زينب بنت جحش في بيت الرسول
زينب
بنت جحش.. في بيت الرسول
:
قال الله تعالى:
﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى
اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ
أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً
مُّبِيناً،
وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ الله عَلَيْهِ
وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ الله
وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَالله
أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَراً
زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى المُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي
أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكَانَ
أَمْرُ الله مَفْعُولاً،
مَّا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ
اللهُ لَهُ سُنَّةَ الله فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَكَانَ
أَمْرُ اللهِ قَدَراً مَّقْدُوراً،
الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللهِ
وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللهَ وَكَفَى بِالله
حَسِيباً،
مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ
وَلَكِن رَّسُولَ اللهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللهُ بِكُلِّ
شَيْءٍ عَلِيماً﴾([1]).
ويقولون:
إن السبي كان قد وقع على زيد بن حارثة بن شراحيل
الكلبي، فاشتراه رسول الله «صلى الله عليه وآله» من سوق عكاظ، أو أن
خديجة اشترته، ثم وهبته لرسول الله «صلى الله عليه وآله».
فلما نبئ رسول الله «صلى الله عليه وآله» دعاه إلى
الإسلام، فأسلم.
وكان أبوه يتسقط أخباره، فلما عرف أنه في مكة قدمها،
وكان رجلاً جليلاً، فأتى أبا طالب، وقال: سل ابن أخيك: فإما أن يبيعه،
وإما أن يفاديه، وإما أن يعتقه.
فلما قال ذلك أبو طالب لرسول الله «صلى الله عليه
وآله»، قال: هو حرٌّ، فليذهب حيث شاء.
فأبى زيد أن يفارق رسول الله «صلى الله عليه وآله»،
فقال حارثة: يا معشر قريش اشهدوا أنه ليس ابني، أو قال: اشهدوا أنني
تبرأت من زيد، فليس هو ابني ولا أنا أبوه.
فقال رسول الله
«صلى
الله عليه وآله»:
اشهدوا أن زيداً ابني.
فكان يدعى زيد بن محمد([2]).
وفي نص آخر:
أنه لما اختار النبي «صلى الله عليه وآله»، جذبه أبوه،
وقال: يا زيد، اخترت العبودية على أبيك وعمك؟!
فقال:
إي والله، العبودية عند محمد أحب إلي من أن أكون عندكم([3]).
وزوَّجه النبي «صلى الله عليه وآله» مولاته أم أيمن،
فولدت له أسامة، ولما قدم المدينة زوَّجه زينب بنت جحش.
ونقول:
إننا نسجل هنا النقاط التالية:
1 ـ
إن الإنسان حين يسمع الناس يتحدثون عن بعض العظماء,
والأفذاذ منهم, فإن تلك الأحاديث تبهره، وتلهب في نفسه جذوة الشوق
لرؤيتهم, والعيش معهم, والكون إلى جانبهم.
ولكنه إذا حصل على ما يتمناه, وعاش معهم بالفعل, فإنه
سيجد أنهم دون المستوى الذي ظنه فيهم, وأقل مما توهمه عنهم, فإذا طالت
الصحبة, ودامت مخالطته لهم, فإن مستوى الإعجاب سوف يتراجع عما هو
عليه، ويتضاءل بصورة تدريجية, تبعاً لما يتكشف له من نقائص, وما يظهر
له من نقاط ضعف فيهم, يسعى الناس عادةً لإخفائها، والتستر عليها.
ولكن هذا التراجع وظهور نقاط الضعف قد لا يبرر له قطع
الرابطة معهم, وذلك لأن عامل الإلف, والعادة, وربما الانجذاب إلى صفات
أو حالات أو مصالح معينة يجدها فيهم، تدفعه إلى توثيق العلاقة بهم،
وإدامتها، وتحفظ له بعض الحيوية فيها.
ولكن حياة زيد بن حارثة مع رسول الله «صلى الله عليه
وآله» لم تكن على هذه الصفة، بل كان «رحمه الله» يكتشف فيه «صلى الله
عليه وآله» كل آن ما هو جديد وفريد من الميزات والخصائص الإنسانية التي
لا نظير لها، والتي كان لتنامي قدرات زيد الروحية، والإيمانية،
والفكرية، والإدراكية الأثر الفعال في التعرف عليها، والتفاعل معها..
2 ـ
ومن جهة أخرى: فإن لعلاقة الرحم بالرحم خصوصية لا توجد
فيما عداها، مما عرفه الناس وألفوه، خصوصاً إذا كانت علاقة والد بولده،
وولد بأبيه، ولا سيما إذا كان الوالد جليلاً، وكان الولد عاقلاً
نبيلاً.. فكيف إذا ذكت هذه العلاقة، وتأجج أوارها بفعل مأساةٍ، تمثلت
في التحول من عز الحرية، إلى ذل الأسر والعبودية، حيث لا بد أن يؤذيه
إحساسه بالضعف بعد القوة، وبالمهانة والاستهانة، بعد العيش في منازل
السؤدد والكرامة؛ فكيف إذا أصبح يواجه بالقسوة بعد الرحمة، وبالإذلال
بعد الدلال والإدلال..
فإن من الطبيعي أن يضاعف ذلك حنينه إلى الحياة التي
فارقها، وأن يزداد مقته للواقع الذي يعاني منه، ولسوف تتأكد علاقته
الروحية بوالديه، وتشتد لهفته للقائهما، والعيش تحت جناحهما، حيث
يتبلور شعوره بالقوة وبالكرامة، وبالعزة. وتنتعش روحه بما يفيضانه عليه
من حب، وبما يغمرانه به من رأفة ورحمة، ومن دفءٍ وحنان. وليهنأ
بالراحة، وليهدأ تحت ظلال السلام والسلامة، والسكينة والأمان.
وكان زيد من أول الأمر شديد الحنين إلى أهله وقومه..
فقد ذكر ابن سعد:
أن أناساً من كلب ـ قبيلة زيد ـ حجوا فرأوا زيداً
فعرفهم وعرفوه ، فقال: بلغوا أهلي هذه الأبيات، فإني أعلم أنهم قد
جزعوا علي، وقال:
أحـن إلى قـومـي وإن كنت نـائيــاً
بـأني قـتـيـل الـبـيت عند المشـاعر
فكفوا من الوجد الذي قد شجاكم ولا تعملوا في الأرض نص الأباعر
فـإني بحمد الله مـن خـير الـســرة كـرام وعـد كـابـراً بـعـد
كـابر([4])
وقد أشارت هذه الأبيات إلى:
أن زيداً كان يعرف شدة محبة أبيه له، وتعلقه به.
فقد ذكر ابن سعد:
أن ناساً من كلب ـ قبيلة زيد ـ حجوا فرأوا زيداً.
ولكن زيداً لم يكتف برفض العودة مع أبيه إلى البيت الذي
رباه، بل هو قد رضي بالبقاء تحت وطأة آلام كل تلك المعاني التي قد
يحيطه بها الكثيرون من الناس من حوله.
ثم زاد على ذلك:
بأن تحمل أقسى وأعنف الآلام الروحية، وهو يرى أباه يعلن
براءته منه على الملأ من قريش، وهي براءة تدلل على عمق الجرح الذي
أحدثه قراره في نفس أبيه المفجوع به، حيث واجهه بأعنف صدمة عاطفية، وهو
يرى خيبة آماله في ولده، وفلذة كبده وأعز ما ومن في الوجود عليه.
والذي يزيد في هذه الآلام:
أن ولده هذا لم يراع مكانة أبيه، بل هو قد عرض موقعه
الاجتماعي للاهتزاز، حين أصر على البقاء في كنف إنسان آخر، عاش معه
ردحاً طويلاً على صفة العبودية. وإذا بهذا العبد يفضل سيده حتى على
أهله وعشيرته، وحتى على أبيه وأمه.
فما معنى:
أن يفضل هذا الولد حياة العبودية مع سيده هذا على ما سواها، دون أن
يطلب لنفسه أي امتياز، أو ضمانة، أو دون أن يفكر بأي تغيير في مسار هذه
الحياة، مع من يطلب البقاء معهم، والعيش في كنفهم؟!
ألا يدل ذلك:
على أن في الأمر سراً عميقاً ودقيقاً، قد يتجلى هذا
السر في بعض وجوهه، في أن السبب في عظمة النبي الأعظم «صلى الله عليه
وآله» لم يكن هو تميُّزه وتفرُّده في الصفات والسمات البشرية..
وإنما سببها هو:
أنه ذلك الإنسان الإلهي الصافي، والخالص، الذي استحال على زيد بن
حارثة، رغم طول صحبته له، واطلاعه عن قرب على حـالاته المختلفة ـ لقـد
استحـال عليه ـ : أن يجد فيه أي حالة من حالات الضعف البشري..
بل هو يراه دائم التعالي والتسامي والرقي في منازل
الكرامة وفي المقامات المحمودة، ويشاهده وهو يزداد بهاءً وسناءً،
وتوهجاً وتألقاً في سماء العظمة والسؤدد.
بل إنه كلما زادت معارفه، ونما إدراكه، وتكاملت قواه،
يزداد قوة على اكتشاف المزيد من مزايا شخصية الرسول «صلى الله عليه
وآله» وأسرارها، ويتأكد انبهاره بأنوارها؛ فيجد نفسه مضطراً لمنحه
المزيد من الحب، ويقوي ارتباطه به، ويضاعف حنينه إليه، ولا يفضل شيئاً
في الوجود عليه.
