وقد تقدم:
أنه «عليه السلام» قد بايعهم على طاعة الله، وسنة رسوله. وعلى أن
القرآن إمامه وإمامهم..
ونحن لا نريد أن نفيض في بيان أهمية هذه الأمور، بل
نكتفي بالإشارة إلى ما يلي:
إنه «عليه السلام» قد أبطل كل سنة سوى سنة الرسول «صلى
الله عليه وآله».. وأبطل كل طاعة سوى طاعة الله سبحانه.. وأبطل كل مصدر
للمعرفة سوى القرآن الكريم.. وتكون النتيجة هي التالية:
1 ـ
إن طاعة الحاكم لا بد أن تكون عبر طاعة الله سبحانه، فلا طاعة لحاكم
ولا لغيره إذا انفصلت طاعته عن طاعته تبارك وتعالى.. من أي جهة بلغه
هذا الأمر الالهي: من نبي، أو من وصي، أو من حكم عقل، أو إجماع، أو
استفادة من آية، أو غير ذلك من الحجج..
2 ـ
لقد أبطل «عليه السلام» كل سنة سوى سنة الرسول «صلى الله عليه وآله»،
فلا اعتداد بما سنه الصحابة، أو الخلفاء، إلا إذا أمضاها رسول الله
«صلى الله عليه وآله» بصورة صريحة وواضحة.. وكيف المصير إلى إمضائه
«صلوات الله وسلامه عليه»، وإنما حدثت هذه الأمور بعد انتقاله «صلى
الله عليه وآله» إلى الرفيق الأعلى، ولم يمضها وصيه من بعده كما هو
صريح قوله هذا.
وهذا يصلح تفسيراً للحديث الذي
يقول:
عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي.. حيث يتبين أن المراد
بالخلفاء الراشدين هم الخلفاء الإثنا عشر، الذين هم من قريش، ومن خصوص
بني هاشم دون سواهم وكان علي والحسنان «عليهم السلام» أول هؤلاء
الأئمة، كما أثبتته النصوص القطعية الصادرة عن رسول الله «صلى الله
عليه وآله».
وليس المراد بالخلفاء كل من حكم الناس من قريش، ولو على
سبيل التغلب والقهر..
3 ـ
إنه «عليه السلام» حين قال:
«والقرآن إمامنا وإمامكم» قد حصر مصدر المعرفة الإيمانية والدينية
الصحيحة بالقرآن، فلا تؤخذ معارف الدين من الأمراء، لمجرد كونهم أمراء،
ولا من الصحابة لمجرد صحابيتهم، كما لا يمكن الحكم بعصمة الأمة، وليس
الإجماع نبوة بعد نبوة، إلا إذا علم أن الأئمة موافقون على مضمون هذا
الإجماع.
فإذا أخطأ الحاكم والأمير في أحكامه، فلا بد من
إرشاده، ولا يجوز تنفيذ أحكامه المخالفة لشرع الله سبحانه، ولا تؤخذ
الأحكام من إجماع فقهاء السلطة، ولا يكون عمل أهل المدينة معارضاً
للرواية الصحيحة عن رسول الله «صلى الله عليه وآله» ولا، ولا..
وقد روى الطبري روايات عديدة عن سيف، نذكر منها ما يلي:
1 ـ
قال الطبري:
ومما كتب به إليّ السريّ عن شعيب،
عن سيف بن عمر، قال:
حدثنا محمد بن عبد الله بن سواد بن نوَيرة، وطلحة بن الأعلم، وأبو
حارثة، وأبو عثمان، قالوا:
بقيت المدينة بعد قتل عثمان خمسة أيام، وأميرها
الغافقيّ بن حرب يلتمسون من يجيبهم إلى القيام بالأمر فلا يجدونه، يأتي
المصريون عليّاً فيختبئ منهم، ويلوذ بحيطان المدينة، فإذا لاقوه باعدهم
وتبرأ منهم ومن مقالتهم مرة بعد مرة.
ويطلب الكوفيون الزبير فلا يجدونه، فأرسلوا إليه رسلاً،
فباعدهم، وتبرأ من مقالتهم.
ويطلب البصريون طلحة فإذا لقيهم باعدهم، وتبرأ من
مقالتهم مرة بعد مرة؛ وكانوا مجتمعين على قتل عثمان، مختلفين فيمن
يهوون فلما لم يجدوا ممالئاً ولا مجيباً جمعهم الشر على أول من أجابهم،
وقالوا: لا نولّي أحداً من هؤلاء الثلاثة. فبعثوا إلى سعد بن أبي وقاص
وقالوا: إنك من أهل الشورى، فرأيُنا فيك مجتمع، فأقدم نبايعك. فبعث
إليهم: إني وابن عمر قد خرجنا منها، فلا حاجة لي فيها على حال، وتمثّل:
لا
تـخـلـِطـنَّ خبيـثـاتٍ بطيِّـبـةٍ واخـلع ثيـابك منهـا
وانـجُ عُريانا
ثم إنهم أتوا ابن عمر عبد الله،
فقالوا:
أنت ابن عمر، فقم بهذا الأمر.
فقال:
إن لهذا انتقاماً والله لا أتعرض له، فالتمسوا غيري.
فبقوا حيارى لا يدرون ما يصنعون، والأمر أمرهم([1]).
2 ـ
وقال الطبري أيضاً:
وكتب إليّ السريّ، عن شعيب، عن سيف، عن سهل بن يوسف، عن
القاسم بن محمد، قال: كانوا إذا لقوا طلحة أبى وقال:
ومـن عـجـب
الأيـام والدهر أنني بـقـيـت وحيـداً لا أمـرُّ
ولا أُحـلي
فيقولون:
إنك لتوعدنا!
فيقومون فيتركونه، فإذا لقوا الزبير وأرادوه أبى وقال:
متى أنت عن دار بـفـيـحان
راحلٌ وبـاحـتـهـا تحـنـو عليك الكتائبُ
فيقولون:
إنك لتوعدنا!
فإذا لقوا علياً وأرادوه أبى، وقال:
لـو أنّ
قـومـي طـاوعتني سـراتُهُم أمـرتُـهـم أمـراً يـديـخ
الأعـاديـا
فيقولون:
إنك لتوعدنا! فيقومون ويتركونه([2]).
3 ـ
عن السريّ، عن شعيب، عن سيف، عن أبي حارثة وأبي عثمان، قالا:
لما كان يوم الخميس على رأس خمسة أيام من مقتل عثمان،
جمعوا أهل المدينة فوجدوا سعداً والزبير خارجين، ووجدوا طلحة في حائط
له، ووجدوا بني أمية قد هربوا إلا من لم يطق الهرب، وهرب الوليد وسعيد
إلى مكة في أول من خرج، وتبعهم مروان، وتتابع على ذلك من تتابع.
فلما اجتمع لهم أهل المدينة قال لهم
أهل مصر:
أنتم أهل الشورى، وأنتم تعقدون الإمامة، وأمركم عابر على الأمة،
فانظروا رجلاً تنصبونه، ونحن لكم تبع.
فقال الجمهور:
علي بن أبي طالب نحن به راضون([3]).
4 ـ
ولما قتل عثمان جاء المسلمون والصحابة أرسالاً إلى علي «عليه السلام»
ليبايعوه، فلم يفعل حتى قالوا له: والله لئن لم تفعل لنلحقنّك بعثمان([4]).
5 ـ
وروى السري عن شعيب، عن سيف، عن محمد وطلحة، قالا: فقالوا لهم: دونكم
يا أهل البيت فقد أجلناكم يومين([5])،
فوالله لئن لم تفرغوا لنقتلن غداً علياً وطلحة والزبير، وأناساً
كثيراً.
فغشي الناس علياً، فقالوا:
نبايعك فقد ترى ما نزل بالإسلام؛ وما ابتلينا به من ذوي
القربى([6]).
فقال علي:
دعوني والتمسوا غيري، فإنا مستقبلون أمراً له وجوه، وله ألوان، لا تقوم
له القلوب، ولا تثبت عليه العقول.
