المتخلفون
عن بيعة علي
:
زعموا:
أن قلة قليلة من الصحابة لم يبايعوا علياً «عليه السلام».. وكأنهم
يريدون أن يقولوا: إن الإجماع لم يتحقق على بيعته «عليه السلام».
وعلى كل حال، نقول:
قد اختلفوا في أسماء هذه القلة، ونحن نذكر هنا كل من
عثرنا على اسمه، حتى مع ظهور الغلط فيه، فنقول:
1 ـ
أسامة بن زيد: ذكروا أنه لم يبايع علياً «عليه السلام»، واعتذر بمعاذير([1]).
وفي بعض النصوص:
أن الإمام علياً «عليه السلام» قبل عذره([2]).
وروي عن الإمام الباقر «عليه
السلام» قوله:
قد رجع، فلا تقولوا إلا خيراً([3]).
2 ـ
محمد بن مسلمة: أبى بيعة علي «عليه السلام»، وسماها: «فتنة»، واعتزل،
واتخذ سيفاً من خشب([4]).
3 ـ
سعد بن أبي وقاص: لم يبايع علياً([5])،
واعتزل جانباً، ولم يشهد معه أياً من حروبه([6]).
ومدح سعد علياً، وذكر له خصالاً تمنى أن تكون له واحدة
منها، فقال له معاوية: «ما كنت عندي قط ألأم منك الآن، فهلا نصرته؟!
ولم قعدت عن بيعته؟! فإني لو سمعت من النبي «صلى الله عليه وآله» مثل
الذي سمعت فيه لكنت خادماً لعلي ما عشت.
فقال سعد:
والله إني لأحق بموضعك منك.
فقال معاوية:
يأبى عليك ذلك بنو عذرة.
وكان سعد ـ فيما يقال ـ لرجل من بني عذرة([7]).
4 ـ
عبد الله بن عمر([8]).
وروى الطبري عن عبد الله بن حسن:
أن من الأنصار الذين قعدوا عن علي «عليه السلام»:
5 ـ
كعب بن مالك.
6 ـ
مسلمة بن مخلَّد.
7 ـ
أبو سعيد الخدري.
8 ـ
النعمان بن بشير.
9 ـ
رافع بن خديج.
10 ـ
فضالة بن عبيد.
11 ـ
كعب بن عجرة([9]).
12 ـ
عبد الله بن سلام([10]).
13 ـ
حسان بن ثابت([11]).
14 ـ
قدامة بن مظعون([12]).
15 ـ
المغيرة بن شعبة([13]).
16 ـ
صهيب بن سنان.
17 ـ
سلمة بن سلامة بن وقش([14]).
18 ـ
الزبير بن العوام([15]).
19 ـ
زيد بن ثابت([16]).
ونقول:
إن ما ذكر آنفاً غير صحيح، فلاحظ ما يلي:
1 ـ
قال الشيخ المفيد «رحمه الله»: «أما تأخر من سميت عن الخروج مع أمير
المؤمنين «عليه السلام» إلى البصرة فمشهور، ورأيهم في القعود عن القتال
معه ظاهر معروف، وليس ذلك بمناف لبيعتهم له على الإيثار، ولا مضاد
للتسليم لإمامته على الاختيار.
والذي ادعي عليه الامتناع في البيعة، وأشكل عليه الأمر،
فظن أنهم لو تأخروا عن نصرته كان ذلك منهم لامتناعهم عن بيعته.
وليس الأمر كما توهموا، إلا أنه قد يعرض للإنسان شك في
من تيقن سلطانه في صوابه، ولا يرى لسلطان حمله على ما هو شاك فيه، لضرب
من الرأي يقتضيه الحال في صواب التدبير.
وقد يعتقد الإنسان أيضاً صواب غيره في شيء، ويحمله
الهوى على خلافه، فيُظهِر فيما صار إليه من ذلك شبهةً، تعذّره عند كثير
من الناس في فعاله.
وليس كل من اعتقد طاعة إمامه كان مضطراً إلى وفاقه، بل
قد يجمع الاعتقاد لحق الرئيس المقدم في الدين مع العصيان له في بعض
أوامره ونواهيه، ولولا أن ذلك كذلك لما عصى الله من يعرفه، ولا خالف
نبيه «صلى الله عليه وآله» من يؤمن به، وليس هذا من مذهب خصومنا في
الإمامة»([17]).
2 ـ
قال المعتزلي عن اعتذارات ابن عمر، وسعد، وأسامة، ومحمد بن مسلمة:
«فأما أصحابنا فإنهم يذكرون في كتبهم: أن هؤلاء الرهط إنما اعتذروا بما
اعتذروا به لما ندبهم إلى الشخوص معه لحرب أصحاب الجمل، وأنهم لم
يتخلفوا عن البيعة، وإنما تخلفوا عن الحرب»([18]).
3 ـ
قال المعتزلي أيضاً: روى شيخنا أبو الحسين في كتاب الغرر: أنهم لما
اعتذروا إليه بهذه الأعذار، قال لهم:
ما كل مفتون يعاتب. أعندكم شك في بيعتي؟!
قالوا:
لا.
قال:
فإذا بايعتم، فقد قاتلتم. وأعفاهم من حضور الحرب([19]).
4 ـ
إن القول المروي عن علي «عليه السلام»: «إن كرهني رجل واحد من الناس لم
أدخل في هذا الأمر»([20]).
ينفي أن يكون جماعة من المعروفين في المهاجرين والأنصار قد امتنعوا عن
بيعته؛ ولأجل ذلك ذكر المعتزلي: أن كراهتهم إنما كانت بعد البيعة([21]).
5 ـ
وقال اليعقوبي: «بايع الناس إلا ثلاثة نفر من قريش: مروان بن الحكم،
وسعيد بن العاص، والوليد بن عقبة.. ثم ذكر ما جرى..
إلى أن قال:
فقال مروان: بل نبايعك، ونقيم معك، فترى، ونرى»([22]).
6 ـ
وقال العسقلاني: «بايعه المهاجرون والأنصار، وكل من حضر»([23]).
7 ـ
قال ابن سعد: «بايعه طلحة، والزبير، وسعد بن أبي وقاص، وسعيد بن زيد بن
عمرو بن نفيل، وعمار بن ياسر، وأسامة بن زيد، وسهل بن حنيف، وأبو أيوب
الأنصاري، ومحمد بن مسلمة، وزيد بن ثابت، وخزيمة بن ثابت. وجميع من كان
بالمدينة من أصحاب رسول الله «صلى الله عليه وآله»، وغيرهم»([24]).
8 ـ
وفي نص آخر: اتفق على بيعته
المهاجرون والأنصار([25]).
9 ـ
وقالوا: «لما قتل عثمان صبراً سعا الناس إلى دار علي «عليه السلام»،
وأخرجوه، وقالوا: لا بد للناس من إمام. فحضر طلحة والزبير، وسعد بن أبي
وقاص والأعيان، فأول من بايعه طلحة والزبير، ثم سائر الناس»([26]).
10 ـ
وفي نص آخر: لم يتخلف أحد من الأنصار إلا بايع فيما نعلم([27]).
11 ـ
وحين جاؤا ليبايعوه، قالوا له: مد يدك لنبايعك.
فقال:
أين طلحة والزبير وسعد؟!
فأقبلوا إليه وبايعوه. ثم بايعه المهاجرون والأنصار،
ولم يتخلف عنه أحد([28]).
12 ـ
وقال سليم بن قيس بعد ذكره بيعة الناس لعلي «عليه السلام» طائعين: غير
ثلاثة رهط بايعوه ثم شكوا في القتال معه، وقعدوا في بيوتهم: محمد بن
مسلمة، وسعد بن أبي وقاص، وابن عمر.
وأسامة بن زيد، سلم بعد ذلك، ورضي. ودعا لعلي «عليه
السلام»، واستغفر له، وبرئ من عدوه، وشهد أنه على حق ومن خالفه ملعون
حلال الدم([29]).
13 ـ
قال الحاكم في المستدرك:
«أما قول من زعم: أن عبد الله بن عمر، وأبا مسعود
الأنصاري، وسعد بن أبي وقاص، وأبا موسى الأشعري، ومحمد بن مسلمة
الأنصاري، وأسامة بن زيد قعدوا عن بيعته، فإن هذا قول من يجحد تلك
الأحوال..».
ثم قال بعد أن ذكر أسباب اعتزالهم:
« فبهذه الأسباب وما جانسها كان اعتزال من اعتزل عن
القتال مع علي «عليه السلام»، وقتال من قاتله»([30]).
14 ـ
عن أبي مخنف: أنه «عليه السلام» لما هم بالمسير إلى البصرة، بلغه عن
سعد بن أبي وقاص، وابن مسلمة، وأسامة بن زيد، وابن عمر تثاقل عنه، فبعث
إليهم، فلما حضروا قال لهم: قد بلغني عنك [عنكم] هنات كرهتها. وأنا لا
أكرهكم على المسير معي، ألستم على بيعتي؟!
قالوا:
بلى.
قال:
فما يقعدكم عن صحبتي؟!
قال سعد:
أكره الخروج في هذه الحرب لئلا أصيب مؤمناً. فإن أعطيتني سيفاً يعرف
المؤمن من الكافر قاتلت معك.
وقال له أسامة:
أنت أعز الخلق علي، عاهدت الله أن لا أقاتل أهل لا إله إلا الله.
ثم ذكر قصة قتل أسامة على عهد رسول الله رجلاً مشركاً
بعد أن قال لا إله إلا الله. وأنه حين اعتذر لرسول الله بأنه قالها
متعوذاً، قال له النبي «صلى الله عليه وآله»: ألا شققت عن قلبه!
فزعم أسامة أنه «صلى الله عليه وآله» أمره حينذاك أن لا
يقاتل إلا المشركين، فإذا قاتل المسلمين ضرب بسيفه الحجر فكسره.