بل هو يرفض أباه، ليكون مع الذي تبناه.
وهذا دليل على صحة إيمان زيد، وعلى عمق إدراكه لمفاهيم
الإسلام، ومدى تفاعله مع قيمه، وانسجامه مع أحكامه وشرائعه..
3 ـ
ومما يؤكد هذا الذي ذكرنا: أن حارثة بن شراحيل قد عرض
على النبي «صلى الله عليه وآله» ثلاثة خيارات، تؤكد جميعها على:
أن زيداً يواجه حالة من الإذلال في بقائه على الصفة التي هو عليها،
ويريد أبوه أن يخرجه منها..
والخيارات الثلاثة هي:
العتق، والمفاداة، والبيع([5]).
وفي هذا تهيئة نفسية لزيد ليختار ـ حيث يصبح له الخيار
ـ أن يكون إلى جانب أبيه ليتخلص من كل نظرات الاحتقار والاستصغار التي
ربما توجه إليه، يحس بلذعاتها، ولسعاتها، النظرات التي أنتجتها ظروف لم
يكن لزيد أي دور، أو أي خيار أو اختيار في صنعها.
4 ـ
إن مبادرة الرسول «صلى الله عليه وآله» إلى الانتصار
لزيد، وإعلانه أنه قد تبناه، يمثل إنقاذاً لموقف زيد، بأفضل أسلوب،
وأرشد طريقة، حيث منحه بذلك أعظم وسام، وجعله في أعلى مقام، غير آبه
بالأعراف الاجتماعية الخاطئة، التي تنطلق من العنجهيات الفارغة، ومن
مفاهيم الجاهلية اللاإنسانية، التي تقضي بالتمييز بين الأحرار والعبيد،
وبين السادة والموالي..
وبذلك يكون قد أسقط المفهوم الجاهلي وأدانه، ورفضه،
بالأفعال لا بالأقوال من جهة.. وقطع الطريق على حارثة بن شراحيل من جهة
أخرى.
ثم يكون قد أصلح ما أفسده موقف حارثة، وجبر الكسر
الاجتماعي، والروحي الذي حدث لزيد بسبب تبري أبيه منه، حيث منحه رسول
الله «صلى الله عليه وآله» ما لم يكن يحلم به، وحباه شرفاً يغبطه عليه
خيار الأمة وكرامها.
5 ـ
لا مجال للتوهم الذي يقول: إن حارثة بن شراحيل لم يكن
شديد التعلق بولده، ولأجل ذلك سرعان ما أعلن التخلي عنه، والتبرأ منه..
وذلك لأن والده قد قال أبياتاً عبر فيها عن حقيقة ما يختلج في نفسه من
شوق لولده، ومن تلك الأبيات:
بكـيـت على زيــد ولم أدر مــا
فعل أحي فـيرجى أم أتى دونه الأجل
فوالله ما أدري، وإن كنت سائـــلاً أغالك سهل الأرض،
أم غالك الجبل
تـذكـرنيـه الشمس عند طلوعهـا وتـعـرض ذكراه إذا قاربت
الطّفَل
وإن هـبـت الأرواح هـيجنا ذكـره فيا طول ما حزني عليه،
ويا وجـل
سأعمل نص العيس في الأرض جاهداً ولا أسـأم التطـواق أو
تسأم الإبل
حيـاتي أو تــأتي عـلـي مـنـيــتـي وكـل امـرءٍ فان، وإن
غره الأمل([6])
6 ـ
إن قضية زيد بن حارثة وتبني النبي «صلى الله عليه وآله»
له، وبراءة أبيه منه قد حصلت قبل بعثة رسول الله «صلى الله عليه وآله»([7]).
ويذكرون:
أن النبي «صلى
الله عليه وآله» قد تزوج بزينب بنت جحش في شهر ذي القعدة من السنة
الخامسة للهجرة([8])،
ونزلت آية الحجاب في هذه المناسبة.
وقال أبو عبيدة، وخليفة بن خياط:
تزوجها في السنة الثالثة([9]).
وقيل:
بعد قريظة([10]).
وقيل:
سنة أربع من الهجرة النبوية الشريفة([11])
في ذي الحجة.
وزينب هي ابنة عمة النبي «صلى الله عليه وآله»، لأن
أمها هي أميمة بنت عبد المطلب.
وكان من قصتها:
أن النبي «صلى الله عليه وآله» خطبها لزيد بن حارثة
فظنت أنه يخطبها لنفسه، فرضيت، فلما علمت أنه يخطبها لزيد أبت وترفعت
عليه بنسبها وجمالها، وتابعها على ذلك أخوها عبد الله، وقالت: «أنا
ابنة عمتك يا رسول الله، فلا أرضاه لنفسي» (أو فلم أكن لأفعل).
قال رسول الله «صلى الله عليه
وآله»:
إني قد رضيته لك. فبينما هما يتحدثان أنزل الله عز وجل:
﴿وَمَا كَانَ
لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً
أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ..﴾.
فرضيت هي وأخوها بذلك، وجعلت أمرها للنبي.. فأنكحها
«صلى الله عليه وآله» زيداً، ودخل بها، وساق لها رسول الله «صلى الله
عليه وآله» عشرة دنانير، وستين درهماً، وخماراً، ودرعاً، وإزاراً،
وملحفة، وخمسين مداً من طعام، وثلاثين صاعاً من تمر..
فمكثت عند زيد ما شاء الله (قريباً من سنة أو فوقها([12]))
ثم وقعت الكراهية بينهما. فأتى زيد إلى رسول الله «صلى الله عليه
وآله»، وقال له: إني أريد أن أفارق صاحبتي.
فقال:
ما لك؟ أرابك منها شيء؟
قال:
لا والله يا رسول الله، ما رأيت منها إلا خيراً، ولكنها
تتعاظم علي لشرفها، وتؤذيني بلسانها.
فقال له «صلى الله عليه وآله»:
أمسك عليك زوجك، واتق الله في أمرها.
ثم طلقها زيد.
فلما انقضت عدتها، قال «صلى الله
عليه وآله» لزيد:
ما أجد أحداً أوثق في نفسي منك، اذهب، فاذكرني لها. (أو
قال: اخطب علي زينب).
قال زيد:
فلما قال ذلك عظمت في نفسي، فذهبت إليها، فجعلت ظهري
إلى الباب، فقلت: يا زينب أبشري، فإن رسول الله «صلى الله عليه وآله»
يخطبك (أو يذكرك).
ففرحت بذلك، وقالت:
ما أنا بصانعة شيئاً، أو ما كنت لأحدث شيئاً حتى إذا
أؤامر ربي عز وجل.
فقامت إلى مسجد لها فصلت ركعتين،
وناجت ربها، فقالت:
اللهم إن رسولك يخطبني، فإن كنت أهلاً له، فزوجني منه.
فنزل القرآن. وهو: ﴿..فَلَمَّا
قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا..﴾
فجاء رسول الله «صلى الله عليه وآله» حتى دخل عليها بغير إذن([13]).
وفي رواية:
لما انقضت عدتها قال له: يا زيد، ائت زينب فأخبرها: أن
الله سبحانه قد زوجنيها. فانطلق زيد، واستفتح الباب.
فقالت:
من هذا؟
قال:
زيد.
قالت:
ما حاجة زيد إلي، وقد طلقني؟!
فقال:
أرسلني رسول الله «صلى الله عليه وآله».
فقالت:
مرحباً برسول الله «صلى الله عليه وآله»، ففتحت له، فدخل عليها وهي
تبكي.
فقال زيد:
لا أبكى الله عينيك، قد كنت نِعْمَ المرأة، إن كنت لتبرين قسمي،
وتطيعين أمري، وتتبعين دعوتي، (وفي نص آخر: «تشبعين مسرَّتي») فقد
أبدلك الله خيراً مني.
قالت:
من هو؟
قال:
رسول الله «صلى الله عليه وآله».
فخرت ساجدة([14]).
وذكر البلاذري:
أن زينب لما بشرت بتزويج الله نبيه إياها، ونزول الآية
في ذلك، جعلت على نفسها صوم شهرين شكراً لله، وأعطت من بشَّرها حلياً
كان عليها([15]).
وتذكر الروايات أيضاً:
أن رسول الله «صلى الله عليه وآله» كان جالساً يتحدث مع
عائشة، فأخذته غشية، فسرى عنه، وهو يبتسم، ويقول: من يذهب إلى زينب،
ويبشرها: أن الله قد زوجنيها من السماء، وتلا «صلى الله عليه وآله»: ﴿وَإِذْ
تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ الله عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ
أَمْسِكْ عَلَيْكَ..﴾
القصة كلها.
قالت عائشة:
فأخذني ما قرب وما بعد، لما يبلغني من جمالها. وأخرى هي أعظم الأمور
وأشرفها، ما صنع الله لها، زوَّجها الله من السماء. وقلت: هي تفتخر
علينا بهذا.
فخرجت سلمى، خادمة رسول الله «صلى الله عليه وآله»
تشتد، فتحدثها بذلك، فأعطتها أوضاحاً عليها. كذا في المنتقى.
