صفحة : 33-74  

الفصل الثاني: قرارات في الأيام الأولى..

 إقطاعات عثمان:

تقدم في فصل خطبة يوم البيعة: أن أول خطبة خطبها «عليه السلام» في ذلك اليوم تضمنت قوله: ألا وإن كل قطيعة أقطعها عثمان إلخ..

ولكن روي عن ابن عباس: أن علياً «عليه السلام» خطب في اليوم الثاني من بيعته بالمدينة، فقال:

ألا إن كل قطيعة أقطعها عثمان، وكل مال أعطاه من بيت مال الله، فهو مردود في بيت المال، فإن الحق القديم لا يبطله شيء، ولو وجدته وقد تزوج به النساء، وفرق في البلدان، [وملك به الإماء] لرددته إلى حاله، فإن في العدل سعة، ومن ضاق عليه الحق فالجور عليه أضيق([1]).

قال المعتزلي:

وتفسير هذا الكلام: أن الوالي إذا ضاقت عليه تدبيرات أموره في العدل، فهي في الجور أضيق عليه، لأن الجائر في مظنة أن يمنع ويصد عن جوره([2]).

ونقول:

لماذا لا يكون المراد: أن العدل في الرعية من موجبات حل المشكلات، ويوجب السعة في مجالات التحرك أمام الحاكم؟!

ولو كان الحق لم يتسع لتصرفاته، ومنعه من بعضها. فإن الحق يفتح له الباب، ويجيز له تصرفات أخرى كثيرة.

أما الباطل فإنه حين يفسح المجال لكل تصرف يخطر على البال، فذلك معناه: أن تضيق دائرة القدرة على التصرف، لأنه إذا جاز لكل فردٍ أن يتصدى لكل التصرفات، ويبطل تصرفات غيره كلها، بسبب القبول بمنطق العدوان والجور، فإن نفس هذا المنطق يعطي لغيره الفرصة للتعدي عليه، وسلبه جميع أنواع التصرفات، بحيث لا يبقى له مورد واحد.

فالجور يسلب كل الحقوق، بخلاف الحق، فإنه يحمي دائرته، ولا يسمح لأحد بالعدوان عليها..

أول قرار مثير:

إن هذا كان القرار الأول الذي اتخذه «عليه السلام» وهو قرار طبيعي جداً من رجل عرفه الناس كلهم بالدين والإخلاص، ووصفه لهم نبيهم الذي لا ينطق عن الهوى: بأنه مع الحق، ومع القرآن، والقرآن والحق معه..

ولكنه في نفس الوقت كان قراراً مثيراً جداً ومخيفاً إلى أقصى الحدود لأولئك الذين رضوا بأن يسفك دم خليفتهم. وتجري عليه تلك الأمور المذلة، من أجل أن يحتفظوا بتلك المكتسبات المحرمة التي حصلوا عليها في ظل حكمه، ولكي لا يُمسَّ سلطانهم الظالم، وحكمهم الغاشم.

لقد أعلن «عليه السلام» في نفس ساعة البيعة، وفي أول خطبة له: أن «كل قطيعة أقطعها عثمان، أو مال أخذه من بيت مال المسلمين، فهو مردود عليهم في بيت مالهم. ولو وجد قد تزوج به النساء، وفرق في البلدان، فإنه إن لم يسعه الحق، فالباطل أضيق عليه».

وقد أفهمت هذه المبادرة كل من يعنيه الأمر، أموراً عديدة، وهي:

أولاً: إنه لا مجال للمساومة في هذا الأمر، فلا يطمعن أحد بالتراجع عنه، فقد أصبح هذا القرار برسم الأمة كلها، ولم يعد لأحد خيار فيه..

ثانياً: ظهر من هذا الإعلان أن التصرف بأموال الغير، لا يقطع صلة ذلك الغير بها، ولا يفقده حقه فيها ما دام أنه صاحبها الشرعي.. بل هو يلاحقها، ويستولي عليها أينما وجدت. ولن يكون للمستفيد الثاني والثالث، وهلم جرا، أي حق يمكنه أن يطالب به صاحب ذلك المال. بل هو يلحق الغاصب الذي دلس عليه، إن لم يكن متواطئاً معه أو عالماً بمصادر المال الذي هو مورد المعاملة بينهما.

ثالثاً: إن تصرفات الحاكم إذا كانت مخالفة للشرع، فإنها لا تحلل الحرام، ولا تحرم الحلال، ولا تزيل آثار التصرفات غير المأذون بها شرعاً.

فإذا كان عثمان قد أقطع أحداً أرضا لا يصح اقطاعها له، أو أعطاه مالاً من بيت المال، فلا يصح لأحد أن يدعي:

أنه صار يحل التصرف به للآخذ، لا مباشرة، ولا لغيره بإجراء معاملات معه.

رابعاً: إن هذا يعطي أن ما يسمى بغسيل الأموال ـ بإعطائها صفة الشرعية عبر تداولات معينة ـ لا يفيد إعطاء تلك الأموال صفة الشرعية..

قرارات أخرى حساسة:

قال الكلبي:

1 ـ ثم أمر «عليه السلام» بكل سلاح وجد لعثمان في داره مما تقوى به على المسلمين فقبض.

2  ـ وأمر بقبض نجائب كانت في داره من إبل الصدقة فقبضت.

3  ـ وأمر بقبض سيفه ودرعه.

4  ـ وأمر ألا يعرض لسلاح وجد له لم يقاتل به المسلمون.

5 ـ  وأمر بالكف عن جميع أمواله التي وجدت في داره وفي غير داره.

6 ـ وأمر أن ترتجع الأموال التي أجاز بها عثمان حيث أصيبت، أو أصيب أصحابها.

فبلغ ذلك عمرو بن العاص، وكان بأيلة من أرض الشام، أتاها حيث وثب الناس على عثمان فنزلها، فكتب إلى معاوية: ما كنت صانعاً فاصنع، إذ قشرك ابن أبي طالب من كل مال تملكه كما تقشر عن العصا لحاها([3]).

ونقول:

إننا لا نرغب في التعليق على هذه الإجراءات، فإنها واضحة الدلالات..

غير أننا نشير إلى ما يلي:

1 ـ لسنا بحاجة إلى التذكير بأن هذه القرارات تشير إلى أنه «عليه السلام» قد عامل عثمان معاملة المحارب المدان في حربه.. فإن قبض سيفه ودرعه، وقبض كل سلاح وجد مما تقوى به على المسلمين يتوافق مع ما عامل به أهل الجمل. فإنه قبض كل سلاح تقووا به على المسلمين، ولم يتعرض لأموالهم الخاصة أينما كانت.

وهذا يمثل إدانة تكاد تكون صريحة لعثمان.. ولا نريد أن نقول أكثر من ذلك.

2 ـ إن عمرو بن العاص يستغل الموقف ليذكي أطماع معاوية، ويفهمه أن الأمر يعنيه دون سواه، وأن المطلوب لعلي «عليه السلام» هو سلب معاوية كل وسائل القدرة على التحرك، وأن الأموال التي أخذها علي «عليه السلام» من عثمان إنما أخذها في الحقيقة من معاوية بالذات.

وهذا أسلوب تحريضي، وقبول منه بمتابعة معاوية، وتأييد له في مساعيه.

لا امتيازات بعد اليوم:

ثم جاء القرار العلوي الآخر في نفس خطبة البيعة أيضاً ـ وقد تقدم في الفصل السابق برقم (4) ـ ليقول:

«لا يقولن رجال منكم غداً قد غمرتهم الدنيا، فاتخذوا العقار، وفجروا الأنهار، وركبوا الخيول الفارهة، واتخذوا الوصائف الروقة، فصار ذلك عليهم عاراً وشناراً ـ إن لم يغفر لهم الغفار ـ إذا منعوا ما كانوا فيه، وصيروا إلى حقوقهم التي يعلمون، يقولون: حرمنا ابن أبي طالب، وسلبنا حقوقنا».

وعلينا أن نذكر القارئ الكريم بما يلي:

1 ـ إنه «عليه السلام» يتحدث عن أناس يملكون ثروات كبيرة، من دون أن يظهر دليل على عدم مشروعيتها، كلاً أو بعضاً..

