اكاذيب وأباطيل في حديث زواج زينب

   

صفحة : 83-126  

اكاذيب وأباطيل في حديث زواج زينب

ماذا يقول الأفَّاكون؟!

وقد زعموا: أن زينب مكثت عند زيد ما شاء الله، ثم إن النبي «صلى الله عليه وآله» أتى ذات يوم بيت زيدٍ، يطلبه، فلم يجده، وأبصر زينب قائمةً في درعٍ وخمار، وكانت بيضاء جميلة، ذات خلق، من أتم نساء قريش، فوقعت في نفسه، فأعجبه حسنها. (وفي نص آخر: فهويها) فقال: سبحان الله مقلب القلوب، وانصرف.

وسمعت زينب التسبيحة، فلما جاء زيد ذكرتها له، ففطن، فألقي في نفسه كراهيتها، والرغبة عنها في الوقت. (أو في وقت رآها رسول الله «صلى الله عليه وآله») فأتى رسول الله «صلى الله عليه وآله»، فقال: إني أريد أن أفارق صاحبتي الخ..([1]).

وفي نص آخر: فمكثت عنده ما شاء الله، ثم رآها النبي «صلى الله عليه وآله» يوماً متزينة فأعجبته، ورغب في نكاحها لو طلقها زيد، فأوقع الله كراهيتها في قلب زيد([2]).

وعن نوح بن أبي مريم، عن زينب: لما وقعت في قلب النبي «صلى الله عليه وآله» لم يستطعني زيد، وما امتنعت منه غير ما يمنعه الله مني، فلا يقدر عليَّ([3]).

وفي بعض الروايات: «أن زيداً تورم ذلك منه حين أراد أن يقربها»([4]).

وفي نص آخر: أنه «صلى الله عليه وآله» استأذن، فأذنت له ولا خمار عليها، فألقت كم درعها على رأسها([5]).

وفي نص آخر أيضاً: «أبطأ عنه يوماً، فأتى رسول الله «صلى الله عليه وآله» منزله يسأل عنه، فإذا زينب جالسة وسط حجرتها تسحق طيباً بفهر لها، فدفع رسول الله «صلى الله عليه وآله» الباب، فنظر إليها، وكانت جميلة حسنة، فقال: سبحان خالق النور، وتبارك الله أحسن الخالقين. ثم رجع «صلى الله عليه وآله» إلى منزله، ووقعت زينب في قلبه وقوعاً عجيباً.

وجاء زيد إلى منزله، فأخبرته زينب بما قال رسول الله «صلى الله عليه وآله»، فقال لها زيد: هل لك أن أطلقك حتى يتزوجك رسول الله «صلى الله عليه وآله»، فلعلَّك وقعت في قلبه؟!

فقالت: أخشى أن تطلقني، ولا يتزوجني رسول الله «صلى الله عليه وآله».

فجاء زيد إلى رسول الله «صلى الله عليه وآله»، فقال: بأبي أنت وأمي، أخبرتني زينب بكذا وكذا، فهل لك أن أطلقها حتى تتزوجها؟!

فقال له رسول الله «صلى الله عليه وآله»: لا، اذهب واتق الله، وأمسك عليك زوجك..».

إلى أن قال في تفسير قوله تعالى: ﴿لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاء مِن بَعْدُ..﴾، أي:  «لا يحل لك امرأة رجل أن تتعرض لها حتى يطلقها، وتتزوجها أنت، فلا تفعل هذا الفعل بعد هذا»([6]).

وفي نص آخر:  «ثم وقع بصره عليها بعد حين، فوقع في نفسه حبها، وفي نفس زيد كراهتها»([7]).

بل روي: أنه «صلى الله عليه وآله» حين جاء إلى منزل زيد رأى امرأته تغتسل، فقال لها: سبحان الله الذي خلقك.

ثم ذكرت الرواية: أن المقصود هو تنزيه الله عن أن تكون الملائكة بنات له، فراجع([8]).

ورووا أيضاً: أن زيداً تشاجر معها في شيء إلى رسول الله «صلى الله عليه وآله»، فنظر إليها النبي «صلى الله عليه وآله» فأعجبته.

فقال: يا رسول الله تأذن لي في طلاقها فإن فيها كبراً، وإنها لتؤذيني بلسانها.

فقال رسول الله «صلى الله عليه وآله»: اتق الله، وأمسك عليك زوجك، وأحسن إليها. ثم إن زيداً طلقها، وانقضت عدتها، فأنزل الله نكاحها على رسول الله الخ..([9]).

وقيل:  «لما جاء زيد مخاصماً زوجته فرآها النبي، استحسنها، وتمنى أن يفارقها زيد حتى يتزوجها، فكتم»([10]).

وفي نص آخر:  «لما تزوج رسول الله «صلى الله عليه وآله» بزينب بنت جحش، وكان يحبها، فأولم الخ..»([11]).

وفي نص آخر يقول:  «إنه «صلى الله عليه وآله» جاء لبيت زيد بن حارثة، فلم يجده، فقامت إليه زوجته زينب بنت جحش فُضُلاً بسبب العجلة، وطلبت إليه أن يدخل، فأبى، «فأعجب رسول الله «صلى الله عليه وآله»، فولى، وهو يهمهم بشيء لا يكاد يفهم منه، إلا ربما أعلن: سبحان الله العظيم، سبحان مصرف القلوب».

فجاء زيد رضي الله عنه إلى منزله، فأخبرته امرأته: أن رسول الله «صلى الله عليه وآله» أتى منزله، فقال زيد رضي الله عنه: ألا قلتِ له أن يدخل؟!

قالت: قد عرضت ذلك عليه فأبى.

قال: فسمعت شيئاً؟

قالت: سمعته حين ولى تكلم بكلام، لا أفهمه، وسمعته يقول: سبحان الله، سبحان مصرف القلوب.

فجاء زيد رضي الله عنه، حتى أتى رسول الله «صلى الله عليه وآله»، فقال: يا رسول الله، بلغني أنك جئت منزلي، فهلا دخلت يا رسول الله! لعل زينب أعجبتك، فأفارقها؟!

فيقول رسول الله «صلى الله عليه وآله»: ﴿أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ﴾.

فما استطاع زيد إليها سبيلاً بعد ذلك اليوم فيأتى لرسول الله «صلى الله عليه وآله» فيخبره، فيقول: ﴿أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ﴾.

ففارقها زيد، واعتزلها، وانقضت عدتها، فبينا رسول الله «صلى الله عليه وآله» جالس يتحدث مع عائشة رضي الله عنها، إذ أخذته غشية، فسري عنه وهو يبتسم، ويقول: من يذهب إلى زينب فيبشرها: أن الله زوجنيها من السماء؟!

وتلا رسول الله «صلى الله عليه وآله»: ﴿وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ الله عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ﴾ القصة..

قالت عائشة: فأخذني ما قرب وما بعد لما يبلغني من جمالها. وأخرى هي أعظم الأمور وأشرفها زوجها الله من السماء، وقلت: هي تفخر علينا بهذا»([12]).

عن عائشة قالت:  «لو كان رسول الله «صلى الله عليه وآله» كاتماً شيئاً من الوحي لكتم هذه الآية: ﴿وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللهَ عَلَيْهِ..([13]).

وعن أنس: لو كان رسول الله «صلى الله عليه وآله» كاتماً شيئاً لكتم هذه الآية([14]).

ونظير ذلك روي عن الحسن أيضاً([15]).

وروي نظير ذلك عن عمر بن الخطاب أيضاً([16]).

وفي تفسير قوله تعالى: ﴿سُنَّةَ الله ِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ..﴾ يقولون:  «يقول: كما هوي داود النبي  «عليه السلام»  المرأة التي نظر إليها، فهويها، فتزوجها، فكذلك قضى الله لمحمد «صلى الله عليه وآله»، فتزوج زينب الخ..»([17]).

وقال ابن قيم الجوزية، معقباً على قضية زواج النبي «صلى الله عليه وآله»، بعد رؤيته لها: «وهذا داود نبي «عليه السلام» كان تحته تسع وتسعون امرأة، ثم أحب تلك المرأة وتزوجها، وأكمل بها الماءة»([18]).

وعن ابن إسحاق، عن الشعبي: مرض زيد بن حارثة، فدخل عليه رسول الله «صلى الله عليه وآله» يعوده، وزينب ابنة جحش امرأته جالسة عند رأس زيد، فقامت زينب لبعض شأنها، فنظر إليها رسول الله «صلى الله عليه وآله»، ثم طأطأ رأسه، فقال: سبحان الله مقلب القلوب والأبصار.

فقال زيد: أطلقها لك يا رسول الله؟!

فقال: لا.

فأنزل الله عز وجل: ﴿وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ.. إلى قوله: ﴿..وَكَانَ أَمْرُ اللهِ مَفْعُولاً([19]).

وفي نص آخر: أنه حين جاء النبي «صلى الله عليه وآله» يطلب زيداً كان على الباب ستر من شعر، فرفعت الريح الستر، فانكشف، وهي في حجرتها حاسرة، فوقع إعجابها في قلب النبي «صلى الله عليه وآله»، فلما وقع ذلك كُرِّهت إلى الآخر، الخ..([20]).