فقالوا:
ننشدك الله ألا ترى ما نرى؟! ألا ترى الإسلام؟! ألا ترى الفتنة؟! ألا
تخاف الله؟!
فقال:
قد أجبتكم لما أرى، واعلموا إن أجبتكم ركبت بكم ما أعلم، وإن تركتموني
فإنما أنا كأحدكم، إلا أني أسمعكم وأطوعكم لمن وليتموه أمركم. ثم
افترقوا على ذلك واتعدوا الغد.
وتشاور الناس فيما بينهم وقالوا:
إن دخل طلحة والزبير فقد استقامت.
فبعث البصريون إلى الزبير بصرياً([7])..
إلى آخر الرواية التي سنذكر باقيها حين نتحدث عن نصوص الإكراه على
البيعة إن شاء الله..
والغافقي ابن حرب العكي هو مقدم المصريين، الذين قصدوا
عثمان بالمدينة([8]).
ونقول:
إن لنا هنا وقفات هي التالية:
1 ـ
لقد حاولت الرواية المتقدمة رقم: [1] الإيحاء بأن هوى المصريين كان في
علي.. وهوى الكوفيين في الزبير، وهوى البصريين في طلحة..
وهذا كلام باطل، فان النصوص تؤكد على أن الناس كانوا
مجمعين على علي «عليه السلام»..
2 ـ
كما أن إظهار طلحة والزبير في صورة من يهرب من تولي الأمر، لا يعدو
كونه خيالاً وسراباً، فإن تهالكهما على الخلافة، وسعيهما إليها لا يخفى
على ذي مسكة..
ولكن المغرضين يريدون التخفيف من تألق علي «عليه
السلام» في زهده وفي عزوفه عن الدنيا، باختلاق شركاء له هم أشد الناس
تعلقاً بها، وتهالكاً عليها.
كما أن المطلوب في هذا النص هو تبييض وجه عثمان قدر
الإمكان، بإظهار أن أعيان الصحابة كانوا ناقمين على قتلته، متبرئين
منهم، وأن قتلته ليس لهم دين، ولا مبادئ..
وقد تضمنت الرواية المتقدمة برقم:
[1] أيضاً: أن علياً، وطلحة والزبير، كانوا يتبرؤون من المحاصرين
لعثمان، ومن مقالتهم..
وقد عرفنا:
أن سبب البراءة منهم، هو قتل عثمان. ولكننا لم نعرف مقالتهم التي تبرأ
منها علي «عليه السلام» وطلحة والزبير، فإننا لا نعلم للمصريين
والبصريين والكوفيين وسائر من معهم من الصحابة مقالة غير الإسلام. وقد
كان طلحة والزبير شركاء لهم في فعلهم هذا وفي مقالتهم هذه..
إلا إن كان المقصود بمقالتهم هو ما كانوا يطعنون به
عثمان، ويطالبونه بالإقلاع عنه.. ولكن علياً لم يكن ينكر صحة مطالبهم،
بل كان يطلب من عثمان تلبيتها، مرة بعد أخرى..
وقد أجابه عثمان إلى ذلك، وأعلن توبته، ثم عاد عنه. كما
أن عمر قد أوصاه بعدم فعل ما أدى إلى ثورة الناس عليه.
كما أن طلحة والزبير كانا على رأس المطالبين له بذلك،
والمحرضين على قتله، والمشاركين لقاتليه في التأليب والتضييق عليه في
الحصار.
فكيف يتبرأ طلحة والزبير من مقالتهم مرة بعد أخرى يا
ترى؟!
وأما بالنسبة لرواية القاسم بن محمد المتقدمة برقم 2،
فإنها لا تستقيم، لأن قول طلحة:
ومـن عـجـب
الأيـام والدهر أنني بـقـيـت وحـبـداً لا أمـر ولا أحلي
لا يتضمن تهديداً، بل هو مجرد تحسر على ترك الناس له،
وانصرافهم عنه، وعلى أنه لا يستطيع فعل شيء، لا سلباً ولا إيجاباً..
فلماذا اعتبروا قوله هذا تهديداً ووعيداً؟!
وحتى لو كان تهديداً ووعيداً، فلماذا اعتبروه موجهاً
لهم، وهم يريدون أن يولوه المقام الذي يطمح إليه؟! فلعله يريد تهديد
غيرهم ممن يخشى مناوأتهم له لو تولى الخلافة..
وقول الزبير أيضاً لم يتضمن أي تهديد أو وعيد للذين كان
الزبير نفسه إلى تلك اللحظة معهم، وهم الآن يطلبون منه أن يتولى
الخلافة، التي كان يحن إليها بكل وجوده.
بل هو يتمنى الرحيل عن داره إلى دار أخرى تحنو عليه
الكتائب فيها.. ولعله أراد أن يتمنى الموت والهلاك ليتخلص مما هو فيه.
أو أراد أن تكثر الكتائب حوله، لكي يحقق ما يصبو إليه وهو نيل الخلافة،
في الوقت الذي يراها أبعد منالاً.
فلماذا يهدد الزبير شركاءه وأعوانه، الذين كانوا ينفذون
ما يحب، ويمهدون له الطريق إلى تحقيق أغلى أمنياته..
كما أنه لم يظهر من البيت الذي
أورده علي «عليه السلام»:
أنه يقصد بالأعادي هؤلاء الناس بالذات.
وقد حكم علي «عليه السلام» الأمة، وبايعه نفس هؤلاء
الناس، وأصبحت الأمور بيده، فهل أمرهم ذلك الأمر الذي يديخ الأعاديا؟!
ومن هم هؤلاء الأعادي الذين يريد الراوي أن يوجه
الأصابع إليهم؟!
أم أنه لم يرض بالتعرض لهم بشيء؟! حسبما يتهمه به
مناوؤوه؟!
1 ـ
زعمت رواية أبي حارثة وأبي عثمان، المتقدمة برقم: [3]: أنه بعد خمسة
أيام من مقتل عثمان، جمعوا أهل المدينة، فوجدوا سعداً والزبير خارجين..
ولم تذكر الرواية إلى أين خرجا!! وهل عثروا عليهما أم
لا؟!
وهل بايعا علياً أم لا؟! وإن كانت تريد الإيهام بأنهما
لم يحضرا البيعة، فإن النصوص تؤكد على أن طلحة والزبير كانا أول من
بايع.
كما أن سعداً قد بايع أيضاً كما تدل عليه نصوص أخرى..
وعلى فرض أنه لم يبايع، فإنه لم يغب عن المدينة حين البيعة..
ولو فرضنا أنهما قد خرجا من المدينة، فلعل ذلك قد حصل
لفترة قصيرة حين اضطربت الأمور ثم عادا إليها، وحضرا البيعة، ثم كان
الزبير وطلحة أول من بايع، وبايع سعد أيضاً، لكن الراوي أراد أن يثبت
عكس ذلك..
2 ـ
وذكرت الرواية هروب الوليد وسعيد إلى مكة أيضاً، مع أن الرواية تذكر
أنهما كانا حاضرين في المدينة، وأن علياً «عليه السلام» استدعاهما
إليه، وكذلك مروان. وطالبهما بكلام بلغه عنهما، وحاولا أن يشترطا
لبيعتهما شروطاً، فلما فندها علي «عليه السلام» بادرا إلى البيعة..
3 ـ
إن ظاهر هذه الرواية، ورواية محمد وطلحة وسواهما: أن أهل مصر هم القادة
الآمرون والناهون في أهل المدينة، ومن حضرها من أهل الكوفة والبصرة،
وليس الأمر كذلك بل كان انثيال الناس على علي «عليه السلام» عفوياً،
ولم يكن بطلب من أحد..
وكأن المطلوب هو الإيحاء بأن أهل مصر قد تحكموا بالناس
بعد قتل عثمان، وأجبروهم على تنفيذ ما يريدون، وأن البيعة لعلي «عليه
السلام» لم تكن عن اختيار.
