سرايا وأحداث إلى مؤتة
وروى الزهري:
أنه لما رجع النبي
«صلى الله عليه وآله»
من عمرة القضاء، سنة سبع، وكان رجوعه في ذي الحجة، بعث ابن أبي العوجاء
السلمي في خمسين رجلاً إلى بني سليم. وكان في جملتهم عين لبني سليم.
فلما خرج من المدينة سبقهم ذلك العين، إلى بني سليم،
وأخبرهم بالأمر، فجمعوا جمعاً كثيراً، فجاءهم ابن أبي العوجاء، وقد
أعدُّوا له، فلما رأوهم أصحاب رسول الله «صلى الله عليه وآله»، ورأوا
جمعهم دعوهم إلى الإسلام، فرشقوهم بالنبل، ولم يسمعوا قولهم، وقالوا:
لا حاجة لنا إلى ما دعوتم إليه.
فراموهم ساعة، وجعلت الأمداد تأتي،
حتى أحدقوا بهم من كل ناحية، فقاتل القوم قتالاً شديداً، حتى قتل
عامتهم، وأصيب ابن أبي العوجاء جريحاً مع القتلى، ثم تحامل حتى بلغ
رسول الله «صلى الله عليه وآله»([1]).
ونقول:
ما معنى أن يتكرر ما يشبه هذه الحادثة؟!
ثم ما معنى أن يتجلى هذا التشابه في الأوقات، ومع
أشخاص، ومع قبائل مختلفة، ثم هو يتجلى من حيث معرفة المقصودين بأمر
البعث إليهم، ثم استعدادهم لهم، ثم مهاجمتهم للمبعوثين إليهم، ثم
مراماتهم بالنبل، وقتل أكثر أفراد السرية، ثم نجاة قائدها، جريحاً
مرتثاً بين القتلى، ثم تحامله على نفسه، والالتحاق برسول الله
«صلى الله عليه وآله»؟!
فراجع ما يذكرونه في سرية ذات أطلاح، في شهر ربيع الأول
سنة ثمان.
وسرية بشير بن سعد إلى فدك في شعبان سنة سبع.
وسرية محمد بن مسلمة إلى بني ثعلبة في ذي القصة.
لم يذكر لنا اسم أي واحد من هؤلاء المسلمين الذين قتلوا
في هذه السرية، رغم أن ثمة حرصاً ظاهراً على تسجيل هذا الأمر كما
نلاحظه في سائر الموارد.
كيف تمكن بنو سليم من أن يجمعوا هذا الجمع الكثير
لمواجهة هذه السرية، فالمفروض أن العين قد خرج من المدينة مع نفس تلك
السرية، ثم سبقها، فحتى لو كان سبقها بيوم كامل، فإنهم لا يتمكنون من
جمع أعداد كبيرة، يحتاج جمعها إلى التنقل من مكان إلى مكان، وإلى إعداد
ووقت.
على أن سبقه للسرية من شأنه أن يثير الشكوك حوله، إذا
التفت أفراد السرية إلى مفارقته لهم، وسوف يجعلهم يترددون في مواصلة
المسير، وسيكون اكثر حذراً، وأبعد عن الوقوع في الفخ الذي نصب لهم.
إذا كان الخيار الوحيد المتوفر لدينا فعلاً هو التسليم
والقبول، أو السكوت عن النقاش في صحة هذه السرية، بسبب شحة النصوص
حولها، فإن ما يمكن أن نقوله فيها هو: أن نقلة الأخبار وإن كانوا لم
يذكروا لنا الكثير من أخبارها، ولا أوردوا شيئاً عن سبب إرسالها إلى
بني سليم، فهل هو لأنهم نقضوا عهداً؟! أو لأنهم ارتكبوا جرماً؟ أو لأجل
الحصول على نعمهم ومواشيهم؟! أو لأنهم جمعوا الناس لحرب رسول الله
«صلى الله عليه وآله»؟!
أم لغير ذلك؟!
لكننا نطمئن إلى أن هذا الافتراض الأخير غير صحيح، لأن
النص التاريخي يصرح: بأنهم إنما جمعوا جمعاً كثيراً بعد أن أخبرهم
العين بأمر السرية..
كما أن افتراض إرادة سلب أموالهم، لا يمكن قبوله أيضاً،
لما ذكرناه مراراً وتكراراً: من أن النبي
«صلى الله عليه وآله»
لم يكن ليغير على أحد بهدف استلاب الأموال، بل لأجل دفع شره، أو جزاء
له على عذره، حين يكشّر عن أنيابه، ويدبر للانقضاض على المسلمين!!
وإلحاق الأذى بهم.
وربما يكون إرسالهم للعين إلى المدينة مؤشراً على
نواياهم العدوانية هذه، وإن كان لا يكفي لإثبات ذلك بصورة قاطعة..
ويمكن تأييد ذلك بمؤشرٍ آخر أقوى، وهو أنه لا شيء يثبت
أن المسلمين قد جاؤوا للحرب، بل الظاهر من سياق الأحداث: هو أنهم جاؤوا
للدعوة إلى الإسلام، وذلك من حقهم.. فكان بإمكانهم الاكتفاء برفض
الاستجابة، ولكنهم لم يكتفوا بذلك، بل رشقوا المسلمين بالنبل قبل أن
يصرحوا برفضهم!!
ثم باشروا بالعمليات الحربية ضد المسلمين، وكانوا قد
هيأوا لها!!
وربما يؤيد ذلك أيضاً:
أن اكتفاء النبي
«صلى الله عليه وآله»
بإرسال خمسين رجلاً إلى قوم يستطيعون أن يجمعوا جموعاً قتالية كثيرة،
قادرة على إبادة هؤلاء الخمسين، يشير إلى أنها لم تكن سرية قتالية،
وإنما كانت سرية دعوة، وإرشاد، وتعليم، ليس إلا، ولكن خبث هؤلاء القوم،
قد ساقهم إلى هذا الكيد، الذي يستهين بالجريمة، ويعتبر ارتكابها نصراً
وفخراً..
وكان بين الحديبية وعمرة القضاء، إسلام خالد بن الوليد،
وعمرو بن العاص، وعثمان بن طلحة.
وقيل:
كان ذلك بعد عمرة القضاء([2])،
في السنة الثامنة([3]).
وفي نص آخر:
قبيل الفتح([4]).
قيل:
ويشهد له ما جاء عن خالد بن الوليد أنه قال: لما أراد الله عز وجل ما
أراد بي من الخير قذف في قلبي الإسلام، وحضر لي رشدي، وقلت: قد شهدت
هذه المواطن كلها على محمد، فليس موطن أشهده إلا أنصرف، وأنا أرى في
نفسي أني مُوضِعٌ في غير شيء، وأن محمداً يظهر.
فلما جاء لعمرة القضاء تغيبت، ولم أشهد دخوله، فكان أخي
الوليد بن الوليد دخل معه، فطلبني فلم يجدني، فكتب إليّ كتاباً، فإذا
فيه:
بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد.. فإني لم أر أعجب من
ذهاب رأيك عن الإسلام، وقلة عقلك، ومثل الإسلام يجهله أحد. قد سألني
عنك رسول الله «صلى الله عليه وآله»، فقال: أين خالد؟
فقلت:
يأتي الله به.
فقال:
ما مثله يجهل الإسلام، ولو كان يجعل نكايته مع المسلمين على المشركين
كان خيراً له، ولقدمناه على غيره.
فاستدرك يا أخي ما فاتك، فقد فاتك مواطن صالحة.
فلما جاءني كتابه نشطت للخروج، وزادني رغبة في الإسلام،
وسرتني مقالة رسول الله
«صلى الله عليه وآله»،
ورأيت في المنام: كأني في بلاد ضيقة جدبة، فخرجت إلى بلاد خضراء واسعة.
زاد الواقدي وغيره:
أنه ذكر هذه الرؤيا لأبي بكر حين جاء إلى المدينة، ففسر له الضيق
بالشرك، والسعة بالإسلام.
فلما اجتمعنا للخروج إلى المدينة
لقيت صفوان، فقلت:
يا أبا وهب، أما ترى أن محمداً ظهر على العرب والعجم،
فلو قدمنا عليه فاتبعناه، فإن شرفه شرف لنا.
قال:
لو لم يبق غيري ما اتبعته أبداً.
قلت:
هذا رجل قتل أبوه وأخوه ببدر، فلقيت عكرمة بن أبي جهل، فقلت له: مثل ما
قلت لصفوان.
فقال:
مثل الذي قال صفوان.
قلت:
فاكتم ذكر ما قلت لك.
قال:
لا أذكره.
ثم لقيت عثمان بن طلحة ـ أي الحجبي
ـ فقلت:
هذا لي صديق، فأردت أن أذكر له.
ثم ذكرت من قتل من آبائه:
أي قتل أبيه طلحة، وعمه عثمان، وقتل إخوته الأربعة: مسافع، والجلاس،
والحارث، وكلاب، كلهم قتلوا يوم أحد. فكرهت أن أذكر له.
ثم قلت:
وما عليّ، وأنا راحل من ساعتي، فذكرت له ما صار الأمر إليه.
فقلت:
إنما نحن بمنزلة ثعلب في جحر، لو صب فيه ذنوب من ماء لخرج.
ثم قلت له:
ما قلته لصفوان وعكرمة، فأسرع الإجابة، فواعدني إن سبقني أقام في محل
كذا، وإن سبقته إليه انتظرته.
فلم يطلع الفجر حتى التقينا، فغدونا حتى انتهينا إلى
الهدة ـ اسم محل ـ فنجد عمرو بن العاص بها، فقال: مرحباً بالقوم.
فقلنا:
وبك.