وقد وصف ابن الديبع الشيباني هذا النوع من الروايات: بأنها ثابتة، وجعلها العلماء أصلاً للحكم بثبوت بعض الخصائص له «صلى الله عليه وآله» كما سيأتي([21]).

وقد ذكروا: «أن البلخي جوَّز أن يكون  النبي «صلى الله عليه وآله» استحسنها، فتمنى أن يفارقها، فيتزوجها، وكتم ذلك»([22]).

وعلى حد تعبير بعضهم:  «وكان النبي «صلى الله عليه وآله» حريصاً على أن يطلقها زيد فيتزوجها هو»([23]).

بل لقد ألف بعضهم كتاباً في العشق، وذكر فيه عشق الأنبياء «عليهم السلام»، وذكر فيه هذه الواقعة([24]) وقد استفاد خصوم الإسلام من هذه المرويات، وكذلك المستشرقون أيما استفادة، فراجع كلماتهم([25]).

نقد الروايات المتقدمة:

ونقول:

إنه يرد على الروايات المتقدمة العديد من الإشكالات التي تظهر زيفها.

ونحن نذكر هنا ما تيسر لنا من  هذه الإشكالات، ونجيب عنها، وذلك على النحو التالي:

ألف: ما الذي يخفيه النبي في نفسه؟!

لقد ذكرت تلك الروايات: أن الذي كان يخفيه النبي في نفسه. هو حب زينب، وإعجابه بها.

وعلى حد تعبير النيسابوري: «تعلق قلبه بها، أو مودة مفارقة زيد إياها، أو علمه بأن زيداً سيطلقها»([26]).

وعلى حد تعبير الرواية المنسوبة إلى ابن عباس، في تفسير قوله تعالى: ﴿وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ..﴾ قال: أي حب زينب، وهي في عصمة زيد([27]).

وهذا الكلام لا يمكن أن يصح، فلاحظ ما يلي:

أولاً: إن الإمام السجاد «عليه السلام» قد كذَّب هذه الروايات، فعن علي بن زيد بن جدعان، قال: قال لي علي بن الحسين: ما يقول الحسن (أي البصري) في قوله: ﴿وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ..﴾؟!

فقلت له.. ([28]).

فقال: لا، ولكن الله أعلم نبيه  «صلى الله عليه وآله»: أن زينب رضي الله عنها ستكون من أزواجه قبل أن يتزوجها؛ فلما أتاه زيد يشكو إليه، قال: اتق الله، وأمسك عليك زوجك.

فقال: قد أخبرتك: أني مزوجكها، ﴿وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ..﴾.

وروي عن الإمام الرضا  «عليه السلام» هذا المعنى أيضاً([29]).

فقد دل هذا الحديث على أمرين:

أحدهما: أن قوله «صلى الله عليه وآله» لزيد: أمسك عليك زوجك. لم يكن حين عرض عليه طلاق زينب ليتزوجها هو ـ إن كانت قد وقعت في نفسه ـ بل كان ذلك حين شكاها إليه..

والثاني: أن ما كان يخفيه النبي «صلى الله عليه وآله» في نفسه لم يكن هو حب زينب والإعجاب بها، بل هو ما أخبره الله تعالى به من أنها ستكون زوجة له في يوم ما.

وقد علق الحكيم الترمذي في نوادر الأصول، على هذا الحديث بقوله:  «فعلي بن الحسين جاء بهذا من خزانة العلم، جوهراً من الجواهر، ودراً من الدرر»([30]).

لا معنى للأمر بالإمساك:

فإن قيل: كيف يأمر النبي «صلى الله عليه وآله» زيداً بإمساك زوجه، وهو يعلم أن الفراق لا بد منه؟ أليس هذا من التناقض؟!

قيل: إن لهذا الأمر مصالحه وغاياته، ومنها: أنه «صلى الله عليه وآله» أراد لزيد أن يكون في موقع الطاعة لله، وأن لا يكون قاسياً عليها، وأن يعاملها بالرفق، حتى إذا فارقها بعد أن يكون قد استنفذ جميع ما في وسعه وطاقته لم يكن ثمة مجال لأن تراود نفسه ونفسها آية خواطر في هذا الاتجاه.

أو لأجل إقامة الحجة على زيد في شأنها، نظير أمر الله عباده بالإيمان، مع علمه بأن هذا أو ذاك سوف لا يطيع هذا الأمر.

ب: ما الذي أبداه الله تعالى؟!

وقد اعترف بعض علماء السنة([31]) بصحة هذا الذي ذكرناه، ونقلناه عن الإمام السجاد «صلوات الله وسلامه عليه» واعتبره أسدَّ الأقاويل، وأليقها بحال الأنبياء «عليهم السلام»، وأكثرها مطابقة لظاهر التنزيل، لأن الله سبحانه قال: ﴿وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا الله مُبْدِيهِ..﴾ ولم يبد الله سبحانه وتعالى غير تزويجها منه.

وهذا نظير قوله تعالى: ﴿لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ..﴾.

قال المجلسي:  «إنه تعالى أعلم رسوله أنه يبدي ما أخفاه، ولم يظهر غير التزويج، فقال: ﴿زَوَّجْنَاكَهَا﴾. فلو كان الذي أضمره محبتها، أو إرادة طلاقها([32]) لأظهر الله تعالى ذلك، مع وعده بأن يبديه»([33]).

وقال السيد المرتضى:  «أخفى في نفسه عزمه على نكاحها بعد طلاقها، لينتهي إلى أمر الله تعالى منها»([34]).

وليس في الآيات أية إشارة إلى وجود هوى ومحبة، أو إعجاب، أو غير ذلك.

ثم بينت الآية سبب هذا الإخفاء، وهو: أن الناس كانوا يعتبرون الابن بالتبني بمثابة الابن الصلبي في الأحكام.. فكان «صلى الله عليه وآله» يخشى من أن ينخدع ضعفاء النفوس بأقاويل المنافقين، ومن لف لفهم، وأن لا يبقى لكلامه ذلك الأثر المطلوب في هدايتهم، مع ملاحظة: أنه لم يكن هناك أمر إلهي له بإظهار ما كان يخفيه، من أن الله قد أعلمه بأنها ستصير زوجته، فكان أن تولى الله سبحانه إظهار ذلك، لأن الإظهار منه تعالى أعظم أثراً في إبطال كيد المنافقين..

ج: الله تعالى مصرِّف القلوب:

وقد زعموا: أن قول النبي «صلى الله عليه وآله»: سبحان الله مصرِّف القلوب، ناظر إلى التصرف بقلب زيد، ليكره زينب ويطلقها.

ونقول:

أولاً: إنه لو صح: أنه «صلى الله عليه وآله» قد قال ذلك، فلا دليل على أنه ناظر إلى ما زعموه، فلعله أراد به أن يظهر تعجبه مما جرى بين زينب وزيد، حيث كانت كارهة له أولاً، ثم أصبح هو الكاره لها، والساعي لمفارقتها بعد ذلك.

ثانياً: لقد رووا: أن النبي «صلى الله عليه وآله» كان يكثر أن يقول: يا مصرف القلوب([35]).

وعن عائشة، قالت: «ما رفع رسول الله «صلى الله عليه وآله» رأسه إلى السماء إلا قال: يا مصرف القلوب، ثبت قلبي على طاعتك»([36]).

وعن أبي هريرة مثله([37]). فلعله «صلى الله عليه وآله» قد رفع طرفه إلى السماء في تلك الساعة فقال هذا القول، من دون أن يكون لذلك ارتباط بزينب أو بغيرها.

د: التحريض والرجم بالغيب:

ثم إنهم زعموا: أن النبي قد أعجب بزينب وأحبها، بعد أن رآها.

ونقول:

من الذي أخبر الناس بأنه «صلى الله عليه وآله» قد أعجب بزينب، أو وقع في هواها، أو هويها، أو عشقها، أو نحو ذلك من تعابير؟ فإن هذا أمر قلبي لا يمكن لأحد الاطلاع عليه، إلا أن يطلعه النبي «صلى الله عليه وآله» نفسه على ذلك.

والله سبحانه، وإن كان قد صرح بأنه «صلى الله عليه وآله» قد أخفى أمراً اعتلج في نفسه، ولكنه لم يصرح بحقيقة هذا الأمر، بل جاءت الروايات والقرائن من الآيات لتدلنا على أن الذي أخفاه «صلى الله عليه وآله» هو القضاء الإلهي بأن تكون زينب من أزواجه «صلى الله عليه وآله».

فهل اطلع هؤلاء الرواة ـ دون كل أحد ـ على غيب الله سبحانه؟ فإن النبي «صلى الله عليه وآله» قد أسرَّ إليهم بهذا الأمر فلماذا؟ وكيف؟! ومتى أسرَّ إليهم «صلى الله عليه وآله» بهذا الأمر الذي أخفاه عن سواهم.

هـ: الأمر بتقوى الله!!

والغريب في الأمر: أن النبي «صلى الله عليه وآله» هو الذي يحب زوجات الناس ـ نعوذ بالله من هذه التعابير ـ ولكنه يأمر زوج زينب المسكين، الذي لم يظهر منه أي خلاف أو معصية، والذي يريد هو منه أن يتخلى له عن زوجته ـ يأمره بتقوى الله سبحانه، مع أنه لم يفعل إلا ما ينسجم مع أمنياته، ولا يسعى إلا في تحقيق مآربه، وإيصاله إلى مطلوبه!!..