2 ـ إنه «عليه السلام» يشير إلى جهد قد بذله هؤلاء في تحريك ثرواتهم في مجال الإنتاج، فاتخذوا العقار، وفجروا الأنهار..

3 ـ إنه يتحدث عن استفادتهم من تلك الثروات، فتصرفوا بها، وتقلبوا فيها بفنون التقلبات، ولبوا مطالب شهوتهم من خلالها. بما اقتنوه من عقار، وبما فجروه من أنهار، وبما اتخذوه من وصائف بديعة الجمال..

4 ـ إنه «عليه السلام»، وإن كان لا يحول بينهم وبين ثرواتهم، ولا يمنعهم من تصرفاتهم بها، واستفاداتهم منها.. ولكنه يمارس الحق الذي جعله الله تعالى له بمنعهم من التعديات على أحكام الشريعة في تلك التصرفات، كما أنه قد منعهم ولم يعطهم ما كان يعطيهم إياه من سبقوه مما لا يحق لهم في ظل هذا الغنى..

5 ـ إنه «عليه السلام» يريد أن لا يفاجئهم باقتصاره في عطائه لهم على خصوص ما قرره الشارع لأمثالهم، ولمن لهم مثل حالهم.

6 ـ إنه يريد لهم أن لا يتهموه «عليه السلام» بأنه هو الذي حرمهم الاستفادة التي كان غيره قد أباحها لهم ولغيرهم.. فإن الشرع الإلهي هو الذي حرمهم، لكي لا يزعموا للناس أنه «عليه السلام» قد ظلمهم حقوقهم. فإن الشارع لم يقرر لأمثالهم حقاً لكي يصح اتهامه بأنه ظلمهم بأخذه منهم..

لماذا يقسم المال بالسوية؟!:

ومن الواضح: أن الحاجة للمال، والاستحقاق له، لا تحدده الميزات الفردية للأشخاص، فلا يعطى المال للطويل لأنه طويل، ولا للأسود، أو الأبيض، أو العالم أو الجاهل، أو ما إلى ذلك لأجل خصوص هذه الصفات. بل يحدد الحاجة، أو الاستحقاق للمال الجهد الذي يبذل، أو السلعة التي يتخلى عنها صاحبها لغيره، أو الخدمة التي يقدمها.

وحيث لا يبذل ـ بأداء جهدٍ أو خدمة، أو سلعة يعرضها ـ فلا مبرر لإعطاء المال من بيت مال المسلمين، إلا بالمقدار الذي يحتاج إليه لحفظ ما يجب حفظه، وهو نفسه التي بين جنبيه. وهذا مما يتساوى فيه الناس عادةً، فلا بد من بذله لهم من بيت المال، إن لم يكن سبيل إلى ذلك سواه، ولا ينظر إلى مقاديره، فقد يكون ما يحتاج إليه إنسان عادي لحفظ الوجود والسلامة والكرامة يفوق ما يحتاج إليه صاحب المقام، وقد ينعكس الأمر.

من هنا نلاحظ: أن ما يتوهمه الناس من مبررات استحقاق التمييز، أو الحصول على المال كتقدمهم في سنهم، أو جاههم أو علمهم، أو سبقهم في مقامات الجهاد، أو في نسبهم، أو كونهم من العشيرة الفلانية وما إلى ذلك.. ـ إن ذلك كله ـ لا يصلح مبرراً، ولا يعطي استحقاقاً.

وإنما يستحق الناس الاستفادة في بيت المال لمجرد إسلامهم ومجرد استجابتهم للرسول «صلى الله عليه وآله» ودخولهم في دين الله.

ولا يستحقونه بكثرة عبادتهم، ولا بصدقاتهم وزكاة أموالهم، وغير ذلك مما تقدم آنفاً.

أما الفضل بالتقوى، فإنما يوجب نيل مقامات القرب عند الله، ولا أثر له في زيادة العطاء ولا في نقيصته.

ولذلك يضيف «عليه السلام» إلى قراره بقطع العطاء عمن لا حق له به قوله:

«أما من كان له فضل وسابقة منكم، فإنما أجره فيه على الله، فمن استجاب لله ورسوله، ودخل في ديننا، واستقبل قبلتنا، وأكل ذبيحتنا، فقد استوجب حقوق الإسلام وحدوده.

فأنتم أيها الناس عباد الله المسلمين، والمال مال الله يقسم بينكم بالسوية. وليس لأحد على أحد فضل إلا بالتقوى. وللمتقين عند الله خير الجزاء، وأفضل الثواب. لم يجعل الله الدنيا للمتقين جزاءاً، وما عند الله خير للأبرار»([4]).

التطبيق العملي للقرار:

وبعد أن أعلن «عليه السلام» في خطبة البيعة تلك القرارات الحاسمة، وأشار إلى مبرراتها الشرعية، بادر إلى تطبيق ما حضر وقت تطبيقه منها، وهو التسوية في العطاء.. حيث واصل كلامه في خطبته تلك حتى أنهاه بقوله:

«وإذا كان غداً فاغدوا، فإن عندنا مالاً نقسمه فيكم، لا يتخلفن أحد منكم، عربي ولا أعجمي، كان من أهل العطاء أو لم يكن، إلا حضر، إذا كان مسلماً حراً»([5]).

ونحن هنا نتوقف عند الأمور التالية:

1 ـ إنه «عليه السلام» لم يتحمل وجود مال مجتمع في بيت المال، مع وجود محتاجين له. فإن المال مال الله، وهو للمسلمين الذين هم عباد الله، فلماذا يحبس عنهم حقهم!!

2 ـ إنه «عليه السلام» طلب ـ مع التأكيد ـ أن لا يتخلف أحد من الناس عن الحضور.. حتى لو لم يكن من أهل العطاء المدونين في الدواوين.. ربما لأنه لا يريد اعتماد تلك الدواوين، التي خالف فيها عمر بن الخطاب ما كان على عهد رسول الله «صلى الله عليه وآله»، ثم في خلافة أبي بكر، وفي شطر من خلافة عمر نفسه، حتى غيره عمر حسبما أوضحناه في فصل سابق من هذا الكتاب..

3 ـ لا أدري إن كان تعميم أمره «عليه السلام» للناس كلهم بالحضور، وتصريحه بلزوم حضور الأعاجم أيضاً يدل على أن الناس كانوا قد فرقوا في أيام العطاء، أو في أوقاته وساعاته بين العرب والعجم. فأراد «عليه السلام» إلغاء هذا التفريق، الذي يكرس التمييز العنصري، المرفوض من الناحية الدينية.

4 ـ إن من آثار حضور جميع الناس، أن يعطى حتى غير أهل العطاء ـ وهم الجند بالدرجة الأولى ـ من باب أنهم من أهل الحاجة..

التمهيد لقرار التصدي للفتن:

وقد كان «عليه السلام» يعرف ما ينتظره، وقد أخبره به رسول الله «صلى الله عليه وآله»، فشرع بتمهيد الأمور للمواجهة. فذكر في أول خطبة له أيضاً: أن الباب بين أهل القبلة قد فتح، وأقبلت الفتن كقطع الليل المظلم، ليقول لهم: إن ذلك يحتم أن يتصدى لمقام الإمامة أشخاص لهم مواصفات خاصة، يمكنهم بواسطتها أن يواجهوا تلك الفتن.

وهذه المواصفات هي التالية:

1 ـ أن يكون الخليفة والحاكم من أهل الصبر.

2 ـ أن يكون من أهل البصر والمعرفة.

3 ـ أن يكون من أهل العلم بمواقع الأمور.

ولا نحتاج إلى التعريف بأهمية التحلي بهذه الأمور في التصدي لفتنٍ تقبل كقطع الليل المظلم! وهل غير علي «عليه السلام» يجمع هذه الصفات، وينتدبه الله تعالى لحمل مسؤولية هذه المهمات؟!

ولكن هذا الأمر لا ينجزه شخص الخليفة والحاكم وحده، بل لا بد أن يعينه عليه سائر الناس.. لأنه يحتاج إلى بصيرة، ووعي، وقراءة صحيحة لما يجري، ويحتاج أيضاً إلى التزام من آحاد الناس بالانقياد لإمامهم، وتنفيذ أوامره، والانتهاء بنواهيه. ولذلك قال «عليه السلام»: «ومنفذ فيكم ما أمرت به، إن استقمتم لي».