قال:
أين مسيركم؟
قلنا:
الدخول في الإسلام.
قال:
وذلك الذي أقدمني.
وفي لفظ:
قال عمرو لخالد: يا أبا سليمان أين تريد؟
قال:
والله لقد استقام الميسم، أي تبين الطريق، وظهر الأمر، وإن هذا الرجل
لنبي، فأذهب فأسلم، فحتى متى؟
وفي نص آخر:
أن خالداً قال لعمرو: دخل الناس في الإسلام فلم يبق أحد به طمع، والله،
لو أقمنا لأخذ برقابنا، كما يؤخذ برقبة الضبع في مغارتها([5]).
قال عمرو:
وأنا ما جئت إلا لأسلم.
فاصطحبنا جميعاً حتى دخلنا المدينة الشريفة.
وعند الدياربكري:
«فاصطحبنا حتى قدمنا المدينة، أول يوم في صفر سنة ثمان»([6]).
فأنخنا بظهر الحرة ركابنا، فأخبر بنا رسول الله
«صلى الله عليه وآله»
فسرّ بنا، وقال: رمتكم مكة بأفلاذ كبدها، فلبست من صالح
ثيابي، ثم عمدت إلى رسول الله
«صلى الله عليه وآله»،
فلقيني أخي، فقال: أسرع فإن رسول الله
«صلى الله عليه وآله»
قد سر بقدومكم وهو ينتظركم.
فأسرعنا المشي، فاطلعت عليه، فما زال يتبسم إليّ حتى
وقفت عليه، فسلمت عليه بالنبوة، فرد عليَّ
السلام بوجه طلق، فقلت: أشهد أن لا إله إلا الله،
وأنك رسول الله.
قال:
الحمد لله الذي هداك، قد كنت أرى لك عقلاً رجوت أن لا
يسلمك إلا إلى خير.
قلت:
يا رسول الله، ادع الله لي أن يغفر لي تلك المواطن التي
كنت أشهدها عليك.
فقال «صلى الله عليه وآله»:
«الإسلام يجبُّ
ما كان قبله».
وفي نص آخر:
قال خالد: فوالله ما كان رسول الله «صلى الله عليه
وآله» من يوم أسلمت يعدل بي أحداً فيما حزبه([7]).
وتقدم عثمان وعمرو فأسلما.
وفي رواية عن عمرو بن العاص قال:
قدمنا المدينة، فأنخنا بالحرة فلبسنا من صالح ثيابنا ثم نودي بالعصر،
فانطلقنا حتى اطلعنا عليه وإن لوجهه تهللاً، والمسلمون حوله قد سروا
بإسلامنا؛ وتقدم خالد بن الوليد فبايع، ثم تقدم عثمان بن طلحة فبايع،
ثم تقدمت فوالله ما هو إلا أن جلست بين يديه «صلى الله عليه وآله»، فما
استطعت أن أرفع طرفي حياء منه «صلى الله عليه وآله».
قال:
فبايعته على أن يغفر لي ما تقدم من ذنبي، ولم يحضرني ما تأخر.
فقال:
«إن الإسلام يجبُّ ما كان قبله، والهجرة تجبُّ ما كان قبلها».
فوالله ما عدل بي رسول الله
«صلى الله عليه وآله»
وبخالد بن الوليد أحداً من الصحابة في أمر حربه منذ
أسلمنا، ولقد كنا عند أبي بكر بتلك المنزلة، ولقد كنت عند عمر بتلك
الحالة.
وكان عمر على خالد كالعاتب.
وتقدم:
أن عمرواً أسلم على يد النجاشي.
قال بعضهم:
وفي إسلام عمرو على يد النجاشي لطيفة، وهي: صحابي أسلم على يد تابعي.
ولا يعرف مثله.
ومن حين أسلم خالد لم يزل رسول الله
«صلى الله عليه وآله»
يوليه أعنة الخيل، فيكون في مقدمها([8]).
قال أبو عمر:
لم يصح لخالد بن الوليد مشهد مع رسول الله قبل الفتح([9]).
ونقول:
إن لنا مع ما تقدم العديد من الوقفات، نجملها على النحو
التالي:
تقدم:
أن الوليد بن الوليد كتب إلى أخيه خالد كتاباً يتعجب فيه من ذهاب رأيه
ـ خالد ـ عن الإسلام، ومن قلة عقله، وقال له:
«ومثل
الإسلام يجهله أحد»؟!!
ونقول:
أولاً:
مع أن الوليد نفسه لم يسلم إلا بعد وقعة بدر([10])،
فأين كان عقله عنه طيلة أكثر خمس عشرة سنة، كان النبي
«صلى الله عليه وآله»
يدعوهم فيها إلى الإسلام.
ثانياً:
لم يثبت أن الوليد وصل إلى المدينة بعد خروجه من مكة في عمرة القضاء،
فقد قيل: إنه مشى على رجليه لما هرب، وطلبوه فلم يدركوه.
ويقال:
إنه مات في بئر أبي عتبة قبل أن يدخل المدينة([11]).
زعم بعضهم:
أن خالداً
أسلم سنة خمس للهجرة([12]).
وهذا لا يصح، إذ قد تقدم في عمرة
الحديبية:
أن خالداً كان قائداً لطليعة قريش في تلك الغزوة وكان
ذلك سنة ست([13]).
قد أشير فيما تقدم إلى إسلام ابن العاص، وخالد، وإلى
الأسباب الداعية لهما إلى ذلك، ولنا على ذلك ملاحظات، هي التالية:
1 ـ
إن كلمات خالد المتقدمة تشير إلى: أن شعوره باليأس من
الظفر، وتنامي إحساسه بالفشل، وعدم الوصول إلى نتيجة، ومعاناة
الهزائم المتتالية أمام جيوش الإسلام، هو الذي دعاه لمراجعة حساباته،
والتفكير بالانحياز
إلى المعسكر الذي يرى بأم عينيه كيف يزداد قوة يوماً بعد يوم.
فالقضية إذن، لا تنطلق من الإحساس بالواجب، وظهور الحق
له
ولغيره
بعد أن كان خافياً، كما أنها لم تكن صحوة وجدان، ويقظة ضمير. بل هي
حسابات ربح وخسارة في الدنيا، والمبادرة إلى اقتناص ما يمكن اقتناصه
من الفرص
قبل فوات الأوان..
وأظهرت
الوقائع هذا الأمر بصورة جلية وواضحة، حتى لقد ذهبت مصر كلها طعمة
لعمرو، وثمناً لمحاربة الحق وأهله، وذلك في أواخر عمره، حين عقد صفقة
مع معاوية على حرب علي «عليه السلام» في صفين.
2 ـ
ولعل
من أسباب
رغبة خالد وعمرو بالدخول في الإسلام: هو
أن عمرو بن العاص داهية محنك معروف بالمكائد والمصائد، وقد انتدبته
قريش ليذهب إلى الحبشة، وليتسبب بمكره ودهائه بترحيل جعفر وغيره من
المهاجرين، وإعادتهم إلى مكة.
وهو الذي دبر الأمر في حرب صفين، وكاد المسلمين برفع
المصاحف فيها، حتى انجر الأمر إلى التحكيم.
وكان أشد خطراً من خالد بن الوليد، الذي كان متسرعاً
إلى قتل الناس، قسياً، غادراً، خصوصاً بمن له عندهم ثارات.
وغدره ببني جذيمة انتقاماً لعمه الفاكه بن المغيرة،
وعوف بن عبد عوف،
بعد
أن
أعطاهم الأمان،
معروف ومشهور.
وقد تبرأ رسول الله «صلى الله عليه وآله» من فعلته فيهم، وكان «صلى
الله عليه وآله» أرسله إليهم داعياً لهم إلى الإسلام، لا مقاتلاً([14]).
كما أنه غدر بمالك بن نويرة، وقتله، ثم عرّس بامرأته في
ليلة قتله([15]).
ثم قتل رجلين مسلمين في غارته على
مضيَّح، وهما:
عبد العزى بن أبي رهم، ولبيد بن جرير([16]).
ولكن
وعكل هذه المخازي التي ارتكبها
خالد،
فإنه كان
أقل ضرراً على الإسلام
من عمرو بن العاص،
من حيث إنه كان له محيطه الخاص، ويمكن لجم جماحه، وإخضاعه ووضعه في
دائرة السيطرة وليس كذلك عمرو بن العاص.
3 ـ
ولو سلم أنه قد كتب ذلك لخالد، فلابد أن يكون هذا
التلويح النبوي لخالد بأنه سوف
يقدّمه
إذا
أسلم
قد أذكى الطموح لديه،
ورجح له الانحياز
إلى المسلمين.
وتكون نتيجة هذا وذاك أن إسلام
خالد
لم يكن عن قناعة تكونت لديه بصحة هذا الدين،
وإنما
أسلم طمعاً
بالتقديم،
بعد اليأس من الظفر بشيء عن طريق الحرب.. تماماً كما
كان الحال بالنسبة لعمرو بن العاص.
ولكن الملاحظ هنا:
أن النبي «صلى الله عليه وآله» قد ميَّز
خالداً عن عمرو بن العاص.
ولعله لأجل ما قدمناه من شدة خطورة الثاني بالنسبة للأول..
4 ـ
إن ظهور النبي «صلى الله عليه وآله» على العرب والعجم، قد أضاف عنصراً
آخر، فرض نفسه على تفكير هؤلاء الطامعين، والطامحين، كما دل عليه كلام
خالد مع صفوان بن أمية.. فإنهم يقيسون الأمور بمقاييس الأحجام
والأوزان، وكانت تبهرهم العناوين الكبيرة، وتهيمن الكثرات على تفكيرهم،
ومن ثم على مسيرهم ومصيرهم.مية
5 ـ
إن الرغبة في الحصول على المواقع الدنيوية، ونيل مقامات ومراتب الأبهة
والشرف من أهل الشرف، قد أذكت الرغبة لديهم بهذا الشرف الدنيوي، وفق
مفهومهم ونظرتهم، لكي يلونوه بالألوان التي تروق لهم.