قال:
وكانت زينب تفتخر على أزواج النبي «صلى الله عليه وآله»
تقول: زوجكن أهاليكن، وزوجني الله عز وجل من فوق سبع سموات([16]).
قالوا:
وما أولم على امرأة من نسائه أكثر وأفضل مما أولم على
زينب، أولم عليها بتمر وسويق، وشاةٍ ذبحها، وأطعم الناس الخبز واللحم،
فترادف الناس أفواجاً، يأكل فوج فيخرج، ثم يدخل فوج، حتى امتد النهار،
أطعمهم خبزاً ولحماً حتى تركوه([17]).
لكن نصاً آخر يقول:
قالت زينب: خطبني عدة من قريش، فبعثت أختي حمنة بنت جحش
إلى رسول الله «صلى الله عليه وآله» أستشيره، فأشار بزيد، فغضبت أختي،
وقالت: أتُزوج بنت عمتك مولاك؟! ثم أعلمتني، فغضبت أشد من غضبها، فنزلت
الآية، فأرسلت إلى رسول الله «صلى الله عليه وآله»، فقلت: زوجني ممن
شئت، فزوجني بزيد([18]).
وفي نص آخر عن مذكور مولى زينب،
قالت:
خطبني عدة من أصحاب النبي «صلى الله عليه وآله»، (أو من
قريش) فأرسلت إليه أخي يشاوره في ذلك.
وفي نص آخر:
أرسلت أختي حمنة إلى رسول الله «صلى الله عليه وآله»
فقال: فأين هي ممن يعلمها كتاب ربها، وسنة نبيها؟!
قالت:
من؟
قال:
زيد بن حارثة.
فغضبت حمنة غضباً شديداً وقالت:
يا رسول الله، أتُزوج ابنة عمتك مولاك؟ فأخبرتني، فقلت:
أشد من قولها، وغضبت أشد من غضبها، فأنزل الله تعالى: ﴿وَمَا
كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى الله وَرَسُولُهُ
أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ..﴾.
فأرسلت إليه:
زوجني من شئت. فزوجني منه. فأخذته بلساني، فشكاني إلى النبي «صلى الله
عليه وآله»، فقال له: إذن طلقها. فطلقني فبت طلاقي، فلما انقضت عدتي،
لم أشعر إلا والنبي «صلى الله عليه وآله» وأنا مكشوفة الشعر، فقلت: هذا
أمر من السماء، دخلت يا رسول الله بلا خطبة ولا شهادة؟!
قال:
الله المزوج، وجبريل الشاهد([19]).
وقالوا:
«لما تزوجها تكلم في ذلك اليهود والمنافقون، وقالوا:
حرم نساء الولد، وقد تزوج امرأة ابنه، فأنزل الله عز وجل: ﴿فَلَمَّا
قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا..﴾
إلى قوله: ﴿مَا
كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ..﴾
الآية..([20]).
وبعد..
فقد كانت تلك طائفة من نصوص قصة زواج زينب، وقبل أن نشير إلى بقية
الروايات التي ترتبط بهذا الموضوع لا بد لنا من تسجيل بعض الملاحظات
حول بعض ما ورد فيها، والإشارة إلى ما لا بد لنا من الإشارة إليه، وذلك
ضمن وقفات هي التالية:
قد ذكرت الروايات المتقدمة:
أن حمنة وأخاها، وكذلك زينب أبناء جحش قد غضبوا حين عرض عليهم النبي
«صلى الله عليه وآله» تزويج زينب بزيد بن حارثة.. معتبرين أن ذلك يحط
من شأنهم، من حيث إن لهم شرفاً ونسباً لا يسمح بذلك.
هذا..
وقد يجد البعض فيما ينسب إلى زينب بنت جحش، من أنها
سُمعت وهي تقول: «أنا سيدة أبناء عبد شمس»([21]).
بل في بعض الروايات:
أنها قالت لرسول الله
«صلى الله عليه وآله»، عن زيد: «لا أرضاه، وأنا أيم قريش»([22]).
ما يدل: على أنها كانت ترى لنفسها مقاماً لم يكن لها، وإنما ساقها إليه
طموح غير متواز، وغير واقعي..
ونقول:
أولاً:
إن هذا يعيد إلى ذاكرتنا ما يزعمونه: من أن خديجة «عليها السلام» كانت
متزوجة قبل رسول الله «صلى الله عليه وآله» برجلين من أعراب بني تميم.
وقد كانت «عليها السلام» أعظم قدراً وأشرف نسباً، وأجل موقعاً من زينب
بنت جحش، فكيف رضيت هذه المرأة الشريفة العاقلة التي كان كل أشراف،
وأمراء قريش حريصاً على الزواج منها([23])،
كيف تركتهم جميعاً، ثم اختارت أعرابياً من بني تميم، ليكون زوجاً لها،
وأباً لأولادها؟!
مع أن زيد بن حارثة أشرف منزلاً، وأعلى كعباً من ذينك
الرجلين التميميين، المجهولين، المزعومين، اللذين لا يعرف عنهما الشيء
الكثير، بل إن اسم أحدهما غير معروف ولم يستطع التاريخ أن يفصح عنه
بصورة دقيقة([24]).
هذا بالإضافة:
إلى أن زيداً كان قد نال شرف الانتساب إلى رسول الله
«صلى الله عليه وآله» بالتبني، والأهم من ذلك أنه ظفر بحب رسول الله
«صلى الله عليه وآله» حتى دعي بـ «زيد الحِب». وقد آخى النبي بينه وبين
حمزة بن عبد المطلب، وإليه أوصى حمزة حين أراد القتال يوم أحد.
ألا يدل ذلك على:
كذب ما زعموه من زواج خديجة برجلين من الأعراب ليس لهما اسم، ولا رسم،
وهي تلك الدرة الفريدة الغالية في تاج قريش كلها؟!
ثانياً:
إن غضب أبناء جحش من موضوع زواج زينب من زيد قد ارتكز
إلى عناوين لا أهمية ولا دور لها في حياة الناس.
وإنما أوجدتها وغذتها عنجهيات جاهلية فارغة، وخواء
وتخيلات باطلة، وأفكار سقيمة وتحديدات خاطئة لمعنى القيمة الإنسانية.
وهي مفاهيم قد حاربها الإسلام في كل مجال ظهرت فيه، حتى
في موضوع العلاقات الاجتماعية، ومنها موضوع الزواج،
الذي أراد لمفهوم الكفاءة فيه أن يختزن معنى إيمانياً يوحي بالمفهوم
الصحيح لمعنى القيمة الإنسانية، الذي يفترض أن تحكم العلاقات
الاجتماعية: نشوءاً، وحيوية وثباتاً.
ومن هنا نلاحظ:
أنه «صلى الله عليه وآله» قد رفض المفهوم الجاهلي الذي
فرض نفسه على قرار أبناء جحش، وأثارَ في داخلهم عاصفة من الغضب.
وأفهمهم «صلى الله عليه وآله»: أن الإيمان والتقوى، والعلم، والعمل
بكتاب الله، وبسنة رسول الله «صلى الله عليه وآله»، هو القيمة، وهو
المعيار لقياس صلاح البشر، وتحديد مكانتهم..
وأما الأنساب والانتساب، فإنها تنتهي في أحيان كثيرة
إلى إثارة كوامن العصبيات، التي يكون قوامها الاعتزاز بالعرق،
والارتباط بالآخرين من خلاله، وتحديد الأولويات والامتيازات على أساسه.
رغم أن الإنسان لم يكن له أي دور في اختيار العرق
والعشيرة، أو في اختيار اللون والطول، و.. و.. أو في اختيار التخلص
منه..
بل هو أمر مفروض عليه، كما أنه ليس له أي تأثير يذكر في
صياغة الشخصية الإنسانية، واختيار ميزاتها، وبلورة خصائصها، وتحديد
معالمها..
وبذلك يكون «صلى الله عليه وآله» قد كسر عنفوان النزعات
الطبقية، وأسقطها بصورة عملية، وبقرار إلهي صارم، فإن التفاضل إنما هو
بالتقوى، فلا مجال للتفضيل بغير ذلك، فاعتبار من جرى عليه رق ثم تحرر
لا يكافئ من لم يجر عليه رق حتى لو كان أفضل منه علماً وزهداً، وتقوى،
واستقامة، ما هو إلا تمييز طبقي مرفوض في منطق الإسلام والقرآن.
وقد ذكرت الروايات:
أن قوله تعالى: ﴿وَمَا
كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ
أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ..﴾([25])
قد نزلت رداً
على رفض زينب الزواج من زيد، وفرضت عليها أن تتزوج به، فرضخت للأمر
الإلهي بالرغم عنها.
والسؤال هو:
لماذا حرمت زينب من حقها في أن تختار لنفسها، وكيف نجيب
على الأسئلة التي تثار حول صحة وسلامة أسلوب كهذا؟.
ونجيب:
أولاً:
إن نزول آية: ﴿وَمَا
كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ
أَمْراً..﴾
في
زينب بنت جحش غير ثابت على نحو القطع.
فقد ورد:
أن هذه الآية نزلت في أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط،
التي كانت قد وهبت نفسها للنبي، فقال «صلى الله عليه وآله»: قد قبلت،
وزوَّجها زيد بن حارثة.
