صفحة :179-208   

بـدايـة:

وبعد.. فقد كان ما تقدم مناقشة سريعة وموجزة للنص الأول لخطبة البيان.

وثمة نصَّان آخران للخطبة نجد فيهما المزيد من المؤاخذات ومواطن الضعف.. نرى لزاماً علينا الإشارة إلى بعض منها، مع تحرّي الاختصار، والاقتصار على ما هو أقرب تناولاً، وأقل مؤونة، لكي نوفّر على القارئ، وعلى أنفسنا، المزيد من الوقت، والجهد، ليصرف ـ من ثم ـ فيما هو أهم، ونفعه أعم.

نقول هذا.. مع قناعتنا الأكيدة بأن بعض ما ذكرناه ونذكره من مؤاخذات ونقاط ضعف كاف وواف في وضع علامة استفهام كبيرة وخطيرة حول هذه الخطبة المزعومة:

فإلى ما يلي من صفحات، والله ولي التوفيق.

ملاحظات قبل الشروع:

إننا بالنسبة للنص الثاني لخطبة البيان نلاحظ:

1 ـ أنه يختلف كثيراً عن النص الأول والثالث، وإن كان ربما يجد الباحث بعض ما هو مشترك فيما بينها.. ولعل الاختلاف فيما بين الأولين، والأخير أبين وأظهر، كما يعلم بالمراجعة والمقارنة..

2 ـ وغنيّ عن البيان هنا: أن المفروض هو أن يكون الذي صدر عن أمير المؤمنين «عليه السلام» ـ لو كان ثمة ما صدر عنه ـ هو أحد هذه النصوص الثلاثة لا جميعها.

وذلك يعني: أن النصين الآخرين إما مكذوبان من الأساس، أو أنهما قد حُرفا تحريفاً، شنيعاً وقبيحاً، بلغ حد النسخ والمسخ، ولم يعد ثمة ما يوجب أدنى درجة للوثوق بهما.

3 ـ «وإذا كانت النصوص الثلاثة تشترك في نقاط أساسية في الضعف والوهن، كما هي تشترك في بعض فقراتها وملامحها، فإن تكرار بعض ما نذكره من وجوه الضعف يصبح أمراً واقعاً، لابد منه..

ولكننا آثرنا أن نكتفي بذكره في السابق، وعدم إعادته في اللاحق اعتماداً على تنبُّه القارئ، والتفاته، ودقة ملاحظته، وجميل صبره وأناته..

وبذلك نكون قد احترزنا عن تكرار المطالب، مع التزامنا بالإشارة إلى مواضع بعض الفقرات في الموارد التي تتكرر فيها النصوص فليلاحظ ذلك.

ولنتجه بصحبة القارئ نحو التعرف على سائر ما أحببنا إيراده من نقاط ضعف؛ ما هي إلا بعض من كلٍ، وغيض من فيض، مما حفلت به هذه الخطبة المدّعاة..

شخصيات لم تكن على قيد الحياة:

فأول ما نشير إليه من نقاط الضعف في هذه الرواية: أنها قد تحدثت عن وجود بعض الشخصيات حين إلقاء تلك الخطبة، وذلك مثل:

ألف: سويد بن نوفل الهلالي:

وقد تقدم الكلام عنه في النص السابق([1]).

ب: سلمان الفارسي:

تقول الرواية:

«قال سلمان: ثم إن مولانا علي بن أبي طالب التفت يميناً وشمالاً الخ»([2]).

ونقول:

أولاً: إن من المعلوم: أن سلمان الفارسي قد توفي سنة 34ﻫ . ق. قبل تولّي علي «عليه السلام» للخلافة. وقبل وفاته «عليه السلام» بست سنين، فإن أمير المؤمنين «عليه السلام» قد توفي في سنة أربعين.

والمفروض:

أن هذه الخطبة قد خطبها «عليه السلام» حينما دنا أجله، وكانت آخر خطبة له «عليه السلام». حسبما صرحت به الرواية نفسها كما تقدم.. وتكون قد حصلت بعد موت سلمان بخمس أو ست سنين.

ج: المقداد بن الأسود:

تقول الرواية:

«فقام إليه المقداد بن الأسود الكندي، وقال: يا مولاي، أقسمت عليك الخ..» ([3]).