6 ـ
إنه على تقدير صحة هذه الرسالة، فإن
ما يثير دهشتنا: هو أن النبي الأعظم
«صلى الله عليه وآله»
قد جعل تقديمه لخالد مرهوناً بنكاية خالد في المشركين على وجه التحديد،
مع أنه كان لا يزال على شركه، وهذا العرض ليس فقط لم يزعج هذا الرجل
المشرك، بل هو قد شجعه على الإقدام على الدخول في الإسلام، وكان على
استعداد لأن يمارس هذه النكاية فعلاً، مقابل هذا التقديم..
وهذا إعلان صريح للأجيال بأن هؤلاء الناس ليس لهم دين،
ولا معبود إلا أنفسهم، ولا يفكرون إلا بمصالحهم، وأن إسلامهم الظاهري
هذا قد لا يغيِّر شيئاً من دخائلهم، وإن كان يجب قبوله منهم، ومعاملتهم
على أساسه في الظاهر.
والحـديث عن هـذا يستبطن تشجيع حركـة النفـاق داخل
المجتمع الإسلامي.. غير دقيق، وتحدثنا عن ذلك حين الحديث عن فتح وادي
القرى فراجع..
7 ـ
إن ما قاله خالد لعثمان بن طلحة:
«إنما
نحن بمنزلة ثعلب في جحر، لو صب فيه ذنوب ماء لخرج»،
كان تقييماً دقيقاً لحقيقة ما انتهى إليه واقع قريش ومشركي مكة، فقد
أصبحوا محصورين في داخل بلدهم، بل لقد دخل الإسلام كل بيت، وشاع في كل
قبيلة حتى في مكة نفسها، ولم يعد لقريش أي ملاذ تأوي إليه، أو تراوغ
فيه، سوى هذا الموقع الذي هو مكة، بحيث لو خرجت منها، لوجدت نفسها في
العراء أمام قانصها، الذي كان بانتظارها ليواجهها بمصيرها الذي استحقته
بما كسبته يداها.
وهذا المنطق قد فرض نفسه على عثمان بن طلحة، وعلى خالد،
وعلى عمرو بن العاص وعلى غيرهم.
إن طريقة اعتراف خالد لعمرو بن
العاص بما يفكر فيه، وقوله:
«فحتى
متى»؟!
تدل على أنهم كانوا يعلمون بنبوة رسول قبل مدة، ولكنهم كانوا يسوِّفون
ويماطلون في الاعتراف بهذا الأمر.. وذلك وفقاً لما أخبر الله تعالى به
عنهم حين قال:
﴿وَجَحَدُوا
بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ﴾([17]).
وهذا الأمر بالذات يجعلنا لا نثق بصدقهم في دعواهم
الإسلام والإيمان، فإن من يكتم الحق، ويرفض الإعتراف به دهراً، من أجل
مكاسب دنيوية، لا يتورع عن أن يظهر القبول والاعتراف به، طمعاً في
مكاسب دنيوية أيضاً..
ولأجل ذلك.. نقول:
إننا وإن كنا نلتزم بوجوب معاملة هؤلاء وفق ما يفرضه
الشرع الحنيف من أحكام لمظهري الإسلام، لكننا لابد أن نبقى على حذر
منهم، وأن لا نُخدع بظاهر حالهم، حتى تُثبت لنا تضحياتهم، وممارساتهم،
أن باطنهم يتوافق مع ظاهرهم.. وأن ما أضمروه موافق لما أظهروه.
وذكرت الروايات المتقدمة:
أن عمرو بن العاص طلب من النبي
«صلى الله عليه وآله»
أن يدعو الله أن يغفر له ما كان قد فعله في حربه على الإسلام، قبل أن
يسلم.
وفي نص آخر:
بايعه على أن يغفر له ما تقدم من ذنوبه..
فأجابه «صلى الله عليه وآله»:
بأن الإسلام يجبُّ ما كان قبله.
والذي يستوقفنا هنا:
أنه
«صلى الله عليه وآله»
لم يستجب لطلب عمرو بن العاص، ولم يستغفر الله له.. بل جعل الأمر
مرهوناً بصدقه في إسلامه، فإن كان صادقاً فيه، فنفس هذا الإسلام هو
الذي يرفع ويزيل آثار أفاعيله السابقة، وتكون النتيجة هي: أننا لا
نستطيع الجزم بأن ابن العاص قد تخلص من تلك الآثار، إلا إذا تيقنا
بصدقه في دعواه الإسلام.
ومن الواضح:
أن زوال الآثار إنما يبدأ من لحظة تكوّن هذا الإسلام الحقيقي، الذي قد
يتأخر، بل ربما لا يحصل أصلاً، ويبقى مجرد ادِّعاء، ليس وراءه قناعة
ولا قبول.
ولو أن النبي
«صلى الله عليه وآله»
دعا أو استغفر لعمرو لزالت آثار تلك العظائم حتماً وجزماً، في أي حال
يكون ابن العاص عليها، أي سواء أكان صادقاً في دعواه الإسلام، أم غير
صادق.
ثم يبدأ حسابه على أعماله من لحظة دعائه
«صلى الله عليه وآله»
له..
وذكر النص المتقدم:
أن عمر بن الخطاب كان كالعاتب على خالد، ولكنه لم يبين لنا مبررات هذا
العتب..
فإن خالداً لم يقترف ذنباً حين قد مر إلى المدينة وأعلن
اسلامه، إلا إذا كان عتبه عليه من أجل ما فعله ببني جذيمة([18])،
حين أرسله النبي
«صلى الله عليه وآله»
إليهم داعياً، لا مقاتلاً؟! أم أنه كان عاتباً عليه لأجل قتله مالك بن
نويرة، ووطئه زوجته في ليلة قتله؟!([19]).
أو لعل السبب في ذلك هو:
أنه كان قد اصطرع مع خالد بن الوليد، وهما غلامان. وكان خالد ابن خال
عمر، فكسر خالد ساق عمر، فعرجت، وجبرت، فكان ذلك سبب العداوة بينهما([20]).
إننا نرجح هذا السبب الأخير، إذ لم نجد من عمر أية ردة
فعل تجاه ما جرى لبني جذيمة، فإنه لم يسحب سيفه ليقول: دعني أقتله يا
رسول الله، كما تعودناه منه في الكثير من المناسبات.
كما لم نجده يسعى في معاقبته بعد
توليه الخلافة على جريمة الزنى بزوجة مالك بن نويرة في ليلة قتله لرجل
مسلم، ولا على قتله امرءاً مسلماً بصورة غادرة، وغير شريفة، بل هو قد
استعان به، وأظهر الحزن عليه حين وفاته، وأعرب عن رغبته في بكاء الناس
عليه([21]).
رغم أنه كان يمنع غيره من ذلك.
وأما ما ادَّعاه عمرو بن العاص:
من أنه
«صلى الله عليه وآله»
لم يعدل به وبخالد بن الوليد أحداً من الصحابة، في أمر حربه منذ أسلما،
وأنه من حين أسلم خالد، لم يزل رسول الله
«صلى الله عليه وآله»
يوليه أعنة الخيل([22]).
فهو محض افتراء، تكذبه جميع الشواهد والدلائل
التاريخية..
فإن علياً
«عليه
السلام»
كان صاحب لواء النبي
«صلى الله عليه وآله»،
وحامل رايته في كل مشهد، باستثناء تبوك، التي لم تكن فيها رايته
ولواؤه، لا لعمرو بن العاص، ولا لخالد بن الوليد.
وكذلك الحال في سائر الغزوات التي شهدها هذان الرجلان،
كغزوة حنين؛ فقد كان خالد في ضمن مجموعة المقدمة([23])،
وفي فتح مكة، والطائف، كان سهم عمرو بن العاص، وخالد بن الوليد فيها لا
يكاد يذكر، باستثناء مشاركة خالد في بعض المجموعات القتالية في فتح مكة
من دون إعطائه أية مهمات خاصة، أو متميزة.
وحين تعدى خالد طوره فيها سعى النبي
«صلى الله عليه وآله»
إلى رأب الصدع، وإعادة الأمور إلى نصابها.
وأما السرايا التي أرسلها رسول الله
«صلى الله عليه وآله»
بعد إسلام هذين الرجلين، فكان أكثرها بقيادة أناس آخرين أيضاً.
وقد ورد ذكر خالد في سرية إلى بني جذيمة، ولكنها لم تكن
سرية قتال، بل كانت سرية دعوة، تعدى فيها خالد حدود الأوامر النبوية،
فأوقع بهم، لأنهم كانوا قد قتلوا عمه الفاكه بن المغيرة في الجاهلية([24]).
وهذا ما دعا النبي الكريم
«صلى الله عليه وآله»
إلى التبرؤ مما صنعه خالد، ثم بادر
«صلى الله عليه وآله»
إلى تكليف علي
«عليه
السلام»
بمعالجة الفتق الذي أحدثه هذا الرجل([25]).
وقد ذكر اسم خالد أيضاً في ضمن من نفَّر برسول الله
«صلى الله عليه وآله»
ليلة العقبة([26]).
وذكروا أيضاً:
أنه
«صلى الله عليه وآله»
أرسله لهدم العزى، ولا يصح عدّ هذه المهمة من المهمات القتالية..