4 ـ
وهذا التصوير البشع لتصرفات الثـوار على عثمان مع أهل المدينة قد تجلى
أيضاً في الرواية رقم: [4] المروية عن محمد وطلحة. حتى إنهم ليهددونهم
بقتل علي، وطلحة والزبير. وكأن هؤلاء الثائرين هم قطاع طرق، وقتلة
ومجرمون.. مع أن من بينهم كثير من الصحابة، وغيرهم ممن عرف بالدين
والإستقامة والورع..
عن أبي المتوكل قال:
قتل عثمان، وعلي بأرض له، يقال لها: «البغيبغة» فوق المدينة بأربعة
فراسخ.
فأقبل علي.
فقال عمار بن ياسر:
لتنصبن لنا نفسك، أو لنبدأن بك.
فنصب لهم نفسه، فبايعوه([9]).
ونقول:
1 ـ
يتضمن هذا النص كذبة واضحة، عن جرأة فاضحة من عمار بن ياسر على أمير
المؤمنين «عليه السلام»، حيث هدده بالقتل إن لم ينصب «عليه السلام»
نفسه لهم.
وهذا مكذوب على عمار، الذي ملئ إيماناً إلى مشاشه، وكان
يعلم: أن علياً «عليه السلام» مع الحق والحق معه. فهل يمكن لهذا
الممتلئ إيماناً إلى مشاشه أن يقتل أو أن يسيء إلى من يكون الحق معه،
والقرآن معه..
كما أن عماراً قد بايع علياً «عليه السلام» على السمع
والطاعة يوم الغدير، فهل يمكن أن ينكث بيعته، ويخرج إلى إمامه ويقتله؟!
2 ـ
هل يمكن أن يكون علي «عليه السلام» قد أكره على هذا الأمر، وقبله خوفاً
من القتل؟! وما الذي يؤمننا من أن يكون قد أكره أيضاً على كثير من
الأمور التي أقدم عليها، مثل حروب الجمل وصفين والنهروان، وعلى إجراء
بعض السياسات، مثل سياسة التسوية في العطاء، ورفض التمييز العنصري؟!
3 ـ
إذا كان إكراه الحاكم للناس على البيعة يسقط تلك البيعة من الاعتبار،
فهل إكراه الناس للحاكم على التصدي للحكومة يسقط بيعتهم له عن الإعتبار
أيضاً؟! وهل يصبح نكث الناكثين مبرراً في هذه الحال؟!
قال الطبري:
«سأل أصحاب رسول الله «صلى الله عليه وآله» علي بن أبي طالب أن يتقلد
لهم وللمسلمين أمرهم، فأبى عليهم.
فلما أبوا عليه، وطلبوا إليه، تقلد ذلك لهم([10]).
ونقول:
هذا النص يشير إلى خباثة وشيطنة فائقة، لأنه يريد أن
يقول: إن بيعة ولو قلة قليلة من أهل الحل والعقد، تحقق المشروعية،
ويصبح بذلك إماماً لجميع المسلمين، ويجب نصرته ومعونته، وامتثال
أوامره، ويحرم الخروج عليه، والخروج عن طاعته. ولكن ذلك مشروط بقبول
ذلك الإمام نفسه بشمول إمامته، وعموم طاعته للغائب والحاضر. فإذا لم
يرض بهذا التعميم، واعتبر بيعته خاصة بالذين بايعوه دون سواهم.. فلا
طاعة له على غير من بايعه، ولا يحرم الخروج عليه من قبل من لم يبايعه..
وها هو علي «عليه السلام» هنا يشترط على من بايعه بأن
يتقلد الأمر لمن بايعه فقط، ويرفض أن يتقلد لهم وللمسلمين، مما يعني أن
بيعتهم لعلي لا تلزم معاوية ومن معه من أهل الشام، ولا تلزم بعض بني
أمية الذين يدعون أنهم لم يبايعوه، بل هربوا قبل حصول البيعة..
غير أننا نقول:
لقد خاب من كذب وافترى..
فأولاً:
لقد كتب «عليه السلام» لمعاوية: إن بيعتي وأنا في المدينة لزمتك وأنت
في الشام([11]).
وهذا يكذب دعوى اختصاص بيعته «عليه السلام» بمن بايعه،
وأنه تقلد لهم، ولم يتقلد لهم وللمسلمين..
كما أنه لو صح ذلك، لكان «عليه السلام» هو الباغي على
معاوية، والظالم له، والمتعدي عليه، والمخطئ في حقه، لا العكس.
كما أن عائشة، وأكثر من شارك في حرب الجمل لا يكونون من
الناكثين، ولا من البغاة عليه «عليه السلام» لأن الكثيرين منهم لم
يكونوا قد بايعوه
ثانياً:
لو صح ذلك لصح أن يكون لكل عشيرة إمام ولكل بلد إمام، بل يصح أن يكون
لكل رجل أو رجلين أو ثلاثة أو أكثر إمام.. وقد يكون في البيت الواحد
إمامان أو أكثر، لا سيما إذا جوزنا انعقاد الإمامة بالواحد والاثنين
والثلاثة، والخمسة، أو نحو ذلك.
ثالثاً:
إن هذا يتنافى مع الحديث المروي عن الصادق «عليه السلام»: «ما لكم
وللرياسات، إنما للمسلمين رأس واحد»([12]).
ويتنافى مع حديث: من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية. فهذا
الحديث أيضاً يفرض أن يكون للمسلمين أمام واحد لكل عصر.
رابعاً:
لا يبقى موضع للحديث الذي يقول: إذا بويع لخليفتين، فاقتلوا الآخر
(الأحدث) منهما([13]).
إلا في صورة ما إذا كان قد تقلد لمن بايعه وللمسلمين، وبيان هذا الشرط
يحتاج إلى مؤونة زائدة، ولم نجد الشارع بينه..
خامساً:
إن إمامة علي «عليه السلام»، للأمة كلها ثابتة بالنص. فلا يمكنه
الاستقالة منها، ولا التخلي عنها بالنسبة لفريق، والقبول بها بالنسبة
لفريق آخر..
عن صالح بن كيسان قال:
لما بايع الناس علياً كتب إلى خالد بن العاص بن هشام بن المغيرة يؤمره
على مكة، وأمره بأخذ البيعة له.
فأبى أهل مكة أن يبايعوا عليا. فأخذ فتى من قريش، يقال
له عبد الله بن الوليد بن زيد بن ربيعة بن عبد العزى بن عبد شمس
الصحيفة (أي كتاب علي «عليه السلام») فمضغها وألقاها، فوطئت في سقاية
زمزم.
فقتل ذلك الفتى يوم الجمل مع عائشة([14]).
ونقول:
تقدم:
أن معتمر بن سليمان قد نقل عن أبيه قوله: إن أهل الحرمين قد بايعوا
علياً. وبذلك تكون بيعته قد تمت وصحت.. وهذا صالح بن كيسان يقول: إن
أهل مكة لم يبايعوا.. فهل ذلك يعني عدم شرعية خلافته «عليه السلام»؟!
هذا مع العلم بأن المؤرخين يؤكدون على أن الناس قد
بايعوا علياً في جميع الأقطار والأمصار، إلا ما كان من معاوية وحزبه..
إلا إن كانوا يريدون أن يزعموا:
أن أهل مكة لم يبايعوا علياً، تأييداً منهم لعائشة! وطلحة والزبير.
وما الذي يضر علياً «عليه السلام» لو تخلف عنه أهل
مكة؟! أليست الإمامة والخلافة تنعقد ببيعة خمسة، أو ستة أو سبعة أو
واحد، أو اثنين إلخ..؟! حسب زعمهم..
ولعل هذا الفتى فقط كان هو الذي امتنع عن البيعة، وتصرف
برعونة وحمق تجاه رسالة علي «عليه السلام»، حيث مضغها وألقاها.