فسخطت هي، وأخوها، وقالا:
إنما أردنا رسول الله «صلى الله عليه وآله»، فزوجنا عبده!! فنزلت الآية([26]).
وروي أيضاً:
أنها نزلت في خطبة النبي «صلى الله عليه وآله» لجلبيب
امرأة من الأنصار، فأبت أمها، فنزلت الآية([27]).
ولعل السبب في التشدد في هذا الأمر،
هو:
أنها إذا كانت قد وهبت نفسها له «صلى الله عليه وآله»، فإن مقتضى الهبة
هو: أن يتصرف الموهوب له بالهبة كيف يشاء، فلا معنى لغضبها من أمرٍ هي
أوجدت له المبرر، وهيأت له صفة المشروعية! وهل كانت تمزح حين أقدمت على
هبة نفسها لرسول الله «صلى الله عليه وآله».
على أن من يقدم على أمر، فإن عليه أن يتحمل تبعاته، حتى
لو كان جاهلاً بها، فإن من يشرب السم، لا بد أن يموت حتى لو كان جاهلاً
بكونه سماً.. كما أن من يُفطر عامداً عالماً بالحرمة في شهر رمضان، فإن
عليه الكفارة حتى لو لم يعلم مقدارها.
وأما ما اعتذرت به تلك المرأة من أنها أرادت نفس الرسول
«صلى الله عليه وآله»، فهو غير مقبول منها، لأن الواهب لا يحدد للموهوب
كيفيات تصرفه بما ملَّكه إياه.
ثانياً:
إنه حتى لو كانت الآية قد نزلت في زينب بنت جحش، فإن
ذلك لا ينافي العدل، ولا يخرج زينب عن دائرة الاختيار إلى الإلجاء
والاضطرار، فإن ما فعله الرسول «صلى الله عليه وآله» ما زاد على أن خطب
زينب لزيد، وقد أخبرها «صلى الله عليه وآله»: أنه قد رضيه لها.
وقد صرحت بعض النصوص:
أنها كانت هي التي طلبت من النبي «صلى الله عليه وآله»
أن يختار لها من شاء، وأنها قالت: زوجني من شئت، فأشار بزيد.
فكيف يصح منها هذا التفويض لرسول الله «صلى الله عليه
وآله»، أو التوكيل، ثم ترفض ما صنعه ذلك المفوَّض والوكيل؟!
حتى لقد صرحت في بعض النصوص:
بأنها لا ترضى من رضيه النبي «صلى الله عليه وآله» لها.
يضاف إلى ذلك:
أن هناك صراحة ظاهرة ومتضافرة في الروايات الكثيرة بأن
سبب رفضها لزيد هو تكبرها عليه، واعتدادها بنفسها، وبشرف نسبها.
كما أن بعض الروايات قد ذكرت:
أنها رفضته رغم أن النبي «صلى الله عليه وآله» قد بين
لها فيه خصوصية رائعة يرغب المؤمنون الصالحون في مثلها، وذلك حين قال:
أين هي ممن يعلمها كتاب ربها، وسنة نبيها؟!
فكل ذلك يشير:
إلى أن من يكون على هذه الحال، ويبلغ به الأمر إلى حد
أنه يسخط ويغضب من أمر رضيه له رسول الله «صلى الله عليه وآله».. فإنه
يستحق التأديب، ويحتاج إلى تربية، ليستفيد الآخرون درس الطاعة
والانقياد لرسول الله «صلى الله عليه وآله».
فأنزل الله على رسوله «صلى الله
عليه وآله»:
أن هذه المرأة قد أصبحت محكومة بحكم يتناسب مع حالها،
ويلائم تصرفاتها، وهو وجوب القبول بالزواج ممن رضيه الرسول «صلى الله
عليه وآله»، وليس لها أن تسخط شيئاً رضيه الله ورسوله.
وهذا الحكم الإلزامي لا يخرجها عن صفة الاختيار ـ كما
أن إيجاب الصلاة على المكلف لا يوجب ذلك ـ بل هي قادرة أيضاً على
الطاعة وعلى العصيان، ولأجل ذلك قال تعالى مباشرة: ﴿..وَمَن
يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِيناً﴾([28]).
كما أن هذا البيان يوضح:
أن تزويج زينب من السماء ليس لأجل فضل استحقته، بل هو بمعنى: أن هذا
الأمر قد قضاه الله، وألزمها به، وفرضه عليها لأجل تكبرها ولغير ذلك
وسيكون من فوائده إبطال أمر التبني، فإذا خالفته فإنها تكون عاصية،
وتكون قد عرَّضت نفسها للضلال، ومن ثم للوبال. كما سيأتي توضيحه إن شاء
الله.
فاتضح:
أن الصحيح هو كون هذه الآية مرتبطة بالآيات التي
سبقتها، لتفيد: أن التشريعات المشار إليها، لا يراد بها الإضرار بأحد
من الناس، بل هي لمصلحة الجميع، فلا بد من إطاعتها.. كما أنه إذا أمر
الله ورسوله بأمر تدبيري فلا بد من إطاعته، وليس لأحد أن يعترض بشيء.
ولايفوتنا هنا الإشارة إلى:
الأهمية التي يوليها الإسلام للمعرفة بكتاب الله، وبسنة النبي.. حيث
أطلق «صلى الله عليه وآله» كلمته التي دلت على:
1 ـ
ضرورة السعي من المرأة والرجل على حد سواء إلى تعلم
الكتاب والسنة.
2 ـ
أرجحية من يعلم كتاب الله وسنة النبي «صلى الله عليه
وآله» على غيره، فيما لو دار الأمر بينهما، حتى لو كان ذلك الغير ذا
نسب شريف، ومقام منيف.
3 ـ
إن العلم الشريف هو ذلك الذي يعرِّف الإنسان بشرائع
الله وأحكامه، وبكل المعاني التي يريد الله للبشر أن يطلعوا عليها، أما
سائر العلوم مثل علم الفلك والحساب والفيزياء مثلاً، فليست في مستوى
علم الدين والشريعة، ونحو ذلك مما تكفل ببيانه كتاب الله، وسنة نبيه
«صلى الله عليه وآله».
وعن مراجعة زيد لرسول الله «صلى الله عليه وآله» في
طلاق زينب، مع أنه قد كان بإمكانه أن يبادر إلى طلاقها، من دون مراجعة.
نقول:
لعله قد جاء على سبيل التأدب مع الرسول الأكرم «صلى
الله عليه وآله». فإن زيداً يدرك أن النبي «صلى الله عليه وآله» فضلاً
عن كونه قد تبناه، فإنه كان له بمثابة الوالد الرحيم، وهو الصادق
الأمين، والحريص على دلالته على الخير والرشاد، وهدايته إلى الحق
والسداد.
وهو بالإضافة إلى ذلك نبيُّه الذي تجب طاعته عليه،
وسيِّده الذي غمره بإحسانه إليه، وهو الناصح الشفيق، والمعالج الرفيق،
والحبيب الصديق، والهادي إلى سواء الطريق.
بالإضافة:
إلى أنه هو «صلى الله عليه وآله» الذي خطبها له،
وزوَّجه إياها، وهو الحاكم
والقاضي، الذي لا بد أن يستمع لشكواه وشكواها، كما أنه المرجع لها
ليمنع عنها أذاه، والمؤمل له ليدفع عنه أذاها.
ومن حديث افتخار زينب على نساء الرسول «صلى الله عليه
وآله»، بأنهن زوجهن آباؤهن، أما هي فزوجها الله سبحانه، نقول: إنه موضع
شك كبير، إذ قد ذكرت الروايات:
أن أخاها أبا أحمد بن جحش هو الذي زوجها([29]).
وأما قوله تعالى:
{زَوَّجْنَاكَهَا}
فيراد به الإذن بذلك وليس التزويج الذي ينتزع منه معنى التكريم
والفضيلة لها.
وقد أمر الرسول «صلى الله عليه وآله» زيداً:
بأن يمسك عليه زوجه، ولا يطلقها، وليس في هذا الأمر إلزام وإيجاب، بل
هو أمر رفق، ومحبة، ورعاية. فلا تحرم مخالفته، إذا آثر زيد أن لا يعمل
بالرفق والمحبة، حين يرى أن اللجوء
للعمل بالرخصة أيسر عليه.
ولو كان الأمر بالإمساك إلزامياً، لكان يجب أن يعترض
رسول الله «صلى الله عليه وآله» على زيد حين يجري ذلك الطلاق. هذا إذا
لم يكن الأولى الحكم ببطلان ذلك الطلاق من الأساس.
زعم بعضهم:
أن زيداً، كان يدعى زيد بن محمد، فخفف ذلك عنها إلى حد
كبير، إذ قالت: ومن أعز من زيد بن محمد، ولهذا استمرت العشرة بينهما في
بداية الأمر، حتى أبطل الله التبني، فصار يقال لزيد: زيد بن حارثة،
بدلاً من زيد بن محمد، ومن هنا نشأت بينهما جذور الخلاف، وأخذت تترفع
على زيد.
وقد فطن زيد لهذا الأمر بلباقة، ولم تكن نفسه الكريمة هينة عليه، فحاول
التخلص منها، وعدم إزعاجها الخ..
