-218   

الفصل السادس: علي في وداع أبي ذر..
أبو ذر إلى الربذة:
وورد في نهج البلاغة ما يلي:

ومن كلام له «عليه السلام» لأبي ذر «رحمه الله» لما خرج إلى الربذة:
يا أبا ذر، إنك غضبت لله فارج من غضبت له.
إن القوم خافوك على دنياهم، وخفتهم على دينك، فاترك في أيديهم ما خافوك عليه، واهرب منهم بما خفتهم عليه.
فما أحوجهم إلى ما منعتهم، وما أغناك عما منعوك.
وستعلم من الرابح غداً، والأكثر حُسَّداً.
ولو أن السماوات والأرضين كانتا على عبد رتقا ثم اتقى الله لجعل الله له منهما مخرجا،
ولا يؤنسنك إلا الحق، ولا يوحشنك إلا الباطل.
فلو قبلت دنياهم لأحبوك، ولو قرضت منها لأمنوك(
1 ).
قال المعتزلي:
واقعة أبي ذر «رحمه الله» وإخراجه إلى الربذة، أحد الأحداث التي نقمت على عثمان.
وقد روى هذا الكلام أبو بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري في كتاب «السقيفة» عن عبد الرزاق، عن أبيه، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: لما أخرج أبو ذر إلى الربذة، أمر عثمان، فنودي في الناس: ألا يكلم أحد أبا ذر، ولا يشيعه.
وأمر مروان بن الحكم أن يخرج به (بغير وطاء).
فخرج به، وتحاماه الناس إلا علي بن أبي طالب «عليه السلام»، وعقيلاً أخاه، وحسناً وحسيناً «عليهما السلام»، وعماراً (والمقداد بن الأسود، وعبد الله بن عباس)، فإنهم خرجوا معه يشيعونه.
فجعل الحسن «عليه السلام» يكلم أبا ذر، فقال له مروان: إيهاً يا حسن! ألا تعلم أن أمير المؤمنين قد نهى عن كلام هذا الرجل!
(وفي نص ابن أعثم: وتقدم علي «عليه السلام» إلى أبي ذر فجعل يعزيه فيما قد نزل به، ويأمره بالصبر والإحتساب إلى وقت الفرج.
قال: وتقدم مروان بن الحكم إلى علي «عليه السلام» فقال: أليس قد أمر أمير المؤمنين أن لا يخرج أحد مع هذا الشيخ، ولا يشيعه أحد من الصحابة؟!).
فإن كنت لا تعلم فاعلم ذلك.
فحمل علي «عليه السلام» على مروان فضرب بالسوط بين أذني راحلته، وقال: تنح لحاك (نحاك) الله إلى النار!
(أو قال: إليك عنا يا ابن الزرقاء، أمثلك يعترض علينا فيما نصنع)؟!(
2).
فرجع مروان مغضباً إلى عثمان: فأخبره الخبر، فتلظى على علي «عليه السلام».
ووقف أبو ذر فودعه القوم، ومعه ذكوان مولى أم هانئ بنت أبي طالب.
قال ذكوان: فحفظت كلام القوم ـ وكان حافظاً ـ فقال علي «عليه السلام»: يا أبا ذر، إنك غضبت لله! إن القوم خافوك على دنياهم، وخفتهم على دينك. فامتحنوك بالقلى، ونفوك إلى الفلا، والله لو كانت السماوات والأرض على عبد رتقاً، ثم اتقى الله لجعل له منها مخرجاً.
يا أبا ذر لا يؤنسنك إلا الحق، ولا يوحشنك إلا الباطل.
ثم قال لأصحابه: ودعوا عمكم.
وقال لعقيل: ودع أخاك.
فتكلم عقيل، فقال: ما عسى أن نقول يا أبا ذر، وأنت تعلم أنا نحبك، وأنت تحبنا! فاتق الله، فإن التقوى نجاة، واصبر فإن الصبر كرم، وأعلم أن استثقالك الصبر من الجزع، واستبطاءك العافية من اليأس، فدع اليأس والجزع.
ثم تكلم الحسن، فقال: يا عماه، لولا أنه لا ينبغي للمودع أن يسكت، وللمشيع أن ينصرف، لقصر الكلام وإن طال الأسف، وقد أتى القوم إليك ما ترى، فضع عنك الدنيا بتذكر فراغها (قها)، وشدة ما اشتد منها برجاء ما بعدها، واصبر حتى تلقى نبيك «صلى الله عليه وآله» وهو عنك راض.
ثم تكلم الحسين «عليه السلام»، فقال: يا عماه، إن الله تعالى قادر أن يغير ما قد ترى، والله كل يوم هو في شأن، وقد منعك القوم دنياهم ومنعتهم دينك، فما أغناك عما منعوك، وأحوجهم إلى ما منعتهم!
فأسال الله الصبر والنصر، واستعذ به من الجشع والجزع، فإن الصبر من الدين والكرم، وإن الجشع لا يقدم رزقاً، والجزع لا يؤخر أجلاً.
ثم تكلم عمار «رحمه الله» مغضباً، فقال: لا آنس الله من أوحشك، ولا آمن من أخافك. أما والله لو أردت دنياهم لأمنوك، ولو رضيت أعمالهم لأحبوك، وما منع الناس أن يقولوا بقولك إلا الرضا بالدنيا، والجزع من الموت، مالوا إلى ما سلطان جماعتهم عليه، والملك لمن غلب، فوهبوا لهم دينهم، ومنحهم القوم دنياهم، فخسروا الدنيا والآخرة، ألا ذلك هو الخسران المبين!
فبكى أبو ذر «رحمه الله»، وكان شيخاً كبيراً، وقال: رحمكم الله يا أهل بيت الرحمة! إذا رأيتكم ذكرت بكم رسول الله «صلى الله عليه وآله»، ما لي بالمدينة سكن ولا شجن غيركم،
إني ثقلت على عثمان بالحجاز، كما ثقلت على معاوية بالشام، وكره أن أجاور أخاه وابن خاله بالمصرين، فأفسد الناس عليهما، فسيرني إلى بلد ليس لي به ناصر ولا دافع إلا الله.
والله ما أريد إلا الله صاحباً، وما أخشى مع الله وحشة(
3 ).
ورجع القوم إلى المدينة (فأرسل إليه عثمان، فدعاه)، فجاء علي «عليه السلام» إلى عثمان، فقال له: ما حملك على رد رسولي، وتصغير أمري؟!
فقال علي «عليه السلام»: أما رسولك، فأراد أن يرد وجهي فرددته، وأما أمرك فلم أصغره.
قال: أما بلغك نهيي عن كلام أبي ذر؟!
قال: أوكلما أمرت بأمر معصية أطعناك فيه؟!
قال عثمان: أقد مروان من نفسك.
قال: مم ذا؟!
قال: من شتمه، وجذب راحلته.
قال: أما راحلته فراحلتي بها، وأما شتمه إياي، فوالله لا يشتمني شتمة إلا شتمتك مثلها، لا أكذب عليك.
(أو قال: وأما الشتيمة، فوالله لئن شتمني مروان لا شتمته، لأن مروان ليس لي بكفؤ فأشاتمه) (
4 ).
فغضب عثمان، وقال: لم لا يشتمك! كأنك خير منه!
قال على «عليه السلام»: أي والله ومنك!
ثم قام فخرج.
فأرسل عثمان إلى وجوه المهاجرين والأنصار، وإلى بنى أمية، يشكو إليهم عليا «عليه السلام»،
فقال القوم: أنت الوالي عليه، وإصلاحه أجمل.
قال: وددت ذاك.
فأتوا علياً «عليه السلام»، فقالوا: لو اعتذرت إلى مروان وأتيته!
فقال: كلا، أما مروان فلا آتيه ولا أعتذر منه، ولكن إن أحب عثمان أتيته.
فرجعوا إلى عثمان، فأخبروه.
فأرسل عثمان إليه، فأتاه ومعه بنو هاشم، فتكلم علي «عليه السلام»، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما ما وجدت عليَّ فيه من كلام أبي ذر ووداعه، فوالله ما أردت مساءتك، ولا الخلاف عليك، ولكن أردت به قضاء حقه.
وأما مروان فإنه اعترض، يريد ردى عن قضاء حق الله عز وجل، فرددته رد مثلي مثله.
وأما ما كان منى إليك، فإنك أغضبتني، فأخرج الغضب منى ما لم أرده.
فتكلم عثمان، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما ما كان منك إلي فقد وهبته لك، وأما ما كان منك إلى مروان، فقد عفا الله عنك، وأما ما حلفت عليه فأنت البر الصادق، فأدن يدك. فأخذ يده فضمها إلى صدره.