و: أمسك عليك زوجك:

ويزيد الأمر تعقيداً، حين يقول له هذا الطامع بتلك الزوجة، والمعجب بها، والمحب لها: أمسك عليك زوجك!! متظاهراً بخلاف ما يضمره، وينويه، ويسعى إليه، فهل يمكن أن يقال: إن هذه هي أخلاق الأنبياء؟! أو أن هذا هو ما تفرضه قواعد النبل والكرامة لدى الناس العاديين؟!

ز: عشق النبي لزوجة غيره:

وبعد أن وصف السيد المرتضى «رحمه الله» الرواية التي تتحدث عن هوى النبي «صلى الله عليه وآله» لزينب بالخبيثة، قال:  «إن عشق الأنبياء «عليهم السلام» لمن ليس يحل لهم من النساء منفرٌ عنهم، وحاطٌّ من رتبتهم ومنزلتهم. وهذا مما لا شبهة فيه».

إلى أن قال: «كيف يذهب على عاقل: أن عشق الرجل زوجة غيره منفر عنه، معدود في جملة معائبه، ومثالبه»؟! ([38]).

عشق الأنبياء ممدوح!!

وقد زعم بعضهم: أن من العلامات الدالة على أن زينب ستكون زوجة للنبي «صلى الله عليه وآله» إلقاء محبتها في قلبه، وذلك بتحبيب الله تعالى، لا بمحبته لها بطبعه. وذلك ممدوح جداً.

ومنه قوله: حبب إليَّ من دنياكم ثلاث: الطيب، والنساء، وقرة عيني في الصلاة.

حيث لم يقل: أحببت. ودواعي الأنبياء والأولياء من قبيل الإذن الإلهي، إذ ليس للشيطان عليهم سبيل([39]).

ونقول:

إن القبيح مرفوض على كل حال بالنسبة للبشر، فلا تصح نسبته إلى الله تعالى، فإذا كان هذا من المنفرات عن الأنبياء، قبح صدوره منهم، سواء أكان بميلهم الطبيعي، أم بفعل الله تعالى  بهم.

ح: لا تمدنَّ عينيك:

قال القاضي عياض وغيره عن زعمهم:  أن النبي «صلى الله عليه وآله» أحب زينب، وهي في حبالة زيد: «ولو كان ذلك لكان فيه أعظم الجرح، وما لا يليق به، من مدِّ عينيه إلى ما نهي عنه من زهرة الحياة الدنيا»؟! ([40]).

قال تعالى: ﴿لاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إلى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ..([41]).

ط: الحسد:

وقال عياض: ولكان هذا نفس الحسد المذموم، الذي لا يرضاه الله، ولا يتسم به الأتقياء، فكيف سيد الأنبياء «صلى الله عليه وآله»؟!([42]).

 ي: يراها.. فأعجبته!:

وقال القاضي عياض أيضاً: «كيف يقال: يراها فأعجبته، وهي ابنة عمته، ولم يزل يراها منذ ولدت. ولا كان النساء يحتجبن منه «صلى الله عليه وآله». وهو الذي زوجها لزيد؟»([43]).

فكيف يخفى عليه جمال زينب كل هذه المدة الطويلة، وهي بمرأى منه ومسمع؟!

ك: العشق في سن الكهولة!!

قال القرطبي: «فأما ما روي أن النبي «صلى الله عليه وآله» هوي زينب، امرأة زيد، وربما أطلق بعض المجان لفظ عشق، فهذا إنما يصدر عن جاهل بعصمة النبي «صلى الله عليه وآله» عن مثل هذا، أو مستخف بحرمته»([44]).

وبعد.. فقد كان النبي «صلى الله عليه وآله» في تلك الفترة يقترب في عمره من الستين، وهو سن الشيخوخة. وقد كان شبابه قد ولى، والناس في هذه السن ينصرفون عادة عن التفكير بالنساء، وينأون بأنفسهم عن الحب وعن قضايا الجنس، خصوصاً بالنسبة للمحصنات من النساء.

فإذا أضفنا إلى ذلك: أنه إذا كان ـ كما يزعمون ـ يرى جميع النساء، ويطلع على ما هن عليه من الجمال، فقد كان لدى كثيرين من صحابته بنات، وكذلك زوجات، يتجاوز عددهن المئات والألوف، وكان فيهن الكثيرات ممن لهن حظ وافر من الجمال.. وكان «صلى الله عليه وآله» يراهن بحسب زعمهم. فلماذا لا يعشق غير زينب، ولا يفكر بغيرها من الفتيات الأبكار، اللواتي كأنهن الأقمار، أو كالشموس في رابعة النهار؟!

ل: تناقض الروايات في أمر الهوى:

وإن إلقاء نظرة عابرة على تلك الروايات في مصادرها: تبين إلى أي حد هي متناقضة، وقد تقدمت منا إشارة إلى بعض نماذج ذلك، ونزيد هنا السؤال عن أنه هل جاءت زينب مع زيد إلى الرسول «صلى الله عليه وآله» حين تشاجرا في شيء بينهما، فرآها فأعجبته وأحبها؟!

أم أنه «صلى الله عليه وآله» ذهب لعيادة زيد فرآها عنده؟

أم أنه ذهب إلى بيتها في غياب زيد، فرآها؟!

وهل عشقها، حين رآها وهي تغتسل؟!

أو حين كانت تسحق طيباً بفهر؟

أو لا هذا، ولا ذاك؟!

وهل جاء قوله: ﴿أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ﴾، حين أخبره بأنها تؤذيه، ويريد طلاقها؟!

أم حين عرض طلاقها عليه، إذا كانت وقعت في نفسه؟!

أم أن الحقيقة هي غير ذلك؟!

وهل؟! وهل؟! وهل؟!.

م: الجائزة للمذنبين:

إن مقتضى كلام هؤلاء الناس هو أن النبي «صلى الله عليه وآله» ينساق وراء هواه، ويعشق ويهوى امرأة متزوجة، ويكلِّم زوجها بما يخالف الحقيقة. ويمد عينيه إلى ما متع الله به أزواجاً منهم، زهرة الحياة الدنيا، والله ليس فقط لا يزجره ولا يعاقبه، بل هو يسارع إلى تهيئة الأمور لصالحه، ويتولى هو تزويجه وإيصاله إلى أهوائه وشهواته وملذاته!!

ن: زينب لا تمتنع، وزيد لا يستطيع:

لقد ذكرت الروايات: أن زينب منذ وقعت في قلب النبي «صلى الله عليه وآله» لم يستطعها زيد، مع أنها لم تمتنع منه، لكن الله كان يمنعه منها.

وفي بعض الروايات: أنها كُرِّهت إلى زوجها.

وهو كلام غير مقبول أيضاً، لأن التوسل بالجبر الإلهي لمنع الرجل من مقاربة زوجته، يستبطن نسبة الظلم إلى الله سبحانه وتعالى. مع أن الله سبحانه لم يتدخل لمنع الناس من إلقاء إبراهيم في نار النمرود، ولم يمنع المشركين من ملاحقة النبي «صلى الله عليه وآله» ليلة الهجرة إلى باب الغار، ولم يمنع قتلة الأنبياء وأوصياء الأنبياء من ارتكاب جرائمهم.

نعم.. إنه تعالى لم يفعل ذلك بهم على نحو الإكراه والإجبار، وبالحيلولة المباشرة بينهم وبين ما يريدون. بل هم قد فعلوا كل ما أرادوا.

فإن كانت هناك ضرورة للتدخل الإلهي حين يتهدد الخطر من أرسله الله تعالى للبشرية جمعاء، فإنه يكون خارج دائرة اختيار الناس، فيقول للنار: ﴿كُونِي بَرْداً وَسَلَاماً..﴾ وينبت الشجر، وتنسج العنكبوت على باب الغار. ولكن الأمر بالنسبة لزيد ليس من هذا القبيل فما معنى التدخل لمنعه من زينب، وأن تكرَّه له؟!

أما الحديث عن تورم يحصل لزيد، كلما رام النيل من زوجته، بعد وقوعها في قلب رسول الله «صلى الله عليه وآله» فهو من سخف القول، وعوار  الكلام، إذ لا مبرر للتدخل الإلهي المباشر لمنع زيد مما هو حلال له، والله أجل، والنبي «صلى الله عليه وآله» أورع وأتقى، وأبر مما يراد نسبته إليه.

س: لماذا يكتم النبي هذا عن نفسه؟!:

وفي تلميح هو كالتصريح ببشاعة هذا الفعل، وفي نسبة القبيح إلى رسول الله «صلى الله عليه وآله» نلاحظ: أن ثمة فريقاً كان يسعى للإيحاء بأن هذا الأمر يمكن أن يصدر عنه «صلى الله عليه وآله»، معتبراً: أن هذا الأمر مما ينبغي أن يكتمه الإنسان، على نفسه ولا يعلن به. ومن هذا الفريق.. الذين تحدثوا بهذه الطريقة:

1 ـ عمر بن الخطاب.

