صفحة : 131-170  

الفصل الرابع: علي وفضائل الرسول : دلالات، وتوضيحات..

 

بـدايـة:

إن النصوص المتقدمة في الفصل السابق، وإن كانت في نفسها غنية عن البيان، والإيضاح، ولكننا بسبب بعدنا عن عصر النص، وعدم إلمامنا بكثير من الأمور وملابساتها، بالاضافة إلى قلة معرفتنا بالضوابط والحقائق التي ينبغي لنا أن نعرفها.. وضآلة اطلاعنا على خصائص ومفردات لغتنا ـ إن كل ذلك ـ جعلنا بحاجة إلى المزيد من التوضيح والبيان لكثير من الأمور التي تضمنها أو أشار إليها هذا النص كما هو الحال في غيره من النصوص أيضاً.

فمن أجل أن نقترب من وعي المضامين التي وردت في الفصل السابق نقول، ونتوكل على خير مأمول ومسؤول..

إيضاحات للعلامة المجلسي:

ذكر العلامة المجلسي «رحمه الله» الإيضاحات التالية:

المقة بكسر الميم: المحبة.

والتهافت: التساقط.

والشيح بالكسر: نبت تنبت بالبادية.

قوله «صلوات الله عليه»: (ومراتع البقع) البقع بالضم جمع الأبقع، وهو ما خالط بياضه لون آخر. ولعل المراد الغراب الأبقع، فإنه يفر من الناس ويرتع في البوادي. ويحتمل أن يكون في الأصل البقيع أو لفظ آخر، والظاهر: أن فيه تصحيفاً.

قوله: «بحجب ثلاثة»: لعل المراد: البطن، والرحم، والمشيمة. حيث أخفى حمله عن نمرود. أو في الغار بثلاثة حجب، أو أحدها عند الحمل، والثاني في الغار، والثالث في النار.

والمقمح: الغاض بصره بعد رفع رأسه، واختلف في تفسير الآية فقيل: مثل ضربه الله تعالى للمشركين في إعراضهم عن الحق، فمثلهم كمثل رجل غلت يداه إلى عنقه لا يمكنه أن يبسطهما إلى خير، ورجل طامح برأسه لا يبصر موطئ قدميه.

وقيل: إن المعني بذلك ناس من قريش هموا بقتل النبي «صلى الله عليه وآله» فصاروا هكذا، وهذا الخبر يدل على الأخير.

والسبع الطوال: على المشهور، من البقرة إلى الأعراف، والسابعة سورة يونس، أو الأنفال وبراءة جميعاً، لأنهما سورة واحدة عند بعض.

والمراد هنا ما يبقى عند إسقاط البقرة والمائدة وبراءة.

وقوله: «والقرآن العظيم» أريد به بقية القرآن، أو المراد به الفاتحة أيضاً.

وقوله: «وأعطي الكتاب» إشارة إلى البقية.

قوله «عليه السلام»: «في هذا الاسم»: يحتمل أن يكون المعنى أن اسمه «صلى الله عليه وآله» يدل أن الله تعالى ألقى محبته على العباد، لدلالته على كونه محموداً في السماء والأرض.

أو يكون المراد بالاسم الذكر، فكثيراً ما يطلق عليه مجازاً.

أو أن قوله: «إذتم» في قوة البدل من الاسم، والحاصل أنه من الذي يشركه في أن لا يتم الشهادة لله بالوحدانية إلا بذكر اسمه والشهادة له بالنبوة.

كل هذا إذا قرئ (من) بالفتح، ويمكن أن يقرأ بالكسر، فيوجه بأحد الوجهين الأخيرين.

والنبل: السهام العربية. ويقال: رشت السهم: إذا ألزقت عليه الريش.

والشظية: الفلقة من العصا ونحوها. والأكحل: عرق في اليد يفصد.

قوله: (وروي) الظاهر: أنه كلام الطبرسي «رحمه الله» أدخله بين الخبر.

قوله: أن يبعجوا بفتح العين أي أن يشقوا. والشدخ: كسر الشيء الأجوف، أي شدخت رأسه به. ويقال: فغر فاه، أي فتحه.

قوله: «وحتى التفت خواصر الخيل» أي جنبتاها من شدة العطش.

قوله «عليه السلام»: «وجعلها غاراً» يدل على أنه «صلى الله عليه وآله» ليلة الغار أحدث الغار ودخل فيه ولم يكن ثمة غار، و أما صخرة بيت المقدس فكان ليلة المعراج.

وأما قوله: «قد رأينا ذلك والتمسناه تحت رايته». أي رأينا تحت رايته «عليه الصلاة والسلام» أمثال ذلك كثيراً، والمراد بالراية العلامة، أي رأى بعض الصحابة ذلك تحت علامته في بيت المقدس.

ويلوح لي أن فيه تصحيفاً، وكان في الأصل «وجعلها هاراً» فيكون إشارة إلى ما سيأتي في أبواب معجزاته «صلى الله عليه وآله» أنّ في غزوة الأحزاب بلغوا إلى أرض صلبة لا تعمل فيها المعاول، فصبّ «صلى الله عليه وآله» عليها ماء فصارت هائرة متساقطة، فقوله: «قد رأينا ذلك» إشارة إلى هذا.

وقال الجزري: فيه: «إنه كان يصلي ولجوفه أزيز كأزيز المرجل من البكاء» أي خنين من الجوف بالخاء المعجمة وهو صوت البكاء، وقيل: هو أن يجيش جوفه ويغلي بالبكاء انتهى..([1]).

والمرجل كمنبر: القدر.

والأثافيّ: الأحجار يوضع عليها القدر.

والرفرف: ثياب خضر يتخذ منها المحابس وتبسط، وكسر الخباء، وجوانب الدرع. وما تدلى منها، وما تدلى من أغصان الأيكة([2]).

وفضول المحابس، والفرش، وكل ما فضل فثنى والفراش، ذكرها الفيروزآبادي.

قوله «عليه السلام»: «فكان فيما أوحى إليه». لعل المعنى: أنه كانت تلك الآية فيما أوحى الله إليه قبل تلك الليلة ليتأتى تبليغها أمته وقبولهم لها، فيكون ذكرها لبيان سبب ما أوحى «صلى الله عليه وآله» في هذا الوقت.

ويحتمل: أن يكون التبليغ إلى أمير المؤمنين «عليه السلام» من ذلك المكان في تلك الليلة قبل الوصول إلى ساق العرش.

ويحتمل: أن يكون التبليغ بعد النزول ويكون قوله: «فلما رأى الله تعالى منهم القبول» أي علم الله منهم أنهم سيقبلونها. والأول أظهر. والثبور: الهلاك والخسران.

قوله «عليه السلام»: «من الأحجة»: جمع حجيج بمعنى مقيم الحجة على مذهبه، وفي بعض النسخ: من الأجنحة، أي الرؤساء، أواسم قبيلة منهم. قوله «عليه السلام»: «وشي». أي بعد ما كان مشوياً مطبوخاً. ومؤتة بضم الميم وسكون الهمزة وفتح التاء: إسم موضع قتل فيه جعفر بن أبي طالب، وستأتي قصته وكيف أخبر النبي «صلى الله عليه وآله» عن شهادته وغيرها، والفئام بالكسر مهموزاً: الجماعة الكثيرة كما ذكره اللغويون، وقد فسر في بعض أخبارنا بمائة ألف.

قوله «عليه السلام»: «مع ما وطئ له من البلاد» على بناء المجهول من باب التفعيل، أي مهد وذلل ويسر له فتحها والاستيلاء عليها، من قولهم: فراش وطيء أي لا يؤذي جنب النائم.

قوله «عليه السلام»: «جلت» معترضة ثنائية، أي جلت عظمته عن البيان، والأظهر أنه كان في الأصل «حيث قال» فصحف، وكذا الأظهر أن قوله: «نفس» تصحيف نعت أو وصف.