وقال ابن عمر لعلي «عليه السلام»:
لست أعرف في ذلك الحرب شيئاً. أسألك ألا تحملني على ما لا أعرف.
فقال لهم «عليه السلام»:
ما كل مفتون معاتب. وأخبرهم أن الله سيغني عنهم.
أو قال لهم «عليه السلام»:
ليس كل مفتون معاتب ألستم على بيعتي..
قالوا:
بلى.
قال:
انصرفوا، فسيغني الله تعالى عنكم([31]).
وأما المراد من قوله «عليه السلام»:
«ما كل مفتون يعاتب»، فهو أن الفتنة إن كانت بسبب عروض شبهة أوجبت
التباس الأمور على ذلك المفتون، فيصح أن يعاتب ويقال له: إن حقيقة
الأمر هي كذا وكذا.. والمفترض: أن يفيد هذا العتاب في إرجاعه إلى جادة
الصواب.
وأما إذا كان سبب افتتانه هو مرض قلبه، وحبه للدنيا،
فلا محل للعتاب معه، لأن العتاب لا يجدي في إرجاع الأمور إلى نصابها.
وهذا يفسر لنا ذكره «عليه السلام» العاهات التي أدت إلى
افتتان هؤلاء الناس. فإن ابن عمر ضعيف. أما سعد فحسود.
وأما ابن مسلمة فذنب علي «عليه السلام» إليه أنه قتل
أخاه يوم خيبر.
وذلك كله يدل على أن فتنتهم لم تكن لشبهة عرضت لهم،
بحيث لو عولجت لعادوا إلى الصواب، بل هي فتنة منشؤها مرض القلب مثل
الحسد، أو ضعف الشخصية، أو الحقد والضغينة، ونحو ذلك.
ويبدو أن المراد بالفتنة هنا:
هو الافتتان بالدنيا، والتعلق بها، وليس المراد بها: الفتنة بمعنى
التباس الحق عليهم بالباطل، لأن هؤلاء كانوا يعرفون الحق، ويعترفون به.
وشاهد ذلك ندم ابن عمر على تخلفه عنه «عليه السلام»،
كما أن سعداً اعترف بأن الحق لعلي «عليه السلام»..
على أنه حتى لو كان المراد بالفتنة هنا هو الشبهة، وعدم
اتضاح الحق، فإن علياً «عليه السلام» قد أزال ببياناته المتكررة تلك
الشبهة، وأوضح الحق لهم بما لا مزيد عليه.
تقدم:
أن علياً «عليه السلام» لما دعا سعداً وابن عمر وغيرهما إلى القتال
معه، امتنعوا، واعتذروا بما اعتذروا به، فقال لهم علي «عليه السلام»:
«أتنكرون هذه البيعة»؟!
قالوا:
لا، لكننا لا نقاتل.
فقال:
«إذا بايعتم فقد قاتلتم».
قال: فسلموا من الذم([32]).
ونقول:
إن هذا موضع شك وريب شديد، لما يلي:
أولاً:
إن هذه الرواية، وإن دلت على بيعة هؤلاء القوم له «عليه السلام»،
ولكنها تدعي: أنه «عليه السلام» قد قبل منهم تخلفهم عن القتال، من دون
أن يكون لهم عذر صحيح في ذلك، وعلي «عليه السلام» لا يفعل ذلك، فإن
الله تعالى قد ذم المتخلفين عن القتال متذرعين بحجج واهية، فقال:
﴿وَجَاءَ
المُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ لِيُؤْذَنَ لهُمْ وَقَعَدَ الَّذِينَ
كَذَبُوا اللهَ وَرَسُولَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ
عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾([33]).
ثانياً:
ما معنى قوله: «إذا بايعتم فقد قاتلتم»، فإن البيعة لا تعني حصول
القتال منهم.
ثالثاً:
لو قبلنا ذلك لوقعنا في محذور أكبر، وهو: أنه «عليه السلام» يعطي بذلك
الفرصة لتملص جميع الناس من القتال، استناداً إلى هذه الحجة الواهية.
رابعاً:
إنهم لم يذكروا له البيعة، ولا أنكروها، فلماذا عطف هو «عليه السلام»
عنان الكلام إلى البيعة، وما ربط تخلفهم عن القتال ؟! وما المبرر
لسؤالهم عنها، وعن إنكارهم إياها وعدمه؟!
خامساً:
ما معنى أن يكون تخلفهم عن القتال وعدم إنكارهم لبيعته قد أوجب سلامتهم
من الذم؟! ولماذا لا يكون ذلك من موجبات تأكد ذمهم؟! فإن الالتزام
بالبيعة يفرض عليهم القيام بما تقتضيه، وهو نصرته، ومعاونته على
أعدائه، إذ ليس معنى البيعة مجرد قبض العطاء من بيت المال.
ونقول:
إننا نسجل هنا العديد من الأمور، ونستفيد في بعضها مما
ذكره الشيخ المفيد «رحمه الله»، وذلك كما يلي:
أولاً:
إنه «عليه السلام» وصفهم بأنهم مفتونون عن الجهاد،
مجانبون للصواب في خلافه. فإن هذا الكلام يدل على أن الإمتناع إنما هو
عن السير معه إلى الحرب، وأن هناك ما يصرفهم عن هذه المشاركة، وذلك لأن
كل أحد يعلم بما جرى في غدير خم، وتسامع الناس ما قاله «صلى الله عليه
وآله» في حقه «عليه السلام» يوم تبوك.. وفي مختلف المناسبات والأحوال..
الأمر الذي لا حاجة معه إلى الاستدلال والاحتجاج.. وقد دلت أعذارهم
التي ساقوها على أنهم بصدد خداعه، وخداع الناس والتلبيس عليهم.
ثانياً:
إن الأسباب التي دعت هؤلاء للقعود هي غير ما ذكره هؤلاء.
فأما سعد بن أبي وقاص، فسبب قعوده عن نصرة علي «عليه
السلام» هو حسده له «عليه السلام»، فإن جعل عمر له في الشورى قد أطمعه
وجرأه على طلب ما ليس أهلاً له..
وأما أسامة، فإن النبي «صلى الله عليه وآله» أمَّره في
مرض موته على أبي بكر وعمر وعثمان([34]).
ولم يتحرك ذلك الجيش حسب أوامر رسول الله «صلى الله
عليه وآله».
ولكن الخلفاء خدعوه بمخاطبته بلقب الأمير مدة حياتهم.
ولا شك بأن أسامة لا يرتاح ولا يرضى بأن يحطه أحد عن
المرتبة التي وضعوه فيها. وكان يعلم: أن علياً «عليه السلام» لن يرضى
بقعوده عنه بهذا الأمر، وسيعامله كما يعامل سائر الناس.
أما محمد بن مسلمة، فإنه كان صديق عثمان، وخاصته
وبطانته..
وأما ابن عمر، فكان ضعيف العقل، كثير الجهل ـ كما يقول
المفيد «رحمه الله» ـ وكان ماقتاً لعلي «عليه السلام».
وقد زاد الطين بلة:
أن علياً «عليه السلام» أحزنه حين أهدر دم أخيه عبيد الله لقتله
الهرمزان، وأجلاه عن المدينة، وشرده في البلاد. وقد صرح علي «عليه
السلام» بذلك([35]).
ثالثاً:
لو سلمنا أن هؤلاء وأضعافهم من بني أمية وغيرهم قد قعدوا عن علي «عليه
السلام» فإن ذلك لا يقدح في إمامته، لا على مذهب الشيعة القائلين بأن
دليل إمامته هو النص، ولا على مذهب غيرهم من القائلين بثبوتها
بالاختيار، لأنهم يقولون: يكفي في ثبوتها بيعة بعض أهل الحل والعقد،
خمسة نفر، أو أربعة، أو اثنين، أو واحد، حسب قول أكثرهم. فكيف إذا كان
قد بايعه المهاجرون الأولون، وعيون الأنصار وفضلاء المسلمين، والتابعين
لهم بإحسان، والخيرة من أهل الحجاز، ومصر والعراق وغيرها الذين كانوا
في المدينة.
رابعاً:
إن عبد الله بن حسن حين سئل عن سبب إباء حسان بن ثابت البيعة قال: إن
حسان كان شاعراً، لا يبالي ما يصنع.
وزيد بن ثابت أيضاً:
ولاه عثمان الديوان، وبيت المال. فلما حضر عثمان قال: يا معشر الأنصار،
كونوا أنصاراً لله.. مرتين.
فقال له أبو أيوب:
ما تنصره إلا أنه أكثر لك من العضدان([36]).
وكعب بن مالك يقال:
إن عثمان استعمله على صدقة مزينة، وترك له ما أخذه منهم([37]).
وقال الزهري:
«والعجب أن عبد الله بن عمر وسعد بن أبي وقاص لم يبايعا علياً، وبايعا
يزيد بن معاوية»([38]).
ويرد على كلام الزهري هذا:
أن سعداً قد توفي في عهد معاوية، فيرون أنه سمه. فكيف يكون قد بايع
ليزيد؟!
إلا أن يقال:
إن سعداً قد توفي مسموماً، بعد أن بايع ليزيد في عهد أبيه، ويكون
معاوية قد دس إليه السم خوفاً من عدم وفائه ببيعته أو بوعده بها..([39]).
قال ابن أعثم:
أقبل عمار بن ياسر إلى علي بن أبي
طالب «عليه السلام»، فقال:
ياأمير المؤمنين! إن الناس قد بايعوك طائعين غير كارهين، فلو بعثت إلى
أسامة بن زيد، وعبد الله بن عمر، ومحمد بن مسلمة، وحسان بن ثابت، وكعب
بن مالك، فدعوتهم ليدخلوا فيما دخل فيه الناس من المهاجرين والأنصار!
فقال علي «عليه السلام»:
إنه لا حاجة لنا في من لا يرغب فينا.