2 ـ عائشة بنت أبي بكر.

3 ـ أنس.

4 ـ الحسن البصري.

وهم الذين وردت الرواية بقولهم: إنه «صلى الله عليه وآله» لو كان كاتماً شيئاً من الوحي لكتم هذه الآية: ﴿وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ..﴾ الآية..

فإذا كان هذا الفعل مما يستحق الكتمان، وقد آثر رسول الله «صلى الله عليه وآله» أن يفشيه، رغم أن في إفشائه حطاً من كرامته، وإنقاصاً من قدره، فكيف يصح صدور ذلك منه «صلى الله عليه وآله»؟! فإن المؤمن لا يقدم على فعل ما يشينه، وينقص من قدره.

ولكن الحقيقة هي: أن هؤلاء يريدون أن يهوِّنوا على الناس ما يرونه من قبائح وفضائح يمارسها الحكام، أو تحكى لهم عنهم.. أنهم يرون بذلك الإيحاء للناس بأن هؤلاء الحكام لا تختلف حالهم كثيراً عن رسول الله «صلى الله عليه وآله»، الذي كان يعشق، ويفتضح عشقه، ويبرر الله تعالى ويسهل له سبل الوصول إلى معشوقته..

ع: النبي يتعرض للنساء!!

والأدهى من ذلك والأمرّ: أن بعض تعابيرهم تستبطن الاتهام للنبي الأعظم «صلى الله عليه وآله» بأمور لا تصدر إلا من أهل الفسق والفجور، والعياذ بالله. وذلك مثل قولهم في تفسير قوله تعالى: ﴿لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاء مِن بَعْدُ.. «أي: لا يحل لك امرأة رجل أن تتعرض لها، حتى يطلقها وتتزوجها أنت، فلا تفعل هذا الفعل بعد هذا».

فكيف يصح القول: بأنه «صلى الله عليه وآله» كان يتعرض لامرأة رجل آخر، ليطلقها له، ويتزوجها هو؟!

فإنه حتى الذين لا يتورعون عن المآثم ينكرون هذا الأمر، ويأنفون من نسبته إليهم، فكيف بنبي الله الأعظم «صلى الله عليه وآله»؟!

وبغض النظر عن ذلك نقول:

إن قوله تعالى: ﴿لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاء..﴾ ليس فيه أية دلالة على أنه «صلى الله عليه وآله» كان يتعرض لنساء الناس، بل هو يدل على: أن الله تعالى قد بين أنه لا يجوز له الزيادة على النساء اللاتي كن في عصمته «صلى الله عليه وآله». وليس في الآيات أية دلالة على ارتباط هذه الآية بآيات زواجه بزينب، التي كان الحديث عنها قد انتهى..

بل ظاهرها: أنها ترتبط بآيات تخييره بين إرجاء من شاء، وإيواء من شاء منهن. فإقحام قضية زينب في مضمون الآية ليس له مبرر ظاهر.

استدلال ابن الديبع فاسد:

أما ابن الديبع، فقد اعتبر رؤية النبي «صلى الله عليه وآله» لزينب، ودخوله عليها بغير إذن أمراً صحيحاً، مستدلاً على ذلك بقوله:  «إن نظره إليها كان قبل نزول الحجاب؛ لأنها نزلت في حال دخوله عليها. مع أن الراجح عند المحققين: أن النساء ما كن يتحجبن عنه «صلى الله عليه وآله»([45]).

ونقول:

1 ـ لو سلمنا أن الحجاب لم يكن قد وضع آنئذٍ، فإن ذلك لا يصحح اقتحام النبي «صلى الله عليه وآله» بيوت الناس من دون استئذان، إذ لعل الرجل مع زوجته على حال لا يجوز رؤيتهما عليها، ولعل المرأة في وضع أيضاً كذلك، كما لو كانت تغتسل كما زعمته بعض تلك الروايات المشؤومة السابقة.

وبتعبير آخر: إن اقتحام البيوت من دون استئذان يخالف أبسط قواعد الآداب. ولا يرضاه الرجل حتى من ولده، وحتى لو كان ذلك الوالد وحده في بيته، فكيف يُقْبَل ذلك ممن بعثه الله للناس بمكارم الأخلاق، أو ليتمها لهم؟!

فعن علي «عليه السلام»، قال: سمعت النبي «صلى الله عليه وآله» يقول: بعثت بمكارم الأخلاق ومحاسنها([46]).

وعنه «صلى الله عليه وآله»: عليكم بمكارم الأخلاق فإن ربي بعثني بها..([47]).

وقال «صلى الله عليه وآله»: إن الله أدبني وأحسن أدبي ثم أمرني بمكارم الأخلاق([48]).

وروي من طرق العامة، أنه «صلى الله عليه وآله» قال: إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق([49]).

والروايات التي قبل هذه الأخيرة أوضح وأدق منها، من حيث الدلالة والمضمون.

وقد أمر الله بإلزام الأطفال بالاستئذان على أبويهما في أوقات الخلوة، فقال: ﴿لِيَسْتَأْذِنكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الحُلُمَ مِنكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِن قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُم مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِن بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاء ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَّكُمْ﴾([50]).

2 ـ إن ما ذكروه من عدم وجوب احتجاب النساء عن النبي «صلى الله عليه وآله» لا دليل عليه سوى أحد أمرين:

الأول: ما زعموه من قصة زينب، والتي هي مورد البحث. وصحة الإستدلال بها متوقف على ثبوتها، وسلامتها عن كل هذه الإشكالات التي ذكرناها في هذا الفصل، وفي غيره..

الثاني: لا يصح الاستدلال على ذلك بقصة أم حرام بنت ملحان الآتية [رقم4] وسنرى: أنها أيضاً لا تصلح للاستدلال بها على هذا الأمر.

3 ـ إن دعوى: أن دخول النبي «صلى الله عليه وآله» على زينب كان قبل نزول الحجاب سيأتي: أنها غير ظاهرة الوجه، بل الظاهر هو: أن الحجاب كان مفروضاً قبل ذلك بزمان، كما سنذكره في الفصل التالي إن شاء الله.

4 ـ قد استندوا في زعمهم جواز أن ينظر النبي «صلى الله عليه وآله» إلى النساء إلى ما رووه، من أنه «صلى الله عليه وآله» كان يزور أم حرام بنت ملحان، ويقيل، وينام عندها، بل زعموا أنها كانت تفلي رأسه، قالوا: ولم يكن بينهما محرمية، ولا زوجية([51]).

ونقول:

أولاً: إن هذا زعم فاسد، فقد قال ابن وهب: أم حرام إحدى خالات رسول الله «صلى الله عليه وآله» من الرضاعة، فلذلك كان يقيل عندها.

وقال أبو عمر: أظن أن أم حرام أرضعت رسول الله «صلى الله عليه وآله»، أو أختها أم سليم، فصارت كل منهما أمه أو خالته من الرضاعة، فلذلك كانت تفلي رأسه، وينام عندها، وتنال منه ما يجوز لذي محرم أن يناله من محارمه. ولا يشك مسلم: أن أم حرام كانت محرماً له.

ثم روى عن يحيى بن إبراهيم بن مزين، قال: إنما استجاز رسول الله «صلى الله عليه وآله» أن تفلي أم حرام رأسه؛ لأنها كانت منه ذات محرم، من قبل خالاته، لأن أم عبد المطلب بن هاشم كانت من بني النجار([52]).

غير أننا نقول:

لقد أنكر ابن الملقن صحة هذا الأمر([53])، وهو محق في إنكاره هذا.. خصوصاً مع ملاحظة ارتفاع سن عبد المطلب بالنسبة إليها، وإلى النبي. فكيف بالنسبة لأم عبد المطلب أيضاً؟!

فيكون القول بأن قرابتها برسول الله «صلى الله عليه وآله» كانت قرابة رضاعية، أقرب إلى الاعتبار.

ولكن الدمياطي لم يرتض هذا أيضاً، على اعتبار: أن أمهاته «صلى الله عليه وآله» من النسب ومن الرضاعة معلومات، وليس فيهن واحدة من الأنصار البتة، سوى أم عبد المطلب، وهي سلمى بنت عمرو بن زيد، بن لبيد بن خراش، بن عامر بن غنم.. وأم حرام هي بنت ملحان بن خالد بن زيد، بن حرام بن جندب، بن عامر بن غنم. فلا تجتمع أم حرام بسلمى إلا في عامر، وهو جدهما الأعلى. وهي خؤولة لا تثبت محرمية([54]).

ثانياً: إن ما زعموه: من دخوله «صلى الله عليه وآله» على أم حرام، وأم سليم لا يُثْبِتُ أنه كان يراهما من دون حجاب.

ثالثاً: ما زعموه: من أنها كانت تفلي رأسه غير ظاهر الوجه، فإنه «صلى الله عليه وآله» كان نظيفاً، متنظفاً، ولم يكن في رأسه شيء من الهوام، ليحتاج إلى أن تفليه أم حرام، أو غيرها.. فما معنى نسبة أمر من هذا القبيل إليه؟!

