روى الرضي بإسناد مرفوع إلى الأصبغ قال، سأل ابن الكوا
أمير المؤمنين ـ وكان متعنتاً في المسائل ـ فقال: يا أمير المؤمنين،
خبرني عن الله عز وجل، هل كلم أحداً من ولد آدم قبل موسى؟!
فقال:
قد كلم الله جميع خلقه برهم وفاجرهم، وردوا عليه
الجواب.
قال:
فثقل ذلك على ابن الكواء، ولم يعرفه، فقال: وكيف كان
ذلك؟!
قال:
أوما تقرأ
كتاب الله إذ يقول لنبينا: ﴿وَإِذْ
أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آَدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ
وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا
بَلَى..﴾؟!
فقد أسمعهم كلامه، وردوا عليه الجواب. كما تسمع في قول الله يا بن
الكواء: ﴿قَالُوا بَلَى..﴾([1])،
وقال لهم: ﴿إِنَّنِي
أَنَا اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا..﴾([2])،
وأنا ﴿الرَّحْمنِ
الرَّحِيمِ﴾.
فأقروا له بالطاعة والربوبية..([3]).
ونقول:
إن مواجهة أمير المؤمنين «عليه السلام» بالمسائل
المشكلة من مختلف الفئات كانت هي السمة الطاغية على حياته «صلوات الله
وسلامه عليه»..
كما أن الكثيرين من هؤلاء السائلين كانت نواياهم تتجه
إلى إحراجه ولو بمقدار أن يتردد ولو في مسألة واحدة، طيلة عمره، لأنهم
يريدون إسقاط معنى الإمامة فيه.
ولا يمكن استثناء ابن الكوا الخارجي الذي كان يحرص كل
الحرص على هذا الأمر، ولم يزل يبذل المحاولة تلو الأخرى عله يظفر به.
لقد فوجئ عبد الله ابن الكوا بجواب أمير المؤمنين «عليه
السلام»، فقد كان يظن: أن الله تعالى لا يكلم إلا الأنبياء. وإذ به
يسمع: أنه تعالى ليس فقط يمكن أن يكلِّم غير الأنبياء، بل هو قد كلَّم
بالفعل شرار خلقه وخيارهم على حد سواء. وأنهم قد ردوا عليه الجواب..
وكان الأشد على قلب ابن الكوا:
أن يكون الجواب مذكوراً في القرآن بصورة صريحة ولا
يتنبه له.
إن الروايات التي شرحت الآية قد
بينت:
أن الله تعالى قد أخذ من بني آدم ذريتهم من ظهورهم ـ
وكان ذلك في عالم الذر ـ وأشهدهم على ألوهيته، وعلى نبوة نبينا محمد
«صلى الله عليه وآله»، وولاية مولانا أمير المؤمنين علي «عليه السلام».
وقد شهدوا بذلك. وأخذ الله عليهم الميثاق به. وأشهد
الملائكة على قبولهم لهذا الميثاق.
وقد صرحت الآية المباركة أيضاً:
بأنهم سيعتذرون يوم القيامة: بأنهم قد نسوا ميثاقهم في
دار الدنيا، وعملوا بخلافه.
وقد توهم بعضهم:
أن الآية تدل على أن الإنسان قد اختار أعماله في عالم
الذر فهو يطبق في الدنيا ما اختاره في ذلك العالم.
وهو كلام غير دقيق، فإننا لا نرى أن الآية والروايات قد
دلت على شيء من ذلك.
ويمكن تلخيص الكلام في الآية بما يلي:
إن الإنسان يمر في عوالم مختلفة في حالاتها، وأحكامها،
ونظامها. فهناك الحياة الآخرة، وحياة البرزخ، والحياة في هذه الدنيا.
وهناك الحياة في الخزائن الإلهية التي لا حد لها. وإنما يتحدد الإنسان
وغيره من المخلوقات ويُقدَّر بعد خروجه من الخزائن. ونزوله إلى الدنيا.
كما أن إخراج الله للإنسان من الخزائن، وإيجاده في
الدنيا، يكون بإفاضة دفعية، بكلمة «كن»، فيأخذ أحكام الدنيا في تدرجه
وفي حالاته وتلحقه أحكامها، ويخضع لنظمها. ويتكامل تدريجاً، إلى أن
يحين نقله إلى العالم الآخر وهو عالم البرزخ، فتتبدل حالاته بما يتناسب
مع أحوال عالمه الجديد، ويخضع لنظمه، وتلحقه أحكامه. إلى أن ينتهي إلى
عالم الآخرة. وكل ذلك يكون بصورة تدريجية.
ولكن للإنسان من جهة أخرى وجه آخر، وهو حضوره لدى الله
تعالى في خزائنه. وهو عالم آخر لهذا الإنسان غير عالم الدنيا. له أيضاً
نظمه وأحكامه، فهو حضور دائم بين يدي الله، لا يعرض له التدرج، ولا
الانتقال من حالة إلى أخرى، ولا يخضع في حضوره هذا لعوارض الزمان. وهذا
هو عالم الملكوت، الذي أراه الله تعالى لإبراهيم في قوله: ﴿وَكَذَلِكَ
نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ
مِنَ الْمُوقِنِينَ﴾([4]).
فإذا كان الوجه الدنيوي ـ كما يقول العلامة الطباطبائي
ـ الذي نشاهده نحن من العالم الإنساني يفرق بين الآحاد، ويشتت الأحوال
والأعمال، ويفرقها على قطعات الزمان، ويحجب الإنسان عن ربه. ويشغله
بالماديات واللذائذ، فإن هذا التفرق والتشتت والتوزع في الزمان، والحجب
عن الله، لا يقع في النشأة الأولى في الخزائن، فإنها اتصال دائم به
تعالى، ولا يلحقه فيها أي من القذارات والتلوثات، التي هي من أحكام
نشأة الدنيا..
ولذلك تقول الآية المباركة:
إن هناك نشأة سابقة، أشهد الله فيها أفراد البشر على
أنفسهم، فشهدوا له بالألوهية والربوبية وبغير ذلك مما قدمناه.
علي
لابن الكوا: سل عما يعنيك:
عن صفوة الأخبار قال:
قام ابن الكواء إلى أمير المؤمنين «عليه السلام»، فقال:
أخبرني عن بصير بالليل بصير بالنهار.
وعن بصير بالنهار أعمى بالليل.
وعن بصير بالليل أعمى بالنهار.
فقال «عليه السلام» له:
[ويلك] سل عما يعنيك ودع ما لا يعنيك.
[ويلك] أما بصير الليل بصير النهار، فهذا رجل آمن
بالرسل [والأوصياء] الذين مضوا [وبالكتاب والنبيين، وآمن بالله]، وأدرك
النبي فآمن به، [وأقر لي بالولاية]، فأبصر في ليله ونهاره.
[وأما أعمى بالليل أعمى
بالنهار، فرجل: جحد الأنبياء والأوصياء، والكتب التي مضت، وأدرك
النبي «صلى الله عليه وآله» فلم يؤمن به، ولم يقر بولايتي، فجحد الله
عز وجل ونبيه «صلى الله عليه وآله» فعمي بالليل وعمي بالنهار].
وأما أعمى بالليل بصير بالنهار،
فرجل:
جحد الأنبياء الذين مضوا، [والأوصياء] والكتب([5]).
وأدرك النبي فآمن به، [فآمن بالله وبرسوله محمد «صلى الله عليه وآله»،
وآمن بإمامتي وقبل ولايتي، فعمي بالليل وأبصر بالنهار] فعمي بالليل
وأبصر بالنهار.
وأما
أعمى بالنهار بصير بالليل، فرجل:
آمن بالأنبياء والكتب، وجحد بالنبي [وولايتي، وأنكرني
حقي] ، فأبصر بالليل وأعمى بالنهار([6]).
