وكتب «عليه السلام» إلى عماله بعد قتل عثمان:
أما بعد..
فإنما أهلك من كان قبلكم: أنهم منعوا الناس الحق
فاشتروه، وأخذوهم بالباطل فاقتدوه([1]).
ونقول:
لاحظ ما يلي:
1 ـ
قال الشيخ محمد باقر المحمودي:
جملة:
«من كان قبلكم» فاعل لقوله: «أهلك»، ومفعوله محذوف، أي
أهلك الناسَ من كان قبلكم من الأمراء، من أجل أنهم منعوا حقوق الناس،
فاشترى الناس حقهم منهم بالرشا والأموال.
وروي:
«فاستروه» بالسين المهملة، بمعنى اختاروه، فالضمير راجع
إلى الأمراء والظلمة ـ لا إلى الناس ـ أي منعوا الناس حقهم من الأموال،
واختاروها لأنفسهم فاستأثروا بها([2]).
غير أننا نرى:
أن جملة «من كان قبلكم» في موقع المفعول به، وعبارة: أنهم منعوا الناس
هي الفاعل. أي أن منعهم الناس الحق هو الذي أهلك الحكام الذين كانوا في
الأمم السالفة، لأن هذا المنع قد تسبب بدفع الناس إلى الرشوة بالأموال
ليحصلوا على حقهم الذي منع عنهم.
2 ـ
وقال المحمودي أيضاً عن أخذ الأمراء الناس بالباطل: أي حملوا الناس على
الباطل فاقتدوا بهم، لأن الناس دائماً يحذون حذو الأمراء، لا سيما إذا
كانت رويتهم ملائمة لشهوات الناس([3]).
ونقول:
إن ما ذكره المحمودي هو أحد المفردات. وهناك معنى آخر
أظهر من هذا المعنى، وهو أنهم يفرضون عليهم الباطل بقوة سلطانهم، ثم
يصير ذلك الباطل سنة جارية فيهم، وعلى قاعدة: «الناس على دين ملوكهم».
3 ـ
إنه «عليه السلام» يريد تحذير الولاة الذين أرسلهم إلى البلاد من أن
يمنعوا الناس من حقوقهم، فإن ذلك من شأنه أن يفسد البلاد والعباد،
ويفقد الناس الثقة بحكامهم، ويزيد في شره الناس إلى الأموال، ولا يبقى
معيار ينتهي الناس إليه..
كما أن من يحصل على حقه بالرشوات، فإنه سيحصل على
الباطل بالرشوات أيضاً.
هذا عدا عن أن هذا الأسلوب يسقط الأخلاق والقيم عن
القيمة والتأثير، لتحل محلها أضدادها، وتتحكم رذائل الأخلاق، وينتهي
الأمر إلى استعمال الرشا، والوقوع في الفوضى، والاستغلال، وما إلى ذلك
ليصبح ذلك هو القيمة التي يقوم عليها بناء المجتمع، وهي في الحقيقة
السم القاتل لكل نبضات الحياة والقوة في المجتمع الإسلامي
قال علم الشيعة، وشيخ الشريعة محمد بن علي بن الحسين
قدس الله نفسه: حدثني محمد بن علي ماجيلويه رضي الله عنه، قال: حدثنا
محمد بن يحيى العطار، قال: حدثني سهل بن زياد الأدمي، عن يعقوب بن
يزيد، عن محمد بن إبراهيم النوفلي، رفعه إلى (الإمام الصادق) جعفر بن
محمد [«عليه السلام»]، أنه ذكر عن آبائه «عليهم السلام»: أن أمير
المؤمنين «عليه السلام» كتب إلى عماله:
أدقوا أقلامكم، وقاربوا بين سطوركم، واحذفوا عني
فضولكم، واقصدوا قصد المعاني، وإياكم والإكثار، فإن أموال المسلمين لا
تحتمل الإضرار([4]).
ونقول:
1 ـ
إن المطلوب من الكتاب هو إبلاغ المقاصد للمكتوب إليه بصورة صحيحة
وواضحة..
2 ـ
إن تدقيق الأقلام يفسح المجال لتصغير الأحرف، وتقليل المساحة التي
تحتاج الكلمات إليها لتتميز حروفها عن بعضها البعض. وهذا يقلل من مساحة
الرقعة التي يحتاج إليها في كتابة الرسائل. كما أنه يقلل كمية المداد
الذي يحتاج إليه في إبلاغ المقاصد..
3 ـ
إن المقاربة بين السطور تفيد في اختصار المساحة التي يحتاج إليها في
الكتابة..
4 ـ
إن حذف فضول الكلام يزيد في تقليل الكمية التي يحتاج إليها من المداد،
ومن مقدار الرق الذي يستفاد منه..