قال:
فقال له الأشتر: يا أمير المؤمنين! إننا وإن لم يكن لنا في السابقة ما
لهم، فإنهم ليسوا بشيء أولى من أمور المسلمين منا. وهذه بيعة عامة،
الخارج منها طاعن علينا، فلا تدعهم أو يبايعوا، فإن الناس اليوم إنما
هم باللسان وغدا بالسنان، وليس كل من يتثاقل عليك كمن يخفف عنك، وإنما
أرادك القوم لأنفسهم، فردهم لنفسك.
فقال له علي «عليه السلام»:
يا مالك جدي ورأيي، فإني أعرف بالناس منك.
قال:
وكأن الأشتر وجد من ذلك في نفسه، فأنشأ أبياتاً مطلعها:
مـنـحـت
أمـير المـؤمنـين نصيحة فـكـان أمـرأ تهـدى إليـه النصائح
إلى آخره.
قال:
فوثب إلى علي «عليه السلام» (رجل اسمه) زياد بن حنطلة التميمي، فقال:
ياأمير المؤمنين! ما الرأي إلا ما رأيت، وإنه من عاند نفسه فإنك غير
مشفع به، فإن بايعك كرهاً. فدع عنك هؤلاء الراغبين عنك، فوالله لأنت
الأمين والمأمون على الدين والدنيا، والسلام.
ثم أنشأ التميمي أبياتاً مطلعها:
أبـا
حـسـن مـتـى مـا تـدع فـيـنـا نـجـبـك كـأنــنــا
دفــاع بــحر
إلى آخرها([40]).
ونقول:
1 ـ
يبدو لنا: أن النص، المذكور آنفاً قد تعرض للتحريف والتزييف، فقد قلنا
فيما سبق: إن النصوص وظواهر الأحوال تدل على أن جميع من زعموا: أنهم لم
يبايعوا علياً كانوا قد بايعوه بالفعل. وأنهم إنما امتنعوا أو امتنع
بعضهم عن الخروج معه لقتال الناكثين..
وقبل أن نلم ببعض ما نريد أن نقوله نشير إلى أننا حين
نجد الدس والتحريف في كل اتجاه من قبل مناوئي علي «عليه السلام»، فلا
يبقى مجال إلا للشك والريب في أكثر ما نراه بين أيدينا.. ونجد أنفسنا
مضطرين للنظر إلى الروايات الأخرى التي لا تؤيدها السلطة، ولا تشجعها
بل تعاقب عليها..
وقد بينت الوقائع الكثيرة:
أن المنحرفين عن علي «عليه السلام» وأهل بيته لا يتورعون عن إيذاء كل
من يتفوه بخلاف ما يحبون، أو يروي غير ما يتوقعون..
2 ـ
إن هذه الرواية، وإن كانت مسوقة ـ بحسب الظاهر ـ للترويج لمقولة تخلف
أسامة، وابن عمر، وابن مسلمة، وابن ثابت، وابن مالك عن بيعة علي «عليه
السلام»..
ولكننا قد بينا:
أن ذلك غير صحيح، وأن الصحيح هو: أن عماراً طلب من علي «عليه السلام»
أن يرسل إلى هؤلاء النفر، ويدعوهم إلى الخروج معه لقتال الناكثين
والمارقين، فقول عمار: «ليدخلوا فيما دخل فيه الناس إلخ..» يريد به
دخولهم في الحرب التي أثارها طلحة والزبير..
3 ـ
يؤيد ذلك: قول عمار في أول كلامه: إن الناس قد بايعوك طائعين غير
كارهين.. فإنه لا يجوز جعل بيعة الناس طائعين مبرراً لإكراه من لم
يبايع على البيعة.
فهذا التبرير لا يستقيم إلا إذا كان يريد به أن بيعتهم
الطوعية تبرر له أن يلزمهم بلوازم البيعة التي اختاروها. ومن لوازمها
الظاهرة قتال البغاة عليه. فهو يقول له: إذا كانوا قد بايعوك طائعين
فلماذا يتخلفون عنك؟! ولماذا لا تلزمهم بالخروج معك، والدخول فيما دخل
فيه الناس بما فيهم المهاجرون والأنصار وهو قتال البغاة، إذ لا معنى
لامتناعهم عن أمر لم يتحرج منه إلا من يكون في قلبه مرض، أو من يجهل
أحكام الشريعة([41]).
4 ـ
لعلك تقول: إن الكلام المنسوب إلى الأشتر «رحمه الله» في هذه الرواية
قد لا يساعد على هذا الفهم لكلام عمار، لأن الأشتر «رحمه الله» قد ذكر
أن الخارج من هذه البيعة العامة يعد طاعناً فيها «فلا تدعهم أو
يبايعوا».
غير أن هذا التأمل في الكلام يعطي:
أن الأشتر لم يخرج عن سياق كلام عمار في شيء.. وأنه يريد أن يقول: أن
هؤلاء القوم لا يحق لهم الخروج من هذا البيعة، لأنها كانت بيعة عامة
فقوله: الخارج منها (والضمير يعود للبيعة) طاعن علينا يدل على سبق
الدخول فيها منهم.. فلا يجوز السماح لهم بالخروج مما هم فيه، لأن هذا
الخروج يعد طعناً في البيعة، وتشكيكاً بصحتها وبشرعيتها..
5 ـ
وأما قوله «رحمه الله»: «فلا تدعهم أو يبايعوا»، فلعله قد تعرض للتصحيف
من قبل الرواة، وأن الصحيح هو «يتابعوا» بدل «يبايعوا»، لأن عدم وجود
النقط في السابق يجعل صورة هاتين الكلمتين واحدة.. ولو لم يكن كذلك
لحصل الإختلاف بسبب قوله: أو يبايعوا.
6 ـ
وشاهد آخر أيضاً على ما نقول: هو قوله «رحمه الله»: الخارج منها، حيث
لم يقل: الخارج عنها..
7 ـ
وشاهد آخر يدل على ذلك هو قوله «رحمه الله»: «وليس كل من يتثاقل عليك
كمن يخف معك»، فإن هذا إنما يناسب التحرك معه «عليه السلام» لقتال
الأعداء، فإن المتثاقل عن المسير معه إلى حرب عدوه ليس كالذي يخف معه..
8 ـ
أما الحديث عن موجدة الأشتر، فلا أثر له.. فإن قوله «رحمه الله» عن
أمير المؤمنين: وكان امرأً تهدى إليه النصائح، يدل على أنه لا زال يرى
في أمير المؤمنين «عليه السلام» القدوة والمثل الأعلى، ولا يجد في نفسه
عليه، بل هو لا يعتبر رده «عليه السلام» رداً للتضحية.
9 ـ
وأما كلام زياد بن حنظلة، فلم يظهر لنا مراده منه، ولعل فيه سقطاً أو
تحريفاً.. ولعل.. ولعل..
غير أن الشعر المنسوب إلى زياد يشير إلى أن الكلام كان
عن إجابتهم لعلي «عليه السلام» إلى قتال أعدائه، وأنهم يجيبون دعوته
كأنهم دفاع بحر.. وليس المراد إجابتهم إلى البيعة، فإنهم هم الذين دعوه
ليبايعوه، ولم يدعهم هو إلى بيعته.
إن ابن أعثم قد ذكر نفس هذه القضية، ولكنه اقتصر منها
على ذكر سعد، فقال:
«أقبل سعد بن أبي وقاص إلى علي
بن أبي طالب «عليه السلام»، فقال: يا أبا الحسن، والله ما أشك فيك
أنك على حق، ولكني أعلم أنك تنازع في هذا الأمر. والذي ينازعك فيه هم
أهل الصلاة، فإن أحببت أني أبايعك، فأعطني سيفاً له لسان وشفتان، يعرف
المؤمن من الكافر، حتى أقاتل معك من خالفك بعد هذا اليوم..
فقال علي «عليه السلام»:
يا ابن نجاح! يا سعد! أترى لو أن سيفاً نطق بخلاف ما نزل به جبرائيل
«عليه السلام» هل كان إلا شيطاناً؟!
ليس هكذا يشترط الناس على واليهم. بايع، واجلس في بيتك،
فإني لا أكرهك على شيء.
فقال سعد:
حتى أنظر في ذلك يا أبا الحسن.
قال:
فوثب عمار بن ياسر، فقال: ويحك يا سعد! أما تتقي الله الذي إليه
معادك؟!
أيدعوك أمير المؤمنين إلى البيعة، فتسأله أن يعطيك
سيفاً له لسان وشفتان؟!
أما والله، إن فيك لهنات.
ثم أنشأ عمار أبياتاً مطلعها:
قـال سـعـد لـذي الإمـام
وسـعـد فـي الـذي قـاله حقيق ظلوم..([42])
ونقول:
لا بأس بملاحظة ما يلي:
1 ـ
اقتصرت هذه الرواية على ذكر سعد.. وصرحت بأن الكلام كان حول البيعة لا
عن القتال.. فهل هي واقعة أخرى غير الواقعة المتقدمة التي أرسل فيها
علي «عليه السلام» إلى حسان بن ثابت، وكعب بن مالك، وأسامة، وابن عمر،
وابن مسلمة، فإنها كانت حين همَّ «عليه السلام» بالمسير إلى البصرة..
ثم نظر سعد في أمره، فرأى أن البيعة هي الخيار الصحيح له..
فإن كان الأمر كذلك.. فلماذا عاد سعد إلى تكرار طلبه
السيف الناطق الذي أبطله له علي «عليه السلام»؟! ألا يعني ذلك: أن
الأرجح هو أن رواية أبي مخنف تعرضت للتلاعب والتشويه؟!
2 ـ
إذا كان سعد لا يشك في أن علياً «عليه السلام» على الحق، فلا معنى لطلب
السيف الناطق، لأنه «عليه السلام» هو الذي ينطق بالحق. فإن قال له:
قاتل هؤلاء، فإن قدرت على قتل أحد منهم فاقتله. أغناه ذلك عن نطق
السيف.