رابعاً: إذا كانت هناك صلة رضاعية بينه وبين أم حرام وأم سليم، فهذا يعني: أنها كانت امرأة مسنة. فلو فرض وجود أية إشارة إلى أنه كان ينظر إليها، وهي متكشفة بين يديه تكشف المحارم ـ مع أن هذا غير موجود ـ فإنه قد يكون على قاعدة: ﴿وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاء اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ﴾([55]).

خامساً: إنها حتى لو كانت تضع ثيابها، بسبب كبر سنها، فإن ذلك لا يلازم نظر النبي «صلى الله عليه وآله» إليها، وليس ثمة ما يصلح لإثبات ذلك.

سادساً: لو سلمنا بجواز نظر النبي «صلى الله عليه وآله» إلى الأجنبيات، فهل يجوز له ملامستهن؟ إلا أن يقال: إن تفلية الرأس لا تلازم الملامسة..

لا يضر الهوى بالنبوة:

قال ابن الديبع الشيباني عن هذه الروايات: «قد جعلها العلماء من أصحابنا أصلاً، استدلوا به على أن من خصائصه «صلى الله عليه وآله» وجوب طلاق من رغب في نكاحها على زوجها، ووجوب إجابتها، فجوزوا رغبته في نكاح منكوحة غيره.

وإن في هذه القصة ما لا يخفى من التنويه بقدر المصطفى «صلى الله عليه وآله»، والإعلام بعظيم مكانته عند ربه سبحانه، وأنه يحب ما يحب، ويكره ما يكره، وينوب عنه في إظهار ما استحيا من إظهاره، علماً منه سبحانه بأنه إنما يفعل ذلك قمعاً لشهوته، ورداً لنفسه عن هواها. كما قال سبحانه في الآية الأخرى: ﴿إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ وَ اللهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الحَقِّ﴾.

فما نقله القاضي عياض عن ابن القشيري، وقرره، من أن ما سبق من تجويز رغبته في نكاحها، لو طلقها زيد:  «إقدام عظيم من قائله، وقلة معرفة بحق النبي «صلى الله عليه وآله».. مردود يحتاج دليلاً والله أعلم»([56]).

وأجاب البغوي، وأشار إليه الغزالي: بأن ذلك لا يقدح في حال الأنبياء؛ لأن العبد غير ملوم على ما يقع في قلبه من مثل هذه الأشياء مما لم يقصد به المأثم، لأن الود، وميل النفس، من طبع البشر([57]).

وقيل: إن من خصائصه: أنه «صلى الله عليه وآله» متى رغب في نكاح امرأة فإن كانت متزوجة وجب على زوجها مفارقتها له «صلى الله عليه وآله»، وإن كانت خلية وجب عليها الإجابة([58]).

ونقول:

1 ـ إن الإعلام بعظيم مكانة النبي «صلى الله عليه وآله»، والتنويه بقدره لا يحتاج إلى تشريع أمرٍ يتضمن قهر الآخرين وظلمهم، وقد نوَّه الله تعالى بعظيم قدر نبيه «صلى الله عليه وآله» بطرق مختلفة ليس فيها أي انتقاص من كرامة الغير، أو إنقاص من حقه.

2 ـ إن العبد وإن كان غير ملوم على ما يقع في قلبه ما لم يقصد به المأثم، ولكن مما لا شك فيه أن هذا بمعنى: أنه لا يعاقب على ذلك الشيء، لا بمعنى: أنه ليس قبيحاً منه، بل هو داخل في نطاق القبح الفعلي، الذي يوجب أن ينظر الناس إلى فاعله نظرة انتقاص.

3 ـ إن من يحدث له ذلك لا يستحق المقامات السامية، ولا يعطى مقام النبوة. فكيف إذا أريد التنويه بقدره، وبعظيم مكانته عند ربه من خلال نفس هذا الشيء؟

4 ـ إن الإنسان يلام على الحسد مثلاً، ويطالب بإزالته من نفسه، ويلام أيضاً على حب زوجات الآخرين، ويرى الناس هذا عيباً فيه، ويطالبونه بتخليص نفسه من هذا الأمر المعيب.

5 ـ من أين استفاد هؤلاء: أنه يجب على الزوج طلاق المرأة التي يرغب النبي «صلى الله عليه وآله» في نكاحها؟ فإن كانوا قد استفادوا ذلك من قصة زينب كما يظهر من كلامهم، فهي بالإضافة إلى أنها مورد النقد، ومحل الأخذ والرد، ليس فيها ما يدل على الوجوب([59]).

وإن كان لديهم دليل آخر، فليظهروه، ليمكن النظر فيه.

6 ـ وأما ادِّعاء: أن هذه الأشياء لا تقدح في حال الأنبياء «عليهم السلام» لأن ذلك من طبع البشر، فغير صحيح؛ لأن القضية قضية حب لزوجة الغير، ورغبة في طلاق تلك الزوجة ليحصل عليها هو دونه.. وهذا غير مسألة الود والميل الطبعي.

7 ـ وحتى مسألة الميل الطبعي، فإنه إن كان ميلاً من النبي «صلى الله عليه وآله» لزوجته التي هي في حصانته، فلا كلام ولا إشكال.

وأما الميل الطبعي إلى زوجات الآخرين، فهو مرفوض ومدان، لأن الأنبياء «عليهم السلام» يعرفون من السلبيات والآثار للمحرمات ما يجعلها في غاية القبح بنظرهم، فهو «صلى الله عليه وآله» يرى بصورة عميقة جداً كيف أن آكل الربا يقوم كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس، ويرى كيف أن المغتاب يأكل لحم أخيه ميتاً.

ويكون في غاية الاستقذار والنفرة من هذا أو ذاك، وهكذا الحال بالنسبة لرغبته وميله، وحبه للمحصنات من أزواج الناس، فإنه يكون من العمق والشدة بحيث يرى ذلك ناراً مستعرة، لا قبل  له بها، ولا يرى مبرراً للاقتراب منها.

فكيف ننسب إليه أنه يجهد ويجاهد نفسه لصرفها عن حب تلك  المحصنة قمعاً لشهوته، ورداً لنفسه عن هواها؟! كما يزعمه هؤلاء، حسبما قرأناه وسمعناه فيما تقدم.. وكما سمعناه وقرأناه أيضاً بحق النبي يوسف «عليه السلام»، فإنا لله وإنا إليه راجعون.

8 ـ ويتضح مما تقدم: أنه لا معنى لادِّعاء: أن ذلك من خصائصه «صلى الله عليه وآله»، فإنه إذا كان يستحيل صدور هذا الأمر منه «صلى الله عليه وآله» لأجل مثل هذه الموانع الأساسية، ومنها عصمته، ولزوم موافقة سياسة الهداية الإلهية لسنن الحياة، والفطرة، وللاعتبارات الصحيحة، فلا يمكن أن يقال: إنه جائز له، وهو من خصائصه!!

لم يزوجه الله إياها لأنه أحبها:

وبعد.. فقد أشرنا أكثر من مرة إلى أن الله سبحانه قد صرح بسبب تزويج زينب من رسول الله «صلى الله عليه وآله» فقال: ﴿فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى المُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ﴾.

وذلك معناه: أن الهدف هو إبطال سنة جاهلية، حيث كان العرب يجعلون الأبناء بالتبني بمنزلة الأبناء الصلبيين في الأحكام، فمن أين جاء هؤلاء بهذه الادعاءات الباطلة، ذات التفاصيل المقيتة والبغيضة، التي تتضمن الطعن في كرامة رسول الله «صلى الله عليه وآله»؟!

الأمر مفروض على رسول الله :

فإذا كان الله تعالى هو الذي زوجه زينب: ﴿زَوَّجْنَاكَهَا﴾، فهذا يعني: أنه أمر لا خيار له فيه.

ثم صرحت الآيات: بأن ذلك أمر إلهي جازم حيث قال تعالى: ﴿..وَكَانَ أَمْرُ الله ِ مَفْعُولاً، ثم قال: ﴿مَّا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ الله ُ لَهُ..﴾.

ثم ذكر تعالى: أن سبب ذلك هو أن لا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم، ثم هون الله عليه هذا الأمر، مع إعادة التأكيد على ضرورة إنجازه، حين قال تعالى: ﴿..سُنَّةَ الله فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ الله قَدَراً مَّقْدُوراً﴾.

فقد دلت هذه الآيات: على أن النبي «صلى الله عليه وآله» لم يزد على أن امتثل أمر الله سبحانه، ودلت أيضاً على أن ما كان يخشاه رسول الله «صلى الله عليه وآله»، هو أن يتخذ الناس من غير المؤمنين المسلمين لله تعالى ذلك ذريعة للافتئات والتشنيع عليه «صلى الله عليه وآله»، في هذا الأمر، بحيث يؤثر ذلك على مسار دعوته إلى الله تعالى.

بين خشية الناس، وخشية الله:

ويزيد وضوح هذا الأمر حين يقرأ قوله تعالى: ﴿..وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى المُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكَانَ أَمْرُ اللهِ مَفْعُولاً مَّا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللهُ لَهُ سُنَّةَ الله ِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللهِ قَدَراً مَّقْدُوراً الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللهَ وَكَفَى بِالله حَسِيباً.

