كتاب النبي
إلى كسرى
![](11.files/image001.gif)
ويقولون:
إن النبي
«صلى
الله عليه وآله»
قد كتب إلى كسرى ما يلي:
«بسم
الله الرحمن الرحيم.
من محمد رسول الله إلى كسرى عظيم فارس: سلام على من
اتبع الهدى، وآمن بالله ورسوله، وشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك
له، وأن محمداً عبده ورسوله.
أدعوك بدعاية الله، فإني أنا رسول الله إلى الناس كافة،
لأنذر من كان حياً، ويحق القول على الكافرين.
أسلم تسلم.
فإن أبيت فعليك إثم المجوس»([1]).
ولنا مع هذا الكتاب وقفات، هي التالية:
وقد أشار العلامة الأحمدي
«رحمه
الله»
إلى أن هناك نصوصاً أخرى للكتاب الذي أرسله
«صلى الله
عليه وآله»
إلى كسرى..
ففي أحدها وردت عبارة:
«فأسلم
تسلم، وإلا فأذن بحرب من الله ورسوله»([2]).
وورد في نص آخر:
«من
شهد شهادتنا، واستقبل قبلتنا، وأكل ذبيحتنا، فله ذمة الله وذمة رسوله»([3]).
وفي نص ثالث:
«فإني
أحمد إليك الله، الذي لا إله إلا هو. وهو الذي آواني، وكنت يتيماً.
وأغناني، وكنت عائلاً. وهداني، وكنت ضالاً. ولم يدع ما أرسلت به إلا من
سلب معقوله، والبلاء غالب عليه. أما بعد يا كسرى، فأسلم تسلم، أو ائذن
بحرب من الله ورسوله، ولن تعجزها، والسلام»([4]).
وفي نص رابع:
«إني
أحمد الله لا إله إلا هو الحي القيوم، الذي أرسلني بالحق بشيراً
ونذيراً إلى قوم غلبهم السفه، وسلب عقولهم، ومن يهدِ الله فلا مضل له،
ومن يضلل فلا هادي له، ليس كمثله شيء، وهوالسميع البصير..
أما بعد..
فأسلم تسلم، أو ائذن بحرب من الله ورسوله الخ..»
([5]).
وفي نص خامس:
أنه كتب إلى
كسرى وقيصر والنجاشي رسالة اقتصر فيها على قوله: أما بعد.. ﴿تَعَالَوْاْ
إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إلَّا
اللهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً
أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ
بِأَنَّا مُسْلِمُونَ﴾([6]).
وعن الزهري:
«كانت
كتب النبي
«صلى الله
عليه وآله»
إليهم واحدة، وكلها فيها هذه الآية»([7]).
وعن ابن عباس:
«أن
كتاب رسول الله
«صلى الله
عليه وآله»
إلى الكفار: ﴿تَعَالَوْاْ إِلَى كَلِمَةٍ
سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ﴾»([8]).
ولعل هذه الكتب قد أرسلت إلى عمال كسرى، أو إلى كسرى
نفسه، بعد أن ظهر عنادهم للحق، وبغيهم على أهله، وقد اشتبه الأمر على
المؤرخين في ذلك..
إذ من غير المعقول:
أن يبدأ النبي
«صلى
الله عليه وآله»
دعوته لهم بالتهديد والوعيد، قبل إتمام الحجة، وظهور اللجاج والعناد
والبغي منهم، ولا سيما لملوكٍ يعيشون حالة الكبر والزهو، والعنفوان
الظالم، والشعور بالعظمة والقوة.. فإن مواجهتهم بما يوجب نفورهم بمثابة
الإسهام في حرمانهم من الهداية..
من أجل ذلك نرجح:
أن يكون
الكتاب الذي ذكرناه أولاً هو الذي أرسله النبي
«صلى الله
عليه وآله»
أولاً، ثم أرسل رسائل أخرى ذكر فيها الجزية، وغير ذلك.
كما أننا لا نستبعد:
أن يكون
«صلى
الله عليه وآله»
قد ذكر في كتابه لكسرى الآية المباركة: ﴿قُلْ
يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا
وَبَيْنَكُمْ..﴾
لأن للمجوس أحكام أهل الكتاب،
وقد ورد:
أنه قد كان لهم كتاب فضيعوه أو أحرقوه([9]).
ولعل عدم نقلها في كتاب كسرى، من أجل أن المؤرخين
أسقطوها اختصاراً أو سهواً، أو لم ينقلها لهم الناقلون؛ لأنهم اعتقدوا
خطأً: أنها لا تحمل مضموناً خاصاً، يراد إبلاغه للمرسل إليهم، سوى
دعوتهم إلى توحيد الله، الذي ذكر في الرسالة نفسها أولاً..
1 ـ
إن أول ما
يواجهنا في ذلك الكتاب هو أنه
«صلى الله
عليه وآله»
قد بدأه باسم الله، ولم يبدأه باسمه
«صلى الله
عليه وآله»
هو؛ مما يعني: أنه يريد أن يفهم كسرى: أن هذا النبي خاضع لله، الذي لا
يجد أحد حرجاً في الخضوع له. ولا تعتبر الدعوة للاعتراف به والخضوع له،
والرجوع إليه تعالى إذلالاً لأحد بقدر ما هي شرف، وعزة، وسؤدد وكرامة
للبشر جميعاً..
2 ـ
يضاف
إلى ذلك:
أن هذا الاعتراف يمثل تحديد مرجعية لا غضاضة على البشر
جميعاً بالرجوع إليها، والخضوع والالتزام بأوامرها ونواهيها، والسعي
لنيل رضاها، وهي مرجعية ليست للبشر، بل هي لله الغني بذاته، الذي ليس
له مصلحة مع أحد، بل البشر كلهم بالنسبة إليه بمنزلة واحدة، يعاملهم
بالعدل، ويجري عليهم أحكامه.
فالدعوة التي يعرضها على هذا الملك ليست دعوة لشخص،
يريد أن يستأثر لنفسه بشيء من حطام الدنيا، بل هي دعوة لله سبحانه..
3 ـ
ثم إنه هو الله الرحيم بعباده، والقريب إليهم، وليست
هذه الرحمة أمراً عارضاً له. بل هي من تجليات ذاته، وباهر صفاته..
4 ـ
والله تعالى هو المالك لكل شيء، والغني عن العباد، فهو إذن لا يحتاج
إلى ملك كسرى، ولا إلى ملك سواه، ولذلك لم يطلب منه التخلي عنه، بل طلب
منه فقط: أن يخضع لأوامره ونواهيه، وأن يكون في موضع رضاه، لا رضا أحد
من بني البشر، وخضوعه لأوامر الله تعالى لا يزيد في ملكه، ولا يضيف
إليه شيئاً من العظمة، أو القوة والمجد، وإنما هو أمر يعود نفعه عليه،
وهو كرامة وشرف له..
فلا ينبغي إذن أن يخشى على ملكه، ولا أن يستكبر على
ربه..