3 ـ
إن الله تعالى قد أمر سعداً وغيره بقتال البغاة، فقال:
﴿وَإِنْ
طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا
بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا
الَّتِي تَبْغِي﴾([43])،
مع أن البغاة هم من أهل لا إله إلا الله أيضاً، فهل أعطى «عليه السلام»
كل مسلم سيفاً ناطقاً يعرف المؤمن من الكافر منهم؟!
4 ـ
إن القتال الجائز ـ بل الواجب ـ لا ينحصر بقتال الكفار، بل يجب قتال
البغاة، والمفسدين في الأرض. ويجب قتال المهاجم ودفعه عن النفس ولو أدى
ذلك إلى قتله.
فهل لو هجم أحد المسلمين على سعد ليقتله أو ليسلبه
ماله، هل يحتاج سعد إلى سيف ناطق يميز له المؤمن ليكف عنه، عن الكافر
ليقاتله به؟! وممن سيأخذ هذا السيف؟!
5 ـ
لقد أفهم علي «عليه السلام» سعداً: أن السيف الذي ينطق قد ينطق بما
يريده الرحمان. وقد ينطق بخلاف ما جاء به جبريل فيكون شيطانا، فكيف
يميز سعد أحدهما من الآخر؟!
6 ـ
إنه «عليه السلام» قد ميز لسعد بين البيعة، وبين المشاركة بالقتال،
وأفهمه أنهما أمران مختلفان، وواجبان مستقلان، فيمكن لسعد أن يبايع، ثم
يقعد عن القتال بسبب عجز أو مرض، أو غير ذلك مما يسوِّغ القعود. وقد
يقعد عن القتال عصياناً.. فلماذا يجمع بين معصيتين، ولا سيما بعد أن
أمن من عقوبة علي «عليه السلام»، حين أخبره بأنه «عليه السلام» لا
يكرهه على القتال معه، بايع أو لم يبايع؟! ولماذا قال: حتى أنظر في
ذلك؟!
قيل لنافع:
ما بال ابن عمر بايع معاوية، ولم يبايع علياً؟!
فقال:
كان ابن عمر لا يعطي يداً في فرقة، ولا يمنعها من جماعة، ولم يبايع
معاوية حتى اجتمعوا عليه([44]).
ونقول:
أولاً:
من أين علم ابن عمر أن بيعة علي «عليه السلام» ستكون من مصاديق إعطاء
اليد في فرقة.
ثانياً:
إنه حين باشر يزيد قتل الحسين «عليه السلام»، وكذلك حين استباح
المدينة، وضرب الكعبة بالمنجنيق، فإن يد ابن عمر كانت مع يزيد، فهل
كانت في فرقة، أم في جماعة؟!
ثالثاً:
إذا صح قولهم: إن ابن عمر لم يبايع أحداً طيلة حكومة علي «عليه السلام»
وحكومة ولده الحسن «عليه السلام»، فلا بد أن نسأل: هل كان قد أخذ صكاً
على الله تعالى بأن لا يميته طيلة تلك السنوات ميتة جاهلية؟! فإنه هو
نفسه أحد رواة حديث: «من مات ولا إمام له مات ميتة جاهلية»([45]).
رابعاً:
هل تريث ابن عمر في بيعته لأبي بكر؟! أم سارع إليها، وهو يرى مخالفة
علي «عليه السلام» وبني هاشم، وسعد بن عبادة وكثير من الصحابة، وبعد أن
رأى ما يمارسونه من عنف ضد علي والزهراء «عليهما السلام»، وسواهما، بل
استمر خلاف القبائل على أبي بكر، واستمر يحاربهم متهماً إياهم بالردة؟!
وهل لم يكن ابن عمر يعلم بأن الناس لم يجتمعوا على بيعة
أبي بكر، ولا على بيعة عمر، بل انعقدت إمامة عمر بواحد، هو أبو بكر.
وانعقدت خلافة عثمان بواحد هو ابن عوف؟!
وانعقدت إمامة أبي بكر بخمسة كما زعموا([46]).
بل زعموا:
أنها انعقدت بواحد، هو عمر([47]).
خامساً:
إن ابن عمر كان يقول: «أنا مع أهل المدينة، إنما أنا رجل منهم، وقد
دخلوا في هذا الأمر، فدخلت معهم لا أفارقهم، فإن يخرجوا أخرج، وإن
يقعدوا أقعد»([48]).
وقد دخل أهل المدينة في بيعة علي «عليه السلام»، فلماذا
لم يدخل معهم؟!
وقاتلوا مع علي «عليه السلام» الناكثين والقاسطين
والمارقين، ولم يفعل ذلك ابن عمر.. أم أن كلامه هذا كان مجرد ذريعة!!
كما أنه بايع يزيد بن معاوية، ورفضه أهل المدينة بسبب
أفاعيله، ولكن ابن عمر لم يتابعهم في ذلك، بل كان يتهدد أهله وأبناءه
بالصيلم إن هم فعلوا كما فعل أهل المدينة([49]).
وقد رووا عن ابن عمر أنه كان يقول:
ما آسى على شيء إلا على أني لم أقاتل مع علي الفئة الباغية..([50]).
والفئة الباغية على علي «عليه السلام» هم جميع من
حاربوه «عليه السلام»، وقد دل قول رسول الله «صلى الله عليه وآله»
لعمار «رحمه الله»: تقتلك الفئة الباغية، على أن معاوية وحزبه من الفئة
الباغية بلا ريب.
مع أن حديث النبي «صلى الله عليه وآله» في عمار ينطبق
على معاوية بصورة مباشرة.. ولكن بعضهم حاول التعمية على ذلك، فزعهم: أن
الفئة الباغية هم خصوص الخوارج([51]).
كما أن الآية الشريفة في سورة الحجرات تعم كل فئة تبغي
على أختها، فلا فرق بين الناكثين والقاسطين والمارقين..
وأما ما زعمه بعضهم، من أن مقصود ابن عمر بالفئة
الباغية هو الحجاج([52])،
أو ابن الزبير([53])،
فهو أكثر شذوذاً ووهناً.
إذ يضاف إلى ما ذكرناه آنفاً:
أن الحجاج لم يحارب علياً، ولم يكن على عهده. كما أن ابن الزبير حين
حارب علياً كان تابعاً.. ولم يكن رأساً، بل كان الرأس عائشة وطلحة
والزبير. فلا بد أن يقصد أنه باغ على عبد الملك بن مروان.. ولم يكن علي
«عليه السلام» على قيد الحياة في عهد عبد الملك، لتقع الحرب بينهما.
وكيف يمكن أن يكون ابن عمر قد تخلف عن بيعة علي «عليه
السلام» وهو الذي طرق الباب على الحجاج ليلاً ليبايع لعبد الملك، كي لا
يبيت تلك الليلة بلا إمام، متذرعاً بأن النبي «صلى الله عليه وآله»
قال: من مات ولا إمام له مات ميتة جاهلية.
فاحتقره الحجاج، واسترذل حاله، فأخرج رجليه من الفراش
فقال: اصفق عليها.
أو قال له:
أما يدي عنك ففي شغل، هاك رجلي فبايعها([54]).
وحسب نص المعتزلي:
إن الحجاج قال له: بالأمس تتأخر عن بيعة علي بن أبي طالب، مع روايتك
الحديث ثم تأتيني الآن لأبايعك لعبد الملك؟!
أما يدي فمشغولة عنك، ولكن هذه رجلي فبايعها([55]).
وهذا من غرائب الأمور، فقد رأينا أن الحجاج ينتصر لعلي
بن أبي طالب.
ما عشت أراك الدهر عجباً!!
وفي الطبري:
أن علياً «عليه السلام» بعث إلى عبد الله بن عمر كميلاً النخعي، فجاء
به، فقال: انهض معي.
فقال:
أنا مع أهل المدينة، إنما أنا رجل منهم، وقد دخلوا في هذا الأمر فدخلت
معهم، لا أفارقهم، فإن يخرجوا أخرج، وإن يقعدوا أقعد.
قال:
فأعطني زعيماً بألا تخرج.
قال:
ولا أعطيك زعيماً.
قال:
لولا ما أعرف من سوء خلقك صغيراً وكبيراً لأنكرتني، دعوه فأنا به زعيم([56]).
ونقول:
إن علينا أن لا نُغْفِل الأمور التالية:
1 ـ
إن علياً «عليه السلام» لم يكن يريد إلا نصرة الإسلام، وتقوية شوكته،
وتضييق السبل على ضعفاء البصيرة، لكي لا يقعوا في فخ أهل الضلال
والانحراف، ويكونون من ثم من وسائل قوتهم، ومن أسباب تمكينهم من تحقيق
مآربهم.
2 ـ
لا ضير في أن علياً «عليه السلام» قد أراد أن ينضم ابن عمر إليه أيضاً
محبوا أبيه، فتخف بذلك وطأة أهل الباطل، ويضيق عليهم مجال حركتهم.
3 ـ
إن من الغرائب: أن نجد ابن عمر يتمترس وراء أهل المدينة، ويجهر بأنهم
هم المعيار لمواقفه. مع العلم بأن جميع أهل الفضل والدين منهم كانوا
إلى جانب علي «عليه السلام»، لم يخالفه إلا بعض أهل الأطماع، الذين لا
أثارة لهم من علم، ولا يعرفون بالاستقامة، ولا يعدون من أهل المقام
والكرامة.. فهو إذن يجعل رأيه تابعاً لآراء العوام، الذين غالباً ما
يتخذون مواقفهم انقياداً لأهوائهم، واستجابة لشهواتهم.
