سرايا
حدثت.. إلى فتح مكة
وفي أول شهر رمضان سنة ثمان أراد رسول الله
«صلى الله عليه وآله»
التوجه الى مكة لفتحها، بعث أبا قتادة الحارث بن ربعي في ثمانية نفر
إلى بطن إضم([1])،
ليظن ظان أن رسول الله
«صلى الله عليه وآله»
توجه إلى تلك الناحية، ولأن تذهب بذلك الأخبار([2]).
وقال بعضهم:
بعثنا رسول الله
«صلى الله عليه وآله»
إلى إضم [في نفر من المسلمين]، أميرنا أبو قتادة الحارث بن ربعي، وفينا
محلم بن جثامة الليثي، وأنا. فخرجنا حتى إذا كنا ببطن إضم مر بنا عامر
بن الأضبط الأشجعي على قعود له، ومعه مُتَيِّع له، ووطب من لبن.
قال:
فلما مر بنا سلم علينا بتحية الإسلام فأمسكنا عنه، وحمل
عليه محلم بن جثامة فقتله لشيء كان بينه وبينه، وسلبه بعيره ومتيعه.
فلما قدمنا على رسول الله «صلى الله عليه وآله»
وأخبرناه الخبر نزل فينا:
{يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ الله
فَتَبَيَّنُواْ وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ
لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِندَ
الله مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ..}([3]).
فانصرف القوم ولم يلقوا جمعاً،
حتى انتهوا
إلى
ذي خشب. فبلغهم
أن
رسول الله «صلى الله عليه وآله» قد توجه
إلى
مكة،
فأخذوا على بيبن حتى لحقوا برسول الله «صلى الله عليه وآله» بالسقيا([4]).
فقال النبي «صلى الله عليه وآله»
لمحلم:
«أقتلته بعد ما قال آمنت بالله»؟
وفي حديث ابن عمر، والحسن:
فجاء محلم في بردين، فجلس بين يدي رسول الله (ليستغفر له)، فقال «صلى
الله عليه وآله»: «أقتلته بعد ما قال إني مسلم»؟
قال:
يا رسول الله،
إنما
قالها متعوذاً.
قال «صلى الله عليه وآله»:
«أفلا شققت عن قلبه»؟
قال:
لم يا رسول الله؟
قال:
«لتعلم أصادق هو أم كاذب».
قال:
وكنت عالماً
بذلك يا رسول الله. هل قلبه
إلا
مضغة من لحم؟
قال رسول الله «صلى الله عليه
وآله»:
«إنما
كان ينبئ عنه لسانه».
وفي رو اية:
فقال رسول الله «صلى الله عليه وآله»: «لا ما في قلبه
تعلم،
ولا لسانه صدقت».
فقال:
استغفر لي يا رسول الله.
فقال:
«لا غفر الله لك».
فقام وهو يتلقى دموعه ببرديه. فما مضت سابعة حتى مات([5]).
وفي حديث ابن إسحاق:
فما لبث أن مات، فحفر له أصحابه، فأصبح وقد لفظته
الأرض، ثم عادوا وحفروا له، فأصبح وقد لفظته الأرض إلى جنب قبره([6]).
قال الحسن:
لا أدري كم قال أصحاب رسول الله
«صلى الله عليه وآله»
كم دفناه، مرتين، أو ثلاثاً؟!([7]).
وفي حديث جندب، وقتادة:
أما ذلك فوقع ثلاث مرات، كل ذلك لا تقبله الأرض، فجاؤوا
رسول الله «صلى الله عليه وآله» فذكروا ذلك له، فقال: «إن الأرض تقبل
من هو شر من صاحبكم، ولكن الله تعالى [يريد أن] يعظكم»، فأخذوا برجليه
فألقوه في بعض الشعاب، وألقوا عليه الحجارة.
وسيأتي في غزوة حنين حكومته
«صلى الله عليه وآله»
بين عيينة بن حصن، والأقرع بن حابس في دم عامر بن
الأضبط([8]).
نقول:
إن لنا مع هذا الذي ذكروه وقفات، نذكرها في ضمن
العناوين التالية:
إن الذي يقرأ ما تقدم يحتاج إلى إضافات وتوضيحات تفيده
في استكمال ملامح صورة ما جرى، فيحتاج إلى أن يقال له: إن تلك السرية
تبدو وكأنها سرية استطلاعية للجيش الكبير المجتمع، الذي يريد التحرك
نحو مقصد لم يفصح عنه قائده..
فإذا كانت السرية الاستطلاعية قد توجهت إلى هدف مَّا،
فمن الطبيعي أن يظن المراقب للأحداث أن الهدف هو التمهيد، ورصد الطرق
والمسالك التي سيسلكها ذلك الجيش، أو يمر بالقرب منها. لكي لا تفاجئه
كمائن العدو بهجمات قد تؤثر على تماسكه، وعلى معنوياته..
وربما يكون الهدف من السرايا الاستطلاعية هو تحديد
الهدف الأقصى، الذي يراد تسديد الضربة القوية له..
ويظهر من ثنايا النصوص التي
نقلناها:
أن أبا قتادة ومن معه ما كانوا يعلمون إلى أين سيتوجه
النبي
«صلى الله عليه وآله»..
ولذلك قال:
فلما انتهوا إلى ذي خشب بلغهم: أن رسول الله «صلى الله
عليه وآله» قد توجه إلى مكة، فلحقوا به.
وهذا معناه:
أنه «صلى الله عليه وآله» قد مارس أقصى درجات الحيطة والحذر، حتى إن
نفس سراياه كانوا لا يعلمون بالهدف الذي يريد توجيه الضربة إليه، ولا
يعلمون بخطته الحربية، ولا بمقاصد تحركاته، حتى بعناوينها العامة..
وبذلك يكون قد أعطى درساً عملياً فيما يرتبط بالأسرار
الحربية، على قاعدة ما روي عن أميرالمؤمنين في قوله لأصحابه: «إن لكم
عليَّ
أن لا أخفي عنكم سراً إلا في حرب»([9]).
قلنا في بعض المواضع من هذا الكتاب:
إن
رسول الله «صلى الله عليه وآله» كان يريد أن يفتح مكة من دون إراقة
محجمة من دم فيها، وذلك حفاظاً
منه «صلى الله عليه وآله» على قدسية البيت الحرام، الذي يريده الله
حرماً آمناً، حتى حين يتخطف الناس من حوله.
فكان أن انتهج سياسة تعرِّف
أولئك الطغاة،
بقوة الإسلام الحقيقية، وتزيل عن أعينهم غشاء الغرور والعنجهية،
ليروا الحقائق على ما هي عليه، بعيداً عن التحجيم تارة، وعن التضخيم
أخرى..
حتى إذا ا تضح لهم ذلك دب الرعب في قلوبهم، ولم يجدوا
عن التراجع عن
تلك
المواقف المخزية محيصاً، وبذلك يتابع الإسلام مسيرته الظافرة،
ويمارس حقه الطبيعي في الدعوة إلى الله تعالى.
وهذا بالذات هو ما عناه رسول الله «صلى الله عليه وآله»
بقوله:
«نصرت
بالرعب».
وحين كان «صلى الله عليه وآله» من جهة أخرى يمارس
أسلوب
المفاجأة، فإنما كان يريد أن يظهر جانباً آخر من قوة الإسلام، من حيث
أن أسلوب
الحرب،
وطبيعة الحركة فيها
من شأنه أن
يضيف المزيد من القدرات المؤثرة في إضعاف العدو، وفي هزيمته الروحية،
وفي زيادة
اندفاع
القوات المهاجمة له، التي تريد تحقيق النصر عليه..
ولذلك بعث رسول الله «صلى الله عليه وآله» أبا قتادة في
ثمانية نفر إلى بطن إضم،
ليظن ظان أن رسول الله «صلى الله عليه وآله» يفكر في التحرك بذلك الاتجاه.
أو أنه يفكر في معالجة القضايا القريبة منه،
وليس
له
همة
فيما هو أبعد من ذلك.
حتى إذا اطمأن العدو، وانصرف ليفكر في شأن آخر، باغته
رسول الله «صلى الله عليه وآله» بجيش قد لا يجرؤ أو لا يقدر على
مواجهته حتى وهو في أقصى
درجات الاستعداد،
فكيف يواجهه في حال الغفلة والاستنامة..
بل إنه حتى لو كان العدو ملتفتاً إلى حركة رسول الله
«صلى الله عليه وآله» باتجاه مواقعه، فإن شعوره بأن
النبي
«صلى الله عليه وآله»
قادر على فتح أكثر من جبهة في آن واحد، حتى لو كانت إحدى هذه الجبهات
هي أعتى قوى الشرك في الحجاز كله، فإن ذلك سيفسح المجال لخياله ليسرح
في آفاق القدرات التي توفرت لرسول الله
«صلى الله عليه وآله»،
الذي جُرِّبَتِ الحرب معه مرات ومرات، وخسرها كل من جربها.
وقد زعموا:
أن النبي
«صلى الله عليه وآله»
قد رفض أن يستغفر لابن جثامة وأن الأرض قد لفظته.
ونقول:
إننا نتحفظ على قولهم هذا:
فأولاً:
قد قيل: إن رسول الله
«صلى الله عليه وآله»
قد استغفر له بعد دعائه عليه([10]).
ثانياً:
إن ابن جثامة قد مات بحمص أيام ابن الزبير([11]).
ثالثاً:
إنهم يقولون: إن رجلاً لفظته الأرض اسمه فليت([12]).