قراران آخران في خطبة البيعة:

ثم إنه «عليه السلام» بعد أن مهد تلك الحقائق، وبين هاتيك الدقائق في خطبته المتقدمة برقم(5)، قال:

«ألا إن موضعي من رسول الله «صلى الله عليه وآله» بعد وفاته، كموضعي منه أيام حياته. فامضوا لما تؤمرون به، وقفوا عند ما تنهون عنه.

ولا تعجلوا في أمر حتى نبينه لكم، فإن لنا عن كل أمر [منكر] تنكرونه عذراً».

وغني عن البيان: أن حديثه عن موضعه من رسول الله «صلى الله عليه وآله» ـ المتمثل في وصايته وخلافته له، وكونه منه بمنزلة هارون من موسى، وكذلك محبته، وإخلاصه، وكل حالاته مع رسول الله «صلى الله عليه وآله»، وحالات رسول الله «صلى الله عليه وآله» معه، وسائر كلماته فيه، لم يزل كما هو، لم يتغير، ولم يتبدل..

وكأنه «عليه السلام» بكلامه هذا يريد التنبيه على عدة أمور:

الأول: أن يعرف الناس الذين نشأوا وترعرعوا أو دخلوا في هذا الدين بعد وفاة رسول الله، ويريد أن يتعامل معهم؛ أن يعرفوا ـ مكانته وموقعه الخاص الذي ليس لأحد سواه عند الله وعند رسوله «صلى الله عليه وآله»..

ثانياً: إنه يريد أن يشير إلى أنه لم يغير ولم يبدل، بخلاف غيره، فإنهم غيروا وبدلوا، والشاهد على ذلك أنه يصرح لهم في أول خطبة له بأنه يريد أن يحملهم على منهج نبيهم، مشيراً بذلك إلى أن سياسات الذين سبقوه كانت في اتجاه آخر..

وسيرى الناس مصداق ما يقول في أول عمل يقدم عليه، وهو مساواته بين الناس في القسم والعطاء، الذي غُيِّر بعد رسول الله «صلى الله عليه وآله».. حيث سيواجه المشكلات الكبيرة والخطيرة، بسبب عودته بهم إلى منهج نبيهم.

ثالثاً: إنه «عليه السلام» يريد أن يتخذ من ذلك ركيزة لها مساس بالإيمان، والالتزام مع الله ورسوله، لينطلق منها إلى إلزامهم بالقرار الذي سيصدره لهم، بحيث يرون أنفسهم بسبب هذا الربط الواضح والصريح برسول الله «صلى الله عليه وآله» ملزمين بالوفاء به.

الانقياد والطاعة:

ثم إنه «عليه السلام» أصدر قراراً مفاده: لزوم الانقياد والمضي في تنفيذ أوامره، والانتهاء والوقوف عند نواهيه.. إذ لا يصح التخلف عن الأوامر والنواهي، أو التباطؤ في تنفيذها إذا كانت الفتن مقبلة كقطع من الليل المظلم، ويراد التصدي لها، والتخلص منها.. لأن ذلك التباطؤ أو الامتناع قد يؤدي إلى كارثة.

حيثيات القرارات:

ثم أصدر «عليه السلام» قراراً آخر يلزمهم بالتريث في الاعتراض، فلا يبادروا إلى رفض أمر، أو التشكيك في صوابيته قبل أن يبين لهم أسبابه ومبرراته، فإن لديه «عليه السلام» عن كل قرار بيانات تزيل كل شبهة عنه، وتوضح أسباب وخلفيات الإقدام عليه بصورة صريحة وواضحة، وإن تخيل الناس أن فيه خللاً في بادئ الرأي.

على أنه لا يصح ولا ينبغي أن يذيع الحاكم على الناس في كل حين أسباب ما يتخذه من قرارات، وما يصدره من أوامر، فإن ذلك قد يعطي للمنافقين وأصحاب الأهواء وللأعداء أيضاً، الفرصة للتشويش، بل ولتعطيل تلك القرارات، وإبطال مفعولها، أو قلب آثارها من حسنة إلى سيئة..

كنت كارهاً للولاية:

ثم إنه «عليه السلام» قال في خطبته في اليوم الثاني من البيعة: «إني كنت كارهاً للولاية على أمة محمد «صلى الله عليه وآله» حتى اجتمع رأيكم على ذلك».

والظاهر: أنه «عليه السلام» إنما كره الولاية على الأمة، لأجل التنازع والاختلاف الذي كان فيها، الأمر الذي كان يمنع من العمل فيها بأمر الله.

أما وقد أجمع رأي الجميع على ولايته، فلا يبقى موضع لكراهتها، لأن هذا الإجماع من شأنه أن يسهل مهمته، ويزيل عقبات كبرى من طريق العمل بأمر الله تعالى فيها.

المحرمات ترتبط بالتوحيد:

وفي النص الأخير لخطبته «عليه السلام» يوم البيعة قال:

إن الله تعالى فضل حرمة المسلم على الحرم كلها، وشد بالإخلاص والتوحيد حقوق المسلمين في معاقدها.

فالمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده إلا بالحق.

ولا يحل أذى المسلم إلا بما يجب.

بادروا أمر العامة، وخاصة أمركم ـ وهو الموت ـ فإن الناس أمامكم، وإن الساعة تحدوكم من خلفكم.

تخففوا تلحقوا، فإنما ينتظر بأولكم آخركم.

اتقوا الله في عباده وبلاده، فإنكم مسؤولون حتى عن البقاع والبهائم»([6]).

ونقول:

نحتاج هنا إلى الحديث عن عدة أمور، فلاحظ ما يلي:

لكل شيء حرمة:

إنه «عليه السلام» يبين في أول خطبة له أموراً هامة بمثابة الأساس الذي تتحدد من خلاله مستويات التعامل وطبيعته.. فذكر أن لكل شيء حرمة لا بد من رعايتها ـ والحرمة هي ما لا يحل انتهاكه ـ وقد ورد في الروايات والآيات ما دل على ذلك، قال تعالى: ﴿ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ([7]).

بل قد جعل الله تعالى لنفس الخلقة البشرية حرمة وحقوقاً، فقال: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ([8]).

وهذه الحرمات تتفاوت وتزيد وتنقص بحسب موجباتها.

فللجار حرمته، وهناك حرمات للأب والأخ.

وللأيام والأشهر حرمات.

وللكعبة، ولقبر الحسين، وللنبي ولأهل بيته، ولكتاب الله، وللطعام، وللمال، وللدعاء، وليوم الغدير، ولأرض كربلاء، وللناس وحتى للبهائم حرمات أيضاً. فضلاً عما سوى ذلك.

وللتدليل على ما نقول نذكر هنا طائفة من الروايات المصرحة بما ذكرناه، وهي التالية:

1 ـ روي عن الإمام الصادق أنه قال: «لله عز وجل في بلاده خمس حرم: حرمة رسول الله «صلى الله عليه وآله»، وحرمة آل الرسول، وحرمة كتاب الله عز وجل، وحرمة الكعبة، وحرمة المؤمن» ([9]).

2 ـ وعن النبي «صلى الله عليه وآله»: «الحرمات التي تلزم كل مؤمن رعايتها، والوفاء بها: حرمة المؤمن، وحرمة الأدب، وحرمة الطعام» ([10]).

3 ـ وروي عنهم «عليهم السلام»: «حرمة المؤمن أعظم من حرمة الكعبة»([11]).

4 ـ وعن النبي «صلى الله عليه وآله»: «أقل الناس حرمة الفاسق»([12]).

5 ـ وعنه «صلى الله عليه وآله»، في خطبة له ذكر فيها المؤمن، فكان مما قال: «وحرمة ماله كحرمة دمه، أو كحرمة الله»([13]).

6 ـ وعنهم «عليهم السلام»: «إن حرمة عورة المؤمن، وحرمة بدنه وهو ميت كحرمته وهو حي، فوار عورته، وبدنه، وجهزه إلخ»..([14]).

7 ـ وجاء في فضائل دعاء الجوشن: «ويوسدونه مثل العروس في حجلتها، من حرمة هذا الدعاء وعظمته»([15]).