فلما نهض قالت قريش وبنو أمية لمروان: أأنت رجل؟! جبهك علي، وضرب راحلتك، وقد تفانت وائل في ضرع ناقة، وذبيان وعبس في لطمة فرس، والأوس والخزرج في نسعة!
أفتحمل لعلي «عليه السلام» ما أتاه إليك؟!
فقال مروان: والله لو أردت ذلك لما قدرت عليه (
5 ).
وفي نص آخر:
فشكا مروان إلى عثمان ما فعل به علي «عليه السلام»، فقال عثمان: يا معشر المسلمين! من يعدوني (يعذرني) من علي؟
رد رسولي عما وجهته له، وفعل وفعل، والله لنعطيه (لنعطينه) حقه.
فلما رجع علي استقبله الناس وقالوا: إن أمير المؤمنين عليك غضبان لتشييعك أبا ذر!.
فقال علي «عليه السلام»: غضب الخيل على اللجم.
فلما كان بالعشي وجاء عثمان، فقال له: ما حملك على ما صنعت بمروان؟ ولم اجترأت عليَّ، ورددت رسولي وأمري؟!
فقال: أما مروان فاستقبلني بردي (يردني) فرددته عن ردي، وأما أمرك فلم أرده.
فقال عثمان: ألم يبلغك أني قد نهيت الناس عن أبي ذر وعن تشييعه؟!.
فقال علي «عليه السلام»: أوكلما أمرتنا به من شيء نرى طاعة الله والحق في خلافه اتبعنا فيه أمرك، لعمرو الله ما نفعل.
فقال عثمان: أقد مروان.
قال: ومم أقيده؟!
قال: ضربت بين أذني راحلته، وشتمته، فهو شاتمك، وضارب بين أذني راحلتك!!.
قال علي «عليه السلام»: أما راحلتي فهي تلك، فإن أراد أن يضربها كما ضربت راحلته فعل، وأما أنا فوالله لئن شتمني لأشتمنك بمثله بما لا أكذب فيه، ولا أقول إلا حقاً.
قال عثمان: ولم لا يشتمك إذا شتمته، فوالله ما أنت بأفضل عندي منه!
فغضب علي «عليه السلام» وقال: ألي تقول هذا القول؟! وبمروان تعدلني؟!!!
فأنا والله أفضل منك، وأبي أفضل من أبيك، وأمي أفضل من أمك، وهذه نبلي قد نثلتها، وهلم، فانثل نبلك.
فغضب عثمان، واحمر وجهه، وقام فدخل.
وانصرف علي «عليه السلام»، فاجتمع إليه أهل بيته، ورجال المهاجرين والأنصار.
فلما كان من الغد، واجتمع الناس إلى عثمان، شكا إليهم علياً «عليه السلام» وقال: إنه يعيبني، ويظاهر من يعيبني ـ يريد بذلك أبا ذر وعماراً وغيرهما ـ فدخل الناس بينهما حتى اصطلحا.
وقال علي «عليه السلام»: والله ما أردت بتشييعي أبا ذر إلا الله تعالى(
6 ).
ونقول:
سنحاول هنا أيضاً أن نقتصر على لمحات يسيرة، مما يرتبط بأمير المؤمنين «عليه السلام» ونحن على يقين من أن كلماته «عليه السلام» قد تضمنت الكثير من الحقائق التي تحتاج إلى الكثيرين من جهابذة العلم، للكشف عن بعض جوانبها من خلال دراسات معمقة، وتضافر جهود، وتأمل وتدبر يليق بكلام أمير المؤمنين «عليه السلام»، الذي هو فوق كلام المخلوق، ودون كلام الخالق.
وما نود الإشارة إليه هو الأمور التالية:
إساءات مروان:
إن علياً «عليه السلام» لم يظلم مروان حين طرده، وضرب بالسوط بين أذني راحلته. لكي تتحير وترتبك، ويرتبك مروان معها.
أولاً: لأن مروان كان يعين على معصية الله، في منع الناس من أداء حق أبي ذر، وفي ترحيله ونفيه بغير حق.
ثانياً: لأن مروان يعترض على الإمام المعصوم المنصوب من قبل الله تعالى، مع أن واجبه التسليم له.
ثالثاً: لأن مروان قد أساء للإمام الحسن «صلوات الله وسلامه عليه»، وتوعده وتهدده بما لا يليق بمقامه «عليه السلام»، حين قال له ـ قبل أن يكلم أباه علياً «عليه السلام»: إيهاً حسن، ألا تعلم أن أمير المؤمنين قد نهى عن كلام هذا الرجل؟! فإن كنت لا تعلم فاعلم ذلك..
رابعاً: إن مروان طريد رسول الله «صلى الله عليه وآله» ولعينه، إنما تصرف من عند نفسه، لا بأمر من أحد، وكان عليه أن يراجع عثمان في ذلك، ولا يرضى منه بتكليفه بمهمة تتضمن التعدي على الذين طهرهم الله بنص كتابه، ومنعهم من ممارسة حرياتهم، التي جعلها الله تعالى لهم، فلما لم يفعل ذلك، كان لا بد من زجره، وتعريفه بموقعه وموقع غيره الطبيعي الذي لا يحق له ولهم أن يتجاوزوه..
إليك عنا يا ابن الزرقاء:
إن مروان وضع نفسه في موقع الآمر الناهي، وليس هذا الموقع لأمثال مروان، فإنه من أبناء الطلقاء. ومن أبناء الزنا، وقد نسب مروان إلى الحكم، كما نسب عمرو بن العاص إلى أبيه. إذ كان مروان لا يعرف له أب(
7 ).
وأمه هي الزرقاء بنت علقمة بن صفوان الكنانية.
(قيل: اسمها آمنة(
8).
وقيل: أرنب(
9 ).
وكانت تسمى: أم حبتل الزرقاء(
10)).
وكانت من البغايا في الجاهلية.
وكانت لها راية مثل راية البيطار تعرف بها(
11 ).
وكان يعير بها عبد الملك وغيره من بني مروان(
12 ).
ومما يدل على تعيير مروان وأبنائه بها:
1 ـ أنه لما رد عثمان الحكم بن أبي العاص، وشق ذلك على المسلمين، حتى امتنع جماعة من الصحابة عن الصلاة خلف عثمان لذلك(
13 )، وأنكرت عائشة ذلك أيضاً، وأمرت بقتل عثمان.. جاء إليها مروان يعاتبها، فقالت له: أخرج يا ابن الزرقاء. إني أشهد على رسول الله «صلى الله عليه وآله» أنه لعن أباك وأنت في صلبه(14 ).
2 ـ إن الإمام الحسين «عليه السلام» قال لمروان، حين بلغه أنه في خطبته قد وقع في علي «عليه السلام»: «يا ابن الزرقاء، أنت الواقع في علي»(
15 ).
وفي نص آخر: أنه قال له: «يا ابن الزرقاء، ويا ابن آكلة القمل، أنت الواقع في علي»(
16 ).
3 ـ وحين أبدى مروان انزعاجه من تسمية الإمام الحسين «عليه السلام» أكثر من ولدٍ واحدٍ باسم علي «عليه السلام»، وبلغ ذلك الإمام الحسين «عليه السلام» قال: «ويلي على ابن الزرقاء، ودباغة الأدم، لو ولد لي مئة، لأحببت أن لا أسمي أحداً منهم إلا علياً»(
17 ).
4 ـ والأهم من ذلك كله: ما ذكره هشام بن محمد الكلبي، عن محمد بن إسحاق، من أن مروان حين كان والياً على المدينة بعث رسولاً إلى الإمام الحسن «عليه السلام»، فقال له: يقول لك مروان: «أبوك الذي فرق الجماعة، وقتل أمير المؤمنين عثمان، وأباد العلماء والزهاد ـ يعني الخوارج ـ وأنت تفخر بغيرك، فإذا قيل لك: من أبو ك؟
تقول: خالي الفرس.
فجاء الرسول إلى الحسن، فقال له: يا أبا محمد! إني أتيتك برسالة ممن يخاف سطوته، ويحذر سيفه، فإن كرهت لم أبلغك إياها، ووقيتك بنفسي.
فقال الحسن «عليه السلام»: لا، بل تؤديها، ونستعين عليه بالله، فأداها.
فقال له: تقول لمروان: إن كنت صادقاً فالله يجزيك بصدقك، وإن كنت كاذباً، فالله أشد نقمة.
فخرج الرسول من عنده، فلقيه الحسين «عليه السلام»، فقال: من أين أقبلت؟
فقال: من عند أخيك الحسن.
فقال: وما كنت تصنع؟!
قال: أتيت برسالة من عند مروان.
فقال: وما هي؟!
فامتنع الرسول من أدائها.