4 ـ
حتى لو كان جميع أهل المدينة يقولون ما يخالف قول الله ورسوله، وقول
وصيه، فالمعيار يجب أن يكون هو قول الله ورسوله، وقول وصيه دون سواه.
5 ـ
إن ابن عمر لم يأخذ بقول أهل المدينة حين خرجوا على يزيد يعترضون على
فسقه وفجوره، بل وقف إلى جانب يزيد، ولم يرض بموقف أهل المدينة بأي
حال.. مما يعني: أن المعيار لديه ليس قول أهل المدينة ومواقفهم، بل
أهواؤه ومصالحه.
6 ـ
قد صرحت هذه الرواية: بأن علياً «عليه السلام»أرسل إلى ابن عمر فأحضره
ليطلب منه أن ينهض معه لحرب الجمل، ولم يطلب منه أن يبايعه، وأنه إنما
طلب منه الكفيل في هذه المناسبة..
وهذه الرواية تتوافق وتؤيد ما تقدم، من أن ابن عمر إنما
امتنع عن الخروج معه «عليه السلام» إلى الحرب، ولم يمتنع عن المبايعة
له.
7 ـ
ويلاحظ هنا: قول الرواية: أنه حين امتنع عن الخروج معه طلب منه «عليه
السلام» الحميل والكفيل، فرفض إعطاء ذلك، فوصفه «عليه السلام» بأنه سيء
الخلق صغيراً وكبيراً، ثم قال «عليه السلام»: بأنه هو كفيله.. وإن هذا
كله قد حصل حين امتنع من الخروج معه..
مع أنهم يقولون:
إن ذلك كله قد حصل حين أحضره ليطلب منه أن يبايعه..
8 ـ
إن ذلك يدل على أن ثمة محاولة للتحريف والتزييف لإظهار عدم حصول إجماع
على البيعة لعلي «عليه السلام».. وليخف بذلك ذنب معاوية وسائر من معه
من الفئة الباغية.
9 ـ
إن نفس طلب الكفيل من الذين يطمحون إلى السلطان، أو من الذين يمكن أن
يخدعهم الطامحون، ويتخذونهم وسيلة لمآربهم ـ إن نفس هذا الطلب ـ يفهم
الجميع بأن علياً «عليه السلام» ليس غافلاً عنهم، وهو يعرف ما يفكرون
به، أو يخططون له.. فلا يظنن أحد أنه يمكن أن يخدعه، أو أن يكون في
منأى عن مراقبته «عليه السلام» لتحركاته..
ولن يكون علي «عليه السلام» متسامحاً مع أي كان من
الناس إذا أراد أن يثير القلاقل، ويزيد البلايا والبلابل.
والشاهد على ذلك:
أنه لا يتردد بطلب الكفلاء حتى من ابن عمر، وسعد بن أبي وقاص وغيرهما
حين تلوح له أية بادرة من أي منهم. كما أنه إذا كان «عليه السلام» يرصد
ويراقب حتى هؤلاء، فما بالك بغيرهم ممن هم أقل شأناً في الناس.
وروي:
أن ابن عمر أتى علياً «عليه السلام» في اليوم الثاني من البيعة، فقال:
إني لك ناصح، إن بيعتك لم يرض بها الناس كلهم، فلو نظرت لدينك، ورددت
الأمر شورى بين المسلمين.
فقال علي «عليه السلام»:
ويحك، وهل ما كان عن طلب مني؟! ألم يبلغك صنيعهم بي؟! قم يا أحمق، ما
أنت وهذا الكلام؟!
فخرج ثم أتى علياً «عليه السلام»
آتٍ في اليوم الثالث، فقال:
إن ابن عمر قد خرج إلى مكة يفسد الناس عليك.
فأمر بالبعثة في أثره، فجاءت أم كلثوم ابنته، فسألته،
وضرعت إليه فيه، وقالت: يا أمير المؤمنين! إنما خرج إلى مكة ليقيم بها،
وإنه ليس بصاحب سلطان، ولا هو من رجال هذا الشأن، وطلبت إليه أن يقبل
شفاعتها في أمره لأنه ابن بعلها.
فأجابها وكف البعثة إليه وقال :
دعوه وما أراد.
ونقول:
تضمنت هذه الرواية أموراً هي التالية:
1 ـ
إذا كان المعيار هو رضا الناس كلهم، فلماذا بايع أبا بكر؟! فإن الناس
لم يرضوا به كلهم، ولم يبايعه سعد بن عبادة؟! ولماذا بايع عمر وعثمان،
فإن خلافتهما مستندة إلى وصية أبي بكر؟! ولماذا بايع يزيد، فإن الناس
كلهم لم يرضوا به.
بل هم يقولون:
إن خلافة أبي بكر قد انعقدت ببيعة اثنين، أو أربعة أو خمسة([57]).
والاختلاف الموجود في الأمة إلى يومنا قد نشأ عن البيعة
لأبي بكر، وصيرورته خليفة على النحو الذي يعرفه كل أحد.
2 ـ
قال ابن حجر: عن علي «عليه السلام»: بايعه المهاجرون والأنصار، وكل من
حضر. وكتب ببيعته إلى الآفاق، فأذعنوا كلهم إلا معاوية في أهل الشام،
فكان بينهم بعد ما كان([58]).
فدل هذا على أن جميع أهل الحل والعقد قد بايعوا علياً
«عليه السلام»، فكان يجب على ابن عمر أن يبايع ويقاتل معاوية وغيره ممن
خرج على علي «عليه السلام».
3 ـ
إن عمر بن الخطاب يقول: هذا الأمر في أهل بدر ما بقي منهم أحد، ثم في
أهل أحد، ثم في كذا، وليس فيها لطليق ولا لمسلمة الفتح شيء([59]).
وقال:
«إن هذا الأمر لا يصلح للطلقاء، ولا لأبناء الطلقاء»([60]).
وكتب علي «عليه السلام» إلى معاوية:
«واعلم أنك من الطلقاء الذين لا تحل لهم الخلافة، ولا تعقد معهم
الإمامة، ولا يدخلون في الشورى»([61]).
وكتب ابن عباس إلى معاوية:
ما أنت وذكر الخلافة؟! وإنما أنت طليق ابن طليق والخلافة للمهاجرين
الأولين، وليس الطلقاء منها في شيء([62]).
وفي كتاب آخر (فيما يظهر) من ابن عباس لمعاوية([63]).
وقال المسور بن مخرمة لمعاوية:
«وما أنت والخلافة يا معاوية؟! وأنت طليق وأبوك من الأحزاب؟! فكف عنا
فليس لك قبلنا ولي ولا نصير الخ..»([64]).
وقال سعنة بن عريض لمعاوية:
«منعت ولد رسول الله «صلى الله عليه وآله» الخلافة، وما أنت وهي، وأنت
طليق ابن طليق»؟!([65]).
وقال عبد الرحمن بن غنم الأشعري
لأبي هريرة، وأبي الدرداء:
«وأي مدخل لمعاوية في الشورى، وهو من الطلقاء الذين لا تجوز لهم
الخلافة الخ..»؟!([66]).
وقال صعصعة بن صوحان لمعاوية:
إنما أنت طليق ابن طليق، أطلقكما رسول الله «صلى الله عليه وآله»، فأنى
تصح الخلافة لطليق؟!([67]).
4 ـ
إن العدالة شرط في الإمامة بإجماع الأمة. ولو فسق بعد عقد الإمامة له،
فقد قال الجمهور: إن إمامته تنفسخ أيضاً([68])،
فكيف يرضى ابن عمر بيزيد إماماً للأمة، وحاله ظاهر، لا سيما بعد قتله
الإمام الحسين «عليه السلام»، وبعد وقعة الحرة، وبعد رميه الكعبة
بالمنجنيق.. ولا يرضى بأمير المؤمنين «عليه السلام» إماماً وحاكماً؟!
والظاهر:
أنه أراد أن يفي بتعهداته لمعاوية الذي أعطاه مائة ألف درهم لأجل
البيعة لولده يزيد([69]).
5 ـ
إن ابن عمر يظهر لنا هنا في صورة الواعظ لأمير المؤمنين، وكأنه يريد أن
يتهمه بأنه لم يهتم لدينه، حين قبل الخلافة، وقد كان الأحرى بابن عمر
أن يتعلم كيف يكون طلاق المرأة قبل أن يتطاول على باب مدينة علم النبوة
وأحد الثقلين اللذين لن يضل من تمسك بهما.
6 ـ
لا ندري أية شورى قصدها ابن عمر؟! هل هي شورى أبيه عمر؟! أم هي شورى
العامة؟! أم هي شورى بمعنى الوصية التي جاءت
بعمر؟! أم هي شورى الرجلين؟! أم الأربعة؟! أم الخمسة
التي جاءت بأبي بكر؟! أم التي جاءت بعثمان؟!
ولماذا يريد إرجاع الأمر إلى الشورى، ولا يرجعه إلى أهل
بدر، أو إلى أهل بدر وأحد، وبيعة الرضوان، أو إلى المهاجرين والأنصار؟!
ولكن ذلك لا يمنعنا من أن نسأل ابن
عمر:
هل الشورى التي قصدها ستخلو من الخلاف؟!
وهل ستحقق إجماعاً أعظم من الإجماع الذي تحقق على البيعة لعلي أمير
المؤمنين «عليه السلام».. فإن الإجماع الذي حصل عليه لا يمكن اللحاق به
في أي وقت، ولم تبلغه أية بيعة، ولا وجد ما يدينه عبر
العصور والدهور، ولأجل ذلك استنكر أمير المؤمنين «عليه
السلام» كلامه، مذكراً إياه بهذه الحقيقة التي أشرنا إليها، فلاحظ
قوله: «أولم يبلغك صنيعهم بي»؟!.