5 ـ
إنه إذا كانت أوامره «عليه السلام» لعماله قد بلغت هذه الحدود من
التدقيق، في شأن بيت المال.. وملاحقة حتى هذه الجزئيات التي لا يكاد
أحد يشعر بوجودها، فضلاً عن أن يشعر بخطرها، أو بضررها، وقد لا تخطر
على بال أحد سوى علي «عليه السلام»، فما بالك بجلائل الأمور، وما يكثر
الإبتلاء به والتعرض له من قضايا الناس، مما له ارتباط بالأموال، أو
بالأعراض أو الدماء، أو غير ذلك من المصالح، أو المفاسد التي تعرض
لحياة الناس..
ومما كان يكتبه «عليه السلام» إلى عماله، ما رواه
الكليني:
محمد بن يعقوب رضوان الله تعالى عليه، عن أبي علي
الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان، عن ابن مسكان، عن الحلبي،
عن أبي عبد الله [الإمام الصادق] «عليه السلام»، قال: كان أمير
المؤمنين «عليه السلام» يكتب إلى عماله:
لا تسخروا المسلمين، ومن سألكم غير الفريضة فقد اعتدى
فلا تعطوه.
[قال] وكان [«عليه السلام»] يكتب ويوصي بالفلاحين ـ وهم
الأكارون ـ خيراً([5]).
ونقول:
1 ـ
المقصود بغير الفريضة، ما كان يُفْرَضُ لآحاد المسلمين من بيت المال،
فمن طلب الزيادة عليها، فهو معتد، يريد أن يأكل مالاً لا يستحقه، ومن
دون مبرر، ومن يكون كذلك يستحق العقوبة بالحرمان على أقل تقدير.
2 ـ
تضمن هذا النص النهي عن سخرة المسلمين، بمعنى حملهم على العمل من دون
أجر، فإن عمل المسلم محترم عند الشارع، ولا يصح استلابه منه من دون
رضا، وطيب نفس.
وعمل السخرة يكرس الشعور بعدم الاحترام لدى العامل،
فتختل العلاقة بينه وبين من يسخره. وتصاب نظرة كل منهما إلى الآخر
بالتسمم، الذي يفقدها الكثير من حيويتها وفعاليتها.
3 ـ
إنه «عليه السلام» يكتب إلى عماله، ويوصيهم بالفلاحين خيراً. والفلاحون
هم المنتجون الحقيقيون بكل ما لهذه الكلمة من معنى، وفي جميع الأحوال،
وهم عصب أساسي في الحياة، لأن قوت المجتمع يتوقف في أكثره على ما
ينتجونه ويقدمونه.
أما الصناع وأصحاب الحرف، فإنهم يتصرفون غالباً في
منتجات الفلاحين، أو بما يستخرج من الأرض، من مواد خام، ويحولونها إلى
أدوات يستفيد منها الناس في مصالحهم ومعاشهم، بما فيهم الزارع والفلاح
أيضاً، وكذلك التجار..
فلا بد من حفظ هذا النوع من الناس، وهم من يعمل في
الأرض، يعمرها، ويزرعها، ويستخرج خيراتها، والعمل على تسيير أمورهم،
وتمكينهم من الاستمرار، لأن ضعفهم أو توقف حركتهم يؤدي إلى الإرتهان
للغير، ويمكنه من الإمساك بالشريان الحيوي، الذي يمد المجتمع بالحياة،
ويمكنه من البقاء والاستمرار..
كتابه
إلى حذيفة:
وقد كتب «عليه السلام» إلى عامله على المدائن يقول:
«بسم الله الرحمن الرحيم
من عبد الله علي أمير المؤمنين، إلى حذيفة بن اليمان،
سلام عليك.
أما بعد..
فإني وليتك ما كنت عليه لمن كان قبلي من حِرف المدائن([6])،
وقد جعلت إليك أعمال الخراج والرستاق، وجباية أهل الذمة، فاجمع إليك
ثقاتك ومن أحببت ممن ترضى دينه وأمانته، واستعن بهم على أعمالك، فإن
ذلك أعز إليك ولوليك، وأكبت لعدوك.
وإني آمرك بتقوى الله وطاعته في السر والعلانية، وأحذرك
عقابه في المغيب والمشهد.
وأتقدم إليك بالإحسان إلى المحسن، والشدة على المعاند،
وآمرك بالرفق في أمورك، واللين والعدل في رعيتك، فإنك مسؤول عن ذلك،
وإنصاف المظلوم، والعفو عن الناس، وحسن السيرة ما استطعت، فإن الله
يجزي المحسنين.
وآمرك أن تجبي خراج الأرضين على الحق والنصفة، ولا
تجاوز ما تقدمت به إليك، ولا تدع منه شيئاً، ولا تبدع فيه أمراً، ثم
اقسمه بين أهله بالسوية والعدل.