وما الذي يضر خلافه وخلاف بعض الأفراد معه إرضاء لأم
المؤمنين عائشة، أو لأي داع آخر، ما دام أنه ليس من أهل الحل والعقد
حسب تعبيراتهم؟!
معتمر بن سليمان، قال:
قلت لأبي: إن الناس يقولون: إن بيعة علي لم تتم!! قال: يا بنيّ بايعه
أهل الحرمين، وإنما البيعة لأهل الحرمين([15]).
ونقول:
أولاً:
إذا كان المعيار في صحة الخلافة والإمامة هو النص، فهو موجود، وإن كان
المعيار هو البيعة، فإن بيعة يوم الغدير لم تبق عذراً لمعتذر.. لا سيما
وأنها كانت بأمر من الله ورسوله..
وإن كان الميزان هو بيعة أهل الحل والعقد، فهم لا
ينحصرون بأهل الحرمين، بل يشمل ذلك كل من كانت له صفة كونه من أهل الحل
والعقد..
ثانياً:
إن أهل السنة يقولون: إن صحة البيعة لا تحتاج إلى أهل الحرمين، بل يكفي
عند بعضهم أن يعقدها ثمانية أو سبعة، أوخمسة، أو اثنان، أوثلاثة، بل
بعضهم يكتفي بواحد.
ودليل هؤلاء هو عدد من عقدها لأبي
بكر في السقيفة، فقيل:
عقدها له عمر وحده، وقيل هو وأبو عبيدة، وقيل.. وقيل..
ثالثاً:
إن علياً «عليه السلام» قال: إن عقد الإمامة إنما هو لأهل بدر، وسكت عن
ذكر عدد من يعقدها منهم.
رابعاً:
لم يذكر سليمان لولده: عدد من تعقد ببيعتهم الإمامة من أهل الحرمين..
خامساً:
ما الدليل على حصر البيعة الصحيحة ببيعة أهل الحرمين دون سواهم!!
سادساً:
لا ندري لماذا لم تتم بيعة علي الذي لم يبق أحد يحسن السكوت عليه إلا
بايعه، وبايعه جميع المسلمين باستثناء معاوية ومن معه من أهل الشام، مع
أن بيعة أبي بكر قد تمت لمجرد أن عمر وأبا عبيدة قد بايعاه؟! وتمت
خلافة عمر لمجرد أن أبا بكر أوصى إليه، وتمت بيعة عثمان لبيعة عبد
الرحمان بن عوف له، وصاروا يستحلون الخوض في دماء الناس والحكم عليهم
بالارتداد لاعتبارهم الإمامة قد انعقدت بذلك.
وإنما بايع أهل المدينة أبا بكر بقوة السلاح وبالضغط
وبالقهر.
عن صهبان ـ مولى الأسلميين ـ قال:
جاء علي والناس ـ والصبيان يعدون ومعهم الجريد الرطب ـ
فدخل حائطاً في بني مبذول. وطرح الأشتر النخفي خميصته عليه، ثم قال:
ماذا تنتظرون؟! يا علي، ابسط يدك، فبسط يده فبايعه.
ثم قال:
قوموا فبايعوا، قم يا طلحة، قم يا زبير.
فقاما، فبايعا، وبايع الناس([16]).
ونقول:
تضمنت هذه الرواية:
أن الأشتر كان أول من بايع علياً، مع أنهم يقولون: إن طلحة كان أول
المبايعين، ثم الزبير..
إلا أن يقال:
إن الأشتر كان أول من بايعه في حائط بني مبذول، وكان طلحة أول من بايعه
في المسجد..
وهو كلام غير مقبول أيضاً، فقد صرحت الروايات بأنه
«عليه السلام» رفض البيعة له خفية، فاتعدوا المسجد في اليوم التالي..
وحين اجتمع الناس في المسجد سألهم إن كانوا لا يزالون مصرين على
موقفهم. فلما أجابوه بالإيجاب رضي ببيعتهم، وكان أول المبايعين طلحة..
وبعد..
فما هذه الطاعة من طلحة والزبير للأشتر!! وهما يريان أنفسهما أكبر
وأخطر من الأشتر، ولا سيما بعد أن اختارهما عمر في ضمن الستة الذين
تكونت الشورى منهم.
علي
لم يدع الناس إلى البيعة:
عن الزهري قال:
كان علي قد خلَّى بين طلحة وبين عثمان، فلما قتل عثمان برز علي للناس،
فدعاهم إلى البيعة، فبايعوه.
وذلك أنه خشي أن يبايع الناس طلحة، فلما دعاهم إلى
البيعة لم يعدلوا به طلحة ولا غيره([17]).
ونقول:
أولاً:
ليس في سعي علي «عليه السلام» للبيعة غضاضة، فإنه إذا كان صاحب الحق
يخشى من ضياع حقه الذي جعله الله تعالى له بنص يوم الغدير، فما المانع
من أن يبادر إلى فعل ما يحفظ ذلك الحق، ويعيده إلى أهله؟!
ثانياً:
بل إننا حتى لو قلنا: إنه لا يوجد نص في البين على إمامة أحد، وعرف أهل
الاستقامة والدين والعلم والتقوى، وأحسن الناس تدبيراً وسياسةً،
وأحرصهم على مصلحة الأمة أن عدم تصديهم سوف يفسح المجال لمن لو أمسك
بأزمة الحكم لأفسد أمور الناس، وظلمهم، وضيع ما يجب حفظه من مصالحهم،
فلا يعذر أولئك الصالحون المؤهلون بالتراجع، وبإفساح المجال لأولئك.
ثالثاً:
إن هذا النص يقول: «كان علي قد خلى بين طلحة وبين عثمان، فلما قتل
عثمان إلخ..» فهل يريد أن يوهم الناس بأن سبب قتل عثمان هو علي «عليه
السلام»، إذ لو لم يخل بينه وبين طلحة لم يقتل؟!
رابعاً:
إن علياً «عليه السلام» لم يدع الناس إلى البيعة له ـ كما يزعم هذا
النص ـ بل الناس هم الذين لاحقوه بالإصرار الشديد ليقبل منهم أن
يبايعوه، وبقي أياماً يفر منهم من موضع إلى موضع، حتى قبلها وهو كاره
لها..
خامساً:
إن طلحة كان في جملة من لاحق علياً «عليه السلام»، وأصر عليه بالبيعة
له. وكان طلحة يعلم أن الناس لا يرضون به مع وجود علي «عليه السلام».
وقد قال له: إن الناس قد اجتمعوا لك، ولم يجتمعوا إلي. وقال: أنت أحق..
وأنت أمير المؤمنين.
عن الشعبي:
أنه لما قتل عثمان أقبل الناس إلى علي «عليه السلام» ليبايعوه، ومالوا
إليه، فمدوا يده فكفها، وبسطوها فقبضها، وقالوا: بايع، فإنا لا نرضى
إلا بك، ولا نأمن من اختلاف الناس وفرقتهم.
فبايعه الناس، وخرج حتى صعد المنبر.
وأخذ طلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام مفتاح بيت
المال، وتخلفا عن البيعة فمضى الأشتر حتى جاء بطلحة يتله تلاً عنيفاً.
وهو يقول: دعني حتى أنظر ما يصنع الناس. فلم يدعه حتى بايع علياً.
فقال رجل من بني أسد، يقال له:
قبيصة بن ذؤيب: أول يد بايعت الرجل من أصحاب محمد شلاء، والله ما أرى
هذا الأمر يتم.
وكان طلحة أول من بايع من أصحاب رسول الله «صلى الله
عليه وآله». وبعث علي بن أبي طالب من أخذ مفاتيح بيت المال من طلحة.
وخرج حكيم بن جبلة العبدي إلى الزبير بن العوام حتى جاء
به فبايع.
فكان الزبير يقول:
ساقني لص من لصوص عبد القيس، حتى بايعت مكرهاً.
قال الشعبي:
وأتي علي بعبد الله بن عمر بن الخطاب ملبياً، والسيف مشهور عليه، فقال
له: بايع.
فقال:
لا أبايع حتى يجتمع الناس عليك.