7 ـ
إن قول علي «عليه السلام» لابن عمر: قم يا أحمق يشير إلى أنه «عليه
السلام» كان قاصداً لمضمون هذه الكلمة في ابن عمر كما اتضح مما سبق،
ويؤكده: أن كل أحد حتى الطفل يدرك أن تخلي علي «عليه السلام» عن الأمر
سيضع الأمة على شفير الهاوية، وسينشأ عنه فتنة هائلة، لا تبقي ولا تذر،
وإن من يشير بتصرف كهذا، لا بد أن يكون مصاباً في عقله، وفي مشاعره.
8 ـ
وما ذكرته الرواية من وساطة أم كلثوم لدى أبيها، بالكف عن ملاحقة ابن
عمر، ربما يكون قد ألحق بالرواية لحاجة في النفس.
أولاً:
لأن علياً «عليه السلام» إن كان يعرف أن ابن عمر ليس بصاحب سلطان، ولا
من رجال هذا الشأن، وكان هذا هو السبب في كفه عنه، فلماذا أرسل لإرجاعه
من الأساس؟!
وإن كان لا يعرف عنه ذلك، فلماذا لم يستفسر عن حاله قبل
أن يرسل خلفه لإرجاعه؟!
ثانياً:
إنه «عليه السلام» قد أرسل من يرد ابن عمر، لأنه يخشى أن يفسد عليه
الناس، لا خوفاً من طلبه السلطة، والتصدي لشأن الحكم. فما معنى أن يكف
عنه لمجرد أنه ليس بصاحب سلطان؟!
ثالثاً:
إذا كان «عليه السلام» يرى أن ابن عمر أحمق، فهل يخاف منه على سلطانه؟!
وإذا كان ـ كما قال علي «عليه السلام» ـ ليس هناك أي شيء له تلك
القيمة، والجدارة للكلام في موضوع البيعة، فهل يخشى منه على سلطانه؟!
9 ـ
إن كلمة علي «عليه السلام» عن ابن عمر: لست هناك، ثم وصفه بالأحمق يدل
على مدى ما كان لابن عمر من قيمة لدى علي «عليه السلام».
هذا بالإضافة إلى الشك في موضوع زواج عمر بأم كلثوم.
قال البلاذري:
حدثنا عفان بن مسلم أبو عثمان، حدثنا الأسود بن شيبان،
أنبأنا خالد بن سمير قال:
غدا علي على ابن عمر صبيحة قتل
عثمان، فقال:
أيَّم أبو عبد الرحمان، أيم الرجل([70])،
اخرج إلينا.
فقال له:
هذه كتبنا قد فرغنا منها، فاركب بها إلى الشام.
فقال [ابن عمر]:
أذكرك الله واليوم الآخر، فإن هذا أمر لم أكن في أوله ولا آخره، فلئن
كان أهل الشام يريدونك لتأتينك طاعتهم، وإن كانوا لا يريدونك فما أنا
براد منهم عنك شيئاً.
فقال:
لتركبن طائعاً أو كارهاً.
ثم انصرف.
فلما أمسى دعا بنجائبه ـ أو قال: برواحله ـ في سواد
الليل. فرمى بها مكة، وترك علياً يتذمر عليه بالمدينة([71]).
ونقول:
1 ـ
أليس غريباً أن نجد ابن عمر وأمثاله يتمرد على الله ورسوله ويخضعون لمن
يظلم الناس، ويرتكب العظائم والجرائم، من أمثال الحجاج الذي رضي ابن
عمر بأن يبايع رجله، بدلاً عن يده.
والحال أن الحجاج كان نادرة دهره في عسفه وظلمه، وجرأته
على الله سبحانه.. وهو الذي رمى الكعبة بالعذرة بواسطة المنجنيق([72])،
وحاول أن يضع رجله على مقام إبراهيم «عليه السلام» فزجره عن ذلك محمد
بن الحنفية؟!([73]).
ولكنهم يتمردون على أولياء الله، وأحبائه، ويعصون أمر
وصيه، وإمامهم، وخليفة زمانهم، ومن بايعوه طوعاً.. ويريدون منه أن
يعطيهم كل ما يطلبون، ويوافقهم في كل ما يحبون ويشتهون، ولا يريدون أن
يطيعوه في شيء، ولا أن يعينوه ولو بكلمة.. بل هم يريدون إضعافه، وتوهين
أمره وكسره، فراجع مواقف ابن عمر السلبية تجاه علي«عليه السلام».
2 ـ
إن ابن عمر لا يرضى بحمل كتاب من قبل علي «عليه السلام» لمعاوية، مع أن
معاوية لا يجرؤ على الإساءة إليه ولو بكلمة، مراعاةً لمقام أبيه،
ومعرفة منه بما يترتب على تلك الإساءة من سلبيات لا يجب أن يتورط
فيها..
3 ـ
إن استدلال ابن عمر على علي «عليه السلام» لا وقع له، بل هو باطل من
الأساس، فقد كان ابن عمر في أول هذا الأمر وفي آخره، فكان من حزب أبي
بكر، ومن مؤيديه ومبايعيه، وكان تابعاً لأبيه عمر، ثم كان له دور في
الشورى التي رتبها أبوه.. ثم كان مدافعاً عن يزيد، مهتماً بعدم إقدام
أحد من أهل بيته على التخلي عن بيعته، بعد قتله الإمام الحسين «عليه
السلام»، وكان من القاعدين عن حرب الناكثين، والقاسطين، والمارقين
الذين أخبر عنهم رسول الله «صلى الله عليه وآله»، وكان كذلك من
المهتمين بالبيعة لعبد الملك بن مروان، ولو من خلال بيعته لرجل الحجاج،
بالإضافة إلى أن سلبيته مع علي «عليه السلام» من شأنها أن تقوي خصوم
علي على علي «عليه السلام».
4 ـ
إن علياً «عليه السلام» لم يطلب من ابن عمر أن يأتيه بطاعة أهل الشام،
بل طلب منه أن يوصل كتابه إلى معاوية.
فما معنى قوله:
«فلئن كان أهل الشام يريدونك لتأتينك طاعتهم، وإن كانوا لا يريدونك فما
أنا براد منهم عنك شيئاً»؟!
5 ـ
يضاف إلى ذلك: أن قول ابن عمر هذا لا يصح، فإن الدعوة إلى الطاعة
والبيعة لازمة، ولا ينتظر فيها ميل الناس، ومبادرتهم. لا سيما مع وجود
من يزين للناس العصيان والتمرد من أمثال معاوية، الذي لا يتورع عن
الخداع والمكر، الممارس له.
وقد أثبتت التجربة أن أكثر الناس همج رعاع، ينعقون مع
كل ناعق، وأن ثمة من يسعى لحملهم على البيعة، لغير علي «عليه السلام»،
لكي يقيدهم ويحجزهم بها عن الاستجابة لدعوة علي «عليه السلام».
وقد حصل نظير ذلك في السقيفة، حيث اعتذر الأنصار للسيدة
الزهراء «عليها السلام» عن قعودهم عن نصرتها بسبق بيعتهم لأبي بكر..
فادعوا: أنهم يتحرجون من نقض بيعتهم، مع أن بيعتهم لعلي «عليه السلام»
يوم الغدير قد سبقتها، ولم يتحرجوا من نقضها ببيعة السقيفة!!
6 ـ
وكان لا بد لعلي «عليه السلام» من أن يعلن لابن عمر أنه ليس فوق
القانون، وأن الأحكام تجري عليه كما تجري على غيره، فكونه ابن الخليفة
لا يعفيه من القيام بما أوجبه الله عليه، ولذلك قال له «عليه السلام»:
« لتركبن طائعاً أو كارهاً»، فإن للإمام أن يجبر من يعصي الله على
العودة إلى الطاعة، ولكن ابن عمر أصر على معصية الله بمعصية الإمام
المفترض الطاعة، ولو بالفرار إلى مكة.
7 ـ
وأما تذمر علي «عليه السلام» على ابن عمر بعد فراره إلى مكة، فيهدف إلى
فضح أمره، وتعريف الناس بسوء ما أتاه بامتناعه عن تلبية طلب إمامه، ثم
بفراره منه إلى مكة.
وقد اختار ابن عمر مكة بالذات، لأنه يرى أن علياً «عليه
السلام» لا يقصده فيها، لأنها حرم الله الآمن.
قال أبو عمرو:
«وتخلف عن بيعته نفر، فلم يكرههم، وسئل عنهم، فقال: أولئك قوم قعدوا عن
الحق، ولم يقوموا مع الباطل»([74]).
ونقول:
إن هذه الكلمة المنسوبة إلى أمير المؤمنين «عليه
السلام» قد تبدو للوهلة الأولى غير مفهومة.. فهل المراد بالحق الذي
قعدوا عنه هو البيعة له «عليه السلام»، أم المراد قعودهم عن نصرة
عثمان؟!
فإن كان المراد بالحق هو بيعته «عليه السلام»، فقد
عرفنا أن أحداً لم يتخلف عنها، وأن ما زعموه من ذلك فإنما هو إما تشويش
على هذه البيعة، أو لعدم التفاتهم للمراد من النصوص التي تلقوها، أو
لوقوعهم في الخطأ في فهمها. ثم جاء من بعدهم فتابعهم على هذا الخطأ، أو
أنه أخذ بكلامهم لموافقته لهواه، أو لغير ذلك من أسباب..
وإن كان المراد بنصرة الحق هو نصرة عثمان، فنحن نعلم أن
علياً «عليه السلام» لم ينصر عثمان إلا بمستوى النصيحة له ولقاتليه،
ولم ير وجوب نصرته بأكثر من ذلك..
وكان يرى:
أنه استأثر فأساء الإثرة، وجزعوا فأساؤوا الجزع.. ويقول: إن قتل عثمان
لم يسره، ولم يسؤه.. وغير ذلك مما تقدم..