8 ـ وعن الإمام الصادق «عليه السلام»: «إذا جاهر الفاسق بفسقه فلا حرمة له، ولا غيبة»([16]).

9 ـ وفي نص آخر عن الإمام الصادق عن أبيه الباقر «عليه السلام»: «ثلاثة ليست لهم حرمة: صاحب هوى مبتدع، والإمام الجائر، والفاسق المعلن بالفسق» ([17]).

10 ـ وورد عن الإمام الصادق «عليه السلام»: «اللهم إنك عظمت حرمة شهر رمضان»([18]).

11 ـ وعن الإمام الرضا «عليه السلام»: «أنه خاطب الكعبة بقوله: «والله لحرمة المؤمن أعظم حرمة منك»([19]).

12 ـ  وورد ذلك أيضاً عن النبي «صلى الله عليه وآله»([20]).

13 ـ  وورد: «أن المؤمن لأعظم حرمة من الكعبة والقرآن» ([21]).

14 ـ وعن النبي «صلى الله عليه وآله»: «فإن من عرف حرمة رجب وشعبان، ووصلهما بشهر رمضان ـ شهر الله الأعظم ـ شهدت له هذه الشهور يوم القيامة»([22]).

15 ـ في حديث عن الإمام الصادق «عليه السلام» عن فضل يوم الغدير، قال «عليه السلام»: «لعلك ترى أن الله تعالى خلق يوماً أعظم حرمة منه؟! لا والله، لا والله، لا والله»([23]).

16 ـ عن الإمام الصادق «عليه السلام»: «إن لموضع قبر الحسين بن علي «عليهما السلام» حرمة معلومة، من عرفها واستجار بها أجير إلخ..»([24]).

17 ـ عن أبي عبد الله «عليه السلام»: «حرمة قبر الحسين، فرسخ في فرسخ، من أربعة جوانب القبر»([25]).

18 ـ عن النبي «صلى الله عليه وآله» عن أرض كربلاء: «وهي أطهر بقاع الأرض، وأعظمها حرمة، وإنها لمن بطحاء الجنة»([26]).

19 ـ كان رسول الله «صلى الله عليه وآله» عند أحد الأنصار، وقد دعاه إلى طعام، فأخبره أنه اشترى جارية حامل، وهو يطأها، فقال له «صلى الله عليه وآله»:

«لولا حرمة طعامك للعنتك لعنة تدخل عليك في قبرك»([27]).

20 ـ في كتاب النبي «صلى الله عليه وآله» بين أهل المدينة ويهودها: «وحرمة الجار على الجار كحرمة أمه و أبيه»([28]).

21 ـ قال «صلى الله عليه وآله»: «حرمة الجار على الجار كحرمة أمه»([29]).

22 ـ عنه «صلى الله عليه وآله»: «ومن لم يوقر القرآن فقد استخف بحرمة الله، وحرمة القرآن على الله كحرمة الوالد على ولده»([30]).

23 ـ عن أبي عبد الله «عليه السلام»: «إن لكل شيء حرمة، وحرمة البهائم في وجوهها»([31]).

وروي ذلك عن النبي «صلى الله عليه وآله» أيضاً([32]).

التسخير.. والمسؤولية:

وقد صرحت الآيات الكثيرة: بأن الله تعالى قد سخر للإنسان ما في السماوات والأرض، ومكنه، من الاستفادة منه..

قال تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً﴾؟!([33]).

وقال تعالى: ﴿وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ..﴾([34]).

وقال سبحانه: ﴿وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَآَتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لَا تُحْصُوهَا([35]).

وهذا التسخير يستتبع مسؤوليات تجاه تلك المخلوقات التي لها حرماتها، لا بد من تحملها. ويرتب حقوقاً لها لا بد من مراعاتها..

وقد بين الإمام السجاد «عليه السلام» في رسالة الحقوق([36])، الكثير من الحقوق التي لا بد للناس من مراعاتها، وأدائها إلى أهلها.

مراتب الحقوق:

وقد أظهرت النصوص المتقدمة: أن هذه الحرمات تختلف في مستوياتها من حيث العظمة، والقلة، والصغر والكبر.. لاختلاف مناشئها، ومكوناتها في الأهمية والأثر.. فحرمة يوم الغدير، أعظم من حرمة غيره من الأيام، وحرمة قبر الحسين وكربلاء تمتاز عما سواها من الأمكنة والبقاع..

وروي عن الإمام الباقر «عليه السلام»: أن حرمة المسجد الحرام أفضل بقاع مكة حرمة، وأفضل بقعة في المسجد الحرام حرمة، بين الركن والمقام، وباب الكعبة، وكذلك حطيم إسماعيل([37]).

وقد تجتمع بعض تلك المناشئ والمكونات في موردٍ، فيتضاعف تأثيرها وتتأكد الحرمة في موردها.. كما لو كان الإنسان مؤمناً وجاراً ومن آل الرسول، فإن حرمته تكون أعظم من حرمته لو كان جاراً.

وقد ذكر «عليه السلام» في أول خطبة له: إن الله تعالى فضل حرمة المسلم على الحرم كلها، لكي يعرف الناس أن ما سيقدم عليه الناكثون والمارقون والقاسطون هو من أعظم الكبائر والموبقات.

شد حقوق المسلمين بالإخلاص والتوحيد:

وقد جعل سبحانه التوحيد والإخلاص من مناشئ الحرمات، وموجبات الحقوق.

وإذا كان التوحيد أعظم الواجبات، فإن الحرمات التي تنشأ عنه بالنسبة لمن يختار هذا التوحيد، ويمارسه، ويعمل بفروضه بإخلاص لا بد وأن تكون هي الأعظم، والأقوى تأثيراً، في تأكيد الحقوق لسائر أهل التوحيد، والالتزام بالوفاء بها لهم..

ولذلك قال «عليه السلام»: «وشد بالإخلاص والتوحيد حقوق المسلمين في معاقدها..».

ثم جاءت مراعاة المسلم للحقوق وقيامه بها هي النتيجة الطبيعية لذلك التوحيد والإخلاص، حيث قال: «فالمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده إلا بالحق. ولا يحل أذى المسلم إلا بما يجب».

لزوم المبادرة قرار آخر:

وبناءً على ما سبق جاء القرار الآخر ليقضي بلزوم التصدي لأمرين:

أولهما: إصلاح أمر العامة، فقال «عليه السلام»: «بادروا أمر العامة».

الثاني: مبادرة كل فرد إلى مواجهة مسؤولياته في أمرٍ يخصه هو دون كل أحد سواه، وهو الموت..

ولعل المقصود بمبادرة أمر العامة هو الإقدام للمنع من وقوع الأمور المسيئة لأولئك الناس في آثارها فور وقوعها، وقبل أن تجد الفرصة للاستحكام والاستشراء والإتساع فيهم..

وهذا درس هام في المسؤوليات العامة، حيث إن ذلك يحتِّم درجة عالية من الوعي للأمور، ولكيفيات معالجتها ومواجهتها، ودرجة عالية من الاستعداد لها وإعداد كل موجبات القوة.

كما أنه يحتم إبقاء زمام المبادرة بيد الإنسان المؤمن، وأن تبقى الأمور تحت السيطرة، فلا يضطرب، ولا ينهار أمام المفاجآت، لأنه سوف لا يفاجأ بشيء، إذا أخذ بهذا القرار..

وأما مبادرة الإنسان لخاصته، وهو الموت فمبادرته إنما هي بتلافي الخلل الذي وقع في السابق، بأداء الحقوق، والقيام بالواجبات، واجتناب المحرمات ثم تقديم الأعمال الصالحة، على قاعدة واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً، فإن من يعرف أن الموت قريب منه إلى هذا الحد، لا بد أن يسارع في الإعداد والاستعداد، ولا يترك لحظة تمر إلا ويملؤها بالخيرات، وبالعمل الصالح..

تخففوا، تلحقوا:

أما قوله «عليه السلام» في خطبته هذه: «تخففوا تلحقوا»، فهو قرار عام لا يختص بالأفراد في تعاملهم مع آخرتهم.. بل هو يشمل الدنيا والآخرة..

فإن من يريد السير إلى الله تعالى، ونيل منازل القرب منه، عليه أن يتخفف من الأثقال التي تبطئ حركته، وربما تتسبب في إيقافه عن مواصلة مسيرته..