انتهى كلام العلامة المجلسي «رحمه الله».

ونضيف نحن إلى ما تقدم، ما يلي:

معنى سجود الإعتراف والرحمة:

تقدم: أن علياً أمير المؤمنين «عليه السلام» ذكر أن السجود لآدم «عليه السلام» كان سجود اعتراف لآدم بالفضيلة.

ونقول:

إن أفضلية آدم على الملائكة لا تعني عدم أفضلية غيره عليهم..

كما أن رحمة الله لآدم لا تمنع من رحمته لغيره بمثل ما رحمه به، أو بما هو أزيد منه..

وإنما كان هذا السجود رحمة من الله لآدم، لأن الملائكة يعرفون فضله، وأن عليهم أن يكونوا معه وإلى جانبه في كل ما ينوبه. لأنه موضع عناية الله ورعايته، ولولا هذا الأمر بالسجود لكان آدم بالنسبة إليهم كأي موجود آخر، لا يجدون فيه ما يعنيهم أمره، ولا يجدون الدافع لإحاطته باهتمامهم..

أما صلاة الله وملائكته على رسول الله «صلى الله عليه وآله» وتعبد المؤمنين بالصلاة عليه، ففيه تشريف وتكريم، وتبجيل وتعظيم، ابتدأه الله تعالى به، ليبين فضله، ويظهر مقامه..

خطيئة آدم:

أما الحديث عن خطيئة آدم، وذنبه، فقد أوضحنا المراد منه في كتابنا الموسوم بـ: براءة آدم «عليه السلام».

وقلنا: إن هذا الذي جرى كان فضيلة لآدم.. فإنه قد طلب نيل أعلى مراتب القرب الإلهي.. ولم يدر أنه غير قادر على نيلها، وقد اصطفاه الله وحباه بالنبوة بعد هذا الذي جرى له، لأنه «عليه السلام» قد نجح في الامتحان. فهو إنما خالف صورة الأمر ولم يخالف أمراً مولوياً فيه جرأة على الله تعالى. ولكنه أراد أن يصل إلى مقام عظيم من القرب والزلفى، وإذ به عجز عن الوصول إليه..

أما آية: ﴿لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ. فقد دلنا: أن المقصود هو ما رآه المشركون ذنباً لرسول الله «صلى الله عليه وآله».. مع أنه كان أعظم درجات الطاعة لله، وغاية التضحية في سبيله سبحانه..

ولأجل ذلك حباه الله تعالى بأعظم الكرامات، وكافأه عليه بأنأن فتح له فتحاً مبيناً. فدلنا ذلك على أنه لم يكن ذنباً بالمعنى يستحق عليه العقوبة، فإن من يذنب ويتمرد على مولاه، لا يكافئه بهذا العطاء العظيم..

هل يتصرف النبي من عند نفسه:

وذكر «عليه السلام» أن جبريل «عليه السلام» جاء إلى النبي «صلى الله عليه وآله» بتحفة من الجنة، وهي جام فيه طعام: «فهم أن يناولها بعض أصحابه، فتناولها جبريل «عليه السلام»..». وأخبره أنها لا تصلح إلا لنبي، أو وصي نبي.

فيرد سؤال:

إن أخذ جبريل للتحفة حين همَّ النبي «صلى الله عليه وآله» أن يناولها بعض أصحابه، يدل على أن تصرف النبي «صلى الله عليه وآله» كان في غير محله، بل كان خطأ، مع أنه «صلى الله عليه وآله» معصوم من الخطأ!!

ويمكن أن يجاب:

بأن عصمته «صلى الله عليه وآله» عن الخطأ وكونه لا ينطق ولا يفعل إلا بدلالة إلهية يدلنا على أنه «صلى الله عليه وآله» كان مأموراً بهذه المناولة. كما كان جبرائيل مأموراً بأخذها منه توطئة وتمهيداً لإظهار هذه الخصوصية لأهل البيت، وهي أنهم أوصياء لرسول الله وأن لهم ميزات حباهم الله بها لأجل هذه الخصوصية بالذات.

فيكون هذا الحدث بمثابة نص آخر على إمامتهم، وعلى خصوصيتهم وامتيازهم على الخلق أجمعين.. وإعلان بفاقدية غيرهم لهذه الخصوصيات والميزات.

الرقة والشفقة.. أم القسوة والشدة؟!:

1 ـ وحين ذكر «عليه السلام»: مشاهدة نوح غرق قومه قال: إنه رق عليهم رقة القرابة، وأظهر عليهم شفقة، وقال: ﴿رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي.

وأما النبي «صلى الله عليه وآله»، فإنه شهر سيف النقمة على قومه المعاندين، ولم تدركه رقة القرابة..

فيرد سؤال: ألا يتنافى هذا مع قوله تعالى لنبيه «صلى الله عليه وآله»:﴿فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ﴾؟!([3]).

أو قوله: ﴿فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آَثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً([4]).

ويجاب:

بالنسبة لابنه نقول:

أولاً: لعل ابن نوح كان يخفي عن ابيه انحرافه، ويظهر له الإيمان والصلاح، فكشف الله تعالى له في هذا المقام، فسلم ورضي ولم يعترض.

ثانياً: لعله كان عالماً بانحراف ابنه، ولكنه أراد أن يسمع الناس أن غرقه لم يكن إخلالاً بالوعد الإلهي، بل كان لأجل استحقاقه الهلاك، ولأنه لم يكن مشمولاً للوعد، فإن الوعد إنما بإنجاء أهله المؤمنين دون سواهم.

وأما بالنسبة لعاطفة نوح على قومه، فنقول:

لعل تحسره عليهم كان قبل ظهور استحقاقهم لنزول العذاب بسبب طغيانهم وعنادهم، وجحودهم، وعدوانهم على من آمن، فهو من قبيل قوله تعالى: ﴿فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ([5]).

ثانياً: إن حسرة النبي «صلى الله عليه وآله» وأسفه على قومه لم تكن لأجل هلاكهم وموتهم، أو لمصيبة حلت بهم، بل كانت حسرته في الآية الأولى لأجل ضلالهم، فهي تقول: ﴿أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآَهُ حَسَناً فَإِنَّ اللهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ.

والآية الثانية بينت: أن سبب أسفه وحزنه «صلى الله عليه وآله» عليهم، هو عدم إيمانهم بهذا الحديث ـ وهو الإسلام ـ الذي جاءهم به من عند الله تعالى..

فلا مانع من الجمع بين الأمرين في موردين مختلفين غير متناقضين ولا متضادين، بل يناسب كل منهما الحالة الخاصة به.

2 ـ قد يقال: إن ما ذكر من رقة النبي نوح على قومه لأجل القرابة، وإظهار الشفقة على ابنه لا يمكن قبوله.. لأن الأنبياء لا يشفقون على الكفرة، ولو كانوا من أقربائهم..

ونجيب أيضاً:

بأن الخلجات والانفعالات غير الإرادية ليست مورداً للتكليف، ولا تنافي العصمة، ما لم تتحول إلى نية وعزم، وإرادة وتخطيط، وحركة وعمل. وهذا هو ما تعرض له نوح، ولكنه في مجال النية والإرادة، وفي المجال العملي لم يخرج عن دائرة الطاعة والرضا الإلهي..

ولعل هذا هو الفرق بين نبينا وسائر الأنبياء والمعصومين، فإنه «صلى الله عليه وآله» مصون حتى من مثل هذه الخلجات والانفعالات والمشاعر، فإنها وإن لم تكن إرادية بالنسبة لسائر الأنبياء، ولكنها بالنسبة إليه «صلى الله عليه وآله» كانت إرادية، يتحكم بها كيف يشاء ويهيمن على ذاته، ويوجهها كيفما أراد، ويجعلها كلها تصب في الرضا الإلهي. ليرتفع بها مقامه على مقامات سائر الأنبياء الذين لم يصلوا إلى هذه الدرجة.