والحقيقة:
هي أن انضمام هذا النص إلى النصوص الأخرى، يبين: أن
مراده «عليه السلام» أنهم قعدوا عن قتال الناكثين والقاسطين والمارقين
معه، وقتالهم حق وواجب في شرع الإسلام، لأنهم يخرجون على الإمام
المنصوب من قبل الله، الذي بايع له المهاجرون والأنصار، وعامة
المسلمين. فبيعته شرعية بجميع المقاييس، والخروج عليه بغي على الإمام
يجب على المسلمين دفعه..
وأما كلمة «تخلف عن بيعته»، فهي من كلام الراوي. ولعله
اشتبه عليه الأمر، أو انساق وراء أهل الأغراض والأهواء فيه، كما ذكرناه
آنفاً.
([1])
أسد الغابة ج2 ص196 و (ط دار الكتاب العربي ـ بيروت) ج1 ص64 و
65 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج4 ص8 والكامل في التاريخ ج3
ص191 و 192 وتاريخ الأمم والملوك ج4 ص431 والجمل ص94 والفصول
المهمة لابن الصباغ ج1 ص353 وراجع: بحار الأنوار ج19 ص147
ومجمع البيان ج3 ص163 وإكليل المنهج في تحقيق المطلب للكرباسي
ص131 ومستدركات علم رجال الحديث للنمازي ج1 ص537.
([2])
رجال الكشي ج1 ص197 وإكليل المنهج في تحقيق المطلب للكرباسي
ص131 ومستدركات علم رجال الحديث للنمازي ج1 ص537.
([3])
رجال الكشي ج1 ص95 ومستدركات علم رجال الحديث للنمازي ج1 ص135
و 136 وإختيار معرفة الرجال ج1 ص194 و 195 ونقد الرجال للتفرشي
ج1 ص186 و 187 والدرجات الرفيعة ص445 ومستدركات علم رجال
الحديث للنمازي ج1 ص537.
([4])
سير أعلام النبلاء ج2 ص369 والطبقات الكبرى لابن سعد ج3 ص445
وأنساب الأشراف للبلاذري ج2 ص207 وأسد الغابة ج5 ص107 و (ط دار
الكتاب العربي ـ بيروت) ج4 ص330 و 331 والإصابة (ط جديد) ج6
ص29 الإستيعاب ج3 ص434 و (ط دار الجيل) ج3 ص1377 وشرح نهج
البلاغة للمعتزلي ج4 ص8 وتاريخ الأمم والملوك ج4 ص429 و 431
والكامل في التاريخ ج1 ص191 و 192 والجمل ص96 والفصول المهمة
لابن الصباغ ج1 ص351 و 353 ونور الأبصار (ط اليوسفية) ص88
وعمدة القـاري ج17 ص132 والمعجـم الكبير للطبراني ج19 ص233
والمعـارف = = لابن قتيبة ص269 وتهذيب الكمال ج26 ص457 وتمهيد
الأوائل للباقلاني ص554 وتاريخ مدينة دمشق ج55 ص285.
([5])
شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج4 ص9 والطبقات الكبرى لابن سعد ج3
ص31 وأنساب الأشراف ج3 ص9 وتاريخ مدينة دمشق ج42 ص437 والكامل
في التاريخ ج1 ص191 و 192 وتاريخ الأمم والملوك ج4 ص431 والجمل
ص94.
([6])
سير إعلام النبلاء ج1 ص122 وراجع: طرق حديث الأئمة الإثنا عشر
ص26 والغدير ج7 ص143.
([7])
مروج الذهب ج3 ص24 والغدير ج3 ص200 وج10 ص258 والكنى والألقاب
ج1 ص307.
([8])
الإستيعاب ج3 ص472 والمصنف لابن أبي شيبة ج8 ص625 وراجع: شرح
نهج البلاغة للمعتزلي ج4 ص8 عن كعب بن مالك، والجمل ص94 وتذكرة
الخواص ج1 ص349 وراجع: فتح الباري ج13 ص195 وتاريخ الأمم
والملوك ج4 ص431 و (ط مؤسسة الأعلمي) ج3 ص451 والكامل في
التاريخ ج3 ص191 و 192 والمعيار والموازنة ص107 والبداية
والنهاية (ط دار إحياء التراث العربي ـ بيروت) ج7 ص253 وطرق
حديث الأئمة الإثنا عشر ص26.
([9])
تاريخ الأمم والملوك ج4 ص429 و 430 و (ط مؤسسة الأعلمي) ج3
ص452 والكامـل في التاريخ ج3 ص191 و 192 وتـذكـرة الخواص ج1 =
= ص349 وبحار الأنوار ج32 ص8 والبداية والنهاية (ط دار إحياء
التراث العربي ـ بيروت) ج7 ص253 والعبر وديوان المبتدا والخبر
ج2 ق1 ص151 وفي نور الأبصار ص88 استثنى ابن مسلمة والنعمان بن
بشير والفصول المهمة لابن الصباغ ج1 ص353.
([10])
شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج4 ص9 وتاريخ الأمم والملوك ج4 ص430
و (ط مؤسسة الأعلمي) ج3 ص452 و 454 والكامل في التاريخ ج3
ص191.
([11])
تاريخ الأمم والملوك ج4 ص429 و (ط مؤسسة الأعلمي) ج3 ص452
والكامل في التاريخ ج3 ص303 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج4 ص9.
([12])
تاريخ الأمم والملوك ج4 ص430 و (ط مؤسسة الأعلمي) ج3 ص452
والكامل في التاريخ ج3 ص192.
([13])
تاريخ الأمم والملوك ج4 ص431 و (ط مؤسسة الأعلمي) ج3 ص452
والكامل في التاريخ ج3 ص192.
([14])
الكامل في التاريـخ ج3 ص191 وتاريـخ الأمم والملـوك ج4 ص431 و
(ط = = مؤسسة الأعلمي) ج3 ص454 وراجع: الفصول المهمة لابن
الصباغ ج1 ص353 فيما يرتبط بصهيب.
([15])
تاريخ الأمم والملوك ج4 ص431 و (ط مؤسسة الأعلمي) ج3 ص454
والكامل في التاريخ ج3 ص192.
([16])
تاريخ الأمم والملوك ج4 ص431 و 430 والكامل في التاريخ ج3 ص191
و 192.
([17])
الجمل ص94 و 95 و (ط مكتبة الداوري ـ قم) ص44 و 45.
([18])
شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج4 ص8 و 9.
([19])
شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج4 ص9.
([20])
شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج4 ص9.
([21])
شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج4 ص9.
([22])
تاريخ اليعقوبي ج2 ص178 و 179 ونهج السعادة ج1 ص216 و 217.
([23])
الغدير ج10 ص29 وفتح الباري ج7 ص58 (وفي ط أخرى) ص72.
([24])
الطبقات الكبرى لابن سعد ج3 ص31 وتذكرة الخواص ج1 ص346.
([25])
تذكرة الخواص ج1 ص445.
([26])
تاريخ الخميس ج2 ص276 عن دول الإسلام، وراجع: حياة الحيوان (ط
مصر عام 1306هـ) ج1 ص50.
([27])
تاريخ الأمم والملوك ج4 ص430 و (ط مؤسسة الأعلمي) ج3 ص454 و
البداية والنهاية (ط دار إحياء التراث العربي
ـ
بيروت
ـ لبنان) ج7 ص253 والكامل في التاريخ ج3 ص191 و 192.
([28])
جواهر المطالب لابن الدمشقي ج1 ص294 ج2 ص5 وراجع: كشف الغمة ج1
ص150 و (ط دار الأضواء) ج1 ص77 والمناقب للخوارزمي ص49 وأسد
الغابة ج4 ص32 و 33.
([29])
منتهى المقال ج2 ص8 وسليم بن قيس ج2 ص797 وبحار الأنوار ج32
ص215 و 216 وأعيان الشيعة ج3 ص250.
([30])
المستدرك للحاكم ج3 ص115 و 118 وتلخيص المستدرك للذهبي بهامشه.
([31])
الجمل للمفيد ص95 و 96 و (ط مكتبة الداوري ـ قم ـ إيران) ص45 و
46 وأشار في هامشه إلى المصادر التالية: الطبقات الكبرى لابن
سعد ج3 ص444 و 445 والمعيار والموازنة ص105 و 106 والأخبار
الطوال ص142 و 143 والسيرة النبوية وأخبار الخلفاء ص524 و 525
والمغني ج20 ق2 ص66 و 67 والأمالي للطوسي ج2 ص327 وشرح نهج
البلاغة للمعتزلي ج18 ص119 وبحار الأنوار ج32 ص170.
([32])
شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج18 ص115 وبحار الأنوار ج34 ص286.
([33])
الآية 90 من سورة التوبة.
([34])
راجع: المغازي للواقدي ج2 ص117 وتاريخ الأمم والملوك ج3 ص184 و
(ط مؤسسة الأعلمي) ج2 ص462 والكامل في التاريخ ج2 ص334 وتاريخ
الاسلام للذهبي ص19 وتاريخ اليعقوبي ج2 ص113 والسيرة النبوية
لابن هشام ج4 ص174 وتلخيص الشافي ج3 ص177 والطبقات الكبرى لابن
سعد ج2 ص189 والمغني لعبد الجبار ج20 ق1 ص348 وشرح نهج البلاغة
للمعتزلي ج 1 ص 159 والدرجات الرفيعة ص441 وكنز العمال (ط
مؤسسة الرسالة) ج10 ص578 وتاريخ مدينة دمشق ج2 ص49.
([35])
راجع: المعيار والموازنة ص108 والإمامة والسياسة (تحقيق
الزيني) ج1 ص53 و 54 و (تحقيق الشيري) ج1 ص73 والمغني لعبد
الجبار ج20 ق2 ص68 وخلاصة عبقات الأنوار ج3 ص27 وشرح إحقاق
الحق (الملحقات) ج32 ص461.
([36])
جمع عضيد. وهي النخلة التي لها جذع, يتناول منها المتناول.
