نصوص أخرى أوضح وأصرح
قال ابن حبيب البغدادي:
«بعث رسول الله «صلى الله عليه وآله»
خالد بن الوليد إلى بني جذيمة بن عامر، فقاتلهم على ماء لهم، يقال له:
الغميصاء([1])،
فقتل منهم أربع مائة غلام»([2]).
وصرح المؤرخون:
بأن خالداً أكثر القتل في بني جذيمة
([3]).
ولكن محبي خالد يسعون بكل قوة لتقليل عدد القتلى، ولكن
القتلى كانوا من الكثرة بحيث لم يجدوا مناصاً من الإعتراف بذلك، فقد
رووا عن رجل من بني جذيمة، مبيض؛ قال: سمعت خالد بن إلياس يقول: بلغنا
أنه قَتَل منهم قريباً من ثلاثين رجلاً([4]).
وهذا الرقم رغم أنه كثير في نفسه، ولكن حديث ابن حبيب
عن قتل أربع مائة غلام، يدل على كثرة هائلة في عدد القتلى، تجعل من
الصعب علينا تصديق كلام منسوب إلى رجل مجهول من بني جذيمة، عن خالد بن
إلياس الضعيف في نفسه أيضاً، الذي وصفه ابن معين بأنه: ليس بشيء، ولا
يكتب حديثه([5]).
وقال البخاري:
ليس بشيء منكر الحديث([6]).
وقال أحمد والنسائي:
متروك([7]).
وقال أبو حاتم:
ضعيف الحديث، منكر الحديث([8]).
وقال أبو زرعة:
ضعيف ليس بقوي. سمعت أبا نعيم يقول: لا يسوى حديثه فلسين([9]).
وقال النسائي مرة:
ليس بثقة، ولا يكتب حديثه([10]).
وضعّفه أيضاً:
يعقوب بن سفيان، وابن عدي، والترمذي، وابن شاهين،
والساجي، ومحمد بن عمار، وابن مثنى، والبزار، وابن حبان، والحاكم،
والنقاش،.
وقال ابن عبد البر:
ضعيف عند جميعهم([11]).
ولو استطاع محبوا خالد إنكار أصل وجود قتلى لما ترددوا
في ذلك.
قد ذكرت هذه الحادثة بمرارة ظاهرة في أشعار عدد من
الناس، وقد تركت أثرها في وجدانهم وفي مشاعرهم الإنسانية، فراجع بعض ما
قيل في ذلك في كتاب السيرة النبوية لابن هشام، والمنمق، وغير ذلك.
ولسنا بحاجة إلى التدليل على فظاعة ما جرى، فإن الحوامل
قد أسقطن أجنتهن، وقد محقت تلك القبيلة عن بكرة أبيها، في مالها، وفي
رجالها، الذين لم ينج منهم إلا الشريد، وإلا الأسرى الذين أطلقهم
الأنصار، وبعض من غيرهم.. وكان خالد وبنو سليم هم الأعتى والأقسى،
والأغلظ أكباداً فإن بني سليم قد قتلوا جميع من كان في أيديهم من
الأسرى، ولم يفلت منهم احد..
ويكفي للتدليل على حقيقة خالد وأعوانه، قول النبي «صلى
الله عليه وآله»
لهم: «أما كان فيكم رجل رحيم»؟!
أما النص الذي ذكره ابن واضح فهو
التالي:
«بلغ جذيمة: أن خالداً قد جاء ومعه بنو سليم، فقال لهم
خالد: ضعوا السلاح.
فقالوا:
إنا لا نأخذ السلاح على الله، وعلى رسوله، ونحن مسلمون.
فانظر ما بعثك رسول الله له، فإن كان بعثك مصدقاً، فهذه إبلنا وغنمنا،
فاغد عليها.
قال:
ضعوا السلاح.
قالوا:
إنا نخاف أن تأخذنا بإحنة الجاهلية.
فانصرف عنهم، وأذّن القوم وصلوا.
فلما كان السحر شنّ عليهم الخيل، فقتل المقاتلة، وسبى
الذرية.
فبلغ رسول الله «صلى الله عليه
وآله» فقال:
اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد. وبعث علي بن أبي
طالب «عليه السلام»
فأدى إليهم ما أخذ منهم، حتى العقال، وميلغة الكلب. وبعث معه بمالٍ ورد
من اليمن، فودى القتلى، وبقيت منه بقية. فدفعها علي «عليه السلام»
إليهم على أن يحلوا رسول الله مما علم ومما لا يعلم.
فقال رسول الله «صلى الله عليه وآله»:
لما فعلت أحب إلي من حمر النعم.
ويومئذٍ قال لعلي «عليه السلام»:
فداك أبواي.
وقال عبد الرحمن بن عوف:
والله، لقد قتل خالد القوم مسلمين.