قال:
فأعطني حميلاً ألا تبرح.
فقال:
لا أعطيك حميلاً.
فقال الأشتر:
إن هذا رجل قد أمن سوطك وسيفك. فأمكنِّي منه.
فقال علي:
دعه، فأنا حميله. فوالله ما علمته إلا سيء الخلق صغيراً وكبيراً.
قال:
وجيء بسعد بن أبي وقاص. فقيل له: بايع.
فقال:
يا أبا الحسن إذا لم يبق غيري بايعتك.
فقال علي:
خلوا سبيل أبي إسحاق.
وبعث علي إلى محمد بن مسلمة
الأنصاري ليبايع، فقال:
إن رسول الله أمرني إذا اختلف الناس أن أخرج بسيفي، فأضرب به عرض (أحد)
حتى ينقطع، فإذا انقطع أتيت بيتي، فكنت فيه، لا أبرح حتى تأتيني يد
خاطفة، أو ميتة قاضية.
قال:
فانطلق إذن. فخلى سبيله.
وبعث إلى وهب بن سيفي الأنصاري
ليبايعه، فقال:
إن خليلي وابن عمك قال لي: قاتل المشركين بسيفك، فإذا رأيت فتنة
فاكسره، واتخذ سيفاً من خشب، واجلس في بيتك.
فتركه.
قال:
ودعا أسامة بن زيد بن حارثة، مولى رسول الله «صلى الله عليه وآله» إلى
البيعة، فقال: أنت أحب الناس إلي، وآثرهم عندي. ولو كنت بين لحيي أسد
لأحببت أن أكون معك، ولكني عاهدت الله أن لا أقاتل رجلاً يقول: لا إله
إلا الله.
قال:
فبايع أهل المدينة علياً.
فأتاه ابن عمر، فقال له: يا علي، اتق الله، ولا تنتزين
على أمر الأمة بغير مشورة.
ومضى إلى مكة([18]).
ونقول:
هكذا صور لنا الشعبي البيعة لعلي «عليه السلام». ونحن
وإن كنا قد تحدثنا عن أمور عديدة تضمنها هذا النص، إلا أن التذكير
ببعضها، والتوقف عند بعض آخر لم نشر إليه لا يخلو من بعض الفائدة،
فلاحظ ما يلي:
قال العلامة المحمودي أعلى الله
مقامه:
«إن مفاتيح بيت المال قد أخذها طلحة في أيام حصار عثمان، وتأليبه عليه»([19])..
ويشهد لذلك:
ما ذكره الراوندي، من أن علياً «عليه السلام» أرسل إلى طلحة بعد
البيعة: أن ابعث بمفاتيح بيت المال. فأبى.
فأمر علي «عليه السلام» فكسر، ثم قسم ما فيه على الناس([20]).
وهذا لا ينافي ما تقدم في بعض
الفصول السابقة من:
أن علياً «عليه السلام» قد فتح بيت المال، وفرق بين الناس ما فيه.
فانكفأ الناس عن عثمان، وكان ذلك في أيام الحصار. إذ لعله أعاد المفتاح
إلى المسؤول عنه، وهو زيد بن ثابت، أو لعله لم يستلم المفتاح أصلاً، بل
أمر المسؤول عنه بفتحه له. فامتثل لأمره، ثم استولى عليه طلحة بعد ذلك.
قد يدعى:
أن في رواية الشعبي تناقضاً ظاهراً، فإنها تصرح أولاً ببيعة الناس له
«عليه السلام»، وتخلف طلحة والزبير عنها.. ثم تصرح بأن طلحة كان أول من
بايعه، حتى تشاءم قبيصة بن ذؤيب ببيعته..
ويمكن أن يجاب:
بأن من الجائز أن يكون طلحة أول من بايع في المسجد، حيث أتى به الأشتر
قهراً فبايع مرة أخرى.
وعن أن الأشتر جاء بطلحة يتله تلاً عنيفاً نقول:
أولاً:
قد ذكرنا في كتابنا هذا نصوصاً كثيرة تدل على أن طلحة والزبير قد بايعا
علياً «عليه السلام» طائعين غير مكرهين..
ثانياً:
إن علياً «عليه السلام»، وكذلك سائر من معه كانوا أهل معرفة بالفقه،
وبأحكام الشريعة التي تقول: لا بيعة لمكره. فما معنى أن يمارسوا هذا
الإكراه، وهم الذين كانوا قد ذاقوا مرارة الإكراه؟! وعلموا الناس: أن
الإكراه لا يعطي شرعية، ولا يلزم من وقع عليه الإكراه بشيء..
ثالثاً:
إن ممانعة طلحة لم تزد على ممانعة غيره، حيث إن طلبه المهلة لينظر في
الأمر لا يستحق هذا العنف عليه..
فلماذا يتله الأشتر؟! ثم لماذا يكون التَل عنيفاً؟!
ولِمَ لم يفعل مثل ذلك بغيره ممن امتنع عن البيعة بزعمهم؟! وما سبب ذلك
الرفق بغيره، وهذا العنف به؟!
وقد أظهر النص: أن الناس كانوا يتوقعون اختلاف الناس
وفرقتهم، ويرون أن البيعة لعلي «عليه السلام» ضمانة لعدم حصول ذلك..
ويبدو:
أن كل الذي جرى بعد ذلك من حروب كان أهون مما كان
متوقعاً لو لم يبايع لعلي «عليه السلام»..
ويؤكد هذا المعنى:
أن هذا الذي جرى قد أسهم في تنامي وعي الناس، وزوال الشبهات عنهم. وهي
شبهات لو تركت لفتكت في حقائق الإسلام وهدمت الكثير من عقائده وشرائعه،
وقوضت دعائمه، نتيجة بقائه أسيراً بأيدي الأشرار، وأصحاب الأهواء.
ولأجل ذلك نلاحظ:
أنه رغم كل تلك الحروب الهائلة، فإن أحداً لم يظهر ندماً على بيعته
لعلي «عليه السلام»، بل كانوا يرونها نعمة كبرى، وسعادة لهم، وفوزاً
ونجاحاً، وسداداً وفلاحاً.
وزعم الشعبي:
أن طلحة والزبير تخلفا عن البيعة حتى جاء الأشتر بطلحة، فلم يدعه حتى
بايع علياً، وجاء حكيم بن جبلة بالزبير فبايع. وكان ذلك بعد أن بايعه
الناس..
ولسنا بحاجة إلى التذكير بالنصوص
الصريحة:
بأن طلحة والزبير كانا أول من بايع. وقد بايعا طائعين غير مكرهين..
وادعاؤهما البيعة الظاهرية، وتبييتهما نية الغدر لا
تسمع.. بل هي تدينهما، وتسقط محلهما وكلامهما عن الاعتبار.
وزعم الشعبي:
أن الزبير كان يقول: ساقني لص من لصوص عبد القيس، حتى بايعت مكرهاً..
مع أن ما يصف المؤرخون به حكيم بن جبلة يخالف ذلك، فقد
ذكر الطوسي «رحمه الله»: «أنه من أصحاب النبي «صلى الله عليه وآله»،
كان رجلاً صالحاً، مطاعاً في قومه، وحارب طلحة والزبير قبل قدوم أمير
المؤمنين «عليه السلام» واستشهد»([21]).
وكان أشد الناس، وقد قطعت ساقه، فضمها إليه، حتى مر به
الذي قطعها، فرماه بها فجدله عن دابته، ثم جاء إليه فقتله واتكأ عليه،
فمر به الناس فقالوا له: يا حكيم من قطع ساقك؟!
قال: وسادي. وأنشأ يقول:
يـا ساق لا تراعـي إن معي ذراعي أحمي بها
كراعي
وقاتل ورجله مقطوعة، حتى قتله سحيم الحداني([22]).