أما ما زعموه:
من أنه
«صلى الله عليه وآله»
أرسله إلى أكيدر، فهناك أيضاً شكوك تحوم حول صحة كثير مما يقال فيه،
كما سيأتي بيانه.
وأما عمرو بن العاص فقد ورد:
أنه كُلِّف بمهمة هدم سواع.. ولا يصح عد هذه المهمة في جملة المهمات
القتالية أيضاً..
وذكر أيضاً:
أنه أرسله أميراً لسرية ذات السلاسل التي ظهر فيها فشله الذريع، وكان
النصر المؤزر فيها لعلي أمير المؤمنين
«عليه
السلام»،
وقد سعى عمرو بن العاص نفسه إلى إفشال مهمة علي
«عليه
السلام»
فخاب سعيه كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى.
وهناك من زعم:
أن ابن العاص أسلم على يد النجاشي، وذلك حين ذهب إليه مع رجال قومه بعد
الحديبية، فطلب من النجاشي أن يعطيه عمرو بن أمية الضمري ليضرب عنقه،
وكان قد جاءه بكتاب النبي
«صلى الله عليه وآله»
ليزوجه بأم حبيبة، فلما طلبه منه، ضربه النجاشي على أنفه، فابتدر دماً،
فأسلم عمرو حينئذٍ على يد النجاشي، وبايعه على الإسلام، وعاد إلى
بلاده، فلما بلغ الظهران،
التقى بخالد،
وعثمان بن طلحة، فترافقوا إلى المدينة، حسبما تقدم([27]).
ولذلك قيل:
إن هذا معناه: أن صحابياً قد أسلم على يد تابعي، ولا يعرف مثله.
ونقول:
1 ـ
إن عمرو بن العاص لم يذكر لنا اسم أي واحد من الذين ذهبوا معه إلى
النجاشي، وهم من قومه، وقد تركهم هناك، وانسل راجعاً إلى بلاده.
مع أنه لم يكن هناك أي داع لأن ينسل من بينهم، فلماذا
لا يخبرهم بما جرى له مع النجاشي؟ فلعلهم يوافقونه الرأي ويختارون
الإسلام أيضاً، خصوصاً مع كونهم ـ كما ذكر ابن العاص نفسه ـ من قومه،
وممن يرون رأيه، ويسمعون كلامه، ويقدمونه فيما نابهم.
وكيف وثق بخالد، وبعثمان بن طلحة، ولم يثق بهؤلاء الذين
يصفهم بهذه الأوصاف؟!
2 ـ
إن
هذه الرواية لم يروها ـ فيما نعلم ـ سوى عمرو بن العاص
نفسه، وهو متهم فيما يقول عن نفسه.
3 ـ
لماذا لم يتصل بجعفر بن أبي طالب، وسائر المهاجرين المسلمين، ويبشرهم
بإسلامه، ويكون معهم وإلى جانبهم؟!
4 ـ
لماذا لم يخبر عثمان بن طلحة وخالد بن الوليد بإسلامه على يد النجاشي؟!
بل ادَّعى لهم: أنه يريد أن يذهب إلى المدينة ليسلم على يد النبي
«صلى الله عليه وآله»..
5 ـ
إن ما جرى بين عمرو وبين النجاشي لم يحمل في طياته أي سبب لإسلام عمرو،
بل ربما يقال: إن الأوفق بمسار الأمور هو: أن يزيد حقده على الإسلام،
ويتأكد صدوده عنه، وأن يبذل المزيد من الجهد في الكيد له ولأهله..
لقد كان ما فعله النجاشي عبارة عن تسديد لطمة لعمرو، من
شأنها أن تدفعه للانتقام من أهل الإسلام، واعتبارهم السبب في بلائه،
وفي تحطيم عنفوانه، وكبريائه، وليس لهذه الضربة أي أثر في دفع الشبهات،
أو في إيضاح الحقائق، أو في تليين القلوب للحق.
إسلام
خزاعة وكتب النبي
لها:
قالوا:
ولما انصرف رسول الله «صلى الله عليه وآله» من الحديبية، لم يبق أحد من
خزاعة إلا مسلم مصدق بمحمد، قد أتوا بالإسلام، وهو في من حوله قليل.
وأسلم قوم من العرب كثير، ومنهم من هو بعد مقيم على شركه.
إلى أن قدم علقمة بن علاثة، وابنا
هوذة، وهاجروا؛
فكتب رسول الله «صلى الله عليه وآله» إلى خزاعة في جمادى الآخرة سنة
ثمان الرسالة التالية:
بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله إلى بديل،
وبشر، وسروات بني عمرو.
سلام عليكم، فإني
أحمد الله إليكم، الله لا
إله
إلا هو.
أما بعد..
فإني
لم آثم بإلِّكم.
ولم أضع في جنبكم. وإن
أكرم تهامة عليَّ
أنتم وأقربهم رحماً أنتم، ومن تبعكم من المطيبين. فإني
قد أخذت لمن قد هاجر منكم مثل ما أخذت لنفسي
ـ
ولو هاجر بأرضه
ـ
غير ساكن مكة إلا معتمراً،
أو حاجاً.
وإني لم أضع فيكم إذ سالمت، وإنكم غير خائفين من قبلي،
ولا محصورين.
أما بعد..
فإنه
قد أسلم علقمة بن علاثة وابناه.
وتابعا، وهاجرا على من تبعهما من عكرمة.
أخذت لمن تبعني فيكم ما آخذ لنفسي، وإن
بعضنا من بعض أبداً في الحل والحرم. وإنني
ـ
والله
ـ
ما كذبتكم. وليحبكم ربكم([28]).
وقد أورد العلامة المتتبع الشيخ علي الأحمدي «رحمه
الله»
هذا النص بصوره المختلفة عن الأموال، وطبقات
ابن
سعد، والطبراني، وشرح ألفاظه،
فراجع([29]).
ونقول:
إن لنا مع هذا الكتاب وقفات عديدة، نقتصر منها على ما
يلي:
يلاحظ:
أن أكثر المصادر لم تذكر من الذي تولى كتابة هذا
الكتاب، لكن
ابن
الأثير
قال:
كان الكتاب بخط علي بن أبي طالب.أخرجه
الثلاثة([30]).
وفي رسالات نبوية:
وإن
الكتاب بيد علي بن أبي طالب.
ونقل الطبراني، قال:
قال أبو محمد: وحدثني أبي قال: سمعت يقولون: هو خط علي
بن أبي طالب «عليه
السلام»([31]).
رسالتان..
أم رسالة واحدة؟!
وإن
إلقاء
نظرة على الرسالة المتقدمة تثير أمام الباحث احتمال أن تكون
عبارة عن رسالتين، إذ
لم يعهد في المكاتبات تكرار كلمة «أما
بعد..»
في الرسالة الواحدة.
ويؤيد ذلك:
التكرار لأمر واحد في الفقرة الأولى،
ثم في الثانية، فقد قال:
أولاً:
«فإني
قد أخذت لمن قد هاجر منكم، مثلما أخذت لنفسي».
ثم قال ثانياً:
«فقد أخذت لمن تبعني منكم ما آخذ لنفسي».
بل في رواية ابن سعد:
وردت كلمة «أما
بعد»
ثلاث مرات في الرسالة المذكورة..
فلماذا كان ذلك يا ترى؟!.
ويدل على ذلك أيضاً:
أن الواقدي يصرح:
بأن هذه الرسالة قد كتبت في جمادى الآخرة سنة ثمان..
مع أن الفقرة الأخيرة من الرسالة
ـ
حسب نص الطبراني، ورواية ابن سعد
ـ
صرحت:
بأن النبي «صلى الله عليه وآله» ذكر لهم:
أن علقمة بن علاثة،
وابنا
هوذة قد أسلما، وبايعا،
وهاجرا.
وصرحت رواية الواقدي:
بأنهما قدما على رسول «صلى الله عليه وآله» وهاجرا.
ومن الواضح:
أن العداء (كعَطَاء) بن خالد بن هوذة، من بني عمرو بن
ربيعة،
من بني عكرمة بن
خصفة،
كان من
المؤلفة
قلوبهم،
وهو إنما أسلم
بعد حنين، مع أبيه، وأخيه حرملة([32]).
وذكرت بعض الروايات:
أن حرملة هو عمه.
وهذا يدل على:
أنه «صلى الله عليه وآله» كتب إلى خزاعة يبشرهم
بإسلام
هؤلاء بعد حرب حنين.
فكيف تكون الرسالة قد كتبت في سنة ثمان؟
وزعم ابن سعد:
«أنه
«صلى الله عليه وآله» لم يكتب فيها السلام، لأنه كتب
بها إليهم قبل أن ينزل عليه السلام»([33]).
وهو كلام غير دقيق:
فأولاً:
لأن رواية الواقدي ـ وما أقرب ابن سعد إليه، فإنه كاتبه، وراوي أخباره
ـ قد جاء فيها قوله: «السلام عليكم»، فراجع نسخة المغازي.
ثانياً:
قد ورد في العديد من السور المكية ذكر السلام، أو الأمر
به؛ فقال تعالى: ﴿وَإِذَا
جَاءكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ﴾([34]).
وقال: ﴿وَنَادَوْا
أَصْحَابَ الجَنَّةِ أَنْ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ﴾([35]).
وقال: ﴿دَعْوَاهُمْ
فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ﴾([36]).
وقال: ﴿سَلاَمٌ
عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ﴾([37]).
وقال: ﴿وَلَقَدْ جَاءتْ
رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا سَلاَماً قَالَ سَلاَمٌ﴾([38]).
والآيات في ذلك كثيرة.
وبعد..