ونقول:
إن زواج زينب بزيد قد كان بعد نزول سورة الأحزاب التي
تضمنت إلغاء التبني، وقد مكثت زينب عند زيد حوالي سنة، ثم طلقها
فتزوجها رسول الله «صلى الله عليه وآله» في السنة السادسة.
والمُراجع لروايات زواج زينب بزيد يلاحظ: أن فيها
الكثير من التناقض، ويستطيع القارئ الكريم أن يتلمس هذا الأمر من خلال
المراجعة للروايات، والمقارنة بينها.
وكمثال على ذلك نذكر:
أنها تارة تقول:
إن النبي «صلى الله عليه وآله» أرسل علياً ليخطبها
لزيد.
وأخرى تقول:
إنه «صلى الله عليه وآله» ذهب بنفسه وخطبها له([30]).
وثالثة، تقول:
إنها هي التي أرسلت إلى النبي «صلى الله عليه وآله».
ورابعة:
.. الخ..
كما أن بعضها يقول:
إن آية: ﴿إِذَا
قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً﴾.
قد نزلت في زينب وزيد.
وأخرى تقول:
نزلت في جلبيب وامرأة أنصارية.
وثالثة تقول:
إنها نزلت في أم كلثوم بنت عقبة.
وعلى هذه فقس ما سواها.
وأما قول النبي «صلى الله عليه وآله» لزيد «رحمه الله»:
﴿أَمْسِكْ
عَلَيْكَ زَوْجَكَ﴾،
فلا يدل على أن طلاق زينب قد أصبح حراماً على زيد.
كما لا يدل قوله:
﴿وَاتَّقِ
اللهَ﴾
على:
أن
زيداً يظلم زوجته، ويعاملها بالسوء، ولا يتقي الله
فيها.
بل المقصود هو:
الدعوة إلى معاودة التجربة الإصلاحية معها، مع التزام جانب الدقة في
معاملتها، فلا يكون تصرفه إنفعالياً، بحيث يكون فيه شيء من التفريط
والعجلة، فتتعرض هي للمضايقة، أو يلحق بها اللوم، على أمرٍ كان يمكن
التغاضي عنه، أو التسامح فيه.
بل لا بد من رصد الموضوع، على أساس تطبيق كل مفردة من
مفرداته على أحكام الشرع الحنيف، فلعل ما يعانيه منها لايبلغ حد
الإضرار بحقوقه الشرعية، أو لا يصل إلى حد أن تكون عاصية لله فيه، وإن
كان يسبب لزيد بعض الضيق أو الحرج في حياته العملية..
فكأن الله تعالى يقول لزيد:
إنه إذا أراد أن يعاملها على أساس الحسابات الدقيقة،
والأخذ بمر الحق ومن دون أي إغماض أو تسامح، أو رفق، أو تفضل، فإن عليه
أن ينتظر من الله تعالى مثل ذلك. أما إذا اتقى الله، وعاملها بالرحمة،
وبالرفق والإغماض، فإنه سوف يلقى نفس المعاملة عند الله سبحانه أيضاً.
ولا بد للرسول «صلى الله عليه وآله» من أن يتصرف مع زيد
على هذا النحو، رغم أنه يعلم أن الأمر سينتهي إلى الطلاق بينهما، ويعلم
بأنها ستكون بعد ذلك من زوجاته. لأن عليه «صلى الله عليه وآله» أن
يتعامل مع الأمور لا بعلم النبوة، وإنما وفق ما قرره الشرع الشريف،
وحسبما تفرضه طبيعة ظواهرها، التي لها أحكامها وسننها التي تجب
مراعاتها.
وقد ذكرت الروايات:
أن النبي «صلى الله عليه وآله» قد أمر زيداً بأن يكون
هو الذي يخطب له زينب.. فيطيع زيد رسول الله «صلى الله عليه وآله»،
ويخطبها له..
والمثير للانتباه هنا:
أن النبي «صلى الله عليه وآله» يوسط نفس الرجل الذي كان
إلى وقت قريب زوجاً لنفس هذه المرأة. وهذا أمر غير مألوف، بل هو غير
مستساغ عند الناس عادة، لأنهم إنما يتعاملون بمنطق الشهوات، ونظرات
الريب، التي تختزن معان كَدِرَةٍ، وذات روائح كريهة، وموبوءة، فإن الذي
كان زوجاً لامرأة مَّا يحمِّل نظرته إلى المرأة التي طلقها من الخيالات
والتصورات للحالات التي كانت فيها معه.. ما يكبت عنفوانها، ويؤذي به
كبرياءها، ويجرح به روحها ومشاعرها..
كما أن الذي يريد أن يكون الزوج الجديد لهذه المرأة لن
يكون مرتاحاً حينما تقتحم مخيلته صور عن زوجة كانت في عصمة رجل آخر، بل
لا بد أن تؤذي تلك الصور روحه، وترهق مشاعره، مهما حاول التخلص منها،
وإبعادها عنه، والابتعاد عنها..
ولكن النبي «صلى الله عليه وآله» في روحه الصافية،
والفانية في الله تعالى. والتي لا ترى إلا الحق والخير، ولا تتأثر بأي
من الأجواء التي تثيرها الغرائز والأهواء، والإثارات المجانبة لرضا
الله تعالى.
نعم،
إن هذا النبي الكريم «صلى الله عليه وآله» قد قدم
النموذج الأكمل والأمثل للإنسان الإلهي، الذي يريد أن يعلم الناس الحق،
وأن يسهِّل عليهم الخضوع له، والانصهار به وفيه.. فيرسل زيداً، بالذات
ليخطب له زينب بنت جحش، في إشارة واضحة منه «صلى الله عليه وآله» إلى
معرفته بطهر ضمير زيد، وسمو نفسه، وبصفاء إيمانه، وخلوص نيته.
كما أنه «صلى الله عليه وآله» ليس فقط لم يتضايق من
حضور زيد الدائم عنده، ومن قربه منه، بل بقي القريب والحبيب، الذي
يشتاق إليه، ويزداد تعلقه به، وحدبه عليه. وقد كان ولا يزال الأثير
عنده، والمكين لديه.
وتقول الروايات:
إنه حين جاء زيد ليخطب زينب لرسول الله «صلى الله عليه
وآله» قد أظهر: أنه ذلك الرجل التقي الغضيض البصر، العفيف الضمير،
الصافي الإيمان، الذي يرسله الرسول «صلى الله عليه وآله» لخطبة امرأة
كانت زوجة له، فلا يمد عينيه إليها، ليتبصر حالها بعد أن تركها، بل
يوليها ظهره، ولا يستهين، ولا يستخف بها، بل تعظم في نفسه.
ولكن المفاجأة الكبرى، التي تحمل معها أعظم الخزي،
وأبشع صور الإسفاف البشري، أن يجترئ صنَّاع الأساطير على اختلاق روايات
أخرى. تصور أعظم نبي، وأكرم مخلوق، وأفضل موجود في هذا العالم، وهو
خاتم الأنبياء «صلى الله عليه وآله» وعين الله، وخيرة الله وصفوته، ـ
تصوِّره ـ يمد عينيه إلى الأجنبيات، ليخون نفس ذلك الرجل العفيف في نفس
هذه المرأة التي كانت في عصمته، فينظر إليها بعين الريب، ويقع في حبالة
حبها، بل هو يقتحم عليها إلى داخل دارها فيراها وهي تغتسل.. إلى غير
ذلك من تفاصيل حملت قذارات أنفس صانعيها، الذين ضمّنوها كل ما قدروا
عليه من ترَّهات وأباطيل، وأعظم الإساءات
لرسول الله «صلى الله عليه وآله»..
بل إنهم ليذكرون:
أن هذا النبي الأكرم «صلى الله عليه وآله»،
ـ
وهو أغير الناس
ـ
يرضى بأن تبقى زوجته في ليلة عرسها جالسة وحدها بين
الرجال، ويخرج
هو
ليطوف على حجر نسائه..
فضلاً عن رواياتهم حول
إصرار عمر بن الخطاب عليه بأن يحجب نساءه،
فلا يستجيب له.
وقد جاء التعبير القرآني لينسب التزويج بزينب إلى مقام
العزة الإلهية، حيث قال تعالى: ﴿..فَلَمَّا
قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا..﴾.
ثم جاءت الروايات لتتحدث عن افتخار زينب على سائر نسائه
«صلى الله عليه وآله» بأن الله قد زوجها من السماء، دونهن..
غير أننا نقول:
أولاً:
إن هذا التزويج الإلهي لم يأت إجلالاً لزينب، وتقديراً
لها على أمر اختارته، وطاعة قدمتها، أو ميزة تفردت بها، ترتبط
بإيمانها، أو بأخلاقها، أو عمل قدمته
كان فيه رضا الله
تعالى.
وذلك، لأن الآية قد صرحت:
بأن سبب هذا التزويج هو: ﴿..لِكَيْ
لَا يَكُونَ عَلَى المُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ
إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً..﴾.
ثم أكد هذا المعنى بقوله: ﴿مَّا
كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللهُ لَهُ سُنَّةَ
اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ..﴾.
فإذا
كان
هذا هو السبب،
فلا مجال لاستفادة التكريم من تزويج كهذا،
ولا سيما إذا كان اقتلاع هذا المفهوم الجاهلي يحتاج إلى ممارسة عملية،
وإلى تدخل إلهي مباشر.