واخفض لرعيتك جناحك، وواس بينهم في مجلسك، وليكن القريب
والبعيد عندك في الحق سواء، واحكم بين الناس بالحق، وأقم فيهم بالقسط،
ولا تتبع الهوى، ولا تخف في الله لومة لائم، فإن الله مع الذين اتقوا
والذين هم محسنون.
وقد وجهت إليك كتاباً لتقرأه على أهل مملكتك، ليعلموا
رأينا فيهم وفي جميع المسلمين، فأحضرهم واقرأه عليهم، وخذ البيعة لنا
على الصغير والكبير منهم إن شاء الله تعالى»([7]).
ونقول:
في هذا الكتاب مواضع عديدة حبذا لو سنحت الفرصة للتوقف
عندها، غير أننا نقتصر منها هنا على نقطتين هما:
أمر «عليه السلام» حذيفة بن اليمان بالإستعانة على
أعماله بثقاته ومن أحب ممن يرضى دينه وأمانته. فإن ذلك أعز إليه
ولوليه، وأكبت لعدوه. ونستخلص من الكلمات اليسيرة هنا أموراً جليلة،
ومهمة وكبيرة، فنذكر منها:
1 ـ
أنه لا بد أن تراعى في من يراد الاستعانة به على الأمور خصوصيات
ومواصفات، أهمها: أن يكون من ثقات من يستعين به. ولا يصبح الإنسان عادة
من الثقات، إلا بعد العشرة الطويلة، والإختبار المتواصل.
فالمعيار عنده «عليه السلام» هو الوثاقة لا القرابة،
ولا الصداقة، ولا الغنى، ولا الوجاهة، ولا كونه ابن فلان الزعيم، أو
الرئيس، أو ما إلى ذلك..
2 ـ
ربما يستنفذ الإنسان جهد هذه الفئة من الناس في الأعمال المختلفة،
فيحتاج إلى توسعة دائرة الإستعانة إلى غيرهم، ففتح «عليه السلام» أمام
حذيفة باباً آخر يمكنه أن يلج منه محيط يجد فيه الكثير ممن يمكنه أن
يستعين بهم أيضاً، فأرشده إلى لزوم الاستفادة من طاقات وخبرات أولئك
الذين يمكنه أن يفحص عنهم ويكشف حالهم، إذا كانوا حائزين على صفتين:
أولاهما:
أن يرضى دينهم..
الثانية:
أن يرضى أمانتهم..
3 ـ
لم يشر أيضاً هنا إلى أية صفة أخرى، كالقرابة والصداقة،
والزعامة، والغنى، وما إلى ذلك، وإن كانت يمكن أن تلتقي أحياناً بهاتين
الصفتين، فيكون الصديق أو القريب، أو الغني، أو الرئيس، أو الزعيم من
أهل الدين والأمانة، من الثقات. ولكن المعيار هو هذه الخصوصيات، لا
تلك، لأن تلك قد تكون عبئاً على هذه، وعائقاً أمام فاعليتها.
4 ـ
كان يمكن أن يقتصر «عليه السلام» على قوله: «ومن ترضى دينه وأمانته»،
ولكنه لم يفعل ذلك، بل أضاف إليها كلمة: «من أحببت». وحاشا أمير
المؤمنين «عليه السلام» أن يريد للهوى، وللعلاقة الشخصية أن يكون لها
دور في اختيار الأعوان، بل أراد «عليه السلام» أن يجعل له الإختيار حين
يكثر هذا الصنف من الناس إلى حد يزيد عن حاجته، فأوكل أمر التعيين إلى
فراسته، وترجيحاته الشخصية، أو لبعض الإعتبارات التي قد يرى أنها
تريحه، أو تريح الناس أكثر. وإنما يعطيه هذا الخيار بعد التأكد من توفر
العنصرين الأساسيين، وهما: أن يرضى دينه، وأمانته حسبما تقدم.
5 ـ
ثم إنه «عليه السلام» بيَّن لحذيفة: أن العمل الجماعي، مع نخبة من
الثقات، ومن يكون مرضي الدين والأمانة.. سيكون من موجبات ازدياد العزة،
والشعور بالكرامة ومن موجبات كبت العدو، إذ سيسوؤه أن يرى أهل الدين
ممسكين بالأمور، ويهيمنون على مسارها، عاملين فيها وفق ما يفرضه الشرع
والدين، ويسعده أن يرى المفسدين، والظالمين وأهل الأهواء، وطلاب
اللبانات يعبثون بأمن الناس، ويضيعون مصالحهم، ويفسدون حياتهم.
وبعد أن أصدر «عليه السلام» لحذيفة أوامره المرتبطة
بجباية الخراج على الحق، والنصفة. وبعد أن قال: «..ولا تجاوز ما تقدمت
به إليك، ولا تدع منه شيئاً، ولا تبدع فيه أمراً».
فألزمه «عليه السلام» بما يلي:
1 ـ
ضرورة الإلتزام الحرفي بتوجيهات القيادة، والمنع الصارم من تجاوزها..
