صفحة :249-282    

الفصل الثامن:  ما أفلح قوم وليتهم امرأة..

عائشة هي الأساس:

إن من يراجع أحداث حرب الجمل يخرج بنتيجة مفادها: أن عائشة كانت هي المحور والأساس في التصميم والقرار، وهي المؤثر الأكبر في جمع الناس، وفي إثارة حماسهم، واندفاعهم إلى المشاركة، وخوض اللجج، وبذل المهج في حرب الجمل..

أما طلحة والزبير فقد شكلا عنصراً رئيسياً في التنفيذ والتنظيم والإجراء..

وقد ساعدها على بلوغ هذا المقام شدة طاعة الناس لها، لأجل سياسة أبي بكر وعمر تجاهها، حيث كانت تحظى بكل رعاية، وعناية دون غيرها من أمهات المؤمنين، لا سيما بملاحظة ما روجته هي عن نفسها، وساعدها عليه محبوها: من حب النبي لها، وما كان لها من منزلة خاصة عنده.. بالإضافة إلى ما كانت تدلُّ به على الناس من أمومتها للمؤمنين، وهي الصفة التي كانت تستند إليها في مساعيها لجلب التأييد وحشد الناس للحرب.

فلاحظ كتابها لزيد بن صوحان وكلامها مع كعب بن سور، ومع غيرهما، فإنها ما فتئت تدلُّ بأمومتها وتتبجح بها، مع أن هذه الأمومة إنما توجب حرمة التزوج بها، وتوجب حفظها إكراماً لرسول الله «صلى الله عليه وآله»، ولا توجب طاعتها في حرب إمامها، ولا الرضا منها بخروجها من بيتها مخالفة للقرآن ولأمر النبي «صلى الله عليه وآله»..

ويدلنا على شدة تأثيرها في الناس: أنها أطلقت شعار الأخذ بثار عثمان، بالرغم من أنها هي التي أمرت بقتله..

وهي التي تتهم علياً «عليه السلام» بالتأليب على عثمان، وينقاد الناس لها، ويصدقونها في هذه التهمة، مع أنها أعرف الناس ببراءة علي «عليه السلام» من هذه التهمة، حتى أن ابن سيرين يقول: ما علمت أن علياً «عليه السلام» اتهم بدم عثمان حتى بويع، فلما بويع اتهمه الناس([1]).

ثم دعت الناس إلى قتل قتلة عثمان، بعد أن أعلنت أن علياً «عليه السلام» ومن معه هم الذين فعلوا ذلك.

ثم إنها أعطت أتباعها والناس مبرراً لنكث بيعة علي «عليه السلام» حين ادعت أنه «عليه السلام» ابتز الناس أمرهم، وأن الناس بايعوه من غير مشورة من الجماعة. مما يعني: أنها إنما تدعو الناس إلى نكث بيعته، ثم إلى حربه، وتجمع الناس حولها، وتشكل منهم قوة ضاربة ومحاربة.

ثم جعلت طلحة والزبير قائدين ميدانيين لها، بالرغم من أنهما كانا من أشد المحرضين على عثمان، والعاملين على قتله.. وكانت كتبهما التي تدعو الناس إلى قتل عثمان حاضرة ومتداولة في أيدي الناس، كما قاله عبد الله بن حكيم لطلحة..

ثم أمعنت في تكريس الأمر لصالح طلحة والزبير، حين لم تقتصر على إبطال خلافة علي «عليه السلام»، بل أعادت الأمر شورى بين «الرهط الذين اختارهم عمر».

ومن الواضح: أن علياً «عليه السلام» إذا خلع ـ وكان ابن عوف قد مات قبل ذلك، ولم يبق إلا سعد وطلحة والزبير وعلي «عليه السلام» ـ فإن الأمر ينحصر بطلحة والزبير، لأن علياً «عليه السلام» متهم بدم عثمان، وسعد إن خالف، فلا جدوى من مخالفته، لأنه واحد في مقابل اثنين، هما: طلحة والزبير..

يضاف إلى ذلك كله: أننا قد رأينا كيف أن جملها كان راية الحرب للجيش الذي تقوده، ولم يكن لهم علم غيره([2])..كما أن رجوع الزبير عن الحرب وقتله، وقتل طلحة وابنه محمد بن طلحة، وسقوط عبد الله بن الزبير صريعاً وخروجه من دائرة التأثير لم يوقف تلك الحرب، ولم ينهزم الجيش بسبب ذلك، بل تواصل القتال بكل شدة وحدة بقيادة عائشة إلى أن عقر الجمل وسقط، فهرب الناس حينئذٍ..

يضاف إلى جميع ما تقدم: أن عائشة كانت تتصرف على أساس أن زمام الأمور بيدها، وأن لها هي دون سواها الحل والعقد، واتخاذ القرارات الصعبة والمصيرية بدءاً من أمرها بقتل عثمان بن حنيف، وانتهاء بالهزيمة الشنعاء التي حصلت لها في حرب الجمل.. كما أنها حين حلت مشكلة تنازع طلحة والزبير على الصلاة، قد قررت: أنها إذا انتصرت في الحرب، تستخلف من شاءت، وبذلك حسمت الخلاف الذي أثاره مروان بين طلحة والزبير فيما يرتبط بمن يسلم عليه بالأمرة..

ولا ننسى أيضاً: أنها هي التي حلت مشكلة السيطرة على بيت المال وختمه..

وهي التي أمرت بقتل أسارى البصرة في حرب الجمل الأصغر.

وهي التي أمرت الزبير على الحرب..

إلى آخر ما هنالك مما يراه المتتبع البصير، والناقد الخبير، ولا نرى حاجة إلى استقصائه..

دليل أبي بكرة:

عن الحسن: إن عائشة أرسلت إلى أبي بكرة فقال: إنك لأم، وإن حقك لعظيم، ولكن سمعت رسول الله «صلى الله عليه وآله» يقول: لن يفلح قوم تملكهم امرأة([3]).

وروى الشعبي عن مسلم بن أبي بكرة، عن أبيه قال: لما قدم طلحة والزبير البصرة تقلدت سيفي وأنا أريد نصرهما، فدخلت على عائشة، وإذا هي تأمر وتنهى، وإذا الأمر أمرها، فذكرت حديثاً كنت سمعته من رسول الله «صلى الله عليه وآله»: «لن يفلح قوم يدبر أمرهم امرأة».

فانصرفت واعتزلتهم.

وقد روي هذا الخبر على صورة أخرى: أن قوماً يخرجون بعدي في فئة رأسها امرأة لا يفلحون أبداً([4]).

وروى البخاري عن أبي بكرة، قال: لقد نفعني الله بكلمة سمعتها من رسول الله «صلى الله عليه وآله» أيام الجمل، بعد ما كدت أن ألحق بأصحاب الجمل، فأقاتل معهم. قال: لما بلغ رسول الله «صلى الله عليه وآله» أن أهل فارس قد ملكوا عليهم بنت كسرى قال: لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة([5]).