فقال خالد:
إنما قتلتهم بأبيك عوف بن عبد عوف.
فقال له عبد الرحمن:
ما قتلت بأبي، ولكنك قتلت بعمك الفاكه بن المغيرة([12]).
وذكر البلاذري وغيره:
أن المال الذي أعطاه «صلى الله عليه وآله»
لبني جذيمة كان قد اقترضه، فصرفه في ذلك([13]).
وقد تقدم:
أنهم ذكروا: أن المال الذي اقترضه من صفوان بن أمية،
وحويطب، وابن أبي ربيعة قد ودى منه قتلى بني جذيمة([14]).
ولكن اليعقوبي قال:
إنه قد أدى ديات القتلى من مالٍ ورد إليه من اليمن.
ونقول:
قد عرفنا:
أن أموال بني جذيمة قد قسمت، ولم يعد يمكن رد اعيانها،
فردّ
«صلى الله عليه وآله» عليهم مثل ما أخذ منهم، حتى لقد أعطاهم عوضاً عن
ميلغة الكلب، وحبال الرعاة، وما إلى ذلك.
كما أنه قد أعطاهم ديات قتلاهم. وديات القتلى تكون في
العادة مبالغ كبيرة جداً، قد يحتاج أداؤها إلى التماس المال من أكثر من
اتجاه. وقد يحتاج من عليه دية إلى أن يسير في العرب طلباً للمعونة
منها، خصوصاً إذا تعددت الديات. فكيف إذا بلغت العشرات والمئات، كما هو
الحال في قضية بني جذيمة، حيث أكثر خالد من القتل فيهم، حتى ذكر البعض
رقم أربع مائة غلام.
مهما اقترض «صلى الله عليه وآله» من أموال، فإنه لا
يمكن اقتراض ما يفي بديات عشر معشار هؤلاء.
خصوصاً إذا لاحظنا ما يحتاج إليه جيش يزيد على عشرة
آلاف مقاتل من نفقات عظيمة.
أما ما ذكروه:
من أنه «صلى الله عليه وآله» قد ودى القتلى مما اقترضه
من صفوان بن أمية وغيره، فهو لا يعدو كونه مجرد مزحة من قائله. خصوصاً
مع التصريح بأنه «صلى الله عليه وآله» قد اقترض ذلك المال ليعين به
ضعفاء أصحابه.. ولا شك في أن كثرة هؤلاء الضعفاء ظاهرة، تتناسب مع عدد
عشرة آلاف مقاتل، قد جاؤوا من بلاد بعيدة، وليس لهم مصدر رزق في هذه
البلاد، وقد جاؤوا محاربين غير مسالمين، ولا متاجرين.
وأما المال الذي جاء
من اليمن، فهو ليس من غنائم الحرب، لأنه
«صلى الله عليه وآله» لم تكن له سرايا، ولا كتائب تعمل
في تلك المناطق، بل كان كل ما يمكنه أن يستفيد منه في مجال القتال قد
وظفه في تجهيز هذا الجيش إلى مكة ومحيطها، ليحسم الأمور فيها، ويدخل
المنطقة بأسرها في مرحلة جديدة من التوجهات والطموحات، والتخطيط،
والحركة، والعمل.
كما أن المفروض هو:
أنه «صلى الله عليه وآله» لم يكن قد بسط سلطته على
منطقة اليمن.. ولم يكن له تجار يعملون فيها على تحصيل المال، وإمداده
به..
كما أن اليمن نفسها لم يكن لها ذلك التميّز والتفرد،
والأهمية في إنتاج المال. فقد كانت مناطق الشام، وبلاد الروم، وفارس
اكثر أهمية منها من هذه الجهة.
يضاف إلى ما تقدم:
أنه «صلى الله عليه وآله» كان يريد أن يباغت قريشاً
بالجيوش، وهو إنما يجمع جيوشه من منطقة المدينة وما هو قريب منها، وهي
تقع لجهة الشام.. واليمن تقع في الجهة المقابلة بالنسبة لموقعه من مكة،
فأي تحرك من جهة اليمن باتجاه المدينة سوف يفتضح أمره لدى أهل مكة،
والحالة أنه يريد أن يباغتهم..
كما أنه «صلى الله عليه وآله» لم يكن قد استفاد صداقات
في تلك البلاد، ولا أنشأ علاقات مع ملوكها، ومع أصحاب الأموال فيها،
تدعوهم لتقديم مبالغ ضخمة له، تسمح بإعطاء عشرات، بل مئات الديات
لأهلها.
فإن كان ثمة من مبادرات في هذا الاتجاه، فهي تقتصر على
أمور جزئية جداً، ورمزية، مثل: جارية، فرس، غلام، شيء من الطيب، خاتم،
حلة، حمار، مكحلة، شيء من العسل ونحو ذلك.. فراجع إحصائيات هدايا ملك
الحبشة له.. رغم أنه كان مسلماً، وكذلك إحصائيات هدايا المقوقس، أو
غيره.. فإنها كلها لا تخرج عن هذا السياق..