فإن هذا الكتاب الشريف الطافح بالمودة، والعطف، والناضح بالحنان،
والرقة، قد أظهر ما كان يكنُّه خاتم الأنبياء، وسيد المرسلين «صلى الله
عليه وآله» لهؤلاء الناس الأوفياء، من محبة واحترام وتقدير، وهو خير
دليل على طبيعة العلاقة التي يريدها الله تعالى لها أن تقوم بين
الأنبياء «عليهم السلام» وبين قومهم، وأنها لابد أن تتجاوز حدود الطاعة
والانقياد من جانب الرعية، وأنها أكثر من مجرد علاقة تدبير ورعاية،
ودلالة وهداية من جانب الأنبياء أنفسهم «عليهم السلام»..
إنه تعالى يريدها علاقة حب تصل إلى حد الانصهار لهم في
شخص رسوله «صلى الله عليه وآله»..
كما قال تعالى:
﴿قُلْ
إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ
وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا
وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ
إِلَيْكُمْ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ
فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ وَاللهُ لاَ يَهْدِي
الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ﴾([39]).
كما أنها
لا تقل عن هذا المستوى في جانب شخص الرسول «صلى الله عليه وآله» تجاه
رعيته، حيث
كانت
تذهب نفسه حسرات حتى على الذين لا يزالون يقاتلونه فكيف تكون
حاله
تجاه المؤمنين؟! وذلك على قاعدة:
﴿لَقَدْ
جَاءكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ
حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾([40]).
وقوله تعالى: ﴿فَلَعَلَّكَ
بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا
الحَدِيثِ أَسَفاً﴾([41]).
وقوله سبحانه: ﴿فَلاَ
تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ﴾([42]).
وسجل الرسول الأعظم «صلى الله عليه وآله» في هذه
الرسالة المباركة، حقيقة هامة جداً، وهي أنه
أخذ
لمن هاجر من حلفائه من بني خزاعة مثل ما
أخذ
لنفسه.
ثم
ألحق
بمن هاجر،
أولئك الذين لزموا أراضيهم، ولم يسكنوا مكة، ولا
يدخلونها إلا
للحج
أو للعمرة..
وقد
تجاوز
هذا
حدود
الإنصاف
والعدل،
ليكون هو منتهى التفضل، إذ لم نعهد في تاريخ الأحلاف
سوى
الالتزام
بما يقع التحالف عليه، مثل نصرة الحليف حين مهاجمة عدو، أو نحو ذلك..
ولم نسمع أن حليفاً منح حليفه نفس الحقوق والامتيازات
التي يعطيها لنفسه،
كيف ورسول الله
«صلى الله عليه وآله»
قد
تجاوز ذلك هنا؟!
فأعطى من أقام بأرضه،
ولم يهاجر منها ـ إذا كان لا يسكن مكة ـ مثل ما أعطى
للمهاجر الذي ترك أرضه،
ووطنه، وماله، وقومه، وعشيرته، وأقاربه!!
أي
أنه جعل
عدم سكنى
مكة، والبقاء في
الأرض
بمنزلة الهجرة، من حيث الثواب، ومن حيث
إن
سائر الامتيازات
التي تعطى للمهاجر، تعطى لهذا المقيم!!
ثم هو «صلى الله عليه وآله» يعيد التنصيص على التزامه
بعهده معهم، ويؤكد لهم الأمان من قبله، وأنه
لا يخون عهدهم، ثم هو يعدهم بأن لا يسرع في مجازاتهم بالسوء، لو صدر
منهم ما يوجب ذلك، بل سيعاملهم
بالحلم والتأني، ولذلك قال لهم: إني لم أضع فيكم (أي لم أسرع) إذ
سالمت، وأنكم غير خائفين من قبلي، ولا محصورين (أو لا مخفورين)..
وبذلك يكون
«صلى الله عليه وآله»
قد بلغ الغاية، وأوفى على النهاية في حسن تعامله مع حلفائه. وأعطاهم ما
لم يعطه حتى لنفسه، ولا صرح بأنه أعطاه لمن معه من الأصحاب، ومن الأهل
والعشيرة..
وفي شهر صفر سنة ثمان بعث
«صلى الله عليه وآله»
غالب بن عبد الله الليثي في سرية، تتألف من بضعة عشر رجلاً، للإغارة
على بني الملوح بالكديد. فلما وصلوا إلى قديد لقيهم الحارث بن مالك بن
البرصاء، فأخذوه، فقال: إنما جئت أريد الإسلام.
فقالوا:
لا يضرك رباط ليلة إن كنت تريد الإسلام، وإن يكن غير ذلك نستوثق منك.
فأوثقوه، وخلفوا عليه رجلاً منهم،
وقالوا له:
إن نازعك فاحتز رأسه.
ثم ساروا حتى أتوا الكديد، فكمنوا هناك، وأرسلوا جندب
بن مكيث الجهني ليستطلع لهم، فأتى إلى تل مشرف على بيوت أولئك القوم،
فانبطح على رأس التل.
فرأى رجل منهم سواداً هناك، فشك في أمره، فرماه بسهمين
فما أخطأه، فانتزعهما جندب من جسده.
ثم لما اطمأن ذلك الحي، وهدأوا شنوا عليهم الغارة،
فقتلوا المقاتلة، وسبوا الذرية، واستاقوا النعم، والشاء، وخرجوا بها
إلى المدينة، فمروا بابن البرصاء فاحتملوه..
وخرج صريخ القوم، فجاءهم ما لا قبل لهم به، وكان الوادي
بينهم، وإذ بالوادي قد امتلأ جنباه بالماء، بحيث لا يستطيع أحد أن
يجوزه، ولم يكونوا رأوا قبل ذلك سحاباً ومطراً، ففاتوهم، وغزوا المدينة([43]).
ونقول:
ذكر جندب الجهني ما جرى له حين وصل إلى التل، فقال:
«فلما استويت على رأسه، انبطحت عليه، لأنظر، إذ خرج رجل منهم، فقال
لامرأته: إني لأنظر على هذا الجبل سواداً، ما رأيته قبل. انظري إلى
أوعيتك، لا تكون الكلاب جرت منها شيئاً.
فنظرت، فقالت:
والله، ما فقدت من أوعيتي شيئاً.
فقال:
ناوليني قوسي ونبلي.
فناولته قوسه وسهمين. فأرسل سهماً، فوالله، ما أخطأ بين
عيني، فانتزعته وثبتُّ مكاني، فأرسل آخر، فوضعه في منكبي، فانتزعته،
وثبتُّ مكاني.
فقال لامرأته:
لو كان جاسوساً لتحرك، لقد خالطه سهمان، لا أبا لك الخ..»([44]).
ونشير هنا إلى ما يلي:
أولاً:
لم نعرف كيف سمع جندب ما جرى بين ذلك الرجل وزوجته؟! فإن ذلك مما لا
يتيسر سماعه عادة من هذه المسافة البعيدة!!
إلا أن يكون:
قد التقى أو بزوجته أو بمن سمع كلامهما في وقت لاحق، فأخبره بهذه
التفاصيل.. ولكن ليس بين أيدينا ما يدل على حصول مثل هذا اللقاء..
ثانياً:
لو أغمضنا النظر عما تقدم، فإن من يأتيه سهم في جبهته، ويثبت فيها،
ويحتاج إلى انتزاعه منها، لا يتوقع منه البقاء على حالة من الوعي
والتوازن، إذ معنى ذلك: أن السهم قد ثقب عظم الجبهة، إذ لا يمكن أن
يثبت السهم فيها بدون ذلك.. وهذا يؤدي إلى الغياب عن الوعي والتعرض
لمضاعفات أصعب، وأخطر..
هذا، إن قلنا باحتمال قدرة السهم الذي يرسل من مسافة
بهذا المقدار، على اختراق العظم.
إن راوي هذا الحديث هو شخص يدَّعي أنه شارك في تلك
السرية، وهو جندب بن مكيث الجهني.. فلماذا لم يروها لنا آخرون ممن
شاركوا أو اطلعوا على ما جرى فيها؟!
أما ما ورد في بعض المصادر، من أن الراوي هو مسلم بن
عبد الله الجهني([45])،
فلم نجد لمسلم هذا ترجمة في كتب الصحابة.
صرحت الرواية:
بأنهم قتلوا مقاتلة ذلك الحي، وسبوا النساء والذرية، مع أنهم كانوا
بضعة عشر رجلاً فقط.
لكن الراوي لم يذكر لنا كم كان عدد مقاتلة ذلك الحي؟!
وكم كان عدد السبي؟!
وكم كان عدد الشاء التي أخذت..
وكم يوماً غابوا عن المدينة؟!
1 ـ
قد ذكرنا أكثر من مرة: أن النبي
«صلى الله عليه وآله»
لم يكن ليغير على من لم يعلن الحرب عليه، كما أنه لا يقاتل أحداً إلا
بعد الدعوة والاحتجاج، ولم نجد أي شيء يدل على ذلك!!
2 ـ
إن إرسال أفراد قليلين ـ بضعة عشر رجلاً ـ إلى بلاد بعيدة يحتاج الوصول
إليها والعود منها إلى أيام عديدة، في منطقة زاخرة بالأعداء، يعد نوعاً
من المخاطرة التي يصعب تفسير مبرراتها، ودوافعها بسهولة..
ولأجل ذلك، نقول:
إن تأييد، أو تفنيد هذه السرايا يحتاج إلى المزيد من التروي، والتدقيق.
والغريب في الأمر:
أننا تارة نقرأ في روايات هذه الغزوة: أنهم حين صار الوادي بين
الفريقين:
«أرسل
الله سحاباً، فأمطر الوادي ما رأينا مثله، فسال الوادي، بحيث لا يستطيع
أحد أن يجوزه»([46]).