فلعلهم استعاروا هذه الحادثة من ذلك الرجل واتحفوا بها ابن جثامة
لأسباب لا يهمنا التعرف عليها.
رابعاً:
لماذا يستغفر النبي
«صلى الله عليه وآله»
لأسامة، كما يدعون، ويرفض أن يستغفر لابن جثامة؟!
ما معنى أن يطلب
«صلى الله عليه وآله»
من الله أن لا يغفر لابن جثامة، الذي كان يبكي، ويظهر الندامة، مع أن
الله قد أرسله رحمة للعالمين. ومع أنه قد كان يمكنه أن يجري عليه
الأحكام الشرعية التي تتعلق بالقاتل، إن وجده مداناً فيما أقدم عليه.
ثم إن الله هو الذي يتولى حسابه على نواياه، إن كان
صادقاً في توبته، أو غير صادق فيها.
ويلاحظ هنا:
أن هذه القصة تشبه في عناصرها، وسياقاتها قصة أسامة بن
زيد، التي تقدم الحديث عنها في الجزء السابق من هذا الكتاب.
فكيف لم يتعظ محلم بن جثامة بما جرى لأسامة؟!
وهل يمكن أن نعتبر أن الشدة التي أظهرها النبي الكريم
«صلى الله عليه وآله» على محلم بن جثامة، ترجع إلى أن ما جرى لأسامة
كان يجب أن يردع ابن جثامة وغيره عن ارتكاب نفس المخالفة، فضلاً عن أن
يقدم نفس العذر.
قد أورد الواقدي سرية أبي قتادة إلى خضرة، وابن أبي
حدرد إلى الغابة في سياق واحد، معتبراً إياهما سرية واحدة..
لكنه في السيرة الحلبية جعلهما سريتين.
ونحن لا نريد أن نبذل المزيد من الجهد في تحقيق ذلك،
ولاسيما بملاحظة ما يرد على كثير من المواضع فيهما من الإشكالات التي
تزيد في وهنهما، وإبعادهما عن درجة الاعتماد..
غير أن لنا الحق في أن نقدم تصوراً لما جرى، ربما يكون
قادراً على حل الإشكال فيما يرتبط بوحدة القضية أو تعددها.. وهو: أن
يكون ابن أبي حدرد ورجلان آخران قد كلفوا بمهمة قتل رفاعة بن قيس،
فوافق ذلك مسير أبي قتادة، فضمهم إليه.. فأنجز ابن أبي حدرد ما كلفه به
الرسول، في طريق الذهاب أو العودة، وشارك في سرية أبي قتادة، فأصاب ما
أصاب من الغنائم في السريتين.. ولأجل ذلك آثرنا الفصل بينهما، وكأنهما
سريتان مستقلتان.
ولكن المهم هو إثبات أصل وجود كثير من هذه السرايا،
ومنها سرية أبي قتادة، وسرية قتل ابن أبي حدرد لرفاعة.. فضلاً عن لزوم
إثبات توافق المواقع والمواضع التي يقيم فيها هؤلاء وأولئك، وإمكانية
الإلتقاء في طرقها ومسالكها.
إذ لو كانت هذه القبيلة أو الموقع في الشرق، وذاك في
الغرب، فإن هذا التصور يسقط عن الاعتبار.
غير أن علينا هنا أن نذكر ما ذكروه، ثم نشير إلى مواضع
النظر فيما زعموه، فنقول:
إننا نورد النصوص التي تتحدث عن هذه القضية وتلك أولاً،
ثم نعقب عليها بما يقتضيه المقام.. فلاحظ ما يلي:
عن عبد الله بن أبي حدرد الأسلمي
قال:
تزوجت ابنة سراقة بن حارثة النجاري وقد قتل ببدر، فلم
أصب شيئاً من الدنيا كان أحب إلي من نكاحها، وأصدقتها مائتي درهم، فلم
أجد شيئاً أسوقه إليها، فقلت: على الله تعالى ورسوله
«صلى الله عليه وآله»
المعول.
فجئت رسول الله «صلى الله عليه
وآله» فأخبرته، فقال:
«كم سقت إليها»؟
فقلت:
مائتي درهم يا رسول الله.
فقال:
«سبحان
الله، والله لو كنتم تغترفونه من ناحية بطحان ـ وفي رواية ـ
«لو
كنتم تغترفون الدراهم من واديكم هذا ما زدتم».
فقلت:
يا رسول الله أعنِّي على صداقها.
فقال رسول الله «صلى الله عليه
وآله»:
«ما
وافقت عندنا شيئاً أعينك به، ولكن قد أجمعت أن أبعث أبا قتادة في أربعة
عشر رجلاً في سرية، فهل لك أن تخرج فيها؟ فإني أرجو أن يغنمك الله مهر
امرأتك.
فقلت:
نعم([13]).
وفي حديث محمد بن عمر، وأحمد. واللفظ للأول: فخرجنا،
ومعنا سلاحنا من النبل والسيوف، فكنا ستة عشر رجلاً بأبي قتادة، وهو
أميرنا. فبعثنا رسول الله
«صلى الله عليه وآله»
إلى غطفان نحو نجد.
فقال رسول الله «صلى الله عليه
وآله»:
«سيروا
الليل، واكمنوا النهار، وشنوا الغارة، ولا تقتلوا النساء والصبيان».
قال:
فخرجنا حتى جئنا ناحية غطفان([14]).
وفي حديث أحمد:
فخرجنا حتى جئنا الحاضر ممسين، فلما ذهبت فحمة العشاء،
قال محمد بن عمر، قال: وخطبنا أبو قتادة، وأوصانا بتقوى الله تعالى.
وألَّف بين كل رجلين، وقال:
«لا
يفارق كل رجل زميله حتى يقتل أو يرجع إلي فيخبرني خبره، ولا يأتين رجل
فأسأله عن صاحبه، فيقول: لا علم لي به، وإذا كبرت فكبروا، وإذا حملت
فاحملوا، ولا تمعنوا في الطلب».
فأحطنا بالحاضر، فسمعت رجلاً يصرخ:
يا خضرة، فتفاءلت وقلت: لأصيبن خيراً، ولأجمعن إلي
امرأتي، وقد أتيناهم ليلاً.
قال:
فجرد أبو قتادة سيفه وكبر، وجردنا سيوفنا وكبرنا معه،
فشددنا على الحاضر وقاتلنا رجالاً، وإذا أنا برجل طويل قد جرد سيفه وهو
يمشي القهقري، مرة يقبل علي بوجهه، ومرة يدبر عني بوجهه، كأنه يريد أن
يستطردني فأتبعه، ثم يقول: يا مسلم، هلم إلى الجنة فأتبعه.
ثم قال:
إن صاحبكم لذو مكيدة، أمره هذا الأمر. وهو يقول: الجنة
الجنة. يتهكم بنا.
فعرفت أنه مستقتل، فخرجت في أثره،
وناديت:
أين صاحبي؟
فقال:
لا تبعد، فقد نهانا أميرنا عن أن نمعن في الطلب،
فأدركته، وملت عليه فقتلته، وأخذت سيفه.
وقد جعل زميلي يناديني أين تذهب؟ إني والله إن ذهبت إلى
أبي قتادة فسألني عنك أخبرته.
قال:
فلقيته قبل أبي قتادة.
فقلت:
أسأل الأمير عني؟
قال:
نعم، وقد تغيظ علي وعليك.
وأخبرني أنهم قد جمعوا الغنائم، وقتلوا من أشرافهم.
فجئت أبا قتادة فلامني، فقلت:
قتلت رجلاً كان من أمره كذا وكذا، وأخبرته بقوله كله.
ثم سقنا النعم، وحملنا النساء وجفون السيوف معلقة
بالأقتاب، فأصبحت وبعيري مقطور بامرأة كأنها ظبي. فجعلت تكثر الالتفات
خلفها وتبكي، فقلت: إلى أي شيء تنظرين؟
قالت:
أنظر والله إلى رجل لئن كان حياً لاستنقذنا منكم.
فوقع في نفسي أنه هو الذي قتلت.
فقلت:
قد والله قتلته، وهذا والله سيفه معلق بالقتب.
قالت:
فألق إلي غمده.
فقلت:
هذا غمد سيفه.
قالت:
فشِمْه إن كنت صادقاً.
قال:
فشِمْته فطبق.
قال:
فبكت، ويئست([15]).
وعن ابن عمر قال:
بعث رسول الله «صلى الله عليه
وآله» سرية قبل نجد، فخرجت فيها، فغنمنا إبلاً وغنماً كثيرة، فبلغت
سهماننا اثني عشر بعيراً، فنفلنا أميرنا بعيراً بعيراً كل إنسان، ثم
قدمنا على رسول الله «صلى الله عليه وآله»، فقسم علينا غنيمتنا، فأصاب
كل رجل منا اثنا عشر بعيراً بعد الخمس، وما حاسبنا رسول الله «صلى الله
عليه وآله» بالذي أعطانا صاحبنا، ولا عاب عليه ما صنع([16]).
وفي رواية:
نفلنا رسول الله
«صلى الله عليه وآله»
بعيراً بعيراً، فكان لكل إنسان ثلاثة عشر بعيراً([17]).
قال عبد الله بن أبي حدرد:
فأتينا رسول الله
«صلى الله عليه وآله»،
وجئت برأس رفاعة أحمله معي، فأعطاني رسول الله
«صلى الله عليه وآله»
من تلك الإبل ثلاثة عشرة بعيراً، فدخلت بزوجتي، ورزقني
الله خيراً كثيراً([18]).