ويبقى السؤال:
من الذي جاءه «صلى الله عليه وآله» بهذا المال الهائل
من اليمن، ولماذا؟!
إننا إذا استبعدنا احتمال الإمداد الغيبي الإلهي، فلا
نجد جواباً مقنعاً، ومعقولاً، ومقبولاً إلا أن نقول:
إن هذا يشير إلى:
أن الإسلام كان قد فشا في الناس في مناطق اليمن،
بصورةطوعية. وكان أولئك المسلمون يرسلون إلى رسول الله «صلى الله عليه
وآله» بزكواتهم، وأخماس أموالهم، وصدقاتهم، وسائر ما يتوجب عليهم..
ومن غير البعيد أيضاً:
أنهم كانوا حين يسمعون بمسيره «صلى الله عليه وآله» إلى
مكة بهذا الجيش العظيم، الذي يحتاج إلى نفقات كبيرة جداً، ولابد من
المساعدة فيها.. يدعوهم شعورهم بالمسؤولية والواجب المتمثل بحفظ
الإسلام، وحفظ النبي الأكرم «صلى الله عليه وآله» والمسلمين إلى بذل كل
غال ونفيس في هذا السبيل، وتخرج المسألة عن كونها مجرد تبرعات وتطوع،
لتصبح واجباً عقلياً ودينياً وأخلاقياً، لا بد من امتثاله على أكمل
وأتم وجه وأوفاه.
ولعل هذا المال كان خليطاً من ذلك كله..
وقد تقدم:
أن النبي «صلى الله عليه وآله» في قضية بني جذيمة قد
فدّى علياً «عليه السلام» بأبويه..
وقد يستفاد من سياق كلام اليعقوبي:
أن ذلك كان شائعاً ومعروفاً.. فقد قال: «ويومئذٍ قال
لعلي:فداك أبواي»
فكأن هذا الأمر كان معروفاً وشائعاً. وقد أراد تعيين
زمان حصوله وحسب..
ومهما يكن من أمر:
فإن هذا يكذب ما زعموه: من أن النبي «صلى الله عليه
وآله» قد قال لسعد في يوم أحد: ارم فداك أبي وأمي.
وأن علياً «عليه السلام» قال:
ما سمعت النبي «صلى الله عليه وآله» جمع أبويه لأحد إلا
لسعد([15]).
فإن المقصود: هو سرقة هذه الفضيلة من علي «عليه السلام»، ثم منحها لأي
كان من الناس.
وقد أرادوا أن يستعينوا بعلي نفسه في ذلك، وإمعاناً
منهم في الكيد، ومبالغة في الإيهام والإبهام.
وزعموا أيضاً:
أنه «صلى الله عليه وآله» قد قال
للزبير يوم أحد وقريظة: فداك أبي وأمي([16]).
وقد فات هؤلاء:
أن عبد الله وآمنة بنت وهب أجل وأعظم عند الله من أن يفدّي النبي «صلى
الله عليه وآله» بهما سعداً والزبير، اللذين ظهرت منهما المخزيات،
والموبقات، فإن عبد الله بمقتضى حديث ابن عباس، وأبي جعفر، وحديث أبي
عبد الله «عليهما السلام» في جوابه عن قول الله عز وجل
{وَتَقَلُّبَكَ
فِي السَّاجِدِينَ}
([17])
قال: يرى تقلبه في أصلاب النبيين من نبي إلى نبي حتى أخرجه من صلب أبيه
من نكاح غير سفاح من لدن آدم «عليه السلام»([18]).
يدل على نبوة عبد الله ـ ولو لنفسه ـ ولا يمكن أن يكون النبي «صلى الله
عليه وآله» فداء لإنسان عادي، يرتكب المعاصي، ويقع في الموبقات.
قال المجلسي عن آباء النبي «صلى
الله عليه وآله»:
«بل كانوا من الصديقين، إما أنبياء مرسلين، أو أوصياء
معصومين»([19]).
عن ابن عمر قال:
قال عمر لخالد بن الوليد: ويحك يا خالد!! أخذت بني
جذيمة بالذي كان من أمر الجاهلية؟! أوليس الإسلام قد محا ما كان في
الجاهلية؟!
فقال:
يا أبا حفص، والله، ما أخذتهم إلا بالحق! أغرت على قوم
مشركين، فامتنعوا، فلم يكن لي بد إذا امتنعوا من قتالهم. فأسرتهم، ثم
حملتهم على السيف!!
فقال عمر:
أي رجل تعلم عبد الله بن عمر؟
قال:
أعلمه ـ والله ـ رجلاً صالحاً.
قال:
فهو أخبرني غير الذي أخبرتني. وكان معك في ذلك الجيش!.