ثانياً:
إن زينب، وإن كانت قد حاولت أن تدَّعي لنفسها هذه
الفضيلة، وساعدتها على ذلك صاحبتها عائشة، إلا أنها كانت محاولة فاشلة؛
إذ ليس في الآية ما يدل على أن الله تعالى هو الذي تولى إجراء العقد له
«صلى الله عليه وآله»
عليها فعلاً، بل الآية تقول: إننا هيأنا لك أسباب
الزواج منها من حيث إننا أصدرنا الإذن، والأمر لك بذلك.
فإذا كان ثمة عقد في السماء، فهو يحتاج إلى نص آخر
لإثباته. وليس في البين سوى الرواية التي ذكرت: أن الإمام الرضا «عليه
السلام» قد قال لعلي بن الجهم في مجلس المأمون، بعد أن ألزم أصحاب
المقالات الحجة: «إن الله عز وجل ما تولى تزويج أحد من خلقه إلا تزويج
حوا من آدم، وزينب من رسول الله «صلى الله
عليه وآله» بقوله: ﴿..فَلَمَّا
قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا..﴾
الآية. وفاطمة من علي»([31]).
ولكنها رواية:
لا تثبت من ناحية السند.
بـل
لـو
صح الاستنـاد
إليهـا
في تحديـد
أن
المـراد
من قوله
تعالى:
﴿زَوَّجْنَاكَهَا﴾
هو التزويج من قِبَلِه، فهي لا تدل على أنه لأجل التكريم؛ لأن الآية
حين حددت سبب هذا التزويج، وأنه هو القضاء على المفهوم الجاهلي البغيض،
وليس هناك أي داعٍ آخر.
ومن جهة أخرى، فإن هذه الرواية:
صريحة بتكذيب ما يدَّعونه من أن الله قد زوج حفصة ممن هو خير من عثمان،
وأعني به رسول الله «صلى الله عليه وآله»، وزوج عثمان من هي خير من
حفصة، وهي بنت رسول الله «صلى الله عليه وآله»([32]).
ثالثاً:
إنه إذا كان الله تعالى قد تولى تزويج زينب، ثم جاء
«صلى الله عليه وآله» ودخل عليها من غير إذن، فما معنى إرسال النبي
الأعظم «صلى الله عليه وآله» زيداً ليخطب له زينب؟!
ملاحظة:
واللافت هنا: أن خديجة بنت خويلد التي هي من النساء
الأربع اللواتي كملن من بين سائر نساء البشر، لم تنزل آية في تزويجها
من رسول الله «صلى الله عليه وآله».. ويلي خديجة في الفضل أم سلمة، ثم
ميمونة بنت الحارث الهلالية، ولم ينزل في تزويجهن برسول الله «صلى الله
عليه وآله» آية قرآنية كما كان الحال بالنسبة لزينب.. فلو كان في هذا
التزويج تكريم، فقد كان هؤلاء النسوة الكريمات أولى به من زينب فليلاحظ
ذلك.
إن عائشة تعترف:
بأنها لما علمت بموضوع زينب بنت جحش أخذها ما قرب وما بعد، لما يبلغها
من جمالها، وأزعجها ما توقعته من افتخارها عليها بتزويج الله لها من
السماء.
ومن جهة أخرى:
فإن عمر بن الخطاب قد صرح بامتياز زينب على حفصة وغيرها
في خصوصية الجمال، فقال لابنته حفصة:
«ليس لك حظوة
عائشة، ولا حسن زينب»([33]).
ونقول:
إن الملاحظ هو:
أن عائشة لا تهتم بالنواحي الإنسانية والإيمانية في
نظرتها للأمور وفي سياستها في بيت رسول الله «صلى الله عليه وآله»، بل
تهتم بما يبلغها من جمال ضرتها، وتهتم أيضاً، بأن لضرتها ما تفتخر به
عليها، من حيث نزول آية قرآنية تتحدث عن أمر زواج الرسول «صلى الله
عليه وآله» بها.
مع أن هذه أمور دنيوية بحتة، وقد فرضتها الظروف على
زينب، ولم يكن لزينب أي اختيار أو قرار فيها. ولكن أم سلمة كان كل همها
هو أن تكون في موقع رضا رسول الله «صلى الله عليه وآله»، فطلبت من
الرسول أن يدعو الله ليذهب عنها الغيرة، لكي لا يصدر منها أي شيء، يزعج
أو يسيء إلى الرسول «صلى الله عليه وآله».
كما أن خديجة هي التي تندفع إلى رسول الله «صلى الله
عليه وآله»، وتعمل على الاقتران به، من أجل مزاياه الإنسانية، وحباً
بخصال الخير فيه.
وأما حديث عمر فإنه:
وإن كان يتضمن اعترافاً بحسن زينب، غير أننا نظن: أنه
قد جاء لتأييد موقف عائشة، بادِّعاء الحظوة لها عند رسول الله «صلى
الله عليه وآله»، بهدف إعطائها المزيد من النفوذ، والهيمنة على قلوب
الناس، خصوصاً وأنها تمثل حاجة ملحة للحكام بعد رسول الله «صلى الله
عليه وآله» لتأييد مشاريعهم، وتقوية شوكتهم.
وقد كانت عائشة شخصية جريئة، حتى إنها لتقود الجيوش
لحرب أقدس رجل بعد رسول الله «صلى الله عليه وآله»، ولها قدراتها على
إنجاز هذا المهم لهم، والتي سيكون لها نصيب منه معهم..
قال الحلبي الشافعي:
«ذكر مقاتل
(رض): أن زيد بن حارثة (رض) لما أراد أن يتزوج زينب جاء إلى النبي «صلى
الله عليه وآله»، وقال: يا رسول الله اخطب عليَّ.
قال له:
من؟
قال:
زينب بنت جحش.
قال:
لا أراها تفعل. إنها أكرم من ذلك نفساً.
فقال:
يا رسول الله، إذا كلمتها أنت، وقلت: زيد أكرم الناس
عليَّ، فعلت.
فقال «صلى الله عليه وآله»:
إنها امرأة لسناء.
فذهب زيد رضي الله تعالى عنه إلى علي كرم الله وجهه،
فحمله على أن يكلم له النبي «صلى الله عليه وآله».
فانطلق معه إلى النبي «صلى الله عليه وآله» فكلمه،
فقال: إني فاعل ذلك، ومرسلك يا علي إلى أهلها فتكلمهم، ففعل. ثم عاد
أمره بكراهتها، وكراهة أخيها ذلك.
فأرسل إليهم النبي «صلى الله عليه
وآله» يقول:
قد رضيته لكم، وأقضي أن تُنكحوه. فأنكحوه، وساق لهم عشرة دنانير الخ..»([34]).
ونقول:
أولاً:
إننا نرتاب في بعض فقرات هذه الرواية، ونعتقد: أنها لا
تصدر عن رسول الله،
مثل قوله «صلى الله عليه وآله»: «لا أراها تفعل، إنها أكرم من ذلك
نفساً»
فإن المعيار الذي جاء به القرآن، وقرره الرسول «صلى الله عليه وآله»،
وألزم غيره، والتزم به هو: قوله تعالى:
﴿..إِنَّ
أَكْرَمَكُمْ عِندَ الله أَتْقَاكُمْ..﴾.
والرسول «صلى الله عليه وآله» هو
الذي يقول:
«إذا
جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، وإلا تفعلوا تكن
فتنة في الأرض وفساد كبير»([35]).
وقرر:
أن معيار الكفاءة في النكاح هو الإسلام والإيمان.
ثانياً:
إن هذا يعارض ما رووه، من أنها أرسلت إلى النبي «صلى
الله عليه وآله» تستشيره في أمر زواجها. بعد أن خطبها عدة أشخاص من
صحابته «صلى الله عليه وآله».
فقال «صلى الله عليه وآله»:
أين هي ممن يعلمها كتاب ربها، وسنة نبيها؟!([36]).
ثالثاً:
إذا كان النبي «صلى الله عليه وآله» يريد لها أن تتزوج
بمن تختاره، ويعلم أنها لا تختار زيداً، وكان ذلك هو سبب امتناعه عن
طلبها لزيد، فلماذا أقدم على إرسال علي «عليه السلام» إليها، ليطلبها
لزيد بالذات؟! فإنه لم يتغير شيء من ذلك قبل توسط علي
«عليه السلام» وبعده.
وإن كان يريد فرض الزواج عليها بزيد، فلماذا أرجعه
خائباً في المرة الأولى، ثم استجاب له بعد توسط علي «عليه السلام» له
عنده «صلى الله عليه وآله»؟!
وأخيراً نقول:
قد يقال:
إننا لم نجد النبي «صلى الله عليه وآله» أكره أحداً على
الزواج من أي كان، فلماذا أكرهها هي على ذلك بإصدار حكم قضائي عليها،
دون كل من عداها من أقاربه، أو من غيرهن؟!
ويجاب:
بأن من الممكن أن يفعل النبي «صلى الله عليه وآله» ذلك،
من خلال كونه «صلى الله عليه وآله» أولى بالمؤمنين من أنفسهم، وقد
اقتضت مصلحة التشريع إعمال هذه الولاية في خصوص هذا المورد.
قال بعضهم:
إن النبي «صلى الله عليه وآله» أصدق زينب حين تزوجها،
أربع مائة درهم([37]).