وعند محمد بن عمر، عن جعفر بن عمر:
وقالوا: غابوا خمس عشرة ليلة، وجاؤوا بمائتي بعير، وألف
شاة، وسبوا سبياً كثيراً، وجمعوا الغنائم، فأخرجوا الخمس، فعزلوه،
وعُدِل البعير بعشر من الغنم([19]).
قال الدياربكري:
فقتل من أشرافهم، وسبى سبياً
كثيراً، واستاق النعم، فكانت الأبل مائتي بعير، والغنم ألفي شاة، وكانت
غيبته خمس عشرة ليلة([20]).
ونقول:
والذي لا مجال للإغماض عنه:
هو أن النبي «صلى الله عليه وآله» قد استكثر المهر الذي
أعطاه ابن أبي حدرد لزوجته، ووجه له ما يشبه اللوم لمجرد أنه أصدق
زوجته ماءتي درهم..
ونقول:
1 ـ
إن النبي نفسه
«صلى الله عليه وآله»
قد أصدق زوجاته ـ كما يقول هؤلاء أنفسهم ـ ضعف هذا المبلغ أو أزيد من
ذلك.. فلماذا يعترض على غيره في أمر هو قد سنه للناس؟! وللناس في رسول
الله
«صلى الله عليه وآله»
أسوة حسنة..
2 ـ
على أن ما يزعم أنه قد قاله لابن أبي حدرد:
«لو كنتم تغترفون الدراهم من واديكم هذا ما زدتم»،
غير ظاهر الوجه على المستوى العملي، فإن عمر بن الخطاب قد أمهر زوجته
أم كلثوم أربعين ألف درهم، أو عشرة آلاف دينار، أو أربعين ألف دينار([21]).
ثم زادت المهور، وتنامت حتى بلغت مئات الألوف
والملايين. وحديث زواج بوران بنت الفضل بن سهل بالمأمون، وما أنفق في
زفافها، وما جُعِل نحلة لها، مما لا يجهله أي مطلع على كتب التاريخ([22]).
3 ـ
قد أحل الله سبحانه أن يعطي الرجل للمرأة من المهر ما
شاء.
وإن كان يستحب تقليل المهر..
ولكن
لا يلام ولا يجبه من لم يعمل بالمستحب..
4 ـ
إن
مقدار المهر وخصوصياته
قد تفرضه ظروف خارجة عن اختيار الزوج، وقد يكون منها
رغبة الزوجة،
أو رغبة أهلها بتكثير المهر لأسباب خاصة بهم.. فلا
يستحق الزوج هذا التأنيب أو اللوم،
إلا إذا ثبت أنه هو قد بادر إلى ذلك على سبيل المباهاة،
أو الشطط..
وقد ذكرت تلك الرواية:
أن المسلمين أغاروا على القوم ليلاً.. مع أنه قد تقدم:
أن رسول الله
«صلى الله عليه وآله»
ما بيت عدواً ليلاً..
فإذا كان هو لم يفعل ذلك تنزهاً عنه، فهل يسمح به
لسراياه وبعوثه؟!
والذي يثير الشبهة أيضاً هذه الغنائم الكثيرة، التي
بلغت ألفي شاة، وماءتي بعير، بل أكثر، بالإضافة إلى الأسرى والسبايا،
هو أن الغانمين كانوا ستة عشر رجلاً فقط.. فكيف استطاعوا أن يحافظوا عل
كل هذه الغنائم، وكل هذا السبي من محاولات أصحابها، استرجاعها، أو
اقتطاع جزء أو أجزاء منها، من أي جهة أرادوا..
فإن ستة عشر رجلاً إذا تفرقوا حول ذلك الحشد العظيم من
الغنائم وغيرها، وصاروا أفراداً متباعدين حولها، فإن هجوم أي جماعة من
أية جهة كانت، سوف يكون ناجحاً في استعادة ذلك السلب والسبايا، أو في
استعادة كثير منه.
علماً بأن كثرة هذه الإبل والغنم، إن لم تكن تشير إلى
كثرة المالكين لها، فإن مجرد كونهم من قبائل غطفان يكفي على هذه الكثرة
فيهم، ومعها الجرأة أيضاً..
فقد عرفنا:
أن عيينة بن حصن الغطفاني كان يتحرك في المنطقة كلها من
منطلق كونه قوة رئيسة فيها، حتى لقد كان المناوئون للإسلام يعرضون عليه
أثماناً باهظة جداً، إذا نصرهم بالألوف من الغطفانيين الذين كانوا تحت
أمره وبأمرته.
إذن..
فكيف يمكن أن نتصور ستة عشر رجلاً يغيرون على غطفان،
وهي في بلاد بعيدة عن المدينة ـ حتى لقد غاب المسلمون في سريتهم إليها
خمس عشرة ليلة ـ ثم يأخذون سبايا وغنائم بهذا الحجم العظيم، ولا يبادر
الأهل والأصحاب، وأهل النجدة من تلك القبيلة لنجدة من حل بهم المصاب؟!
واسترجاع كل أو بعض ما أخذ من سبايا، وأسلاب؟! خصوصاً مع طول المسير،
وليس للمغيرين ظهير ولا مجير، ولا محام ولا نصير!!
وإذا كانت الغنائم والسبايا بهذه الكثرة، فإن الدائرة
التي يكون فيها الحاضر متسعة، فكيف أحاط ستة عشر رجلاً بهم فيها؟! وكيف
تعرَّف بعضهم على بعض؟.. وكيف؟.. وكيف؟..
وقد صرحت الروايات المتقدمة:
بأن هجوم أبي قتادة ومن معه كان ليلاً، بعد ان ذهبت
فحمة العشاء، (أي ذهب إقباله وأول سواده([23]))..
فكيف رأى ابن أبي حدرد الرجل الطويل، وقد جرد سيفه؟! وكيف رآه يمشي
القهقري، ومرة يقبل عليه بوجهه، ومرة يدبر عنه بوجهه؟!
وإذا كان هو قد طارد ذلك الرجل الطويل، وترك صاحبه،
فلماذا يتركه صاحبه؟! أو لماذا يترك هو صاحبه؟! وإذا كان يراه يذهب كما
تقول الراوية، فلماذا لم يلحق به؟!
ثم إننا لا نستطيع أن نتجاهل ذلك الإنطباع غير المحمود،
الذي تتركه الطريقة التي يزعمون أن النبي
«صلى الله عليه وآله»
قد عالج بها مشكلة ابن أبي حدرد، من حيث أنه اعتمد في ذلك على الغنائم
التي سوف تحصل عليها تلك السرية، وكأن همه
«صلى الله عليه وآله»
منصرف إلى حل المشكلات بهذا الأسلوب.. وكأن سراياه كانت سرايا تحصيل
أموال، وحصول على سبايا وغنائم..
ونحن لا نشك في عدم صحة ذلك، وأنه لا يمكن أن يكون ذلك
محط اهتمامات رسول
«صلى الله عليه وآله»،
ولا هو مما يرتكز إليه في وعوده المالية.. بل كان همه
«صلى الله عليه وآله»
هو الدعوة إلى الله. وتحصين المسلمين، وحفظهم من كيد اعدائهم،
والمتربصين بهم..
هذا وقد رووا عن عبد الله بن أبي
حدرد:
أن رسول الله
«صلى الله عليه وآله»
كان قد وعد محمية بن جزء الزبيدي بجارية من أول فيء يفيء الله به. فلما
رجع أبو قتادة بالغنائم والسبي التي أخذها من غطفان، في أرض محارب، جاء
محمية بن جزء إلى رسول الله
«صلى الله عليه وآله»
وقال: يا رسول الله، إن أبا قتادة قد اصاب جارية وضيئة، وقد كنت وعدتني
جارية من أول فيء يفيء الله به عليك.
فأرسل رسول الله
«صلى الله عليه وآله»
إلى أبي قتادة، وقال: هب لي الجارية، فوهبها له، فأخذها ودفعها إلى
محمية بن جزء([24]).
ونقول:
1 ـ
لماذا يطلب النبي
«صلى الله عليه وآله»
من أبي قتادة أن يهبه الجارية، ولا يطلب منه أن يبيعها له؟! أليس ذلك
هو الأنسب، من حيث أنه لا تبقى لأحد منة على رسول الله
«صلى الله عليه وآله»؟!
وهو الأولى، من حيث تأكيد اليقين بطيب نفسه عن تلك الجارية الوضيئة،
والرضا بالمال الذي يحصل عليه كثمن لها؟!
2 ـ
لماذا اختار ذلك الرجل الموعود خصوص جارية أبي قتادة
الوضيئة، ولم يختر سواها؟!
أو فقل:
لماذا يفسح المجال لذلك الشخص ليعيِّن هو هذه الجارية
أو تلك؟ ولماذا لا يكتفي بمجرد مطالبة النبي
«صلى الله عليه وآله»
بالوفاء بوعده، باستخلاص أية جارية كانت من صاحبها، لكي يعطيه إياها؟
3 ـ
ألم يكن لرسول الله
«صلى الله عليه وآله»
الصفى من المغانم؟ أليس كان من الطبيعي أن تكون الجارية الوضيئة التي
قد يثور حولها خلاف حين الاقتسام، هي الصفى لرسول الله
«صلى الله عليه وآله»،
لينقطع بذلك دابر الخلاف فيها، ويزول الاحساس بالغبن، والتحاسد لدى
سائر المقاتلين الذين لم تكن تلك الجارية من نصيبهم؟!