فقال: لتخبرني، أو لأقتلنك! (وفي نص ابن سعد عن عمير بن إسحاق: لآمرنَّ بك، فلتضربن حتى لا تدري متى رفع عنك.
فقال: ارجِع.
فرجع، فلما رآه الحسن قال: أرسله.
قال: إني لا أستطيع.
قال: لم.
قال: إني قد حلفت.
قال: قد لج فأخبره الخ..)
وعند محمد بن إسحاق: لتخبرني أو لأقتلنك، فسمع الحسن، فخرج وقال لأخيه: خل عن الرجل.
فقال: لا والله حتى أسمعها.
فأعادها الرسول عليه، فقال: قل له: «يقول لك الحسين بن علي، وابن فاطمة: يا ابن الزرقاء، والداعية إلى نفسها بسوق ذي المجاز، صاحبة الراية بسوق عكاظ، ويا ابن طريد رسول الله ولعينه، إعرف من أنت، ومن أبوك، ومن أمك.
فجاء الرسول إلى مروان، فأعاد عليه ما قالا، وقال له: ارجع إلى الحسن وقل له: أشهد أنك ابن رسول الله، وقل للحسين: أشهد أنك ابن علي بن أبي طالب.
فجاء الرسول إليهما وأدى.
فقال الحسين «عليه السلام» له: قل له: كلاهما لي، ورغماً»(
18 ).
5 ـ على أن نفس وصف إنسان بأنه أزرق لم يكن مرضياً.. بل كان هذا الوصف من صفات الذم عند العرب(
19 ).
وقد ورد ذم الإنسان الأزرق في الشرع الشريف أيضاً، فراجع(
20).
وقال الإمام الحسن لمعاوية: لعمرو الله يا أزرق ما شتمني غيرك(
21 ).
وبعد ما تقدم نقول:
إن من كان بهذا المستوى من المهانة والضعة. وهو لعين رسول الله «صلى الله عليه وآله». ولا يعرف من أبوه. وأمه من ذوات الرايات بسوق عكاظ. وهي زرقاء، تأكل القمَّل، وتدبغ الأدم. ومن ذوات الرايات بذي المجاز. ولها راية مثل راية البيطار تعرف بها.. إن شخصاً كهذا ليس له أن يتوثب على أهل بيت العصمة والطهارة، وأن يمنعهم من أداء حقوق الله وحقوق الناس. فضلاً عن أن يرشح نفسه لمقام سياسة العباد، والأمر والنهي، والهيمنة على قرار الأمة، ويتحكم بمصيرها ومستقبلها.. والتدخل فيما لا يعنيه. فلا بد من ذكر أمه وأبيه ليعرف حده فيقف عنده..
وهو قول الإمام الحسين «عليه السلام» له، حين تعدى طوره ووقع في أمير المؤمنين وسيد الوصيين «عليه السلام»، حسبما تقدم.
لفتات لا بد منها:
تضمنت رواية ابن إسحاق الآنفة الذكر أموراً تحتاج إلى توضيح، أو تصحيح.. مثل:
1 ـ إن الحسين «عليه السلام» هدد الرسول بالقتل، أو بالضرب الشديد، إن لم يصرح له بمضمون الرسالة التي جاء بها، فإنه لا مبرر للتهديد بهذا.. ولم يكن هذا من شيم الحسين وأهل البيت «عليهم السلام»، فإن كان قد حصل شيء من ذلك، فهو أن يكون قد أخذ الطريق على الرسول، وحلف أن لا يدعه حتى يبلغه الرسالة.
وربما يتأيد هذا الإحتمال، بالإضافة إلى ما ذكرناه: بأن الرسول قال للإمام الحسين «عليه السلام»: أتيت برسالة من عند مروان. وذلك يشعر بأن الرسالة لا تختص بالإمام الحسن «عليه السلام»، وأن للإمام الحسين «عليه السلام» حق فيها، فلماذا يريد الرسول أن يمنعه حقه..
فإن كان الأمر كذلك، فلا بد للإمام الحسين «عليه السلام» من أن يبعث بجوابه مع نفس هذا الرسول، وأن لا يمكنه من العودة إلى مروان بدون ذلك، لأن ذلك قد يلحق ضرراً بالإمام «عليه السلام»، أو بقضية تعنيه. فيحق له في هذه الحال أن يحتجزه حتى يعرف الرسالة، ويرد جوابها.
وبهذا يتضح: أنه لم يكن من المصلحة تخلية سبيل الرسول، ثم دخول الإمام إلى أخيه ليسمع منه، لأن الغرض يفوت بذلك.
2 ـ إن مروان يعتبر الخوارج زهاداً وعلماء.. وقد ذكرنا في كتابنا: علي «عليه السلام» والخوارج: أن ذلك غير صحيح.. وإذا كان مروان يمتدح الخوارج هنا، كيداً منه لعلي «عليه السلام»، فإنه لم يكن يدري أن الحكم الأموي سيتهاوى تحت ضربات الخوارج أنفسهم، وضربات العباسيين.
3 ـ وأما أن الإمام الحسن «عليه السلام» يفخر بغيره، فإن القرآن كآية المباهلة والتطهير، وسورة هل أتى، وسوى ذلك. وكذلك التاريخ، وكلمات الرسول «صلى الله عليه وآله» في حق الإمام الحسن «عليه السلام»، والصفوة المعصومة من أهل البيت «عليهم السلام» يكذب مروان في مقولته هذه، وسواها من مقولات أهل الباطل ممن هم على شاكلته ممن مضى ومن غبر، منهم ومن غيرهم..
4 ـ وجوابا الإمامين الحسنين «عليهما السلام» لمروان كلاهما مطلوب.. وليس في أي منهما قصور عن المراد.. لكن الفرق هو أن الإمام الحسين «عليه السلام» اتخذ صفة الناصر للمظلوم. مؤثراً كسر شوكة الظالم، وسحق طغيانه وكبره وعتوه. وفق المعايير الدينية والعقلية الصحيحة. أما الإمام الحسن «عليه السلام» فقد احتفظ بصفة الإمام المعتدى عليه، والمظلوم الذي يريد أن يخاطب الفطرة والوجدان والضمير. مفسحاً بذلك المجال للناس لتقييم الأمور بهدوء وموضوعية وإنصاف.
5 ـ بالنسبة لما ذكرته رواية محمد بن إسحاق، من أن الإمام الحسن «عليه السلام» قال لأخيه: خلِّ عن الرجل.
فقال الإمام الحسين «عليه السلام»: لا والله، حتى أسمعها.. نقول:
لعل الأقرب إلى الإعتبار، وإلى طبيعة التعامل بين الإمامين «عليهما السلام»، هو ما ذكرته الرواية الأخرى، من أن الإمام الحسين «عليه السلام» قال لأخيه: إني لا أستطيع.
قال: لم.
قال: إني قد حلفت.
6 ـ إن مروان حين شهد بأن الإمام الحسين، ابن علي «عليهما السلام»، وأن الحسن «عليه السلام»، ابن رسول الله «صلى الله عليه وآله» أراد أن يتهم علياً «عليه السلام» بالتشدد، والعنف، وأنه على خلاف ما كان عليه رسول الله «صلى الله عليه وآله» من السماحة والرصانة، والتوازن..
ولكن الإمام الحسين «عليه السلام» أفشل خطته، وأبطل كيده، حين قال: قل له، كلاهما لي، ورغماً!! لأن عنف علي «عليه السلام» إنما هو في نصرة الحق، وسحق الباطل ومحقه، وهذا ما يثلج صدر رسول الله «صلى الله عليه وآله»، الذي يعفو ويصفح عن المخطئين النادمين، ويسامح أصحاب الزلات إذا جاؤوا تائبين معترفين.. وكذلك كان علي «عليهم السلام»، وأهل بيته وشيعته.
بل هم يصفحون حتى عن غير النادمين أيضاً، فقد صفح «عليهم السلام» عن مروان بالذات في حرب الجمل بشفاعة نفس الحسنين «صلوات الله عليهما».
هل هي إجراءات رادعة؟!:
إن نفي أبي ذر إلى الشام ثم إعادته إلى المدينة على ذلك النحو القبيح والشنيع، حتى كادت نفسه أن تتلف، ثم نفيه إلى الربذة، والنداء في الناس بأن لا يكلموه ولا يشيعوه، إخراجه إليها بغير وطاء ـ إن ذلك ـ لا يهدف لمجرد إبعاد أبي ذر عن الناس، حتى لا يسمعوا منه ما يفسدهم على الحاكم، إذ لو كان الهدف هو ذاك لاكتفوا بمجرد ترحيل أبي ذر، حتى لا يسمع الناس صوته، ولا يتمكن من بث ما يحذرون منه فيهم.
بل كان هناك هدفان آخران أيضاً، هما:
1 ـ التشفي من أبي ذر، ومواجهته بالمزيد من المكروه.. والأذى الروحي له، ولمن يتعاطفون معه، أو يعتقدون أنهم وراءه.
2 ـ أن يرى الناس ما يعانيه أبو ذر من آلام، وما يواجهه من مصائب ومصاعب، لكي لا تسول لأحد نفسه الإقتداء به، ومحاكاته في سلوكه ومواقفه.
وقد كان أبو ذر شخصية كبيرة جداً عند رسول الله «صلى الله عليه وآله»، وربما لم يكن أحد يبلغ هذا المقام بعد علي والحسنين «عليهم السلام» سوى سلمان، وإن كانت لعمار والمقداد مكانتهما المتميزة أيضاً.
فإذا كانت الأمور قد بلغت بهذا الرجل العظيم، إلى هذا الحد، وهذا هو مصيره، وهذه هي حاله ومآله.. فهل يمكن تصور مقدار وكيفيات البطش الذي سيواجهه، أي كان من الناس.. لو أنه قلد أبا ذر في بعض مواقفه؟!
لو أن الناس قاموا بما يجب:
ولو أن الناس قاموا بما يجب عليهم انطلاقاً من قاعدة: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. ومن قاعدة: أوكلما أمرت بأمر معصية أطعناك فيه؟!
نعم.. لو عمل الناس كلهم بواجبهم تجاه أبي ذر، وفعلوا كما فعل علي والحسنان «عليهم السلام»، وابن جعفر، وابن عباس، والمقداد، وعمار، وعقيل، لم يجرؤ عثمان ولا غيره على توجيه كلمة لوم لأبي ذر، فضلاً عن أن يتجرأ على أمير المؤمنين «عليه السلام».. ولكانوا عضداً وسنداً قوياً يمكِّن علياً «عليه السلام» من دفع الظلم عن أبي ذر، وعن عمار، وابن مسعود، بل كان سيتمكن من دفع كل ظلم، وتعدٍ على الحق وأهله.
ولا يستطيع أحد أن يعتذر بأن علياً «عليه السلام» كان مرهوب الجانب، ولم يكن غيره كذلك،. فإن عماراً، والمقداد، وسواهما لم يكونوا كذلك، وقد رأيناهم يبادرون إلى القيام بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويبادرون إلى أداء حق أبي ذر..
وقد لحق بعمار من قبل عثمان الكثير من الأذى، حتى لقد داس بطنه حتى فتقه، وكان بصدد نفيه إلى نفس المكان الذي نفي إليه أبا ذر، ومات فيه..
فارج من غضبت له:
لا يمكن أن تجد كلاماً أدق وأعمق، وأوفق بالحال في هذه المناسبة غير ما قاله هؤلاء الصفوة الأخيار، والأبرار الأطهار في وداعهم لهذا الشيخ التقي. الذي غضب لله تبارك وتعالى.
وحين نقرأ الفقرة الأولى من كلمات أمير المؤمنين «عليه السلام» هنا نجده يتحدث فيها عن الرجاء، وعن الذي ينبغي أن يتعلق الرجاء به، فبين: أن الحال التي انتهى إليها أبو ذر، قد تطرح سؤالاً عن الرجاء واليأس، ولأيهما تكون الغلبة، فقرر «عليه السلام»: أن الرجاء والتوقع هو الأساس، لا القنوط واليأس، ولا التمني، لغير الممكن..
وهذا ينسجم مع الحقيقة القرآنية التي تربط اليأس بالكفر في قوله تعالى: ﴿إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ﴾(
22 ). والتمني يتناغم مع هذا اليأس، ويتنامى أو يتضاءل في كنفه.
وربط الرجاء بالإيمان في قوله تعالى: ﴿وَتَرْجُونَ مِنَ اللهِ مَا لاَ يَرْجُونَ﴾(
23 ).
وهو إنما يتنامى في ظل الإعتقاد بالله القادر العليم والحكيم، والرؤوف الرحيم، حيث يجد الغنى به تعالى.. فلا يشعر بفقدان أي شيء، لأنه يلجأ للمالك الحقيقي، والقادر على كل شيء.. والواهب لكل شيء. وفق ما تقتضيه حكمته تبارك وتعالى..
وأقوى كلمة يمكن أن تقال في هذه اللحظات التي قد يشعر فيها المخْلِدون إلى الأرض من أهل الدنيا وطلابها: أن أبا ذر قد هزم فيها.. وفقد الملاذ والملجأ، والسند. وهي هذه الكلمة التي تعكس الصورة الواقعية للإنسان المؤمن، وتوضح: أن الذين اضطهدوا أبا ذر هم الذين لا ملاذ لهم، ولا رجاء.. وهم الأخسرون أعمالاً ﴿الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً﴾(
24 ).
الغربة سعادة.. والغنى في الفقر:
ثم إنه «عليه السلام» أوضح: أن غربة أبي ذر من شأنها أن تمكنه من الإحتفاظ بأغلى ما في هذا الوجود. وهذه هي سعادته وانسه، وغبطته، وقوته، وغناه.
ولو أنه لم يهرب من أولئك الناس، ولم يعتزلهم لفقد كل شيء.. فقد ما فيه غناه، وسعادته، وقوته، ومستقبله.. ألا وهو دينه، وسيبقى الذين اضطهدوه في فقرهم، وفي حاجتهم وفي ضعفهم.
ولذلك قال له علي «عليه السلام»: واهرب منهم بما خفتهم عليه، فما أحوجهم إلى ما منعتهم، وما أغناك عما منعوك..
وقال: لا يؤنسنك إلا الحق، ولا يوحشنك إلا الباطل.
من الرابح.. والأكثر حُسَّداً؟!:
ومن الواضح: أن الأمور بخواتيمها وغاياتها. والكل يطلب السعادة والنجاح، والفلاح في الدنيا والآخرة، غير أن هناك من يصل إلى ذلك، وهناك من يخيب سعيه.. لأن بلوغ الغاية يحتاج إلى منطلقات صحيحة، وإلى جهد وتعب. وإلى وسائل قادرة على إيصاله..
فإذا كانت السعادة الحقيقية في الدنيا والآخرة تحتاج إلى نيل رضا الله تعالى، من خلال الإلتزام بأحكامه، وإقامة ونصرة دينه، والعمل بالحق الذي بينته تعاليمه، وهدت إليه الفطرة السليمة، التي أودعها فيه، وقاده إليه العقل الذي وهبه إياه.. فإن من تخلف عن ذلك وخالف لا يمكن أن ينال مبتغاه، وسيسقط في حلبة السباق بين أنياب سباع الأهواء والشهوات، والشبهات، والبغي، والباطل.. وما أكثر هؤلاء الذين سيحسدون من وصل إلى الغاية، وبلغ خط النهاية..
التقوى تحل العقدة:
إن الأزمات والشدائد التي يواجهها الناس عادة قد تكون من النوع الذي يكون الخيار فيه للشخص نفسه، فإن اختار لها أن تستمر استمرت، وإن اختار إيقافها وقفت، وذلك إما بإزالتها بصورة مباشرة، أو بإزالة أسبابها..
وقد تكون من النوع الذي يكون الخيار في بقائه أو توقفه بيد غيره، كالعدوان أو الظلم الذي يورده البشر الأقوياء على غيرهم من الضعفاء.. فلا تزول إلا بقرار من ذلك الظالم أو المعتدي نفسه، أو بتسلط من هو أقوى منه عليه، ومنعه من ذلك.
ولكن أمير المؤمنين «عليه السلام» قدم قراءة مختلفة لهذا الأمر حين قرر لأبي ذر: أن زوال ما يرد عليه من ظلم وحيف وعدوان لا يحتاج لاختيار المعتدين والظالمين، بل يمكن للمظلوم نفسه أن يزيله عن نفسه، فإن تقوى المظلوم نفسه لله تعالى، ومراقبته إياه، وطلبه رضاه في كل فعل وترك، والحضور الدائم في مواقع رضاه سوف ينشأ عنها وعنه تدخل إلهي يزيل ذلك التعدي، ويدفع ذلك الظلم. مهما عظم وعنف، ومها اشتدت تلك الأزمة، إلى حد أن أصبحت السماوات والأرضون على عبد رتقاً، حيث تنسد أبواب الخلاص بصورة تامة ونهائية.
فتقوى المظلوم لله ينشأ منها فتق السماوات والأرض، وأن يجعل الله تعالى له منهما مخرجاً، به يكون الفرج له.
وبنحو آخر من البيان نقول:
قال تعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ}(
25).
وقال: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ}(
26).
وقال: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأرْضِ}(
27).
وآيات كثيرة أخرى تدل كلها على أن التقوى تؤثر في الصلاح والإصلاح وإبعاد شبح الأسواء عن الحياة كلها.. والتقوى لها مراتب ومستويات ولذلك دوره في ذلك في الإسهام في ذلك، وفي درجات تأثيره في دفع البلاء، وفي قوته كما أن للإبتعاد عن التقوى تأثيره في استجلاب البلاء وشدته وضعفه.
ولا بد من: استثناء الأنبياء والأوصياء، فإنهم لا يتصور غير التقوى في حقهم. فلا مجال للقول بشمول الآية المذكورة لهم.
وأما بالنسبة للبلاء الذي يتعرض له الأنبياء والأوصياء، وبعض شيعتهم من امثال سلمان، وأبي ذر، والمقداد.. و.. و، فإنما هو لإظهار صبرهم، وزيادة ثوابهم وأجرهم، ولمزيد ارتقائهم في مقامات القرب والزلفى.
ولعل قوله تعالى: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأرْضِ وَلاَ فِي أَنْفُسِكُمْ إِلاَ فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ، لِكَيْ لاَ تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلاَ تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ}(
28). يقصد به الأنبياء والأوصياء، لبيان أن ما يتعرضون له من مصائب وبلاءات هو مما كتبه الله لأجل بيان أهليتهم وزيادة مقاماتهم كما أشرنا إليه.
ولذلك نلاحظ: أن علياً «عليهم السلام» أشار إلى أن الفرج إنما يحصل له من خلال التقوى، تماماً كالذي جرى لمؤمن آل فرعون الذي وقاه الله سيئات ما مكروا لأجل تفويضه أمره إلى الله، فقد روي عن الإمام الصادق «عليهم السلام» قوله عن مؤمن آل فرعون: اما لقد تسلطوا (أو فسلطوا) عليه، وقتلوه. ولكن اتدرون ما وقاه؟! وقاه أن يفتنوه في دينه(
29).
وفي رواية أخرى قال «عليهم السلام»: والله، لقد قطعوه إربا إربا، ولكن وقاه أن يفتنوه في دينه(
30 ).
غضب الخيل على اللجم:
وحين قيل لعلي «عليه السلام»: إن عثمان غضبان قال: غضب الخيل على اللجم. لكي يدلل على عجز عثمان عن فعل أي شيء.. بل يبقى هو المكروب والمقهور، تماماً، كما هو حال الخيل مع لجمها.. وهذا ما حصل بالفعل، ولا نريد أن نقول أكثر من ذلك..
يضاف إلى ذلك: أنه يريد الإيحاء بأن غضب عثمان لن يؤثر في صلابة علي «عليهم السلام» وفي إصراره على أداء واجبه الشرعي تجاه أبي ذر رحمه الله. فعلى عثمان أن يكف عن محاولاته في هذا الإتجاه.
علي ليس بأفضل من مروان:
حين تختل المعايير، أو تسقط الضوابط، تضيع الحقوق، وتشيع التعديات، ويستخف بالقيم، وتهيمن الشبهات، وتختلط الأمور على الناس، فلا يمتاز حق من باطل، ويصبح المنكر معروفاً، والمعروف منكراً، والصالح طالحاً، والطالح صالحاً، ويصبح الشر خيراً، والخير شراً بنظر الناس.
وهذا بالذات هو ما حذر منه النبي «صلى الله عليه وآله»، وأخبر أنه حاصل بعده فيهم حين قال لهم: كيف بكم إذا أصبح المنكر معروفاً والمعروف منكراً؟!
قالوا: أكائن ذلك يا رسول الله(
31 )؟!
نعم.. وهذا ما حصل لعلي «عليه السلام» حين قال له عثمان عن مروان بن الحكم:
«لم لا يشتمك (مروان) إذا شتمته، فوالله، ما أنت عندي بأفضل منه.
مع أن علياً سيد الوصيين، وأخو رسول الله «صلى الله عليه وآله»، بل هو نفسه بنصّ آية المباهلة، وهو منه بمنزلة هارون من موسى.. وهو مع الحق والحق معه.. و.. و.. و..
ومروان خيط باطل، طريد رسول الله «صلى الله عليه وآله»، ولعينه، وابن لعينه، ولا يعرف له أب.
ولا بد من إظهار النفرة من ممارساته وأحواله التي لا يرضاها الله تبارك وتعالى..
ولكن الأمر عند عثمان ليس كذلك، فهو يقسم على أن علياً عنده ليس بأفضل من مروان، فمن شاء فليغضب، ومن شاء فليرض، فإن الأمر سيان!! وهذه مخالفة صريحة للآيات والروايات، ولكل الموازين: العقلية والفطرية والوجدانية، والدينية، والعقلائية وسواها.
إنما هو شتم بشتم!!:
والذي يزيد هذا الأمر وضوحاً: أن هناك فرقاً بين مروان، الذي لا يتورع عن إغضاب الله ورسوله، ويأكل مال الله بغير حق، ويفسد حياة الناس، ويستحق اللعن والطرد عن ساحة الرحمة.
فإذا بادر هذا الشخص إلى ظلم عباد الله، ومنعهم من ممارسة حقوقهم، فلا بد أن يزجر ويطرد، ويهان، حتى لو كان الخليفة هو الذي أمره بذلك، فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق..
وقد يحتاج ردعه عن هذه الأمور والأحوال إلى الجهد بها، بل إن تحذير الناس من الوقوع في حبائله، والإبتلاء بموبقاته، التي لا بد من أدائها لهم، ومن الأحكام التي جعلها الله لعباده.. ليصونوا بها أنفسهم، ويحفظوا دينهم، وإن عدّها الناس إظهاراً للعيب، وشتماً..
فشتم علي «عليه السلام» لمروان، لا يتعدى قول الحق، ولا يخرج عن هذه الدائرة التي أشرنا إليها.
وهذا هو ما هدد «عليه السلام» به عثمان، حين بيّن له أن مروان ليس له بكفؤ، فإن أقدم مروان على شتم علي «عليه السلام» عدواناً عليه، وقولاً بالباطل، وبهتاناً وإفكاً، فإنه «عليه السلام» سوف يقول في عثمان نفسه ما هو حق وصدق، وإن عدّه الناس شتماً وعيباً.. لأن عثمان هو الذي تسبب بإقدام مروان على البهتان والكذب والتعدي على كرامات الناس بغير حق.. خصوصاً وأن عدوانه على خير البشر، وأخي الرسول «صلى الله عليه وآله»، ويستبطن تكذيب القرآن القاضي بطهارة علي «عليه السلام» عن كل عيب وشين، وتكذيب رسوله في عشرات النصوص التي تبيّن مقام علي «عليه السلام» في هذا الدين، وتقرر عصمته وطهارته أيضاً..
وهذا بالذات هو ما قصده «عليه السلام» بقوله لعثمان: «وأما الشتيمة، فوالله لئن شتمني مروان لا شتمته، لأن مروان ليس لي بكفؤ فأشاتمه(
32 ).
وفي نص آخر: وأما أنا فوالله، لئن شتمني لأشتمنك أنت مثلها بما لا أكذب فيه، ولا أقول إلا حقاً(
33 ).
فاتضح بذلك: أنه لا يصح القول: إن لمروان الحق في أن يقتص من علي «عليه السلام»، فيشتمه كما شتمه؛ فإن شتم مروان لعلي عدوان عليه ومعصية لله.. وشتم علي «عليه السلام» لمروان عبادة وطاعة لله، وإحسان إليه وإصلاح، وحفظ للأمة من الوقوع في أحابيله..
لمن شكا عثمان علياً :
وقد رأينا: أن عثمان حين وجد أنه غير قادر على مواجهة علي «عليه السلام».. جمع وجوه المهاجرين والأنصار، وبني أمية لكي يشكوه لهم، عله يستطيع أن يجد فيهم من يتعاطف معه، أو من يعيد النظر فيما يعتقده في علي «عليه السلام»..