([37])
تاريخ الأمم والملوك ج4 ص429 و 430 و (ط مؤسسة الأعلمي) ج3
ص452 والكامل في التاريخ ج3 ص191 و 192 وأعيان الشيعة ج1 ص444.
([38])
تذكرة الخواص ج1 ص349 والقول الصراح في البخاري وصحيحه الجامع
للأصبهاني ص169.
([39])
مقاتل الطالبيين ص57 و (ط المكتبة الحيدرية) ص47 وشرح الأخبار
ج3 ص128 والنص والإجتهاد ص472 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج16
ص49 والفصول المهمة في تأليف الأمة للسيد شرف الدين ص132.
([40])
الفتوح لابن أعثم ج2 ص256 ـ 258 و (ط دار الأضواء) ج2 ص440 ـ
442.
([41])
الفتوح لابن أعثم (ط دار الأضواء) ج2 ص441.
([42])
الفتوح لابن أعثم ج2 ص258 و(ط دار الأضواء) ج2 ص442.
([43])
الآية 9 من سورة الحجرات.
([44])
الإستيعاب ج3 ص472 و (ط دار الجيل) ج3 ص1418.
([45])
شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج13 ص242 والعثمانية للجاحظ ص301
وراجع: الفصول المختارة ص245 ومجمع الزوائد ج5 ص218 ومسند
الطيالسي ص259.
([46])
راجع: الغدير ج7 ص141 و 142 عن الأحكـام السلطـانيـة ص4 وكتـاب
= = الأربعين للشيرازي ص396 وطرق حديث الأئمة الإثنا عشر ص26
والشافي في الإمامة ج1 ص6.
([47])
الجامع لأحكام القرآن ص230 (ط دار إحياء التراث العربي ـ
بيروت) ج1 ص269 و 172 والغدير ج7 ص143 والشافي في الإمامة ج1
ص6 والمعيار والموازنة ص47.
([48])
تاريخ الأمم والملوك ج4 ص446 و 460 و (ط مؤسسة ألأعلمي) ج3
ص466 والكامل في التاريخ ج3 ص312 و 314 والفتنة ووقعة الجمل
ص109 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج32 ص460.
([49])
راجع: مسند أحمد ج2 ص412 الحديث رقم 5713 وص304 رقم 5088 و (ط
دار صادر) ج2 ص48 و 96 والسنن الكبرى للبيهقي ج8 ص159 وفتح
الباري ج8 ص247 والغدير ج7 ص146 وج10 ص34 والفايق في غريب
الحديث ج2 ص196 والطبقات الكبرى لابن سعد ج4 ص183 وطرق حديث
الأئمة الإثنا عشر ص28 وكشف الغمة ج1 ص124 وراجع: البداية
والنهاية (ط دار إحياء التراث العربي ـ بيروت) ج 8 ص 238.
([50])
راجع: أسد الغابة ج4 ص109 والغدير ج10 ص49 وجواهر المطالب لابن
الدمشقي ج1 ص291 وراجع ج3 ص339 والمستدرك للحاكم ج3 ص643
والإستيعاب ج3 ص83/1630 و (ط دار الجيل) ج3 ص1117 وسير أعلام
النبلاء ج3 ص231 وأنساب الأشراف (بتحقيق المحمودي) ج2 ص404
وأعيان الشيعة ج1 ص359 والنصائح الكافية لابن عقيل ص40 وشرح
إحقاق الحق (الملحقات) ج8 ص442 وج31 ص352 وراجع: الطبقات
الكبرى ج4 ص187 وليس فيه كلمة «مع علي».
([51])
راجع: فتح الباري ج12 ص286 و (ط دار إحياء التراث العربي) ج1
ص451 وعمدة القاري ج4 ص209.
([52])
الطبقات الكبرى لابن سعد ج4 ص185 و 187 وسير أعلام النبلاء ج3
ص232 وتاريخ مدينة دمشق ج31 ص197 وتاريخ الإسلام للذهبي ج5
ص465.
([53])
السنن الكبرى ج8 ص298 وسير أعلام النبلاء ج3 ص229 وتاريخ مدينة
دمشق ج31 ص193 وتاريخ الإسلام للذهبي ج5 ص465.
([54])
شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج13 ص242 والعثمانية للجاحظ ص301
والإيضاح لابن شاذان ص73 والتعجب للكراجكي ص152 و 153 والصوارم
المهرقة ص96 والقول الصراح في البخاري وصحيحه الجامع ص169
والكنى والألقاب ج1 ص363 وإحقاق الحق (الأصل) ص195.
([55])
الفصول المختارة ص245 وجامع الشتات للخواجوئي ص167.
([56])
تاريخ الأمم والملوك ج4 ص446 و (ط مؤسسة الأعلمي) ج3 ص466
والكامل في التاريخ ج3 ص312 وأعيان الشيعة ج1 ص448 وشرح إحقاق
الحق (الملحقات) ج32 ص460.
([57])
جواهر الأخبار والآثار المستخرة من لجة البحر الزخار (مطبوع مع
البحر الزخار) ج6 ص71 والغدير ج7 ص93.
([58])
فتح الباري ج7 ص72 و (ط دار المعرفة) ج7 ص58 والغدير ج10 ص29.
([59])
الطبقات الكبرى لابن سعد ج3 ص342 وتاريخ مدينة دمشق ج59 ص145
والنصائح الكافية لابن عقيل ص191 وفتح الباري ج13 ص207 و (ط
دار = = المعرفة) ج13 ص178 وأسد الغابة ج4 ص387 والغدير ج7
ص144 وج10 ص30 وكنز العمال ج12 ص681.
([60])
الإصابة ج2 ص305 و (ط دار الكتب العلمية) ج4 ص70 والغدير ج7
ص144 وج10 ص30 وكنز العمال (ط مؤسسة الرسالة) ج5 ص735.
([61])
الإمامة والسياسة ج1 ص81 و (تحقيق الزيني) ج1 ص85 و (تحقيق
الشيري) ج1 ص114 والعقد الفريد ج4 ص136 ونهج البلاغة الخطبة
رقم 43 والكتاب رقم 6 والغدير ج10 ص30 و 317 وراجع: مصباح
البلاغة (مستدرك نهج البلاغة) ج4 ص24 وبحار الأنوار ج32 ص368
وج33 ص78 ونهج السعادة ج4 ص91 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج14
ص36 وتاريخ مدينة دمشق ج59 ص128 وصفين للمنقري ص29.
([62])
شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج8 ص66 والدرجات الرفيعة ص113 وصفين
للمنقري ص415 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج31 ص373 والغدير ج10
ص30 و 325.
([63])
الإمامة والسياسة ج1 ص97 و (تحقيق الزيني) ج1 ص100 و (تحقيق
الشيري) ج1 ص134.
([64])
الإمامة والسياسة ج1 ص85 والإمامة والسياسة (تحقيق الزيني) ج1
ص89 و (تحقيق الشيري) ج1 ص119 والغدير ج9 ص157 وج10 ص31.
([65])
الوافي بالوفيات ج16 ص92 والنصائح الكافية لابن عقيل ص133
والغدير ج10 ص31 و 177 وعن قاموس الرجال ج5 ص 79 ـ 80.
([66])
الإستيعاب (ط دار الجيل) ج2 ص850 و 851 وأسد الغابة (ط دار
الكتاب العربي ـ بيروت) ج3 ص318 وتهذيب الكمال ج17 ص342 و 343
والغدير ج10 ص31 و 331 و شيخ المضيرة أبو هريرة ص230.
([67])
الغدير ج10 ص31 و 175 وخلاصة عبقات الأنوار ج3 ص268 وشيخ
المضيرة أبو هريرة ص197 ومروج الذهب ج1 ص78 و (ط السعادة سنة
1377هـ) ج3 ص50 والنصائح الكافية لابن عقيل ص198 وصلح الحسن
للسيد شرف الدين ص269 و 358.
([68])
الجامع لأحكام القرآن ج1 ص232 و (ط دار إحياء التراث العربي ـ
بيروت) ج1 ص271 والغدير ج10 ص32.
([69])
الكامل في التاريخ ج3 ص214 و 215 و (ط دار صادر سنة 1368هـ) ج3
ص506 وفتح الباري ج13 ص60 وسير أعلام النبلاء ج3 ص225 والسنن
الكبرى للبيهقي ج8 ص159 وغريب الحديث للحربي ج3 ص962 والطبقات
الكبرى لابن سعد ج4 ص182 والغدير ج10 ص230 وفلك النجاة لفتح
الدين الحنفي ص60.
([70])
كذا في النسخة، والظاهر: أن فيها تصحيف وحذف، وصوابه: مهيم أبو
عبد الرحمان، مهيم الرجل؟! اخرج إلينا. فخرج [ابن عمر] إليه،
فقال له: هذه كتبنا قد فرغنا منها... ومَهْيَم ـ كمقعد ـ: ما
الذي أنت فيه؟! وما أمرك وشأنك؟!
([71])
أنساب الأشراف (بتحقيق المحمودي) ص118 و 119.
([72])
عقلاء المجانين ص178 الفتوح لابن الأعثم ج2 ص486. وراجع:
السيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج1 ص290 والنصائح الكافية ص167
وسنن ابن ماجة ج1 ص623 وتهذيب التهذيب ج2 ص184 و 185 والوافي
بالوفيات ج11 ص240.
([73])
الطبقات الكبرى لابن سعد ج5 ص84 و (ط دار صادر) ج5 ص113
والمصنف للصنعاني ج5 ص49 وربيع الأبرار ج1 ص843 وسير أعلام
النبلاء ج4 ص126 وتاريخ الإسلام للذهبي ج6 ص192.
([74])
تاريخ الخميس ج2 ص276 وذخائر العقبى ص111 وتهذيب الكمال ج20
ص487.
|