4 ـ
إن ما يستوقفنا هنا أيضاً: أن غطفان لم تحاول اللحاق
بأولئك الذين قتلوا رجالها، وسبوا نساءها، واستاقوا نعمها وشاءها، وهم
خمسة عشر رجلاً فقط، مع أن مسيرهم طويل، وليس فيهم من يخشاه فوارس
غطفان، الذين كانوا يعدون بالمئات والألوف..
وفي هذه السنة كانت سرية عبد الله بن أبي حدرد الأسلمي
أيضاً، ومعه رجلان إلى الغابة، لما بلغه
«صلى الله عليه وآله»
أن رفاعة بن قيس يجمع لحربه، فذهب الرجال الثلاثة إلى رفاعة فقتلوه
وهزموا عسكره، وغنموا غنيمة عظيمة. حكاه مغلطاى([25]).
وعن عبد الله بن أبي حدرد أنه قال:
أقبل رجل اسمه رفاعة بن قيس، أو قيس بن رفاعة في بطن
عظيم من بني جشم، حتى نزل بقومه، وبمن معه الغابة، يريد أن يجمع قيساً
على حرب رسول الله
«صلى الله عليه وآله»،
وكان ذا اسم وشرف في جشم.
فدعاني رسول الله
«صلى الله عليه وآله»
ورجلين من المسلمين فقال:
«أخرجوا
إلى هذا الرجل، حتى تأتوني منه بخبر وعلم».
وقدم لنا شارفاً عجفاء، يحمل عليها أحدنا، فوالله ما
قامت به ضعفاً، حتى دعمها الرجال من خلفها بأيديهم، حتى استقلت، وما
كادت. ثم قال:
«تبلغوا
عليها واعتبقوها»([26]).
قال عبد الله بن أبي حدرد:
فخرجنا، ومعنا سلاحنا من النبل والسيوف، حتى إذا جئنا
قريباً من الحاضر (عشيشية)، مع غروب الشمس، كمنت في ناحية، وأمرت صاحبي
فكمنا في ناحية أخرى من حاضر القوم، وقلت لهما: إذا سمعتماني قد كبرت
وشددت في ناحية العسكر، فكبرا، وشدا معي.
قال:
فوالله إنا لكذلك ننتظر غرة القوم، أو أن نصيب منهم
شيئاً، غشينا الليل، فذهبت فحمة العشاء، وكان راعيهم قد أبطأ عليهم حتى
تخوفوا عليه. فقام صاحبهم رفاعة بن قيس، أو قيس بن رفاعة. فأخذ سيفه،
فجعله في عنقه، ثم قال: والله لأتبعن أثر راعينا هذا، فلقد أصابه شر.
فقال بعض من معه:
نحن نكفيك فلا تذهب.
فقال:
والله لا يذهب إلا أنا.
فقالوا:
ونحن معك.
قال:
والله لا يتبعني أحد منكم. وخرج حتى مر بي، فلما أمكنني
نفحته بسهم، فوضعته في فؤاده، فوالله ما تكلم، ووثبت إليه، فاحتززت
رأسه، وشددت في ناحية العسكر، وكبرت، وشد صاحباي وكبرا.
فوالله ما كان إلا النجاء ممن فيه:
عندك، عندك. بكل ما قدروا عليه من نسائهم وأبنائهم، وما
خف معهم من أموالهم، واستقنا إبلاً عظيمة، وغنماً كثيرة([27]).
ثم ذكر أنه جاء بالغنيمة إلى رسول الله فأعانه
«صلى الله عليه وآله»،
منها بثلاثة عشر بعيراً.
ونقول:
إن أكثر المفردات التي وردت في هذه السرية قد جاءت في
غير السياق الطبيعي، فلاحظ على سبيل المثال ما يلي:
1 ـ
إن راوي هذه الأحداث هو ابن أبي حدرد نفسه، وهو يدعي
أنه حقق بطولات نادرة، من شأنها أن تصبح حديث النوادي، للحاضر،
وللبادي، وأن يحتفي الناس ببطلها وبمساعديه، ويصبح الرجل المقدم على
الأقران، وأن نسمع الثناء عليه وعليهم من كل شفة ولسان، حتى من رسول
الله
«صلى الله عليه وآله»،
في ذلك الوقت، وفي كل عصر وزمان..
ولكن كل ذلك لم يكن..
2 ـ
إذا كان هناك جمع عظيم مجموع، ومستعد لحرب رسول الله
«صلى الله عليه وآله»،
وقد هزمه ثلاثة أشخاص فقط، فإن المتوقع من هذا الجمع العظيم، أن يعيد
الكرة على مهاجميه، بعد أن يعود إليه صوابه، وأن يلاحق الذين استاقوا
الأبل والشاء، وأن يراقب حركتهم، ويسعى إلى الانتقام لنفسه، ويستعيد
كرامته، ويستنقذ شرفه.
ولكن كل ذلك لم يكن أيضاً.
3 ـ
إن رسول الله
«صلى الله عليه وآله»
إنما أرسل ابن أبي حدرد ورفيقيه في مهمة محددة، وهي أن يأتوا من رفاعة
بن قيس بخبر، فما معنى أن يشنوا الغارة عليه، ويقتلوه، ولم يأمرهم رسول
الله
«صلى الله عليه وآله»
بذلك..
4 ـ
ما معنى أن يعطيهم رسول الله
«صلى الله عليه وآله»
في مهمتهم تلك التي تحتاج إلى النشاط والحركة السريعة، لكونها مهمة
استطلاع شارفاً واحداً؟. ثم أن تكون هذه الشارف عجفاء، أي لم تستطع أن
تقوم بواحد منهم لشدة ضعفها([28]).
5 ـ
لماذا أصر رفاعة على الخروج في طلب الراعي، ولم يوكل
ذلك إلى بعض قومه؟! ثم لماذا أصر أن يكون وحده؟! فهل كان غاضباً من
قومه، لائماً لهم على تقصيرهم؟!.
أم أن على الرئيس أن يتولى أمر تفقد رعاته، وأن يبحث
عنهم بنفسه؟!
6 ـ
لماذا حمل رأس قيس بن رفاعة معه إلى رسول الله
«صلى الله عليه وآله»؟!
وهل جرت عادة السرايا أن يأتوا برؤوس الناس إليه
«صلى الله عليه وآله»؟!
وما الذي قاله له رسول الله
«صلى الله عليه وآله»
في ذلك؟! هل قبله منه؟ أم اعترض عليه؟! أم سكت عنه؟!.
7 ـ
من هو الذي جمع هذا الجمع العظيم؟! هل هو قيس بن رفاعة؟
أم هو رفاعة بن قيس؟!..
وهل يكون مثلاً من يستطيع أن يجمع هذا الجمع نكرة
ومجهولاً إلى هذا الحد؟!
8 ـ
لماذا لم يذكر الرواة لنا عن هؤلاء الذين جمعهم رفاعة
بن قيس شيئاً، فلم تعرف قبائلهم، ولا عرفنا أحداً من الشخصيات التي
كانت معهم، أو في جملة قياداتهم..
9 ـ
قد ذكروا: أن ابن أبي حدرد زعم: أنه طلب من النبي«صلى
الله عليه وآله»
أن يعينه في مهر زوجته، فأرسله في هذه السرية، وأعانه
«صلى الله عليه وآله»
بثلاثة عشر بعيراً في صداق زوجته([29]).
ثم ذكروا:
أنه حين طلب منه
«صلى الله عليه وآله»
المعونة في ذلك: أرسله مع أبي قتادة في سرية فحصل على ما أراد، فقد روي
عن ابن أبي حدرد نفسه أنه قال:
«لما
طلبت منه
«صلى الله عليه وآله»
الإعانة في مهر زوجتي. قال لي: ما وافقت عندنا شيئاً أعينك به، ولكن قد
أجمعت أن أبعث ابا قتادة في أربعة عشر رجلاً في سرية، فهل لك أن تخرج
فيها».
ثم ذكر خروجه معهم، وأنه قتل ذلك الرجل الذي صار يتهكم
به، وأنه رأى في السبي إمرأة كأنها ظبي، تبين له أنها هي صاحبة ذلك
الرجل الذي كان قد قتله، فراجع([30]).
ويلاحظ: أن ثمة تشابهاً في مقدار الغنيمة، بين هذه
السرية والسرية التي قبلها، فحصته كانت في كل واحدة منها ثلاثة عشر
بعيراً.
وكانت سرية أبي عبيدة إلى سيف البحر، ليرصدوا عيراً
لقريش([31]).
في شهررجب في السنة الثامنة للهجرة، وذلك بعد أن نكثت قريش العهد وقبل
الفتح([32]).
قال بعضهم:
وكان النكث
ـ
كما زعم هؤلاء ـ
في شهر رمضان([33]).
ولعل الأمر قد اشتبه عليه، فإن الفتح كان في شهر رمضان،
أما النكث فكان قبل ذلك.
ولعله أراد أن يكتب أن الفتح كان في شهر رمضان، فكتب
بدل ذلك، أن النكث كان فيه.
وعند ابن سعد:
أن هذه السرية كانت في سنة ست أو قبلها، قبل الحديبية([34]).
وعلى كل حال، فقد قالوا:
بعث رسول الله
«صلى الله عليه وآله»
أبا عبيدة بن الجراح في سرية فيها المهاجرون والأنصار، وهم ثلاثمائة
رجل إلى ساحل البحر، إلى حي من جهينة، فأصابهم جوع شديد، فأمر أبو
عبيدة بالزاد فجمع حتى إنهم كانوا ليقتسمون التمرة.