قال سبط بن الجوزي: «قلت: هذه بنت كسرى اسمها بوران، فإن أمور الناس اختلت لما وليتهم. فكذا كل امرأة تولت أمراً يحتاج إلى الاستئمار والرأي. ولهذا لا تلي المرأة الإمارة ولا القضاء ولا الإمامة ولا نحو ذلك»([6]).

ولكن أبا بكرة اعتزل الفريقين يوم الجمل وصفين([7]).

وروى جابر عن الإمام الباقر «عليه السلام»: «ولا تولى المرأة القضاء ولا الإمارة»([8]).

ونقول:

1 ـ لعل النبي «صلى الله عليه وآله» كرر هذا القول عن المرأة، فأورده تارة على سبيل ضرب القاعدة في ولاية المرأة، والآخر على سبيل الإخبار بالغيب عن عائشة وما يكون منها من تولي أمور الناكثين في حرب الجمل..

2 ـ إن أبا بكرة هو أحد الذين شهدوا على المغيرة بالزنا، وكانوا أربعة، ولكن زياد بن أبيه قد لجلج في شهادته، ووصف ما جرى، ولم يصل إلى حد التصريح، لأنه لمس حرصاً قوياً على المغيرة، وعرف أن المطلوب هو أن لا يصل الأمر إلى الحد الأقصى، فنتج عن ذلك جلد الشهود الثلاثة الآخرين، ومنهم أبو بكرة هذا..

3 ـ إن أبا بكرة في كلامه هذا يعترف لعائشة بأمومتها، التزاماً منه بمنطق القرآن: ﴿وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ([9])، ولكنه لم يحدد معنى الأمومة الذي يؤمن به.. وقد قلنا: إن المراد بالآية هو أن لها أحكام الأم من حيث حرمة الزواج بها بعد رسول الله «صلى الله عليه وآله»..

ويدلنا على ذلك:

أولاً: إن هذه الآية قد نزلت للرد على طلحة وأضرابه ممن آذوا رسول الله «صلى الله عليه وآله»، حيث قالوا: إنهم سوف يتزوجون نساءه من بعده.

ثانيا: إن من المعلوم: أنه لا يجوز النظر إلى شعر زوجة الرسول «صلى الله عليه وآله»، ولا مصافحتها، ولا يرثها المؤمنون ولا ترثهم..

3 ـ لعل مراد أبي بكرة من «حق عائشة العظيم»:

أولاً: من حيث لزوم إكرامها وحفظها ورعايتها، إكراماً لرسول الله «صلى الله عليه وآله»، أو لأنه يرى أنها تستحق ذلك، لأنها كانت تشاركه البغض لعلي «عليه السلام» كما يدل عليه بعض ما نقل عنه([10]).

وتقدم: أنه اعتزل الفريقين في الجمل وصفين.. ربما لأنه كان يساوي بينهما، ولا يفرق بين الحق والباطل، وربما لأنه كان يخاف من القتل بسيف علي «عليه السلام» إن شارك مع مناوئيه، أو من القتل بسيف غيره إن كان معه، ولا يحب أن يكون معه..

ثانياً: لعله يرى حق الإسلام، فإن للمسلم على المسلم حقاً بل حقوقاً كثيرة. وهي حقوق عظيمة أيضاً.. لو روعيت من قبل الطرفين أو الأطراف..

4 ـ لعل أبا بكرة إما قد أدرك أن ما تريده عائشة من تحركها ضد علي «عليه السلام» هو الزعامة والولاية والإمامة.. أو أنه وجد نفسه أمام أمر واقع، وكأنه من المسلمات، وهو أنها كانت هي التي تأمر وتنهى، وأن الناس بما فيهم طلحة والزبير ومروان وغيرهم قد سلموا وانقادوا لها، وولوها الأمر، ولم يعد لها منازع، ولا عن ممارسة ولايتها رادع أو مانع.. وأبو بكرة كان يبحث عن الرابح ليكون معه، ونفسه لا تطاوعه لأن يكون مع علي «عليه السلام»، فاعتزل الفريقين.

5 ـ إن أبا بكرة كان يريد إرضاء بني أمية وعدم إغضاب علي «عليه السلام»، فوجد في الكلمة التي سمعها من رسول الله «صلى الله عليه وآله» حول ولاية المرأة مخرجاً له، فتشبث به، ولكنه أرضى خصوم علي «عليه السلام» باعتزاله إياه، ولكن من دون تقديم مبرر لهذا الاعتزال، لأنه يعرف أن علياً «عليه السلام» لا يجازيه على هذا الاعتزال.

النص الذي رواه ابو بكرة:

وعلينا أن لا نغفل عن: أن هذا النص الذي رواه ابو بكرة عن النبي «صلى الله عليه وآله» قد جاء بكلمة «لن» التي قال الزمخشري: إنها تفيد تأبيد النفي([11]).. وتوكيده([12]) ووافقه على ذلك الحفيد([13]) وإبن عطية([14]).

وناقش بعضهم في ذلك:

أولاً: بأن هذه دعاوى بلا دليل([15]).

ثانياً: لو كانت للتأبيد لم يقيّد منفيّها باليوم في ﴿فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيّاً([16])، لأن هذا التقييد يوجب التناقض([17]).

ثالثا: لو كانت للتأبيد لكان ذكر الأبد في ﴿وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَداً([18])، تكراراً، والأصل عدمه([19]).

ونقول:

أولاً: إن ظاهر قولهم: إن كلمة «لن» تفيد نفي وقوع مدخولها في الاستقبال، هو إفادة التأبيد، فإنه إذا نفي المدخول في الاستقبال، وإذا لم يحدد غاية لهذا النفي دل ذلك على استغراق جميع آنات المستقبل، إذ لو حصل مدخولها في أيٍّ من آنات الاستقبال لم يتحقق النفي..

وهذا هو ما يتجلى في قوله تعالى: ﴿لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَاباً([20]) حيث أطلق ولم يقيد بغاية، فدل على تأبيد النفي..

ولكن إذا فرض وجود قرينة تحدد حجم الزمان الذي انصب نفي مدخولها عليه، وأوجب حصر النفي فيه. كقول بني إسرائيل: ﴿لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى([21]).

وكقول مريم عليها السلام: ﴿فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيّاً([22]).. غاية الأمر أن القرينة الموجبة للتحديد ربما تكون حالية، وقد تكون مقالية..

ثانياً: إن كان التأبيد الذي قاله الزمخشري دعوى بلا دليل، فإن تخصيص النفي بحصة زمانية معينة هو الآخر دعوى بلا دليل.. بل هو دعوى تحتاج إلى إثبات حدود الزمان التي انتهى النفي إليها في كل مورد، أو إعطاء ضابطة يمكن الرجوع إليها في الموارد كلها..