وإذا كان المقداد قد توفي في سنة 33 هـ . ق، فإن ما قدمناه آنفاً حول سلمان هو بعينه آت هنا.

القسم بالهيكل:

يقول النص:

«فقام المقداد بن الأسود الكندي، وقال: يا مولاي، أقسمت عليك بالهيكل العاصم»([4]).

والظاهر: أن المقصود هو هيكل سليمان، المقدس عند اليهود، والذي يحلمون بالكشف عنه.

وعليه.. فهل يعقل أن يُقسِم عليه المقداد رحمه الله بقسم اليهود، ولا يُقسِم عليه بالله سبحانه، ولا بنبيّه الأكرم، أو أي شيء آخر يقدسه المسلمون؟!.

ولماذا لم يعترض عليه علي «عليه السلام» لأجل هذا القسم العجيب الغريب؟!

وما معنى كون الهيكل عاصماً؟! فإن كان المقصود: أن له حرمة، وأنه موضع أمن، فإن المسجد الحرام، والحرم المكي أعظم حرمة، وأكثر أمناً من الهيكل، ومن كل مكان آخر في الدنيا.

الكوفة.. وسرير سليمان:

ولعل من المناسب إلفات النظر هنا إلى بعض الملامح الإسرائيلية الظاهرة في خطبة البيان..

فعدا ما ذكرناه من القسم بالهيكل، المقدس عند اليهود، وسائر ما ورد من فقرات في النصوص الثلاثة للخطبة، فإنه بعد ذكره للأشخاص الذين يولّيهم الإمام المهدي «عجل الله فرجه»، قال:

«.. ويسير نحو الكوفة، وينزل على سرير النبي سليمان، ويعلّق الطير على رأسه، ويتختم بخاتمه الأعظم، وبيمينه عصا موسى، وجليسه روح الأمين، وعيسى بن مريم»([5]).

ونقول:

أولاً: لا ندري ما ربط الكوفة بسرير النبي سليمان، فهل سرير النبي سليمان موجود في الكوفة، أم أنه في بيت المقدس حسبما يزعمون؟.

والرواية إنما تتحدث عن أنه توجه من مكة نحو الكوفة.

وثانياً: إننا لا نعرف الشيء الكثير عن خاتم سليمان الأعظم. وما هو السر الذي في سرير النبي سليمان. وكيف يعلق الطير على رأسه، وبيمينه عصا موسى، فهل المقصود هو إعطاء المقدسات اليهودية الدور الفاعل، وترسيخها في عقائد المسلمين؟!.

أنا شعر الزبرقان:

وكما افتخر في النص السابق بكونه شعر الزبرقان، فإنه فعل نفس الشيء في هذا النص أيضاً، حيث قال:

«أنا شعر الزبرقان»([6]).

وأمثال هذه الافتخارات الباردة، والتي هي أشبه بألاعيب الأطفال كثيرة جداً في الخطبة.

طلوع الشمس من مغربها:

ويقول النص المتقدم: « وتطلع الشمس من الغرب، هناك ينادي مناد من السماء: اظهر يا ولي الله إلى الأحياء. وسمعه أهل المشرق والمغرب ».

ويلاحظ هنا: بأن الروايات تدل على أن طلوع الشمس من مغربها إنما يكون من جملة اشراط الساعة، فراجع([7]).

القياس محق للدين:

وقد ورد في الخطبة المذكورة العبارة التالية:

«ويشرق شريعة المختار بعد ظلمائها، ويظهر تأويل التنزيل، كما أراد الأزل القديم، يهدي إلى صراط مستقيم، وتكشف الغطاء عن أعين الأثماء، ويشيد القياس الخ..» ([8]).

ونقول:

إنه عدا عما في العبارة من إشكالات تعبيرية، فإننا نشير إلى ما يلي:

أولاً: إن من الثابت بالأدلة القاطعة، بطلان القياس من الأساس، وقد أدان الأئمة في المناسبات المختلفة العمل به، واعتبروه محقاً للدين والشريعة، فكيف يتصور تشييد القياس على عهد الإمام المهدي، حينما يشرق شريعة المختار؟.

ثانياً: لو صح العمل بالقياس، وبغيره من الأدلة الاجتهادية، فإنما يصح، ويحتاج إليه في غير عصر الظهور، وأما فيه، فإنه «عليه السلام» مصدر النص، وهو المطلع والعارف بأحكام الله تعالى في متن الواقع، ولسوف يحكم في الناس بالأحكام الواقعية، التي تلقاها من آبائه، عن جده، عن جبرائيل، عن الله تعالى، فلا يحتاج هو «عليه السلام» إلى الرأي والقياس والاجتهاد.