حيث دلت هذه الآيات المباركات: على أن عليه «صلى الله عليه وآله» أن يقدم على هذا الأمر برضا نفس، وبسكينة تامة، وأن لا يخشى أحداً من الناس فيه. فإن تشنيعاتهم لا تصل إلى نتيجة.

كما أن الحسيب الذي لا يحيف، ويزن بميزان الحق والعدل هـو الله وحـده. أما البشر فإنهم يخلطون الحق بالباطل، وتتدخل أهواؤهم ومصالحهم، وعصبياتهم في حساباتهم، وفي محاسباتهم، فلا عبرة بها، فما عليه إلا أن يعرض عنها، فلا يقيم لها وزناً، وعليه أن يكتفي بمراعاة جانب الحسيب الصادق والعادل، والدقيق، وهو الله تعالى: ﴿وَكَفَى بِاللهِ حَسِيباً﴾.

فاتضح: أن هذه الآيات المباركات  ليس فقط لا تتضمن ذماً ولا لوماً لرسول الله «صلى الله عليه وآله»، وإنما هي تعلن بمدحه، وسمو مقامه، وهي تبرّئه مما قد ينسبه إليه الجاهلون والمغرضون، والحاقدون، والذين في قلوبهم مرض.

لأنها تضمنت الإلماح إلى أنه «صلى الله عليه وآله» كان يخشى من تطاول الناس على مقام النبوة الأقدس، وأن ينالوه بمقالاتهم القبيحة، الأمر الذي يحمل معه أخطار الحد من قدرته على نشر كلمة الله تعالى فيهم، وفي غيرهم ممن بعثه الله تعالى إليهم.

فجاء التطمين الإلهي ليقول له: إن الله هو المتكفل برد عاديتهم، وإبطال كيدهم، فلا داعي للخوف ولا مجال للتحرج في هذا الأمر.

خشية النبي على الدين:

ومما يدل على أنه «صلى الله عليه وآله» إنما كان يخشى الناس على الرسالة والدين، لا على نفسه، قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا الله وَكَفَى بِاللهَِ حَسِيباً﴾.

كما أن خشيته «صلى الله عليه وآله» للناس لم تكن على حساب خشية الله تعالى. كيف وهو «صلى الله عليه وآله» القائل: «أنا أخشاكم لله، وأتقاكم له»([60]).

بل كانت في صراط خشيته له تعالى، فإذا جاء التكفل الإلهي بأنه تعالى هو الذي يكفيه هذا الأمر، ولم يبق هناك ما يخشاه من قبلهم، فما عليه إلا أن يصرف همه إلى ما يُحتاج إلى إنجاز مما كلفه الله تعالى به وأراده منه.. مما له أعظم الأثر في تحقيق الأغراض الإلهية السامية.

فليس في خشيته للناس ما ينقص من مقامه، بل ذلك يزيد من مقامه، ويؤكد باهر عظمته وعمق إخلاصه..

«أحق» أن تخشاه:

وأما التعبير بكلمة أحق في قوله تعالى: ﴿وَالله أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ  فليس فيه أي إيحاء سلبي، بل هو مثل قوله تعالى: ﴿عَفَا الله عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ فهو مدح وثناء بصيغة عتاب، لبيان درجاته العالية في الخشية له تعالى.

وذلك لأن مفادها: أنك يا محمد تخشى الناس، بمعنى أنك تعمل بحذر، بهدف تحصين عملك في نشر الرسالة من الإبطال بما يثار من شبهات وأباطيل من قبل هؤلاء الناس.

وهذا أمر حسن، وقد كان لا بد منه في السابق.. ولكن الأمر الآن قد اختلف، فإن الله تعالى قد تكفل بإبطال كيد هؤلاء الناس، فما عليك إلا أن يتمحض عملك بعد الآن في مراعاة الحذر والمراقبة في خشية أخرى هي أهم وأولى. وهي خشية الله سبحانه، ومراقبته فيما يطلبه منك، لتأتي به على أفضل وجه وأتمه، حيث إنك لم تعد مكلفاً بمراعاة الحذر في هذا الجانب.

فلماذا تتعب نفسك في أمر تحمَّله الله تعالى عنك؟! ولماذا أنت شديد الاهتمام والحذر؟! حتى إنك تحمِّل نفسك أثقالاً وهموماً عظيمة، مع أنه يكفيك الاهتمام بمراعاة جانب واحد، وتخفف عن نفسك فيما عداه، لأن الله سبحانه متكفل به، وسيدفع عنك شرهم وكيدهم فيه..

ومن الواضح: أنه ليس في الآية: أن النبي «صلى الله عليه وآله» حين خشي الناس لم يخش الله تعالى، كما أنه ليس فيها: أنه «صلى الله عليه وآله» مخطئ في خشيته للناس، بل فيها: أن: يا محمد إن خشية الله هي الأهم والأولى.

فهو أسلوب من أساليب الإخبار بكفاية الله له أحد الأمرين اللذين كانا مفروضين عليه معاً. وبعد أن حصلت الكفاية، فإن عليه أن يصرف كل جهده في إنجاز الأمر الآخر، الذي هو على درجة عظيمة من الأهمية، بحيث يكاد يجب ترك كل شيء من أجله.. من قبيل من يشرب دواءً ليتقي به بعض الأمراض.. وقد طمأنه الله تعالى إلى أنه قد تكفل بدفعها عنه فعليه أن يهتم بمعالجة الأمور التي تحتاج إلى مباشرة. أو هو من قبيل قولك: الطبيب الفلاني يعالج مرضى القلب ومرضى الملاريا والأولى والأهم هم مرضى القلب.

فليس معنى هذا: أنه قد أخطأ في معالجته لمرضى الملاريا إلى جانب مرضى القلب، بل معناه: أن كلا الأمرين كانا حقاً، لكن معالجة مرضى القلب أحق وأولى.

وملاحظة أخيرة نذكرها هنا، وهي: أن أول آية في سورة الأحزاب قد بدأت هكذا: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالمُنَافِقِينَ..﴾ وهذا يشير إلى إرادة تعظيم التقوى، حتى إن الله تعالى يطلب من نبيه أن لا يقتصر على بعض مراتبها، بل المطلوب هو السعي لنيل سائر المراتب السامية والخطيرة منها.

فالأمر بالتقوى لا يستبطن اتهام النبي «صلى الله عليه وآله» بعدم مراعاة جانبها.. وكذلك الحال بالنسبة لمراتب الخشية من الله تعالى. فإن قوله تعالى: ﴿وَاللهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ, لا يدل على: أنه «صلى الله عليه وآله» لا يفعل ذلك، بل فيها: أن عليه أن يواصل السير في طريق الخشية، ونيل مراتبها واحدة بعد أخرى، وأن لهذه المراتب درجات متفاوتة في الأهمية والخطورة، وأن عليه أن يتابع مسيرته لنيل جميع تلك المراتب.

فخشية الله مطلوبة في السير والسلوك إليه تعالى، فهي كمعرفة الله، وتقواه وطاعته، حيث لا موضع للقول بالجبر في أفعال العباد.

لا يكفي التشريع بالقول:

ولعلك تقول: لماذا لم يسجل الشارع انتفاء أحكام البنوة الحقيقية عن الابن بالتبني، بمجرد القول، كما هو الحال في أكثر الأحكام التي شرعها؟!

بل هو قد اختار أسلوب الممارسة الفعلية، من قبل نبيه الأكرم «صلى الله عليه وآله».

ونجيب عن ذلك: بأن هناك أموراً يصعب إقناع الناس بها بمجرد القول، خصوصاً إذا وجد الناس فيها حرجاً، أو يخشون من أن يسبب لهم ذلك عاراً، أو عيباً اجتماعياً، أو تضمنت تمرداً على وضع عاطفي، ذي طابع معين.

فيحتاج تبليغ الحكم، على مستوى الإقناع، وإزالة حالات الإحراج فيه، أو إبعاد الشعور بالعيب والعار إلى القول، وإلى المبادرة المباشرة من النبي «صلى الله عليه وآله»، الذي هو الأسوة والقدوة في تحمل التبعات التي يخشاها الناس في مجال الممارسة.

وبذلك يكون «صلى الله عليه وآله» قد قدم الأمثولة الفضلى للقيادة الحكيمة، التي تبادر للتضحية في كل اتجاه في سبيل الأهداف العليا التي نذرت نفسها لها.

وهكذا حصل في موضوع أحكام الأبناء، فإن القرآن صرح باختصاصها بالأبناء الذين هم من الأصلاب في قوله تعالى: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاَتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَآئِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُم مِن نِّسَآئِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُواْ دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلاَئِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلاَبِكُمْ..﴾([61]).

ثم جاء فعل النبي «صلى الله عليه وآله» ليكون الله تعالى قد سد كل الذرائع على الذين يريدون التعلل، والهروب من الإلتزام بأحكامه تعالى.

هل كانت زينب متزوجة قبل رسول الله ؟!

قال إسماعيل حقي عن زينب بنت جحش: «كانت كالعارية عند زيد. ولذا قال حضرة الشيخ أفتاده أفندي (قده): في اعتقادنا أن زينب بكر كعائشة رضي الله عنها، لأن زيداً كان يعرف أنها حق النبي «عليه السلام»، فلم يمسها، وذلك مثل آسية، وزليخا.