وقد ادعى بعضهم: أن استفادة التأبيد من قوله تعالى: ﴿لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَاباً﴾ ليست من كلمة دون «لن»، بل لأمر خارجي، وهو كونه محالاً، والمحالية لا تختص بزمان دون زمان. وكذا الحال في قوله تعالى: ﴿وَلَنْ يُخْلِفَ اللهُ وَعْدَهُ([23])»([24]).

ونقول:

أولاً: إن ادعاء أن الدلالة على التأبيد ليست من كلمة «لن» دعوى بلا دليل.

ثانياً: إن الله تعالى إنما يخاطب الكافرين بهذه الآية، وهم يرون أن لمعبوداتهم من دون الله نفس القدرات والخصائص الإلهية، ولا يرون محالية صدور الخلق ولو بصورة خفيفة من معبوداتهم تلك..

كما أن الله تعالى لم يصرح بهذه الآية بالمحالية بل بادر إلى نفي وقوع ذلك على وجه التأبيد لتستفاد المحالية من هذا النفي بـ «لن»، حيث ثبت صحته بظهور عجزهم.

أما بالنسبة للزوم التناقض بين التأبيد والتقييد باليوم أو بالشهر ونحوه، فيرد عليه:

أولاً: إن القائل بالتأبيد إنما يقول به عند إطلاق منفيِّها، وخلوِّه عن المقيِّدات([25]).

ثانياً: إنه إذا كان معنى كلمة «لن» هو نفي التأبيد، وثبت ذلك بالنقل الصحيح، فإن ذلك يجعل إستعمالها في غير معناها الحقيقي من الاستعمال المجازي، ولا يجعله غلطاً.. وليكن هذا منه.

ثالثاً: إن التقييد لا ينافي التأبيد، بل هو دليل عليه، إذ لولا التقييد، لدلت على التأبيد، ولذلك يصح التطويل والتقصير في الأزمان، فيقال: لن تفعله سنة أو عشر سنين أو مئة سنة.

وأما بالنسبة للزوم التكرار، فيجاب عنه:

أولاً: إن هذا ليس تكراراً للفظ نفسه، ولا بمرادفه، لأن الأبد اسم، وهو لا يرادف الحرف وهو لن، ليكون تكراراً.

ثانياً: التأبيد هو نفس معنى أبداً بالمطابقة، ولكنه جزء معنى «لن»، فتدل عليه بالدلالة التضمنية، لأن كلمة «لن» تدل على الاستقبال، وعلى النفي معاً، وكلمة أبداً تدل على الأبد بالمطابقة، ولا تدل على النفي أصلاً. وقد يكون الداعي إلى التأكيد هو نفي استبعاد مدخول «لن» على جهة التأبيد.. فتأتي كلمة أبداً لتؤكد هذا التأبيد للنفي([26]).

ثالثاً: لو سلم أن كلمة لن لها نفس معنى أبداً، فلا مانع من التأكيد بالمرادف، ولاسيما إذا احتمل السامع أن تكون لن لمجرد النفي في المستقبل الأعم من المحدود كقوله تعالى: ﴿قَالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى([27]). والمطلق المؤبد، كما في قوله تعالى: ﴿لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللهِ شَيْئاً([28]).

التجني على الزمخشري:

وزعم ابن مالك: أن الحامل للزمخشري على ادعاء «أن لن لتأبيد النفي: اعتقاده الباطل من أن الله تعالى لا يرى في الآخرة»([29]). وقد قال تعالى: ﴿لَنْ تَرَانِي([30])، فإذا كانت كلمة «لن» للتأبيد، فإن مذهبه هذا يتأيد بها.

وقالوا في جوابه: إن هذا باطل فقد ثبت في الحديث المتواتر: أن أهل الجنة يرونه تعالى([31]).

ويرد عليهم:

أولاً: أن الزمخشري لغوي، يتحدث عن معنى هذه الكلمة وتلك في لغة العرب، وليس للاعتقاديات دخل في الأوضاع اللغوية. وهو ثقة في النقل([32]).

ثانياً: لماذا لا نعكس الأمر فنقول: إن دعوى عدم دلالة كلمة لن على تأبيد النفي تهدف إلى الفرار من دلالة الآية المباركة على نفي الرؤية على سبيل التأبيد..

ثالثاً: إن استحالة رؤيته تعالى ظاهرة عند العقل والعقلاء لأجل لزوم محاذير عقلية كثيرة..

وإن الحديث إذا خالف صريح العقل، فلا بد من رده على من رواه..

ومن المعلوم: أن الرؤية سواء أكانت في الدنيا أو في الآخر تقتضي أن يكون المرئي في مكان، وفي جهة، ومحدوداً، والله تعالى لا متناه، وغير محدود، ليس في جهة، ولا في مكان. ولا يفرق في ذلك بين الدنيا والآخرة..

القضية حقيقية:

1 ـ وبعد.. فإن قوله «صلى الله عليه وآله»: لن يفلح قوم تملكهم امرأة.. قد جاء على نحو القضية الحقيقية، لا الخارجية، إذ لم يكن هناك قوم تملكهم امرأة، ويريد «صلى الله عليه وآله» أن يرشدهم إلى عدم صحة وسلامة هذا الواقع، بل هو «صلى الله عليه وآله» يورد كلامه على سبيل ضرب القاعدة التي يفترض مراعاتها في كل زمان ومكان..

2 ـ إن كون القضية واردة على سبيل ضرب القاعدة يؤيد أيضاً ما ذكرناه آنفاً من أن كلمة «لن» تفيد تأبيد النفي، كما هو ظاهر..

تملكهم امرأة:

وقد لفت نظرنا التعبير بكلمة «تملكهم امرأة»، فإنها أكثر صراحة من كلمة وليتهم أو «ولوا أمرهم امرأة» مثلاً، لأنها تشير إلى شدة تسلطها عليهم حتى تصير بمثابة المالك الذي يتصرف بما يملكه من موقع مالكيته كيف يشاء.

أما تولي الأمور فيدل على مجرد التصرف التدبيري، وتصريف الشؤون في نطاق ما يصلحهم، أو يرفع من شأنهم..

كما أنه «صلى الله عليه وآله» قد عدى كلمة «تملك» إلى الضمير الدال على نفس ذواتهم، فقال: تملكهم، ولم يقل: تملك أمرهم أو أمورهم. وملك المرأة لذوات أولئك الناس فيه إمعان في التسلط عليهم، ويظهر المزيد من الضعف والوهن فيهم.. كما أنه لا يخلو عن تحريض مبطن على رفض هذا الواقع، والعمل على الخروج منه..