ما بين المعقوفات أخذناه من كتاب الاحتجاج للطبرسي.
وزاد على الرواية المتقدمة قوله: ويلك يا بن الكواء، فنحن بنو أبي طالب
بنا فتح الله الإسلام وبنا يختمه.
قال الأصبغ:
فلما نزل أمير المؤمنين «عليه السلام» من المنبر تبعته،
فقلت: يا سيدي يا أمير المؤمنين، قويت قلبي بما بينت.
فقال لي:
يا أصبغ، من شك في ولايتي فقد شك في إيمانه، ومن أقر
بولايتي فقد أقر بولاية الله عز وجل، ولايتي متصلة: بولاية الله كهاتين
ـ وجمع بين إصبعيه ـ.
يا أصبغ، من أقر بولايتي فقد فاز، ومن أنكر ولايتي فقد
خاب وخسر، وهوى في النار، ومن
دخل في النار لبث فيها أحقاباً([7]).
ونقول:
قال المحقق التستري «رحمه الله»:
قلت:
مصداق قوله «عليه السلام» في الجواب عن السؤال الأول من
البصير بالليل والنهار: صرمة بن أبي أنس، من بني النجار من الأنصار،
فإنه فارق الأوثان في الجاهلية وقال: أعبد رب إبراهيم. ولما قدم رسول
الله «صلى الله عليه وآله» المدينة أسلم وحسن إسلامه، وهو القائل في
الجاهلية في الله تعالى:
سـبـحـوا
الله شـرق كـل صبــاح طـلـعـت شـمـسـه وكـل هـلال
وفي الإسلام وفي رسول الله «صلى الله عليه وآله»:
ثـوى في قـريش بضع عشرة
حجة بمكـة لا يـلقى صـديقـاً مـواتـيـا
ويعرض في أهـل المـواسـم نفسـه فلـم يـر مـن يـوفي ولـم
يـر داعيا
فـلـمـا أتـانــا أظـهـر الله ديـنــه وأصـبـح مسـروراً
بـطـيبة راضيا
وعن السؤال الثاني من الأعمى بالليل
والبصير بالنهار:
أكثر الصحابة.
وعن السؤال الثالث من البصير بالليل
والأعمى بالنهار:
أمية بن أبي الصلت، فإنه كان في الجاهلية قرأ الكتب،
ورغب عن عبادة الأوثان، وكان يخبر: بأن نبياً يبعث قد أظل زمانه، فلما
سمع بخروج النبي كفر حسداً له.
ولما
أُنْشِدَ النبيُّ شعرَه قال «صلى الله عليه وآله»:
آمن لسانه وكفر قلبه([8]).
وسأله ابن الكواء علياً «عليه
السلام»:
كم بين السماء والأرض؟!
فقال «عليه السلام»:
دعوة مستجابة.
قال:
وما طعم الماء؟!
قال:
طعم الحياة.
وقالوا:
وكم بين المشرق والمغرب؟!
فقال «عليه السلام»:
مسيرة يوم الشمس.
قال:
وما أخوان ولدا في يوم واحد، وماتا في يوم واحد، وعمر
أحدهما خمسون ومائة سنة، وعمر الآخر خمسون سنة؟!
فقال «عليه السلام»:
ولد عزير وعزرة أخوة، لأن عزيراً أماته الله مائة عام
ثم بعثه.
وسأله عن بقعة ما طلعت عليها الشمس إلا لحظة واحدة؟!
فقال:
ذلك البحر الذي فلقه الله لبني إسرائيل.
وعن إنسان يأكل ويشرب ولا يتغوط؟!
قال «عليه السلام»:
ذلك الجنين.
وعن شيء شرب وهو حي، وأكل وهو ميت؟!
فقال:
ذلك عصا موسى شربت وهي في شجرتها غضة، وأكلت لما التقفت
حبال السحرة وعصيهم.
وعن بقعة علت على الماء في أيام الطوفان؟!
فقال «عليه السلام»:
ذاك موضع الكعبة، لأنها كانت ربوة.
وعن مكذوب عليه ليس من الجن ولا من الإنس؟!
فقال:
ذلك الذئب، إذ كذب عليه إخوة يوسف.
وعن من أوحي إليه، لا من الجن، ولا من الإنس؟!
فقال:
﴿وَأَوْحَى
رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ﴾([9]).
وعن أطهر بقعة على وجه الأرض، لا تجوز الصلاة عليها؟!
فقال:
ذلك ظهر الكعبة.
وعن رسول ليس من الجن ولا الإنس، والملائكة والشياطين؟!
فقال:
الهدهد، اذهب بكتابي هذا؟!
وعن مبعوث ليس من الجن، والإنس، والإنس، والملائكة،
والشياطين؟!
فقال «عليه السلام»:
ذلك الغراب،
﴿فَبَعَثَ
اللهُ غُرَاباً﴾([10]).
وعن نفس في نفس ليس بينهما قرابة ولا رحم؟!
فقال «عليه السلام»:
ذلك يونس النبي في بطن الحوت.
قال:
ومتى القيامة؟!
قال:
عند حضور المنية وبلوغ الأجل.
قال:
وما عصا موسى؟!
فقال «عليه السلام»:
كان يقال لها: الإربية، وكان [نت] من عوسج، طولها سبعة
أذرع بذراع موسى، وكانت من الجنة، أنزلها جبرائيل «عليه السلام» على
شعيب «عليه السلام»([11]).
1 ـ
وعن الأصبغ بن نباتة قال: خطبنا أمير المؤمنين «عليه
السلام» على منبر الكوفة، فحمد الله وأثني عليه، ثم قال:
أيها الناس، سلوني، فإن بين جوانحي علماً جماً.
فقام إليه ابن الكواء، فقال:
يا أمير المؤمنين، ما الذاريات ذرواً؟!
قال:
الرياح.
قال:
فما الحاملات وقرا؟!
قال:
السحاب.
قال:
فما الجاريات يسراً؟!
قال:
السفن.
قال:
فما المقسمات أمراً.
قال:
الملائكة.
قال:
يا أمير المؤمنين، وجدت كتاب الله ينقض بعضه بعضاً.
قال:
ثكلتك أمك يا ابن الكواء، كتاب الله يصدق بعضه بعضاً،
ولا ينقض بعضه بعضاً، فسل عما بدا لك.
قال:
يا أمير
المؤمنين سمعته يقول: ﴿بِرَبِّ
الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ﴾([12]).
وقال في آية أخرى: ﴿رَبُّ
الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ﴾([13]).
وقال في آية أخرى: ﴿رَبُّ
الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ﴾([14]).
قال:
ثكلتك أمك يا بن الكواء، هذا المشرق، وهذا المغرب.
وأما قوله: ﴿رَبُّ
الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ﴾،
فإن مشرق الشتاء على حدة، ومشرق الصيف على حدة. أما تعرف ذلك من قرب
الشمس وبعدها؟
وأما قوله: ﴿بِرَبِّ
الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ﴾،
فإن لها ثلاثمائة وستين برجاً، تطلع كل يوم من برج، وتغيب في آخر، فلا
تعود إليه إلا من قابل في ذلك اليوم.
قال:
يا أمير المؤمنين، كم بين موضع قدمك إلى عرش ربك؟!
قال:
ثكلتك أمك يا بن الكواء سل متعلماً، ولا تسأل متعنتاً. من موضع قدمي
إلى عرش ربي أن يقول قائل مخلصاً: «لا إله إلا الله».
قال:
يا أمير المؤمنين، فما ثواب من قال: لا إله إلا الله؟!
قال:
من قال لا إله إلا الله مخلصاً طمست ذنوبه، كما يطمس
الحرف الأسود من الرق الأبيض.