إنه
«صلى الله
عليه وآله»
قد صدَّر كتبه إلى ملك الفرس، والروم، والحبشة، ومصر، والبحرين بكلمة
عظيم فارس، وعظيم البحرين، وبكلمة صاحب كذا، كما في بعض النصوص..
وبذلك يكون:
أولاً:
قد خاطبه
بما يرضيه من أوصاف ولكنها واقعية، فليس له أن يجد في نفسه أية غضاضة،
كما أنه ليس لديه ما يتذرع به لإظهار التغيظ، بحجة أنه قد أهانه أو
غمطه حقه، حيث لم يكن الخطاب لائقاً، ولا مناسباً لمقامه، فيزيِّن
لنفسه الخلاف، ويجد من يعذره أو يتعاطف معه في أي موقف سلبي يتخذه تجاه
من يدعوه، وما يدعوه إليه..
ثانياً:
إنه بذلك يكون
قد تحاشى الإقرار بالملكية لهؤلاء، خصوصاً بملاحظة كونه رسول الله،
وخاتم النبيين، ولا يريد أن يسجل أمراً قد يتعلق به طلاب اللبانات،
ويتخذونه ذريعة لادعاءات الأحقية بالاستناد إلى الاعتراف لهم بالسلطة
والحاكمية في مجالات بعينها، ثم تتعقد الأمور ولا يجد الناس العاديون
القدرة على المناقشة في هذا الأمر. وبذلك يتمكن
«صلى الله
عليه وآله»
من إخضاع أولئك المدَّعين لمقتضيات أحكام الدين وشرائعه القاضية: بأنه
لا ملك ولا سلطة للكافر، بل ذلك لرسول الله
«صلى الله
عليه وآله»،
ولمن ولَّاه، وأقر له به، وفقاً لقوله تعالى: ﴿..إِنَّ
الأَرْضَ لِلِهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ
لِلْمُتَّقِينَ﴾([10]).
وبذلك يتم تحصين الناس من سيئاتهم، وسوف لا يصغي
الكثيرون منهم بعد هذه المزاعم إلى أولئك الطامعين، وسيفتح أمامهم
المجال الواسع للنقاش القوي في دلالة كلمة
«ملك
فارس»
أو نحوها على الاعتراف له بالملك، وسيقولون لهم: إنها لمجرد الإشارة
لموقعه الفعلي الذي هو فيه، حتى لو كان قد حصل عليه بالبغي، والظلم،
والابتزاز، وليس فيها دلالة على الرضا ببقائه في هذا الموقع أو عدمه.
وهذا نظير ما كتبه الإمام الحسن
«عليه
السلام»
في وثيقة الهدنة مع معاوية من أنه سلمه
«الأمر»
حيث لم يقل:
«سلمه
الخلافة»،
أو الإمامة، أو الملك، أو ما إلى ذلك..
وها هو رسول الله «صلى الله عليه
وآله» يبلِّغه عن الله تعالى:
أن دعوته تقوم
على السلام، لا على الحرب، وتسير وتستمر بالرضا دون السخط، وبالرأفة،
لا بالجبروت. وكان
«صلى الله
عليه وآله»
يكتب لغير المسلم
«سلام
على من اتبع الهدى»
ويكتب للمسلم
«سلام
عليك»
أو «سلم
أنت».
وكلمة «سلام على من اتبع الهدى» إنشاء للالتزام بسلام
مشروط باختيار طريق الهدى، ويتضمن تلويحاً بالحث والإغراء باختيار هذا
الطريق واتِّباعه.
كما أنه يشير إلى:
أن ما يطلبه منه هو ـ فقط ـ اتباع الهدى، وما أرضاها من دعوة، وما
أيسره من طلب، إذ إن أحداً لا يستطيع أن يتنكر للهدى، ولا أن يعادي
دعاته.
ثم هو
«صلى الله
عليه وآله»
لا يتهم كسرى بالضلال، بل هو يدعوه لاتباع الهدى، فإن الاتهام بالضلال
مما يرفضه الناس عادة، ولكنهم لا يرفضون أن ينسب إليهم التقصير في
اتباع الهدى.
فما أجمل السلام، وما أحب الهدى.. وما أروع الحياة في
ظل ذاك، وفي حظ هذا.. ولأجل ذلك كانت أول كلمة يكتبها النبي
«صلى الله
عليه وآله»
إلى كسرى هي:
«سلام
على من اتبع الهدى».
وهو سلام يغري بالرد عليه بمثله، ويفسح المجال لإظهار
الرغبة في معرفة هذا الهدى، وفي اتباعه بعد التحقق منه.
ثم تأتي الكلمات التالية في الكتاب لتشير إلى: أن اتباع
الهدى إنما هو من خلال الإيمان بالله عز وجل، ورسوله
«صلى الله
عليه وآله»،
والشهادة لله بالوحدانية..
وهذا الإيمان بالله، والاعتراف به، هو الأساس، وهو
المطلوب لرسوله
«صلى الله
عليه وآله»،
وليس المطلوب له أي شيء آخر مما يطلبه ملوك الدنيا عادة من بعضهم
البعض.
وأول درجات الإيمان هو الاعتراف بوجود الله سبحانه، ثم
الإيمان، بمعنى: أن يلزم نفسه، باحتضانه في داخل كيانه، وفي عمق
وجدانه، ليعيش الإحساس بالأمن والسكينة معه..
ثم أن يقر:
بأن لله رسلاً يربطون المخلوق بخالقه، ويبلغون الناس
عنه، ويرشدونهم إليه، ويعرِّفونهم على ما يرضيه وما يسخطه، ليختاروا هم
أنفسهم أن يكونوا في مواقع رضاه سبحانه، ويختاروا اجتناب مواقع سخطه.
ويأتي بعد ذلك:
الطلب إليه أن يشهد لله تعالى بالوحدانية، ونفي الشركاء
له، فلا إله إلا الله، وحده لا شريك له. وشهادته بذلك تعني: الاعتراف
بهذه الحقيقة، وتأكيدها من موقع المعرفة الفطرية، والوجدانية،
والعقلية، التي تصل إلى حد الرؤية والمشاهدة الحقيقة لفاقديَّة، ولعجز،
وضعف، ونقص كل ما عدا الله سبحانه، وأن كل واجدية وكمال، وقوة، فإنما
هي بالله تعالى ومنه.
وهذا معناه:
أنه لا إله إلا الله وحده.
وأنه لا شريك له، يعينه، ويضاعف قوته، ويجبر ضعفه.
ثم هو يطلب منه، ومن الناس جميعاً:
أن يشهدوا أن رسل الله تعالى باقون في موقع العبودية له، ولا تكسبهم
رسوليتهم أي عنصر إلهي، ولا ترتفع بهم إلى درجة أن يكون لهم استقلال
حقيقي عنه سبحانه في جميع تصرفاتهم..