ولا يحتاج، بل لا يجوز لغيره العمل به ولا يحق لأحد الاجتهاد في حضوره المبارك عليه الصلاة والسلام. بل لابد للجميع من الرجوع إليه، والأخذ منه، والاعتماد عليه.

يغفلون فيكررون:

وقد ذكر النص الثاني لخطبة البيان: أسماء عدد من الأشخاص سيتولون جزاير الكراديس، وهم: إسماعيل بن جعفر، ويعقوب بن مشرف، وغيلان بن الحسين، وموسى بن حارث. وهم من مشارق العراق.

ثم ذكر أن هؤلاء أنفسهم سيتولون حبشة وأقاليم المراقش، وهم من الكوفة!!

وهذا يشير إلى أن الذي كان يتصرف، ويزيد وينقص لم يكن على درجة كافية من النباهة والالتفات.

الغلو والارتفاع:

وهناك ما يدعى أنه يتّسم بالغلو، والارتفاع، ولا يمكن تأويله أصلاً، أو يحتاج تخريجه إلى وجه بعيد قد لا يفهمه أكثر الناس، بل يظنون أنه لا ينسجم مع ظاهر الكلام، فلاحظ الفقرات التالية:

«أنا واضع الشريعة»([9]).

إن هذا التعبير مشعر بالاستغراق لجميع أحكامها، وهو غير مقبول على إطلاقه، وإن كان له «عليه السلام» حق التشريع. راجع كتابنا: الولاية التشريعية.

«أنا سبب الأسباب»([10]). إلا إذا قصد به معنى آخر غير ما يسبق إلى الذهن للوهلة الأولى.

«أنا جوهر القدم».

كما أن العبارات التالية لا يمكن قبولها إلا بتأويل خاص.. أو إذا قلنا: إن ذلك كله مما أوكله الله تعالى إليه لتدبيره، أو جعله «عليه السلام» من جملة أسبابه.

«أنا سائق الرعد».

«أنا زاجر البحر، أنا قسطاس القصر».

«أنا صاحب الجديدين».

«أنا مفجر الأنهار، أنا معذب الثمار».

«أنا مفيض الفرات».

«أنا علانية المعبود».

«أنا الظاهر مع الأنبياء، أنا ولي الأنبياء»([11]).

«أنا مورق العود».

«أنا واضع الأحقاف».

«أنا مكنون الحجاب».

«أنا آلاء الرحمن».

«أنا جانب الطور، أنا باطن الصور».

«أنا حجاب الغفور».

«أنا ذرماج العرش، أنا ظهير الفرش، أنا شديد القوى»([12]).

أنا صاحب الإيلاف:

بقي أن نشير إلى أن وصفه لنفسه بقوله:

«أنا صاحب الإيلاف»([13]).

فإننا لم ندرك له معنى مقبولاً، ولعله إشارة إلى قوله تعالى: ﴿لإِيلاَفِ قُرَيْشٍ * إِيلاَفِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ﴾ السورة..

فكيف يكون هو «عليه السلام» صاحب ألفة قريش لرحلتيها في الصيف، والشتاء!.

وهل تحتاج هذه الألفة إلى صاحب؟!.

إلا أن يكون المقصود: أنه هو «الله» ـ والعياذ بالله ـ لكونه قد ألهم قريشاً هاتين الرحلتين، وجعلها تألفهما، وذلك من أجل أن يكون ذلك سبباً في أن يطعمهم من جوع، وأن يؤمنهم من خوف.

فإن كان المقصود هو ذلك، فإنه الكفر الصراح، والخروج عن الدين، والعياذ بالله.

عقيدة الحلول، أم وحدة الوجود:

وهناك عبارات كثيرة يصف فيها نفسه بأنه هو ثعبان الكليم، وجناح البراق، وما إلى ذلك. ولم نستطع تحديد وجهة نظره التي برّرت اعتبار نفسه هذا أو ذاك، أو ذلك، فهل: إن ذلك على سبيل الحلول، أم إنه قائل بوحدة الوجود؟ أم ماذا؟! وإذا كان يقول بوحدة الوجود، فلماذا اختصت هذه الأوصاف به دون سواه؟!