ولاية المرأة وفلاح الأمة:

وبعد.. فقد تحدثنا في موضع سابق من هذا الكتاب عن أن المرأة محجوبة عن بعض المقامات والمناصب، ومنها: مقام النبوة والإمامة، ومنصب القضاء، وإمامة جماعة الرجال في الصلاة، وتولي السلطة. وغير ذلك..

وقد أظهر التعبير السابق بكلمة «يفلح»: أنه «صلى الله عليه وآله» بصدد بيان ما ستكون عليه حركة الواقع، من حيث إن المرأة ليست هي التي تستطيع الارتقاء بالمجتمع إلى مستوى الفلاح والنجاح، بل أنها إن تولت أمره سيبقى على حالة المراوحة في مكانه، إن لم ينته الأمر به إلى الفشل الذريع والخيبة القاتلة.. وهذا إخبار غيبي صادق، وليس مجرد حكم تكليفي ينتج عن مخالفته الإثم، والبعد عن الله سبحانه، بغض النظر عن الحالة الواقعية للأمة، واحتمالات النجاح والفشل في مسيرتها نحو أهدافها..

ويبقى هنا السؤال عن الأسباب والعوامل التي كرست هذا الفشل وتلك الخيبة وحرمت الأمة من الفلاح والنجاح في ظل مالكية المرأة لها، وهيمنتها عليها.

وإذا كنا نعلم أن الإجابة عن هذا السؤال تحتاج إلى توفر تام، وجهد مستقل، فلا محيص عن الاكتفاء بالقليل، والاقتصار على ما نرى أنه العامل الأهم، والسبب الأقوى في ذلك، فنقول باختصار شديد:

إن حاكم الأمة هو أهم عامل في الفلاح والنجاح للأمة، وفي حجبه عنها وتعريضها للفشل والخيبة، فإنه يطبع الأمة بطابعه. ويؤثر في روحها وفي طموحها، وفي دوافعها ومحفزاتها، وفي أهدافها وغاياتها، وحتى في ثقافاتها، وفي التزاماتها، وفي روحها ومشاعرها، ومواقفها وسلوكها، ثم في حيويتها وفي نشاطها، وفي خمولها وتراخيها، وفي جدها ولعبها، وفي نجاحها وفشلها.. ثم في سمو وواقعية وفي صياغة وتفاهة وسطحية نظرتها.. وكل ما يرتبط بالالتزام والسلوك، وطريقة الحياة، وطبيعة النظرة إلى الأمور، والتعامل معها..

وقد أشار النبي «صلى الله عليه وآله» والأئمة الطاهرون «عليهم السلام» إلى ذلك في كلماتهم، مثل: ما روي عن رسول الله «صلى الله عليه وآله» من أنه قال: «صنفان من أمتي إذا صلحا صلحت أمتي، وإذا فسدا فسدت أمتي.

قيل: يا رسول الله، ومن هما؟!

قال: الفقهاء والأمراء».

وفي نص آخر ذكر القراء بدل الفقهاء([33]).

أما إذا كان الوالي على الناس هو المرأة، فإن احتمالات الفشل تزداد إلى حد يصبح معه الفشل أمراً واقعاً، لا خلاص منه، ولا محيص عنه..

ونحن نعلم: أن اهتمامات النساء تختلف عن اهتمامات الرجال، ولقد روي عن أمير المؤمنين «عليه السلام» أنه قال: «عقول النساء في جمالهن، وجمال الرجال في عقولهن»([34]).

وتقدم قوله في كلام له «عليه السلام»: إنهن ناقصات العقول، وروي نحوه في حديث خلقة آدم وحواء([35]).. وذكرنا بعض ما يرتبط بهذا الأمر في موضع سابق فلا حاجة إلى الإعادة.

وروي عن علي «عليه السلام» أنه قال: «معاشر الناس، لا تطيعوا النساء على حال، ولا تأمنوهن على مال، ولا تذروهن يدبرن أمر العيال، فإنهن إن تركن وما أردن أوردن المهالك، وعدون أمر المالك إلخ..([36]).

وعنه «عليه السلام»: اتقوا شرار النساء، وكونوا من خيارهن على حذر، إن أمرنكم بالمعروف فخالفوهن، كي لا يطمعن منكم في المنكر([37]).

وروي عنهم «عليهم السلام»: ما للنساء والرأي والقول([38]).

وروي أيضاً عن النبي «صلى الله عليه وآله» قوله: أربع مفسدة للقلوب: الخلوة بالنساء، والاستماع منهن، والأخذ برأيهن..([39]).

وروي أيضاً: لا تعملوا برأي نسائكم([40]).

وفي وصية أمير المؤمنين «عليه السلام» للإمام الحسن «عليه السلام»: «وإياك ومشاورة النساء، فإن رأيهن إلى أفن، وعزمهن إلى وهن..

إلى أن قال: ولا تملك المرأة من أمرها ما جاوزها نفسها»([41]).

والأحاديث في هذا الاتجاه كثيرة..

نظرة في هذه الأحاديث:

وهذه الأحاديث تعطي ما يلي:

أولاً: إن للمرأة اهتمامات ورغبات لا تتلاءم مع طموحات واهتمامات المجتمعات ورغباتها في مسيرتها العامة وفي أهدافها الكبرى، فهي ـ مثلاً ـ تستغرق في أمورها الذاتية، والسطحية التي تعطي الأولوية للمظاهر في صيغها الجمالية في خصوص ذاتها، دون كل شيء آخر، وفي اتجاه بعينه دون سائر الاتجاهات، أي في اتجاه المستغرق في الشخص، ولا يرى ما حوله، فضلاً عن أن يفكر فيه..

ثانياً: إن القيادة تحتاج إلى توفر عناصر معينة، مثل:

1 ـ قوة وحصافة الرأي. ولكن رأي المرأة ينتهى إلى الضعف فيه.

2 ـ تحتاج إلى العزم والإرادة. وعزم النساء عادة إلى وهن وتراجع، وينتهي إلى إحجام بعد إقدام، وأين عزماتهن من عزمات الرجال؟!

3 ـ تفتقر إلى عنصر الشجاعة، وليس لدى المرأة من الشجاعة ما يكفي لذلك، بل هي تشعر بالحاجة إلى الرجل ليحميها، وإن حظيت بعضهن بطرف من الشجاعة، فإنها ستقودها إلى الإغراق والتهور، والاعتساف..

3 ـ تحتاج إلى رجاحة العقل وقوته، والنساء ناقصات العقول.

4 ـ وإلى القوة.. والنساء ضعيفات، ويحتجن إلى من يرعى شؤونهن ويقوي من ضعفهن ويحفظهن..

5 ـ وإلى الكرم والسخاء، وبسط اليد. وكرم النساء ينتهي إلى التبذير والإسراف، وسخاؤهن تضييع وخروج عن القيود والحدود المعقولة، والمقبولة..