وهذا ما أشار إليه «عليه السلام»، ولم يكن غرضه الطعن في عصمة نوح «عليه السلام».

كيف رضي اليهودي باحتجاجات علي ؟!:

وقد يتعجب الناظر في هذا الحوار، وهو يرى علياً «عليه السلام» يؤكد عظمة نبينا، وتقدمه على سائر الأنبياء بالاعتماد على روايات يتداولها المسلمون، ولا يعترف بها اليهود.

وقد يزداد عجبه وهو يرى اليهودي يصدق بما يخبره به «عليه السلام»، ولا يناقش فيه..

ولكن الحقيقة هي:

ألف: إن اليهودي نفسه لا يملك إلا روايات ونُقولٍ لا قيمة لها في مجال الإثبات إلا إذا اعترف له بها المسلمون، من خلال ما بلغهم من الوحي الإلهي على لسان نبيهم.

ب: إن ما يستدل به «عليه السلام» ليس مجرد روايات وأخبار آحاد لا يعرفها غير المسلمين، بل هو يستدل بوقائع رآها وعرفها القريب والبعيد، والذكي والغبي، والمسلم وغير المسلم.

وكان اليهود يعيشون بين المسلمين، ويشاهدون الكثير الكثير منها. كما أنه بإمكانهم التأكد من صحة ما يسمعونه من المسلمين أو من المشركين، لأن النبي «صلى الله عليه وآله» بينهم، ولا توجد حواجز تمنعهم من الوصول إليه، والسؤال والطلب منهم أن يريهم ما سمعوه..

ج: إنهم لم يكونوا بحاجة إلى تأكيد صحة ما يبلغهم عن النبي «صلى الله عليه وآله» عن طريق المنافقين والمشركين الذين هم أيضاً كاليهود من أشد الناس عداوة للذين آمنوا.. وكان كل همهم هو طمس معالم هذا الدين، والقضاء على رموزه، واستئصال كل من يؤمن به، وينسب نفسه إليه..

د: إنما صارت هذه الوقائع روايات، تقبل أسانيدها أو ترد بعد مرور الأحقاب والأزمان. وانشغال أكثر الناس بما هو خارج هذا النطاق، وبعد أن صرفوا نظرهم عن تداول كرامات وفضائل رسول الله «صلى الله عليه وآله»، وأهل بيته، خدمة منهم لأهداف الحكام الذين لم يكن رفع ذكر رسول الله «صلى الله عليه وآله» يروق لهم..

وقد بدأت هذه السياسة الظالمة للحق والحقيقة في وقت مبكر، بصورة تخفى وتظهر بأنحاء ومستويات مختلفة، ومتفاوتة..

ثم جاء معاوية بعد ذلك وأعلن بل أقسم على أن يدفن ذكر النبي «صلى الله عليه وآله» وقال: «لا والله إلا دفناً دفنا»([6]).

يقظة إبراهيم ومحمد على التوحيد:

وذكر النص المتقدم في الفصل السابق: أنه «عليه السلام» قال: إن يقظة إبراهيم على معرفة الله تعالى كانت وهو ابن خمس عشرة سنة. أما يقظة نبينا على ذلك فكانت ـ وهو ابن سبع سنين.

والسؤال هنا: إن هذا ينافي القول: بأنه «صلى الله عليه وآله» كان نبياً منذ صغره، بل ورد عنه «صلى الله عليه وآله» أنه قال: «كنت نبياً وآدم بين الماء والطين»، أو «بين الروح والجسد»([7]).. فما هو الحل؟!

وهل لم يكن إبراهيم «عليه السلام» يعرف الله قبل الخامسة عشرة، وكذلك نبينا الأعظم قبل سن السابعة؟!

ونجيب:

بأنه «عليه السلام» إنما يتحدث عن زمان جهر إبراهيم ومحمد «صلى الله عليهما وآلهما» لقومهما بهذا الأمر وإعلانهما به..

ويدل على ذلك: أن القصة التي ساقها «عليه السلام» شاهداً على ذلك، وهي قصته مع تجار النصارى ليس فقط لا تدل على زمان معرفته بالله سبحانه وتعالى.. بل هي تدل: على أن يقينه بهذا الأمر كان ثابتاً، وقد اعترض «صلى الله عليه وآله» عليهم لأنهم يريدون تشكيكه في الله عز وجل..

كما أن قصة إبراهيم «عليه السلام» حين رأى كوكباً بازغاً فقال: هذا ربي، ثم رأى القمر بازغاً، ثم رأى الشمس بازغة.. لم تكن للدلالة على أنه «عليه السلام» قد عرف الله في تلك اللحظات، وبهذه الطريقة، بل هي حجة إلهية آتاه الله إياها على قومه.. فقد قال تعالى بعد الآيات التي تضمنت هذه القصة: ﴿وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آَتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ([8])..

فالمراد: أن تحمل مسؤولية الدعوة إلى الله، والتعريف به قد بدأ لدى نبينا «صلى الله عليه وآله» وهو في سن السابعة.

أما إبراهيم الخليل فقد بدأ ذلك لديه وهو في سن الخامسة عشرة.

ويمكن تأييد ذلك بقوة في قوله «عليه السلام» أخيراً: «ويحك يا يهودي، لقد تيقظ بالاعتبار على معرفة الله عز وجل مع كفر قومه، إذ هو بينهم يستقسمون بالأزلام، ويعبدون الأوثان، وهو يقول: لا إله إلا الله».

ثلاث مئة وستون صنماً على الكعبة:

وقد يروق لبعض الناس أن يشكك في صحة الرقم الذي ذكر في الفصل السابق لعدد الأصنام التي على الكعبة، باعتبار أن ظهرها ـ أعزها الله ـ لا تسع ثلاث مئة وستين صنماً..

ويجاب:

بأن تلك الأصنام كان منها الصغير والكبير، ومنها ما كان على ظهر الكعبة، ومنها ما علق على جدرانها الخارجية، وكان بعضها في داخلها، إما على الأرض أو على الجدران أيضاً. فلا مانع من أن يبلغ عدد الأصنام على الكعبة هذا المقدار، فإن المساحات شاسعة في الاتجاهات الخمس، وهي تسع أكثر من ذلك..

النبي ، وجثة حمزة :

وورد في نصوص الفصل السابق وصفاً لموقف رسول الله «صلى الله عليه وآله» مما جرى على عمه حمزة «عليه السلام»، فقال: «فلم يبين عليه حرقة، ولم يفض عليه عبرة». فهل هذه قسوة منه «صلى الله عليه وآله»؟! أو هي نضوب أو شح في العاطفة.!

ونجيب: بأن الأمر على عكس ذلك، بل هو يبين عظمة صبره على المكاره في سبيل الله، حيث إن المشركين أرادوا كسر إرادته بالفجائع التي ينزلونها به، وبالفظائع التي يمارسونها بحق أهل بيته، وأعز الناس عليه.

فكان لا بد من التجلد، وإظهار القوة على تحمل المكاره على قاعدة:

وتجـلـدي للشـامـتـيـن أريـهـم           أني لـريـب الـدهـر لا أتضعـضـع

وفرق كبير بين قسوة القلب، والشح في العاطفة، وبين التجلد على المصائب في سبيل هدف أسمى، وأعز، فإن هذا التجلد إنما يأتي للحفاظ على الدماء الزكية بدلاً من تضييعها وهدرها وهو غاية الوفاء لها.

ولو أنه «صلى الله عليه وآله» استسلم للعاطفة وانهار أمام طغيانها، لكان قد ضيع القضية. وضيع معها هذا الدم الزاكي. ويزيد بذلك أعدائه إصراراً على إنزال أفدح الضربات فيه.