فدرجات فضلهم، وما ينالونه من مقامات وكرامات عنده،
إنما هي بتدرُّجهم في مقامات العبودية له، والمعرفة به، والطاعة
والخضوع لديه..
وباب العبودية هذا مفتوح أمام جميع المخلوقات، فمن دخله
كان آمناً ونال من البركات والفيوضات، والكرامات والمقامات بمقدار
إيغاله فيه، وتحققه به..
ولا بد أن يعرف البشر جميعاً هذا الأمر، معرفة حقيقية
تخولهم إقامة الشهادة به.. ولا يكفي مجرد إخبارهم به في آية قرآنية، أو
في خبر نبوي..
وهذا ما يفسر لنا:
إدراج هذا
الأمر في سياق الشهادة التي طلبها
«صلى الله
عليه وآله»
من كسرى حيث قال:
«وأن
محمداً عبده ورسوله..»
وحين أراد
«صلى الله
عليه وآله»
الشروع في إبلاغ دعوته لكسرى، قال له:
«أدعوك
بدعاية الله».
فكسرى إذن, لا يواجه تحدياً من إنسان مثله، قد تأخذه
العزة في مواجهته، أو يأنف من التواضع له، بل هو يواجه طلباً من إله
الوجود كله، وهو قوة لا بد أن يعترف لها بالقدرة والإحاطة والمالكية
والهيمنة.
ولا بد من الاستجابة لهذا الطلب؛ لأن الاستجابة له لا
تضر بمصالحه، ولا تنقص من هيبته، ولا تحد من نفوذه، ولا تختزل من
ثرواته، ولا تقتطع شيئاً من ملكه، بل هي تزيده شوكة وعزة، ونفوذاً،
وسعة في الرزق، وما إلى ذلك..
إنها دعوة الله له للنجاح والفلاح، والسداد والرشاد،
والاستقامة على جادة الهدى الإلهي، وليست دعوة للذل والعبودية للأشخاص،
وإنما ليكون عبداً لله وحده..
ويلاحظ هنا:
أنه
«صلى الله
عليه وآله»
قد أضاف كلمة
«أنا»
في قوله:
«فإني
أنا رسول الله..»
وقد كان يمكن الاستغناء عنها بأن يقول:
«فإني
رسول الله..».
فلعل السبب في إضافتها:
أنه يريد أن يذكِّرهم: بأنه هو النبي الموعود والمنتظر
والمعلوم لديهم، من خلال بشارات الرسالات السماوية كلها بظهوره.
فهو بهذا التذكير لم يعد بحاجة إلى إقناع الناس بضرورة
إرسال رسول، أو قد أصبحت إمكانية إرسال رسل، وبعث أنبياء أمراً مفروغاً
عنه، إلى حد أصبح توقع إرسالهم، وبعثتهم أمراً قائماً، ومحسوماً،
وتنحصر مهمة الإقناع بتحديد شخص المرسل، بأن هذا الشخص هو الذي بعثه
الله تعالى، وهو النبي الموعود فعلاً..
ثم إنه
«صلى الله
عليه وآله»
بيَّن له أنه ليس مبعوثاً للعرب وحدهم، ولا لأي أمة أخرى بعينها دون ما
عداها، كما كان الحال بالنسبة لموسى وعيسى
«عليهما
السلام»،
وسواهما ممن بعثهم الله لخصوص بني إسرائيل، بل هو مبعوث للناس جميعاً،
كما قال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ
إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ﴾([11]).
وقال: ﴿نَذِيراً
لِّلْبَشَرِ﴾([12]).
وقال: ﴿قُلْ يَا
أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً..﴾([13]).
ثم إنه «صلى الله عليه وآله» يخبر من يكتب إليه:
أنه لا يطلب منه شيئاً لنفسه، وإنما هو مجرد نذير له، يريد بإنذاره
هذا: أن يحفظ له عزته وكرامته، وأن يجنبه مزالق الخطر، وأن يؤمِّن له
السعادة والسكينة، والأمن من كل ما يحذره، ويخافه، مما هو غائب عنه،
وهي غيبة تظهر عجزه وفشله، والله هو الذي يحميه، ويحفظه منه، ويحصيه
له، ويدفعه عنه، من موقع الهيمنة والقدرة، والعزة..
وقد أعلمه أيضاً:
أن هذا الإنذار الهادف إلى حفظ حياة الكرامة والسعادة
للمنذَرِين لا يختص بفرد دون فرد، ولا بفريق دون فريق، بل هو شامل
للناس جميعاً، ويهدف إلى تكوين مجتمع بشري يعيش معنى السعادة بعمق،
ويشعر بالأمن بجميع فئاته، وشرائحه، أفراداً وجماعات..
وذلك انطلاقاً من حقيقة:
أن البشر كلهم يحتاجون إلى الأمن، وإلى السلام والسلامة، ويستوي في ذلك
العربي والأعجمي، والأبيض والأسود والملك، وحفار القبور.
وعلى هذا الأساس، فإنه إذا اختار أحد طريق الجحود، ولم
يستجب لنداء الله سبحانه، فإنه تعالى هو الذي يجري عليه سننه، ويتولى
عقوبته، وتكون خصومته معه تبارك وتعالى، لا مع غيره.. فإن كان لأحد من
الناس موقف منه، فإنما هو الموقف الذي أراده الله تعالى منهم.
وفي التعبير بكلمة:
«يحق
القول»
إشارة إلى حتمية حلول العقوبة بالكافر، من حيث إنها قرار إلهي، والقرار
الإلهي نافذ لا محالة..
ويأتي قوله «صلى الله عليه وآله»:
«أسلم
تسلم»
بمثابة نتيجة طبيعية لكل تلك المقدمات التي قررت: أن المقصود هو: حفظ
الإنسان كله.
أو فقل:
حفظ كل من كان حياً، من المهالك والرزايا، والمصائب
والبلايا، وأن الذي يختار طريق الكفر، فلا نجاة ولا سلامة له إلا
باتباع الهدى، والإسلام والاستسلام لله سبحانه وتعالى، وامتثال ما أمر
به، واجتناب ما نهى عنه..
فليست هذه الكلمة تهديداً لكسرى بالحرب، ولا هي إكراه
له على الإسلام، حتى إذا خالف كانت عقوبته السيف..
ومما يشير إلى ذلك أيضاً قوله:
حيث دلت هذه الكلمة:
على أن الكلام
إنما هو عن السلامة في الآخرة، والنجاة من مهالكها، إذ لو كان قوله:
«أسلم
تسلم»
تهديداً لكسرى بالقتل، لو لم يسلم، فالمناسب هو أن يقول له: فإن أبيت،
فالسيف بيننا وبينك..