فقال خالد:
فإني أستغفر الله وأتوب إليه.
فانكسر عنه عمر، وقال:
ويحك إئت رسول الله «صلى الله عليه وآله» يستغفر لك([20]).
ونقول:
إن ما تضمنته هذه الرواية غريب وعجيب.
أولاً:
لماذا ينكسر عنه عمر حين اعترف له بجريمته النكراء؟!
أليس
المفروض:
أن ينشط عمر في لومه وتقريعه، وفي المطالبة بالإقتصاص منه؟! تماماً كما
فعل مع أبي سفيان حين رآه مع العباس في مر الظهران، وكما فعل مع سهيل
بن عمرو في الحديبية، ومع حاطب بن أبي بلتعة في المدينة قبل المسير إلى
فتح مكة.
ثانياً:
إن عمر قد عودنا في المواقف المشابهة التشدد مع هذا
النوع من الناس إلى حد التمرد على توجيهات رسول الله «صلى الله عليه
وآله» والإصرار على ما يخالفها، كما جرى في قصة حاطب بن أبي بلتعة في
فتح مكة. وفي غيرها مما كان يبادر فيه إلى الطلب من رسول الله «صلى
الله عليه وآله» بأن يأذن له بضرب عنق هذا وذاك..
ولكنه رغم ما كان بينه وبين خالد من كدورات، ظهرت
آثارها في بعض الأحيان، فإنه لا يفرّط بخالد في اللحظات الحاسمة، ومنها
هذه اللحظة، التي لو بادر فيها إلى السعي لإحقاق الحق، ومجازاة خالد،
الذي اعترف له بجريمته، لكانت الضربة القاتلة لخالد، ولو على الصعيد
الإجتماعي العام..
ثالثاً:
قد أظهرت هذه الرواية: أن خالداً كان يكذب على
النبي«صلى الله عليه وآله» وعلى عمر، وعلى عبد الرحمن بن عوف، وعلى
عمار، وابن عمر، وسالم، وعلى سائر الناس وكان يحلف لهم الأيمان ليقنعهم
بمكذوباته..
ولكن عمر لم يعترض على خالد في ذلك، ولو بمقدار نصيحة
يسديها له، يحذره فيها من عواقب الكذب في الدنيا والآخرة..
مع أن عمر كان قد أظهر استبشاعه لجريمة خالد، وأنَّبه
وأعان عبد الرحمن بن عوف عليه، فلماذا نشط ضده هناك، ثم تراجع وانكسر
هنا؟
رابعاً:
هل نستطيع أن نستفيد من سير الأحداث: أن عمر بن الخطاب
كان يسعى لانتزاع اعتراف من خالد، من شأنه أن يجعل خالداً رهينة في
يده. لكي يحد من عنفوانه معه هو، وطغيانه عليه.. ولم يكن يريد أن يجري
أحكام الإسلام فيه. ولا كان يريد أن ينال هذا الظالم جزاءه العادل..
هل لأن خالداً كان على مثل رأيه في علي «عليه السلام»
وحزبه ومحبيه، ويمكن أن يكون مفيداً لهم في مشروعهم الذي يخططون له،
ويعملون من أجله؟!
أم لأن خالداً كان من قومه قريش، الذين يتعصب لهم،
ويريد أن يحميهم، وأن يحفظهم وينصرهم، ولو أوغلوا في دماء المسلمين،
وهتكوا أعراضهم، ونهبوا اموالهم؟!
إن الوقائع المختلفة تؤكد على أن كلا هذين الأمرين كانا
محط نظر عمر بن الخطاب في أمثال هذه الحالات..
وقد أجملت بعض الروايات، أو حاولت أن تزوِّر القول، حين
زعمت: أن المهاجرين والأنصار لم يقتلوا أسراهم..
غير أن ملاحظة سائر الروايات، خصوصاً سياق روايات
الواقدي في مغازيه تعطي: أن الأنصار فقط هم الذين اتخذوا الموقف الحازم
والجازم في هذا الأمر.
ولذلك يلاحظ:
أن التنويه بموقفهم كان هو الأصرح والأقوى..
بل إن عدداً من الروايات قد اقتصرت على ذكر امتناع
الأنصار عن قتل أي أسير كان في يدهم. ولم تذكر اسم أحد سوى أفراد
قليلين من غيرهم صرحت بأسمائهم..
فلاحظ على سبيل المثال قول أياس بن
سلمة عن أبيه قال:
كنت مع خالد بن الوليد، وكان في يدي أسير، فأرسلته
وقلت: اذهب حيث شئت، وكان مع الناس من الأنصار أسارى، فأرسلوهم([21]).
فهو يصرح باسم الأنصار، ولم يذكر المهاجرين.
وعن ابن عمر قال:
وأرسلت أسيري، وما أحب أني قتلته، وأن لي ما طلعت عليه
شمس أو غربت. وأرسل قومي معي من الأنصار قتلاهم([22]).