أما إذا صبر، وتجلد وتحمل، فإن ذلك يغيظ أعداءه ويكبتهم، ويزرع اليأس في قلوبهم، ويفلّ عزمهم، ويجعلهم يترددون كثيراً في متابعة نهجهم الإجرامي هذا..

فظهر: أن هذا التجلد هو عين الوفاء للأرواح التي أزهقت، والدماء التي أريقت، وأن إظهار الجزع قد يكون خيانة لها، وترغيباً للمجرم لارتكاب المزيد من العدوان والإصرار على الفتك في حق أبرياء آخرين.

ويؤكد هذه المعاني هنا: أنه «صلى الله عليه وآله» قال عن حمزة: «لولا أن تحزن صفية لتركته حتى يحشر من بطون السباع»، فلاحظ ما يلي:

لولا أن تحزن صفية:

ورد في النص المتقدم في الفصل السابق قوله «عليه السلام»: إن النبي «صلى الله عليه وآله» قال عن حمزة: «لولا أن تحزن صفية لتركته حتى يحشر من بطون السباع، وحواصيل الطير!! ولولا أن يكون سنة لفعلت ذلك».

فقد يسأل المرء، فيقول: إن دفن الميت واجب، وهو إكرام له، ومنع من ظهور المنفرات منه، بسبب تفسخ جثته، وانتشار الروائح، فكيف إذا كان إبقاؤه بلا دفن يعرضه للتمزيق بأنياب السباع، ومخالب الطيور الكواسر، لئملأ منه بطونها وحواصلها. فما معنى أن يجعل «صلى الله عليه وآله» هذا خياراً له، كان سيفعله لولا وجود المانع، وهو حزن صفية، وأن يصبح سنة من بعده؟!

ونجيب:

أولاً: إذا كان هذا الواجب مزاحماً بواجب أهم منه، وهو حفظ الدين، فإن العقل يحكم بلزوم التخلي عنه لمصلحة ما هو أهم منه.

ثانياً: قد تكون المصلحة هنا هي نفس هذا الإعلان عن هذه القاعدة، لأن إعلانها يسهم في بث اليأس في نفوس الأعداء، من أن يتمكنوا من إلحاق الهزيمة الروحية بالمسلمين. فأن من يرضى بأن يترك هذه الجثث الطواهر والزواكي لتحشر من بطون السباع وحواصل الطير، لن يستسلم، ولن يستكين دون تحقيق هدفه الأقصى. مما يعني: أن هذه الحروب ستكون عبثية وبلا معنى، ولن يكون حصادها إلا خسائر مادية وضحايا تنال الأصدقاء والأولياء تارة، وينال الأعداء منها مثل ذلك، أو ما يزيد عليه أو يقل عنه تارة أخرى.

ونلاحظ أيضاً ما يلي:

1 ـ إن جعل حزن صفية مانعاً من اتخاذ هذا الإجراء القاسي، يدلل على مدى رهافة الحس النبوي، وعلى أنه يحمل في داخل نفسه أعلى درجات العطف والرحمة للضعفاء، وأن هذا الإجراء يعبر عن مسؤولية والتزام تجاه الواجب الإلهي من جهة، وعن أن ثمة نفساً تفيض عطفاً وحناناً ورقة، تجاه الأهل والأحبة من جهة أخرى.

2 ـ إن المانع الآخر الذي ذكره «صلى الله عليه وآله» هو: أنه لا يريد لهذا الإجراء أن يفهم على غير وجهه، بأن يصبح سنة يعمل بها في الشهداء الذين ترتفع أرواحهم في ساحات الجهاد، فإن هذا الإجراء، وإن كان صحيحاً في نفسه، ولكن صيرورة ذلك سنة يعد تضييعاً لحقهم، وتفريطاً بكرامتهم وعزتهم. وهذا ما لا يرضى رسول الله «صلى الله عليه وآله» بالإسهام فيه، ولو بمستوى الاستفادة مما هو مشروع له، إذا كان سيفهمه الآخرون على غير وجهه الصحيح، إما بسبب تقصيرهم في فهم الأمور، أو بسبب تعمدهم اختيار هذا السبيل الخاطئ، انقياداً مع أهوائهم..

فآثر «صلى الله عليه وآله» أن يتحمل المزيد من الأذى من أجل أن لا يفسح المجال لهذا التعدي من الغير على الحق والحقيقة..

وهذا يشير إلى مزيد من الرفق منه «صلى الله عليه وآله» بالناس، والسعي في مصالحهم، ولو بقيمة المزيد من التعب والألم لنفسه «صلى الله عليه وآله»..

الحسنان سبطان أم حفيدان؟!

ورد في النص المتقدم في الفصل السابق، قوله «عليه السلام»:

«والحسن والحسين من حفدته»..

مع أن أبناء البنت يوصفون عادة بالأسباط.

وقد ورد هذا الوصف لهما على لسان الرسول «صلى الله عليه وآله» أيضاً..([9]).

ويمكن أن يجاب:

بأن الحفدة كما تطلق على أبناء البنين كذلك هي تطلق على أبناء البنات، بدليل:

ما رواه العياشي، عن عبد الرحمان الأشل، قال: سألت أبا عبد الله «عليه السلام» عن قول الله عز وجل: ﴿وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً.

قال: الحفدة بنو البنت. ونحن حفدة رسول الله «صلى الله عليه وآله»([10]).

وقد أطلق لفظ الحفيد على ابن الابن في ما روى عن الإمام الصادق «عليه السلام»: يقتل من حفدتي بأرض خراسان([11]).

كما أن السبط يطلق على أبناء الأبناء وأبناء البنات، كما عن ابن سيده([12]). فراجع..

حزن يعقوب وحزن محمد :

وقد تقدم في الفصل السابق: مقايسة وتقديم حزن نبينا «صلى الله عليه وآله» على ولده إبراهيم بحزن يعقوب على يوسف، مع أن إبراهيم لم يكن نبياً كيوسف، فكيف يكون الحزن عليه أعظم؟!

ونجيب:

أولاً: بأنه قد روى بسند صحيح عن أبي عبد الله: أن إبراهيم لو بقي كان صديقاً نبياً([13])، وذلك يعني: أنه لم يكن يقصر في ميزاته وخصائصه عن يوسف «عليه السلام»..

ثانياً: إن الكلام إذا كان عن الصبر على المصاب العظيم الذي يحل بمن فقد ولداً. فإن حزن من يفقد ولده بالموت أعظم وأشد من حزن من يفقد ولده بغيابه عنه، مع علمه ببقائه على قيد الحياة. فيحتاج من يفقد ولده بالموت إلى صبر أشد، فإذا ظهر أن هذا الصبر قد كان إيثاراً لرضا الله تعالى واستسلاماً له في جميع الفعال كان ثوابه أعظم..

الحصر في الشعب أعظم من حبس يوسف:

وقد ذكر «عليه السلام»: أن حبس النبي «صلى الله عليه وآله» في شعب أبي طالب في مقابل حبس يوسف في السجن.

ونقول:

إن حبس النبي «صلى الله عليه وآله» في الشعب كان أشد على نفسه، وآلم لروحه من حبس يوسف في السجن، فقد كان سبب الحبس في الشعب قطيعة الأقارب وذوي الرحم. وقد ضايقوه «صلى الله عليه وآله»، وألجأوه إلى أضيق المضيق.

أضعف خلق الله:

وقد ذكر في النص السابق: أن الله عز وجل بعث أضعف خلقه ـ وهي الإرضة ـ فأكل عهد المشركين في قطيعة رحمه «صلى الله عليه وآله»..

فهل صحيح: أن الإرضة هي أضعف خلق الله تبارك وتعالى؟!