ونذكر من ذلك النماذج التالية:

«أنا سمندل الأفلاك».

«أنا البرق اللموع، أنا السقف المرفوع».

«أنا قمر السرطان، أنا شعر الزبرقان، أنا أسد الشّرة، أنا سعد الزهرة، أنا مشتري الكواكب، أنا زحل الثواقب».

«أنا حمل الإكليل، أنا عطارد التفصيل».

«أنا مريخ القرآن، أنا عيوق الميزان».

«أنا جناح البراق».

«أنا زاجر البحر، أنا قسطاس القطر».

«أنا نخلة الجليل، أنا آية بني إسرائيل».

«أنا جانب الطور، أنا باطن الصور».

«أنا ثعبان الكليم».

«أنا يافث الكشف».

«أنا شيث البراهمة، أنا يافث الأراكمة، أنا كون المفارق، أنا سروخ الجماهرة، أنا أزهور البطارق، أنا بطرس الروم، أنا هرقل الكرامة، أنا سيد الأشموس، أنا حقيق الآري، أنا عرعدن الكرهي، أنا شبير الترك، أنا شملاص الشرك، أنا إجثيا الزنج، أنا جرجس الفرنج، أنا بتريك الحبش، أنا لكوع الوجش، أنا مورق العود، أنا كمرد الهنود».

«أنا زركم العلان، أنا برسوم الروس، أنا كركس السدوس، أنا شملة الحطاء».

«أنا خاتم الأعاجم، أنا ذربيس الخطاء، أنا دوسار البراجم، أنا أبرياء الزبور».

«أنا أبرياء التوراة».

«أنا مؤمن رضاع عيسى».

«أنا در فلاح الفرس».

«أنا ذرماج العرش»([14]).

«أنا عين الأعيان».. «أنا لحظ اللواحظ».. «أنا أمر الصلصال».. «أنا هيولى النجوم»..([15]).

وثمة فقرات أخرى على هذا المنوال، فمن شاء فليراجعها..

فقرات تكررت:

وقد لوحظ هنا: أن بعض الفقرات قد تكررت بعينها، أو بمعناها في نفس الخطبة وذلك مثل:

ألف: قوله: «أنا رجال الأعراف».

فقد تكررت في النص الثاني بعين لفظها([16]).

ب: قوله: «وينتقم من أهل الفتوى في الدين لما يعلمون، فتعساً لهم، ولأتباعهم، أكان الدين ناقصاً فتمموه؟!».

إلى أن قال في نفس المورد: «أم الدين لم يكمل على عهده فكملوه، وتمموه»([17]).

فيلاحظ: أن العبارتين ترجعان إلى معنى واحد بلا مبرر ظاهر.

ج: «أنا مفرج الكرب، أنا سيد العرب، أنا كاشف الكربات»([18]).

فنجد: أن الفقرة الأولى والأخيرة بمعنى واحد تقريباً.

الفارسية لماذا؟:

وكما وردت كلمة فارسية في النص الأول، وهي كلمة «كيوان» التي هي اسم زحل بالفارسية، فإن هذه الكلمة نفسها قد وردت في هذا النص أيضاً، حينما ضاقت به الجمل ونسي الكلمة العربية وهي «زحل»، فالتجأ إلى الفارسية.

فقال: «أنا كيوان المكان»([19]).

كلمات لم نجدها في اللغة:

ومن الكلمات التي لم نجدها في اللغة:

«تاحم» في قوله: «وتاحم الكفر عند العناق»([20]).

«الزخارخ» في قوله: «وظهرت الزخارخ المدفية»([21]).

«الوابث» في قوله: «عجم الوابث»([22]).

«اللزار» في قوله: «وعطل اللزار»([23]).

 

«الإلحاذ» في قوله: «نفذ الإلحاذ»([24]).

واحتمال أن تكون كلمة الإلحاذ بالدال المهملة، لا يناسبه سياق السجع الذي تلتزم به هذه الخطبة المزعومة.

«ندند» في قوله: «ندند الديجور».

«هجرم» في قوله: «تهجرم السايخ».

«نصال» في قوله: «ونصال الباذخ»([25]).

«ضبضب الفرص»([26]). لم نجده في كتب اللغة.