ولكنه لم يقل ذلك، بل أثبت عليه إثم الإنسان الذي يضل،
ويتسبب بالضلال لغيره أيضاً، وهذا الإثم إنما تظهر آثاره في الآخرة
فقط، أما عقوبة الدنيا، فهي حتى لو كانت هي القتل، فإنها تبقى أقل من
الجريمة التي ارتكبت، غير أن هذه العقوبة لا تعيد الناس إلى الهدى، ولا
تدفع مفسدة إضلالهم، خصوصاً إذا كان هذا الإضلال سينال أمة عظيمة كتلك
التي يحكمها كسرى..
ومن جهة ثانية نقول:
صحيح أن الإيمان والكفر يقعان تحت اختيار الإنسان،
وصحيح أنه: ﴿لاَ
إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ..﴾
وأنه: ﴿لاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ
أُخْرَى﴾.
ولكن من الصحيح أيضاً:
أن هناك من يسهم في إضلال الناس، وفي تعمية الأمور عليهم، ويعمل على
إيقاعهم في الشكوك والشبهات، أو هو على الأقل يسد منافذ الهداية،
ويحرمهم من فرص التعرف على الحق، ومن الوصول إليه.. وهذا من أعظم
الآثام، ومن موجبات عقوبة الإله الملك العلام بلا ريب..
فإذا كان كسرى أو قيصر قد أوجب حجب نور الهداية عن
المجوس، أو عن الأكَّارين، أو عن الأريسيِّين، واستضعفهم، ومنعهم من
السعي للوصول إليه، والحصول عليه، أو منع الناس المخلصين من إيصال الحق
إليهم، ومن إثارة دفائن عقولهم، بالبراهين الساطعة، والأدلة القاطعة،
فإنه سيكون هو المتحمل لإثم ما هم فيه من كفر وضلال، وفساد وانحلال.
وقد قال تعالى:
﴿وَلَيَحْمِلُنَّ
أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالاً مَّعَ أَثْقَالِهِمْ..﴾([14]).
وقال تعالى:
﴿لِيَحْمِلُواْ
أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ
الَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ..﴾([15]).
وقد ورد في بعض نصوص الكتاب:
بدل قوله:
«فعليك
إثم المجوس»
قوله:
«فعليك
إثم الأكَّارين»([16])
أو نحو ذلك.
وفي نقل ابن خلدون:
«فإن
أبيت فإثم الأريسيِّين عليك»([17]).
وهي الكلمة التي وردت في رسالته
«صلى الله
عليه وآله»
لقيصر..
والأكَّارون هم الزراع، وهم أسرع انقياداً إلى ملوكهم
من غيرهم، لأن الغالب عليهم الجهل والتقليد، كما أن الغالب على حكومتهم
الظلم لهم([18])،
وشدة الوطأة عليهم.
وذكر العلامة الأحمدي «رحمه الله»:
أن الأريس والإرسيس كجليس وسكيت: هو الأكَّار، كما عن ابن الأعرابي.
وعن أبي عبيد:
أنهم الخدم والخول.
وقال الأزهري:
وهي لغة شامية، وهم فلاحو السواد، الذين لا كتاب لهم.
وقيل:
هم قوم من المجوس، لا يعبدون النار، ويزعمون أنهم على
دين إبراهيم.
والمراد:
أن عليه إثمهم، لأنهم بقوا على ضلالهم بسببه.
وسيأتي كلام آخر عن المراد من الأريسيِّين في كتابه
«صلى الله
عليه وآله»
إلى قيصر ملك الروم، إن شاء الله تعالى.
وقد ذكروا:
أن حامل الكتاب إلى كسرى هو عبد
الله بن حذافة السهمي([19]).
وقيل:
هو خنيس بن
حذافة([20]).
وقيل:
شجاع بن وهب([21]).
وقيل:
عمر بن الخطاب([22]).
وهذا القول الأخير بعيد جداً عن الصواب، إذ لو صح أن
عمر كان هو الرسول إلى كسرى، لرأيت الكتب مملوءة بالتفاصيل وبالدقائق،
واللطائف، ولربما تجد فيها من البطولات، والعجائب، والمعجزات والغرائب
ما يملأ عشرات الصفحات، ولألفيت ذلك حديث المجالس والندوات، في الغدوات
والعشيات!!
ولكن الله سلَّم!!
وقد ذكروا:
أن كسرى أذن
لحامل الكتاب بالدخول عليه، فلما دخل: أمر بقبض الكتاب منه، فقال: لا،
حتى أدفعه إليك كما أمرني رسول الله
«صلى الله
عليه وآله».
فدنا منه، وسلمه الكتاب.
فدعا كسرى من يقرؤه فلما قرأ:
من محمد رسول الله إلى كسرى عظيم فارس، غضب كسرى حيث
بدأ رسول الله «صلى الله عليه وآله» بنفسه، وصاح، وأخذ الكتاب، فمزقه
قبل أن يعلم ما فيه، وقال: يكتب إليَّ بهذا وهو عبدي؟!
وأمر بإخراج حامل الكتاب، فأخرج. فقعد على راحلته
وسار..
فلما ذهب عن كسرى سورة غضبه، بعث في طلب حامل الكتاب،
فطُلب، فلم يوجد.
ووصل إلى النبي
«صلى الله
عليه وآله»،
وأخبره بما جرى، فقال
«صلى الله
عليه وآله»:
مزق كسرى ملكه.
وقيل:
دعا عليهم أن
يمزقوا كل ممزق، وقال: اللهم مزق ملكه([23]).
وفي نص آخر:
أن كسرى دعا بالجلمين (أي المقراض) فقطعه، ثم دعا
بالنار فأحرقه، ثم ندم وقال: لا بد أن أهدي له هدية.
قال:
فكلمه عبد
الله بن حذافة كلاماً شديداً([24]).
ولا ينافي ذلك ما قاله اليعقوبي، من أن كسرى كتب إلى
رسول الله
«صلى الله
عليه وآله»
كتاباً جعله بين سرقتي حرير، وجعل فيهما مسكاً.. فلما دفعه الرسول إلى
النبي
«صلى الله عليه وآله»
فتحه، فأخذ قبضة من المسك فشمه، وناوله أصحابه.
وقال:
لا حاجة لنا في هذا الحرير، وليس من لباسنا، وقال:
لتدخلن أمري، أو لآتينك بنفسي، ومن معي، وأمر الله أسرع
من ذلك. فأما كتابك فأنا أعلم به منك، فيه كذا وكذا.
ولم يفتحه، ولم يقرأه، ورجع الرسول إلى كسرى، وأخبره
الخبر([25]).
وإنما قلنا:
إن هذا لا
ينافي ذاك؛ لأن من الجائز: أن كسرى قد مزق الكتاب أولاً، ثم عاد فتدارك
الأمر بإرسال الهدية لرسول الله
«صلى الله
عليه وآله»
ثانياً.. ولكنه شفعها بالتهديد والوعيد.
وربما أرسل إليه مع تلك الهدية تراباً أيضاً.
فقد قال ابن شهرآشوب:
إن كسرى مزق
الكتاب، وبعث إليه بتراب، فقال
«صلى الله
عليه وآله»:
مزق الله ملكه كما مزق كتابي. أما إنكم ستمزقون ملكه. وبعث إليَّ
بتراب: أما إنكم ستملكون أرضه.