2 ـ
التطبيق الشامل، لجميع الأوامر الصادرة، بحيث لا يدع منها شيئاً.
3 ـ
لا يحق للعامل الإجتهاد وإعمال الرأي، بإضافة أي شيء إلى ما أمره به،
فإن الزيادة تعادل النقيصة في السوء والإفساد..
4 ـ
إن هذا يؤكد مفهوم الإنضباط في جميع المراتب، ولا يقتصر لزوم ذلك على
العامة، أو على الفئات في المراتب الدنيا، أو في شأن دون آخر..
5 ـ
إن الإلتزام بحرفية الأوامر يمكِّن القيادة العليا من اتخاذ القرارات
الصحيحة ما دام أن الواقع العيني ماثل أمامها، ولا يخفى عليها منه شيء.
ولو كان للعامل أن يجتهد ويزيد وينقص لامتنع على القائد
اتخاذ أي قرار، ولأضحت حركته مشلولة، يحتاج دائماً إلى حضور عماله،
ليعرف منهم حقيقة الأمور، ولعل في إعاقة أو تأخير اتخاذ القرارات الضرر
البالغ، والفساد العظيم..
قال العلامة المجلسي «رحمه الله»:
«روى أبو الحسن علي بن عبد الله بن محمد البكري، عن لوط
بن يحيى، عن أشياخه وأسلافه، قالوا:
لما توفي عثمان وبايع الناس أمير المؤمنين «عليه
السلام»، كان رجلٌ يُقال له: حبيب بن المنتجب والياً على بعض أطراف
اليمن من قبل عثمان، فأقره عليٌ «عليه السلام» على عمله، وكتب إليه
كتاباً يقولُ فيه:
«بسم الله الرحمن الرحيم.
من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى حبيب بن المنتجب.
سلامٌ عليك..
أما بعد، فإني أحمدُ الله الذي لا إله إلا هو، وأُصلي
على محمد عبده ورسوله. وبعد..
فإني وليتُك ما كنت عليه لمن كان من قبل. فامسك على
عملك، وإني أُوصيك بالعدل في رعيتك، والإحسان إلى أهل مملكتك.
واعلم أنَّ من وليِّ على رقاب عشرة من المسلمين ولم
يعدل بينهم، حشره الله يوم القيامة ويداهُ مغلولتان إلى عنقه، لا يفكها
إلا عدله في دار الدنيا.
فإذا ورد عليك كتابي هذا، فاقرأه على من قبلك من أهل
اليمن. وخذ لي البيعة على من حضرك من المسلمين؛ فإذا بايع القوم مثل
بيعة الرضوان فامكث في عملك، وأنفذ إليَّ منهم عشرة يكونون من
عقلائهم، وفصحائهم، وثقاتهم. ممن يكون أشدهم عوناً. من أهل الفهم.
والشجاعة عارفين بالله، عالمين بأديانهم، وما لهم وما عليهم، وأجودهم
رأياً.
وعليك وعليهم السلام.
وطوى الكتاب وختمه وأرسله مع أعرابي.
فلما وصل إليه قبله، ووضعه على عينيه ورأسه، فلما قرأه
صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه إلخ..»([8]).
ونقول:
تضمن هذا النص أموراً تحسن الإشارة إلى بعضها.. فلاحظ
ما يلي:
لقد أوصى «عليه السلام» عامله بأمرين:
أولهما:
العدل في رعيته.
الثاني:
الإحسان إلى أهل ممملكته.
وعلينا أن نُلاحظ ما يلي:
ألف:
إنَّه «عليه السلام» لم يستثن من العدل والإحسان أحداً،
ولم يخص أحداً بشيءٍ، مما يعني: أنَّ العدل والإحسان يجب أن يكونا
شاملين.
ب:
إنَّهُ «عليه السلام» أضاف العدل إلى الرعية، ليدل على
أن عدله هذا له منشأ واقعي يقتضيه، ويفرضه عليه، من حيث إنَّهُ حاكمٌ
وراعٍ لهم، وأنَّهم رعيةٌ له، فليس في هذا العدل تفضُل، كما أنَّهُ ليس
له خيار في منعه وبذله حين يشاء، بل هو واجبٌ لا بُد له من أن يؤديه.
ج:
إنَّهُ لا يُمكنُ استثناء أحد من هذا العدل، قَرُب أو بعد، أَحْسَنَ أم
أساء، صَغُر أم كبر، لأنَّ مقتضى العدل ـ وهو كونهم رعيته ـ قائمٌ
وفعليٌ في كل موردٍ، وفي كل إنسان.
د:
أما الإحسان، فأضافه «عليه السلام» إلى أهل المملكة. ولم يُميز فيه
أيضاً بين مسلمٍ وغيره، قريب أو بعيد، كبيرٍ أو صغيرٍ.