«يفرؤون» في قوله: «يفرؤون الحصون».

«الجابث» في قوله: «يابن الجبان الجابث».

إلا أن يكون تصحيف: الحانث.

«الرويسان» في قوله: «يلحون الرويسان»([27]).

«يقدمهم إلى الشام وهو مدحش».

«الزخارج المدفية».

«وهدم سواحل الروم البزح».

«امتحق في الزجف أكثرهم».

«وخربت متاحر القيعان».

مخالفات لقوانين النحو والإعراب:

وفي هذا النص الثاني أيضاً ـ كما هو الحال في النص الأول ـ مخالفات عديدة لقواعد النحو والإعراب. وذلك مثل:

قوله: «وشاع ما كان مكتوم»([28]).

والصحيح: مكتوماً لأنها خبر كان. لكن السجع إنما اقتضى الرفع، فالتزم به. فهل يرى: أن السجع يعامل معاملة الضرورات الشعرية، أم ماذا؟!

«يظهر، وله من العمر أربعين عاماً»([29]).

والصحيح: أربعون، كما هو واضح..

«يفرقون الحليسان، ويلحون الرويسان»([30]).

فكلمتا «الحليسان والرويسان» إن كانتا قد جاءتا على سبيل التشبيه فيجب أن تكونا بالياء، لا بالألف، لأن المثنى ينصب بالياء.

وإن كانتا قد جاءتا على خلاف ذلك، أي ليستا تثنية حليس ورويس، فمن الواضح: أنه ليس ثمة اشتقاق يتناسب مع أي من المعاني التي يمكن أن تراد من هاتين الكلمتين، بملاحظة معنى ما أسند إليهما.

كلمات تحتاج إلى [أل]:

ومن الكلمات التي تحتاج إلى إضافة كلمة [أل] نذكر:

«الدرجة العليا وطيب عناصرها».

«أنا دوحة الأصلية».

«أنا فخار الأفخر».

«أنا فاروق الأعظم».

«أنا عهد المعهود»([31]).

فكلمة: دوحة، وفخار، وفاروق، وعهد، تحتاج إلى [أل] كما هو ظاهر.

«أنا بقيد بيت المعمور»([32]).

فكلمة بيت تحتاج إلى [أل] أيضاً.

كلمات لا تحتاج إلى [أل]:

«أنا باب الحطة»([33]) والأصح بدون أل.

«وساهم الزحل»([34]) ولا تدخل أل على زحل لأنه علم، كما أن معنى العبارة لم يتضح لنا.

تراكيب واشتقاقات غير سليمة:

ونجد فيها كذلك اشتقاقات لا تصح، وليس لها أصل في اللغة العربية، وذلك مثل:

قوله: «وأهجم الرايث»([35]).

وليس أهجم من اشتقاقات هذا اللفظ، كما يعلم بالمراجعة.

قوله: «عجعجت الولاة».

وليس لفظ «عجعجت»([36])، من الاشتقاقات الصحيحة أيضاً.

«وتظلم بالشقاق الأظاليم»([37]).

فإن الأظاليم جمع إظليم، أو أظلومة، وليس هذا في اللغة العربية.

«أنا بقيد بيت المعمور»، فإن إضافة كلمة بقيد تفسد المعنى بالكلية.

«أنا قطر الديجور»([38]).

فهل للديجور« قطر؟! ([39]).

«فإذا أتاهم الحين الأوجر»([40]).

فكلمة «الأوجر» ليست من الاشتقاقات الصحيحة فيما نعهده لهذه الكلمة من أصول ومواد.

«أنا طبا الأرماس»([41]).

فالطباء هو الخليقة والطبيعة، ولكن إسناده إلى الأرماس قد جاء غير واضح، بعد أن لم نجد في اللغة ما يناسب اشتقاق كلمة الأرماس، بحيث يصح إسناد الطبا إليه.

«أم عليَّ يتعرض المتعرضون»([42]).

فإن الأصح هو أن يقول: أم لي يتعرض، وقد قدمنا ذلك.

«ولظت الدفاع»([43]).

فبالإضافة إلى أنه لا معنى لإسناد كلمة «لظ» إلى الدفاع، لا معنى أيضاً لإدخال تاء التأنيث عليها، وذلك ظاهر.