فإن قال ثانية:
لا إله إلا الله مخلصاً خرقت أبواب السماوات وصفوف
الملائكة حتى يقول الملائكة بعضها لبعض: اخشعوا لعظمة الله.
فإذا قال ثالثة:
لا إله إلا الله مخلصاً، لم تنته دون العرش، فيقول
الجليل: «اسكني، فوعزتي وجلالي لأغفرن لقائلك بما كان فيه».
ثم تلا هذه الآية: ﴿إِلَيْهِ
يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ﴾([15]).
يعني:
إذا كان عمله صالحاً ارتفع قوله وكلامه.
قال:
يا أمير المؤمنين، أخبرني عن قوس قزح.
قال:
ثكلتك أمك، لا تقل: قوس قزح، فإن قزحاً اسم شيطان، ولكن
قل: قوس الله، إذا بدت يبدو الخصب والريف.
قال:
أخبرني يا أمير المؤمنين عن المجرة التي تكون في
السماء.
قال:
هي شرج في السماء، وأمان لأهل الأرض من الغرق، ومنه
أغرق الله قوم نوح بماء منهمر.
قال:
يا أمير المؤمنين أخبرني عن المحو الذي يكون في القمر.
قال «عليه السلام»:
الله أكبر،
الله أكبر، الله أكبر، رجل أعمى يسأل عن مسألة عمياء، أما سمعت الله
تعالى يقول: ﴿وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ
وَالنَّهَارَ آَيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آَيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا
آَيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً﴾([16]).
قال:
يا أمير المؤمنين، أخبرني عن أصحاب رسول الله «صلى الله عليه وآله».
قال:
عن أي أصحاب رسول الله تسألني؟!
قال:
يا أمير المؤمنين، أخبرني عن أبي ذر الغفاري.
قال:
سمعت رسول الله «صلى الله عليه وآله» يقول: «ما أظلت
الخضراء، ولا أقلت الغبراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر».
قال:
يا أمير المؤمنين، فأخبرني عن سلمان الفارسي.
قال:
بخ بخ سلمان منا أهل البيت، ومن لكم بمثل لقمان الحكيم،
علم علم الأول والآخر.
قال:
يا أمير المؤمنين، أخبرني عن حذيفة بن اليمان.
قال:
ذاك امرء علم أسماء المنافقين، إن تسألوه عن حدود الله
تجدوه بها عارفاً عالماً.
قال:
يا أمير المؤمنين، فأخبرني عن عمار بن ياسر.
قال:
ذاك امرؤ حرم الله لحمه ودمه على النار: أن تمس شيئاً
منها.
قال:
يا أمير المؤمنين، فأخبرني عن نفسك.
قال:
كنت إذا سألت أعطيت، وإذا سكت ابتُدِئْتُ.
قال:
يا أمير
المؤمنين، أخبرني عن قول الله عز وجل: ﴿قُلْ
هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً الَّذِينَ ضَلَّ
سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ
يُحْسِنُونَ صُنْعاً﴾([17]).
قال:
كفرة أهل الكتاب، اليهود والنصارى، وقد كانوا على الحق،
فابتدعوا في أديانهم، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً.
ثم نزل عن المنبر، وضرب بيده على منكب ابن الكواء. ثم
قال: يا بن الكوا، وما أهل النهروان منهم ببعيد.
فقال:
يا أمير المؤمنين، ما أريد غيرك، ولا أسأل سواك.
قال:
فرأينا ابن الكواء يوم النهروان، فقيل له: ثكلتك أمك،
بالأمس تسأل أمير المؤمنين عما سألته، وأنت اليوم تقاتله؟! فرأينا
رجلاً حمل عليه فطعنه، فقتله([18]).
2 ـ
روى هذا الخبر إبراهيم بن محمد الثقفي في كتاب الغارات
بأسانيده عن أبي عمرو الكندي، وابن جريح وغيرهما. وزاد فيه:
قال:
فما معنى السماء ذات الحبك؟!
قال:
ذات الخلق الحسن.
قال:
فكم بين المشرق والمغرب؟!
قال:
مسيرة يوم للشمس، تطلع من مطلعها فتأتي مغربها، من حدثك
غير ذلك كذبك.
فسأله:
من الذين بدلوا نعمة الله كفراً؟!
فقال:
دعهم لغيهم هم قريش.
قال:
فما ذو القرنين؟!
قال:
رجل بعثه الله إلى قومه فكذبوه وضربوه على قرنه فمات،
ثم أحياه الله، فبعثه إلى قومه، فكذبوه، وضربوه على قرنه فمات، ثم
أحياه الله، فهو ذو القرنين.
[وحسب نص الطبرسي «رحمه الله» أنه
قال:
أخبرني عن ذي القرنين أنبياً كان أم ملكاً؟! وأخبرني عن
قرنيه أمن ذهب كان أم من فضة؟!
فقال:
لم يكن نبياً، ولا ملكاً، ولم يكن قرناه من ذهب ولا
فضة، ولكنه كان عبداً أحب الله فأحبه الله، ونصح لله فنصح الله له،
وإنما سمي «ذا القرنين»، لأنه دعا قومه إلى الله عز وجل فضربوه على
قرنه، فغاب عنهم حيناً ثم عاد إليهم فضرب على قرنه الآخرة وفيكم مثله]([19]).
ثم قال:
وفيكم مثله.
وقال:
أي خلق الله أشد؟!
قال:
إن أشد خلق الله عشرة: الجبال الرواسي، والحديد تنحت به
الجبال، والنار تأكل الحديد، والماء يطفئ النار، والسحاب المسخر بين
السماء والأرض يحمل الماء، والريح تقل السحاب، والإنسان يغلب الريح
يتقيها بيديه ويذهب لحاجته، والسكر يغلب الإنسان، والنوم يغلب السكر،
والهم يغلب النوم، فأشد خلق ربك الهم([20]).
3 ـ
عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي «عليه السلام» قال:
سلوني عن كتاب الله (عز وجل)، فوالله ما نزلت آية منه في ليل أو نهار،
ولا مسير ولا مقام إلا وقد أقرأنيها رسول الله «صلى الله عليه وآله»
وعلمني تأويلها.
فقال ابن الكواء:
يا أمير المؤمنين، فما كان ينزل عليه وأنت غائب عنه؟!
قال:
كان يحفظ علي رسول الله «صلى الله عليه وآله» ما كان
ينزل عليه من القرآن وأنا عنه غائب، حتى أقدم عليه فيقرئنيه، ويقول لي:
يا علي، أنزل الله علي بعدك كذا وكذا، وتأويله كذا
وكذا، فيعلمني تأويله وتنزيله([21]).
ونقول:
لاحظ ما يلي:
يبدو:
أن هذه القضية المشار إليها في الرواية الأولى قد جرت
في أوائل خلافته «عليه السلام»، فإن فيها ذكر حذيفة بن اليمان، وقول
أمير المؤمنين «عليه السلام» للناس: إن تسألوه عن حدود الله، تجدوه بها
عارفاً عالماً، يدل على أنه كان لا يزال حياً إلى هذا الوقت.
فإذا كان هذا الحوار قد جرى في مسجد الكوفة، فذلك يعني
أن حذيفة قد عاش إلى حين انتقال علي «عليه السلام» من المدينة إليها،
وذلك إنما حصل بعد أشهر من خلافته..
فيتناقض على قولهم:
إن حذيفة «رحمه الله» قد توفي بعد البيعة لعلي «عليه
السلام» بالخلافة بأربعين يوماً([22]).
إلا إن قلنا:
إن قوله «عليه السلام»: «إن تسألوه عن حدود الله تجدوه
عارفاً عالماً» قد جاء على نحو القضية الحقيقية، لا الخارجية.
وقلنا:
إن الحديث عن تاريخ وفاته غير دقيق.