ونجيب:

بأن أحداً لا يستطيع نفي ذلك بصورة قاطعة، فإن الضعف والقوة يختلفان ويتفاوتان بحسب ما يلاحظ فيهما.. فلعل ما هو أصغر من الإرضة يستطيع أن يحدث أثراً كبيراً وخطيراً في بعض المجالات، وإن لم نستطع نحن اكتشاف ذلك..

وعلينا أن نطلب المعرفة بذلك من الخالق الحكيم، والمدبر العليم، عالم الغيب والشهادة.. فإن عدم علمنا بالشيء لا يعني عدم وجوده..

وإذا كان علي «عليه السلام» لا يقول بغير علم، ولا يطلق أحكامه جزافاً، فعلينا أن نأخذ بما يخبرنا به من أحوال المخلوقات.. وإن الأرضة وإن كانت تملك القدرة على أكل العهد الذي كتبوه، فذلك لا يعني أنها أقدر من غيرها، فلعل سائر المخلوقات تملك قدرات أكبر تمكنها من إحداث آثار أخطر وأهم، وتمكنها من التأثير في هذا المجال، أو في غيره، وإن لم نعرف ذلك بالتفصيل.

سورتا البقرة والمائدة، بالإنجيل:

ورد في النص المتقدم في الفصل السابق: أن الله أعطى محمداً «صلى الله عليه وآله» سورة البقرة والمائدة بالإنجيل. وأعطاه طواسين، وطه، ونصف المفصل والحواميم بالتوراة، وأعطاه إلخ.

فلعل المراد بهذا الإعطاء، هو أن ما ورد في هذه السور المباركة من أحكام وسياسات، وقضاء، وأخلاق، وعبر.. و.. و.. يوازي ما ورد في الإنجيل، أو التوراة، أو الزبور، أو صحف إبراهيم وموسى.

الكتاب.. والقرآن:

وقد ذكر النص المتقدم: أنه تعالى قد زاد محمداً السبع الطوال، والسبع المثاني، وهي الفاتحة والقرآن العظيم. وأعطي الكتاب والحكمة..

والظاهر: أن المراد هو أن للسبع الطوال بمجموعها خصوصية وعظمة وأهمية جعلت اجتماع هذا المجموع لنبينا «صلى الله عليه وآله» من مظهرات عظمته، وكرامته، ومقامه عند الله تعالى..

الجمع بين الكتاب والقرآن:

ولكن السؤال هنا: هو عن سبب الجمع بين الكتاب والقرآن، فهل الكتاب غير القرآن؟! أم أن ثمة خصوصية يراد توجيه النظر إليها؟!

ويمكن أن يجاب:

بأن المراد بالقرآن العظيم هو نفس هذا المجموع كله، فإن إعطاءه لرسول الله «صلى الله عليه وآله» فيه مزيد من تفضيل، وتشريف وتكريم.. ثم استأنف الكلام إلى أن هذا التفضيل لم يقتصر على إعطاء القرآن الذي هو الكتاب كله، تشريفاً وتعظيماً، بل أعطاه الحكمة معه أيضاً..

أين هي الحكمة في كتب المسلمين؟!:

وقد دل الكلام المتقدم في الفصل السابق: على أن الحكمة تحتاج إلى تعليم إلهي، ولولا ذلك لم يمكن الوصول إليها والحصول عليها، بحيث تكون سليمة عن النقص، أو الزيادة المضرة، أو سليمة عن الخلط بالأغيار، ووضع بعضها في غير موضعه، ونحو ذلك مما يكون مسيئاً للحياة، وعدواناً على المخلوقات.

وقد ورد ما دل على أن الحكمة الناقصة، ربما تكون مضرة في حياة الناس، ولعله لأجل أن الحكمة هي وضع الشيء في موضعه، ولا يحسن تقدير الشيء الذي يحتاج إليه في موضعه وسنخه، وخصوصياته في الكم والكيف، وغير ذلك إلا العالم بالحقائق، والمطلع على أسرار الخلقة ودقائقها، وهو الله القادر الخالق، تبارك وتعالى.. وإنما نصل إليها عن طريق الأنبياء وأوصيائهم.

ولا تقتصر الحكمة على مجال دون آخر، بل هي تشمل كل ما في هذه الحياة من حقائق ودقائق، وهي حياة الأرواح، وشفاء لما في الصدور، وانسجام مع كل هذه المنظومة في دقيق صنعها، وبديع خلقها، ولذلك كانت الحكمة منزلة من عند الله كالقرآن، قال تعالى: ﴿وَأَنْزَلَ اللهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ([14]).

وقال: ﴿وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ([15]).

وقال: ﴿ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ([16]). وآيات أخرى..

وفسرت الحكمة بولاية أمير المؤمنين «عليه السلام»([17])، ومعرفة الإمام واجتناب الكبائر([18]).

وعقد في بحار الأنوار باباً بعنوان: أن الحكمة معرفة الإمام([19]).

وعن الإمام الصادق «عليه السلام»: أن الحكمة المعرفة والتفقه في الدين، فمن فقه منكم فهو حكيم([20]).

وعنه «عليه السلام»: الحكمة ضياء المعرفة وميراث التقوى، وثمرة الصدق الخ.. ([21]).

وعنه «عليه السلام»: كثرة النظر في الحكمة تلقح العقل([22]).

وعن الإمام الهادي «عليه السلام»: الحكمة لا تنجع في الطباع الفاسدة([23]).

وفي الحديث القدسي: يا أحمد، الصوم يورث الحكمة، والحكمة تورث المعرفة، والمعرفة تورث اليقين، فإذا استيقن العبد لا يبالي كيف أصبح، بعسر أم بيسر الخ..([24]).

وعن أمير المؤمنين «عليه السلام»: اعلموا أنه ليس من شيء إلا ويكاد صاحبه يشبع منه ويمله، إلا الحياة فإنه لا يجد في الموت راحة، وإنما ذلك بمنزلة الحكمة التي هي حياة القلب الميت، وبصر العين العمياء، وسمع للأذن الصماء، وري للظمآن، وفيها الغنى كله، والسلامة إلخ..([25]).

والروايات حول الحكمة، وأهميتها وما يرتبط بها كثيرة، وتوضيح بيان ما ورد فيها من حقائق ودقائق يحتاج إلى توفر تام، وتأليف مستقل..

السور البدائل عن الكتب السماوية:

وقد يرى البعض: أن ثمة روايات لا تتوافق في مضامينها مع ما أوردته الرواية المذكورة في الفصل السابق.. فيما يرتبط بالسور التي هي في موازاة الإنجيل، والأخرى التي هي بموازاة غيره من الكتب السماوية التي نزلت للأمم السالفة:

1 ـ فعن أبي إسحاق الثقفي، عن محمد بن مروان، عن أبان بن عثمان، عمن ذكره، عن أبي عبد الله «عليه السلام» قال: «إن الله تبارك وتعالى أعطى محمداً شرائع نوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى: التوحيد، والإخلاص، وخلع الأنداد، والفطرة، والحنيفية السمحة، لا رهبانية ولا سياحة.

أحل فيها الطيبات، وحرم فيها الخبائث، ووضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم.

فعرف فضله بذلك. ثم افترض عليها فيه الصلاة والزكاة، والصيام، والحج، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والحلال والحرام، والمواريث، والحدود، والفرائض، والجهاد في سبيل الله.

وزاده الوضوء.

وفضله بفاتحة الكتاب، وبخواتيم سورة البقرة، والمفصل.

وأحل له المغنم، والفيء، ونصره بالرعب.

وجعل له الأرض مسجداً وطهوراً.

وأرسله كافة إلى الأبيض والأسود، والجن والإنس.

وأعطاه الجزية، وأسر المشركين، وفداهم.

ثم كُلِّف ما لم يكلف أحداً من الأنبياء، أنزل عليه سيفاً من السماء في غير غمد. وقيل له: ﴿..قَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ ([26])».