«وأن بعيان ذل الخسران متجر تاجرها، وهدر عن لسان الشيطان بقبول نقم([44]) طائرها، والتثم أكام الإحجام بزخرف الشقايق مكر ماكرها»([45]).

فإن تراكيب هذه الجمل في منتهى السقوط، وهي بهذيان المجانين أشبه منها بكلام عقلاء الآدميين.

«أنا جون الشوامس»([46]) فإن كلمة جون تطلق على الأبيض والأسود، وتطلق على النهار، فلا معنى ـ والحالة هذه ـ لإضافتها إلى كلمة الشوامس، التي هي جمع شامس والشامس من الأيام، ذو الشمس، ومن الخيل الذي يمنع ظهره، جمع شوامس.

«أنا ناسخ المرى»([47]) فهل المرى تنسخ أيضاً.

«أنا رجال الأعراف»([48]).

«أنا أبرياء الزبور».

«أنا متون الرضاع».

 

«أنا أبرياء التوراة»([49]).

فإن جعل نفسه «وهو مفرد»، رجالاً، وأبرياء ومتوناً بصيغة الجمع، ليس له وجه ظاهر وسليم فيما نرى.

«أنا أسمل القذى»([50]).

فهل المقصود: أنه يُبلي القذى؟! فإن أسمل بمعنى بلي وأخلق.

وإذا كان كذلك، فما معنى كونه يبلي القذى، الذي هو التراب المدقق، أو ما يقع في العين فيؤذيها، أو أي معنى آخر له.

وما معنى عصيان الكظم في قوله: «وعصت الكظم»([51]).

فإن الكظم هو الفم أو الحلق، أو مجرى النفس، أو مصدر كظم غيظه، بمعنى حبسه، وكل ذلك لا معنى لنسبة العصيان إليه.

«واستنشق الأدم»([52]) فإن الأدم هو القبر. والتمر البرني. والبشرة. واسم لجمع الأديم. وما يؤتدم به، وغير ذلك. وكل ذلك ليس مما يمكن استنشاقه.

«وأثم باللص الأثم»([53]).

فإذا كان لهذا الكلام أصل، فإن حذف باء الجر، يصبح هو السبيل الوحيد لتحصيل الحد الأدنى من الانسجام.

«تأود الأود»، «وهاط الهياط».

«ونكص الهرب»([54]).

«وقرض القارض، ولحظ اللاحظ، ولمظ اللامظ».

«ويكدحون الجزاير، ويقدمون العشاير»([55]).

فإنه لا معنى لنكوص الهرب، كما لا معنى لتأود وانحناء الأود، الذي هو الانحناء أيضاً، أو هو الكد والتعب. ولا لهياط الهياط، الذي هو الضجيج.

كما لا معنى لسائر العبارات التي ذكرناها آنفاً فليلاحظ ذلك.

«وعظ الشاظظ»([56]). فإن الشاظظ مأخوذ من شظ بمعنى: أنعظ، فكيف يتصور أن يعظ المنعظ، وما هو المبرر للتكلم حول المنعظ ـ وهو من تنتشر آلته التناسلية استعداداً للنكاح ـ في سياق علامات الظهور، وأحداث آخر الزمان؟!

«وكثكث المحيص»([57]). والمحيص هو المفرَّ والمهرب، فما معنى لأن يصبح المفرّ والمهرب كث اللحية؟!

فهل للمفر والمهرب لحية أصلاً؟!.

«وشبع الكربال»([58]) الكربال: مندف القطن، وما تغربل به الحنطة، فلا معنى لنسبة الشبع إليه على كلا التقديرين؟!

إلا أن يقال: إنها إسنادات مجازية، واستعارات. وقد شاع هذا النحو من الاستعمال في اللغة العربية.

ونقول: إنها ـ على أي حال ـ ليست من المجازات التي يستسيغها الطبع، ويأنس بها الذوق، بل يمجها، ويرفضها، وينبو عنها، كما هو ظاهر لا يخفى.

«وضبضب الغرص»([59]).

«وكفكف الترويح، وحدحد البلوغ»([60]) ولم نجد كلمة الترويح فيما بين أيدينا من كتب اللغة، ولا عرفنا وجهاً مستساغاً لاشتقاقها من أراح، أو غيره مما يحتوي على مادة «روح».

والحدحد هو القصير. ولم نتمكن من إدراك معنى لنسبة هذا الأمر إلى البلوغ..