ولكن عرفان عائشة لا يوصف. ويكفينا أن ميله «عليه السلام» إليها كان أكثر من غيرها، ولم تلد، لأنها فوق جميع التعينات»([62]).

ونقول:

1 ـ إن الحكم بكون زينب بكراً يحتاج إلى دليل، بل الدليل على خلافه موجود، وهو زواج زيد بها، ولم نجد ما يدل على أنه قد منع، أو عجز عنها حينما انتقلت إلى بيت الزوجية عنده.

2 ـ هناك روايات تحدثت عن أن زيداً قد منع عن زينب بعد أن رآها النبي «صلى الله عليه وآله»، وأحبها، حيث إن زيداً لم يستطعها بعد ذلك، رغم أنها كانت لا تمتنع منه. وقد قدمنا: أنها روايات مكذوبة ولا تصح.

3 ـ إن قوله تعالى: ﴿فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا﴾ وقوله تعالى: ﴿لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى المُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً ظاهر في أن زيداً قد وطئها وقضى وطره منها.

4 ـ لماذا تكون زينب عند زيد كالعارية فتبقى بكراً، ولا تكون سائر نسائه «صلى الله عليه وآله» عند أزواجهن السابقين عليه «صلى الله عليه وآله» كالعارية أيضاً، فيبقين أبكاراً مثلها؟!

5 ـ قد أثبتنا في الجزء الثالث عشر من هذا الكتاب: أن عائشة لم تكن بكراً، لأنها كانت متزوجة برجل آخر، وكان لها منه ولد اسمه عبد الله، فراجع.

6 ـ دعوى: أن زيداً كان يعرف أن زينب بنت جحش حق النبي «صلى الله عليه وآله» لا دليل عليها. فهي لا تعدو كونها تخرصاً ورجماً بالغيب.

7 ـ إن رسول الله «صلى الله عليه وآله» هو القائل: خير نسائكم الولود الودود.. فكيف أصبحت عائشة التي لم تلد خيراً من مارية أم إبراهيم؟! وبماذا امتازت على خديجة التي ولدت له الزهراء «عليها السلام»؟!

بل لماذا، وبماذا كانت تمتاز على سائر نسائه ممن لم يلدن له، كما لم تلد هي له؟!

8 ـ ما معنى قوله: إن عائشة لم تلد لأنها كانت فوق التعينات، ولماذا كانت كذلك دون سائر أزواجه «صلى الله عليه وآله»؟!.. وكيف صار هذا هو العلة في كونها لم تلد؟!

وما معنى قوله: «ولكن عرفان عائشة لا يوصف»، ولماذا لا يوصف؟! وهل يستطيع أن يصف لنا عرفان خديجة؟! وعرفان أم سلمة؟! وعرفان ميمونة؟!.

9 ـ إن دعوى أن ميله «صلى الله عليه وآله» إلى عائشة كان أكثر من غيرها تحتاج إلى إثبات، ولكن بطريقة علمية صحيحة، فلا يعتمد في ذلك على رواياتها، وروايات عروة بن الزبير ابن أختها، وغيره من محبيها.

10 ـ ألا يكون ميله «صلى الله عليه وآله» إلى إحدى نسائه أكثر من غيرها أمراً قبيحاً منه، لا يصح نسبته إليه «صلى الله عليه وآله»؟!

11 ـ ألا يتنافى قوله تعالى: ﴿وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ مع القول: بأن زيداً كان يعلم: أن زينب كانت حق النبي «صلى الله عليه وآله»؟! 


([1]) تاريخ الخميس ج1 ص501 وراجع: الدر المنثور ج5 ص203 عن عبد بن حميد، وابن المنذر، عن عكرمة. وراجع: تفسير الماوردي ج4 ص405 وأنوار التنزيل ج4 ص163 وغرائب القرآن (بهامش جامع البيان) ج22 ص12 و 13 والجامع لأحكام القرآن ج14 ص190 وجامع البيان ج22 ص18 وتاريخ الأمم والملوك (ط مؤسسة الأعلمي) ج2 ص232 وزاد المسير ج6 ص201.

([2]) حدائق الأنوار ج2 ص600 و 603 وراجع: أنساب الأشراف ج1 ص434 وبهجة المحافل ج1 ص290 وليس فيها كلمة «متزينة». وكذا في جامع البيان للطبري ج22 ص10.

([3]) تاريخ الخميس ج1 ص501 والجامع لأحكام القرآن ج14 ص189 و 195 والبحر المحيط ج7 ص235.

([4]) الجامع لأحكام القرآن ج14 ص189 والبحر المحيط ج7 ص235.

([5]) مجمع الزوائد ج9 ص247 والمعجم الكبير ج24 ص44 والآحاد والمثاني ج5 ص428.

([6]) البحار ج22 ص215 و 216 وراجع في هذا النص ما عدا الفقرة الأخيرة:  تفسير القمي ج2 ص172 و 173 ونور الثقلين ج4 ص236 وكنز الدقائق ج10 ص392 و 393 وتفسير الصافي ج4 ص163 ومجمع البيان المجلد الرابع (ط سنة 412ا هـ) ج8 ص466.

([7]) تفسير الجلالين ج3 ص279.

([8]) البحار ج22 ص217 والإحتجاج ج2 ص223 وعيون أخبار الرضا ج2 ص181 والبرهان (تفسير) ج3 ص326 ونور الثقلين ج4 ص281 و 282 وكنز الدقائق ج10 ص394 و 395 وتفسير الصافي ج4 ص192 وقصص الأنبياء للجزائري ص22.

([9]) البحار ج22 ص218 عن تفسير القمي ج2 ص194 ونور الثقلين ج4 ص280 وكنز الدقائق ج10 ص391 و 392 وتفسير الصافي ج4 ص191.

([10]) التبيان ج8 ص344 وتفسير مجمع البيان ج8 ص162 والجامع لأحكام القرآن ج14 ص189 وفتح القدير ج4 ص189 وسبل الهدى والرشاد ج10 ص439.

([11]) البحار ج22 ص219 عن تفسير القمي ج2 ص195 وتفسير الصافي ج4 ص199 ونور الثقلين ج4 ص297.

([12]) الدر المنثور ج5 ص201 و 202 عن ابن سعد، والحاكم، وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص231 و 232 والمنتظم ج3 ص225 و 226 وراجع: مستدرك الحاكم ج4 ص23 وليس فيه أنه رآها فأعجبته، وتلخيصه للذهبي ج4 ص24 والمنتخب من ذيل المذيل ص99 والطبقات الكبرى ج8 ص102.

([13]) الدر المنثور ج5 ص202 عن سعيد بن منصور، والترمذي، وصححه، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني، وابن مردويه والجامع لأحكام القرآن ج14 ص188 و 189 وتفسير القاسمي ج5 ص520 و 521 والجامع الصحيح للترمذي مطبوع مع تحفة الأحوذي ج9 ص52 و 51 و 50 والبحار ج16 ص394 وروح البيان ج7 ص180 وجامع البيان ج22 ص11 وبهامشه غرائب القرآن ج22 ص13 والتبيان ج8 ص344 وأسد الغابة ج2 ص226 والمعجم الكبير ج4 ص41 وعصمة الأنبياء للرازي ص99 ومجمع الزوائد ج7 ص91 وتفسير القرآن العظيم ج2 ص80 وسير أعلام النبلاء ج1 ص224 وج2 ص211 و 212 وزاد المسير ج6 ص202 وعن المصادر التالية: وضعيف سنن الترمذي ص404 و 405 وفتح الباري ج8 ص403 وج13 ص347 وصحيح مسلم ج1 ص110.

([14]) الدر المنثور ج5 ص201 والبداية والنهاية ج4 ص146 والسنن الكبرى ج7 ص57 عن أحمد، وعبد بن حميد، والترمذي، والبخاري، وابن المنذر، والحاكم، وابن مردويه، والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص279 وسبل الهدى والرشاد ج11 ص201 ودلائل النبوة للبيهقي ج3 ص465 وفتح القدير ج4 ص286 ومسند ابن راهويه ج4 ص42 وراجع: فتح الباري ج8 ص402 و 403 وج3 ص347.

([15]) الدر المنثور ج5 ص203 عن عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم، والطبراني وراجع: تفسير الماوردي ج4 ص406 وجامع البيان ج22 ص10 و 18 والجامع لأحكام القرآن ج14 ص189 والمعجم الكبير ج24 ص42.

([16]) تفسير الماوردي ج4 ص406 والمعجم الكبير ج24 ص42.

([17]) الدر المنثور ج5 ص203 عن عبد الرزاق، والطبراني، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم عن قتادة. وعن ابن المنذر، والطبراني عن ابن جريج.

([18]) الجواب الكافي ص264.

([19]) سيرة ابن إسحاق ص262.

([20]) تاريخ الأمم والملوك ج2 ص232 وجامع البيان ج22 ص10 و 18 وراجع: الجامع لأحكام القرآن ج14 ص190 وزاد المسير ج6 ص201 وعن تاريخ الأمم والملوك ج2 ص232.

([21]) حدائق الأنوار ج2 ص604.