وقد جمع معهم بني أمية، لكي يحمي نفسه بهم من مغبة غضب قد يتعاظم لدى بعض محبي علي «عليه السلام»، الذي يحسب له ألف حساب..
ولكنه حين أراد أن ينزل ضربته بأبي ذر جمع خصوص قريش، لأنه يعرف أن أكثر رجالها لا يحبون علياً «عليه السلام»، ولا أياً من مناصريه، أومن يميل إليه..
بنو هاشم حضروا مع علي :
وتقدم: أنه لما أرسل عثمان إلى علي «عليه السلام» ليأتيه، في سياق المصالحة المقترحة من وجوه المهاجرين والأنصار، جاء «عليه السلام»، ومعه بنو هاشم..
ولا شك في أنه «عليه السلام» لم يرد أن يكون حضور بني هاشم معه رداً على استحضار عثمان لبني أمية حين شكى علياً «عليه السلام» إلى وجوه المهاجرين والأنصار، لأن علياً «عليه السلام» لا يرتضي المنطق العشائري، ولا يتعامل بمثل هذه الأساليب، لأن الإعتماد على المنطق العشائري لا يرضاه الله، وعلي «عليه السلام» لا يمكن أن يرضى إلا ما كان فيه رضاً وقربة لله..
ولكنه جاء بهم.. لأن قسماً منهم قد شارك في وداع أبي ذر «رحمه الله».. وعاين ما فعله مروان، وما كان من صدّ علي «عليه السلام» له على النحو الذي تقدم.
فلا بد أن لا تبقى هناك أيـة ثغرة يمكن أن ينفذ منها الحاقـدون من بني أمية، لتحريض عثمان على الإنتقام من سائر الذين شاركوا في الوداع، بدعوى أن قضية علي قد حسمها عثمان، لكن لا بد من محاسبة غيره ممن خالف أمر خليفتهم.
وهذا من شأنه أن يزيد الأمور تعقيداً، وربما يؤدي إلى ما لا تحمد عقباه..
الخطاب.. والعتاب:
وقد لاحظنا: أن الخطاب الذي جرى بين علي «عليه السلام» وعثمان لم يتضمن أي تراجع لعلي «عليه السلام» عن موقفه، بل هو قد أكده، وزاده بياناً وتوضيحاً.. فلاحظ ما يلي:
1 ـ إنه «عليه السلام» أوضح لعثمان: أنه لم يرد بوداعه لأبي ذر مساءته، فإنه أجل وأسمى خلقاً، وأشرف نفساً، وأصح غاية من أن يتعامل بهذه النظرة الضيقة، فيكون همه مساءة شخص بعينه، بالعدوان على آخر، أو بالإحسان له فهو لم يشيع أبا ذر ولم يودعه ليغيظ عثمان، بل فعل ذلك أداء لحق الله في عباده المؤمنين، المتقين، المخلصين، المجاهدين والمظلومين خالصاً لله ولا يريد به إلا وجه الله.
كما أنه لم يرد الخلاف على عثمان بالتعدي على مروان.. بل أراد بعمله قضاء حق أبي ذر. وهو هدف شريف يأمر به الدين، ويقضي به العقل ويرضاه الوجدان..
2 ـ ما جرى لمروان إنما كان عقوبة له، لتدخله لمنع أداء حق الله تبارك وتعالى..
3 ـ إنه «عليه السلام» يصرح: بأن وداع أبي ذر من حقوق الله تبارك وتعالى، كما هو من حقوق أبي ذر، فلماذا ينكره عليه عثمان أو غيره.. ولماذا يريدون المنع من أداء حق الله وحق المسلم.
نعم.. هو حق لله من حيث هو نصرة لدينه، ودفاع عن عباده، وتقوية لهم في جهادهم لإقامة دينه، وإحياء شرائعه، وحمل الآخرين على التراجع عن المخالفات التي صدرت، أو يراد لها أن تصدر..
4 ـ يلاحظ هنا: أنه «عليه السلام» قال: «فرددته رد مثلي لمثله»، أي لأنه «عليه السلام» نفس النبي «صلى الله عليه وآله» وسيد الوصيين، وباب مدينة العلم، والمجاهد في سبيل الله، و.. و.. ومروان خيط باطل ولا يعرف له أب، وهو ابن طليق.. و.. و.. إلى آخر ما ذكرناه وغيره مما لم نذكره.. فرد أوصياء الأنبياء يكون بالموعظة والهداية ثم بالتأديب، ووضع الأمور في نصابها.
5 ـ قول علي «عليه السلام»: «أما ما كان مني إليك، فإنك أغضبتني، فأخرج الغضب مني ما لم أرده.. » يتضمن إدانة صريحة لعثمان، ولم يتصد عثمان لدفعها، أو لإثارة أية شبهة حولها.
فهو صريح بأن عثمان هو الذي بادر إلى إغضاب علي «عليه السلام». فما كان منه «عليه السلام» إلا أن مارس حق الرد بالمثل، على قاعدة: ﴿فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ﴾(
34).. وهو حق مشروع في الدين، وفي العقل، ولدى العقلاء أيضاً..
وقد بين «عليه السلام»: أن المقابلة بالمثل إنما تأتي على قاعدة: «مكره أخاك لا بطل».. إذ لابد للإمام «عليهم السلام» من ردع المعتدي بما يستحقه، وإن كان يتمنى لو أن المذنب لم يذنب ولم يحتج إلى العقوبة من الأساس.
عثمان يعفو حيث لا يحق له:
واللافت هنا: أن عثمان يقول لعلي: «وأما ما كان منك إلى مروان، فقد عفا الله عنك».
فإنه لم يكن لمروان حق يحتاج إلى العفو، ولو كان لمروان حق، فإنه هو الذي يعفو عنه أو لا يعفو، وليس لعثمان أن يفعل ذلك.. وذلك واضح.
عليكم بالشيخ علي بن أبي طالب :
من كتاب عتيق في المناقب قال: أخبرني مخول بن إبراهيم، عن عبد الرحمن بن أبي رافع، عن أبيه، عن أبي ذر قال: لما سير عثمان أبا ذر إلى الربذة أتيته أسلم عليه، فقال أبو ذر: ان اصبر لي ولأناس معي (كذا في المصدر) عدة (لعل الصحيح: فقال لي ولأناس معي عدة: ان اصبر،) إنها ستكون فتنة ولست أدركها، ولعلكم تدركونها، فاتقوا الله، وعليكم بالشيخ علي أبي طالب، فإني سمعت رسول الله «صلى الله عليه وآله» وهو يقول:
أنت أول من آمن بي، وأول من يصافحني يوم القيامة، وأنت الصديق الأكبر، وأنت الفاروق الذي يفرق بين الحق والباطل، وأنت يعسوب المؤمنين، والمال يعسوب الكفرة(
35).
ونقول:
1 ـ إن أبا ذر «رحمه الله» لم يأمر هؤلاء القوم بمتابعة أمير المؤمنين «عليه السلام» إلا بعد أن أخبرهم بأمر غيبي. وذلك ليقترن التوجيه بالدلالة الإعجازية القادرة على ترسيخ اليقين لديهم.
والتوجيه إذا اقترن بأمر خارق للعادة، فالإلتزام به يكون أقوى، واليقين بصحته أعمق، والتفاعل معه أشد، لأن هذا الإقتران يبين لهم أنه لا يخبرهم من عند نفسه، بل هو علم من ذي علم.
2 ـ إن المناسبة التي قرن بها هذا التوجيه حساسة جداً بالنسبة إليهم، فإنها فتنة مقبلة عليهم، والفتنة هي التي يخشى الناس على أنفسهم فيها من الهلاك..
وذلك ليدلهم على أن المتابعة التي يأمرهم بها لا يراد منها مجرد أمرهم بالإستفادة من شخص لا يمتاز عنهم بالشيء الكثير.. بل ذلك الشخص هو ملاذهم، والمنقذ لهم من الفتنة التي هي أخطر ما يواجهونه في حياتهم.
والفتنة هي الأمر الذي لا يعرف وجه الحق فيه إلا الأوحدي من الناس، المرتبط بالغيب الالهي، الذي يتلقى منه تعالى دون سواه الهدايات والمنجيات في الفتن.
3 ـ إن أبا ذر «رحمه الله» بين لهم أيضاً مبررات وحيثيات أمره لهم، بمتابعة شخص بعينه، حين روى لهم الحديث عن رسول الله «صلى الله عليه وآله» في علي «عليه السلام»، وقد تضمن هذا الحديث كل المعاني التي يحتاجونها في الذي يخلصهم من الفتن، ويهديهم من الضلال. 