«أنا لحظ اللواحظ»([61]) لم نفهم كيف يكون كذلك؟!.

«وانكشف الأنام مظهرهم»([62]).

فليلاحظ ركاكة هذا التعبير، وعدم سلامته من الناحية التركيبية.

«ووهدت الأصرار».

حيث لم نعثر على اشتقاق كلمة أصرار في كتب اللغة، ولا وجدنا لها معنى يتناسب مع نسبة: وهدت، إليها.

«وأوجس الفند»([63]).

فإن الفند سواء أكان هو الجبل، أم كان هو الخرق، أم العجز، أم كفران النعمة، أم أي معنى آخر، فإنه لا يتناسب مع كلمة أوجس كما هو ظاهر.

«وساهم الزحل، وبينه الثول، وأقل الفرار، ومنع الوحار، وأبت الأقدار، ومنع الوجار»([64]).

فإن كلمة «وبينه الثول»: لا تتناسب مع الفقرة السابقة عليها، واللاحقة لها لاسيما وأن المراد بالثول هو الحمق.

كما أن كلمة «وأقل الفرار» لم يفهم لها معنى واضح.

والوجار: جحر الضبع، أو حفرة السيل، فهل المراد: أن الضبع يمنع الناس من الاقتراب من وجاره وجحره؟!

أم أن المراد، المنع من وجر الناس، أي جعل الوجور وهو «الدواء» في أفواههم.

وأما الوحار، فهل هو جمرة الوحرة، التي هي دويبة سامة، كسام أبرص.

فما معنى المنع منها يا ترى؟!

أم أن المراد بها: القصيرة من الإبل، فيراد المنع من ركوبها، أو من أكل لحمها؟! أم المراد بها الامرأة الحمراء القصيرة، أو السوداء الدميمة؟!

وعلى جميع التقادير، ما هو الربط بينها وبين إسناد المنع إليها؟! إلا إن كان المراد المنع من الزواج منها؟!

«وانكشف الأنام مظهرهم».

الهذيان غير المفهوم:

قد مرّ معنا آنفاً الكثير من الكلمات والعبارات غير الواضحة، وغير المفهومة، ونضيف إليها على سبيل المثال لا الحصر، ما يلي:

«أنا طبا الأرماس».

«أنا ناسح المرى».

«أنا فخار الأفخر».

«أنا مرهوب الشذى، أنا أسمل القذى.. أنا أنفث النافث».

«واستنشق الأدم، وعصت الكظم»([65]).

«وإن بعيان ذل الخسران متجر تاجرها، وهدر عن لسان الشيطان بقبول نقم طائرها، والتثم أكام لجام الإحجام بزخرف الشقايق مكر ماكرها»([66]).

«وتأود الأود».

«وأوجس الفند».

«ومجت الأمواج، وخفت العجاج».

«وأردحت المنون».

«وشاط الشطاط، وهاط الهياط، وامتط العلاط، وعجز المطاع، ولظت الدفاع».

«وامتزج النفاف»([67]).

«أنا غفران الشرطين، أنا ميزان البطين».

«وعجم الوابث، ووهدت الأصرار، ومجست الأفكار، وعطل اللزار».

وتقول الرواية أيضاً:

«وقرض القارض، ولحظ اللاحظ، وعظ الشاظظ «الشاقط»، وتلاحم الشذاذ، ونفذ الالحاذ، وعز النفاذ، وعجت الفلاة، وسبسب الغلاة، وجعجع الولاة، وبخست المقلاة، ونصال الباذخ، ووهم الناسخ، وتهجرم السايخ، ولعج النافخ».

«وضخب الغرص».

«وأنجد العيص، وأراع القنيص، وكثر القميص، وكثكث المحيص».

«وشبع الكربال».

«وساهم الشحيح، وقهقر الجريح، وأمعن الفصيح، واخرنطم الصحيح، وكفكف التروع، وحدحد البلوغ، وتفتق المربوغ، وتكتك المولوغ، وفدفد الموعور، وندند الديجور، وأزر المأزور، وانكب المستور وعبس العبوس، وكسكس الهموس».

«وجرسم الأنيق».

«وحد الحدود، ومد المدود».

«وساهم الزحل، وبينه الثول، وأقل الفرار، ومنع الوحار، وأبت الأقدار، ومنع الوجار».

«فيكدحون الجزاير، ويقدحون العشاير».