فقد ذكر:
أن خصوص الأنصار هم أرسلوا أسراهم..
وقد صرح أبو بشير المازني:
بأنه أخرج سيفه، ليضرب عنق أسيره، فقال له الأسير: يا
أخا الأنصار، إن هذا لا يفوتك، انظر إلى قومك.
قال:
فنظرت، فإذا الأنصار طراً قد أرسلوا أساراهم([23]).
ويدل على ذلك أيضاً ما يلي:
عن خارجة بن زيد:
لما نادى خالد بن الوليد في الأسرى يدافُّون، وثب بنو
سليم على أسراهم، فدافُّوهم. وأما المهاجرون والأنصار فأرسلوا أسراهم.
فغضب على من أرسل من الأنصار.
فكلمه يومئذٍ أبو أسيد الساعدي،
وقال:
اتق الله يا خالد، والله، ما كنا لنقتل قوماً مسلمين.
قال:
وما يدريك؟!
قال:
نسمع إقرارهم بالإسلام، وهذه المساجد بساحتهم([24]).
فهذه الرواية وإن كانت قد صرحت:
بأن المهاجرين أرسلوا أسراهم أيضاً، لكن لا شك بأن فيها
بعض التدليس بالنسبة إلى المهاجرين، إذ لماذا انصب غضب خالد على خصوص
الأنصار؟! وكان راضياً عن المهاجرين.
ألا يدلنا ذلك على:
أن المهاجرين قد فعلوا ما أرضاه، ولو بأن أرسل بعضهم
اسراه، وقتل بعضهم من كان بيده؟!
قال الواقدي:
«فأما بنو سليم فقتلوا كل من كان في أيديهم»([25]).
والسبب في ذلك هو:
أن بني سليم كانوا متغيظين على بني جذيمة في حروب كانت
بينهم، ببرزة([26])
وغيرها. وكانت بنو جذيمة قد أصابوهم ببرزة، وهم موتورون، يريدون القود
منهم، فشجعوا عليه([27]).
وبذلك تتلاقى أحقاد بني سليم مع أحقاد خالد بن الوليد،
لتكون ثمرتها كارثة إنسانية، ومذبحة بشرية هائلة، تحمل معهما الخزي
والعار، لمرتكبيها، ولكل من أعانهم، أو مالأهم عليها.
وقد صرحت الروايات أيضاً:
بأنه لما وضع بنو جذيمة السلاح،
قال لهم: إستأسروا، فاستأسر القوم، فأمر بعضهم فكتف بعضاً، وفرقهم في
أصحابه([28]).
فلماذا هذا الإجراء يا ترى؟!
هل هو إجراء إحتياطي من خالد؟ لكي لا يغدر بنو جذيمة
بأصحابه، حين يندفعون نحوهم لتكتيفهم؟!
وأي شيء يمكنهم فعله في هذا المجال؟! وأصحاب خالد
مسلحون، ولا سلاح لدى بني جذيمة؟ فأية حركة تبدر منهم، فستكون سيوف
أصحاب خالد على أتم الإستعداد لاصطلامهم والتهامهم.
أم أن خالداً اراد بهذا الإجراء الإمعان في إذلال بني
جذيمة، والتلذذ بذلك ما شاء له هواه، وأتاحه له كيده وحقده؟!
قد يكون هذا هو الإحتمال الأصوب والأقرب، والأنسب
بأخلاق أهل الغدر، والخيانة، وقساة القلوب، وغلاظ الأكباد.
النبي
ينتصر
لعمار حين يقع في خالد:
قالوا:
ودخل عمار على رسول الله «صلى الله عليه وآله»، فقال:
يا رسول الله، لقد حمش قوماً قد صلوا وأسلموا. ثم وقع بخالد عند النبي
«صلى الله عليه وآله». وخالد جالس لا يتكلم، فلما قام عمار وقع به
خالد.
فقال النبي «صلى الله عليه وآله»:
مه يا خالد، لا تقع بأبي اليقظان، فإنه من يعاده يعاده
الله، ومن يبغضه يبغضه الله، ومن يسفهه يسفهه الله([29]).
ونلاحظ هنا:
1 ـ
إن عماراً لما وقع بخالد كان خالد جالساً.. ولم يكن
عمار يخشى جواب خالد، لأن عماراً لا يقول إلا الحق، ولا يلهج إلا
بالصدق. وليس لدى خالد ما يصح أن يجيب به عماراً، فسكت..
وحين خرج عمار بادر خالد إلى اغتنام الفرصة، فوقع فيه،
حين أمن من الجواب الصارم الواضح، والحازم الفاضح.
فجبهه رسول الله «صلى الله عليه وآله» بما تقدم.. وتلك
صفعة أخرى استحقها مجرم قاتل، وكاذب على رسول الله «صلى الله عليه
وآله».