فقيل لجابر:
فما يغني ثلث تمرة.
قال:
لقد وجدوا فقدها.
قال:
ولم تكن معهم حمولة. إنما كانوا على أقدامهم، وأباعر
يحملون عليها زادهم. فأكلوا الخبط، حتى إن شدق أحدهم بمنزلة مشفر
البعير العضة.
فمكثنا على ذلك حتى قال قائلهم:
لو لقينا عدواً ما كان بنا من حركة إليه. لما بالناس من
الجهد.
فقال قيس بن سعد:
من يشتري مني تمراً بجزر. يوفيني الجزر ههنا، وأوفيه
التمر بالمدينة؟
فجعل عمر يقول:
واعجباه لهذا الغلام، لا مال له، يدَّان في مال غيره.
فوجد رجلاً من جهينة، فقال قيس بن
سعد:
بعني جزراً وأوفيك سقة من تمر بالمدينة.
قال الجهني:
والله ما أعرفك. ومن أنت.
قال:
أنا قيس بن سعد بن عبادة بن دليم.
قال الجهني:
ما أعرفني بنسبك. أما إن بيني وبين سعد خلة، سيد أهل
يثرب.
فابتاع منهم خمس جزر، كل جزور بوسقين من تمر. يشرط عليه
البدوي تمر ذخيرة مصلبة من تمر آل دليم.
قال:
يقول قيس: نعم.
قال الجهني:
فأشهد لي.
فأشهد له نفراً من الأنصار، ومعهم نفر من المهاجرين.
قال قيس:
أشهد من تحب.
فكان فيمن أشهد عمر بن الخطاب، فقال
عمر:
لا أشهد! هذا يدان ولا مال له. إنما المال لأبيه.
قال الجهني:
والله، ما كان سعد ليخني بابنه في سقةٍ من تمر! وأرى
وجهاً حسناً، وفعالاً شريفاً.
فكان بين عمر وبين قيس كلام حتى أغلظ له قيس الكلام.
وأخذ قيس الجزر فنحرها لهم في مواطن ثلاثة. كل يوم
جزوراً. فلما كان اليوم الرابع نهاه أميره وقال: تريد أن تخفر ذمتك ولا
مال لك؟
وقال الواقدي:
حدثني محمد بن يحيى بن سهل، عن أبيه، عن رافع بن خديج،
قال: أقبل أبو عبيدة بن الجراح ومعه عمر بن الخطاب، فقال: عزمت عليك
ألا تنحر؛ أتريد أن تخفر ذمتك ولا مال لك؟
فقال قيس:
يا أبا عبيدة، أترى أبا ثابت وهو يقضي دين الناس، ويحمل
الكل، ويطعم في المجاعة، لا يقضي سقة من تمر لِقومٍ مجاهدين في سبيل
الله!
فكاد أبو عبيدة أن يلين له، ويتركه
حتى جعل عمر يقول:
اعزم عليه! فعزم عليه، فأبى عليه أن ينحر.
فبقيت جزوران معه، حتى وجد القوم الحوت، فقدم بهما قيس
المدينة ظهراً يتعاقبون عليها.
وبلغ سعد ما كان أصاب القوم من
المجاعة، فقال:
إن يكن قيس كما أعرفه فسوف ينحر للقوم.
فلما قدم قيس لقيه سعد، فقال:
ما صنعت في مجاعة القوم حيث أصابهم؟
قال:
نحرت.
قال:
أصبت، انحر.
قال:
ثم ماذا؟
قال:
ثم نحرت.
قال:
أصبت، انحر.
قال:
ثم ماذا؟
قال:
ثم نحرت.
قال:
أصبت، انحر.
قال:
ثم ماذا؟
قال:
نهيت.
قال:
ومن نهاك؟
قال:
أبو عبيدة بن الجراح أميري.
قال:
ولم.
قال:
زعم أنه لا مال لي، وإنما المال لأبيك.
فقلت:
أبي يقضي عن الأباعد، ويحمل الكل، ويطعم في المجاعة،
ولا يصنع هذا بي.
قال:
فلك أربع حوائط.
قال:
وكتب له بذلك كتاباً.
قال:
وأتى بالكتاب إلى أبي عبيدة، فشهد فيه، وأتى عمر فأبى
أن يشهد فيه ـ وأدنى حائط منها يجذ خمسين وسقاً. وقدم البدوي مع قيس
فأوفاه سقته، وحمله، وكساه.
فبلغ النبي «صلى الله عليه وآله»
فعل قيس، فقال:
إنه في بيت جود([35]).
ثم روى الواقدي عن جابر بن عبد
الله:
أن البحر ألقى لهم حوتاً مثل الظرب، فأكل الجيش منه
اثنتي عشرة ليلة، ثم أمر أبو عبيدة بضلع من أضلاعه فنصب، ثم أمر براحلة
فرحلت، ثم مر تحتها فلم يصبها([36]).
حدثني ابن أبي ذئب، عن أبيه، عن
جابر بن عبد الله، قال:
إن كان الرجل ليجلس في وقب عينه، وإن كان الراكب ليمر
بين ضلعين من أضلاعه على راحلته.
حدثني عبد الله بن الحجازي، عن عمر بن عثمان بن شجاع،
قال:
لما قدم الأعرابي على سعد بن عبادة، قال: يا أبا ثابت! والله، ما مثل
ابنك صنعت، ولا تركت بغير مال؛ فابنك سيد من سادات قومه، نهاني الأمير
أن أبيعه.
قلت:
لم؟
قال:
لا مال له! فلما انتسبت إليك عرفته، فتقدمت لما عرفت
أنك تسمو على معالي الأخلاق وجسيمها، وأنك غير مذم بمن لا معرفة له
لديك.
قال:
فأعطى ابنه يومئذ أموالاً عظاماً([37]).
ونقول:
قد ذكروا:
أنه
«صلى الله عليه وآله»
أرسل أبا عبيدة بن الجراح في ثلاث مائة رجل إلى حي من جهينة في ساحل
البحر.
وقيل:
ليرصدوا عيراً لقريش.
قال الحلبي:
«وعليه
فتكون هذه السرية قبل الهدنة الواقعة في الحديبية، لما تقدم أنه
«صلى الله عليه وآله»
لم يكن يرصد عيراً لقريش إلى الفتح.
وتعدد سرية الخبط بعيد، فلا يقال:
يجوز أن تكون سرية الخبط مرتين: مرة قبل الهدنة، ومرة
بعدها. ومن ثم حكم على هذا القول: بأنه وهم الخ..»([38]).
ونضيف إلى ذلك:
أن رصد العير، إن كان لأجل مهاجمتها وأخذها، كان ذلك
نقضاً للهدنة، ولا يقدم النبي
«صلى الله عليه وآله»
على ذلك أبداً.
وإن كان لمجرد الاستعلام عن مسيرها، وعن حالاتها، فيرد
سؤال عن الفائدة في الحصول على هذه المعلومات.
وسؤال آخر عن سبب تجهيز ثلاث مائة رجل لمجرد مهمة رصد،
يكفي فيها أقل من عشر هذا العدد.
وسؤال ثالث يفرض نفسه هنا، عن سبب امتداد إقامةثلاث
مائة شخص ما يقارب الشهرين في تلك المنطقة النائية.
وسؤال رابع عن سبب قصور أزوادهم عن أن تكفيهم في هذه
المدة التي يحتاجون إليها لتحقيق مراد رسول الله
«صلى الله عليه وآله»،
وإنجاز المهمة الموكلة إليهم..
ثم أن نسأل أخيراً..
إذا كانت المهمة قتالية، لمن كان في ساحل البحر من
جهينة، فإن كانوا قد أنجزوها فور وصولهم، فلماذا لم يرجعوا إلى بلادهم
مباشرة؟
ولماذا امتدت إقامتهم إلى حين نفذت أزوادهم حتى أكلوا
الخبط؟ ثم إلى حين أكلوا شهراً من تلك الدابة البحرية.
وإن كانت تلك المهمة لم تنجز، ولم يباشروا القتال الذي
أمروا بمباشرته، فلابد أن نسأل عن سبب ذلك.
على أن الأغرب من ذلك كله..
أن سرية تمتد تحتاج إلى حوالي شهرين لإنجاز مهمتها،
وفيها ثلاث مائة مقاتل، لا يذكر لنا التاريخ أي شيء عما جرى لها، وعن
أي شيء من إنجازاتها..
فلا ندري هل حققت نصراً، أم منيت بهزيمة.. وإن كانت قد
ظفرت بالعدو، فكم قتلت منهم؟ وكم أسرت؟ وما هي الغنائم التي حصلت
عليها؟
وإذا كان ثلاثة أشخاص، أو أربعة عشر شخصاً أو نحو ذلك
يحققون الإنجازات الكثيرة في سرايا أخرى، فلماذا لم يستطع هذا العدد
الكبير هنا تحقيق أي شيء رغم هذه الكثرة؟!
وروي عن جابر أنه قال:
إن سبب بعث هذه السرية هو
«طلب
عير لقريش، وترصدها. فأقمنا على الساحل حتى فني زادنا، وأكلنا الخبط
حتى تقرحت أشداقنا، ثم إن البحر ألقى إلينا دابة، يقال لها: العنبر،
فأكلنا منها نصف شهر حتى صحت أجسامنا»([39]).
ونقول:
إننا لا ندري ما معنى أن يرسل «صلى الله عليه وآله»
ثلاث مائة رجل في طلب عير لقريش مع أنه يكفي لأخذ العير ما هو أقل من
هذا العدد بكثير..