عباس بن عامر، وزاد فيه بعضهم: «فأخذ الناس بأربع، وتركوا هذه. يعني الولاية»([27]). وزيادة عباس بن عامر هذه لم ترد في الكافي، فراجع.

وفي هذه الرواية أمور كثيرة وإشارات تحتاج إلى بيان، وقد تكفل العلامة المجلسي «رحمه الله» والمعلق على كتاب البحار ببعض ذلك، فراجع كلامهما([28]).

2 ـ عن النبي «صلى الله عليه وآله» أنه قال: أعطيت مكان التوراة السبع الطوال، ومكان الإنجيل المثاني، ومكان الزبور المئين، وفضلت بالمفصل([29]).

3 ـ في رواية واثلة بن الأسقع: «وأعطيت مكان الإنجيل المئين، ومكان الزبور المثاني. وأعطيت فاتحة الكتاب وخواتيم البقرة من تحت العرش، لم يعطها نبي قبلي، وأعطاني المفصل نافلة»([30]).

4 ـ عن سعد الإسكاف قال: «سمعت أبا جعفر «عليه السلام» يقول: قال رسول الله «صلى الله عليه وآله»: أعطيت الطوال مكان التوراة، وأعطيت المئين مكان الإنجيل، وأعطيت المثاني مكان الزبور. وفضلت بالمفصل ثمان (سبع) وستين سورة»([31]).

قال الطبرسي «روح الله روحه»: «فالسبع الطوال: البقرة، وآل عمران، والنساء والمائدة، والأنعام، والأعراف والأنفال مع التوبة، لأنهما تدعيان القرينتين، ولذلك لم يفصل بينهما بالبسملة».

وقيل: إن السابعة سورة يونس.

والطوال: جمع طولى، تأنيث الأطول.

وإنما سميت هذه السور الطوال، لأنها أطول سور القرآن.

وأما المثاني فهي السور التالية للسبع الطول، أولها يونس وآخرها النحل.

وإنما سميت المثاني، لأنها ثنت الطول، أي تلتها، وكان الطول هي المبادي، والمثاني لها ثواني، وواحدها مثنى مثل المعنى والمعاني.

وقال الفراء: واحدها مثناة.

وقيل: المثاني سور القرآن كلها طوالها وقصارها، من قوله تعالى: ﴿كِتَاباً مُتَشَابِهاً مَثَانِيَ([32]).

وأما المئون فهي كل سورة تكون نحواً من مائة آية، أو فويق ذلك، أو دوينه. وهي سبع سور، أولها سورة بني إسرائيل، وآخرها المؤمنون.

وقيل: إن المئين ما ولي السبع الطول، ثم المثاني بعدها، وهي التي تقصر عن المئين، وتزيد على المفصل.

وسميت المثاني لأن المئين مبادٍ لها.

وأما المفصل فما بعد الحواميم من قصار السور إلى آخر القرآن، سميت مفصلاً لكثرة الفصول بين سورها ببسم الله الرحمن الرحيم»([33]).

قال المجلسي «رحمه الله»:

أقول: واختلف في أول المفصل، فقيل: من سورة ق. وقيل: من سورة محمد «صلى الله عليه وآله». وقيل: من سورة الفتح.

وعن النووي: مفصل القرآن محمد إلى آخر القرآن. وقصاره من الضحى إلى آخره، ومطولاته إلى عم، ومتوسطاته إلى الضحى.

في الخبر: المفصل ثمان وستون سورة([34]).

وفي الخبر المتقدم أنها سبع وستون سورة..

حل إشكال اختلاف الروايات:

ويمكن حل هذا الإشكال ـ أعني إشكال إختلاف الروايات فيما هو بديل عن الكتب السماوية ـ بأن يقال:

يحتمل أن يكون سبب هذا الاختلاف هو الإختلاف في الخصوصية الموجبة للبدلية، التي لوحظت في كل مورد.

فاختلف هذا البدل عن ذاك بسبب ذلك..

وقد تكون الخصوصية التي لاحظها «عليه السلام» بالنسبة لمعارف ذلك اليهودي هي أنه أراد أن يعينه على فهم الأمور من خلال تمكينه من إدراك ميزة وفضيلة رسول الله «صلى الله عليه وآله» على سائر الأنبياء. وذلك إذا قارن بين الإنجيل في سورة أو سور بعينها، وهذا ما فرض لفت نظر ذلك اليهودي إلى مضامين هذه السور، دون سواها، ليقوم بمقايستها مع مضامين ما جعلت بديلاً عنه، وفقاً للتكوين الفكري الذي لديه.

أما بالنسبة لأهل الإسلام، والفائزين بنعمة الإيمان، فإن إدراكهم لهذا التفضيل، إنما هو بمقايسة الإنجيل بسورة أخرى من سور القرآن، وكذلك التوراة والزبور..

فراعنة قريش:

ذكرت الرواية المتقدمة في الفصل السابق: أن الله قد أرسل رسوله محمداً «صلى الله عليه وآله» إلى فراعنة شتى.. وأن موسى «عليه السلام» إنما ابتلي بواحد من الفراعنة..

فقد يقال: إن فراعنة قريش كانوا مجرد أناس عاديين، لا يقاسون في جبروتهم، وجرائمهم بفرعون موسى، الذي ادعى الربوبية، وقد تسلط على بني إسرائيل، فكان يذبح أبناءهم، ويستحيي نساءهم..

ويجاب:

بأن ما كان يعني موسى من فرعون، إنما هو ما يمكن أن يوصله إليه وإلى الناس من أذى، بالإضافة إلى حجم وطبيعة الموانع التي يستطيع أن يقيمها في طريق الدعوة إلى الله تعالى.

كما أن هذا هو بعينه ما كان يعني نبينا الأكرم «صلى الله عليه وآله» فيما يرتبط بهؤلاء المجرمين والمستكبرين.

مع ملاحظة: أنهم يحملون السمات والمواصفات، والروح الفرعونية في داخل ذواتهم، من الاستكبار، والاستعلاء، وفقدان الرادع الوجداني والإيماني والإنساني والأخلاقي، والمانع الإجتماعي من ارتكاب أية جريمة يروق لهم ارتكابها.

كما أن لديهم كل الإمكانات والقدرات التي تمكنهم من الفعل، وتثير لديهم الشهية له، والرغبة فيه، وتحبب لهم الإقدام عليه.

كما أنهم سيلاقون المعونة، والرضا، والتشجيع، والمشاركة من الآخرين: بالفعل، وبالقول، وبالجاه والمقام والمال، وكل شيء..

فإذا كان موسى «عليه السلام» قد ابتلي بواحد له هذه المواصفات، فإن نبينا «صلى الله عليه وآله» قد ابتلي بالكثير من الذين يقدرون على إلحاق نفس الأذى به وبدعوته، وبنفس المستوى في مقاديره وأشكاله، الذي كان يقدر فرعون على إيصاله إليه..

الأفضل من المن والسلوى:

وقد اعتبر «عليه السلام» حسبما ورد في النص المتقدم في الفصل السابق: أن إحلال الغنائم للنبي «صلى الله عليه وآله» ولأمته أفضل من المن والسلوى..

إنما صار ذلك أفضل من المن والسلوى، من حيث أن المطلوب هو تذوق حلاوة النصر ـ المعنوية والروحية ـ الذي هو أحب وأحلى من اللذائذ الحسية، فكيف إذا تمازجت هذه اللذة الروحية مع لذة الكسب، والمتعة الدنيوية؟! لتصبح هذه الغنائم بمثابة حافزٍ لاستمرار التلذذ الروحي بهذا النصر..

تليين الصخر حتى أصبح غاراً:

وقد ذكر النص المتقدم في الفصل السابق: أن الله تعالى لين لرسول الله «صلى الله عليه وآله» الصخور الصلاب، حتى جعلها غاراً..