2 ـ
يلاحظ: أن النبي «صلى الله عليه وآله» كنَّى عماراً وهو
غائب بأبي اليقظان، تكرمة وإجلالاً له، ولكنه خاطب خصمه باسمه مع أنه
حاضر.. وذلك إمعاناً منه في توهين أمره، وتصغير شأنه..
يضاف إلى ذلك:
أنه أمره بالكف وعدم متابعة الكلام، فقال له: مه يا
خالد.
3 ـ
إن كلام النبي «صلى الله عليه وآله» قد تضمن كشفاً عن
دوافع خالد تجاه عمار، وأن دافعه فيما يقوله فيه هو العداوة والبغض،
والتسفيه.
وأما موقف عمار، فهو بداعي:
نصرة الحق، وكبت الباطل، والتماساً لرضا الله تعالى.
ويروي محبو خالد قضية بني جذيمة بصورة تختلف تماماً عما
أثبتته المصادر المختلفة، فعن عبد الملك بن عبد الرحمن بن الحارث، قال:
أمر رسول الله «صلى الله عليه وآله» خالد بن الوليد أن يغير على بني
كنانة، إلا أن يسمع أذاناً، أو يعلم إسلاماً. فخرج حتى انتهى إلى بني
جذيمة، فامتنعوا أشد الإمتناع، وقاتلوا وتلبَّسوا السلاح؛ فانتظر بهم
صلاة العصر والمغرب والعشاء لا يسمع أذاناً، ثم حمل عليهم، فقتل من
قتل، وأسر من أسر، فادَّعوا بعدُ الإسلام.
قال عبد الملك:
وما عتب عليه رسول الله «صلى الله عليه وآله» في ذلك
ولقد كان المقدم حتى مات.
ولقد خرج معه بعد ذلك إلى حنين على مقدمته. وإلى تبوك.
وبعثه رسول الله «صلى الله عليه وآله» إلى أكيدر ودومة
الجندل. فسبى من سبى ثم صالحهم.
ولقد بعثه رسول الله «صلى الله عليه وآله» إلى بلحارث
بن كعب إلى نجران أميراً وداعياً إلى الله، ولقد خرج مع رسول الله «صلى
الله عليه وآله» في حجة الوداع، فلما حلق رسول الله «صلى الله عليه
وآله» رأسه أعطاه ناصيته، فكانت في مقدم قلنسوته. فكان لا يلقى أحداً
إلا هزمه الله تعالى.
ولقد نزل رسول الله «صلى الله عليه وآله» حين هبط من
لفت([30])
في حجته، ومعه رجل، فقال رسول الله «صلى الله عليه وآله»: من هذا؟
فقال الرجل:
فلان.
قال:
بئس عبد الله فلان!
ثم طلع آخر، فقال:
من الرجل؟
فقال:
فلان.
فقال:
بئس عبد الله فلان.
ثم طلع خالد بن الوليد، فقال:
من هذا؟
قال:
خالد بن الوليد.
قال:
نعم عبد الله خالد بن الوليد!
وقال رجل من بني جذيمة مبيَّض، قال:
سمعت خالد بن إلياس يقول: بلغنا
أنه قتل منهم قريباً من ثلاثين رجلاً. انتهى([31]).
ونقول:
هكذا يزور هؤلاء حقائق التاريخ، كرمى لعيون خالد بن
الوليد، ومن كان خالد في خدمتهم، ويسعى في تأييد وتشييد ملكهم
وسلطانهم.
وإليك طائفة من هذه الأكاذيب، التي تضمنتها الرواية
المتقدمة، فهم يدَّعون زوراً:
1 ـ
أن النبي «صلى الله عليه وآله» أمر خالداً أن يغير على
بني كنانة. مع أن الروايات تصرح: بأنه بعثه داعياً، ولم يبعثه مقاتلاً.
2 ـ
وتدَّعي: أن بني جذيمة قد امتنعوا أشد الامتناع.. مع أن
الروايات تصرح: بأنه طلب منهم وضع السلاح، فوضعوه، وطلب منهم أن يكتف
بعضهم بعضاً، ففعلوا.
3 ـ
تدَّعي: أن بني جذيمة قاتلوا.. والروايات تصرح بضد ذلك.
4 ـ
تقول: لقد تلبس بنو جذيمة السلاح.
ونقول:
ولكنهم عادوا فوضعوه لما طلب منهم خالد ذلك، فلماذا تصر
الرواية على التسويق لضد ذلك؟!
5 ـ
وتقول: انتظر بهم خالد صلاة العصر، والمغرب، والعشاء،
ولم يسمع أذاناً. مع أن الروايات تصرح: برفع الأذان، وبوجود المساجد في
ساحاتهم، وكانوا وهم أسرى يصلون عند حضور أوقات الصلاة.