وقد تقدم:
أن النبي «صلى الله عليه وآله» قد ساق لها عشرة دنانير،
وستين درهماَ،
وخماراً،
ودرعاً، وإزاراً، وملحفة، وخمسين مداً من طعام، وثلاثين صاعاً من تمر([38]).
فلعله لا تنافي بين هذا وذاك، إذ لعل قيمة المجموع تصل
إلى أربع مائة درهم، وبذلك أيضاً ترتفع المنافاة بينه وبين ما عن ابن
إسحاق، من أن صداق أكثر أزواجه أربعمائة درهم([39]).
ولكن قد روي عن عائشة:
أن صداق رسول
الله «صلى الله عليه وآله» لأزواجه كان: اثنتي عشرة أوقية ونشاً (أي
ونصفاً)، فذلك خمس مائة درهم([40]).
وهذا لا ينسجم مع ما تقدم عن ابن إسحاق، وما ذكر عن
صداق زينب!!
ثم إنه كيف يصح قول عائشة هذا أو
غيره، ونحن نرى:
أنهم يدَّعون: أنه «صلى الله عليه وآله»
قد أصدق أم سلمة فراشاً حشوه ليف، وقدحاً([41]).
وأصدق «صلى الله عليه وآله» أم حبيبة شيئاً([42]).
وعند البلاذري:
أصدقها النجاشي أربع مائة دينار([43]).
أو ما يعادلها وهو أربعة آلاف درهم([44]).
وأصدق ميمونة (أو أصدقها النجاشي عنه) أربع مائة دينار([45])،
وقيل: مائتا دينار، أو أربعة آلاف درهم([46]).
بل إن صداق زينب بنت جحش بالذات موضع خلاف أيضاً. فقد
قال الماوردي:
«قال الضحاك:
فتزوجها رسول الله «صلى الله عليه وآله»، وكان يومئذٍ في عسرة، فأصدقها
قربة، وعباءة، ورحى اليد، ووسادة حشوها ليف([47]).
وهذا كله يعطينا:
أن تعميمات عائشة. وكذلك تعميمات ابن إسحاق لا تصح، ولا
مجال للاعتماد عليها.
([1])
الآيات 36 ـ 40 من سورة الأحزاب.
([2])
لهذا الحديث نصوص مختلفة، وقد ذكرنا هنا ملخصاً للقضية، حسبما
وردت في المصادر التالية: البحار ج22 ص172 و 215 وتفسير القمي
ج2 ص172 وتفسير الصافي ج4 ص163 وأنساب الأشراف ج1 ص467 و 468
ومجمع البيان ج8 ص336، وراجع: شرح بهجة المحافل للأشخر اليمني
ج1 ص289 وقاموس الرجال ج4 ص243 والإستيعاب (بهامش الإصابة) ج1
ص545 و 546 و 547 وتاريخ مدينـة دمشق ج10 ص138 و 139 وج19 ص348
= = والإستغاثة ج1 ص75 وأسد الغابة ج2 ص225 والطبقات الكبرى
ج3 ص40 و 41 و 42, والمستدرك للحاكم ج3 ص214 وروح البيان ج7
ص137 وغرائب القرآن للنسيابوري (بهامش جامع البيان) ج21 ص83
والجامع لأحكام القرآن ج14 ص193 وحاشية الصاوي على تفسير
الجلالين ج3 ص279 و 268 والروض الأنف للسهيلي ج1 ص286 والسيرة
النبوية لابن هشام ج1 ص247 والسمط الثمين ص225.
([3])
الجامع لأحكام القرآن ج14 ص193 وحاشية الصاوي على تفسير
الجلالين ج3 ص279 وراجع: طبقات ابن سعد ج3 ص41 و 42.
([4])
الطبقات الكبرى ج3 ص41.
([5])
قد تقدمت المصادر التي ذكرت ذلك، وراجع أيضاً: تاريخ مدينة
دمشق ج10 ص139 والإستغاثة ج1 ص75 والطبقات الكبرى ج3 ص42.
([6])
راجع: مستدرك الحاكم ج3 ص214 وتفسير القرآن العظيم ج14 ص118
والطبقات الكبرى لابن سعد ج3 ص41 وتاريخ مدينة دمشق ج10 ص138
وج19 ص347 و 530 وأسد الغابة ج2 ص225 والمنتخب من المذيل
للطبري ص4 والسيرة النبوية لابن هشام ج1 ص164.
([7])
راجع: السيرة النبوية لابن هشام ج1 ص247.
([8])
راجع ذلك في المصادر التالية: البداية والنهاية ج4 ص145
والبحار ج20 ص297 وبهجة المحافل ج1 ص189 والكامل في التاريخ ج2
ص177 وصفة الصفوة ج2 ص46 وشرح المواهب للزرقاني ج4 ص413 وأسد
الغابة ج1 ص22 وأنساب الأشراف ج1 ص433 وتاريخ الخميس ج1 ص500 و
501 و 267 عن المنتقى وغيره وتفسير القاسمي ج5 ص533 وتفسير
القرآن العظيم ج3 ص484 وحاشية الصاوي على الجلالين ج3 ص280.
وراجع: سبل الهدى والرشاد ج11 ص201 وج4 ص356 وحياة الرسول
وفضائله للنبهاني ص208 وعيون الأثر ج2 ص304 والتنبيه والإشراف
ص217 ومروج الذهب ج2 ص289 وفتح الباري ج8 ص351 عن الواقدي وج7
ص333 والسـيرة النبويـة لابن كثـير ج3 ص277 والسـيرة الحـلبيـة
ج3 ص320 وج2 = = ص293 ووفاء الوفاء ج1 ص310 والجامع الصحيح
(مطبوع مع تحفة الأحوذي) ج9 ص50 وسيرة مغلطاي ص55 وحبيب السير
ج1 ص359 والدر المنثور ج5 ص214 وفتح القدير ج4 ص299 وتفسير
القرآن العظيم ج3 ص511 والطبقات الكبرى ج8 ص174 والجامع لأحكام
القرآن ج14 ص165 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص231.
([9])
راجع: السيرة النبوية لابن كثير ج3 ص277 وسبل الهدى والرشاد
ج11 ص45 و 201 وج4 ص256 ووفاء الوفاء ج1 ص310 وتاريخ الخميس
ج1 ص500 وحبيب السير ج1 ص359 وفتح الباري ج7 ص333 وأسد الغابة
ج5 ص493 والإصابة ج4 ص313 والإستيعاب (بهامش الإصابة) ج4 ص314
وتهذيب الكمال ج35 ص184 ودلائل النبوة للبيهقي ج3 ص417 وسيرة
مغلطاي ص55 وعيون الأثر ج2 ص304 وأنساب الأشراف ج1 ص433 وشرح
المواهب للزرقاني ج4 ص413 وتفسير القاسمي ج5 ص533 وتفسير
القرآن العظيم ج3 ص484 وحاشية الصاوي على الجلالين ج3 ص280
والجامع الصحيح (مطبوع مع تحفة الأحوذي) ج9 ص50.
([10])
دلائل النبوة للبيهقي ج3 ص467.
([11])
المنتظم ج4 ص300 وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) (ط سنة 1410
هـ) ص256. وراجع: عيون الأثر ج2 ص304 والسيرة النبوية لابن
كثير ج3 ص277 وسبل الهدى والرشاد ج11 ص201 والسيرة الحلبية ج3
ص320 = = و 278 وفتح الباري ج7 ص333 وسيرة مغلطاي ص55 ومسند
ابن راهويه ج4 ص44 وشرح المواهب للزرقاني ج4 ص413 وروح البيان
ج7 ص180.
([12])
السيرة النبوية لابن كثير ج3 ص278 والبداية والنهاية ج4 ص166
وتفسير القرآن العظيم لابن كثير ج3 ص499.
([13])
تاريخ الخميس ج1 ص501 والبحـار ج22 ص177 و 179 وراجـع: أسـد =
= الغابة ج5 ص494 والسيرة الحلبية ج3 ص320 و 321 وبهجة المحافل
ج1 ص289 و 290 وتفسير القرآن العظيم ج4 ص472 وتفسير القاسمي ج5
ص522 والجامع لأحكام القرآن ج14 ص192 وراجع: السنن الكبرى ج7
ص57 وسنن النسائي ج6 ص77 وشرح المواهب للزرقاني ج4 ص410 وغرائب
القرآن ج22 ص12 و 13 والبداية والنهاية ج4 ص146 والمعجم الكبير
ج24 ص40 و 45 والإستيعاب (بهامش الإصابة) ج4 ص316 والدر
المنثور ج5 ص200 و 201 عن عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن
جرير، وابن المنذر، والطبراني عن قتادة وأنس، وراجع ما رواه
عن: ابن جرير، وعبد بن حميد عن مجاهد، وما أخرجه عن ابن سعد
وأحمد والنسائي، وأبي يعلى، وابن أبي حاتم، والطبراني، وابن
مردويه عن أنس. وراجع: سير أعلام النبلاء ج2 ص217 وسنن النسائي
ج6 ص79 ومسند أحمد ج3 ص195 وحياة الرسول وفضائله للنبهاني ص208
وحلية الأولياء ج2 ص52 و 53 ونور الثقلين ج4 ص283 وكنز الدقائق
ج10 ص396 و 397 والمنتظم ج3 ص226 و 227 والسيرة النبوية لابن
كثير ج3 ص278 ـ 282 وحدائق الأنوار ج2 ص601 و 602 وفي هامشه عن
صحيح مسلم ج2 ص1048 والطبقات الكبرى ج8 ص102.