والتخفف من هذه الأثقال معناه أداء حقوق الغير، لكي لا يلحقوه، ويجاذبوه أعماله الصالحة، ليعوضوا بها ما أصابهم بسببه، أو يمنعوه من مواصلة سيره.

كما أن عليه أن لا يفعل ما يغضب الرب، لأن الله تعالى سيمنعه ويصرف وجهه عنه، ولن يلحق بالصالحين، والشهداء والصديقين. بل هم سيتركونه في موقعه، ويواصلون مسيرتهم إلى ربهم على أجنحة أعمالهم الصالحة، وتضحياتهم في سبيل الله.

كما أن من يريد مبادرة أمر العامة، يحتاج إلى هذا التخفف، ليتفرغ لمعالجة ما يحتاج إلى معالجة، ولا بد أن يكون قادراً على جمع القدرات، وتهيئة الأسباب لمواجة مسؤولياته في هذا السبيل.. إذ لا يستطيع من يكون مثقلاً بالهموم وبالمسؤوليات أن يمحض غيره الشيء الكثير من فكره، ولا أن يحمل عنه ما يحتاج إلى حمل، ولا أن يوصل إليه ما لا مناص له من إيصاله..

القرار الأهم والأقوى:

وجاء قول علي «عليه السلام» في خطبته: «إتقوا الله في عباده وبلاده، فإنكم مسؤولون حتى عن البقاع والبهائم»، ليؤكد ما يلي:

أولاً: أن المسؤولية لا تختص بالحاكم، بل هي مسؤولية جميع الناس.

ثانياً: لا شك في أن بعض الناس يظلمون البهائم التي تكون تحت يدهم، ويرون أنه لا يحق لأحد أن يمنعهم من ذلك، لأنهم إنما يتصرفون فيما يملكون.

ثالثاً: إنه «عليه السلام» لا يطلب منهم إلا العمل بما أمرهم الله تعالى به وحملهم إياه من مسؤوليات، ولذلك قال: اتقوا الله في عباده وبلاده، ثم علل ذلك بأنهم مسؤولون حتى عن البقاع والبهائم..

رابعاً: إن هذا النص يعطي: أن المطلوب ليس مجرد العمل بالأمور والتكاليف الشخصية.. بل هناك مسؤوليات عامة لا تتعارض مع مسؤوليات الحاكم.. ويدل على ذلك أمرهم بتقوى الله في عباده وبلاده، فدل على أن هناك أموراً ترتبط بالبلاد أيضاً لا بد لهم من الاهتمام بها..

خامساً: ولوحظ: أنه «عليه السلام» أطلق الحديث عن المسؤوليات عن البلاد والعباد، وعن البقاع والبهائم، فإذا استثنينا منه ما يرتبط بمسؤوليات الحاكم، فإن الباقي يبقى مطلوباً من الناس..

سادساً: يبدو لنا: أن قوله «عليه السلام»: فإنكم مسؤولون عن البقاع والبهائم يراد به ترتيب قياس أولوية مفاده: أنه إذا كنتم مسؤولين حتى عن البقاع، فذلك يعني مسؤوليتكم عن البلاد العامرة، وحفظها، وحفظ ما فيها من أسباب العيش، ومن مرافق، ومن وسائل الحياة، ومظاهر العمران..

وإذا كنتم مسؤولين حتى عن البهائم، فإن مسؤوليتكم عن سائر العباد الذين كرمهم الله تعالى، وعن المؤمنين منهم بالخصوص تصبح من البديهيات..

ثامناً: إن مشاركة الناس بصورة إلزامية في المسؤولية عن البلاد والعباد، وعن البقاع والبهائم ميزة أخرى، تضاف إلى متفردات تفرَّد بها الإسلام في مناهجه، وفي سياساته عن كل ما عداه.

تاسعاً: إن هذه المسؤولية عن البقاع، والبهائم تستدعي مبادرات عملية، وتحتاج إلى خطط وإلى إمكانات في مجالات التنفيذ، وإلى وضوح الرؤية عن أحوال البقاع والبهائم، وما هو المطلوب تجاهها، والغايات التي يراد الوصول إليها. وقد تمس الحاجة إلى دراسات، وإلى جمع معلومات وافية عنها، وغير ذلك..

علماً بأن المسؤوليات عن البقاع تشمل حتى حفظ الناحية الجمالية منها، وحسن التخطيط والتشجير، والحفاظ على بيئتها من التلوثات على اختلافها، وما إلى ذلك..

كما أن المسؤولية عن البهائم لا تختص بالدواجن منها، بل يشمل جميع أنواعها، وتوفير كل وسائل العيش والبقاء لها، وإزالة كل ما يضر براحتها وبممارستها حياتها الطبيعية..

النساء والرجال في جماعة واحدة:

ويذكرون: أنه كان للنساء قبل عهد عثمان جماعة خاصة بهن، وحين تسلم عثمان الخلافة جمع بين النساء والرجال([38]).

فلما كان في عهد أمير المؤمنين «عليه السلام» عاد ففصل بين الرجال والنساء، وصار يصلي بهن رجل اسمه عرفجة، وزعموا: أن ذلك كان في قيام شهر رمضان([39]).

وربما قيل: إن عمر بن الخطاب هو أول من فصل بين النساء والرجال([40]).

ونقول:

أولاً: دعوى: أن عمر بن الخطاب هو أول من فصل النساء عن الرجال في الصلاة موضع ريب، فإن هذا الأمر إن كان راجحاً، فلماذا لم يسبق إليه رسول الله «صلى الله عليه وآله»؟! وإن لم يكن راجحاً فلماذا فعله عمر وعلي؟!..

إلا أن يقال: إن أخلاق الناس بعد استشهاد رسول الله «صلى الله عليه وآله» قد فسدت، بسبب إقبال الدنيا عليهم، وإقبالهم عليها، لا سيما وأن معظمهم قد أسلموا أو استسلموا في فتح مكة وبعده.. أي في أواخر حياة رسول الله «صلى الله عليه وآله»..

فمست الحاجة إلى فصل النساء عن الرجال في صلاة الجماعة، منعاً للفساد الذي ربما يحدث من التلاقي القريب، وعدم إمكان ضبط الوضع بغير ذلك..

ثانياً: إذا كانت الحكمة في الفصل بين النساء والرجال هي ما ذكرناه، فذلك لا يختص بصلاة التراويح في خصوص شهر رمضان، بل يعم سائر الصلوات في جميع الأوقات. فلماذا لم يعمم قراره هذا؟!

ثالثاً: إن ظاهر النص الذي تحدث عن علي أمير المؤمنين «عليه السلام» هو أنه «عليه السلام» قد أعاد الفصل بين الرجال والنساء في صلاة التراويح.

وهذا من الكذب بلا ريب، فإن علياً «عليه السلام» لم يكن يرى مشروعية صلاة التراويح، مما يعني: أنه لم يكن ليرضى بالعمل بما يراه بدعة، ويعتبره مخالفاً لسنة رسول الله «صلى الله عليه وآله»([41])، فضلاً عن أن يشارك في تنظيمه، أو في التهيئة له..

إلا إذا كان يريد التخفيف من مستوى الفساد قدر الإمكان.

وقد روي عن علي «عليه السلام» قوله: «وتنادى بعض أهل عسكري، ممن يقاتل معي: يا أهل الإسلام، غيرت سنة عمر، ينهانا عن الصلاة في شهر رمضان تطوعاً، ولقد خفت أن يثوروا في ناحية جانب عسكري»([42]).

وفي نص آخر: أنهم سألوه أن ينصب لهم إماماً يصلي بهم نافلة شهر رمضان فزجرهم، وعرفهم أن ذلك خلاف السنة، فتركوه، واجتمعوا لأنفسهم، وقدموا بعضهم.

فبعث إليهم ولده الحسن «عليه السلام» ليفرقهم، فلما رأوه تبادروا إلى أبواب المسجد، وصاحوا: وا عمراه([43]).

ولعل أول من صاح بذلك هو شريح المنصوب من قبل عمر، وحين أراد «عليه السلام» عزله اعترضوا عليه([44]).