إلا إذا فرض:
أن قريشاً كانت تجهز مئات المقاتلين لحماية قوافلها
الاقتصادية.
وإن كان المطلوب كما صرحت به الرواية هو مجرد ترصد تلك
البعير، وليس المطلوب القتال فإن هذا العدد الكبير لا يناسب حالة
الترصد والاستطلاع، لأنه عدد لا يمكن إخفاؤه لمدة طويلة.. بل هو سوف
يطير خبره في كل اتجاه، وسوف يتحاشى الناس من الاقتراب منه.. وفرض
توزعهم في الشعاب والجبال ليقوموا بمهمة الرصد، لا يمنع من افتضاح
أمرهم مع طول المدة التي تحتاجها مهمة الرصد هذه.. إلا إن كان الهدف من
هذه السرية هو الضغط على قريش من الناحية النفسية، وإيجاد حالة من
الخشية والترقب، وعدم الاستقرار لديها..
على أن من غير المعقول:
في سرية بهذا الحجم، وتحتاج في إنجاز مهمتها إلى وقت
طويل، أن لا تحمل معها من القوت ما يكفيها طيلة إقامتها إلا أن يكون
اعتمادها على الغارة والسلب، وهذا ما لا يقرهم عليه دينهم وخُلقهم، ولا
يقبله وجدانهم ولا يرضاه منهم رسول الله «صلى الله عليه وآله» كما
أشرنا إليه أكثر من مرة.
إن سعد بن عبادة كان رئيس الخزرج، وكان من بيت شرف
وأريحية وإباء.. وكان قيس نفسه معروفاً بالجود والكرم أيضاً..
ولسنا نشك في أن سعداً لا يخذل ولده في موقف كهذا، بل
هو يسر ويفتخر ويتباهى به. وقد قال ذلك الرجل ـ بائع التمر ـ نفسه:
والله، ما كان سعد ليخني بابنه في سقة من تمر.
ولكن اللافت:
هو هذا الموقف الحاد الذي اتخذه عمر بن الخطاب، الذي
كان يكفيه أن يسدي النصيحة لقيس فيما بينه وبينه. وأما تقبيح عمله على
رؤوس الأشهاد، ثم التشكيك بوفاء أبيه له، فلا يرضاه أحد لاسيما وانه
يستبطن انتقاصاً من سعد ومن قيس على حد سواء..
ولا نريد أن نفسح المجال لخيالنا ليلاحق دوافع هذا
الموقف الحاد، فنفترض تارة أن الهدف هو صلاح قيس، وحفظ أموال سعد عن
الإهدار والتبذير..
ثم نناقش في ذلك:
بأن هذا ليس من التبذير ولا الإهدار، بل هو مال تحفظ به
النفوس، وتصان به الأرواح. وإن لم تسخَ به نفس سعد بن عبادة، ولم يف
بذمة ولده، فلا شك في أن رسول الله
«صلى الله عليه وآله»
نفسه هو الذي سيتولى هذا الوفاء، ولو من بيت مال المسلمين.
وسيكون «صلى الله عليه وآله» شاكراً لقيس، مغتبطاً بما
صنع، لأنه حفظ جيش المسلمين من الضياع، وإبعاد الأذى والمتاعب عنه، حتى
لو كانت في أدنى حالاتها أمر محبوب ومطلوب لله تعالى، ولرسوله، ولكل
عاقل أريب..
وقد كنا نتوقع أن يبادر عمر نفسه، أو أمير السرية
والمسؤول عن حفظها ـ وهو أبو عبيدة ـ إلى نفس ما فعله قيس. ولكن الأمور
سارت على عكس ما توقعناه، فهما لم يفعلا شيئاً، كما أنهما قد اتفقا على
منع غيرهما من فعل أي شيء من ذلك.
وقد زاد الطين بلة، أن عمر بن الخطاب أبى أن يشهد ليس
فقط لم يشهد على صفقة قيس مع ذلك الأعرابي على الجزائر التي أخذها
ليطعم الجيش، وإنما هو لم يشهد حتى على الكتاب الذي كتبه سعد لولده
بالحوائط الأربع، مكافأة له على ما فعل حسبما تقدم.
فهل كان ذلك من حسد اعترى هذا، أو ذاك، أو كليهما؟ أم
كان قصر نظر، وعجز عن إدراك هذا الأمر الظاهر البداهة؟ أم أنهم لا
يريدون لقيس المعروف بولائه لعلي
«عليه
السلام»
أن يذكر بفضيلة أو مكرمة؟
لا ندري ولعل الفطن الذكي يدري.
قال البخاري:
نحر لهم تسع جزائر، كل يوم ثلاثاً([40]).
وقيل: نحر لهم ستة جزائر، كل يوم ثلاثاً ثم نهاه أبو
عبيدة([41]).
لكن الحلبي يقول:
بل نحر ثلاث جزائر، ثم أيد ذلك بما تقدم عن الواقدي، من
أنه بقي معه جزوران قدم بهما إلى المدينة.
ونقول:
لا ندري كيف أيد القول بأنه نحر لهم
ثلاث جزائر من قولهم:
إنه بقي معه جزوران.. فلماذا لا ينحر لهم تسعة، ويبقى
معه جزوران، فإن المفروض هو: أنه أطعم الجيش ثلاثة أيام..
وإذا كان عدد الجيش ثلاث مائة رجل،
فمن المعلوم:
أن الجزور الواحد إنما يكفي مائة رجل.. كما ظهر في غزوة
بدر، حيث كشف النبي
«صلى الله عليه وآله»
عدد جيش المشركين من ذبحهم يوماً تسعاً، ويوماً عشراً، فكان الجيش ما
بين تسع مائة إلى ألف.. فهل أطعم قيس في كل يوم مائة رجل فقط، وأبقى
مائتين بلا طعام؟!
وقد أفاضوا ما شاءت لهم قرائحهم في وصف دابة العنبر،
وبيان ضخامتها، وعظم خلقتها حتى قالوا:
«فرفع
لنا على ساحل البحر
كهيئة الكثيب الضخم،
فأتيناه،
فإذا هو دابة تدعى العنبر،
فأقمنا عليها
شهراً،
ونحن ثلاثمائة حتى سمنَّا.
ولقد رأيتنا نغترف من وقب عينيه بالقلال الدهن، ونقتطع
منه القدر كالثور.
ولقد أخذ منا أبو عبيدة ثلاثة عشر رجلاً
فأقعدهم في وقب عينها،
وأخذ ضلعاً
من أضلاعه فأقامها،
ثم رحل
أعظم
بعير معنا،
ثم ركبه أطول رجل منا (وهو قيس بن سعد)
فجاز
من تحتها،
وتزودنا من لحمه الوسائق.
فلما قدمنا المدينة
أتينا
رسول الله «صلى الله عليه وآله»،
فذكرنا ذلك له
فقال:
هو رزق أخرجه الله تعالى لكم.
فهل معكم من لحمه شيء
فتطعمونا؟
فأرسلنا
إلى رسول الله «صلى الله عليه وآله» منه فأكله»([42]).
ونقول:
إننا نشك في كثير مما ذكروه هنا.. وذلك لما يلي:
إن أول سؤال يرد على الأذهان هو:
هل صحيح أن لحم هذه الدابة العظيمة مما يحل أكله؟! من
حيث أن لها فلساً يكون علامة على ذلك، أو ليس لها فلس، فتكون حراماً.
كما هو مذهب أهل الحق..
ثم إن هناك تناقضات حتى في مبالغاتهم، فبينما يظهر من
بعضها أن شخصاًواحداً قد جلس في وقب عينها نجد نصاً آخر يقول: إن أبا
عبيدة قد أجلس في وقب عينها، ثلاثة عشر رجلاً!!
فأي ذلك هو الصحيح؟!
إن هذه الدابة إذا كانت بهذا الوصف فهي أعجوبة الدهر،
فلماذا لم يقصدها الناس للتفرج على حجم أضلاعها من جميع البلاد؟ ولماذا
لم يحتقظ أحد منهم بوقب عينها؟! أو بضلع من أضلاعها، ليفاخر به؟!
وإذا كان هذا هو حجم وقب عينها، وارتفاع أضلاعها، فإن
طولها لابد أن يكون مئة متر، أو أكثر بكثير. فهل وجد في محيطات هذا
العالم حيوان بهذا الحجم؟!
إنهم يقولون:
إن أكبر حيوان بحري يعرف في العالم كله، لا يزيد طوله
على ثلاثة وثلاثين متراً، ولعل هناك من يحتمل أن يصل طول واحد منها إلى
أربعين متراً..
مع أن وقب عين الدابة التي يتحدث هؤلاء عنها يبلغ مساحة
غرفة طولها ثلاثة أمتار بعرض ثلاثة، أو أقل بقليل، فإذا أضفنا إلى ذلك
مساحة العين الأخرى، ثم المساحة الواقعة بينهما..
فإن مساحة وجه تلك الدابة، ستكون ما بين عشرة أمتار إلى
خمسة عشر متراً على أقل تقدير.. فما بالك بطول هذه الدابة التي عبرت
عنها الروايات بالكثيب الضخم..
وفي حين يقولون:
إنهم حين وجدوا الدابة التي تدعى العنبر، قال أبو
عبيدة: ميتة.
ثم قال:
اضطررتم إليها، فكلوا، فأقمنا عليها شهراً ونحن ثلاث
مائة حتى سمنا([43]).