([14])
راجع: تاريخ الخميس ج1 ص501 و 520 وراجع: الإصابة ج4 ص313
وتفسير الماوردي ج4 ص406.
([15])
أنساب الأشراف ج1 ص436 والطبقات الكبرى ج5 ص102.
([16])
تاريخ الخميس ج1 ص502 والإصابة ج4 ص313 والمنتظم ج3 ص226
والطبقات الكبرى ج8 ص102 وأسد الغابة ج5 ص464 والمحبر ص86 ونيل
الأوطار ج8 ص211 والبحار ج22 ص179 وتاريخ مدينة دمشق
ج22 ص162 وتفسير القرآن
العظيم ج1 ص44 ومجمع البيان ج8 ص164 والجامع لأحكام القرآن ج14
ص195 ودفع شبهة التشبيه ص60 و 255 ومجمع الزوائد ج9 ص24 وفتح
الباري ج7 ص317 وج2 ص348 والمعجم الكبير ج24 ص45 وكنز العمال
ج13 ص704 وشرح المواهب للزرقاني ج4 ص411.
([17])
تاريخ الخميس ج1 ص502
والبحار ج22 ص177 وراجع ص179 وتذكرة الفقهاء (ط قديمة) ج2 ص580
ومسالك الأفهام ج7 ص26 و 27 والمغني ج8 ص105 وجـواهر الكـلام
ج29 ص47 والمجمـوع ج16 ص392 والشـرح = = الكبير ج8 ص105 ونيل
الأوطار ج6 ص321 ومستدرك سفينة البحار ج10 ص450 ومسند أحمد ج3
ص172 و 227 والفوائد المنتقاة ص85 وإرواء الغليل ج7 ص3 والجامع
لأحكام القرآن ج14 ص192 والمعجم الكبير ج24 ص43 وسنن ابن ماجة
ج1 ص615 والسنن الكبرى ج4 ص149 ومسند أبي يعلى ج6 ص92 و 180
والآحاد والمثاني ج5 ص427 وسبل الهدى والرشاد ج9 ص56 وج11 ص202
والبداية والنهاية لابن الأثير ج5 ص226 والطبقات الكبرى ج8
ص107 ومنتخب مسند عبد بن حميد ص304 ومسند أبي الجعد ص218 وعون
المعبود ج10 ص149 وفتح الباري ج9 ص194 وصحيح مسلم ج4 ص149.
([18])
البحار ج22 ص177 وتفسير مجمع البيان ج8 ص161 وراجع: الدر
المنثور ج5 ص203.
([19])
الدر المنثور ج5 ص203 والمعجم الكبير للطبراني ج24 ص39 و 40
والبيهقي في سننه، وابن عساكر، من طريق الكميت بن زيد الأسدي،
قال: حدثني مذكور الخ.. وحلية الأولياء ج2 ص51 و 52 ومجمع
الزوائد ج9 ص246 و 247 وتاريخ مدينة دمشق ج50 ص230 و 231 وكنز
العمال ج12 ص140 وسنن الدارقطني ج3 ص208 والسنن الكبرى ج7
ص137.
([20])
البحار ج22 ص172 وتفسير القاسمي ج5 ص518 وراجع: تفسير القمي ج2
ص174 و 175 وراجع: عيون الأثر ج2 ص304 والسيرة الحلبية ج3 ص320
والدرجات الرفيعة ص438 والطبقات الكبرى ج3 ص42 وأسد الغابة ج5
ص464 وتاريخ دمشق ج19 ص348 والمنتخب من المذيل ص5 وزوجات النبي
ص66.
([21])
السمط الثمين للمحب الطبري (ط حلب) ص129.
([22])
الطبقات الكبرى لابن سعد ج8 ص101.
([23])
الإستغاثة ج1 ص70 وسبل الهدى والرشاد ج1 ص9 والبداية والنهاية
ج2 ص358.
([24])
راجع: بنات النبي أم ربائبه (ط سنة 1423 هـ) ص68.
([25])
الآية 36 من سورة الأحزاب.
([26])
البحار ج22 ص177 عن ابن زيد، وأنوار التنزيل للبيضاوي ج4 ص163
والتبيان ج8 ص343 وتاريخ الخميس ج1 ص501 والدر المنثور ج5 ص201
عن ابن أبي حاتم، وتفسير الماوردي ج4 ص404 و 405 ولباب النقول
ص159 وفتح القدير ج4 ص283 وتاريخ المدينة ج2 ص493 ومجمع البيان
ج8 ص161 وجامع البيان ج22 ص10 وتفسير الجلالين ص641 والبحر
المحيط ج7 ص233 وتفسير القاسمي ج5 ص513 وتفسير القرآن العظيم
ج3 ص470 و 497.
([27])
راجع تفصيل هذه القصة في: مسند أحمد (طبعة الحلبي) ج3 ص136
وتفسير القاسمي ج5 ص513 و 514 والإستيعاب (بهامش الإصابة) ج1
ص256 والإصابة ج1 ص242 وتفسير القرآن العظيم ج3 ص470 و 471.
([28])
الآية 36 من سورة الأحزاب.
([29])
راجع: السيرة النبوية لابن هشام ج4 ص254.
([30])
راجع على سبيل المثال: تفسير القرآن العظيم ج3 ص470.
([31])
عيون أخبار الرضا ج2 ص172 والأمالي للصدوق (ط سنة 1410) ص84
والبحار ج11 ص74 وج22 ص218 ومستدرك سفينة البحار ج4 ص319= =
ونور الثقلين ج4 ص281 وقصص الأنبياء للجزائري ص15 والتفسير
الأصفى ج2 ص995 ومجمع البحرين للطريحي ج3 ص197 ومسند الإمام
الرضا للعطاردي ج2 ص95 وحياة الإمام الرضا >عليه
السلام<
للقرشي ج1 ص155 والصافي ج4 ص192.
([32])
كنز العمال ج11 ص589 وج13 ص698 والطبقات الكبرى ج8 ص83 وسبل
الهدى والرشاد ج11 ص184.
([33])
الطبقات الكبرى (ط دار
صادر) ج8 ص137 و 138 عن فتح الباري ج9 ص231 ـ 233.
([34])
السيرة الحلبية ج3 ص320.
([35])
الدر المنثور ج1 ص257 والثقات ج5 ص499 وتهذيب الكمال ج9 ص355
وكنز العمال ج16 ص318 وإعانة الطالبين ج3 ص308 وسبل الهدى
والرشاد ج9 ص47 وأحكام القرآن للجصاص ج1 ص487 وج3 ص413 وإيضاح
الفوائد ج3 ص23 والمعجم الأوسط ج1 ص142 وغوالي اللآلي ج3 ص340
ونيل الأوطار ج6 ص361 والمجموع ج16 ص183 ـ 188.
([36])
مجمع الزوائد ج9 ص246 والمعجم الكبير ج24 ص39 وسنن الدارقطني
ج3 ص208 والدر المنثور ج5 ص208 وتاريخ مدينة دمشق ج50 ص231.
([37])
سبل الهدى والرشاد ج11 ص146.
([38])
تقدم النص مع مصادره. وراجع أيضاً: والبداية والنهاية ج4 ص145
وتفسير القرآن العظيم ج3 ص499 والبحار ج22 ص177 وتفسير مجمع
البيان ج8 ص161.
([39])
سبل الهدى والرشاد ج11 ص146.
([40])
سبل الهدى والرشاد ج9 ص48 وج11 ص146 عن مسلم، ومستطرفات
السرائر ص563 والكافي ج5 ص375 و 376 ووسائل الشيعة (الإسلامية)
ج15 ص5 و 6 و 7 و 8 و 32 والبحار ج20 ص12 وج22 ص205 وج97 ص350
ومستدرك سفينة البحار ج10 ص453.
وراجع: مسند أحمد ج6 ص94 وصحيح مسلم ج4 ص144 وسنن ابن ماجة ج1
ص607 وشرح مسلم للنووي ج9 ص215 والمصنف للصنعاني ج6 ص177 وكشف
الخفاء ج1 ص388 وتفسير القرآن العظيم ج3 ص506 والطبقات الكبرى
ج8 ص161 وتاريخ مدينة دمشق ج3 ص206 والبداية والنهاية ج4 ص164
وموسوعة التاريخ الإسلامي ج1 ص334 والسيرة النبوية لابن كثير
ج3 ص273.
([41])
سبل الهدى والرشاد ج11
ص146 عن السيرة النبوية لابن هشام ج4 ص1059.
([42])
سبل الهدى والرشاد ج11 ص146.
([43])
أنساب الأشراف ج1 ص439 وكشف الخفاء ج1 ص388.
([44])
راجع تحفة الأحوذي ج4 ص215 وعون المعبود ج6 ص95 وتذكرة
الموضوعات ص133.
([45])
سبل الهدى والرشاد ج11 ص146.
([46])
سبل الهدى والرشاد ج11 ص193.
([47])
تفسير الماوردي ج4 ص406 و 407.
|