إنه «عليه السلام» حين سئل عن سلمان، وأبي ذر، وحذيفة،
وعمار، أجاب بالخصوصية التي امتازوا بها، فذكر ميزة الصدق لأبي ذر،
وميزة سلمان بالحكمة، والقرب من أهل البيت «عليهم السلام»، والشبه بهم
في الهدي والسلوك. وميزة المعرفة بالمنافقين لحذيفة، وميزة الصلاح
والتقوى لعمار، حتى استحق الجنة.
ولكنه حين سئل عن نفسه ذكر ميزة تخصيص رسول الله «صلى
الله عليه وآله» له بالتعليم، وشدة اهتمامه هو بنيل هذا الذي أراد الله
ورسوله له أن يناله..
إنه «عليه السلام» قد أخبر ابن الكواء عن أهل النهروان
أيضاً رغم أن هذه القضية قد سبقت النهروان، ليقيم بذلك الحجة عليه،
وعلى جميع من كان حاضراً لهذا الذي جرى، ومن بلغه ذلك.
وليكون هذا الإخبار تصديقاً عملياً لما ذكره عن نفسه،
من أن الله ورسوله قد اختصاه بالعلم الخاص.. وقد أثمر هذا حين لقي
الناس ابن الكواء في النهروان، فتعجبوا من ظهور مصداق قوله «عليه
السلام» فيه حسبما تقدم.
1 ـ
إن تفسيره لقوله تعالى: ﴿الَّذِينَ
بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللهِ كُفْراً﴾([23])
بقريش هو من قبيل التطبيق الصادق للآية على واحد من مواردها الظاهرة..
وقوله «عليه السلام»:
«دعهم لغيهم» لعله أراد أن يشير به إلى أن الأيام ستكشف
حقيقتهم، وسيظهر لهم ما وعد الله فيهم، وفي أمثالهم.
2 ـ
ورد في روايات عديدة، وبعضها صحيح السند: أن المقصود بمن بدل ﴿نِعْمَةَ
اللهِ كُفْراً﴾
هو قريش([24])،
فإن الله تعالى قد ذكر في آية البلاغ: أن الذين لا يرضون بتبليغ ولاية
علي «عليه السلام» في عداد الكافرين. قال تعالى: ﴿يَا
أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ
وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ
مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ﴾([25]).
وحين بلغ في يوم الغدير إمامة علي «عليه السلام»، وأخذ
له البيعة نزل قوله تعالى: ﴿الْيَوْمَ
أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي
وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِيناً﴾([26]).
فظهر بذلك المراد من النعمة، وظهر المراد بمن كفر بها، وذلك ظاهر لا
يخفى.
علي
ذو قرنيها:
إن مقتضى جوابه عن ذي القرنين هو أن يكون هذا الرجل من
الأنبياء، ثم أشار إلى أنه هو «عليه السلام» مثل ذي القرنين، وقد ورد:
أنه «عليه السلام» ذو قرنيها([27]).
الشرج:
منفسح الوادي، ومسيل ماء، ولعله شبه به لشباهته به
ظاهراً، أو لكونه منه أغرق الله قوم نوح «عليه السلام»([28]).
ثم إننا لا ندري إن كان «عليه السلام» يقصد بشرج السماء
هو ما يعرف في أيامنا هذه بالثقوب السوداء، التي تشبه منفسح الوادي،
وتغيب النجوم فيه، وتختفي في ظلماته.
قال المجلسي «رحمه الله»:
قوله «عليه السلام»: «أن يقول قائل مخلصاً: لا إله إلا
الله»، لعل المعنى: أن القائل إذا قال ذلك يصل إلى العرش في أقرب من
طرف العين.
والحاصل:
أن السؤال عن قدر المسافة لا ينفعكم، بل ينبغي أن تسألوا عما يصل إلى
العرش ويقبله الله تعالى من الأعمال.
وقال الجزري:
فيه: «فما نهنهها شيء دون العرش» أي ما منعها وكفها عن
الوصول إليه([29]).
والريف بالكسر: أرض فيها زرع وخصب والسعة في المأكل والمشرب([30]).
عمار الذهبي، عن أبي الصهباء، قال:
قام ابن الكواء إلى علي «عليه السلام» وهو على المنبر،
وقال: إني وطأت دجاجة ميتة، فخرجت منها بيضة، فآكلها؟!
قال:
لا.
قال:
فإن استحضنتها فخرج منها فرخ، آكله؟!
قال:
نعم.
قال:
فكيف.
قال:
لأنه حي خرج من ميت، وتلك ميتة خرجت من ميتة([31]).
ونقول:
1 ـ
لم يكن مقصود ابن الكواء الخارجي: أنه قد وطأ الدجاجة
فعلاً، بل قصد صياغة سؤاله بهذه الطريقة.
2 ـ
إن ابن الكواء كان مهتماً بأن يحرج علياً «عليه السلام»
ولو بمسألة واحدة، لكي يتمكن من الطعن بإمامته، وكان الله تعالى له
بالمرصاد، فكان يواجه الخيبة تلو الخيبة، وتزداد قناعة الناس بإمامته
«عليه السلام»، من خلال تلمسهم تفوقه في كل العلوم، وفي جميع الخصال..
إن السؤال عن الدليل والمبرر، والعلة والسبب قد أصبح هو
الظاهرة التي تميز علاقة أهل البيت بالناس. ولم يعد هناك أي حرج في أن
يطلب أي كان من الحاكم تبرير أقواله وأفعاله. وإنما كان هذا ببركات
وجودهم، وبفضل جهودهم «عليهم السلام» الرامية إلى ترسيخ هذه الطريقة في
الناس، وهو نهج ينسجم مع الطبيعة البشرية، التي تريد أن تتعامل مع
الأمور بوضوح، وأن تطمئن إلى صحة ما تقدم عليه في أقوالها، وأفعالها.
إن الحكم بحرمة البيضة التي تخرج الدجاجة الميتة لم يكن
لأجل وطئها وحسب، بل كان أيضاً لأجل موتها، كما أظهره قوله «عليه
السلام»: «وتلك ميتة خرجت من ميتة».
وهذا الحكم إن كان تعبدياً فلا بد من التسليم والقبول،
وإن لم يكن تعبدياً، فقد يقال: لعل الحديث عن البيض الذي لم يكتمل، ولم
يتصلب، والذي لا يزال متجمعاً في أحشاء الدجاجة، ومتصلاً بها، ويفترض
أن يتغذى، وينمو ويكبر حتى يتصلب قشره، ثم يخرج، فالحكم على هذا البيض
الذي لم يكتمل بعد بأنه ميتة يكون مقبولاً ومعقولاً، ولذلك قبل ابن
الكواء بهذا الجواب، وسكت..
ولو كان المقصود هو البيضة التي اكتملت، ولم يعد لها أي
تأثير بمحيطها، ولم يبق إلا أن تخرج، فالأمر يكون ملتبساً، إلا إذا فرض
أن هذه البيضة قد بقيت في جوف الدجاجة الميتة، وقتاً طويلاً، واكتسبت
منها ما أوجب حرمتها. كما يشير إليه قوله: «لو استحضنتها فخرج منها فرخ
إلخ..». إلا إن كان يريد أن يفترض أولاً: أن البيضة لم تتصلب، ولم
تنفصل، ثم يفترض ثانياً: صورة ما لو تصلبت وانفصلت.. والله هو العالم.
عن الأصبغ بن نباتة، قال:
كنت جالساً
عند أمير المؤمنين «عليه السلام»، فجاء ابن الكواء، فقال: «يا أمير
المؤمنين، مَنِ البيوت في قول الله عز وجل: ﴿وَلَيْسَ
الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ
الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا﴾؟!([32]).
قال علي «عليه السلام»:
نحن البيوت التي أمر الله بأن تؤتى من أبوابها.