ثالثاً: إذا كان صلاح الأمة مرهوناً بصلاح أمرائها وحكامها.. وفسادها يكون بفسادهم. فإن فساد النساء يحمل معه دلائل فساد وإفساد الرجال في أكثر الأحيان.. وليس بالضرورة أن يكون فساد الرجال مستبطناً لفساد العائلة، ولذلك نلاحظ: أنه يكون في عوائل الرجال الفاسدين صلاح والتزام بالقيم، فإن هذا الصلاح كما يمكن أن يكون بقرارٍ من أصحاب العلاقة، منفصل عن قرار رب العائلة.. كذلك يمكن أن يكون بقرار من رب العائلة نفسه، الذي رضي بالفساد لنفسه، ولم يرضه لعائلته لسبب أو لآخر، كالغيرة، أو الشعور بالكرامة أو سعياً لطيب السمعة، أو شدة حبه وتعلقه بهم ومحبته لهم التي تمنعه من التفريط بهم..

وبذلك يظهر: أن فساد وإفساد الرجل قد يبقى محدوداً، ولكن فساد وإفساد النساء للمجتمعات والعوائل قد يكون بلا حدود، أو هو على الأقل يمكن أن يكون أشر وأضر من فساد وإفساد الرجل. ولو من بعض النواحي..

المعصوم هو الحاكم:

وقد أظهرت النصوص المروية عن النبي «صلى الله عليه وآله»، وعن أهل بيته «عليهم السلام»: أن موقع الحاكم من رعيته هو موقع الأب الرحيم من أبنائه..

وتوضيح ذلك:

أن الإنسان في مرحلة الطفولة عاجز عن تلبية حاجاته بنفسه، أو غير قادر على معرفة الأصلح من الأمور ليختاره، فيكون أبواه هما اللذان يدبران أموره، ويضبطان حركته، ويوجهانه نحو الأصلح..

بل إن الأسرة الأكثر سعادة، والأبعد عن العقد والمشكلات هي تلك التي يحكمها، ويهيمن على مسيرتها، ويشرف على شؤونها راع واحد، يكون هو المدبر والمقرر، والقائم باحتياجاتها، والحامي لها من العوادي، والمتغيرات التي قد تلم بها..

وإذا كان الأب هو هذا الراعي، فإن الأمور تكون أكثر يسراً، وأقرب إلى الانتظام، وإلى نيل الأهداف المتوخاة لها في مسيرتها في الحياة، وذلك لتوفر العناصر الضرورية المطلوبة لتحقيقها، وذلك لما يتمتع به الرجل ـ في الأكثر ـ من حكمة، وتعقل واتزان.. بالإضافة إلى قدر كاف من العاطفة التي تدعوه للمبادرة والسعي في حفظ مصالح الأسرة وتحقيق السعادة لها، ورفدها بما تحتاج إليه من مقومات التنامي المطرد لها في صراط الخير والسعادة، والسكينة والطمأنينة، ومواصلة الإسهام في إعمار الكون وفق الأهداف الإلهية السامية.

كما أن هذه العاطفة هي الضمانة من التعدي والحيف، ومن التساهل والتفريط بأمورها، واللامبالاة بمشاكلها..

وطبيعي أن يكون هذا الأب هو الأعرف بأحوال تلك الأسرة، وبالظروف المحيطة، بما يصلحها ويسعدها، وهو الذي يملك الحافز على توفيره لها، من دون أن يتسبب لها بأية متاعب..

فإذا تنامت الأسرة وكثرت، فربما تضعف قدراته أمام حاجاتها، كما أن الرافد العاطفي، قد لا يبقى على حاله، من حيث التوهج والقدرة على التحريك، والفعالية في تحقيق الربط والشد، لا سيما إذا كثرت الفروع، وتشعبت وتعددت الوسائط.

ويتأكد هذا الضعف إذا وجد هذا الراعي في بعض هؤلاء أو أولئك ما يسكن توهجه العاطفي، فكيف إذا وجد عقوقاً أو لامبالاة يسهم في تأكيد صدوده عن بذل المزيد من الجهد، أو يدعوه إلى تقديم مصلحة بعض أفراد الأسرة على مصلحة البعض الآخر..

وربما تتكاثر وتتوالى العوامل المضعفة له للقيام بما ينبغي له القيام به، كما نراه في المجتمعات الغربية، والمجتمعات التي تأثرت بها، وسارت على منهاجها.

فإذا تعدت مسؤوليته حدود الأسرة لتتناول العشيرة، أو البلد، أو المنطقة، أو الدولة، أو الدول، فإن ضعف الإحساس بالمسؤولية سيزداد، والاندفاع للقيام بما يجب القيام به سيتلاشى وينتهي إلى درجة، أو درجات كبيرة وخطيرة.. لا تحمد عقباها..

مع أن سعة منطقة النفوذ، تقضي بتعميق وترسيخ الملكات التي تمثل حصانة من الوقوع في الخطأ، أو من الحيف أو التقصير. كما أنها تحتاج إلى قدرات أكبر، بل هي تقضي بمضاعفة القدرات الذاتية لتتمكن من مواجهة الحاجات الكثيرة، والمسؤوليات الكبيرة، والمشكلات الخطيرة، علماً بأن العوائق والعراقيل أمامه ستتكثف، وتزداد قوة، من حيث إن الناس ـ ولا سيما أهل المال والجاه ـ لا يمكنون الحاكم من القيام بواجباته، إلا ما كان منها يخدم مصالحهم الشخصية، ويلبي لهم متطلباتهم، ظالمة كانت أو عادلة، ويعطيهم الحرية لممارسة شهواتهم، والانطلاق مع أهوائهم، وإلا فإنهم سيؤذونه، ويحاربونه.

من أجل ذلك: جعل الله تعالى الأنبياء والأئمة «عليهم السلام» هم الولاة والحكام على الناس والمدبرين لأمورهم، وقد تعرضوا لأعظم الأذى، حتى لقد روي عنه «صلى الله عليه وآله» أنه قال: «ما أوذي بني ما أوذيت». أو نحو ذلك([42]).. بالرغم من أن نبينا الأعظم «صلى الله عليه وآله» كانت نفسه تذهب حسرات على أمته، فقد قال تعالى: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ([43]).

وقال: ﴿فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آَثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً([44]).

وقال: ﴿فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ([45]).

والبخوع: هو بلوغ الجهد. وبخع نفسه: قتلها من وجد أو غيظ([46]).

وهذا الحنان والعطف والتفاني في سبيل سعادة أمة تحاربه «صلى الله عليه وآله»، وتسعى لقتله، وإفشال جهوده هو من ضروريات مقام الولاية لأمر الأمة، ومن المواصفات القيادية الأساسية..