وأخرى نقرأ فيها قولهم:
«القوم ينظرون إلينا، إذ جاء الله بالوادي من حيث شاء
يملأ جنبيه ماء، والله ما رأينا يومئذٍ سحاباً ولا مطراً، فجاء بما لا
يستطيع أحد أن يجوزه»([47]).
ثم إنهم يقولون:
إن ذلك قد تكرر مرة أخرى، وذلك لقطبة بن عامر حين توجه إلى بني خثعم
بناحية تبال([48]).
فما أكثر التكرار للأحداث في موضوع السرايا، فهل يمكن
أن يشير ذلك إلى أن ثمة من كان يريد توزيع الأوسمة للأتباع والأشياع
لفريق بعينه، فاتخذ من السرايا باباً لتحقيق هذا الغرض، ولعل سرايا
كثيرة قد اخترعت، وجعلت قيادتها إلى هذا وذاك، لتكون رشاوى لهم، أو
مكافآت على مواقف اتخذوها، أو مبادرات لصالح فريق يحبونه، أو ضد فريق
يناوئونه.
ولعل أحداثاً حقيقية في سرايا بعينها، أو لعل سرايا
كاملة، قد حذفت أو حرِّفت لتخفيف الضغط عن أناس متضررين منها، أو
تشكيكاً بإخلاص، وبمواقف ناس مخلصين، مجازاة لأصحابها، وكيداً منهم
لهم، وتجنياً عليهم، لأغراض ودوافع مختلفة..
ولذلك ظهر التكرار، وطغت على السطح التناقضات، أو
الهنات والفجوات، وكثرت السرايا التشريعية، والأحداث الوهمية..
قالوا:
في سنة ثمان تزوج النبي
«صلى الله عليه وآله»
فاطمة بنت الضحاك الكلابية([49])،
فلما دخلت على النبي
«صلى الله عليه وآله»،
ودنا منها، قالت: إني أعوذ بالله منك.
فقال رسول الله «صلى الله عليه
وآله»:
عذت بعظيم، الحقي بأهلك([50]).
وفي رواية:
أن ابنة الجون أدخلت الخ..([51]).
وفي شهر ربيع الأول سنة ثمان بعث رسول الله «صلى الله
عليه وآله» كعب بن عمير الغفاري في خمسة عشر رجلاً، فساروا حتى انتهوا
إلى ذات أطلاح من أرض الشام، وراء ذات القرى. وكان كعب يكمن النهار،
ويسير بالليل، فوجدوا جمعاً كثيراً من أهل الشام، فدعوهم إلى الإسلام،
فلم يستجيبوا لهم، ورشقوهم بالنبل، فقاتلهم المسلمون أشد القتال، حتى
قتلوا.
قال أبو عمر:
قتلوهم بقضاعة([52]).
فأفلت منهم رجل جريح في القتلى.
قال مغلطاي:
قيل: هو الأمير.
فلما كان الليل تحامل حتى أتى رسول الله، فأخبره الخبر،
فشق ذلك عليه، وهمَّ بالبعث إليهم، فبلغه أنهم قد ساروا إلى موضع آخر،
فتركهم([53]).
ونقول:
إننا نلاحظ هنا ما يلي:
1 ـ
لم يتضح لنا بالتحديد ذلك الموضع الذي بعث رسول الله
«صلى الله عليه وآله»
إليه هذه السرية، إلا أنها أرسلت إلى موضع وراء ذات القرى، كما أننا لم
نعرف الهدف من إرسالها إلى تلك المناطق البعيدة، فإنها ليست سرايا
قتالية بلا شك، إذ لا قدرة لخمسة عشر رجلاً على الدخول في حرب حقيقية،
في محيط الكفر الطاغي والباغي هذا.
ولنا أن نحتمل أن تكون سرية استطلاعية، هدفها تنسُّم
الأخبار عن تحركات الجيوش في مناطق الشام.. أو هي سرية دعوة إلى
الإسلام..
وربما يكون هذا الإجراء الاستطلاعي قد اتُّخذ انتظاراً
لنتائج الرسائل التي بعثها النبي
«صلى الله عليه وآله»
إلى ملوك الأرض، وتحسُّباً، واحتياطاً لأي أمر ربما يفكر فيه أولئك
العتاة، والجبابرة المستكبرون.
2 ـ
وفي ضوء ما تقدم نستطيع أن نضع علامة استفهام كبيرة حول صوابية مبادرة
قائد السرية إلى مواجهة تلك الجموع بطلب التخلي عن دينهم، والدخول في
الإسلام، ما دام أن هذه الطريقة في الدعوة سوف تفهم على أنها نوع من
الاستخفاف والتحدي.
3 ـ
ولو أغمضنا النظر عن ذلك، فإن خيار الحرب والقتال ربما لا يكون هو
الخيار الصحيح حتى لو رفض أولئك قبول هذه الدعوة.. بل قد يكون اللجوء
إلى تهدئة الأمور، والخروج من المأزق بلباقة هو الأولى، ما دام أنه لا
تترتب على قتل هؤلاء النفر من المسلمين أية فائدة، أو عائدة.
4 ـ
إننا لا نظن أن سبب ترك النبي
«صلى الله عليه وآله»
إرسال سرية لمعاقبة أولئك القتلة، هو انتقالهم إلى موضع آخر، إذ كان
بالإمكان تحديد موقعهم، ثم إرسال الجيوش إليهم لتأديبهم.
5 ـ
إن هذا النوع من سرد الأحداث المتوافقة في عناصر
تكوينها، قد تكرر في عدة سرايا، وهو أمر غير مألوف، وبعيد عن الاحتمال،
فراجع على سبيل المثال:
سرية ابن أبي العوجاء، إلى بني سليم.
وسرية محمد بن مسلمة إلى بني ثعلبة في ذي القصة.
وسرية بشير بن سعد إلى فدك.
روى الواقدي، عن ابن أبي سبرة، عن إسحاق بن عبد الله بن
أبي فروة، عن عمر بن الحكم: أنه في شهر ربيع الأول من سنة ثمان بعث
رسول الله
«صلى الله عليه وآله»
شجاع بن وهب في أربعة وعشرين رجلاً إلى جمع من هوازن بالسِّيِّ، من أرض
بني عامر، من ناحية ركبة، على خمس ليال من المدينة، وأمره أن يغير
عليهم..
فخرج يسير بالليل، ويكمن النهار، حتى صبَّحهم وهم
غارون. وكان قد أوعز إلى أصحابه، أن لا يمعنوا في الطلب، فأصابوا نعماً
كثيراً وشاءً، فاستاقوا ذلك كله حتى قدموا المدينة.
واقتسموا الغنيمة، فكانت سهامهم
خمسة عشر بعيراً لكل رجل. وغابت السرية خمس عشرة ليلة([54]).
وقالوا أيضاً:
إنهم كانوا قد أصابوا نسوة هناك، فاستاقوهن. وكانت فيهن جارية وضيئة،
فقدموا بها المدينة..
ثم جاء وفد أولئك القوم مسلمين، فكلموا النبي
«صلى الله عليه وآله»
في السبي، فكلم النبي
«صلى الله عليه وآله»
شجاعاً وأصحابه في ردهن، فسلموهن، وردُّوهن إلى أصحابهن.
وكانت الجارية الوضيئة عند شجاع بن وهب، أخذها بثمن،
فأصابها. فلما قدم الوفد خيرَّها، فاختارت المقام عند شجاع، فلقد قتل
يوم اليمامة وهي عنده، ولم يكن له منها ولد([55]).
ونقول:
1 ـ
إن ثمة
شكوكاً
تحوم حول هذه السرية، فقد قال الواقدي:
«فقلت
لابن أبي سبرة: ما سمعت أحداً قط يذكر هذه السرية.
فقال ابن أبي سبرة:
ليس كل العلم سمعته.
قال:
أجل والله»([56]).
فرواية هذه السرية منحصرة بابن أبي زيد. الأمر الذي
أثار استهجان الواقدي، فاندفع ليعترض على الراوي الذي جاء بعد حوالي
مائتي سنة من شهادة رسول الله
«صلى الله عليه وآله»،
فوجد الجواب الحاسم، الذي ينضح بروح القمع، ويرشح بالغيظ والتحدي.
2 ـ
إذا كانت المسافة بين المدينة وبين السِّيِّ هي خمس ليال كما ذكروه([57])،
وكان المطلوب هو مهاجمة جمع من هوازن كانوا هناك، فهل يكفي أربعة
وعشرون رجلاً لإنجاز هذه المهمة؟!
3 ـ
لماذا يريد رسول الله
«صلى الله عليه وآله»
مهاجمة هذا الجمع من هوازن، فهل كان بينه
«صلى الله عليه وآله»
وبينهم عهد فنقضوه؟!
أو هل اعتدوا على أحد من المسلمين، أو أغاروا على أطراف
المدينة، فيريد
«صلى الله عليه وآله»
أن يؤدبهم؟!
أو هل كان
«صلى الله عليه وآله»
يمارس شن الغارات على الآخرين بهدف سلب أموالهم، على عادة العرب في
زمانه؟!
أو هل كلف هذه السرية بمهمة إرشاد ودعوة هؤلاء القوم
إلى الإسلام، ولكن بهذه الطريقة التي لا يرضاها الله سبحانه، ولا يقرها
شرع ودين؟!
إن رواية ابن أبي زيد لم تستطع أن توضح لنا شيئاً من
ذلك.
([1])
البداية والنهاية (ط مكتبة المعارف) ج2 ص234 و(ط دار إحياء
التراث العربي) ج2 ص268 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص136 وعن عيون
الأثر ج2 ص160 والطبقات الكبرى ج2 ص123 وج4 ص275 وعن البداية
والنهاية ج4 ص268 وعن حياة الصحابة (باب الدعوة إلى الله وإلى
رسوله حب الدعوة) دعوة ابن أبي العوجاء، والسيرة النبوية لابن
كثير ج3 ص444.