«ويحدثون الكيسان».

«ويفرقون الحليسان، ويلحون الرويسان».

«ويفرؤون الحصون»([68]).

«أنا نصب الآمل، أنا عامل العوامل»([69]).

«أنا علامة الطلاق».

«أنا ضياح البراق».

«أنا تبيان البيان»([70]).

«غيطل العساعس»([71]).

وقد ذكرنا غير مرة: أننا إنما نذكر أمثلة وجيزة، ولسنا بصدد الاستقصاء، ولا تتبع كل ما في نصوص هذه الخطبة من أخطاء ومشكلات، لأننا لو أردنا ذلك لاحتجنا إلى وقت طويل، وتأليف مستقل..


([1]) إلزام الناصب ص205.

([2]) إلزام الناصب ص204.

([3]) إلزام الناصب ص205.

([4]) إلزام الناصب ص205.

([5]) إلزام الناصب ص 208.

([6]) إلزام الناصب ص204.

([7]) بحار الأنوار ج6 ص313 و 312 و 304 و 303 والخصال ج2 ص60 و 61 وعن صحيح مسلم ج8 ص179.

([8]) إلزام الناصب ص208.

([9]) إلزام الناصب ص205.

([10]) إلزام الناصب ص204.

([11]) إلزام الناصب ص204.

([12]) إلزام الناصب ص205.

([13]) إلزام الناصب ص204.

([14]) الفقرات المتقدمة توجد في إلزام الناصب ص204.

([15]) الفقرات المتقدمة توجد في إلزام الناصب ص205.

([16]) راجع: إلزام الناصب ص204 و 205.

([17]) إلزام الناصب ص208.

([18]) إلزام الناصب ص205.

([19]) إلزام الناصب ص204.

([20]) إلزام الناصب ص206.

([21]) إلزام الناصب ص206.

([22]) إلزام الناصب ص204.

([23]) إلزام الناصب ص204.

([24]) إلزام الناصب ص204.

([25]) الفقرات المتقدمة في المصدر السابق.

([26]) المصدر السابق.

([27]) راجع الفقرات الثلاث المتقدمة في إلزام الناصب ص204.

([28]) إلزام الناصب ص206.

([29]) إلزام الناصب ص209.

([30]) إلزام الناصب ص204.

([31]) الفقرات المتقدمة توجد في إلزام الناصب ص205.

([32]) إلزام الناصب ص204.

([33]) إلزام الناصب ص205.

([34]) إلزام الناصب ص204.

([35]) إلزام الناصب ص209.

([36]) إلزام الناصب ص209.

([37]) إلزام الناصب ص206.

([38]) إلزام الناصب ص204.

([39]) إلزام الناصب ص204.

([40]) إلزام الناصب ص206.

([41]) إلزام الناصب ص205.

([42]) إلزام الناصب ص205.

([43]) إلزام الناصب ص203.

([44]) ولعل الصحيح: نغم.

([45]) إلزام الناصب ص203.

([46]) إلزام الناصب ص204.

([47]) إلزام الناصب ص205.

([48]) إلزام الناصب ص205.

([49]) راجع: إلزام الناصب ص204 تجد الفقرات الآنفة الذكر.

([50]) إلزام الناصب ص205.

([51]) إلزام الناصب ص205.

([52]) إلزام الناصب ص205.

([53]) إلزام الناصب ص206.

([54]) راجع إلزام الناصب ص203 تجد الفقرات المتقدمة..

([55]) راجع إلزام الناصب ص204 تجد الفقرات المتقدمة..

([56]) إلزام الناصب ص204.

([57]) إلزام الناصب ص204.

([58]) إلزام الناصب ص204.

([59]) إلزام الناصب ص204.

([60]) إلزام الناصب ص204.

([61]) إلزام الناصب ص205.

([62]) إلزام الناصب ص206.

([63]) إلزام الناصب ص204.

([64]) إلزام الناصب ص204.

([65]) إلزام الناصب ص205.

([66]) إلزام الناصب ص205.

([67]) إلزام الناصب ص203.

([68]) جميع الفقرات المتقدمة متناثرة في ص204 من كتاب إلزام الناصب.

([69]) إلزام الناصب ص204.

([70]) إلزام الناصب ص205.

([71]) إلزام الناصب ص204.

 
   
 
 

العودة إلى موقع الميزان