ولا قيمة لحكايات الشعبي عن الإتيان بابن عمر، والسيف
مشهور عليه، وكذلك حديثه عن إبائه عن البيعة، وعن إعطائه الحميل. ثم
طلب الأشتر من علي «عليه السلام» أن يمكنه منه، ثم الإتيان بسعد،
وبمحمد بن مسلمة، ووهب بن صيفي، وأسامة بن زيد.
فإن هذا منقوض بالتنصيص على بيعة سعد، وابن مسلمة،
وسائر الناس.
ومنقوض بالنص المروي عنه «عليه السلام» على عدم إكراهه
أحداً على بيعته، بل هم الذين بايعوه على كره منه..
فإن كانت ثمة ممانعة من هؤلاء، فإنما هي عن الخروج معه
للقتال، لا عن البيعة. وقد تحدثنا عن ذلك في موضع آخر من هذا الكتاب..
غير أن لنا أن نسأل عن السبب في طلب الحميل من ابن عمر،
دون سواه ممن امتنع عن متابعته «عليه السلام».
والجواب:
أنه «عليه السلام» قد طلب منه الحميل حين طلب منه أن يخرج معه إلى حرب
الأعداء، فرفض، فقال له «عليه السلام»: ائتني بحميل فرفض، فقال «عليه
السلام» فيه كلمته المعروفة، وسيأتي ذلك في موضعه إن شاء الله تعالى.
أما ما اعتذر به محمد بن مسلمة من أمر رسول الله «صلى
الله عليه وآله» له بأنه إذا اختلف الناس ضرب بسيفه عرض أحد، فنقول:
1 ـ لماذا خص النبي «صلى الله عليه وآله» ابن مسلمة
بهذه الوصية دون سائر الناس؟! ألا يشير ذلك إلى أنه «صلى الله عليه
وآله» يحذره من الدخول في القتال، الذي هو من مصاديق الفتنة التي لا
يعرف وجه الحق فيها؟!
2 ـ
ويؤيد ما ذكرناه آنفاً: أنه قال: إذا اختلف الناس.. إذ ليس المراد مطلق
الاختلاف، لأن ذلك يخالف نص القرآن الذي يأمر بقتال الفئة الباغية، قال
تعالى:
﴿وَإِنْ
طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا
بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا
الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللهِ﴾([23]).
3 ـ
قد يقال: إن تخصيص هذه الوصية بابن مسلمة ـ إن صحت ـ فهي تدل على
قابلية ابن مسلمة للدخول في الفتن، والتأثير في تأجيجها وتعقيد الأمور
فيها. فأوصاه أن لا يدخل في الفتن، كما جرى في السقيفة وغيرها. ولم
يوصه بعدم البيعة لإمام زمانه، ولا بعدم قتال الفئة الباغية من
الناكثين والقاسطين والمارقين.
وما ذكرته رواية الشعبي عن وهب بن صيفي (ولعل الصحيح:
وهبان، أو أهبان بن صيفي) فحاله حال ما تقدم عن ابن مسلمة.
ويضاف إليه ما يلي:
1 ـ
إنه يصرح بالفتنة، فيقول: «فإذا رأيت فتنة فاكسره».
2 ـ
إن اعتبار البيعة لعلي «عليه السلام» من مصاديق الفتنة لم يظهر لنا
وجهه، بعد أن بين لهم رسول الله «صلى الله عليه وآله»: أن علياً مع
الحق والحق مع علي. وأنه مع القرآن والقرآن معه..
بالإضافة إلى عشرات الدلائل والشواهد الأخرى التي تشير
إلى هذا المعنى، ونظائره..
3 ـ
وقد وصف الفضل بن شاذان ابن صيفي: بأنه كان فاجراً مرائياً، وكان صاحب
معاوية، وكان يحث الناس على قتال علي «عليه السلام».
وقال لعلي «عليه السلام»:
ادفع إلينا المهاجرين والأنصار حتى نقتلهم بعثمان، فأبى
«عليه السلام».
فقال أبو مسلم (أي ابن صيفي):
الآن طاب الضراب إلخ..([24]).
ولا ينقضي عجبنا مما نقله الشعبي عن ابن عمر، من أن أهل
المدينة بايعوا علياً، فأتاه ابن عمر فقال: يا علي، اتق الله لا تنتزين
على أمر الخلافة بغير مشورة.
فهل كان علي «عليه السلام» هو الطالب للخلافة، والساعي
لها ليوصف بهذا الوصف القبيح؟!
وإذا كانت بيعة علي «عليه السلام» قد حصلت بإجماع أهل
بدر، وأهل بيعة الرضوان وجميع المهاجرين والأنصار، وقد فرضوها عليه
فرضاً، فكيف يكون «عليه السلام» قد انتزى على أمر الأمة بغير مشورة؟!
إلا إن كان يريد ابن عمر من علي «عليه السلام» أن يشاور
معاوية والوليد بن عقبة، وسعيد بن العاص، ومروان بن الحكم، وعبد الله
بن عامر كريز. وغيرهم من أبناء الطلقاء..
وهل بعد بيعة المهاجرين والأنصار، وأهل الحرمين، وأهل
العراق واليمن، ومصر وإلخ.. بيعة اختيارية طوعية منهم.
نعم، هل بعد بيعة هؤلاء يصح وصفه «عليه السلام» بما
وصفه به ابن عمر؟!
وهل يجرؤ ابن عمر على مخاطبة علي «عليه السلام» بمثل
هذا الخطاب؟!
وهل سيرضى الناس هذا الكلام منه، ويصدقونه فيه؟!
وأين هو جواب علي «عليه السلام» له؟!
أم يعقل أن يكون قد سكت عنه؟!
ولماذا يسكت؟! أعجزاً عن جوابه أم ترفعاً عن خطابه؟!
وهل يعجز علي «عليه السلام» أمام هكذا خطاب؟! ولا يرضى
محبوا ابن عمر أن تنتهي الأمور به إلى هذا الحد الذي يظهر فيه ضعفه،
وسقوط محله، وصبيانية تصرفاته؟!
1 ـ
عن المسور بن مخرمة، قال: قتل عثمان، وعلي في المسجد، فمال الناس إلى
طلحة.
قال:
فانصرف علي يريد منزله، فلقيه رجل من قريش عند موضع الجنائز، فقال:
انظروا إلى رجل قتل ابن عمه، وسلب ملكه.
قال:
فولى راجعاً، فرقى المنبر، فقيل: ذاك علي على المنبر، فمال الناس عليه،
فبايعوه، وتركوا طلحة([25]).
2 ـ
عن محمد بن عطية الثقفي: أن عطية أخبره، قال: لما كان الغد من يوم قتل
عثمان أقبلت مع علي فدخلت المسجد، فوجدت جماعة من الناس قد اجتموا على
طلحة، فخرج أبو جهم بن حذيفة فقال: يا علي، إن الناس قد اجتمعوا على
طلحة وأنت غافل.
فقال:
أيقتل ابن عمتي وأغلب
على ملكه؟!
ثم أتى بيت المال ففتحه. فلما سمع الناس بذلك تركوا
طلحة، وأقبلوا إليه([26]).
ونقول:
إننا لا نرتاب في عدم صحة هذه الرواية، ليس فقط لأن
سمرة بن جندب كان من المنحرفين عن علي «عليه السلام»([27])،
ومن الذين يقبضون الأموال من معاوية لوضع الأحاديث في ذم علي «عليه
السلام» ونسبتها إلى رسول الله «صلى الله عليه وآله»([28]).
وليس فقط لأننا لم نسطع أن نجد ما يوجب رفع الجهالة عن
حال محمد بن عطية الثقفي، وحال أبيه، بل لما يلي أيضاً:
1 ـ
بالنسبة لفتح بيت المال نقول:
ظاهر الرواية المتقدمة:
أنه «عليه السلام» قد فتح بيت المال قبل البيعة له، مع أنه تقدم: أنه
كسره بعد بيعة طلحة والزبير والناس له «عليه السلام».