ولكنَّ الإحسان إنَّما يكونُ لمن يستحقه، فإن وجد مقتضي
الإحسان في موردٍ فقد صدر الأمرُ إليه مسبقاً من أمير المؤمنين «عليه
السلام» بأن يُبادر إلى العمل به. وإن لم يوجد مُقتضىٍ له، فلا يُطالب
به.
هـ:
إنَّ الأمر بالعدل يكونُ تأكيدياً، وحقاً للإنسان على كل إنسان، فيجب
على العامل، وعلى غيره: أن يعملوا بما يجب عليهم.
أما الأمر بالإحسان، فهو تأسيسي، أو
فقُل:
هو رفعٌ لمستوى الإقتضاء، من حد الإستحباب إلى حد الإلزام استناداً إلى
أمر الإمام نفسه.. إذ إنَّهُ حتى لو وُجد مقتضي الإحسان في موردٍ
فإنَّهُ لا يكفي للإلزام بالإستجابة له.
نعم.. يُستحبُ ذلك لمن أراد الإستزادة من الخير. فإذا
ألزمه الإمام بالعمل بما يتطلبه المُقتضي، صار العمل به واجباً عليه.
و:
ويؤكدُ هذا المعنى: أنَّهُ «عليه السلام» لم يتوعد ابن
المنتجب على عدم إحسانه، بل توعده على عدم عدله. كما أنَّ ما توعد به
هو العقوبة الإلهية في الآخرة.
أما العقوبة في الدنيا، فإنما هي أحكام شرعية،
ويتوقعونها حين تصدر منهم أية مخالفة تستوجب العقوبة، وهي لا تنحصر في
سنخ واحد من العقوبات، بل يكون لكل جرم عقوبة تناسبه، فلا حاجة إلى
التوعد والتهديد بها فضلاً عن ذكر أصنافها المختلفة باختلاف موجباتها.
ز:
ويلاحظ هنا: أنَّ العقوبة في الآخرة ـ وهي أن يأتي إلى المحشر ويداهُ
مغلولتان إلى عنقه ـ تتناسبُ مع ما فرط به في دار الدنيا، فإنَّ الرعية
تكونُ فاقدةً للاختيار لنفسها، ويكونُ راعيها هو الذي يختارُ لها. فقد
يختار لها الصالح، وقد يختار لها غير الصالح.. وهو ـ بحسب زعمه ـ قادرٌ
على أن يفعل بها ما يشاء. فإذا لم يعدل فيها فإنَّهُ يأتي يوم القيامة
أيضاً فاقداً للاختيار، غير قادرٍ على أي تصرفٍ، ويكونُ غيره هو الذي
يتحكم ويتصرف به.
ح:
أما الإحسان، فإنَّهُ حتى لو تم مقتضي تأثيره بواسطة أمر الإمام
والخليفة، في جعل الداعي لدى الوالي، فإنَّ مخالفته قد لا تقتضي
العقوبة في الدنيا، لأنَّ المخالفة تكونُ على أنحاءٍ، ولدوافع مُختلفة،
فلعل ذلك المأمور لا يرى لزوم طاعة أمثال هذه الأوامر، حتى لو صدرت من
الحاكم الذي ولاه، لأنَّه يرى أنها مجرد تكاليف شخصية، وأخلاقية لا ربط
لها في حفظ النظام. أي أنَّهُ يُعاني من قصورٍ في فهمه لمعنى الإمامة
والإمام، ومدى الارتباط به والإنقياد له.
وقد يكونُ أيضاً ممن لا يعتقد بالإمامة بمعناها
الاعتقادي والإيماني الذي فرضه الله تعالى عليه وعلى الناس، فيرى أنَّ
علياً «عليه السلام» حاكمٌ كسائر الحُكام الذين سبقوه، فيتعامل معه على
هذا الأساس.
فلعل الإمام علياً «عليه السلام» قد راعى هذا الجانب أو
ذاك في رسالته هذه لابن المنتجب.
وقد يكونُ عارفاً بالإمام والإمامة، ومُعتقداً بها
بالمستوى المطلوب، ولنفرض أنه يستحق العقوبة في الدنيا لمجرد مخالفته
أمر الإمام «عليه السلام»، فما المانع من أن يكون «عليه السلام» قد
أوكل الأمر إليه، ثقةً منهُ بحُسن اختياره، أو رفقاً به، أو لغير ذلك
من اعتبارات.
ط:
وقد أمر «عليه السلام» حبيب بن المنتجب: بأن يقرأ على الناس كتابه هذا،
ربما ليُعرفهم بحقوقهم هذه، ويفتح أمامهم أبواب المُطالبة بها، ولتكون
لديهم الجُرأة على أن يشكوا إليه لو قصَّر ذلك العامل في أداء هذه
الحقوق لهم.