نحن باب الله وبيوته التي يؤتى منه. فمن بايعنا، وأقر
بولايتنا فقد أتى البيوت من أبوابها. ومن خالفنا، وفضل علينا غيرنا فقد
أتى البيوت من ظهورها.
فقال:
يا أمير المؤمنين، ﴿وَعَلَى
الْأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلّاً بِسِيمَاهُمْ﴾؟!([33]).
فقال علي «عليه السلام»:
نحن أصحاب الأعراف، نعرف أنصارنا بسيماهم. ونحن الأعراف
يوم القيامة بين الجنة والنار، فلا يدخل الجنة إلا من عرفنا وعرفناه،
ولا يدخل النار من أنكرنا وأنكرناه.
وذلك بأن الله عز وجل لو شاء عرَّف الناس نفسه، حتى
يعرفوه وحده، ويأتوه من بابه.
ولكنه جعلنا أبوابه، وصراطه، وسبيله، وبابه الذي يؤتى
منه، فقال في من عدل عن ولايتنا، وفضل علينا غيرنا: فإنهم ﴿عَنِ
الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ﴾([34])»([35]).
وحسب نص الكليني:
«نحن الأعراف نعرف أنصارنا بسيماهم، ونحن الأعراف الذين
لا يعرف الله إلا بسبيل معرفتنا، ونحن الأعراف يعرفنا الله عز وجل يوم
القيامة على الصراط، فلا يدخل الجنة إلا من عرفنا وعرفناه، ولا يدخل
النار إلا من أنكرنا وأنكرناه.
إن الله تبارك وتعالى لو شاء لعرف العباد نفسه، ولكن
جعلنا أبوابه وصراطه وسبيله، والوجه الذي يؤتى منه. فمن عدل عن
ولايتنا، أو فضل علينا غيرنا، فإنهم عن الصراط لناكبون. فلا سواء من
اعتصم الناس به، ولا سواء حيث ذهب الناس إلى عيون كدرة، يفرغ بعضها في
بعض. وذهب من ذهب إلينا إلى عين صافية تجرى بأمر ربها، لا نفاد لها ولا
انقطاع»([36]).
ونقول:
بالنسبة للبيوت وأبوابها نقول:
علينا ملاحظة الأمور التالية:
1 ـ
إن تفسير الأبواب بالأوصياء هو من باب التطبيق.
ويشير إلى ذلك:
أنه قد روي تفسير هذه الآية عن أبي جعفر «عليه السلام»
وأنه قال: يعني: أن يأتي الأمر من وجهه، أي الأمور كان([37]).
2 ـ
قال علي بن
إبراهيم عنه هذه الآية: ﴿وَأْتُوا
الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا﴾:
نزلت في أمير المؤمنين «عليه السلام»، لقول رسول الله «صلى الله عليه
وآله »: «أنا مدينة العلم وعلي بابها، ولا تأتوا المدينة إلا من بابها»([38]).
ومن الواضح:
أن هذا اجتهاد من علي بن إبراهيم «رحمه الله»، وليس
استناداً إلى نص صرح له بنزول الآية الشريفة بخصوص أمير المؤمنين «عليه
السلام».
3 ـ
إن الآية لم تصرح بأن الحديث هو عن بيوت الله تعالى،
ولكن أمير المؤمنين «عليه السلام» نقل الكلام إلى النقطة الأكثر حساسية
وأهمية بالنسبة للبشر كلهم، وهو تحديد بيوت الله تعالى التي يجد فيها
البشر كل حاجاتهم التي يريدون الاحتفاظ بها، للاستفادة منها في صنع
إنسانيتهم، وتصحيح مسارهم، وضبط حركتهم في مسيرهم بها إلى مصيرهم..
4 ـ
إن الوصول إلى الله تعالى، والدخول في دائرة الأمان
عنده لا بد أن يكون بدخول بيته، ولكن بالطريقة الصحيحة والطبيعية، وهي
أن يدخلوا البيوت من أبوابها. لأن من حاول الدخول من غير الباب سيعد
سارقاً، أو مغيراً. وسيجد الموانع، والحجب، والحواجز، والجدر، وسيواجهه
الصد والمنع من مواصلة السعي، والسؤال الملِّح عن سبب اختيار اسقاط هذه
الموانع، التي لا يرضى صاحب البيت بإسقاطها وتجاوزها، ولا يمكن الحصول
على رضا صاحب البيت بما يسخطه.
5 ـ
وقد حدد علي «عليه السلام» كيفية دخول الباب، وذلك
بأمرين:
أولهما:
البيعة للإمام من أهل البيت، التي تعني اعطاء العهود
والمواثيق على النصرة، والالتزام بفروض الطاعة فيما يأمرهم به، وينهاهم
عنه، بصفته قائداً وحاكماً، وإماماً. والمعونة على القيام بما تفرض
سياسة العباد ومصالحهم القيام به.
الثاني:
الإقرار بولايتهم «عليهم السلام»، التي تعني التسليم
بأن الله تعالى جعل لهم الإمامة، وأوجب على الناس محبتهم، وتوليهم
والبراءة من أعدائهم، فلا تكفي البيعة لهم عن الإقرار بالولاية لهم،
وعقد القلب عليها. والالتزام بها، والتبني والاحتضان لها في عمق
الوجدان والضمير، وحياطتها بالأحاسيس والمشاعر، لأن البيعة بمجردها لا
تعني الوصول إلى الله، فإنها قد تنتهي عند التعامل المصلحي الدنيوي،
ولا تتجاوزه إلى الارتباط الروحي، وتهيئة أجواء الهداية والرعاية
والتنشئة، وتصويب المسار فيما يرتبط بقضايا الإيمان والإعتقاد، فضلاً
عن تهيئة الدواء الشافي، والغذاء الكافي للروح، وبناء علاقتها بالله
على أسس صحيحة وسليمة، بالطرق القويمة، والحكيمة..
كما أن الاكتفاء بالتولي والتبري، وعدم المشاركة في
النصرة، والمعونة، وعدم التعرض لصيانة الأمة في أمنها، ودفع أعدائها،
وحفظ مصالحها، وضبط حركتها.. سيأتي متوافقاً عملياً مع مضمون الآية
الكريمة: ﴿أَفَتُؤْمِنُونَ
بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ﴾.
وذلك لأن الدخول إلى بيوت الله معناه: الحصول على كل
الرغائب، والأمن من جميع المعاطب، في الدنيا وفي الآخرة.
ولا يتحقق ذلك إلا بالالتزام بالنهج الإلهي التام في كل
الاتجاهات، حتى يصبح الإنسان متمحضاً في خدمة الأهداف الإلهية في كل
جهات وجوده.
وهذا يفرض الحضور الفاعل والمؤثر في مواضع رضا الله
سبحانه كلها..
ويصبح كل تخلف بمثابة ثغرة في جدار بيت الأمن والأمان
الإلهي، وتعريض للنفس إلى المهالك والمعاطب..
6 ـ
واللافت هنا: أن أمير المؤمنين «عليه السلام» قد بيَّن
مورد التخلي عن ولايتهم «عليهم السلام» الذي معناه: إتيان البيوت من
ظهورها.. وهو يقتضي الصد، والمنع من دخول تلك البيوت بهذه الطريقة
المبغوضة لله تعالى ـ بينه ـ بصيغة: مخالفتهم وتفضيل غير أهل البيت على
أهل البيت «عليهم السلام»، فقال: «ومن خالفنا، وفضل علينا غيرنا، فقد
أتى البيوت من ظهورها».
فإتيان البيوت من ظهورها يتقوم بأمرين أيضاً:
أحدهما:
نفس مخالفتهم، وعدم توليهم، وعدم الأخذ منهم، وإن لم
يصل الأمر إلى العداء والبغض.