وإن تاريخ الأنبياء والأئمة الطاهرين «عليهم جميعاً وعلى نبينا الصلاة والسلام» حافل بما تحملوه من مصائب وبلايا، وما حل بهم من كوارث ورزايا، لمجرد أنهم كانوا يسعون لإخراج أممهم من الضلال إلى الهدى، ومن الظلمات إلى النور، ومن أجل إسعادهم في الدنيا والآخرة..

وقد حكى لنا القرآن بعض ما لاقاه نوح، وإبراهيم، ولوط وموسى وعيسى، وغيرهم من الأنبياء «عليهم السلام» من أذى، من أممهم وشعوبهم.. وحكى لنا عن بني إسرائيل: أنهم كانوا يؤذون الأنبياء ويقتلونهم..

وهذا هو بعض السر في أن النبي الأكرم «صلى الله عليه وآله» قد اعتبر نفسه «صلى الله عليه وآله» وعلياً «عليه السلام» أبوا هذه الأمة..

فالنبي وكذلك الإمام « عليهما صلوات الله وسلامه» كان يدبر الأمة من منطلق الحكمة، وبدافع العاطفة، التي تجعله يبادر إلى التضحية، ويرضى بتحمل كل أنواع الأذى منها، والألم والتعب والبلاء..

وهذا يفسر لنا بعض ما يرمي إليه قول النبي «صلى الله عليه وآله»: «أنا وعلي أبوا هذه الأمة»([47]).

وعن الصادق «عليه السلام» في قوله تعالى: ﴿وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ([48]) قال: الرسول «صلى الله عليه وآله» أحد الوالدين.

فقال له محمد بن عجلان: فمن الآخر؟! قال: علي([49]).

وعن النبي «صلى الله عليه وآله»: «حق علي بن أبي طالب على هذه الأمة (أو على كل مسلم) كحق الوالد على ولده». وبمعناه نصوص كثيرة([50]).

الحاكم في عصر الغيبة:

أما في عصر الغيبة، وحيث لا يمكن للإمام المعصوم أن يتصدى، ويمارس هذا الحق الذي جعله الله تعالى له، وحيث لا بد من قائد ورائد، يتولى حفظ الأمة ورعايتها، وإدارة شؤونها وفق أحكام الشرع، وما يقود إليه العقل، وتقتضيه الحكمة.. ويمنع من تسرب المتاعب والمصاعب إلى حياتها، ويصونها من الانحرافات، والضلالات، ويواجه ما يعرض لها من مشكلات بالحلول المناسبة والصحيحة، ـ أما في هذا العصر ـ فإن الإسلام قد وضع شروطاً لا بد من مراعاتها في من يتولى هذا الأمر الخطير، فأرشد إلى لزوم أن يكون عالماً بالله([51]).

ولزوم اختيار الأعلم بأمر الله فيما يتولاه.

وأن يكون أقوى الناس على هذا الأمر([52]).

والأعرف بشؤون المسلمين([53]).

وأن يكون ذا قلب عقول.

ولسان قؤول.

وجنان على إقامة الحق صؤول([54]).

وبما أن درجة العصمة لا يمكن ادعاؤها لأحد بعد الأنبياء وأوصيائهم، فلا بد من رعاية شرط العدالة والتقوى، لتكون هي الضمانة الطبيعية لسير الأمور في الخط الصحيح، وحفظ مصلحة الأمة.. بالإضافة إلى حسن الولاية على من يلي، حتى يكون لهم كالوالد الرحيم، فقد روي عن النبي «صلى الله عليه وآله» أنه قال:

لا تصلح الإمامة إلا لرجل فيه ثلاث خصال: ورع يحجزه عن معاصي الله، وحلم يملك به غضبه، وحسن الولاية على من يلي، حتى يكون لهم كالوالد الرحيم([55]).

بالإضافة إلى شرائط أخرى ذكرتها الروايات وتستفاد من بعض الآيات القرآنية.

وحذّر من: تولى المرأة للسلطة، كما قدمنا..

ولا يولَّى البخيل، لأن نهمته في جمع الأموال.

ولا الجاهل، فيدلهم بجهله على الضلال.

ولا الجافي، فينفرهم بجفائه.

ولا الخائف، فيتخذ قوماً دون قوم.

ولا المرتشي في الحكم، فيذهب بالحقوق.

ولا المعطل للسنن، فيؤدي إلى الفجور.

ولا الفاسق، فيشين الشرع([56]).


([1]) العقد الفريد ج4 ص305.

([2]) شذرات الذهب ج1 ص42 والعقد الفريد ج4 ص326.

([3]) فتح الباري ج13 ص56 وموسوعة الإمام علي بن أبي طالب ج5 ص207 عنه. وراجع حول ولاية المرأة: بحار الأنوار ج74 ص138 وج101 ص275 وج15 ص212 وج100 ص254 وتحف العقول ص35 والخرائج والجرائح ج1 ص79.

وهناك نصوص أخرى تدل على ذلك، فراجع: بحار الأنوار ج52 ص257 ـ 259 عن الكافي في الروضة، وج101 ص275 ومستدرك سفينة البحار ج10 ص51 وج4 ص15

([4]) راجع: بحار الأنوار ج32 ص212 و 213.

([5]) صحيح البخاري ج9 ص70 و (ط دار الفكر) ج5 ص136 وج8 ص97 والمستدرك للحاكم ج4 ص291 و 524 و 525 وتذكرة الخواص ج1 ص369 والسنن الكبرى للبيهقي ج3 ص90 وج10 ص117 ومجمع الزوائد ج7           = = ص234 وفتح الباري ج8 ص97 وعمدة القاري ج18 ص58 وج24 ص204 وتحفة الأحوذي ج6 ص447 وكشف الخفاء ج2 ص150 وقاموس الرجال للتستري ج11 ص240 والبداية والنهاية (ط دار إحياء التراث) ج6 ص237 وإمتاع الأسماع ج13 ص231 والعمدة لابن البطريق ص455 وبحار الأنوار ج32 ص194 وراجع: شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج6 ص227 وسنن النسائي ج4 ص305 والترمذي، أبواب الفتن ج9 ص119 ومسند أحمد ج5 ص38 و 43 و 47 و51.

([6]) تذكرة الخواص ج1 ص370.

([7]) خلاصة تذهيب تهذيب الكمال ص404 والأعلام للزركلي ج8 ص44 والإستيعاب (ط دار الجيل) ج4 ص1531 وقاموس الرجال ج10 ص401 عنه، وعمدة القاري ج13 ص208 وج17 ص305 وتهذيب الكمال ج30 ص9 وراجع: الإصابة ج4 ص586 وتاريخ الأمم والملوك ج3 ص546 والوافي بالوفيات ج27 ص101 والبداية والنهاية ج8 ص63.