بل الرواية الصحيحة المتقدمة عن الإمام الباقر «عليه
السلام» قد صرحت: بأنه قبل أن يغير عليهم نادى خالد بالصلاة، فصلى
وصلوا، فلما كان وقت الفجر نادى بها فصلى وصلوا. ثم شن عليهم الغارة.
6 ـ
وتدَّعي: أنه بعد أن فعل بهم خالد ذلك ادَّعوا الإسلام.
مع أنهم قد صرحوا: بأنهم مسلمون بمجرد أن سألهم خالد عن حالهم، كما
تقدم..
7 ـ
وتقول: إنه ما عتب النبي «صلى الله عليه وآله» على
خالد. مع أن الروايات تقول: إنه أعرض عنه، وغضب عليه مدة طويلة..
8 ـ
تقول: إنه إنما قتل منهم ثلاثين رجلاً فقط. مع أن ابن
حبيب يصرح: بأنه قتل منهم اربع مائة غلام.
9 ـ
تقول: كان خالد المقدم عند النبي «صلى الله عليه وآله»
حتى مات.. مع أن غضبه على خالد، وإعراضه عنه بعد فعلته هذه، ظاهر في
النصوص والآثار، مع أن هذا الكلام لا شاهد له سوى دعوى قائليه.
أما ما اعتبروه دليلاً على تقدم خالد عند رسول الله
«صلى الله عليه وآله»، فهو ما يلي:
1 ـ
خرج بعد ذلك إلى حنين على مقدمته «صلى الله عليه وآله».
2 ـ
بعثه «صلى الله عليه وآله» إلى نجران أميراً وداعياً
إلى الله.
3 ـ
بعثه إلى تبوك.
4 ـ
بعثه إلى أكيدر ودومة الجندل.
5 ـ
خرج مع رسول الله «صلى الله عليه وآله» في حجة الوداع.
فلما حلق «صلى الله عليه وآله» أعطاه ناصيته. فكانت في مقدم قلنسوته..
فكان لا يلقى أحداً إلا هزمه.
6 ـ
قول النبي «صلى الله عليه وآله»: نعم عبد الله خالد بن
الوليد.
ونقول:
أولاً:
سيأتي إن شاء الله عدم صحة ما زعموه من إرساله في عدد
مما ذكر. أو أننا على الأقل نملك ما يبرر شكنا في صحة ما ينقل من ذلك.
وليكن ما فعله ببني جذيمة أحد هذه المبررات.
ثانياً:
إنه كان لا بد من إرسال رؤوس الشرك والمعروفين بالشراسة
والفتك فيهم، ليكونوا هم الدعاة للناس إلى الدخول في الإسلام، فإن ذلك
يوجب سكينة الناس، واطمئنانهم إلى أنه ليس ثمة من يخشى من صولته،
وفتكه، لو أظهر أنه يترصد الفرصة للإنقلاب على الأعقاب..
([1])
الغميصاء: موضع في البادية قرب مكة إلى جهة يلملم.
([2])
المنمق (ط الهند سنة 1384 هـ) ص248 و (نسخة مخطوطة) ص209.
([3])
المنمق ص252 و259 و (نسخة مخطوطة) ص211 و 212 وراجع: الوسائل
(ط مؤسسة آل البيت) ج1 ص17 والنص والإجتهاد ص460 ومكاتيب
الرسول ج2 ص627 وموسوعة الإمام علي بن أبي طالب «عليه السلام»
ج1 ص266.
([4])
المغازي للواقدي ج3 ص884.
([5])
عمدة القاري ج5 ص286 وميزان الإعتدال ج2 ص408 ونصب الراية
للزيلعي ج1 ص464.
([6])
عمدة القاري ج5 ص286 ونصب الراية للزيلعي ج1 ص464 والكامل لابن
عدي ج3 ص5 وتحفة الأحوذي ج8 ص68 وتهذيب التهذيب ج3 ص70 و 71.
([7])
ميزان الإعتدال ج1 ص627 و628 وتهذيب التهذيب ج3 ص70 و 71 وعمدة
القاري ج5 ص286 ونصب الراية للزيلعي ج1 ص464 وضعفاء العقيلي ج2
ص3 والجرح والتعديل ج3 ص321 والكامل لابن عدي ج3 ص5 وبحر الدم
للمبرد ص48 وتحفة الأحوذي ج8 ص68 وتهذيب التهذيب ج3 ص70.
([8])
تخريج الأحاديث والآثار ج1 ص42 ونصب الراية للزيلعي ج1 ص464
وتهذيب التهذيب ج3 ص70.
([9])
الجرح والتعديل ج3 ص321 وتهذيب التهذيب ج3 ص70.
([10])
تحفة الأحوذي ج8 ص68 وتهذيب التهذيب ج3 ص71.
([11])
تهذيب التهذيب ج3 ص70 و 71.