ونقول:

إننا لم نقرأ في كتب التاريخ: أن غار ثور قد حدث حين الهجرة النبوية من مكة إلى المدينة.. بل قد تشير التعابير التاريخية إلى أنه كان موجوداً ومعروفاً، ولا سيما النصوص التي صرحت باسم غار ثور في سياق مسير النبي «صلى الله عليه وآله» نحوه، وقبل وصوله «صلى الله عليه وآله» إليه..

ويمكن أن يجاب عن ذلك: بأن المتأمل في هذا الغار لا يحسب أنه يستطيع أن يخفي رجلين، بل قيل: كان الداخل إليه لا يمكنه الدخول إليه إلا زحفاً، مع ما ذكرته الروايات من نبات الشجرة على بابه، ووضع الحمامة الوحشية بيضها، ونسج العنكبوت على بابه أيضاً..

من أجل ذلك نقول:

لعل الله سبحانه قد لين تلك الصخور الصلاب، حتى اتسعت وتعمقت، فوجد النبي «صلى الله عليه وآله» وصاحبه فسحة فيه، ثم جاءت الحمامة الوحشية فباضت على بابه، واحتضنت بيضها، ثم نسجت العنكبوت، ووجد المشركون في هذا المظهر ما يكفي لصرف نظرهم عته إلى غيره..

غارت الصخرة في بيت المقدس:

وذكر النص المتقدم أيضاً: أن الصخور غارت تحت يد رسول الله «صلى الله عليه وآله» في بيت المقدس، ونلفت نظر القارئ إلى أمرين:

أحدهما: أنه ليس في هذا النص ما يدل على أن المقصود هو صخرة بيت المقدس، المعروفة بأنها قبلة اليهود القديمة([35]). بل المقصود هو أن إحدى الصخور في بيت المقدس قد حدث لها ذلك..

الثاني: لم نجد أيضاً في كتب التاريخ ما يشير إلى سفر النبي «صلى الله عليه وآله» مع أصحابه إلى بيت المقدس، ولا سيما بملاحظة قوله «عليه السلام»: قد رأينا ذلك والتمسناه تحت رايته..

غير أن من الواضح: أن عدم الوجدان لا يدل على عدم الوجود، فربما يكون «صلى الله عليه وآله» قد حضر مع بعض أصحابه بصورة إعجازية، تماماً كما تحدثت الروايات عن أنه قد أسري به «صلى الله عليه وآله» من المسجد الحرام إلى مسجد الكوفة، ثم إلى طور سيناء ثم إلى بيت لحم، ثم إلى بيت المقدس، ثم إلى السماء([36]).

وفي بعضها: أنه صلى أيضاً في مسجد الكوفة في ليلة الإسراء([37]).

غير أننا لا نجد ضرورة لأن يكون الصعود إلى السماء من خصوص بيت المقدس، فإن أبواب السماء مفتوحة في كل بقاع الأرض.

قام على أطراف أصابعه:

في النص المتقدم: أنه «صلى الله عليه وآله» قام على أطراف أصابعه عشر سنين، حتى تورمت قدماه..

والسؤال هو: كيف يمكن أن نتصور أن قيامه للعبادة كان على أطراف أصابعه؟!

وقد احتمل المجلسي «رحمه الله»: أن تكون الصلاة على هيئة القيام على أطراف الأصابع مشروعة، فنسخت.. أي فلا يجوز الصلاة مع القيام على الأصابع([38]).

ولنا أن نحتمل أيضاً: أن يكون القيام على أطراف الأصابع كان مشروعاً لخصوص نبينا الأكرم «صلى الله عليه وآله» دون سواه، وأن لا يكون قد عرض النسخ لهذا الحكم..

على الجبل نبي وصديق شهيد:

وذكر في النص المتقدم: أن علياً «عليه السلام» كان مع النبي «صلى الله عليه وآله»، فتحرك الجبل، فقال له النبي «صلى الله عليه وآله»: قر، فليس عليك إلا نبي وصديق شهيد..

وهذا النص يدل على عدم صحة ما زعموه من أن المقصود بالصديق: أبو بكر، لأنه «صلى الله عليه وآله» لم يقل: نبي وشهيد، ليكون المقصود بالصديق: أبا بكر، وبالشهيد علياً «عليه السلام». بل جعل وصف شهيد قيداً للصديق، أي أن على الجبل اثنان فقط، هما: نبي، ورجل آخر له وصفان هما صديق شهيد.

فكلمة شهيد قيد لكلمة صديق، ولم يكن أبو بكر من الشهداء، بل مات حتف أنفه.

هذا عدا عن أن وصف الصديق خاص بعلي «عليه السلام»، كما ذكرناه في موضع آخر من هذا الكتاب..


([1]) النهاية: باب الهمزة مع الزاي. والقاموس المحيط : فصل الراء من الفاء.

([2]) في المصدر: وما تهدل من أغصان الأيكة.

([3]) من الآية 8 من سورة فاطر.

([4]) الآية 6 من سورة الكهف.

([5]) الآية 114 من سورة التوبة.

([6]) الموفقيات ص577 وشرح النهج للمعتزلي ج5 ص129 و130 ومروج الذهب ج3 ص454 وكشف الغمة للأربلي ج2 ص44 وكشف اليقين في فضائل أمير المؤمنين ص474 وقاموس الرجال ج9 ص20 وبهج الصباغة ج3 ص193.

([7]) راجع: الإحتجاج ج2 ص248 والفضائل لابن شاذان ص34 والبحار ج15 ص353 وج50 ص82 والغدير ج7 ص38 وج9 ص287 ومسند أحمد ج4 ص66 وج5 ص59 و 379 وسنن الترمذي ج5 ص245 ومستدرك الحاكم ج2 ص609 ومجمع الزوائد ج8 ص223 وتحفة الأحوذي ج7 ص111 وج10 ص56 والمصنف لابن أبي شيبة ج8 ص438 والآحاد والمثاني ج5 ص347 وكتاب السنة لابن أبي عاصم ص179 والمعجم الأوسط ج4 ص272 والمعجم الكبير ج12 ص73 وج20 ص353 والجامع الصغير ج2 ص296 وكنز العمال ج11 ص409 و 450 وتذكرة الموضوعات للفتني ص86 وكشف الخفاء ج2 ص129 وخلاصة عبقات الأنوار ج9 ص264 عن ابن سعد، ومستدرك سفينة البحار ج2 ص392 و 522 عن كتاب النكاح، وعن فيض القدير ج5 ص69 وعن الدر المنثور ج5 ص184 وفتح القدير ج4 ص267 والطبقات الكبرى ج1 ص148 وج7 ص59 والتاريخ الكبير للبخاري ج7 ص274 وضعفاء العقيلي ج4 ص300 والكامل لابن عدي ج4 ص169 وج7 ص37 وعن أسد الغابة ج3 ص132 وج4 ص426 وج5 ص377 وتهذيب الكمال ج14 ص360 وسير أعـلام النبـلاء ج7 ص384 = = وج11 ص110 وج13 ص451 ومن له رواية في مسند أحمد ص428 وتهذيب التهذيب ج5 ص148 وعن الإصابة ج6 ص181 والمنتخب من ذيل المذيل ص66 وتاريخ جرجان ص392 وذكر أخبار إصبهان ج2 ص226 وعن البداية والنهاية ج2 ص275 و 276 و 392 وعن الشفا بتعريف حقوق المصطفى ج1 ص166 وعن عيون الأثر ج1 ص110 والسيرة النبوية لابن كثير ج1 ص288 و 289 و 317 و 318 ودفع الشبه عن الرسول ص120 وسبل الهدى والرشاد ج1 ص79 و 81 و 83 وج2 ص239 وعن ينابيع المودة ج1 ص45 وج2 ص99 و 261.