ثم يقولون في مناقضة ذلك:
«فلما
قدمنا المدينة، ذكرنا ذلك لرسول الله
«صلى الله عليه وآله»
أمر العنبر، فقال: أخرجه الله تعالى لكم، لعل معكم من لحمه شيء
فتطعمونا؟!.
فأرسلنا إلى رسول الله «صلى الله عليه وآله»
منه فأكله.
أي ولم يكن أروح، بدليل أنه «صلى
الله عليه وآله»، قال:
لو نعلم أننا ندركه لم يروح لأحببنا لو كان عندنا منه.
قال ذلك ازدياداً منه([44]).
فكيف يكون ميتة أولاً، ولم يحل لهم إلا لأنهم اضطروا
إليه، ثم يطلب النبي «صلى الله عليه وآله» أن يأتوه منه بشيء، ثم يأكله
وهو لم يكن مضطراً إليه؟!
وأما الحديث عن الرائحة، فلست أدري ما أقول فيه!! وكيف
يمكن أن يبقى هذا اللحم طيلة ما يقرب من أربعين يوماً، وفي بلاد الحجاز
بالذات، التي تمتاز بارتفاع درجات الحرارة فيها، ثم لا تظهر له رائحة
كريهة، ولا يعرض عليه ما يوجب التحفظ من الاستفادة منه في الطعام؟!
على أن كلمة رسول الله «صلى الله
عليه وآله»:
«لو
نعلم: أننا ندركه لم يروح لأحببنا الخ..»
تشير إلى أنه
«صلى الله عليه وآله»
كان يتوقع فيه ذلك، وأن القضية في ذلك لا تخضع للمعجزة والكرامة،
والتصرف الإلهي، بل هي جارية وفق السنن والأوضاع الطبيعية، فلا مجال
لأي ادعاء في غير هذا السياق.
([1])
بطن إضم: بين ذي خشب وذي المروة، على ثلاثة برد من المدينة.
([2])
سبل الهدى والرشاد ج5 ص211 وج6 ص190 عن محمد بن إسحاق، ومحمد
بن عمر، وابن سعد، وابن أبي شيبة، والإمام أحمد، والترمذي،
وحسنه، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والخرائطي في
مكارم الأخلاق، والطبراني، وأبي نعيم، والبيهقي في دلائلهما،
عن عبد الله بن أبي حدرد، والطبراني عن جندب البجلي، وابن جرير
عن ابن عمر، وابن أبي حاتم عن الحسن، وعبد الرزاق، وابن جرير.
وراجع: تاريخ الخميس ج2 ص76 والسيرة الحلبية ج3 ص195 وراجع:
تاريخ مدينة دمشق ج67 ص149 وعن عيون الأثر ج2 ص177.
([3])
الآية 94 من سورة النساء.
([4])
سبل الهدى والرشاد ج6 ص190وعن مراصد الاطلاع ج2 ص72. وتاريخ
الخميس ج2 ص76 والسيرة الحلبية ج3 ص195 والطبقات الكبرى لابن
سعد ج2 ص133 وتاريخ مدينة دمشق ج67 ص150 وعن عيون الأثر ج2
ص177.
([5])
سبل الهدى والرشاد ج6 ص190 وقال في هامشه: ذكره السيوطي في
الدر ج2 ص201 وعزاه لابن أبي حاتم، والبيهقي في الدلائل، عن
الحسن. وتاريخ الخميس ج2 ص76 والسيرة الحلبية ج3 ص195 وراجع:
مجمع الزوائد ج1 ص27 والمفاريد عن رسول الله «صلى الله عليه
وآله» ص43 ومسند ابي يعلى ج3 ص92 والمعجم الكبير ج2 ص177 وعن
الدر المنثور ج2 ص201 وراجع ص202 وأسباب نزول الآيات ص116.
([6])
سبل الهدى والرشاد ج6 ص191 وراجع: أسباب نزول الآيات ص116
وأحكام القرآن للجصاص ج2 ص309 وعن الدر المنثور ج2 ص201.
([7])
سبل الهدى والرشاد ج6 ص191 وراجع: أسباب نزول الآيات ص116 وعن
الدر المنثور ج2 ص201.
([8])
سبل الهدى والرشاد ج5 ص234 و 339 ج6 ص191 وتاريخ الخميس ج2 ص76
والسيرة الحلبية ج3 ص195 والسنن الكبرى للبيهقي ج9 ص116 وعن
أسد الغابة ج2 ص282 وج4 ص413 وعن جامع البيان ج5 ص301 وعن
تفسير القرآن العظيم ج1 ص552 وعن الدر المنثور ج2 ص200 وعن فتح
القدير ج1 ص502 وعن البداية والنهاية ج4 ص257 والسيرة النبوية
لابن كثير ج3 ص426 وأحكام القرآن للجصاص ج2 ص309 وتفسير
الثعالبي ج2 ص281.
([9])
راجع: نهج البلاغة (بشرح عبده) ج3 ص79 والأمالي للشيخ الطوسي
ص217والبحار ج33 ص76 و 469 وج72 ص354 ونهج السعادة ج4 ص229
وميزان الحكمة ج1 ص124 وشرح نهج البلاغة ج17 ص16 ووقعة صفين
للمنقري ص107.
([10])
السيرة الحلبية ج3 ص195.
([11])
السيرة الحلبية ج3 ص195.
([12])
راجع: سبل الهدى والرشاد ج10 ص222 عن الروض الأنف.
([13])
سبل الهدى والرشاد ج6 ص185 عن ابن إسحاق، وأحمد والواقدي وقال
في هامشه: أخرجه أحمد في المسند ج3 ص448 والبيهقي في السنن ج7
ص235 = = والحاكم في المستدرك ج2 ص178 وذكره الهيثمي في المجمع
ج4 ص282 والمغازي للواقدي ج2 ص777 و 778 والسيرة الحلبية ج3
ص194 وعن مسند أحمد (ط دار صادر) ج6 ص11 ومجمع الزوائد (ط دار
الكتب العلمية) ج6 ص206 وتاريخ مدينة دمشق ج27 ص341.
([14])
سبل الهدى والرشاد ج6 ص185 عن ابن إسحاق، وأحمد والواقدي
وراجع: المغازي للواقدي ج2 ص778 والسيرة الحلبية ج3 ص193.
([15])
سبل الهدى والرشاد ج6 ص185 و 186 عن أحمد والسيرة الحلبية ج3
ص194 والمغازي للواقدي ج2 ص778 و 779 وعن مسند أحمد ج6 ص11 و
12 ومجمع الزوائد ج6 ص206 و 207 وعن عون المعبود ج4 ص59 و 60
وتاريخ مدينة دمشق ج27 ص341.
([16])
سبل الهدى والرشاد ج6 ص187 والمجموع ج19 ص383 ونيل الأوطار ج8
ص108 والسنن الكبرى للبيهقي ج6 ص312 والمصنف للصنعاني ج5 ص190
وراجع صحيح ابن حبان ج11 ص164 والمعجم الأوسط ج5 ص155 والمعجم
الكبير ج12 ص294 والجامع لأحكام القرآن ج7 ص362 وعن الدر
المنثور ج3 ص160 والطبقات الكبرى ج4 ص146 وعن البداية والنهاية
ج4 ص274 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص454.
([17])
سبل الهدى والرشاد ج6 ص187 عن أحمد، والبخاري، ومسلم، وأبي
داود وقال في هامشه: أخرجه البخاري ج7 ص653 كتاب المغازي وصحيح
مسلم ج3 ص368 وأحمد في المسند ج2 ص10 ـ 62 وراجع: المغازي
للواقدي ج2 ص779 و 780 وتاريخ الخميس ج2 ص76 والمغني ج1 ص417
والشرح الكبير ج10 ص741 ونيل الأوطار ج8 ص108 و 109 وسنن أبي
داود ج1 ص623 والسنن الكبرى ج6 ص312 وعن فتح الباري ج6 ص169
وعن عون المعبود ج7 ص298 والمصنف لابن أبي شيبة ج8 ص518 ومسند
الشاميين ج4 ص142 وكنز العمال ج4 ص536 والجامع لأحكام القرآن
ج7 ص362 وعن البداية والنهاية ج4 ص274 والسيرة النبوية لابن
كثير ج3 ص454.
([18])
سبل الهدى والرشاد ج6 ص187 وتاريخ الخميس ج2 ص76 و 77 والسيرة
النبوية لابن كثير ج3 ص423 وعن البداية والنهاية ج4 ص255 وعن
أسد الغابة ج3 ص335 وعن السيرة النبوية لابن هشام ج4 ص1046 وعن
عيون الأثر ج2 ص180.
([19])
سبل الهدى والرشاد ج6 ص187 والمغازي للواقدي ج2 ص780.
([20])
تاريخ الخميس ج2 ص76 والطبقات الكبرى ج2 ص132 وعن عيون الأثر
ج2 ص176 وتاريخ مدينة دمشق ج67 ص149.