([2])
السيرة الحلبية ج2 ص726 وتاريخ الخميس ج2 ص65 وعن البداية
والنهاية ج4 ص269 عن البيهقي، وعن عيون الأثر ج2 ص159.
([3])
المغازي للواقدي ج2 ص745 و 749 وتاريخ الخميس ج2 ص65 و 66
والسيرة النبويـة لابن كثير ج3 ص446 وعن البدايـة والنهاية ج4
ص269 = = وج7 ص128 ومكاتيب الرسول ج1 ص155 وسير أعلام النبلاء
ج1 ص529 والثقات ج3 ص101 وعن أسد الغابة ج2 ص93 وعن تاريخ
مدينة دمشق ج16 ص219 عن الواقدي، وفتوح البلدان ج1 ص93 والجوهر
النقي للمارديني ج9 ص79 والمستدرك للحاكم ج3 ص429 وشرح النهج
للمعتزلي ج6 ص319 عن الإستيعاب.
([4])
المغازي للواقدي ج2 ص745 وعن مسند أحمد ج4 ص199 والمستدرك
للحاكم ج3 ص297 ومجمع الزوائد ج9 ص351 والأحاديث الطوال ص40
وعن البداية والنهاية ج4 ص162 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج1
ص570 وعن السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص749 والسيرة النبوية
لابن كثير ج3 ص271.
([5])
المغازي للواقدي ج2 ص744 وكنز العمال ج13 ص371 ـ 374 وعن تاريخ
مدينة دمشق ج16 ص227 و 228 وعن البداية والنهاية ج4 ص272 و 273
والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص451 و 452.
([6])
تاريخ الخميس ج2 ص66 والطبقات الكبرى ج4 ص252 وج7
ص394
وعن تاريخ مدينة دمشق ج38 ص383.
([7])
المغازي للواقدي ج2 ص749 وتاريخ الخميس ج2 ص66 وعن تاريخ مدينة
دمشق ج16 ص228 والطبقات الكبرى ج3 ص189 وج7 ص268 وعن البداية
والنهاية ج2 ص238 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص453.
([8])
السيرة الحلبية ج2 ص726 والمغازي للواقدي ج2 ص746 و 750 وتاريخ
الخميس ج2 ص66 وعن أسد الغابة ج2 ص94 وتهذيب الأسماء واللغات.
([9])
تاريخ الخميس ج2 ص66.
([10])
الإصابة ج3 ص639 وعن فتح الباري ج8 ص170 والطبقات الكبرى ج4
ص130 وعن أسد الغابة ج5 ص92 وج6 ص484.
([11])
الإصابة ج3 ص639 وأسد الغابة ج5 ص92 و 93
والأعلام للزركلي ج8 ص123.
([12])
تاريخ الخميس ج2 ص66 الفايق في غريب الحديث ج1 ص293 وعن
البداية ج4 ص269 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص446 وسبل الهدى
والرشاد ج12 ص68 والإستيعاب ج1 ص151.
([13])
تاريخ الخميس ج2 ص66 والجامع لأحكام القرآن ج16 ص281 وعن اسد
الغابة ج2 ص93 وعن البداية ج4 ص163 و 272 والسيرة النبوية لابن
كثير ج3 ص272 و 450 والخلاف للطوسي ج4 ص327 وكنز العمال ج13
ص375 وعن تاريخ مدينة دمشق ج16 ص226.
([14])
قاموس الرجال ج4 ص145 وتاريخ الأمم والملوك ج3 ص66 و 78
والوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج1 ص17 والمسترشد في الإمامة
للطبري ص492 والبحار ج21 ص140 و 141 والنص والإجتهاد ص460 وعن
أسد الغابة ج3 ص316 وتاريخ اليعقوبي ج2 ص61 وعن البداية
والنهاية لابن كثير ج4= = ص359 وعن السيرة النبوية لابن كثير
ج3 ص593 ومعجم ما استعجم ج3 ص1005.
([15])
قاموس الرجال ج4 ص146 و 147 عن تاريخ الأمم والملوك ج3 ص278 و
279 والغدير ج7 ص159 وراجع: شرح النهج للمعتزلي ج17 ص204 ـ 206
والنص والإجتهاد ص119 و 123 وعن أسد الغابة ج4 ص295 و 296
ومعجم البلدان ج1 ص455 وعن البداية والنهاية ج6 ص354 و 355
والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ق2 ص73 والبحار ج30 ص476 و
477 و 491 و 493 والثقات ج2 ص169 وتاريخ مدينة دمشق ج16 ص274
وعن الإصابة ج2 ص218 وج5 ص560 و 561 والإستغاثة ج2 ص6 والكنى
والألقاب ج1 ص42 و 43 وبيت الأحزان ص104.
([16])
تاريخ الأمم والملوك ج2 ص580 والبداية والنهاية ج6 ص387.
([17])
الآية 14 من سورة النمل.
([18])
علل الشرايع (ط النجف) ص474 والبحار ج21 ص142 وج101 ص424
والأمالي للصدوق ص237 و 238 وأمالي الطوسي ص498 والبداية
والنهاية ج4 ص303 ومسند أحمد ج2 ص151 وسنن النسائي ج8 ص227
والكامل في التاريخ ج2 ص255 والسيرة النبوية لابن هشام ج4 ص70
و 71 وعن فتح الباري ج8 ص45 وعن صحيح البخاري ج5 ص203 وج4 ص122
وج8 ص92 وج9 ص91 وعن السيرة الحلبية ج3 ص222 وعن تاريخ الأمم
والملوك ج3 ص66 ومستدرك الوسائل ج18 ص366.
([19])
قاموس الرجال ج3 ص491 عن الطبري، والصراط المستقيم ج2 ص279
والغدير ج7 ص158 و 196 والبحار ج30 ص351 وعن تاريخ الأمم
والملوك ج2 ص503 و 504.
([20])
كنز العمال ج13 ص369 عن ابن عساكر، والبداية والنهاية ج7 ص131
والغدير ج6 ص274 عن السيرة الحلبية ج3 ص220 وجامع الأحاديث
والمراسيل ج19 ص253 و 398 وعن تاريخ مدينة دمشق ج16 ص267.
([21])
الإصابة ج1 ص415 والإستيعاب (بهامش الإصابة) ج1 ص410 وعن تاريخ
مدينة دمشق ج16 ج16 ص269 وسير أعلام النبلاء ج1 ص367.
([22])
راجع: البداية والنهاية ج5 ص343 والإصابة ج1 ص والإستيعاب
(مطبوع مع الإصابة) ج1 ص407 وتاريخ الخميس ج2 ص66 وعن أسد
الغابة ج2 ص94 وشرح النهج للمعتزلي ج18 ص306 وراجع: الأعلام
للزركلي ج2 ص300 وتهذيب الأسماء واللغات (142) ترجمة خالد بن
الوليد، والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج2 ص755.
([23])
تاريخ الخميس ج2 ص66.
([24])
قاموس الرجال ج3 ص489 و 490 عن الطبري، وتاريخ الأمم والملوك
ج2 ص342 وفيه: أن خالداً اعترف بأن هذا هو السبب فيما فعله
بهم، والوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج1 ص17 والمسترشد ص385 و 492
والنص والإجتهاد ص460 والإرشاد للمفيد ج1 ص139 والبحار ج21
ص139 و 140 و 148 وعن أسد الغابة ج3 ص316 والمنمق لابن حبيب
ص217 وتاريخ اليعقوبي ج2 ص61 وعن البداية والنهاية ج4 ص359 وعن
السيرة النبوية لابن هشام ج4 ص884 وعن عيون الأثر ج2 ص211
والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص593 و 594 وجامع الأحاديث
والمراسيل ج19 ص395 و 536 وكنز العمال ج13 ص223 وعن تاريخ
مدينة دمشق ج16 ص234 وسير أعلام النبلاء ج1 ص370 وسبل الهدى
والرشاد ج6 ص202.
([25])
قاموس الرجال ج3 ص490 عن الطبري، وتاريخ الأمم والملوك ج2
ص342، والمعارف (ط سنة 1390 هـ) ص116 والإستيعاب (مطبوع مع
الإصابة) ج1 ص407 وعن البداية والنهاية ج6 ص355 والمبسوط
للسرخسي ج13 ص92 وج20 ص143 والمحلى ج8 ص166 والمسترشد ص491 ـ
493 وشـرح = = الأخبار ج1
ص309 و 310 والبحار ج21 ص142 و 143 وج31 ص330 والنص والإجتهاد
ص460 و 461 والفايق في غريب الحديث ج3 ص379 وعن تفسير القرآن
العظيم ج1 ص548 وعن أسد الغابة ج2 ص94 والمحبر ص124 وعن
البداية والنهاية ج4 ص358 وعن السيرة النبوية لابن هشام ج4
ص884 وكشف الغمة ج1 ص220 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص201 وغريب
الحديث ج1 ص372 والنهاية في غريب الحديث ج2 ص277 وج5 ص226
ولسان العرب ج8 ص135 و 460 وتاج العروس ج6 ص26.
([26])
الخصال ج2 ص299 والبحار ج21 ص222 و 223 وج31 ص632 و 633
ومكاتيب الرسول ج1 ص602 و 603 وكتاب سليم بن قيس ص155.