وقد أظهرت هذه الرسالة:
أنَّ أمير المؤمنين «عليه السلام» كان يأخذ البيعة من الناس على حد
بيعة الرضوان التي بايع المُسلمون فيها رسول الله «صلى الله عليه وآله»
على نصرته، وقتال عدوه، وعلى أن يكونوا معه في العُسر واليُسر، في
المنشط والمكره، وهذه هي شروط بيعة الرضوان.
أما البيعة على منع رسول الله مما يمنعون منه أنفسهم..
فهي بيعة العقبة.
وأخذ البيعة من الناس على هذا الأمر، أي على النصرة
والقتال، لكي لا يدعي أحدٌ منهم بعد ذلك: أنَّهُ لو علم أنَّ الأمور
ستنتهي إلى الحرب والقتال، وخوض اللُجج، وبذل المُهج لم يُبايع، ولم
يدخل في هذا الأمر.
وأنَّ علياً «عليه السلام» قد استغل غفلتهم وسذاجتهم،
وأنَّهُ يُكلفهم أمراً لم يسبق أن التزموا به له.
ونلاحظ هنا ما يلي:
ألف:
أنه طلب
«عليه السلام»
من حبيب بن المُنتجب: أن يُوفد إليه عشرة تكونُ فيهم عشرُ صفاتٍ،
وسمات، هي التالية:
1 ـ
أن يكونوا من عُقلاء قومهم.
2 ـ
من نُصحائهم.
3 ـ
من ثقاتهم.
4 ـ
من أشدهم عوناً.
5 ـ
من أهل الفهم.
6 ـ
من أهل الشجاعة.
7 ـ
من العارفين بالله.
8 ـ
من العالمين بأديانهم.
9 ـ
من العالمين بما لهم وما عليهم.
10 ـ
من أجودهم رأياً.
ب:
نحسب أنَّهُ «عليه السلام» كان يرى: أنَّ إيفاد هؤلاء
العشرة، الذين لهم هذه السمات والصفات سيكونُ مُفيداً جداً في أكثر من
اتجاه، ويتضحُ المُراد بمُلاحظة ما يلي:
1 ـ
إنَّ هذه السمات والصفات هي صفاتُ أهل النباهة ونفوذ الكلمة والسيادة،
والذين يستحقون أن يكونوا رؤساء وقادة في عشائرهم ومُحيطهم.
2 ـ
إنَّ مُلاحظة الأوصاف العشرة التي طلب «عليه السلام» من عامله أن
يُراعيها في اختياره للأشخاص تعطي: أنَّهُ «عليه السلام» يُريد أن
يفهمهم: أنه يُهيء لأمرٍ عظيمٍ وهام يحتاج فيه لأمثال هؤلاء، وأنهم
سيكونون بحاجة فيه إلى الإعداد المُسبق، روحياً ونفسياً، وثقافياً،
وإيمانياً بنحوٍ يزيدُ من بصيرتهم ومعرفتهم للأمور. كما لا بد له من أن
يربط بينهم ليكونوا يداً واحدةً، ورأياً واحداً، حتى لا تضيع أو تتشتت
القوى بسبب تشتت الآراء، وتتباين التفسيرات لما يجري من أحوال، وتقع
بينهم الاختلافات في فهم الأمور، لأن الأمور ستكون حساسة ودقيقة،
يُحتاجُ فيها إلى الروية والتعقل، وعدم الانسياق وراء الانفعالات،
والعصبيات، وعدم الرعونة، ولا بد فيها من الابتعاد عن التسرع، وعن
الإستسلام إلى الميول غير المُستندة إلى روية وتأمل ودراسة مقبولة،
ومعقولة.
3 ـ
إنَّ هذه المواصفات قادرة على أن تُبين لهم معالم المُهمات التي ستوكل
إليهم، وطبيعة الأوضاع في المجالات التي سيواجهونها. وترسم لهم طريق
المُستقبل، وتعرفهم بمسؤولياتهم الكُبرى قبل أن يتحركوا من بلدهم في
مسيرهم إليه «عليه السلام».
4 ـ
لقد وصفَهُم بأنَّهُم عُقلاء الناس، مع علمنا بأنَّ
الحاجة إلى العُقلاء، إنَّما هي لمُعالجة الأُمور الصعبة، ومواجهة
الأمور المشكلة والحساسة، فكأنَّهُ بذلك قد أخبرهم بأنَّهُ يُريدهم
لأمرٍ عظيمٍ.
5 ـ
إنَّ مطلوبية الفصاحة في العشرة تُعطي: أنَّهم سيحتاجون إلى خُطبٍ
بليغةٍ: حماسية أو احتجاجية، وإلى قُدرات تعبيرية عالية، وبيانات قوية،
ومُقنعةٍ.