اخرجوا عنكم الأعراب:

قال الطبري:

وكتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن محمد وطلحة، قالا: خرج علي في اليوم الثالث على الناس، فقال: يا أيها الناس، أخرجوا عنكم الأعراب.

وقال: يا معشر الأعراب، الحقوا بمياهكم. فأبت السبئية وأطاعهم الأعراب.

ودخل عليٌّ بيته، ودخل عليه طلحة والزبير، وعدة من أصحاب النبي «صلى الله عليه وآله»، فقال: دونكم ثأركم فاقتلوه.

فقالوا: عشوا عن ذلك.

قال: هم والله بعد اليوم أعشى وآبى.

وقال:

لـو أن قـومـي طـاوعتني سراتهم                         أمـرتهـم أمـراً يـديـخ الأعاديا([45])

ونقول:

يستوقفنا في هذا النص أمور عديدة، مثل:

1 ـ قوله: أخرجوا عنكم الأعراب.. فإن من غير المقبول أن يطلب الحاكم من الرعية أن تتولى هي مثل هذا الأمر، الذي يحمل معه احتمالات التحدي، والصدام والفوضى..

2 ـ إن المطلوب للشارع هو دعوة الأعراب إلى الهجرة، وحثهم على التحضر، وخلع ثوب الأعرابية، والدخول في الحياة المدنية. وليس المطلوب هو نفي هذا النوع من الناس إلى بلادهم، وإخراجهم من الحياة المدنية إلى الأعرابية. بل يحرم التعرب بعد الهجرة. فكيف يطردهم، ويأمر «عليه السلام» بطردهم، وإخراجهم؟!

3 ـ وقد ذكرت رواية سيف: أن السبئية أبت امتثال أوامر علي «عليه السلام»، وأطاعهم الأعراب.

وهذا كلام عجيب وغريب، إذ ما شأن السبئية بهذا الأمر؟! وما الذي يضرهم أو يفيدهم إذا خرج الأعراب إلى مياههم؟! وإذا بقوا في المدينة؟! أم أن السبئية كانوا يدبرون لأمر يحتاجون فيه لمساعدة الأعراب؟! وما هو ذلك الأمر؟!

وعدا ذلك كله. لماذا سكت علي «عليه السلام» عن مواجهة هذا العصيان، فلم نسمع له أي اعتراض أو لوم، ولم يتخذ أي إجراء ضدهم، بل لم نجده ذكرهم، ولو بكلمة واحدة. فهل يتوقع من علي «عليه السلام» موقف كهذا، حين يعصى أمره، وهو الخليفة والحاكم؟! وما الذي يتبقى من هيبة الخلافة إذا كان أول أمر يصدره يواجه بمثل هذا الموقف؟!

4 ـ لعل الحقيقة هي: أنه «عليه السلام» أمر الذين جاؤوا إلى المدينة لمواجهة عثمان ـ وقد مضى على مقامهم بالمدينة عدة أشهر ـ بأن يعودوا إلى بلادهم بعد قتل عثمان، ولكن سيف بن عمر ومن هم على شاكلته أحبوا وصف قسم منهم بالأعراب، ليظهروا جفاءهم، وغلظتهم وجهلهم، وليصموهم بالكفر والنفاق.

ووصفوا قسماً آخر بالسبئية، مطبقين هذا الوصف على بعض أصحاب أمير المؤمنين «عليه السلام»، مثل: عمار، والأشتر، وحكيم بن جبلة وغيرهم، ليظهر أنهم هم المتهمون بالتآمر على عثمان، والمحرضون عليه، والساعون في إثارة الفتن بعد ذلك في حربي الجمل وصفين.

وبذلك تقترب التهمة من علي «عليه السلام» من جهة، وتتمهد السبل لتبرئة عائشة وطلحة والزبير من جهة ثانية، وتقديم خدمة مجانية لمعاوية الذي أحبوه من كل قلوبهم.

5 ـ ربما يكون المقصود  بقوله «عليه السلام»: «دونكم ثاركم، لما قتلوه»: هو أن يشير إلى أن عثمان قد قتل بصورة عشوائية يصعب معها قتل قتلته. أي أنه «عليه السلام» أباح لهم قتل قتلته، ليصرحوا بعجزهم عن ذلك، أو بصرف النظر عنه.

فجاء جواب الصحابة بما فيهم طلحة والزبير كما توقع «عليه السلام»، فقد صرحوا: بأنهم قد انصرفوا عن الأخذ بثأر عثمان.

وبذلك تكون هذه الحادثة أسلوباً رائعاً يهدف إلى نزع الذرائع من يد طلحة والزبير، أو فقل: إفقاد تلك الذرائع قيمتها بعد إقرارهما ـ أي طلحة والزبير ـ بأنه قد تم صرف النظر عن هذا الأمر، فمطالبتهم علياً «عليه السلام» بقتل قتلة عثمان في المستقبل تصبح بلا معنى، وبلا مبرر، بل هي محض افتراء وبغي منهم على إمامهم.

6 ـ أما قوله «عليه السلام»: « هم والله بعد اليوم أعشى وآبى»، يريد به تأكيد هذه النتيجة، فإنه إذا كان قتل قتلة عثمان غير ميسور في تلك الفترة، وكانوا مجبرين على صرف النظر عنه، فإن الأمر يكون بعد أن يتقادم العهد، وتشب نار الفتنة، أصعب وأشد، وسوف يصبح طلاب ثأر عثمان أضعف وأجبن من أن يتجرؤوا على مواجهة قاتليه.

7 ـ أما الأمر الذي يديخ الأعادي، والذي لا تطيع سراة القوم فيه علياً «عليه السلام»، فقد بقي مطوياً ومبهماً، ولعل المقصود به هو إجراء الأحكام الواقعية على كل مخالف ولو كان مثل أن يأمرهم بقتل جماعة من رؤوس المجرمين والمنحرفين من كبار بني أمية وغيرهم، ولكن سراة القوم وكبارهم والمطاعين فيهم لا يرضون بذلك، ولا يطيعونه فيه.

8 ـ يلاحظ هنا: أنه «عليه السلام» ذكر أن المانع من إصدار هذا الأمر ليس هو عدم طاعة الناس له، ولا عدم رضاهم به، فربما كان مرضياً لأكثرهم.. ولكن المانع هو عدم طاعة سراتهم وكبارهم.

فدل بذلك على أن الناس غير مستقلين في قراراتهم، ولا حرية مطلقة لهم، ولا كانوا يخضعون لأحكام الله فيهم، ولا لقرارت إمامهم المنصوب من قبل الله، ولا لأجل الوفاء منهم بالبيعة له، بل بما هم تابعون لسراتهم، وأهل النفوذ فيهم، الذين أفرزتهم مفاهيمهم الجاهلية، وعصبياتهم القبائلية، الذين كانوا يأخذونهم يميناً وشمالاً، ولا يراعون ـ في كثير من الأحيان ـ أحكام الشريعة في قراراتهم، ولا يطلبون فيها رضا الله تعالى ورسوله «صلى الله عليه وآله».


([1]) شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج1 ص269 ومناقب آل أبي طالب ج2 ص110 و وبحار الأنوار ج32 ص16 ودعائم الإسلام ج1 ص396 وشرح الأخبار ج1 ص373 و 316 والغدير ج8 ص287 وج9 ص77  وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج32 ص198.

([2]) شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج1 ص269.

([3]) شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج1 ص270 والغدير ج8 ص287 والإمام علي بن أبي طالب للهمداني ص664.

([4]) بحار الأنوار ج32 ص27 و 17 و 18 والأمالي للطوسي (ط بيروت) ص735= = المجلس رقم26 و (ط دار الثقافة ـ قم) ص729 وفضائل أمير المؤمنين لابن عقدة ص91 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج7 ص37 والمعيار والموازنة ص51.

([5]) راجع الهامش السابق.

([6]) نهج البلاغة (بشرح عبده) ج2 ص79 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج9 ص288 وبحار الأنوار ج32 ص40 و 41 وقريب منه رواه الطبري في تاريخ الأمـم والملـوك (ط مؤسسة الأعلمي) ج3 ص457 في أوائـل حـوادث سنة = =  35هـ. والفتنة ووقعة الجمل ص95 والكامل في التاريخ ج3 ص194 والبداية والنهاية (ط دار إحياء التراث العربي ـ بيروت) ج7 ص254.