الثاني:
تفضيل غيرهم وترجيحه عليهم. وإن اعترف لهم بقدر من
الفضل، وهذا معناه: أن نفس هذا التفضيل، ونفس أن لا يكون معهم، سوف
يجعله خارج دائرة بيوت الله، وسوف يحجبه عن الاهتداء إلى الأبواب،
الأمر الذي يجعله في دائرة الهلاك، والبوار..
إن ما ذكره «عليه السلام» عن رجال الأعراف إنما أشار به
إلى قوله تعالى: ﴿وَبَيْنَهُمَا
حِجَابٌ وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلّاً بِسِيمَاهُمْ
وَنَادَوْا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ
يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ
تِلْقَاءَ أَصْحَابِ النَّارِ قَالُوا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا مَعَ
الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ وَنَادَى أَصْحَابُ الْأَعْرَافِ رِجَالاً
يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَاهُمْ قَالُوا مَا أَغْنَى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ
وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ
لَا يَنَالُهُمُ اللهُ بِرَحْمَةٍ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لَا خَوْفٌ
عَلَيْكُمْ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ﴾([39]).
وبالنسبة للأعراف، ورجالها نقول:
1 ـ
إن سياق الرواية المتقدمة يعطي ما يلي:
ألف:
إن الله تعالى هو الغاية ومنه يكون تحديد الوسيلة لكل
من سلك طريق الحياة، فمن اتصل به، أو وصل إليه نجا وسعد، ومن حاد وضل
عنه هلك وشقي..
ب:
إن الوصول إليه تعالى يحتم الدخول إلى بيت رحمته
وغفرانه من بابه المعد لذلك.
ج:
لقد ربط «عليه
السلام» في هذا النص بين آية: ﴿وَأْتُوا
الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا﴾.
وبين آية: ﴿وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ
يَعْرِفُونَ كُلّاً بِسِيمَاهُمْ﴾([40])،
ليدل على أنه لا يصل إليه إلا من باب أهل البيت «عليهم السلام»، فإنهم
هم باب الله الذي يؤتى منه.
د:
إنه تعالى جعل التعلق بأهل البيت «عليهم السلام»،
وتوليهم والبيعة لهم، وطاعتهم، والبراءة من أعدائهم، هو الصراط الذي
يكون السلوك فيه بالأعمال الصالحة، من موجبات سالكه من المعاطب
والمهالك، وهو ينقله إلى بر الأمان.
هـ:
ثم جعلهم بابه الذي يؤتى منه.. وجعلهم على الأعراف،
ليميزوا شيعتهم من مخالفيهم، ويشفعوا للفساق من محبيهم، ويحبس فيه قوم
من المذنبين إلى أن يشفع لهم..
والأعراف:
1 ـ
هو مكان عال مرتفع بين الجنة والنار، يشرفون منه على
الخلائق، وعلى الجنة والنار.
2 ـ
أو هو موضع يعرف فيه الخلائق أئمتهم بالإمامة والولاية
فيسعدون بذلك أو إنكارهم لهم ـ فتكون لهم الخيبة والخسران.
3 ـ
وهو أيضاً موضع معرفة الأئمة للخلائق، بأنهم شيعتهم
وأنصارهم، لتكون هذه المعرفة هي جواز الخلائق إلى الجنة، أو السقوط في
نار الله الموصدة التي تطلع على الأفئدة.
وهو قوله «عليه السلام»:
«فلا يدخل الجنة إلا من عرفنا وعرفناه، ولا يدخل النار
إلا من أنكرنا وأنكرناه».
4 ـ
وهو أيضاً موضع يعرف فيه شرف وكرامة ومنزلة الأئمة عند
الله.
وما تقدم إنما هو بالنظر إلى حال الآخرة.. وهذا هو
المشار إليه في الرواية المتقدمة:
«نحن الأعراف يعرفنا الله عز وجل يوم القيامة على
الصراط إلخ..» كما في رواية الكافي وغيره.
5 ـ
وتطلق كلمة «الأعراف» أيضاً على حامل المعرفة، الذي
يعرف الآخرون الله تعالى بوساطته، كالنبي والإمام. وهذا هو المراد
بقوله في الرواية المتقدمة: «نحن الأعراف الذين لا يعرف الله تعالى إلا
بسبيل معرفتنا» كما في رواية الكافي . والمراد معرفة الله تعالى في
الدنيا.
6 ـ
وأيضاً: الأعراف جمع عريف، وهو النقيب المتكفل بأمور
قومه. كما أن الأشراف جمع شريف.
وقد ألمح «عليه السلام» إلى أن الله تعالى لم يعرِّف
العباد بنفسه مباشرة، بل أراد أن يكون ذلك بواسطة دلالة الأئمة، وربط
الخلق بهم، ليتولوا هم أمورهم، وليتصرفوا فيها بمعونة منهم، بابتغاء ما
يصلحهم، من موضع الرفق والمحبة، إما مباشرة، أو بالدلالة لهم بالقول
والفعل، أو على سبيل القدوة والأسوة..
وذلك رفقاً منه تعالى بعباده، ومعونة لهم، وتخفيفاً
عنهم. ولكي لا يزيدهم الإمهال تمرداً وطغياناً عليه سبحانه، أو استهانة
بأمره ونهيه. ولغير ذلك من مصالح..
وقال «عليه السلام» حسب رواية
الكافي:
«نحن الأعراف، يعرفنا الله عز وجل يوم القيامة على
الصراط». أي يجعلنا عرفاء، ويقيمنا عليه.. أو يجعلنا أصحاب معرفة
بأوليائنا وأعدائنا على الصراط..
وهذا يعني:
أن أهل كل عصر لا يدخلون الجنة إلا إذا عرفوا إمام
زمانهم، وتولوه، وصدقوه وتابعوه.
قال الملا صالح المازنداني:
«بيان الحصر من وجهين:
أحدهما:
أن دخول الجنة لا يمكن لأحد من هذه الأمة إلا باتباع
الشريعة النبوية، ولزوم العمل بها.
ولا يمكن ذلك إلا بمعرفتها ومعرفة كيفية العمل بها.
ولا يمكن ذلك إلا بتبيان صاحب الشريعة، والقائم بها،
وإرشاده وتعليمه..
وذلك لا يمكن إلا بمعرفة المأموم للإمام، وحقيقة
إمامته، وصدق ولايته له ليقتدي به، ومعرفة الإمام للمأموم ليهديه، فإن
دخول الجنة متوقف على معرفة الإمام للمأمومين، ومعرفتهم له.
ثانيهما:
إن معرفة الأئمة «عليهم السلام» ومعرفة حقيقة إمامتهم،
وصدق ولايتهم ركن من أركان الدين، ولا يدخل الجنة إلا من أقامه. ومن
عرفهم كذلك وجبت معرفتهم له بذلك»([41]).
ثم ذكر:
أنه لا يشترط في ذلك المعرفة الشخصية العينية، بل الشرط
هو المعرفة على وجه كلي.
وفي النص الذي ذكره الكليني:
أن الذين لا يتولون أئمة الهدى، ويلجأون إلى الأخذ من
غيرهم، فإنما يذهبون إلى «عيون كدرة، يفرغ بعضها في بعض».
والمراد بيان:
«أن الهدف من اعتصام الناس بالأئمة وبغيرهم، وتوليهم
لهم، هو أن يجدوا عندهم من العلوم والمعارف ما به حياتهم، وصلاح
أمورهم..» ويشبهون هذا بالماء الذي يعطي الحياة للأشياء المادية،
ويريدون له أن يعطي الحياة للقلوب والأرواح.
وهذا ما فعله «عليه السلام» هنا، فإنه شبه علوم
مخالفيهم «عليهم السلام» بعيون فيها ماء كدر، لا يستسيغ الناس شربه،
ولا الاستفادة منه في أكثر مواضع الحاجة.