فكان كما قال([26]).
ويؤيد ما قلناه آنفاً أيضاً:
ما يذكرونه
من: أن كسرى كتب إلى (باذان) عامله باليمن: أن يسير إلى رسول الله
«صلى
الله عليه وآله»
ويستتيبه، فإن تاب، وإلا فليبعث إليه برأسه.
وفي نص آخر:
أمره أن يبعث
إلى الحجاز رجلين ليأتيانه برسول الله
«صلى الله
عليه وآله»..
فأرسل (باذان) قهرمانه ورجلاً آخر إلى رسول الله
«صلى الله
عليه وآله»
بكتاب كسرى، وكتب إليه يأمره بالمسير معهما إلى كسرى.
فدخلا على رسول الله
«صلى الله
عليه وآله»
بزي الفرس، وقد حلقا لحاهما، وأعفيا شواربهما. فكره النظر إليهما،
وقال: ويلكما من أمركما بهذا؟
قالا:
أمر ربنا (يعنيان كسرى).
فقال «صلى الله عليه وآله»:
لكن أمر ربي بإعفاء لحيتي، وقص شاربي، فأبلغاه بما جاءا
به، فأجلهما إلى الغد.
وأتى رسول الله
«صلى الله
عليه وآله»
الخبر من السماء، بأن الله قد سلط على كسرى ابنه فقتله في شهر كذا،
لكذا وكذا، في ليلة كذا.
فلما أتاه الرسولان قال لهما:
إن ربي قد قتل
ربكما ليلة كذا وكذا، من شهر كذا وكذا، بعدما مضى من الليل سبع ساعات،
سلط عليه شيرويه فقتله([27]).
وفي نص آخر:
أنه
«صلى الله
عليه وآله»
تركهم خمس عشرة ليلة لا يكلمهم ولا ينظر إليهم إلا إعراضاً.. ثم أمرهما
أن يقولا لباذان: إن ديني وسلطاني سيبلغ إلى منتهى الخف والحافر. وقال:
قولا له: إنك إن أسلمت أعطيتك ما تحت يديك، وملكتك على قومك([28]).
فخرج الرسولان، وقدما على باذان،
وأخبراه بما جرى، فقال:
والله، ما هذا كلام ملك، وإني لأراه نبياً، ولننظرن..
إلى أن قال:
فلم يلبث باذان أن قدم عليه كتاب شيرويه، يخبره بقتل كسرى، ويقول له:
«وانظر
الرجل الذي كان كسرى يكتب إليك فيه، فلا تزعجه، حتى يأتيك أمري فيه»
([29]).
فأسلم باذان، وأسلم من معه باليمن من أبناء فارس، وبعث
إلى النبي
«صلى الله
عليه وآله»
بإسلامه، وإسلامهم ([30]).
وحين سمعت قريش بما كان من كسرى، وبإرساله إلى باذان
بأوامره فيما يتعلق بالنبي
«صلى الله
عليه وآله»،
فرحوا واستبشروا، وقالوا: قد نصب له كسرى ملك الملوك. كُفيتم الرجل.
ولكنهم حين سمعوا برجوع الرسولين،
وقتل كسرى، وإسلام باذان، ومن معه من أبناء فارس باليمن، صار رجاؤهم
خيبة، وسرورهم هماً وغماً([31]).
فلما بلغ النبي
«صلى الله
عليه وآله»
إسلام باذان، ومن معه، بعث إليه بنيابة اليمن كلها، وخاطبه في رسالته
بملك اليمن، فراجع ([32]).
ولم يعزله عنها حتى مات، أو قتله الأسود العنسي.
ففرق رسول الله
«صلى الله
عليه وآله»
ولايات اليمن بعد موت باذان على ما يقرب من عشرة رجال هم: شهر بن باذان،
وعامر بن شهر الهمداني، وأبو موسى الأشعري، وخالد بن سعيد، ويعلى بن
أمية، وعمرو بن حزم، وزياد بن لبيد، والطاهر بن أبي هالة، وعكاشة بن
ثور المهاجر، أو عبد الله([33]).
وقد ظهر من كل ذلك الذي ذكرناه:
أن باذان كان
رجلاً حكيماً عاقلاً، ومنصفاً، وأنه لم يتخذ موقفه من رسول الله
«صلى الله
عليه وآله»
بدافع الهوى والعصبية، أو الغرور والعنجهية الطاغية، أو من خلال حسابات
مصلحية، ومطامع دنيوية، بل كان الرجل المتأني، الذي لا يستكبر عن قبول
الحق، حين ظهور دلائله.
كما أن تولية النبي
«صلى الله
عليه وآله»
له على اليمن كلها ما دام حياً، يدل على ثقته
«صلى الله
عليه وآله»
بكفايته وبتدبيره، حتى لقد احتاج
«صلى الله
عليه وآله»
إلى حوالي عشرة رجال ليقوموا مقامه بعد وفاته أو استشهاده على يد
الأسود العنسي.
فرحم الله باذان، وهنيئاً له ثقة رسول الله
«صلى الله
عليه وآله»
به، وأناله في الآخرة شفاعته إنه ولي قدير.
ولا ينبغي أن يفهم من طريقة تعامل النبي
«صلى الله
عليه وآله»
مع باذان: أنه
«صلى الله
عليه وآله»
قد أعطاه رشوة على إسلامه، وذلك لأن باذان قد أسلم إستناداً إلى ظهور
معجزة وكرامة الرسول
«صلى الله
عليه وآله»؛
لاقتناعه بصدق رسول الله
«صلى الله
عليه وآله»
فيما يقول، حيث ظهر له صحة ما أخبر به من قتل كسرى على يدي ابنه، وذلك
قبل حدوث هذا القتل، بالإضافة إلى شواهد ودلائل أخرى وجدها في رسائله،
وفي ما يدعو إليه، وفي سلوكه مع المبعوثَين اللذين أرسلهما إليه، وربما
من أمور أخرى عرفها عنه أيضاً..
ويدل على أنه
«صلى الله
عليه وآله»
قد أخبره بالقتل قبل وقوعه: رسالته له التي يقول فيها:
«إن
الله وعدني أن يقتل كسرى في يوم كذا وكذا، فانتظر ذلك».
وقد يقال:
إن هذا ينافي
ما تقدم، من قوله
«صلى الله
عليه وآله»
لرسل باذان، وهم عنده في المدينة:
«إن
ربي قد قتل ربكما ليلة كذا وكذا، من شهر كذا وكذا، بعدما مضى من الليل
سبع ساعات، سلط عليه شيرويه فقتله».
وأن ذلك قد حصل ليلة الثلاثاء لعشر مضين من شهر جمادى
الأولى سنة سبع.