([7]) الآية 30 من سورة الحج.

([8]) الآية 70 من سورة الإسراء.

([9]) الكافي ج8 ص107 وبحار الأنوارج24 ص185 و 186 وراجع ج81 ص68 وج89 ص12 وج96 ص60 ومستدرك سفينة البحار ج2 ص271 ونهج السعادة ج8 ص132 وراجع: معاني الأخبار ص40 و (ط مركز النشر الإسلامي سنة 1379 هـ) ص117 والأمالي للصدوق ص175 و (ط مؤسسة البعثة سنة 1417هـ) ص366 وعن كنز الفوائد ص171 والخصال ج1 ص71 و (ط مركز النشر الإسلامي سنة 1403هـ) ص146 وروضة الواعظين ص271 ووسائل الشيعة (ط مؤسسة آل البيت) ج4 ص300 و (ط دار الإسلامية) ج3 ص218 وجامع أحاديث الشيعة ج4 ص568 ومستدرك سفينة البحار ج2 ص271 وكتاب المؤمن للحسين بن سعيد ص73.

([10]) بحار الأنوار ج74 ص152 وتحف العقول ص49 ومستدرك سفينة البحار ج2 ص270.

([11]) راجع: بحار الأنوار ج64 ص71 وج65 ص16 وج68 ص16 وج7 ص323 وج50 ص225 وج98 ص112 والخصال للصدوق ص27 وروضة الواعظين ص386 ومسند الرضا لداود بن سليمان الغازي ص109 ومشكاة الأنوار للطبرسي ص155 وكامل الزيارات ص273 وكتاب الأربعين للماحوزي ص377 ومستدرك سفينة البحار ج1 ص204 وج2 ص271 وراجع: وفيات الأعيان لابن خلكان ج3 ص288 وفوات الوفيات ج2 ص642 والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج1 ص267 وألف حديث في المؤمن للنجفي ص170.

([12]) راجع: بحار الأنوار ج74 ص112 ومن لا يحضره الفقيه ج4 ص395 وجامع أحاديث الشيعة ج16 ص176 وموسوعة أحاديث أهل البيت للنجفي ج7 ص222 وج8 ص465 وج11 ص214 وأعلام الدين في صفات المؤمنين ص322 وراجع: كنز الفوائد ص138.

([13]) راجع: الكافي ج2 ص360 ومن لا يحضره الفقيه ج3 ص569 و 570 وج4 ص377 و 418 وتحـف العقـول ص212 ووسائل الشيعة (ط مؤسسة آل  = = البيت) ج12 ص281 و 282 و 297 وج29 ص20 و (ط دار الإسلامية) ج8 ص598 و 599 و 610 وج19 ص10 ومستدرك الوسائل ج9 ص138 وج18 ص210 و 215 وكتاب الزهد للحسين بن سعيد الكوفي ص11 والإختصاص للمفيد ص343 وكنز الفوائد ص97 والأمالي للطوسي ص537 ومكارم الأخلاق للطبرسي ص470 ومشكاة الأنوار للطبرسي ص179 ومنية المريد ص328 وبحار الأنوار ج21 ص212 وج72 ص160 و 162 و 320 وج74 ص89 وج74 ص133 وج75 ص50 وجامع أحاديث الشيعة ج16 ص321 وج26 ص104 ومستدرك سفينة البحار ج9 ص476 وألف حديث في المؤمن ص203 ومسند أحمد ج1 ص446 والمصنف لابن أبي شيبة ج8 ص163 ومسند أبي يعلى ج9 ص56 والمعجم الكبير ج10 ص159 والجامع الصغير ج1 ص245 وج2 ص41 وكنز العمال ج3 ص599 وج15 ص148 و 921 و 930.

([14]) بحار الأنوار ج78 ص328 وج93 ص61 وقرب الإسناد (ط حجرية) ص130 و (ط مؤسسة آل البيت «عليه السلام» لإحياء التراث ـ قم سنة 1416هـ) ص312 وتهذيب الأحكام ج1 ص445 وموسوعة أحاديث أهل البيت للنجفي ج7 ص363 ووسائل الشيعة (ط مؤسسة آل البيت) ج3 ص55 و (ط دار الإسلامية) ج2 ص759 و 760 وجامع أحاديث الشيعة ج3 ص245 و 355.

([15]) بحار الأنوار ج78 ص332 وج91 ص400 ومهج الدعوات ص287 ومستدرك الوسائل ج2 ص234.

([16]) بحار الأنوار ج85 ص35 وج71 ص204 وج72 ص253 و 161 والأمالي للصدوق ص24 و (ط مؤسسة البعثة سنة 1417هـ) ص92 و 93 ووسائل الشيعة (ط مؤسسة آل البيت) ج12 ص289 و (ط دار الإسلامية) ج8 ص605 ومستطرفات السرائر ص644 ومستدرك سفينة البحار ج8 ص92 و 93 و 202 وموسوعة أحاديث أهل البيت للنجفي ج8 ص465.

([17]) بحار الأنوار ج85 ص35 وج72 ص253 وج71 ص204 ووسائل الشيعة (ط مؤسسة آل البيت) ج12 ص289 و (ط دار الإسلامية) ج8 ص605 وجامع أحاديث الشيعة ج14 ص452 وج16 ص334 ومستدرك سفينة البحار ج1 ص520 وقرب الإسناد (ط حجرية) ص82 و (نشر مؤسسة آل البيت «عليه السلام» لإحياء التراث ـ قم سنة 1416هـ) ص176.

([18]) إقبال الأعمال ص288 و (ط مكتب الإعلام الإسلامي سنة 1414هـ) ج1 ص494 وبحار الأنوار ج88 ص20 وموسوعة أحاديث أهل البيت للنجفي ج2 ص128.

([19]) بحار الأنوار ج71 ص233 ومستدرك الوسائل ج9 ص46 وجامع أحاديث الشيعة ج16 ص161 ونهج السعادة ج8 ص131.

([20]) سنن ابن ماجة ج2 ص1297 ومسند الشاميين للطبراني ج2 ص396 وتخريج الأحاديث والآثار ج3 ص343 والعهود المحمدية للشعراني ص813 وكنز العمال ج1 ص92 وكشف الخفاء ج2 ص292 وتفسير القرآن العظيم ج4 ص228 والدر المنثور ج6 ص92.

([21]) بحار الأنوار ج7 ص323.

([22]) بحار الأنوار ج7 ص316 وج94 ص38 والتفسير المنسوب للإمام العسكري ص297 و (نشر مدرسة الإمام المهدي سنة 1409هـ) ص657 ومستدرك الوسائل ج7 ص545 وجامع أحاديث الشيعة ج9 ص471.

([23]) تهذيب الأحكام ج3 ص144 ووسائل الشيعة (ط مؤسسة آل البيت) ج8 ص89 و 90 و (ط دار الإسلامية) ج5 ص225 ومستدرك الوسائل ج6 ص274 وإقبال الأعمال ص274 و 275 و (ط مكتب الإعلام الإسلامي سنة 1415هـ) ج2 ص283 وجامع أحاديث الشيعة ج7 ص399 و 403 وموسوعة أحاديث أهل البيت للنجفي ج8 ص27 وبحار الأنوار ج95 ص303 و 322 والعدد القوية ص167 وغاية المرام ج1 ص340.

([24]) الكافي ج4 ص588 وتهذيب الأحكام ج6 ص71 وبحار الأنوار ج98 ص110 وكامل الزيارات ص272 و (ط مؤسسة النشر الإسلامي سنة 1417هـ) ص457 ومصباح المتهجـد للطـوسي ص509 والمصباح للكفعمي ص508 = = وثواب الأعمال ص85 و (منشورات الشريف الرضي سنة 1368 هـ ش) ص94 ووسائل الشيعة (ط مؤسسة آل البيت) ج14 ص511 و (ط دار الإسلامية) ج10 ص400 والمزار للشيخ المفيد ص24 و 141 والمزار لابن المشهدي ص338 و 359 وجامع أحاديث الشيعة ج12 ص544.