([8]) الخصال (ط جماعة المدرسين) ص585 ووسائل الشيعة (ط مؤسسة آل البيت) ج20 ص220 و (ط دار الإسلامية) ج14 ص162 وبحار الأنوار ج100 ص254 ومستند الشيعة للنراقي ج2 ص519 ومستدرك الوسائل ج8 ص347 وجامع أحاديث الشيعة ج20 ص323 ومستدرك سفينة البحار ج4 ص15 وموسوعة أحاديث أهل البيت للنجفي ج3 ص342.

([9]) الآية 6 من سورة الأحزاب.

([10]) أنساب الأشراف ج1 ص490 و 494.

([11]) عن الأنموذج للزمخشري كما في مغني اللبيب (شرح الأمير) ج1 ص221 وراجع شرح الأشموني على الألفية ج3 ص278 وهمع الهوامع ج2 ص4 وشرح التصريح ج2 ص229 وشرح الفاكهي على القطر (بهامش حاشية يس) ج1 ص102 وحاشية العدوى على شذور الذهب ج2 ص71 والحدائق الندية ص194.

([12]) المغني (بشرح الأمير) ج1 ص221 عن الزمخشري في الكشاف، وشرح الأشموني ج3 ص278 وشرح التصريح ج2 ص229 والحدائق الندية ص194 عن الكشاف والمفصَّل، والفاكهي على قطر الندى (بهامش حاشية يس) ج1 ص102 وحاشية العدوى ج2 ص71.

([13]) حاشية يس على مجيب الندا ج1 ص102.

([14]) همع الهوامع ج2 ص4.

([15]) المغني (بشرح الأمير) ج1 ص221.

([16]) الآية 26 من سورة مريم.

([17]) المغني (بشرح الأمير) ج1 ص221 وحاشية الصبان على الأشموني ج3 ص278 وشرح التصريح ج2 ص229 وحاشية العدوى على شذور الذهب ج2 ص71 وهمع الهوامع ج2 ص4.

([18]) الآية 7 من سورة الجمعة.

([19]) المغني (بشرح الأمير) ج1 ص221 وحاشية الصبان على الأشموني ج3 ص278 وشرح التصريح ج3 ص229 وحاشية العدوى على شذور الذهب ج2 ص71 وهمع الهوامع ج2 ص4.

([20]) الآية 73 من سورة الحج.

([21]) الآية 91 من سورة طه.

([22]) الآية 26 من سورة مريم.

([23]) الآية 47 من سورة الحج.

([24]) راجع: شرح التصريح ج2 ص229 وحاشية العدوى على شذور الذهب ج2 ص70 و 71 عنه، وهمع الهوامع ج2 ص4.

([25]) المنصف من الكلام ج2 ص68 والحدائق الندية للسيد علي خان ص194.

([26]) راجع: المنصف من الكلام ج2 ص68 والحدائق الندية للسيد علي خان ص194.

([27]) الآية 91 من سورة طه.

([28]) الآية 19 من سورة الجاثية.

([29]) الحدائق الندية للسيد علي خان ص194 ومجيب الندا على القطر (مطبوع بهامش حاشية يس) ج1 ص103 وهمع الهوامع ج2 ص4 وراجع حاشية الأمير على المغني ج1 ص221 والكواكب الدرية للأهدل ج2 ص61.

([30]) الآية 150 من سورة الأعراف.

([31]) الكواكب الدرية للأهدل ج2 ص61.

([32]) حاشية يس على مجيب الندا ج1 ص103.

([33]) بحار الأنوار ج72 ص336 و 340 وج74 ص154 وج2 ص49 والأمالي للصدوق ص448. والخصال ج1 ص36 و 37 وعن الإمامة والتبصرة، وعن نوادر الراوندي ص27.

([34]) الأمالي للصدوق ص298 ومعاني الأخبار ص234 و بحار الأنوار ج1 ص82.

([35]) راجع هذا الحديث في مستدرك سفينة البحار ج10 ص51.

([36]) بحار الأنوار ج100 ص223 والأمالي للصدوق ص275 وعلل الشرائع ج2 ص513 ومن لا يحضره الفقيه ج3 ص554 ووسائل الشيعة (ط مؤسسة آل البيت) ج20 ص180 و (ط مؤسسة آل البيت) ج20 ص180 ومكارم الأخلاق للطبرسي ص230.

([37]) بحار الأنوار ج88 ص255 بحار الأنوار ج100 ص224 وجامع أحاديث الشيعة ج20 ص257 ومستدرك سفينة البحار ج10 ص44.

([38]) إختيار معرفة الرجال ج1 ص393 ومستدرك سفينة البحار ج4 ص15 = =والتحرير الطاووسي ص496 وقاموس الرجال للتستري ج9 ص578.

([39]) بحار الأنوار ج1 ص203 وج100 ص226 وج71 ص192 والأمالي للشيخ المفيد ص315 والأمالي للطوسي ص83 وجامع أحاديث الشيعة ج14 ص434 وج16 ص86 ووسائل الشيعة (ط مؤسسة آل البيت) ج16 ص266 ووسائل الشيعة (ط دار الإسلامية) ج11 ص507 ومستدرك الوسائل ج8 ص348 وج12 ص311 وجامع أحاديث الشيعة ج16 ص86 ومستدرك سفينة البحار ج8 ص571 وموسوعة أحاديث أهل البيت ج3 ص339 وج10 ص143 ونهج السعادة ج7 ص36.

([40]) بحار الأنوار ج75 ص452 ومستدرك سفينة البحار ج1 ص84 وج4 ص15 عن الكشي.

([41]) نهج البلاغة (بشرح عبده) ج3 ص56 (الرسائل) الرسالة رقم31 والكافي ج5 ص338 وتحف العقول ص86 وخصائص الأئمة ص117 ووسائل الشيعة (ط مؤسسة آل البيت) ج20 ص65 و (ط دار الإسلامية) ج14 ص41 = =ومستدرك الوسائل ج14 ص183 ومصباح البلاغة (مستدرك نهج البلاغة) ج4 ص218 وعيون الحكم والمواعظ ص100 وكشف المحجة ص171 وبحار الأنوار ج74 ص213 وبحار الأنوار ج74 ص232 و ج100 ص252 و 253 ومستدرك سفينة البحار ج1 ص177 وج10 ص48 ونهج السعادة ج4 ص329 وج7 ص401 ونزهة الناظر وتنبيه الخاطر للحلواني ص60 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج16 ص122 وج20 ص313 ونظم درر السمطين ص168 وكنز العمال (مؤسسة الرسالة) ج16 ص182 وأعلام الدين للديلمي ص288.