2 ـ
إن رفضه «عليه السلام» لتولي الخلافة، وإيثاره الابتعاد عنهم، والتخفي
في بيته، أو في حوائط المدينة حتى إنه لم يقبل ذلك منهم إلا بعد مضي
خمسة أيام لا يبقي مجالاً لاحتمال أن يكون قد استولى على مفاتيح بيت
المال لحظة قتل عثمان، أو في اليوم التالي من قتله.
3 ـ
لا معنى لما ذكرته هذه الرواية، بعد تصريح أمير المؤمنين «عليه السلام»
بقوله: في كتاب له إلى طلحة والزبير: «وإن العامة لم تبايعني لسلطان
غالب، ولا لعرض حاضر»([29]).
4 ـ
هل الملك كان لابن عفان؟!
وهل كان «عليه السلام» يريد الحصول على هذا الملك؟!
وكيف نجمع بين قوله:
«أيقتل ابن عمي وأغلب على ملكه»؟! وبين كراهته لهذا الأمر، وفراره من
الناس حتى لا يفرضوه عليه؟!
5 ـ
إذا كان «عليه السلام» يرى أن قتل عثمان ممنوع إلى هذا الحد، فلماذا لم
ينصره بسيفه؟! ولماذا قال حين سئل عن قتله: لم
يسرني، ولم يسؤني؟.
6 ـ
هل مال الناس إلى علي «عليه السلام» لمجرد سماع أنه على المنبر؟! أم
أنهم إليه مالوا لأنهم سمعوا أنه فتح بيت المال؟! أو مالوا إليه خوفاً
من تطور الأمور إذا استمر الناس بلا إمام؟!
7 ـ
هل أخبروه باجتماع الناس على طلحة بعد خروجه «عليه السلام» من المسجد،
وتوجهه إلى بيته؟! أم أخبروه بذلك حين أقبل إلى المسجد، ودخله، فقيل
له: إن الناس اجتمعوا على طلحة.. وهو غافل؟!
وروى السري، عن شعيب، عن سيف، عن سليمان بن أبي
المغيرة، عن علي بن الحسين: أول خطبة خطبها علي «عليه السلام» ـ ثم
ذكرها ـ ثم قال:
ولما فرغ علي من خطبته، وهو على المنبر، قال المصريون:
خــذهــا...
وا حـذراً أبـا حسن إنـا نُـمِّـرُ الأمـر إمـرار الــرســن
وإنما الشعر:
خـذها إليـك وا حذراً أبا حسن
فقال علي مجيباً:
إنـي
عـجـزت عـجـزة ما أعتذر سـوف أكـيـس بـعـدهـا وأستمر
وكتب إلي السري عن شعيب، عن سيف، عن
محمد وطلحة قالا:
ولما أراد علي الذهاب إلى بيته قالت السبائية:
خــذها إليك وا حـذراً أبـا حسن إنـا
نُـمِّـرُ الأمـر إمـرار الــرســن
صـولـة أقـوام كأسـداد السـفــن بـمـشـرفـيـات كـغـدران
اللـبـن
ونـطـعـن المـلـك بلين كالشطـن حـتـى يـمـرن عـلى غــير عـنــن
فقال علي ـ وذكر تركهم العسكر، والكينونة على عِدَة ما
مُنُّوا حين غمزوهم، ورجعوا إليهم، فلم يستطيعوا أن يمتنعوا حتى ـ:
إني عـجـزت عـجـزة لا أعـتـذر
سـوف أكـيـس بـعـدهـا وأستمر
أرفـع مـن ذيـلي مـا كـنـت أجـر وأجـمـع الأمـر الشـتـيت
المنتشر
إن لم يــشـاغبني العجول المنتصر أو يـتركـوني والسـلاح
يـبـتدر([30])
ونقول:
إننا لا نكاد نصدق هذا الكلام:
أولاً:
إن علياً «عليه السلام» قد عمل بتكليفه الشرعي، ونفذ وصية الرسول «صلى
الله عليه وآله»، ولم يعجز، ولم يفعل ما يتنافى مع الكياسة والفطنة.
إلا إن كان هؤلاء يريدون نسبة العجز إلى الله ورسوله أيضاً.. فإنهما
هما اللذان أمراه باتخاذ هذه المواقف، كما هو معلوم.
ثانياً:
لو سلمنا: أن ذلك قد حصل، فإن الاعتراف به بهذه الطريقة عجز آخر، لا
ينسجم مع الكياسة والفطنة.
ثالثاً:
لا يمكن أن يقدم المصريون على تهديد علي «عليه السلام» بهذه الطريقة
البعيدة عن الأدب واللياقة، وقد رأينا مدى احترامهم له «عليه السلام»
فيما جرى بينهم وبين عثمان، حيث قبلوا منه ما عرضه عليهم، وميزوه على
سائر الصحابة، ورضوا به ضامناً لعثمان.
رابعاً:
ما معنى هذا الخوف منه «عليه السلام»، فإنه هو الذي يقول: «لقد كنت وما
أهدد بالحرب، ولا أرهَّب بالضرب»([31]).
ويقول:
«إن أكرم الموت القتل، والذي نفس ابن أبي طالب بيده، لألف ضربة بالسيف
لأهون علي من الموت على الفراش في غير طاعة الله»([32]).
ويقول:
«ألا إن ابن أبي طالب آنس بالموت من الطفل بثدي أمه»([33]).
خامساً:
إن الرجز الذي يدَّعون أنه «عليه السلام» أجاب به على رجز المصريين لا
يصلح جواباً له، فإنهم قد حذروه وتهددوه، فما معنى قوله لهم:
إنـي عـجـزت
عـجـزة مـا أعـتـذر الخ..
فإن هذا ليس جواباً لذاك!!
([1])
تاريخ الأمم والملوك ج4 ص432 و (ط مؤسسة الأعلمي) ج3 ص454
والفتنة ووقعة الجمل ص91 و 92 وراجع الكامل في التاريخ ج3 ص192
وتذكرة الخواص ج1 ص350 والجمل للشيخ المفيد ص63.
([2])
تاريخ الأمم والملوك ج4 ص432 و 433 و (ط مؤسسة الأعلمي) ج3
ص455 والفتنة ووقعة الجمل ص92 وتذكرة الخواص ج1 ص351.
([3])
تاريخ الأمم والملوك ج4 ص433 و 434 و (ط مؤسسة الأعلمي) ج3
ص455 والفتنة ووقعة الجمل ص92 و 93 وراجع الكامل في التاريخ ج3
ص192.
([4])
تذكرة الخواص ج11 ص354.
([5])
تاريخ الأمم والملوك ج4 ص434 و (ط مؤسسة الأعلمي) ج3 ص456
والفتنة ووقعة الجمل ص93 والكامل في التاريخ ج3 ص192 و 193.
([7])
تاريخ الأمم والملوك ج4 ص434 و 435 و (ط مؤسسة الأعلمي) ج3
ص456 وراجع: الكامل في التاريخ ج3 ص192 و 193 و 194 وبحار
الأنوار ج32 ص23 و 24 و 8 والفتنة ووقعة الجمل ص93 وشرح نهج
البلاغة للمعتزلي ج11 ص9 وتذكرة الخواص ج1 ص350 وأعيان الشيعة
ج1 ص444.
([8])
الفصول المهمة لابن الصباغ ج1 ص349 وراجع: العبر وديوان
المبتدأ والخبر ج2 ق1 ص146.
([9])
أنساب الأشراف (بتحقيق المحمودي) ج2 ص206.
([10])
تذكرة الخواص ج1 ص346. وتاريخ الأمم والملوك ج4 ص427 و (ط
مؤسسة الأعلمي) ج3 ص450.
([11])
بحار الأنوار ج32 ص393 وج33 ص77 و 81 والغدير ج10 ص316 و 320
ونهج السعادة ج4 ص 89 و 90 و 263 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج3
ص75 وج14 ص35 و 43 وتاريخ مدينة دمشق للمعتزلي ج59 ص128 وصفين
للمنقري ص29 والإمامة والسياسة (تحقيق الزيني) ج1 ص84 و (تحقيق
الشيري) ج1 ص113 وجواهر المطالب لابن الدمشقي ج1 ص367 والنجاة
في القيامة في تحقيق أمر الإمامة لابن ميثم البحراني ص84
ومصباح البلاغة (مستدرك نهج البلاغة) ج4 ص23 وكتاب الفتوح لابن
أعثم (ط دار صادر) ج2 ص494.