6 ـ
أما مطلوبية الوثاقة، فهي من البداهة بمكان، فإنَّ القضايا الحساسة
والأساسية لا يُمكنُ وضعها في أيدٍ غير أمينةٍ، أو خائنةٍ، لأنَّ ذلك
نقضٌ للغرض، وتعريضٌ للقضايا الكُبرى إلى خطر الضياع، ويكون من يفعل
ذلك كمن يسير إلى حتفه بظلفه.
7 ـ
واشتراط كونهم أشد المُسلمين عوناً.. يدل على أنَّ ما
سيُقدمون عليه ليس من الأُمور التي يقوم بها شخصٌ، أو فريقٌ، بل هو
أمرٌ هام، يحتاجُ إلى التعاضد والتعاون، وجمع القوى ورصد الإمكانات
الكبرى لإنجازه.
8 ـ
إنَّ التعبير بكلمة «أشد» في قوله «عليه السلام»: «أشدهم عوناً»، قد
يُشير إلى أنَّ هذا الأمر الذي سيواجهونه سيكونُ من أثقل الأمور،
وأعظمها مؤونة، وأنَّهُ لا يُمكنُ السيطرة عليه، والوصول إلى النتائج
الإيجابية فيه إلا ببذل أقصى الطاقات، وأعظم الإمكانات.
9 ـ
كما أنَّ التعبير هُنا بكلمة «عوناً» لعله يُشير إلى أنَّ المطلوب هو
المعونة بالنفس. إذ لو قال: «معونة» فلرُبما فُهم منه: أنَّ المطلوب هو
الإعانة المالية.
10 ـ
وقد ضم «عليه السلام» صفة الفهم إلى صفة كونهم عُقلاء، ليُعرِّفهم:
أنَّ الأمور ستكون من الدقة بحيث تحتاج إلى فهم دقيق لجزئياتها
وإيحاءاتها، ومراميها، ودلالاتها، وإشاراتها، ودوافعها.
وملكةُ الفهم هذه هي التي تُهيء للعقول المرتكزات التي
تنتزع منها الكليات والمعاني العامة، وتضع أمامها العناصر المختلفة
التي تتكون منها الخيارات المطلوب تدوالها والموازنة بينها، وتُعطي
النتائج المتوافقة مع المصالح والمفاسد الكُبرى، وفق ضوابط الشرع
والدين، والحكمة، وما تقضى به العقول.
وبعبارةٍ أوضح:
إنَّ الفهم يرتبطُ بالجُزئيات. فإذا فُهمت، وعرف مغزاها ومعناها، فإنه
يُنتزعُ من مجموعها معنى أو مفهومٌ كليٌ، يُعرضُ على العقل والعُقلاء،
وربما تعرض عليه بعض مفردات لخيارات عملية يتخيل أنها تفيد في
المعالجة. فيعرف العقل منها ما هو حسن وما هو قبيح، ويوازن بين مصالحه
ومفاسده، وقد يُقارن بينه وبين غيره في ذلك. فيعطي نتائجه النهائية
بتحديده الصالح والفاسد، والأفسد والأصلح.
كما أنَّ أهل الفُهّم هم الذين يتولون تحديد التطبيقات
العملية للحلول والمُعالجات التي تُلقى إليهم على صورة ضوابط أوامر،
عامة وكُلية.
11 ـ
أما صفةُ الشجاعة، فإنَّما يحتاجُ إليها في الإقدام
والإحجام في الأمور الجسام، المحفوفة بالمخاطر، والمُحتاجة إلى
التضحيات.
12 ـ
والمعرفة بالله تعالى، تضع هؤلاء الأشخاص أمام مهمات وأعمال خطيرة،
تقعُ في دائرة الرضا والسخط الإلهي. والعارفُ بالله تعالى، هو الذي
ينقادُ له، ويتوخى ما يُرضيه، ويتجنبُ ما يُسخطُهُ.
13 ـ
أما الشرط والصفة الثامنة التي أراد «عليه السلام» أن تتوفر في أولئك
العشرة؛ فهي أن يكونوا من العالمين بأديانهم.. ويبدو لنا: أنَّ المُراد
هو المعرفة بما يعم الشريعة، والشؤون الإيمانية، والعقائدية، والقيم
والمفاهيم العامة التي ينبغي أن تحكُم سلوك الأفراد، وتُهيمنُ على
مواقفهم.
وهذا يُشير إلى أنَّ المُهمات التي يُريدهم «عليه
السلام» لها تحتاج إلى هذه المعرفة، وليست أعمالاً عادية، ولا هي أنشطة
دنيوية أو معيشية، أو ما إلى ذلك.
14 ـ
أما العلم بما لهم وما عليهم، فيُشيرُ لهم إلى أنَّ الأمور تعنيهم
بأشخاصهم، وتُرتِبُ عليهم أعمالاً لا ينوب عنهم بها سواهم. فليس لهم أن
يتوانوا عنها، وأن يُفرطوا بها.