([8]) من الآية 83 من سورة الأنعام.

([9]) راجع: كمال الدين ص263 وكفاية الأثر ص13 و 17 و 42 و 100 و 117 وكتاب سليم بن قيس (تحقيق الأنصاري) ص133 وأوائل المقالات للمفيد ص284 والإرشاد للمفيد ج1 ص37 وعيون المعجزات لابن عبد الوهاب ص55 والفضائـل لشاذان بن جبرئيـل القمي ص119 وحلية الأبـرار ج2 = = ص401 ومدينة المعاجز ج2 ص391 وبحار الأنوار ج28 ص53 وج36 ص284 و 286 و 325 وج38 ص189 وج40 ص17 وطرق حديث الأئمة الإثنا عشر ص10 وتفسير نور الثقلين ج3 ص386 وج4 ص444 وفضائل أمير المؤمنين لابن عقدة ص168 وإعلام الورى ج1 ص317 وينابيع المودة ج3 ص282.

([10]) تفسير العياشي ج2 ص264 وبحار الأنوار ج101 ص106 ومستدرك سفينة البحار ج2 ص324 وتفسير نور الثقلين ج3 ص68 وتفسير الميزان ج12 ص309.

([11]) بحار الأنوار ج99 ص35 والأمالي للصدوق ص183 وعيون أخبار الرضا ج1 ص290 ومن لا يحضـره الفقيـه ج2 ص584 وروضة الواعظـين ص235 = = ومستدرك سفينة البحار ج2 ص324 ومسند الإمام الرضا للعطاردي ج1 ص148 وموسوعة أحاديث أهل البيت للنجفي ج4 ص428 .

([12]) راجع: لسان العرب ج6 ص154.

([13]) بحار الأنوار ج5 ص294 وج22 ص458 و 459 وج24 ص264 وج65 وتفسير فرات ص556 وكتاب المحتضر ص126 وكنز الفوائد ص400 و 401 والتوحيد للصدوق ص395 ومن لا يحضره الفقيه ج3 ص490 ونور البراهين ج2 ص389 وشجرة طوبى ج1 ص32 وتفسير نور الثقلين ج5 ص141 ومنتقى الجمان ج1 ص318.

([14]) الآية 113 من سورة النساء.

([15]) الآية 231 من سورة البقرة.

([16]) الآية 39 من سورة الإسراء.

([17]) بحار الأنوار ج36 ص144 ومستدرك سفينة البحار ج2 ص352 وتفسير فرات ص483 وشواهد التنزيل ج2 ص340 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج14 ص667.

([18]) بحار الأنوار ج24 و86 وج27 ص126 وتفسير العياشي ج1 ص151 والكافي ج2 ص284 ومستدرك الوسائل ج11 ص354 والتفسير الأصفى ج1 ص128 وتفسير نور الثقلين ج1 ص287.

([19]) بحار الأنوار ج24 ص86.

([20]) بحار الأنوار ج1 ص215 وج24 ص86 ومستدرك سفينة البحار ج2 ص353 وتفسير العياشي ج1 ص151 وتفسير كنز الدقائق ج1 ص653 وتفسير نور الثقلين ج1 ص287 والتفسير الأصفى ج1 ص128 والتفسير الصافي ج1 ص298.

([21]) بحار الأنوار ج1 ص215 ومصباح الشريعة ص198 ومستدرك سفينة البحار ج2 ص353 وتفسير نور الثقلين ج1 ص288 وتفسير كنز الدقائق ج1 ص655 وتفسير الميزان ج2 ص404.

([22]) بحار الأنوار ج75 ص247 وتحف العقول ص364  ومستدرك سفينة البحار ج2 ص353 ونهج السعادة ج7 ص346.

([23]) بحار الأنوار ج75 ص370 والأنوار البهية ص287 ومستدرك سفينة البحار ج2 ص353 ونهج السعادة ج7 ص347 وأعلام الدين في صفات المؤمنين ص311.

([24]) بحار الأنوار ج24 ص27 والجواهر السنية للحر العاملي ص197 ومستدرك سفينة البحار ج2 ص353 وج6 ص403.

([25]) نهج البلاغة (بشرح عبده) ج2 ص16 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج8 ص287 ومستدرك سفينة البحار ج2 ص354 ونهج السعادة ج7 ص344 وبحار الأنوار ج89 ص22 وموسوعة أحاديث أهل البيت للنجفي ج3 ص246.

([26]) من الآية 84 من سورة النساء.

([27]) بحار الأنوار ج65 ص317 و 318 و 329 وج16 ص330 وج78 ص54 وج80 ص578 والمحاسن ص286 و 287 و جامع أحاديث الشيعة ج1 ص461 وغاية المرام ج6 ص183 ومعجم المحاسن والمساوئ للتبريزي ص145 وموسوعة أحاديث أهل البيت للنجفي ج12 ص227 والكافي ج2 ص18. ولم يذكر قوله: عباس بن عامر.. وزاد فيه بعضهم الخ..

وراجع: شرح الأخبار ج1 ص228 وج2 ص277 ونهج السعادة ج8 ص63.

([28]) بحار الأنوار ج65 ص318 ـ 326.

([29]) بحار الأنوار ج65 ص323 ومستدرك سفينة البحار ج8 ص486 ومسند أحمد ج4 ص107 ومجمع الزوائد ج7 ص158 ومسند أبي داود ص136 والجامع الصغير للسيوطي ج1 ص176 وكنز العمال ج1 ص572 وتفسير مجمع البيان ج1 ص41 وجامع البيان للطبري ج1 ص68 و 69 والبرهان للزركشي ج1 ص258 والإتقان في علوم القرآن ج1 ص158 والدر المنثور ج6 ص101 وإمتاع الأسماع ج3 ص318 وسبل الهدى والرشاد ج10 ص299.

([30]) بحار الأنوار ج65 ص323 وتفسير مجمع البيان ج1 ص41 ومستدرك سفينة البحار ج8 ص486 والمعجم الكبير ج22 ص75 وتفسير الثعلبي ج9 ص68 وتفسير البغوي ج3 ص57 وزاد المسير ج7 ص176.

([31]) تفسير العياشي ج1 ص25 والكافي ج2 ص601 والتفسير الأصفى ج1 ص252 والتفسير الصافي ج1 ص17 وتفسير نور الثقلين ج5 ص25 وج1 = = ص573 وج3 ص29 وتفسير كنز الدقائق ج2 ص685 وبحار الأنوار ج89 ص27 وراجع ج16 ص337 عن المناقب ج1 ص159.

([32]) من الآية 23 من سورة الزمر.

([33]) بحار الأنوار ج65 ص323 و 324 ومجمع البيان ج4 ص487.

([34]) بحار الأنوار ج65 ص323.

([35]) مقدمة ابن خلدون ص354 و 355.

([36]) راجع: البرهان (ط سنة 1429هـ) ج6 ص6 و 12 وتفسير القمي ج2 ص3 وراجع: بحار الأنوار ج14 ص208 وج18 ص319 و 320 ومستدرك سفينة البحار ج7 ص147 وسنن النسائي ج1 ص221 و 222 ومسند الشاميين ج1 ص194 والتفسير الصافي ج3 ص167 .

([37]) راجع: البرهان (ط سنة 1429هـ) ج6 ص23 ومن لا يحضره الفقيه ج1 ص231 ووسائل الشيعة (ط مؤسسة آل البيت) ج5 ص257 و (ط دار الإسلامية) ج3 ص525 وجامع أحاديث الشيعة ج4 ص526 ولسان الميزان ج6 ص275 وتاريخ الكوفة للبراقي ص31 و 52.

([38]) راجع: بحار الأنوار ج81 ص342.

 
   
 
 

العودة إلى موقع الميزان