ويمكن أن يجاب:
بأن رسالته
لباذان صريحة في: أنه
«صلى الله
عليه وآله»
قد أخبرهم: بأن ذلك سوف يحصل لكسرى، وأن الذي يتولى ذلك منه هو ابنه..
فهي أولى بالاعتبار؛ لأن شاهد صدقها هو: إسلام باذان، إستناداً إلى
ظهور صدق ما أخبره به فيها.
فلعل في الكلمات المنقولة عنه
«صلى الله
عليه وآله»
مع رسولي باذان، بعض التصرف الذي أوجب خللاً فيها..
أو يقال:
لعله أرسل الرسالة إلى باذان قبل عودة رسوليه إليه،
وقبل أن يخبرهما بالأمر.
بل قد يحاول البعض أن يقول:
إن التعبير
بصيغة الماضي في قوله:
«قتل
ربكما»
وقوله:
«سلط
عليه شيرويه»
ما هو إلا إخبار عن المستقبل بصيغة الماضي، للدلالة على أن هذا الأمر
المستقبلي قد قضي وحتم حتى ليصح الإخبار عن حصوله فعلاً، فهو نظير قول
الواهب: أعطيتك ألف درهم، في إشارة منه إلى أن ذلك حتمي إلى حد يمكن أن
يقال عنه: إنه قد حصل ومضى وانتهى..
وقد ذكرت النصوص المتقدمة:
أن النبي
«صلى
الله عليه وآله»
قد تكلم بما يفيد: أنه تفاءل بتمزيق ملك كسرى؛ لأن كسرى مزق كتابه،
وبأنه يملك بلاده؛ لأن كسرى أرسل إليه من ترابها.
ونحن وإن كنا قد قدمنا في جزء سابق بعض الحديث عن موضوع
التفاؤل، الأمر الذي أغنانا عن إعادة ذلك هنا.
غير أننا نشير: إلى
أنه لا دليل على أن قوله
«صلى الله عليه وآله»
هذا قد جاء على سبيل التفاؤل، بل هو إخبار غيبي لا بد أن يعتبر من
أعلام النبوة، ومن دلائلها، التي تشير إلى أنه
«صلى الله عليه وآله»
قد تلقى ذلك عن الله تعالى، وهذا هو جزاء كسرى على جرأته على الله
ورسوله، وهو العقوبة العادلة له على بغيه وإجرامه في حق الدين
والإنسانية، حيث بادر إلى تمزيق كتاب رسول الله
«صلى الله عليه وآله»
من دون أي مبرر لذلك سوى ما كان يضج في باطنه من خبث، وصلف، وما كان
يعتلج في صدره من سوء سريرة، وسقوطه الشائن والمهين في حمأة الجهل،
والبغي، والاستكبار، ومن يكون كذلك فإنه يستحق هذه العقوبة الإلهية ولا
يتوقع له سوى الخذلان والخزي والخسران الأكيد، والاندحار الذليل أمام
دعوة الحق والصدق، والعدل، والهدى.
كما أن إعلان النبي
«صلى الله
عليه وآله»
للناس بهذا الأمر، من شأنه أن يربط على قلوب المؤمنين منهم، وأن يكبت
أعداءهم، ويكون ذلك للأجيال الآتية، الذين يشاهدون صدق هذا الخبر، سبيل
هداية ونجاة..
ومما يثير الانتباه أيضاً موقف النبي
«صلى الله
عليه وآله»
من رسولي باذان، حين رآهما وقد حلقا لحاهما، وأعفيا شواربهما، حيث كره
النظر إليهما، واعترض عليهما بشدة، وقال: ويلكما من أمركما بهذا؟!..
فإن هذه الشدة في الاعتراض تشير إلى أن ذلك كان بالغ
القبح عنده، وأن قبحه هذا يدعوه إلى إظهار النفور من فاعله، حتى لو كان
غير مسلم، أو من أهل بلد لم يدخل في طاعة أهل الإسلام.
والحديث حول حلق اللحية أو إعفائها جوازاً ومنعاً ليس
محله هنا.
([1])
لقد كفانا العلامة الشيخ علي الأحمدي «رحمه الله» مؤونة
استقصاء المصادر لهذه الرسالة، حيث ذكر جملة وافرة منها في
كتابه القيم: «مكاتيب الرسول» ج2 ص316 فما بعدها، فنحن نورد
نفس كلامه، وإن اختلفت المصادر التي اعتمد عليها في طبعاتها،
فقد أرجع «رحمه الله» إلى: السيرة الحلبية ج3 ص277 والسيرة
النبوية لزيني دحلان هامش الحلبية ج3 ص65 واليعقوبي ج2 ص66 وفي
(ط أخرى) ص61 والكامل لابن الأثـير ج2 ص213 والطـبري ج2 ص654 =
= وأعيان الشيعة ج2 ص144 وفي (ط أخرى) ج1 ص244 ودلائل النبوة
لأبي نعيم ص292 و 293 وإعلام السائلين ص9 وجمهرة رسائل العرب
ج1 ص35 وإعجاز القرآن ص112 والمواهب اللدنية للقسطلاني شرح
الزرقاني ج3 ص340 و 389 وتاريخ ابن خلدون ج2 ق2 ص37 ورسالات
نبوية لعبد المنعم خان ص250 (عن المواهب) وحياة الصحابة ج1
ص115 ونشأة الدولة الإسلامية ص306 (عن عدة مصادر) وفقه السيرة
ص388 وزاد المعاد لابن القيم ج3 ص60 وناسخ التواريخ في سيرة
الرسول «صلى الله عليه وآله»، وتأريخ الخميس ج2 ص34 ونصب
الراية للزيلعي ج4 ص420 ومدينة البلاغة ج2 ص244 والبحار ج20
ص389 عن المنتقى للكازروني، والمنتظم ج3 ص282 ومجموعة الوثائق
السياسية ص 139 عن بعض المصادر المتقدمة وعن سعيد بن منصور
ص4280 ثم قال: قابل وانظر كايتاني ج6 ص54 واشپرنكر ج3 ص264 وعن
الجرائد والمجلات العصرية وعن: مفيد العلوم ومبيد الهموم
للقزويني ج24 ص17 والمواهب اللدنية والمنتقى لأبي نعيم: ورقة
35/1 ب ونثر الدر المكنون للأهدل ص760 ومنشآت السلاطين ج1 ص31
ووسيلة المتعبدين لعمر الموصلي 8/ورقة 27/ب والإمتاع للمقريزي،
خطية كوپرولو، وتاريخ گزيده لحمد الله المستوفي (سلسلة كتب
لوندرا) ص147 وتاريخ البلعمي (وهو ترجمة تأريخ الطبري إلى
الفارسية مع حذف وزيادات) (ط طهران) ص1138 ونهاية الأرب في
أخبار الفرس والعرب، والوفاء لابن الجوزي ص732 وشرف المصطفى
لأبي سعيد النيسابوري عن ابن إسحاق.