ولعل كدورته تشي بقلته، لأن الماء النابع يتخلص من
الأغيار والأكدار، ويتغلب عليها، فإذا كان الماء كدراً دل ذلك على عدم
قدرته على التخلص من الأغيار، وعجزه عن التغلب عليها، فكيف إذا كان
مستعاراً من آبار أخرى، فإذا حصل الماء في إحداها، خلا ما سواها منه،
لأن بعضها يفرغ في بعض، وهو ينضب بأخذ القليل منه..
وذلك لأن ما عند غير أهل البيت من علوم لا يعدو كونه
مجموعة لمحات يسيرة مما وصل إليهم من الحكم والشرائع السابقة، وقد
اختلطت بكثير من الشبهات والأباطيل والأضاليل ولوثتها الخيالات
والأوهام الفاسدة. ولا يكاد يتميز الصحيح من السقيم، والموبوء من
السليم، فهم بحاجة إلى أن يستعير بعضهم من بعض، من تلك الأكدار التي لا
رافد لها، وسرعان ما تنفد وتضمحل. مع قصورها الظاهر عن الوفاء
بالحاجات، ومع ضررها، وخطرها على الصحة والسلامة، بل على الوجود، وعلى
الحياة.
أما علوم أهل البيت «عليهم السلام»، فهي الغاية في
الصفاء والنقاء والسلامة، والطهارة، ولا نفاد لها ولا انقطاع. تجري في
قلوبهم التقية، وتتفايض على أرواحهم الصافية النقية، من منابع الوحي
والإلهام الرباني، وليست مشوبة بالآراء والأوهام، بل هي محض النواميس
الإلهية، والأسرار الربانية.
1 ـ
وقد ذكر «عليه السلام» من يتولون الأئمة «عليهم السلام»
بوصف «أنصارنا»، ولم يقل «شيعتنا»، لأن المطلوب ليس مجرد التولي
والاعتقاد. بل المقرون بالعمل والممارسة، إلى حد أن يصبح المعيار: هو
ما ينفع أو يضر الشخص المطلوب منه التولي، بل أن يتجاوز حدود الذات
والأنا ويرقى إلى البذل والتضحية في سبيل الآخرين. وذلك بالمبادرة إلى
نصرهم بمختلف الوسائل المتاحة..
2 ـ
إنه «عليه السلام» قد ذكر هنا معرفة العرفاء أنصارهم
بسيماهم. ولم يذكر معرفتهم لأعدائهم بسيماهم أيضاً.. مع أن الآية
الشريفة أشارت إليهما معاً، فقد قال تعالى:
﴿وَعَلَى
الْأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلّاً بِسِيمَاهُمْ﴾([42])،
ثم قال بعد ذلك:
﴿وَنَادَى
أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا
وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقّاً فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ
حَقّاً قَالُوا نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ
اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ
اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجاً وَهُمْ بِالْآَخِرَةِ كَافِرُونَ﴾([43]).
فقد صرحت الآية:
بأن أصحاب الأعراف يعرفون الذين جمعوا واستكبروا،
وأقسموا لا ينال الله المؤمنين برحمة ـ يعرفونهم ـ بسيماهم أيضاً..
فلماذا لم يشر الإمام إليهم في الرواية المتقدمة؟!
ونجيب:
بأن المتكلم إذا كان هو رب العالمين، فهو إنما يخبر عن
حقيقة ما أعطاه للعرفاء من مقامات وكرامات، والذي أعطاهم إياه هو معرفة
الأنصار والأعداء على حد سواء..
ولكن حين يكون المتكلم هو العرفاء أنفسهم عن أنفسهم،
فإنهم يكتفون بذكر معرفتهم بأنصارهم، لإظهار شدة اهتمامهم بهم، وإظهار
أن كل همهم هو السعي لإكرامهم وإعانتهم على الوصول إلى جنان الخلد..
وأن أمرهم مقدم عندهم على كل أمر وهو من أسباب فرح الأئمة العرفاء
وابتهاجهم، ولذلك لم يذكروا «عليهم السلام» أعداءهم، ولكي لا يتوهم
متوهم: أن الدافع لهم هو رواسب وحزازات، وثارات شخصية، ورغبة في
الانتقام لمجرد العداوة والبغض الذاتي والشخصي لهم.
وقوله «عليه السلام»:
لا يدخل النار إلا من أنكرنا وأنكرناه، متوافق مع قوله
«صلى الله عليه وآله»: «من مات ولم يعرف إمام وقته (زمانه) فقد مات
ميتة جاهلية». وقوله «صلى الله عليه وآله»: «يحشر المرء مع من أحب».
([1])
الآية 173 من سورة الأعراف.
([2])
الآية 14 من سورة طه.
([3])
خصائص الأئمة ص87 وقضـاء أمير المـؤمنـين «عليه السلام»
للتسـتري (ط = = مؤسسة الأعلمي) ص102عنه، وبحار الأنوار ج5
ص258 وج40 ص284 و 285 وج64 ص101 وموسوعة أحاديث أهل البيت
للنجفي ج11 ص191 وتفسير العياشي ج2 ص41 وتفسير نور الثقلين ج2
ص99 وتفسير الميزان ج8 ص324 وعجائب أحكام أمير المؤمنين للسيد
محسن الأمين ص219.
([4])
الآية75 من سورة الأنعام.
([6])
قضاء أمير المؤمنين «عليه السلام» للتستري (ط مؤسسة الأعلمي ـ
الطبعة العاشرة) ص104 و 105 والإحتجاج للطبرسي ج1 ص543 و 544 و
(ط دار النعمان) ج1 ص339 وبحار الأنوار ج40 ص283 عن كتاب صفوة
الأخبار، وعجائب أحكام أمير المؤمنين للسيد محسن الأمين ص208.
وكتاب التوحيد للصدوق ص281 وتفسير فرات ص46 وتفسير القمي ج2
ص106 وتأويل الآيات ج1 ص365.
([7])
راجع: الاحتجاج للطبرسي ج1 ص543 و 544 و (ط دار النعمان) ج1
ص338 ـ 340 وبحار الأنوار ج10 ص83 عنه.
([8])
قضاء أمير المؤمنين «عليه السلام» للتستري (ط مؤسسة الأعلمي)
ص105 وتفسير السمرقندي ج1 ص580 والمعارف لابن قتيبة ص60 وخزانة
الأدب للبغدادي ج1 ص246.
([9])
الآية 68 من سورة النحل.
([10])
الآية 31 من سورة المائدة.
([11])
راجع: مناقب آل أبي طالب ج2 ص383 و 384 و (ط المكتبة الحيدرية)
ج2 ص203 و 204 وبحار الأنوار ج10 ص84 ـ 86.
([12])
الآية 40 من سورة المعارج.
([13])
الآية 17 من سورة الرحمن.
([14])
الآية 9 من سورة المزمل.
([15])
الآية 10 من سورة فاطر.
([16])
الآية 12 من سورة الإسراء.
([17])
الآيتان 103و 104 من سورة الكهف.
([18])
الإحتجاج ج1 ص612 ـ 617 و (ط دار النعمان) ج1 ص385 ـ 388 وبحار
الأنوار ج10 ص121 ـ 123 وراجع ج22 ص329 وج56 ص327 وج55 ص90 و
159 وراجع: التبيان ج9 ص378 وتفسير العياشي ج2 ص283 والغارات
ج1 ص177 وتفسير القمي ج2 ص337 ونفس الرحمن للنوري ص213.