([42]) كنوز الحقائق (بهامش الجامع الصغير) ج2 ص82 و 83 والجامع الصغير ج2 ص144 و (ط دار الفكر) ج2 ص488. ومناقب آل أبي طالب ج3 ص42 وبحار الأنوار ج39 ص56 ومستدرك سفينة البحار ج1 ص 102 وكشف الغمة ج3 ص346 وشرح منهاج الكرامة ص265 وراجع: جواهر المطالب = = ج2 ص320 وكشف الخفاء ج2 ص180 وتهذيب الكمال ج25 ص314 وكنز العمال ج3 ص130 الحديث رقم: (5817 و 5818) وج11 ص461 الحديث رقم: (32160 و 32161) وشرح أصول الكافي ج9 ص202 وميزان الحكمة ج1 ص67 وج4 ص3227 و 3228 وفتح الباري ج7 ص126 وفيض القدير ج5 ص550.

وراجع: حلية الأولياء ج6 ص333 وأسنى المطالب ج1 ص245 والمقاصد الحسنة ج1 ص573 وكتاب المجروحين ج2 ص305 والكامل ج7 ص155 وتهذيب الكمال ج25 ص314 وميزان الإعتدال ج3 ص570 وج4 ص472 والكشف الحثيث ص233 وكتاب التمحيص للإسكافي ص4 والتفسير الكبير ج4 ص142 وتفسير ابن عربي ج1 ص239 وج2 ص82 وتفسير البحر المحيط ج7 ص242 وتاريخ الإسلام ج41 ص333 والزواجر ج1 ص117.

([43]) الآية 128 من سورة التوبة.

([44]) الآية 6 من سورة الكهف.

([45]) الآية 8 من سورة فاطر.

([46]) أقرب الموارد ج1 ص32.

([47]) راجع: البرهان (تفسير) ج1 ص369 ومعاني الأخبار 52 و 118 وعيون أخبار الرضا ج2 ص85 و (ط مؤسسة الأعلمي) ج1 ص91 وعلل الشرائع ص127 وكمال الدين ص261 والأمالي للصدوق ص65 و 411 و 755 والميزان ج4 ص357 وبحار الأنوار ج16 ص95 و 364 وج23 ص128 و 259 وج26 ص264 و 342 وج36 ص6 و 9 و 11 و14 و 255 وج38 ص92 و 152 وج39 ص93 وج40 ص45 وج66 ص343 وكتاب الأربعين للماحوزي ص238 والمراجعات ص286 وجامع أحاديث الشيعة ج1 ص149 وج18 ص311 و 312 ومستدرك سفينة البحار ج9 ص264 وج10 ص455 ومناقب آل أبي طالب ج2 ص300 وروضة الواعظين ص322 وخاتمة المستدرك ج5 ص14 والغارات للثقفي ج2 ص717 و 745 وكنز الفوائد للكراجكي ص186 والعمدة لابن البطريق ص345 والروضة في فضائل أمير المؤمنين ص133 وسعد السعود ص275 والعقد النضيد والدر الفريد ص70 والمحتضر للحلي ص73 والصراط المستقيم ج1 ص242 و 243 وكتاب الأربعين للشيرازي ص47 و 74 والإمام علي بن أبي طالب «عليه السلام» للهمداني ص76 و 787 ومسند الإمام الرضا «عليه السلام» للعطاردي ج1 ص80 و 221 وموسوعة أحاديث أهل البيت «عليهم السلام» للنجفي ج7 ص243 وتفسير أبي حمزة الثمالي ص159 والتفسير المنسوب = = للإمام العسكري «عليه السلام» ص330 والصافي (تفسير) ج1 ص150 وج4 ص165 و 166 وج5 ص52 وج6 ص12 و 13 و 520 ونور الثقلين ج4 ص237 و 238 وكنز الدقائق ج1 ص286 وج2 ص440 ومفردات غريب القرآن للراغب ص7 وتفسير الآلوسي ج22 ص31 وبشارة المصطفى ص97 و 254 ونهج الإيمان ص625 و 629 وتأويل الآيات لشرف الدين الحسيني ج1 ص74 و 128 وينابيع المودة ج1 ص370 واللمعة البيضاء ص81 و 123 ومشارق أنوار اليقين ص43 و 289 وغاية المرام ج1 ص177 و 250 وج2 ص179 و 211 وج3 ص70 وج5 ص118 و122 و 299 و301 و 303 وج6 ص66 و 155 و 166 و 167 وج7 ص128 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج4 ص100 و 227 و 366 وج5 ص95 وج7 ص216 وج13 ص77 وج15 ص518 و 519 وج20 ص230 وج22 ص280 و 282 و 346 وج23 ص580 و 621.

([48]) الآية 15 من سورة الأحقاف.

([49]) لسان الميزان ج2 ص40.

([50]) لسان الميزان ج2 ص40 وج4 ص499. ترجمة الإمام علي بن أبي طالب لابن = = عساكر (بتحقيق المحمودي) ج2 ص271 و 272 وعن غاية المرام ص544 وفرائد السمطين ج1 ص397 وميزان الإعتدال ج3 ص316 والأمالي للطوسي ج2 ص277 والمناقب للخوارزمي ص219 و 230 ومناقب الإمام علي «عليه السلام» لابن المغازلي ص48 وبحار الأنوار ج75 ص356 والبرهان (تفسير) ج3 ص244 و 245 و 294.

([51]) المعيار والموازنة ص176 وراجع: تحف العقول.

([52]) نهج البلاغة الخطبة رقم 168 ج2 ص80 و 81 و (ط أخرى) ج2 ص104 و 105 وبحار الأنوار ج31 ص502 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج9 ص291.

([53]) راجع: الكافي ج5 ص15 وج8 ص46 و تهذيب الأحكام ج6 ص130 وبحار الأنوار ج13 ص335 وج46 ص178 وج97 ص21 و (ط مؤسسة آل البيت) ج15 ص37 وراجع 53 ووسائل الشيعة (ط دار الإسلامية) ج11 ص25 وذكر شطراً من الرواية ص38 عن علل الشرايع ص192 و (منشورات المكتبة الحيدرية) ج2 ص577.

([54]) غرر الحكم (مطبوع مع الترجمة الفارسية) ج2 ص873 وعيون الحكم والمواعظ ص556.

([55]) الكافي ج1 ص407 والإمامة والتبصرة ص138 وبحار الأنوار ج27 ص250 وموسوعة أحاديث أهل البيت للنجفي ج4 ص234 وج8 ص125 ومستدرك سفينة البحار ج1 ص512.

([56]) بحار الأنوار ج74 ص295 وراجع ج25 ص167 وج34 ص111 ودعائم الإسلام ج2 ص531 وتذكرة الخواص ص120 و 121 وراجع: نهج البلاغة ج2 ص14 ودعائم الإسلام ج2 ص531 وكتاب الأربعين للشيرازي ص195 وجامع أحاديث الشيعة ج25 ص15 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج8 ص263.

 
   
 
 

العودة إلى موقع الميزان