([12])
تاريخ اليعقوبي (ط صادر) ج2 ص61 وراجع المصادر المتقدمة.
([13])
أنساب الأشراف ج1 ص381.
([14])
المغازي للواقدي ج3 ص882.
([15])
راجع: المغازي للواقدي ج1 ص241 والسيرة الحلبية ج2 ص229 وتاريخ
الخميس ج1 ص433 والمجموع للنووي ج19 ص288 ومسند أحمد ج1 ص137
وصحيح البخاري ج3 ص228 وج5 ص32 و 33 وج7 ص116 وصحيح مسلم ج7
ص125 وسنن الترمـذي ج4 ص211 وج5 ص314 وفضائل الصحابة للنسائي
ص34 والمستدرك للحاكـم ج2 ص96 والسنن = = الكبرى للبيهقي ج9
ص162 وشرح مسلم للنووي ج15 ص184 وفتح الباري ج6 ص69 وج7 ص66
وعمدة القاري ج14 ص142 و 185 وج17 ص148 و 149 وج22 ص204 والأدب
المفرد للبخاري ص174 ومكارم الأخلاق لابن الدنيا ص63 وكتاب
السنة ص600 والسنن الكبرى للنسائي ج5 ص61 وج6 ص56 و 57 و 58 و
59 ومسند أبي يعلى ج1 ص334 وج2 ص35 وصحيح ابن حبان ج15 ص447
ومصادر كثيرة أخرى.
([16])
السيرة الحلبية ج2 ص229 و 217 و 327 و 328 عن الشيخين،
والترمذي، وحسَّنه، والتاريخ الكبير للبخاري ج6 ص139 والسيرة
النبوية لدحلان ج2 ص5 و 10 وسبل الهدى والرشاد ج4 ص562 وحدائق
الأنوار ج2 ص590 عن الصحيحين، وصحيح البخاري، كتاب أصحاب النبي
«صلى الله عليه وآله»، باب مناقب الزبير، وفضائل الصحابة
للنسائي ص34 وفتح الباري ج10 ص469 وعمدة القاري ج14 ص142 وج16
ص225 وج22 ص204 وتحفة الأحوذي ج8 ص96 والمصنف لابن أبي شيبة ج7
ص510 وج8 ص501 و 503 وكتاب السنة ص597 والسنن الكبرى للنسائي
ج5 ص61 وج6 ص58 ومسند أبي يعلى ج2 ص35 والإستيعاب ج2 ص513 وكنز
العمال ج13 ص206 و 208 و 210 و 211 والطبقات الكبرى لابن سعد
ج3 ص106 وتاريخ ابن معين ج2 ص56 ومصادر كثيرة أخرى.
([17])
الآية 219 من سورة الشعراء.
([18])
راجع: البحار ج15 ص3 وج16 ص204 وج86 ص118 وميزان الحكمة ج4
ص3019 وتفسير مجمع البيان ج7 ص358 والتفسير الصافي ج4 ص54
وتفسير نور الثقلين ج4 ص69 وتفسير مجمع البيان ج7 ص358 وتفسير
الميزان ج15 ص336 وراجع: مدينة المعاجز ج1 ص347 ومجمع الزوائد
ج7 ص86 وج8 ص214 وإختيار معرفة الرجال ج2 ص488 وتفسير السمعاني
ج4 ص71 وتفسير القرآن العظيم ج3 ص365 ومعجم رجال الحديث ج18
ص132 وسبل الهدى والرشاد ج1 ص235 والسيرة الحلبية (ط دار
المعرفة) ج1 ص49.
([20])
كنز العمال ج10 ص589 و 590 عن الواقدي، وابن عساكر. ونقل عن
تاريخ مدينة دمشق ج16 ص235 والمغازي للواقدي ج3 ص880 و 881
وبغية الطلب في تاريخ حلب لابن عديم الحلبي ج7 ص3146.
([21])
المغازي للواقدي ج3 ص876.
([22])
المغازي للواقدي ج3 ص877.
([24])
المغازي للواقدي ج3 ص877 وإمتاع الأسماع ج2 ص7.
([25])
المغازي للواقدي ج3 ص876.
([26])
موضع في ديار بني كنانة . وفيه أوقعت بنو فراس بن مالك من بني
كنانة ببني سليم (معجم ما استعجم ص152).
([27])
المغازي للواقدي ج3 ص878.
([28])
سبل الهدى والرشاد ج6 ص200 عن ابن سعد، وراجع: تاريخ الخميس ج2
ص97 والمغازي للواقدي ج3 ص876 والطبقات الكبرى لابن سعد ج2
ص147 و 148 وعيون الأثر ج2 ص209 وزاد المعاد ج3 ص415 وغير ذلك.
([29])
المغازي للواقدي ج3 ص881 و 882.
([31])
المغازي للواقدي ج3 ص883 و 884.
|