كما أنَّ لهم حقوقاً جعلها اللهُ تعالى لهم كسائر
الناس. وقد يستدرج لهم جهدهم وجهادهم حقوقاً تُضافُ إليها.. فلا بُد
لهم من معرفة حدود ما لهم فلا يتجاوزوه، ولا يطلبوا ما ليس لهم بحق.
فإنَّ ذلك من موجبات اختلال الأحوال، وتطرق الفساد إلى الكثير من
المواقع التي لا يجوز أن تتعرض لذلك.
15 ـ
وكانت آخر صفة أراد «عليه السلام» أن تتوفر في أولئك العشرة هي: جودة
الرأي في أقصى مدى ممكن، فطلب أن يكونوا الأجود رأياً..
وقد يتخيلُ البعضُ:
أنَّ الحديث عن العقل والعُقلاء، والفهم وأهل الفهم كان يكفي عن
التصريح مرة أُخرى بأنَّهُ يُريدُ الأجود رأياً..
ونُجيب:
بأنَّ الفهم كما قدمنا يرتبط بإدراك المعاني الجزئية
التي لها مساس بما هو موضوع الإهتمام والرصد.
وبعد انتزاع المفهوم العام من تلك الجزئيات، وتحديد
دلالاتها وإيحاءاتها ودوافعها وغير ذلك مما هو موضع الإهتمام، وبعد وضع
اقتراحات عملية للتعاطي مع ذلك الواقع، فإنَّ العُقلاء هم الذين
يصنفونها بعقولهم إلى صالحٍ وفاسد، وصحيحٍ وسقيمٍ، وحسنٍ وقبيح، وما
إلى ذلك من معانٍ يكونُ للعقول فيها مجالٌ، فيقولون: الإقدامُ راجحٌ أو
مرجوحٌ، أو حسنٌ أو قبيحٌ، وما إلى ذلك.
ورُبما احتاج الأمرُ إلى مستوى عالٍ من التفكير
لاستنباط الحلول الناجعة، أو ابتكار وخلق أساليب قد يكونُ بعضُها لم
يخطر على قلب الناس العاديين، فيحتاج إلى ذوي الفهم، والآراء الجيدة
ليكونوا هُم الذين يستنبطونها ويبتكرونها.
فكان لا بد من ذكر الأمور الثلاثة، لأجل بيان الحاجة
إلى هذه الخصوصيات المختلفة.
([1])
نهج البلاغة ج3 ص138 (بشرح عبده) قسم الكتب، الكتاب رقم 79
وبحار الأنوار ج33 ص487 ونهج السعادة ج4 ص29 وشرح نهج البلاغة
للمعتزلي ج18 ص77 وموسوعة أحاديث أهل البيت للنجفي ج12 ص59.
([2])
نهج السعادة ج4 هامش ص39.
([3])
نهج السعادة ج4 هامش ص39.
([4])
راجع: الخصال ج1 ص49 و (ط أخرى) ص310 وبحار الأنوار ج41 ص105
وج73 ص49 وج101 ص275 ومستدرك نهج البلاغة ص111 = = ووسائل
الشيعة (ط مؤسسة آل البيت) ج17 ص404 و (ط دار الإسلامية) ج12
ص299 وجامع أحاديث الشيعة ج18 ص9 ومستدرك سفينة البحار ج3 ص132
والإمام علي بن أبي طالب للهمداني ص667 ونهج السعادة ج4 ص30.
([5])
الكافي ج5 ص284 وذيله رواه الحميري في قرب الإسناد ص64 وتهذيب
الأحكام ج7 ص154 ووسائل الشيعة (ط مؤسسة آل البيت) ج19 ص62 و
(ط دار الإسلامية) ج13 ص216 وجامع أحاديث الشيعة ج18 ص459
وموسوعة أحاديث أهل البيت للنجفي ج1 ص302 ونهج السعادة ج4 ص31
وراجع: مستدرك الوسائل ج13 ص472 وبحار الأنوار ج100 ص172.
([6])
هو جمع الحرف ـ كفلس ـ وهو من كل شيء طرفه وشفيره وحده وأعلاه،
ومنه حرف الجبل: أعلاه المحدد.
([7])
الدرجات الرفيعة ص288 و 289 ومصباح البلاغة (مستدرك نهج
البلاغة) ج4 ص95 و 96 وبحار الأنوار ج28 ص86 ـ 88 ونهج السعادة
ج4 ص19 ـ 21 ومستدرك نهج البلاغة ص117 وإرشاد القلوب للديلمي
ج2 ص117 ومستدرك الوسائل ـ كتاب الجهاد ـ ج2 ص260 و (ط مؤسسة
آل البيت) ج11 ص92 عن الديلمي، وجامع أحاديث الشيعة ج13 ص201 و
202.
([8])
بحار الأنوار ج42 ص259.
|