([19])
الإحتجاج ج1 ص545 و (ط دار النعمان) ج1 ص340 وعلل الشرائع ج1
ص39 وكمال الدين ج2 ص393 وبحار الأنوار ج12 ص180 وج39 ص39
وشجرة طوبى ج1 ص183 وتفسير الميزان ج13 ص374 وتفسير نور
الثقلين ج3 ص294 والإيقاظ من الهجعة للحر العاملي ص166 و 297
والغارات للثقفي ج2 ص740 ومناقب علي بن أبي طالب لابن مردويه
ص148 والدر المنثور ج4 ص241 وكنز العمال (مؤسسة الرسالة) ج2
ص456 ومعاني القرآن ج4 ص283 وفتح القدير ج3 ص309 و 310 وراجع:
المصنف لابن أبي شيبة ج7 ص468 وتفسير البغوي ج3 ص178 وتفسير
الآلوسي ج16 ص30 وسبل الهدى والرشاد ج2 ص348 .
([20])
الغارات ج1 ص177 ـ 183 وبحار الأنوار ج10 ص124 و 125 وج57 ص200
وراجع ج40 ص284 عن صفوة الأخبار، وج12 ص180 وتفسير القمي ج2
ص339 ونفس الرحمن للنوري ص213. وراجع: مجمع الزوائد ج8 ص132
والمعجم الأوسط ج1 ص276 وكنز العمال ج6 ص177 والدر المنثور ج1
ص166 وتاريخ مدينة دمشق ج42 ص401. وراجع: الإحتجاج ج1 ص545 و
(ط دار النعمان) ج1 ص340 وعلل الشرائع ج1 ص39 وكمال الدين ج2
ص393.
([21])
الأمالي للطوسي (ط سنة 1414هـ) ص523 و (ط أخرى) ج2 ص136
والإحتجاج ج1 ص617 و 618 و (ط دار النعمان) ج1 ص388 وبحار
الأنوار ج10 ص125 وج40 ص186 وج89 ص78 وغاية المرام ج5 ص280
ومسند الإمام الرضا ج1 ص124. وكتاب سليم بن قيس ص175 و (وتحقيق
باقر الأنصاري ـ مجلد واحد) ص331 ونهج السعادة ج2 ص676.
([22])
رجال الشيخ الطوسي (ط مؤسسة النشر الإسلامي) ص35 وقاموس الرجال
= = ج3 ص141 و 143 عنه، ورجال ابن داود ص70 ونقد الرجال
للتفرشي ج1 ص408 وجامع الرواة للأردبيلي ج1 ص182 والدرجات
الرفيعة ص288 والفوائد الرجالية للسيد بحر العلوم ج2 ص176
وطرائف المقال ج2 ص80 و 134 ومروج الذهب ج2 ص383 والفصول
المهمة لابن الصباغ ج1 ص39 والكنى والألقاب ج2 ص236 وراجع:
المستدرك للحاكم ج3 ص380 وعمدة القاري ج16 ص283 والتاريخ
الصغير للبخاري ج1 ص105 والتاريخ الكبير للبخاري ج1 ص12 وج3
ص95 ومعرفة الثقات ج1 ص289 والتعديل والتجريح ج2 ص552 وتاريخ
مدينة دمشق ج12 ص261 و 301 وج55 ص261 وتهذيب الكمال ج5 ص499
والإصابة ج2 ص39 وتهذيب التهذيب ج2 ص193 وتاريخ الإسلام ج3
ص493 والوافي بالوفيات ج11 ص251 والبداية والنهاية ج6 ص232.
([23])
الآية 28 من سورة إبراهيم.
([24])
البرهان في تفسير القرآن (ط مؤسسة البعثة ـ سنة 1416هـ) ج3
ص306 ـ 308 والغارات للثقفي ج1 ص181 وبحار الأنوار ج9 ص113 و
218 وج24 ص55 وج31 ص508 ونهج السعادة ج2 ص629 وراجع: صحيح
البخاري (ط دار الفكر) ج5 ص9 والمستدرك للحاكم ج2 ص352 و 467
وفتح الباري ج7 ص235 وعمدة القاري ج17 ص92 والسنن الكبرى
للنسائي ج6 ص372 وكنز العمال (مؤسسة الرسالة) ج2 ص444 وتفسير
العياشي ج2 ص229 والتبيان للشيخ الطوسي ج6 ص294.
([25])
الآية 67 من سورة المائدة.
([26])
الآية 3 من سورة المائدة.
([27])
الأمالي للصدوق ص67 و 656 وفضائل الشيعة ص15 ومعاني الأخبار
ص205 و 206 و 207 وروضة الواعظين ص296 ووسائل الشيعة (ط مؤسسة
آل البيت) ج20 ص194 و (ط دار الإسلامية) ج14 ص140 والغارات ج2
ص742 والأمالي للمفيد ص213 والعمدة لابن البطريق ص261 و 262 و
265 ومشكاة الأنوار ص152 وبحار الأنوار ج27 ص313 وج39 ص41 و 42
و 43 و 206 و 307 وج40 ص27 و 79 وج65 ص7 و 41 و 46.
([28])
بحار الأنوار ج10 ص124 وج55 ص90 والقاموس المحيط ج1 ص195.
([29])
القاموس المحيط ج3 ص146 وبحار الأنوار ج10 ص124 وج32 ص96
وراجع: شرح سنن النسائي للسيوطي ج2 ص146 وحاشية السندي على
النسائي ج2 ص146 وعون المعبود ج2 ص337 والنهاية في غريب الحديث
ج5 ص139 وتاج العروس ج19 ص108.
([30])
بحار الأنوار ج10 ص124 وج34 ص427 وج82 ص268 وفتح الوهاب ج1
ص285 ومغني المحتاج للشربيني ج2 ص36 وكشاف القناع ج3 ص155
ومستدرك سفينة البحار ج8 ص517 ولسان العرب ج9 ص128 وشرح مسلم
للنووي ج9 ص146 وعمدة القاري ج17 ص231 والصحاح ج4 ص1367
والقاموس المحيط ج3 ص146.
([31])
مناقب آل أبي طالب ج2 ص376 و (ط المكتبة الحيدرية) ج2 ص196
وشرح الأخبار ج2 ص324 ومستدرك الوسائل ج16 ص190 وبحار الأنوار
ج63 ص50 ومشارق أنوار اليقين ص119.
([32])
الآية 189 من سورة البقرة.
([33])
الآية 46 من سورة الأعراف.
([34])
الآية 74 من سورة المؤمنون.
([35])
الاحتجاج ج1 ص 540 و 541 و (ط دار النعمان) ج1 ص337 و 338
وتفسير فرات ص 45 وراجع: الكافي ج1 ص184 وتأويل الآيات الظاهرة
ج ص86 و 176 والبرهان (تفسير) ج1 ص415 ونور الثقلين ج1 ص148
وبحار الأنوار ج23 ص248 و 249 وج8 ص 339 و 340.
([36])
راجع: الكافي ج1 ص184 وبصائر الدرجات ص517 ومختصر بصائر
الدرجات (ط سنة 1370هـ) ص55 ومختصر البصائر (تحقيق مشتاق
المظفر) ص195 وبحار الأنوار ج24 ص253 وموسوعة أحاديث أهل البيت
للنجفي ج2 ص389 وج6 ص76 وغاية المرام ج3 ص69.
([37])
المحاسن ص224 وتفسير العياشي ج1 ص105 والبرهان (تفسير) ج1 ص415
وبحار الأنوار ج2 ص262 والتبيان للطوسي ج2 ص142.
([38])
تفسير القمي ج1 ص68 والبرهان (تفسير) ج1 ص416.
([39])
الآيات 46 ـ 49 من سورة الأعراف.
([40])
الآية 46 من سورة الأعراف.
([41])
شرح أصول الكافي ج5 ص145.
([42])
الآية 46 من سورة الأعراف.
([43])
الآيتان 44 و 45 من سورة الأعراف.
|