([22]) البحار ج22 ص178 وراجع: تفسير الماوردي ج4 ص406 والمعجم الكبير ج24 ص43 عن ابن جريج، وراجع: جامع البيان ج22 ص10 ومجمع البيان ج8 ص162 والجامع لأحكام القرآن ج14 ص189 وفتح القدير ج4 ص284.

([23]) سبل الهدى والرشاد ج10 ص439 والجامع لأحكام القرآن ج14 ص189.

([24]) زاد المعاد (مطبعة أنصار السنة المحمدية) ج3 ص317 و 318.

([25]) راجع على سبيل المثال: تراث الإسلام تأليف عدد من المستشرقين، بإشراف (سير توماس أرنولد) ص364. وراجع: كتاب حضارة العرب، ترجمة عادل زعيتر ص112 ومحمد في المدينة ص434 و 502 وحياة محمد تأليف أميل درمنغم ص299.

([26]) غرائب القرآن ج22 ص13.

([27]) راجع: تفسير البغوي بهامش تفسير الخازن ج5 ص215.

([28]) أي فذكرت له ما قال.

([29]) راجع فيما روي عن الإمام السجاد والإمام الرضا «عليهما السلام»: البحار ج22 ص178 و 218 وج11 ص72 ـ 74 و 78 ـ 85 وتفسير القاسمي ج5 ص517 وتفسير القرآن العظيم ج3 ص472 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص278 ومجمع البيان ج8 ص360 وتفسير الصافي ج4 ص191 و 192 والبرهان  (تفسير) ج3 ص326 وعيون أخبار الرضا ج2 ص181 ونور الثقلين ج4 ص281 و 282 و 283 وغرائب القرآن للنيسابوري (بهامش جامع البيان) ج22 ص12.

 وراجع: بهجة المحافل ج1 ص289 وشرح بهجة المحافل للأشخر اليمني ج1 ص290 وسبل الهدى والرشاد ج10 ص440 و 441 وشرح المواهب للزرقاني ج4 ص410 وجامع البيان ج22 ص11 والبداية والنهاية ج4 ص45 والجامع لأحكام القرآن ج14 ص190 و 191.

وراجع أيضاً: كنز الدقائق ج10 ص394 و 395 و 396 وحدائق الأنوار ص306 وتفسير الماوردي ج4 ص406 ودلائل النبوة للبيهقي ج3 ص466 والدر المنثور ج5 ص203 عن الحكيم الترمذي، وابن جرير، وابن أبي حاتم،  والبيهقي في الدلائل، والنهر الماد من البحر (مطبوع بهامش البحر المحيط) ج7 ص232 والبحر المحيط ج7 ص234.

([30]) الجامع لأحكام القرآن ج14 ص191 وعن فتح الباري ج8 ص523.

([31]) بهجة المحافل ج1 ص290 والجامع لأحكام القرآن ج14 ص190 و 191 والنهر الماد في البحر (مطبوع بهامش البحر المحيط) ج7 ص232 والبحر المحيط ج7 ص234 وسبل الهدى والرشاد ج10 ص441 و 440 وعن فتح الباري ج8 ص403 وراجع: محاسن التأويل للقاسمي ج13 ص4864 و 4877 وتفسير الآلوسي ج22 ص1531.

([32]) أي أن النبي يريد لزيد أن يطلق زينب.

([33]) البحار ج22 ص178.

([34]) البحار ج22 ص187 وأشار في الهامش إلى تنزيه الأنبياء ص111 و 112.

([35]) فيض القدير ج5 ص177.

([36]) مسند أحمد ج2 ص418 ومنتخب مسند عبد بن حميد ص439 السنن للنسائي ج6 ص83 والكامل لابن عدي ج4 ص60 وتاريخ مدينة دمشق ج27 ص52 وميزان الإعتدال ج2 ص300  ومسند أبي يعلى ج8 ص245 وكنز العمال ج2 ص684.

([37]) مسند أحمد ج2 ص173.

([38]) البحار ج22 ص189 عن تنزيه الأنبياء ص109 ـ 112.

([39]) روح البيان ج7 ص179 وراجع ص183 والجامع لأحكام القرآن ج3 ص299 وفتح القدير ج1 ص282.

([40]) بهجة المحافل ج1 ص291 وسبل الهدى والرشاد ج10 ص441 وج12 ص11 وتفسير القاسمي ج5 ص519 والشفاء لعياض ج2 ص189.

([41]) الآية 131 من سورة طه، والآية 88 من سورة الحجر.

([42]) بهجة المحافل ج1 ص291 وسبل الهدى والرشاد ج12 ص11 والشفاء ج2 ص189.

([43]) بهجة المحافل ج1 ص291 وسبل الهدى والرشاد ج10 ص440 و 441 وج2 ص11 وتفسير القاسمي ج5 ص517 و 521 وحاشية الصاوي على تفسير الجلالين ج3 ص279 والشفاء ج2 ص190.

([44]) الجامع لأحكام القرآن ج14 ص191 وراجع هذه التعابير في تفسير القاسمي ج5 ص522.

([45]) حدائق الأنوار ج2 ص605 وراجع: تفسير القاسمي ج5 ص517.

([46]) الأمالي ص596 ومشكاة الأنوار ص425 وفقه الرضا ص353 والبحار ج16 ص287 و 142 وج63 ص394 و 405 وج 65 ص420.

([47]) أمالي الطوسي ص478 ووسائل الشيعة (ط دار الإسلامية) ج1 ص351 وج8 ص521 والبحار ج11 ص156 وج66 ص370 و 375 وج68 ص420 وج89 ص197 ومستدرك الوسائل ج11 ص191 ومستدرك سفينة البحار ج3 ص174 وج9 ص103 وراجع: أمالي الصدوق ص441.

([48]) أدب الإملاء والإستملاء ص5 وفيض القدير شرح الجامع الصغير ج1 ص291 وكشف الخفاء ج1 ص70. وروي نفس المضمون، من دون عبارة «ثم أمرني بمكارم الأخلاق» في البحار ج16 ص210 وج65 ص382 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج11 ص233 والجامع الصغير ج1 ص51 وكنز العمال ج11 ص406 وتذكرة الموضوعات ص87 وفيض القدير ج1 ص291 وكشف الخفاء ج1 ص70 ومجمع البيان ج8 ص66 ونور الثقلين ج5 ص392 والجامع لأحكام القرآن ج18 ص228 والتبيان في آداب حملة القرآن ص5 وتاريخ مدينة دمشق ج4 ص7 وسبل الهدى والرشاد ج2 ص93.

([49]) السنن الكبرى ج10 ص192 ومجمع الزوائد ج9 ص15 وتحفة الأحوذي ج5 ص470 ومسند الشهاب لابن سلامة ج2 ص192 و 193 وكنز العمال ج3 ص16 وكشف الخفاء ج1 ص211 والبداية والنهاية ج6 ص40.

([50]) الآية 58 من سورة النور.

([51]) سبل الهدى والرشاد ج10 ص444، وراجع: فتح الباري باب: «من زار قوماً، فقال عندهم» ج9 ص166 وتحفة الأحوذي ج4 ص179.

([52]) سبل الهدى والرشاد ج10 ص444 وفتح الباري ج11 ص66.

([53]) سبل الهدى والرشاد ج10 ص445.

([54]) راجع جميع ذلك في كتاب: سبل الهدى والرشاد ج10 ص444 ـ 446 وتحفة الأحوذي ج5 ص230 وعن فتح الباري ج11 ص66.

([55]) الآية 60 من سورة النور.

([56]) حدائق الأنوار ج2 ص604 و 605 وسبل الهدى والرشاد ج10 ص439 عن الغزالي، والبحار ج16 ص393 وكلام عياض والقشيري في بهجة المحافل ج1 ص291.

([57]) شرح بهجة المحافل للأشخر اليمني ج1 ص291.

([58]) راجع: بهجة المحافل ج1 ص295 وراجع: سبل الهدى والرشاد ج10 ص439.

([59]) راجع: سبل الهدى والرشاد ج10 ص439.

([60]) بهجة المحافل ج1 ص290 وشرحه للأشخر اليمني، مطبوع بهامشه، عن البخاري، ومسلم، والنسائي. وراجع: تفسير الصافي ج4 ص237.

وروي قريب من ذلك في المصادر التالية: مسند أحمد ج6 ص226 وسبل الهدى والرشاد ج11 ص483 والبحار ج64 ص344 والمعجم الكبير ج9 ص37 ومجمع الزوائد ج4 ص301 وكنز العمال ج3 ص47 وج6 ص565 وسير أعلام النبلاء ج9 ص190 وج1 ص158والتفسير الأصفى ج2 ص1025.

وروي أيضاً عن المصادر التالية: الدر المنثور ج2 ص310 وصحيح ابن حبان ج8 ص310 والمصنف ج6 ص168 وج2 ص160 وج7 ص151 والشفاء ج2 ص172 وتفسير البيضاوي ج4 ص182 والإصابة ج4 ص487 وإرواء الغليل ج7 ص79.

([61]) الآية 23 من سورة النساء.

([62]) روح البيان ج7 ص181.

 
   
 
 

العودة إلى موقع الميزان