([27])
راجع: الإصابة ج3 ص2 عن الزبير بن بكار، والمغازي للواقدي ج2
ص742 ـ 750 والبداية والنهاية ج4 ص236 و 237 و 238 وراجع:
تاريخ الخميس ج2 ص66 والمستدرك للحاكم ج3 ص397 و 398 وموسوعة
التاريخ الإسلامي ج1 ص569 و 570 وعن السيرة النبوية لابن هشام
ج3 ص749 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص271 و 272 ومجمع
الزوائد ج9 ص351 وكنز العمال ج13 ص369 و 370 وعن تاريخ مدينة
دمشق ج16 ص226 وج46 ص122 و 123 وعن تاريخ الأمم والملوك ج2
ص314 وعن مسند أحمد ج5 ص222 وجامع الأحاديث والمراسيل ج19
ص398.
([28])
المغازي للواقدي ج2 ص749 و 750.
ونقله في مكاتيب الرسول ج3 ص126 عن:
الأموال لأبي عبيد ص201 وفي (ط أخرى) ص288 والطبقات الكبرى (ط
ليدن) ج2 ق1 ص25 وفي (ط دار صادر) ج1 ص272 وأسد الغابة ج1 ص170
في ترجمة بديل، ورسالات نبوية ص96 (عن ابن حجر والطبراني) وابن
أبي شيبة ج14 ص486 وكنز العمال ج4 ص276 (عن ابن سعد،
والباوردي، والفاكهي في أخبار مكة، والطبراني، وأبي نعيم)
وص310 (عن ابن أبي شيبة).
وراجع: والمعجم الكبير للطبراني ج2 ص15
بسندين، ومدينة البلاغة ج2 ص315 والأموال لابن زنجويه ج2 ص464
وأعيان الشيعة ج3 ص550 ومجمع الزوائد ج8 ص172 و 173 ومجموعة
الوثائق السياسة 275 و 276/172 (عن جمع ممن تقدم وعن) وسيلة
المتعبدين ج8 ص 28/ألف، ثم قال: قابل ابن عبد ربه ج2 ص76
والإستيعاب، وانظر: كايتاني ج8 ص21 واشبرنكر ج3 ص404 واشبربر
ص20.
ثم قال العلامة الأحمدي: وأوعز إليه كنز
العمال ج1 ص273 وجمهرة النسب لهشام الكلبي ص365 والإصابة ج1
ص149 و 646 في ترجمة بسر عن أبي شيبة، والطبراني، والفاكهي
وص141/641 وص321 في حرملة، وج2 ص504 والإستيعاب ج1 ص166 في
بديل، وص411 في خالد بن هوذة، ورسالات نبوية ص17 وأسد الغابة
ج1 ص398 وج2 ص97 وراجع: ثقات ابن حبان ج2 ص36 والإشتقاق ص476
والمفصل ج6 ص423 وج4 ص15 و 367.
([29])
مكاتيب الرسول ج3 ص125 ـ 137.
([30])
مكاتيب الرسول ج3 ص 137 عن المعجم الكبير ج2 ص15 ومدينة البلاغة ج2 ص315
وراجع: مجمع الزوائد ج8 ص173 وعن أسد الغابة ج1 ص197 وعن
الإصابة ج1 ص410.
([31])
مكاتيب الرسول ج3 ص 137والمعجم الكبير ج2 ص30 ومجمع الزوائد ج8
ص173.
([32])
راجع: الإصابة ج2 ص466 وج1 ص321 والإستيعاب ج2 ص161 وج1 ص361
والجمهرة للكلبي ص365، وأسد الغابة ج1 ص398 وجمهرة أنساب العرب
لابن حزم ص281 وإكمال الكمال ج3 ص264 ومكاتيب الرسول ج1 ص338 و
609.
([33])
الطبقات الكبرى (ط ليدن) ج1 ق2 ص25 وفي (ط دار صادر) ج1 ص272
وعن تاريخ مدينة دمشق ج41 ص145 ومكاتيب الرسول ج3 ص129.
([34])
الآية 54 من سورة الأنعام.
([35])
الآية 46 من سورة الأعراف.
([36])
الآية 10 من سورة يونس، وراجع الآية 12 من سورة إبراهيم.
([37])
الآية 24 من سورة الرعد.
([38])
الآية 69 من سورة هود.
([39])
الآية 24 من سورة التوبة.
([40])
الآية 12 من سورة التوبة.
([41])
الآية 6 من سورة الكهف.
([42])
الآية 8 من سورة فاطر.
([43])
المغازي للواقدي ج2 ص750 ـ 752 وروي أيضاً عن ابن إسحاق،
والإصابة ج3 ص184 عن مسند أحمد، عن مسلم بن عبد الله الجهني،
وتاريخ الخميس ج2 ص67 والبحار ج21 ص49 عن الكامل في التاريخ،
والسيرة الحلبية ج3 ص188 و 189 وراجع: الآحاد والمثاني ج5 ص55
و 56 وعن تاريخ الأمم والملوك ج2 ص311 و 312 وعن البداية
والنهاية ج4 ص253 و 254 وعن السيرة النبوية لابن هشام ج4 ص1028
و 1029 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص420 و 421 وسبل الهدى
والرشاد ج6 ص137 ومجمع الزوائد ج6 ص202 و 203 وعن مسند أحمد ج4
ص508 والطبقات الكبرى لابن سعد ج2 ص124.
([44])
الآحاد والمثاني ج5 ص55 و 56 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص137.
([45])
الإصابة ج3 ص184 وسبل الهدى والرشاد ج3 ص393.
([46])
السيرة الحلبية ج3 ص189.
([47])
السيرة الحلبية ج3 ص189 والطبقات الكبرى ج2 ص125 وعن عيون
الأثر ج2 ص162 وسبل الهدى وارشاد ج6 ص137.
([48])
السيرة الحلبية ج3 ص189.
([49])
تاريخ الخميس ج2 ص67 والبحار ج21 ص46 ومستدرك سفينة البحار ج5
ص209 وتاريخ خليفة بن خياط ص56 والمنتخب من ذيل المذيل ص103
وعن البداية والنهاية ج4 ص431 وج5 ص219 والسيرة النبوية لابن
كثير ج3 ص710 وج4 ص590 والطبقات الكبرى ج8 ص141 و 218 والجامع
لأحكام القرآن ج14 ص167 وعن تاريخ مدينة دمشق ج3 ص228.
([50])
البحار ج21 ص46 و 47 وسنن النسائي ج6 ص150 وعن السنن الكبرى
للنسائي ج3 ص355 والمعجم الأوسط ج3 ص337 والطبقات الكبرى لابن
سعد ج8 ص141 والثقات ج3 ص83 وعن الإصابة ج8 ص273 والمنتخب من
ذيل المذيل ص102 وسبل الهدى والرشاد ج11 ص228.
([51])
راجع: سنن الدارقطني ج4 ص19 والمجموع ج17 ص105 والمحلى ج10
ص187 وسبل السلام ص178 ونيل أوطار ج7 ص30 وفقه السنة ج2 2254
وسنن ابن ماجة ج1 ص661 والمستدرك للحاكم ج4 ص35 والسنن الكبرى
للبيهقي ج7 ص39 و 72 و 342 ومجمع الزوائد ج9 ص252 والمنتقى من
السنن المسندة ص184 وصحيح ابن حبان ج10 ص83 والمعجم الكبير ج22
ص447 وكنز العمال ج12 ص140 وج13 ص710 وعن تاريخ مدينة دمشق ج3
ص184 وعن أسد الغابة ج5 ص397 وسير أعـلام النبلاء ج2 = = هامش
ص255 وعن الإصابة ج8 ص9 وعن البداية والنهاية ج5 ص317 و 319
والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص587 و 589 وسبل الهدى والرشاد
ج10 ص421 وج11 ص222 وتفسير السمرقندي ج3 ص63 وعن صحيح البخاري
(دار إحياء التراث) ج10 ص447 وجامع الأحاديث والمراسيل ج6 ص66
وج18 ص253 ومنتقى ابن الجارود ج1 ص301 وعن بلوغ المرام ج1 ص214
وسبل السلام ج3 ص1429 وعن فتح الباري ج10 ص447 وعمدة القاري
ج20 ص229 وعن زاد المعاد ج1 ص2121.
([52])
سبل الهدى والرشاد ج6 ص143.
([53])
راجع: المغازي للواقدي ج2 ص752 و 753 وتاريخ الخميس ج2 ص70
وسبل الهدى والرشاد ج6 ص143 والبحار ج21 ص50 وكنز العمال ج10
ص600 = = والطبقات الكبرى ج2 ص127 و 128 وعن تاريخ مدينة دمشق
ج2 ص5 وج50 ص149 و 150 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص454 وسبل
الهدى والرشاد ج6 ص143 وعن البداية والنهاية ج4 ص274 وعن عيون
الأثر ج2 ص164 وعمدة القاري ج14 ص308 وحياة الصحابة، باب
الدعوة إلى الله.
([54])
المغازي للواقدي ج2 ص753 و 754 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص142
وتاريخ الخميس ج2 ص70 والطبقات الكبرى ج2 ص127 وعن عيون الأثر
ج2 ص164 وراجع: السيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج3 ص198 وعن
البداية والنهاية ج4 ص273 و 274 والسيرة النبوية لابن كثير ج3
ص453.
([55])
المغازي للواقدي ج2 ص753 و 754 وراجع: ما عن البداية والنهاية
ج4 ص274 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص453.
([56])
المغازي للواقدي ج2 ص754.
([57])
وفاء الوفاء ج4 ص1240 والطبقات الكبرى ج2 ص127 وسبل الهدى
والرشاد ج6 ص142 والتنبيه والإشراف ص230 وعن عيون الأثر ج2
ص164 وراجع معجم البلدان أيضاً.
|