 

([1]) نهج البلاغة (بشرح عبده) ج2 ص12 الخطبة رقم 130 و شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج8 ص252 وعيون الحكم والمواعظ للواسطي ص552 وجامـع = = أحاديث الشيعة ج14 ص453 والغدير ج8 ص300 وموسوعة أحاديث أهل البيت للنجفي ج4 ص113 وج8 ص18 ونهج السعادة ج4 ص11 وحياة الإمام الحسين للقرشي ج1 ص373.

([2]) راجع: الفتوح لابن أعثم ج2 ص159 و (ط دار الأضواء) ج2 ص376.

([3]) شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج8 ص252 ـ 254 وبحار الأنوار ج22 ص441 ـ 413 و 435 ـ 437 وروضة الكافي ص206 و 208 ومنهاج البراعة ج8 ص249 وج16 ص302 ونهج السعادة ج1 ص168 والغدير ج8 ص301 و 302 والسقيفة وفدك للجوهري ص78 ـ 80 والدرجات الرفيعة ص248 و 249 وكتاب الأربعين للشيرازي ص602 ـ 604 .

([4]) راجع: الفتوح لابن أعثم ج2 ص159 و 160 و (ط دار الأضواء) ج2 ص376.

([5]) شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج8 ص252 ـ 255 والفتوح لابن أعثم ج2 ص159 وراجع كلماتهم «عليهم السلام» في وداع أبي ذر XE "أبو ذر"  في: بحار الأنوار ج22 ص411 ـ 414 و 435 ـ 437 وروضـة الكــافي ص206 ـ 208 وكتـاب = = الأربعين للشيرازي ص602 ـ 604 والغدير ج8 ص301 ـ 303 والسقيفة وفدك للجوهري ص78 ـ 81 والدرجات الرفيعة ص248 ـ 250.