([12])
إختيار معرفة الرجال ص293 و (ط مركز النشر الإسلامي سنة
1419هـ) ج9 ص596 وقصار الجمل ج1 ص262 عن مستدرك الوسائل ج2
ص322 وبحار الأنوار ج69 ص214 و 215 وجامع أحاديث الشيعة ج13
ص462 وقاموس الرجال للتستري ج9 ص596 وموسوعة أحاديث أهل البيت
للنجفي ج4 ص87.
([13])
راجع: صحيح مسلم (ط دار الفكر) ج6 ص23 وشرح مسلم للنووي ج12
ص242 والسنن الكبرى للبيهقي ج8 ص144 والديباج على مسلم للسيوطي
ج4 ص461 والمحـلى ج1 ص46 وج9 ص360 والعمـدة لابن البطـريـق = =
ص317 ومناقب أهل البيت للشيرواني ص349 والغدير ج10 ص27 و 145 و
372 والمعجم الأوسط للطبراني ج3 ص144 ومسند الشهاب ج1 ص447
والإستذكار لابن عبد البر ج7 ص496 وكنز العمال ج6 ص52 وفيض
القدير ج1 ص566 وكشف الخفاء ج1 ص84 والجامع لأحكام القرآن ج1
ص272 وج7 ص133 وأضواء البيان للشنقيطي ج1 ص30 وتاريخ بغداد ج1
ص254 وتاريخ مدينة دمشق ج43 ص151 وسير أعلام النبلاء ج6 ص155
وميزان الإعتدال ج2 ص128 وج3 ص547 والنصائح الكافية لابن عقيل
ص59.
([14])
أنساب الأشراف ( بتحقيق المحمودي) ج2 ص210 و 211.
([15])
أنساب الأشراف (بتحقيق المحمودي) ج2 ص208.
([16])
أنساب الأشراف (بتحقيق المحمودي) ج2 ص215 و 216.
([17])
أنساب الأشراف (بتحقيق المحمودي) ج2 ص215.
([18])
أنساب الأشراف (بتحقيق المحمودي) ج2 ص206 ـ 207.
([19])
أنساب الأشراف (بتحقيق المحمودي) ج2 هامش ص206.
([20])
مكارم أخلاق النبي «صلى الله عليه وآله» وأهل بيت النبوة
(مخطوط في مكتبة مجلس الشورى بطهران).
([21])
قاموس الرجال (ط سنة1379) ج3 ص385 عن الأمالي للطوسي رحمه
الله. وراجع: الغدير ج9 ص148 و 186 والإستيعاب ج1 ص366 وطرائف
المقال للبروجردي ج2 ص80 وأسد الغابة ج2 ص39 و 40 والكنى
والألقاب ج1 ص407.
([22])
قاموس الرجال ج3 ص385 عن العقد الفريد، والاستيعاب، وأسد
الغابة ج2 ص40 وتاريخ الإسلام للذهبي ج3 ص495 وراجع: الفتنة
ووقعة الجمل ص130 و 131 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج18 ص56
والأعلام للزركلي ج2 ص269 وأنساب الأشراف ج2 ص228 وتاريخ الأمم
والملوك ج3 ص487 و 488 والكامل في التاريخ ج3 ص218.
([23])
الآية 9 من سورة الحجرات.
([24])
قاموس الرجال للتستري ج2 ص135 و (ط مركز النشر الإسلامي سنة
1422هـ) ج11 ص515 عن الكشى، وإختيار معرفة الرجال للطوسي ج1
ص314 وجامع الرواة للأردبيلي ج1 ص110 وج2 ص418 وطرائف المقال
للبروجردي ج2 ص119 و 592 وأعيان الشيعة ج3 ص508 و 513 وج7 ص69
والكنى والألقاب ج1 ص159.
([25])
فضائل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب لأحمد بن حنبل ص133
والرياض النضرة ج3 ص293 وجواهر المطالب لابن الدمشقي ج1 ص293
وأنساب الأشراف (بتحقيق المحمودي) ج2 ص210.
([26])
أنساب الأشراف (بتحقيق المحمودي) ج2 ص215.
([27])
الإيضاح لابن شاذان ص542 ومستدرك سفينة البحار ج5 ص143 والكنى
والألقاب ج3 ص29 وخلاصة عبقات الأنوار ج3 ص262.
([28])
الغارات للثقفي ج2 ص840 وفرحة الغري لابن طاووس ص46 والصراط
المستقيم ج1 ص152 وكتاب الأربعين للشيرازي ص289 وبحار الأنوار
ج33 ص215 وكتاب الأربعين للماحوزي ص386 وخلاصة عبقات الأنوار
ج3 ص262 وشجرة طوبى ج1 ص97 والغدير ج2 ص101 وشرح نهج البلاغة
للمعتزلي ج4 ص73 وشواهد التنزيل ج1 ص132 والكنى والألقاب ج3
ص29 وإحقاق الحق (الأصل) ص196 وسفينة النجاة للتنكابني ص303.
([29])
راجع: بحار الأنوار ج32 ص125 ـ 127 ونهج البلاغة (بشرح عبده)
ج3 ص111 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج17 ص131 وراجع: كتاب
الفتوح لابن أعثم ج2 ص465 والمناقب للخوارزمي ص183 ومطالب
السؤول ص212 و كشف الغمة ج1 ص240.
([30])
تاريخ الأمم والملوك ج4 ص435 و 436 و (ط مؤسسة الأعلمي) ج 3
ص457 و 458 والكامل في التاريخ ج3 ص195.
([31])
نهج البلاغة (بشرح عبده) ج1 ص60 وج2 ص88 والكافي ج5 ص53 ومصباح
البلاغة (مستدرك نهج البلاغة) ج2 ص268 والأمالي للطوسي ص169
وعيون الحكم والمواعظ للواسطي ص406 وبحار الأنوار ج31 ص599
وج32 ص54 و 60 و 95 و 100 و 188 و 193 وجامع أحاديث الشيعة ج13
ص7 وموسوعة أحاديث أهل البيت للنجفي ج5 ص434 ونهج السعادة ج1
ص295 و 300 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج1 ص303 وج10 ص3 ومطالب
السؤول ص213 وكشف الغمة ج1 ص241.
([32])
نهج البلاغة (بشرح عبده) ج2 ص2 ومصباح البلاغة (مستدرك نهج
البلاغة) ج2 ص269 وج3 ص289 وبحار الأنوار ج32 ص61 و 100 و 189
و 194 وج33 ص455 وج34 ص146 وج68 ص264 وج74 ص403 وج97 ص11 و 14
و 40 وجامع أحاديث الشيعة ج13 ص7 و 127 والإرشاد للشيخ المفيد
ج1 ص238 والأمالي للطوسي ص169 و 216 والكافي ج5 ص54 ووسائل
الشيعة (ط مؤسسة آل البيت) ج15 ص14 و (ط دار الإسلامية) ج11 ص8
وعيون الحكم والمواعظ ص154.
([33])
نهج البلاغة (بشرح عبده) ج1 ص41 ومصباح البلاغة (مستدرك نهج
البلاغة) ج4 ص115 والإحتجاج للطبرسي ج1 ص128 وبحار الأنوار ج28
ص234 وج29 ص141 وج71 ص57 وج74 ص332 ومستدرك سفينة البحار ج1
ص503 ونهج السعادة ج1 ص42 وج7 ص134 ونزهة الناظر وتنبيه الخاطر
ص56 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج1 ص213 والدرجات الرفيعة ص86
ومطالب السؤول ص288 وجواهر المطالب لابن الدمشقي ج1 ص306.
|