وقال
رحمه الله أيضاً: أوعز إلى الكتاب في البداية والنهاية ج4 ص269
وج6 ص306 والبخاري ج1 ص25 وج4 ص54 وج6 ص10 وج9 ص111 وفتح
الباري ج1 ص143 وج6 ص78 وج8 ص96 وج13 ص205 وعمدة القاري ج2ص27
وج14 ص210 وج18 ص57 و 58 وج25 ص20 وصحيح = = مسلم ج3 ص1397
ومسند أحمد ج3 ص133 و ج4 ص75 و ج1 ص243 و 305 والترمذي ج5 ص68
والطبقات لابن سعد ج1 ق2 ص16 وج4 ق1 ص139 وصبح الأعشى ج6 ص296
و 358 و 359 و 378 وج1 ص91 وكنز العمال ج1 ص239 و4ج ص274
وج10ص418 ومشكل الآثار للطحاوي ج1 ص215 وتهذيب تأريخ ابن عساكر
ج7 ص355 و 356 وج1 ص114 والأموال لأبي عبيد ص33 والسنن الكبرى
للبيهقي ج9 ص177 و 179 والتنبيه والإشراف ص225 وأحكام القرآن
للجصاص ج3 ص241 والبحار ج4 ص100 وج17 ص206 والجامع للقيرواني
ص288 وسيرة ابن هشام ج4 ص254 وفقه السيرة ص384 والروض الأنف ج3
ص304 وثقات ابن حبان ج2 ص6 والإقبال لابن طاووس ص496
والإستيعاب هامش الإصابة ج2 ص283 ودلائل النبوة للبيهقي ج4
ص388 ومجمع الزوائد ج 8 ص237 ومرقاة المفاتيح ج4 ص221 ومشكاة
المصابيح هامش المرقاة ص221 والأم للشافعي ج4 ص171 وحياة محمد
لهيكل ص353 والأموال لابن زنجويه ج1 ص121 وراجع: أسد الغابة ج3
ص143 والمنتظم ج5 ص32.
([2])
مكاتيب الرسول ج2 ص319 عن المناقب لابن شهرآشوب ج1 ص79 وراجع:
البحار ج20 ص381 وأحكام القرآن ج1 ص68 والبداية والنهاية ج6
ص338 وعن عيون الأثر ج2 ص327 وكنز العمال ج4 ص438 وتاريخ بغداد
ج1 ص142.
([3])
مكاتيب الرسول ج2 ص319 عن تاريخ بغداد ج1 ص132 ورسالات نبوية
ص251 وكنز العمال ج4 ص274.
([4])
مكاتيب الرسول ج2 ص320 و 321 عن مجموعة الوثائق السياسية ص111
عن نهاية الإرب في أخبار الفرس والعرب.
([5])
مكاتيب الرسول ج2 ص321 عن مجموعة الوثائق السياسية ص140.
([6])
الدر المنثور ج5 ص107 وسنن سعيد بن منصور ج2 ص189 والبحار ج21
ص287 والمصنف لابن أبي شيبة ج14 ص338 ومكاتيب الرسول ج2 ص320
عنهم وعن الأموال ص23 وفي (طبعة أخرى) ص34 وعن كنز العمال ج5
ص326 وفي (طبعة أخرى) ج10 ص417 وإقبال الأعمال ج2 ص311
والمباهلة ص29.
([7])
البداية والنهاية ج3 ص83 وفي (ط دار إحياء التراث) ص104
ومكاتيب الرسول ج2 ص320 والسيرة النبوية لابن كثير ج2 ص41.
([8])
الدر المنثور ج2 ص40 عن الطبراني، ومكاتيب الرسول ج2 ص320 و
398 و 490 وميزان الحكمة ج4 ص3214 والمعجم الأوسط ج5 ص323 وعن
المعجم الكبير ج11 ص311 وفتح القدير ج1 ص348.
([9])
راجع: فقه القرآن ج1 ص342
و 344 وعن فتح الباري ج9 ص343 والكافي ج3 ص568 ومن لا يحضره
الفقيه ج2 ص54 وتهذيب الأحكام ج4 ص113 وج6 ص159 والوسائل ج11
ص96 و 97 والفصول المهمة ج2 ص212 والبحار ج14 ص463 ومكاتيب
الرسول ج2 ص413 والتفسير الصافي ج2 ص334 وتفسير نور الثقلين ج2
ص202 وقصص الأنبياء للجزائري ص514.
([10])
الآية 128 من سورة الأعراف.
([11])
الآية 107 من سورة الأنبياء.
([12])
الآية 36 من سورة المدثر.
([13])
الآية 158 من سورة الأعراف.
([14])
الآية 13 من سورة العنكبوت.
([15])
الآية 25 من سورة النحل.
([16])
أحكام القرآن للجصاص ج3 ص241 وراجع: البحار ج20 ص388 ومكاتيب
الرسول ج2 ص325 وشرح مسلم ج12 ص109 وعن فتح الباري ج1 ص36 وعن
المعجم الكبير ج8 ص19 وتاريخ مدينة دمشق ج2 ص93 والعبر وديوان
المبتدأ والخبر ج2 ق2 ص36 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص498
وسبل الهدى والرشاد ج11 ص345.
([17])
العبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ق2 ص37 وتاريخ مدينة دمشق ج2
ص93 وج23 ص424 و 427 وسبل الهدى والرشاد ج11 ص353 والبحار ج20
ص387 و 395 ومكاتيب الرسول ج2 ص325 و 390 وميزان الحكمة ج4
ص3213 ومسند أحمد ج1 ص263 وعن صحيح البخاري ج3 ص234 وج4 ص4 وج5
ص169 وصحيح مسلم ج5 ص165 والسنن الكبرى للبيهقي ج9 ص178 وشرح
مسلم ج12 ص107 و 109 وعن فتح الباري (المقدمة) ص76 وعن ج3 ص121
وج8 ص166 و 167 والديباج على مسلم ج4 ص380 والمصنف للصنعاني ج5
ص346 والأدب المفرد ص237 والآحاد والمثاني ج1 ص367 والسنن
الكبرى للنسائي ج6 ص311 ومسند = = الشاميين ج4 ص219 وصحيح ابن
حبان ج14 ص495 والأحاديث الطوال ص63 وعن المعجم الكبير ج8 ص16
و 18 و 22 وكنز العمال ج4 ص384 والجامع لأحكام القرآن ج4 ص106
وتفسير القرآن العظيم لابن كثير ج1 ص379 والدر المنثور ج2 ص40
وفتح القدير ج1 ص348 وتاريخ اليعقوبي ج2 ص77 والبداية والنهاية
ج4 ص302 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص501 والنهاية في غريب
الحديث ج1 ص41.