([6]) بحار الأنوار ج31 ص180 ـ 184 ومروج الذهب (تحقيق شارل بلا) ج3 ص84 و 85 و 86.

([7]) تذكرة الخواص ج2 ص47 عن الأصمعي، عن ابن إسحاق، وقاموس الرجال للتستري ج10 ص39 .

([8]) تاريخ مدينة دمشق ج11 ص413 وج34 ص312 وج38 ص331 وج57 ص225 و 232 و 233 و 235 و 237 و 277 و 256 وتاريخ خليفة بن خياط ص199 والآحاد والمثاني ج1 ص392 والطبقات الكبرى لابن سعد ج5 ص35 وطبقات خليفة بن خياط ص405 وإكمال الكمال ج2 ص124 والثقات لابن حبان ج2 ص315 ومختصر تاريخ دمشق ج24 ص172 وتذكرة الخواص ج2 = = ص46 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج6 ص148 وتهذيب الكمال ج27 ص388 وتهذيب التهذيب ج10 ص82 وكتاب المحبر للبغدادي ص22 والتنبيه والإشراف ص266 والكامل في التاريخ ج4 ص193 وتاريخ الأمم والملوك ج4 ص475 والإصابة ج6 ص323 وتاريخ الإسلام للذهبي (حوادث سنة 61 ـ 80).

([9]) جمهرة أنساب العرب لابن حزم ص87.

([10]) تذكرة الخواص ج2 ص47 عن الأصمعي، عن ابن إسحاق، وقاموس الرجال للتستري ج10 ص39.

([11]) تذكرة الخواص ج2 ص47 عن الأصمعي، عن ابن إسحاق، وراجع: الغدير ج10 ص219 وقاموس الرجال للتستري ج10 ص39 .

([12]) جمهرة أنساب العرب لابن حزم ص87.

([13]) تذكرة الخواص ج2 ص49 وأشار المعلق عليه في هامشه إلى مصادر عديدة، وقاموس الرجال للتستري ج10 ص39.

([14]) تذكرة الخواص ج2 ص51. وراجع: شرح الأخبار ج2 ص158 والعمدة لابن البطريق ص454 وعين العبرة في غبن العترة ص52 ومناقب أهل البيت للشيرواني ص364 والإستيعاب (ط دار الجيل) ج1 ص360 والفايق في غريب الحديث للزمخشري ج3 ص398 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج6 ص150 وتخريج الأحاديث والآثار ج3 ص281 والإنصاف فيما تضمنه الكشاف ج3 ص522 وتفسير الثعلبي ج9 ص13 وتفسير النسفي ج4 ص139 والتفسير الكبير للرازي ج28 ص23 وأسد الغابة ج2 ص34 والإصابة ج2 ص92 وتاريخ الإسلام للذهبي ج4 ص148 والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج1 ص510 وبناء المقالة الفاطمية ص251.

([15]) مناقب آل أبي طالب (ط الحيدرية) ج3 ص184 وبحار الأنوار ج43 ص344.

([16]) تفسير فرات ص253 الحديث رقم (345) وبحار الأنوار ج44 ص211 والعوالم، (الإمام الحسين «عليه السلام») للبحراني ص89 ومستدرك سفينة البحار ج7 ص594.

([17]) الكافي ج6 ص19 وبحار الأنوار ج44 ص211 ووسائل الشيعة (ط مؤسسة آل البيت) ج21 ص395 و (ط دار الإسلامية) ج15 ص128 والعوالم، الإمام الحسين «عليه السلام» للبحراني ص89 وجامع أحاديث الشيعة ج21 ص339 و 340 ومستدرك سفينة البحار ج10 ص448 وموسوعة أحاديث أهل البيت «عليهم السلام» للنجفي ج12 ص243.

([18]) تذكرة الخواص ج2 ص45 و 46 وقاموس الرجال للتستري ج10 ص38 و 39 والطبقات الكبرى لابن سعد ج ص33 رقم (227) من القسم الذي لم يطبع من الطبقات.

([19]) راجع: فيض القدير ج4 ص94 ومستدرك سفينة البحار ج4 ص288 والمبسوط للسرخسي ج9 ص126 وبحار الأنوار ج1 ص153 وج13 ص213 وج28 ص237 وج35 ص336 وج49 ص252 وج72 ص178 وج83 ص224 وج84 ص275 ووفيات الأعيان ج7 ص38  وتفسير البيضاوي ج4 ص70 وتفسير أبي السعود ج6 ص41 وتفسير الآلوسي ج16 ص260 وقصص الأنبياء للجزائري ص306 ومجمع البحرين ج2 ص275 والميزان ج14 ص209 .

([20]) راجع: المحاسن للبرقي ج1 ص113 وثواب الأعمال ص238 و (منشورات الشريف الرضي) ص267 وجامع أحاديث الشيعة ج8 ص446 ومستدرك سفينة البحار ج3 ص69 وج6 ص133 والفصول المهمة للحر العاملي ج3 ص260 والخصال للصدوق ج1 ص54 و 107 و 138و (ط مركز النشر الإسلامي) ص224 وبحار الأنوار ج93 ص151 وج69 ص210 وج72 ص345 وج76 ص29 و 68 وج101 ص79 وج5 ص277.

([21]) الإحتجاج ج2 ص23 و (ط دار النعمان) ج1 ص455 وبحار الأنوار ج44 ص73.

([22]) الآية 87 من سورة يوسف.

([23]) الآية 104 من سورة النساء.

([24]) الآية 104 من سورة مريم.

([25]) الآية 30 من سورة الشورى.

([26]) الآية 41 من سورة الروم.

([27]) الآية 96 من سورة الأعراف.

([28]) الآيات 22 و23 من سورة الحديد.

([29]) راجع: المحاسن للبرقي ج1 ص219 وكتاب المؤمن ص15 والكافي للكليني ج2 ص216 ومستدرك الوسائل ج2 ص409 ومشكاة الأنوار للطبرسي ص193.

([30]) بحار الأنوار للمجلسي ج13 ص162 وميزان الحكمة للريشهري ج2 ص948 وتفسير القمي ج2 ص258 والأصفى ج2 ص1102 وراجع: مشكاة الأنوار للطبرسي ص497.

([31]) راجع: جامع أحاديث الشيعة للبروجردي ج14 ص412 ومجمع الزوائد ج7 ص 281 ومسند أبي يعلى ج11 ص304.

([32]) الفتوح لابن أعثم ج2 ص159 و 160 و (ط دار الأضواء) ج2 ص376.

([33]) راجع: الغدير ج1 ص297 وبحار الأنوار ج31 ص183 وحياة الإمام الحسين للقرشي ج1 ص376.

([34]) الآية 194 من سورة البقرة.

([35]) بحار الأنوار ج22 ص435 عن كشف اليقين ص201 و202 وراجع: شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج13 ص228 ومناقب الإمام أمير المؤمنين للكوفي ج1 ص277 والإمام علي بن أبي طالب للهمداني ص169 وشرح الأخبار ج2 ص278 والمسترشد للطبري ص214 و 290 والفصول المختارة ص263 وخلاصة عبقات الأنوار ج9 ص279 والغدير ج2 ص313 وجامع الرواة للأردبيلي ج2 ص387 وقاموس الرجال للتستري ج9 ص402 وج11 ص341 والعثمانية للجاحظ ص290 وغاية المرام ج5 ص11 و 114 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج4 ص34 وج15 ص341.

 
   
 
 

العودة إلى موقع الميزان