([25]) تهذيب الأحكام ج6 ص71 وبحار الأنوار ج57 ص160 وج86 ص89 وج98 ص111 و 114 وثواب الأعمال ص85 ومصباح المتهجد للطوسي ص509 وكامل الزيارات ص272 و (ط مؤسسة النشر الإسلامي سنة 1417هـ) ص456 و 472 ووسائل الشيعة (ط مؤسسة آل البيت) ج14 ص510 و 511 و (ط دار الإسلامية) ج10 ص399 ومستدرك الوسائل ج10 ص320 والمزار للشيخ المفيد ص140 والمزار لابن المشهدي ص359 وجامع أحاديث الشيعة ج12 ص545 ومستدرك سفينة البحار ج6 ص622.

([26]) كامل الزيارات ص264 ومستدرك الوسائل ج10 ص325 وبحار الأنوار ج28 ص59 وبحار الأنوار ج45 ص181 و 182       وج98 ص115 والعوالم، الإمام الحسين ص364 ومستدرك سفينة البحار ج6 ص183 وج9 ص87 وجامع أحاديث الشيعة ج12 ص440.

([27]) بحار الأنوار ج100 ص337 والنوادر للرواندي ص37 و (الطبعة الأولى ـ دار الحديث) ص183 ودعائم الإسلام ج1 ص129 وجامع أحاديث الشيعة ج21 ص79.

([28]) الكافي ج5 ص31 وج2 ص666 وتهذيب الأحكام ج6 ص140 و 141 ووسائل الشيعة (ط مؤسسة آل البيت) ج15 ص68 وج12 ص126 و (ط دار الإسلامية) ج11 ص50 وج8 ص487 وبحار الأنوار ج19 ص167 و 168 وجامع أحاديث الشيعة ج16 ص90 و 93 ومستدرك سفينة البحار ج2 ص127 وموسوعة أحاديث أهل البيت للنجفي ج2 ص323 وج9 ص134.

([29]) مستدرك الوسائل ج8 ص422 وجامع أحاديث الشيعة ج16 ص90 و 99 ومستدرك سفينة البحار ج2 ص128 ومكارم الأخلاق لابن أبي الدنيا (ط مكتبة القرآن للطبع والنشر والتوزيع ـ القاهرة) ص102 وبحار الأنوار ج73 = = ص154 والجامع الصغير للسيوطي ج1 ص573 وكنز العمال (ط مؤسسة الرسالة) ج9 ص52.

([30]) بحار الأنوار ج89 ص19 و 290 عن جامع الأخبار ص47 و 48 ومستدرك الوسائل ج4 ص236 وجامع أحاديث الشيعة ج15 ص7 ومعارج اليقين للسبزواري ص115 و 125 و 126 وكنز العمال (ط مؤسسة الرسالة) ج1 ص527 والجامع لأحكام القرآن ج15 ص2.

([31]) المحاسن (ط دار الكتب الإسلامية ـ طهران سنة 1370هـ) ج2 ص632 ومن لا يحضره الفقيه ج2 ص288 وبحار الأنوار ج61 ص204 والكافي ج6 ص539 ووسائل الشيعة (ط مؤسسة آل البيت) ج11 ص482 و 484 وج8 ص353 و 354 ومكارم الأخلاق للطبرسي ص263 وجامع أحاديث الشيعة ج16 ص866 ومستدرك سفينة البحار ج1 ص447.

([32]) المصنف لابن أبي شيبة ج4 ص640.

([33]) الآية 20 من سورة لقمان.

([34]) الآية 13 من سورة الجاثية.

([35]) الآيات 32 ـ 34 من سورة إبراهيم.

([36]) راجع هذه الرسالة في:  الخصال للشيخ الصدوق ج2 أبواب الخمسين، و (ط مركز النشر الإسلامي سنة 1403هـ) ص564 ـ 570 والأمـــالي للشـيـخ = = الصدوق ص451 ـ 457 ومن لا يحضره الفقيه ج2 ص618 ـ 625 وبحار الأنوار ج71 ص2 ـ 9.

([37]) ثواب الأعمال ص197 و 198 وراجع ص202 و 203 و (منشورات الشريف الرضي ـ قم) ص205 والمحاسن للبرقي ص91 و 92 و 168 و (ط دار الكتب الإسلامية ـ طهران سنة 1370هـ) ج1 ص91 و 92 وبحار الأنوار ج27 ص177 و 178 و 179 و 180 و 185 و 186 وج65 ص86 و 87 وج96 ص230 وجامع أحاديث الشيعة ج1 ص427 وج10 ص69 ووسائل الشيعة (ط مؤسسة آل البيت) ج1 ص122 و (ط دار الإسلامية) ج1 ص94 وتفسير العياشي ج2 ص234 وتفسير فرات ص223.

([38]) راجع: حياة الصحابة ج2 ص171 والطبقات الكبرى لابن سعد ج5 ص26 وتاريخ مدينة دمشق ج22 ص219.

([39]) حياة الصحابة ج3 ص171وكنز العمال ج4 ص282 و (ط مؤسسة الرسالة) ج8 ص410 عن البيقهي، والمجموع للنووي ج4 ص34 والمحلى لابن حزم ج3 ص140 وج4 ص202 والسنن الكبرى للبيهقي ج2 ص494 والمصنف للصنعاني ج3 ص152 وج4 ص258 والمصنف لابن أبي شيبة ج2 ص126 وفضائل الأوقات للبيهقي ص273 والثقات لابن حبان ج5 ص274 وتاريخ مدينة دمشق ج5 ص128 وتهذيب الكمال ج19 ص558.

([40]) راجع: التراتيب الإدارية ج1 ص73 والطبقات الكبرى لابن سعد ج3 ص281 والنص والإجتهاد ص253 وتاريخ الأمم والملوك ج3 ص277 والفصول المهمة في تأليف الأمة للسيد شرف الدين ص86.

([41]) راجع: دلائل الصدق ج3 ق2 ص79 والغدير ج6 ص219 وج8 ص130 عن صحيح البخاري (ط سنة 1372هـ) ج3 ص69 وسنن النسائي ج5 ص148 ومسند أحمد ج1 ص136 والسنن الكبرى للبيهقي ج4 ص352 وج5 ص22 ومسند أبي داود ص16 ومسند أبي يعلى ج1 ص342 وكنز العمال (ط مؤسسة الرسالة) ج5 ص160 وسير أعلام النبلاء ج21 ص409 والشفا للقاضي عياض ج2 ص14 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص278 والبداية والنهاية (ط دار إحياء التراث العربي ـ بيروت ـ لبنان) ج5 ص159 والمحلى لابن حزم ج4 ص270.

([42]) الكافي ج8 ص59 و 63 ووسائل الشيعة (ط مؤسسة آل البيت) ج8 ص46 و (ط دار الإسلامية) ج5 ص193 ومستدرك الوسائل ج6 ص217 ومصباح البلاغة (مستدرك نهج البلاغة) ج2 ص62 وج3 ص24 والإحتجاج ج1 ص393 وبحار الأنوار ج34 ص168 و 174 وج93 ص384 وجامع أحاديث الشيعة ج7 ص213 والإمام علي بن أبي طالب «عليه السلام» للهمداني ص735 وموسوعة أحاديث أهل البيت «عليهم السلام» للنجفي ج4 ص286.

([43]) راجع: شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج12 ص283 وج1 ص269 ونهج الحق ص289 والصراط المستقيم للبياضي ج1 ص26 وكتاب الأربعين للشيرازي ص562 والشافي في الإمامة ج4 ص219 وتقريب المعارف ص347 وإحقاق الحق (الأصل) ص244 و 247 وتلخيص الشافي ج4 ص58 وبحار الأنوار ج31 ص7 و (ط قديم) ج8 ص284 وجواهر الكلام ج21 ص337 وكشف القناع ص65 و 66 وكتاب سليم بن قيس (ط مؤسسة البعثة) ص126 وراجع: وسائل الشيعة (ط مؤسسة آل البيت) ج8 ص46 و ج5 ص192 وجامع أحاديث الشيعة ج7 ص212.

([44]) رجال المامقاني (ط قديم) ج2 ص83 وقاموس الرجال للتستري ج5 ص67.

([45]) تاريخ الأمم والملوك ج4 ص438 و (ط مؤسسة الأعلمي) ج 3 ص 459 والكامل في التاريخ ج3 ص196.

 
   
 
 

العودة إلى موقع الميزان