([18])
راجع: مكاتيب الرسول ج2 ص325 والبحار ج20 ص382 و 389 وج22 ص250
ومسند أحمد ج1 ص243 ومجمع الزوائد ج5 ص306 وتحفة الأحوذي ج7
ص414 والسنن الكبرى للنسائي ج3 ص436 والأحاديث الطوال ص60 وعن
المعجم الكبير ج20 ص9 والطبقات الكبرى ج1 ص259 وتاريخ خليفة بن
خياط ص47 و 62 وتاريخ بغداد ج1 ص142 وتاريخ مدينة دمشق ج27
ص357 وعن الإصابة ج1 ص463 وكتاب المحبر ص77 وفتوح البلدان ج2
ص358 وتاريخ اليعقوبي ج2 ص77 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج2 ص652
وعن السيرة النبوية لابن هشام ج4 ص1025 وعن عيون الأثر ج2 ص321
و 327 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص343 و 508 وسبل الهدى
والرشاد ج1 ص56 وج11 ص338 و 361.
([19])
راجع: كنز العمال ج10 ص418 وعمدة القاري ج18 ص58 والبداية
والنهاية ج4 ص269 (وط دار إحياء التراث) ص306 عن ابن جرير
والكامل ج2 ص213 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص288 ونصب الراية ج6
ص562 ومسند أحمد ج1 ص243 والطبقات الكبرى ج4 ص189 وتاريخ مدينة
دمشق ج27 ص349 وتهذيب الكمال ج1 ص197 وسير أعلام النبلاء ج2
ص12 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص508 وسبل الهدى والرشاد ج11
ص362 والروض الأنف ج3 ص68 والتنبيه والإشراف ص225 وعن فتح
الباري ج8 ص96.
([20])
السيرة الحلبية ج3 ص283 وعن فتح الباري ج8 ص96 عن ابن شبة،
والآحاد والمثاني ج1 ص446وتاريخ مدينة دمشق ج3 ص173 وتاريخ
الأمم والملوك ج3 ص334.
([21])
السيرة الحلبية ج3 ص283 ودلائل النبوة ج4 ص388 والبداية
والنهاية ج4 ص269 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص507.
([22])
السيرة الحلبية ج3 ص283 وعن فتح الباري ج8 ص96 ومكاتيب الرسول
ج2 ص327 والبداية والنهاية ج7 ص175.
([23])
راجع المصادر المتقدمة.
([24])
تاريخ بغداد ج1 ص132 ومكاتيب الرسول ج2 ص329.
([25])
تاريخ اليعقوبي ج2 ص77 وراجع: مسند أحمد ج1 ص96 و 145
والطبقات الكبرى ج1 ص389 والبحار ج20 ص389 (هامش) وتـاريخ
بغـداد ج1 = = ص132 ومكاتيب الرسول ج2 ص328.
([26])
المناقب ج1 ص55 وفي (ط أخرى) ص70 ومكاتيب الرسول ج2 ص329
والبحار ج20 ص381 وسبل الهدى والرشاد ج11 ص362.
([27])
وهي ليلة الثلاثاء، لعشر ليال مضين من جمادى الأولى سنة سبع.
راجع:
الطبقات الكبرى ج1 ق2 ص16 والبداية والنهاية ج4 ص270 وتاريخ
الأمم والملوك ج2 ص297 وعمدة القاري ج2 ص28 وج18 ص58 وعن فتح
الباري ج8 ص96 والبحار ج20 ص291 و 377 و 390 ودلائل النبوة
لأبي نعيم ص295 والإصابة ج1 ص632 ومكاتيب الرسول ج2 ص230 عنهم،
والخرايج والجرايح ج1 ص64 ودرر الأخبار ص174 وتاريخ مدينة دمشق
ج27 ص357 والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ق2 ص38 والسيرة
النبوية لابن كثير ج3 ص509.
([28])
مكاتيب الرسول ج2 ص230 و 231 عن البداية والنهاية ج4 ص270 وعن
السيرة النبوية لدحلان، وعن السيرة الحلبية، وعن الكامل في
التاريخ ج2 ص204 وعن دلائل النبوة لأبي نعيم ص295 والبحار ج20
ص391 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص279 والعبر وديوان المبتدأ
والخبر ج2 ق2 ص38 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص510.
([29])
أرجع العلامة الأحمدي في مكاتيب الرسول ج2 ص331 إلى: السيرة
الحلبية، والسيرة النبوية لدحلان والبداية والنهاية ج4 ص307
وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص297 والبحار ج20 ص391 ورسالات نبوية
والإصابة ج1 ص169 و 170 في ترجمة بابويه وتأريخ الخميس ج2 ص37
ودلائل النبوة لأبي نعيم ص295 والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج2
ق2 ص38 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص510.
([30])
مكاتيب الرسول ج2 ص331 عن المصادر التالية: السيرة الحلبية ج3
ص277 وما بعدها والسيرة النبوية لدحلان (بهامش الحلبية) ج3 ص65
وسيرة ابن هشـام ج1 ص45 والبدايـة والنهايـة ج4 ص268 و ج6 ص306
والكامل = = ج2 ص214 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص654 وعمدة
القاري ج2 ص28 وج18 ص58 وج25 ص20 وفتح الباري ج8 ص96 وحياة
الصحابة ج1 ص115 ـ 117 ومجمع الزوائد ج8 ص288 والطبقات ج1 ق2
ص16 وابن أبي شيبة ج4 ص337 و 338 ورسالات نبوية ص94 والمعرفة
والتاريخ ج3 ص262 وتهذيب تاريخ ابن عساكر ج7 ص355 و 356
والإصابة ج1 ص169 وراجع ص170 في ترجمة بابويه وفي ترجمة باذان
أيضاً والبحار ج20 ص380 و 382 ودلائل النبوة للبيهقي ج4 ص387
وتأريخ الخميس ج2 ص34 و 35 ودلائل النبوة لأبي نعيم ص292 ـ 295
والمنتظم ج3 ص 283.
([31])
راجع المصادر المتقدمة.
([32])
مجموعة الوثائق السياسية لمحمد حميد الله ص178 و 160 عن تاريخ
بيهق لابن فندق ص141 ومكاتيب الرسول ج2 ص333 والبداية والنهاية
ج6 ص338.
([33])
مكاتيب الرسول ج2 ص333 عن المصادر التالية: البداية والنهاية
ج6 ص307 والبحار ج21 ص407 وتاريخ ابن خلدون ج2 ص59 والتراتيب
الإدارية ج1 ص241 والإصابة ج1 ص170 و 759 وج2 ص222 في ترجمة
طاهر بن أبي هالة والطبري ج2 ص655 و 656 وج3 ص158 و 227 ـ 229
والكامل ج2 ص214 و 304 و 336 وعمدة القاري ج2 ص29 وج18 ص58 وج
25 ص20 والوثائق ص178 وحياة الصحابة ج1 ص114 والبحار ج21 ص407
والطبقات ج1 ق2 ص16 ورسالات نبوية ص94 و 95 والمعرفة والتأريخ
ج3 ص262 ـ 266 وتاريخ الخميس ج2 ص35 ـ 37 وأسد الغابة ج1 ص163.
|