([21])
راجع: تاريخ اليعقوبي ج2 ص149 و150 وراجع: جواهر الكلام ج31
ص15 والمبسوط للشيخ الطوسي
والسرائر ج3 ص637 ط جماعة المدرسين والوسائل ط مؤسسة آل البيت
ج21 باب 9 من أبواب
المهور والفتوحات الإسلامية ج2 ص455 و456 وأسد الغابة ج5 ص615
والذرية الطاهرة للدولابي ص160 والإصابةج4 ص492 والبداية
والنهاية ج7 ص156 وج5 ص330 وميزان الإعتدال ج2ص425
والدر
المنثور ص62 وتاريخ الإسلام للذهبي عهد الخلفاء الراشدين ص166
والإستيعاب (بهامش الإصابة) ج4 ص491 والطبقات الكبرى لابن سعد
(ط دار التحرير) ج8 ص340 و (ط دار صادر) ص464 وسير أعلام
النبلاء ج3 ص501 وكنز العمال (ط مؤسسة الرسالة) ج13 ص625 عن
ابن سعد، والبيهقي في السنن، وابن أبي شيبة، وابن عساكر، وابن
عدي في الكامل، وتاريخ الأمم والملوك ج3 ص270 (ط مطبعة
الإستقامة) والكامل في التاريخ ج3 ص54 ونساء أهل البيت لخليل
جمعة ج1 ص660 والمجموع ج16 ص327 وذخائر العقبى ص170 عن أبي
عمر، والدولابي، وابن السمان، وإفحام الأعداء والخصوم ص165
ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور ج4 ص270 وج9 ص161 والمصنف لابن
أبي شيبة ج3 ص319 وشرح النهج للمعتزلي ج12 ص227 وعيون الأخبار
لابن قتيبة ج4 ص71 وعمدة القاري ج20 ص137 وحياة الحيوان ج1
ص494 وسيرة ابن إسحاق ص249 ومختصر تاريخ دمشق ج9 ص161 وتهذيب
تاريخ دمشق ج6 ص28 وراجع: تاريخ عمر بن الخطاب ص267 ونهاية
الأرب ج19 ص391 والسيدة زينب لحسن قاسم ص64 ونظام الحكومة
النبوية (التراتيب الإدارية) ج2 ص405 عن المختار الكنتي في
الأجوبة المهمة، نقلاً عن الحافظ الدميري.
([22])
الدر المنثور في طبقات ربات الخدور ص 102 و 103.
([23])
السيرة الحلبية ج3 ص194 وكنز العمال ج1 ص3401 وعون المعبود ج7
ص189 وشرح سنن النسائي للسيوطي ج1 ص287 والنهاية في غريب
الحديث ج3 ص417 ولسان العرب ج2 ص448.
([24])
راجع: السيرة الحلبية ج3 ص193 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص187
والمغازي للواقدي ج2 ص780 وتاريخ الخميس ج2 ص 76 وراجع:
الطبقات الكبرى لابن سعد ج2 ص133 وتاريخ مدينة دمشق ج67 ص149
وعن الإصابة ج6 ص37 والأعلام للزركلي ج7 ص189 وعن عيون الأثر
ج2 ص176.
([25])
راجع: كتاب المحبر ص123 وعن أسد الغابة ج3 ص334 وعن تاريخ
الأمم والملوك ج2 ص317 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص185 وعن البداية
والنهاية ج4 ص254 وعن السيرة النبوية لابم هشام ج4 ص1064 وعن
عيون الأثر ج2 ص179 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص422 وعن زاد
المعاد ج1 ص1119.
([26])
سبل الهدى والرشاد ج6 ص186 وتاريخ الخميس ج2 ص76 والسيرة
الحلبية ج3 ص194 وعن السيرة النبوية لابن هشام ج4 ص1046 وعن
عيون الأثر ج2 ص179 وعن تاريخ الأمم والملوك ج2 ص317 والسيرة
النبوية لابن كثير ج3 ص422.
([27])
سبل الهدى والرشاد ج6 ص187 وتاريخ الخميس ج2 ص76 والسيرة
الحلبية ج3 ص194 وعن البداية والنهاية ج2 ص254 وعن السيرة
النبوية لابن هشام ج4 ص1046 وعن عيون الأثر ج2 ص179 وعن تاريخ
الأمم والملوك ج2 ص317 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص422 وعن
زاد المعاد ج1 ص1119.
([28])
السيرة الحلبية ج3 ص194 وعن البداية والنهاية ج2 ص254 وعن
السيرة النبوية لابن هشام ج4 ص1046 وعن عيون الأثر ج2 ص179 وعن
تاريخ الأمم والملوك ج2 ص317 والسيرة النبوية لابن كثير ج3
ص422 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص185.
([29])
السيرة الحلبية ج3 ص194 والمستدرك للحاكم ج2 ص178 والسنن
الكبرى ج7 ص235 ومجمع الزوائد ج4 ص282 وعن المصنف لابن أبي
شيبة ج3 ص319 وبغية الباحث ص158 والمعجم الكبير ج22 ص352 وعن
فيض القدير ج5 ص421 والطبقات الكبرى لابن سعد ج4 ص310 وعن أسد
الغابة ج5 ص169 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص187.
([30])
السيرة الحلبية ج3 ص194 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص185.
([31])
راجع: السيرة الحلبية ج3 ص191 وعن البداية والنهاية ج4 ص314 و
315 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص522 وعن صحيح البخاري (ط
دار العامرة ـ إستانبول) ج6 ص224 وعن صحيح مسلم ج6 ص62 ومسند
الحميدي ج2 ص521 ومسند أبي يعلى ج2 ص457 وصحيح ابن حبان ج12
ص63 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص176 والبحار ج21 ص64.
([32])
تاريخ الخميس ج2 ص75 والطبقات الكبرى لابن سعد ج2 ص132 وعن
عيون الأثر ج2 ص173 وتاج العروس ج5 ص125.
([33])
تاريخ الخميس ج2 ص75 عن ابن العراقي في شرح التقريب.
([34])
راجع: سبل الهدى والرشاد ج6 ص179 وعن عيون الأثر ج2 ص174 و 175
وعن فتح الباري ج8 ص61.
([35])
راجع: سبل الهدى والرشاد ج6 ص177 ـ 178 وعن عيون الأثر ج2 ص174
و 175 وعن فتح الباري ج8 ص62 وتاريخ مدينة دمشق ج94 ص412 ـ 415
وسير اعلام النبلاء ج3 ص105 و 106.
([36])
راجع: مسند ابن الجعد ص387 وصحيح ابن حبان ج2 ص65 ورياض
الصالحين للنووي ص281 وعن نصب الراية ج6 ص70 وعن مسند أحمد ج3
ص306 وعن صحيح مسلم ج6 ص61.
([37])
المغازي للواقدي ص774 ـ 777 وراجع: السيرة الحلبية ج3 ص192 و
193 وراجع: سبل الهدى والرشاد ج6 ص178 وتاريخ مدينة دمشق (ط
دار الكتب العلمية) ج52 ص270.
([38])
السيرة الحلبية ج3 ص191.
([39])
تاريخ الخميس ج2 ص75 وراجع: مسند الحميدي ج2 ص521 و 522 وصحيح
ابن حبان ج12 ص63 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص522 وعن
البداية والنهاية ج4 ص315 وعن صحيح البخاري ج6 ص233 وعن صحيح
مسلم ج6 ص61 و 62.
([40])
تاريخ الخميس ج2 ص75 والسيرة الحلبية ج3 ص192 و (ط دار الفكر)
ج3 ص201 وراجع: المصنف للصنعاني ج4 ص508 ومسند الحميدي ج2 ص522
والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص522 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص177
والسنن الكبرى للبيهقي (ط دار الفكر) ج14 ص150 وصحيح البخاري
(ط دار إحياء التراث العربي) ج8 ص407 وعن صحيح مسلم (ط دار
الكتب العلمية) ج13 ص74 (4956) وسنن النسائي ج7 ص273 والسنن
الكبرى للنسائي (ط دار الكتب العلمية) ج3 ص164واللؤلؤ والمرجان
ج1 ص620 وفتح الباري (ط دار الفكر) ج8 ص407 وشرح الزرقاني ج4
ص296 وعمدة القاري ج18 ص13 والبداية والنهاية (ط مكتبة
المعارف) ج2 ص276 وزاد المعاد ج1 ص1142
([41])
راجع: البحار ج21 ص64 عن الكازروني في المنتقى في مولد المصطفى
وراجع: وصحيح البخاري (ط دار إحياء التراث العربي) ج11 ص39
وفتح الباري (ط دار الفكر) ج11 ص38 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص177
والسنن الكبرى للبيهقي (ط دار الفكر) ج14 ص156 وعمدة القاري
ج21 ص104 وتاريخ مدينة دمشق ج52 ص270.
([42])
راجع: السيرة الحلبية ج3 ص192 و 193 والمحلى ج7 ص395 وعن مسند
أحمد ج3 ص312 وعن صحيح مسلم ج6 ص61 وسنن أبي داود ج2 ص216 وشرح
مسلم للنووي ج12 ص86 ومسند ابن الجعد ص387 ورياض الصالحين
للنووي ص281 والجامع لأحكام القرآن ج6 ص319 وعن تفسير القرآن
العظيم ج2 ص105.
([43])
السيرة الحلبية ج3 ص192 ومسند ابن الجعد ص387 والجامع لأحكام
القرآن ج2 ص228 والمحلى ج7 ص395 ونيل الأوطار ج9 ص27 وعن مسند
أحمد ج3 ص311 وعن صحيح مسلم ج6 ص61 والسنن الكبرى ج9 ص251 وشرح
مسلم للنووي ج13 ص85 وعن فتح الباري ج9 ص508 وصحيح ابن حبان
ج12 ص65 ورياض الصالحين للنووي ص281 وعن نصب الراية ج6 ص70
والفصول من الأصول للجصاص ج4 ص41 وعن البداية والنهاية ج4 ص315
والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص522.
([44])
السيرة الحلبية ج3 ص193 وراجع: سبل الهدى والرشاد ج6 ص18 وعن
فتح الباري ج8 ص65.
|