عـلــي
فــي
الـيــمـــن

عن البراء بن عازب قال:
بعث رسول الله «صلى الله عليه وآله» خالد بن الوليد إلى
أهل اليمن يدعوهم إلى الإسلام. قال البراء: فكنت فيمن خرج مع خالد بن
الوليد، فأقمنا ستة أشهر ندعوهم إلى الإسلام، فلم يجيبوا.
ثم إن النبي «صلى الله عليه وآله» بعث علي بن أبي طالب
مكان خالد وأمره أن يقفل خالداً، وقال: «مر أصحاب خالد من شاء منهم أن
يعقب معك فليعقب، ومن شاء فليقبل».
قال البراء:
فكنت فيمن عقب مع علي، فلما دنونا من القوم خرجوا
إلينا، فصلى بنا علي، ثم صفنا صفاً واحداً، ثم تقدم بين أيدينا وقرأ
عليهم كتاب رسول الله «صلى الله عليه وآله»، فأسلمت همدان جميعاً.
فكتب علي إلى رسول الله «صلى الله عليه وآله» بإسلامهم.
فلما قرأ رسول الله «صلى الله عليه وآله» الكتاب خر
ساجداً، ثم رفع رأسه وقال: «السلام على همدان»، مرتين.
زاد في نص آخر أنه قال أيضاً:
نِعم الحي همدان ما أسرعها إلى النصر! وأصبرها على
الجهد ! فيهم أبدال، وفيهم أوتاد([1]).
وعند البخاري عن البراء قال:
«فغنمت أواق ذوات عدد»([2]).
وعن البراء قال:
بعث رسول الله «صلى الله عليه وآله» إلى اليمن جيشين،
وأمَّر علياً على أحدهما. وعلى الآخر خا لد بن الوليد. وقال: «إذا كان
قتال فعلي رضي الله تعالى عنه الأمير».
قال:
فافتتح علي حصناً، فغنمت أواقي ذوات عدد، وأخذ علي منه
جارية.
قال:
فكتب معي خالد إلى رسول الله «صلى الله عليه وآله» ـ
الذي في جامع الترمذي «يشي به».
قال الترمذي:
يعني النميمة ـ يخبره.
قال:
فلما قدمت على رسول الله «صلى الله عليه وآله»، وقرأ
الكتاب رأيته يتغير لونه، فقال: «ما ترى في رجل يحب الله ورسوله ويحبه
الله تعالى ورسوله»؟
فقلت:
أعوذ بالله من غضب الله تعالى وغضب رسوله، إنما أنا
رسول.
فسكت([3]).
وعن بريدة بن الحصيب قال:
«أصبنا سبياً، فكتب خالد إلى رسول الله «صلى الله عليه
وآله»: «ابعث إلينا من يخمسه». وفي السبي وصيفة هي من أفضل السبي.
فبعث رسول الله «صلى الله عليه وآله» علياً إلى خالد
ليقبض منه الخمس، وفي رواية: ليقسم الفيء، فقبض منه، فخمس وقسم، واصطفى
علي سبية، فأصبح وقد اغتسل ليلاً.
وكنت أبغض علياً بغضاً لم أبغضه أحداً، وأحببت رجلاً من
قريش لم أحبه إلا لبغضه علياً.
فقلت لخالد:
ألا ترى إلى هذا؟
وفي رواية:
فقلت: يا أبا الحسن، ما هذا؟
قال:
ألم تر إلى الوصيفة، فإنها صارت في الخمس، ثم صارت في
آل محمد، ثم في آل علي، فوقعت بها.
فلما قدمنا على رسول الله «صلى الله عليه وآله» ذكرت له
ذلك([4]).
وفي رواية:
فكتب خالد إلى رسول الله «صلى الله عليه وآله»، فقلت:
ابعثني، فبعثني، فجعل يقرأ الكتاب وأقول: صدق، فإذا النبي «صلى الله
عليه وآله» قد احمر وجهه، فقال: «من كنت وليه فعلي وليه».
ثم قال:
«يا بريدة أتبغض علياً»؟
فقلت:
نعم.
قال:
«لا تبغضه، فإن له الخمس أكثر من ذلك»([5]).
وفي رواية:
«والذي نفسي بيده لنصيب علي في الخمس أفضل من وصيفة،
وإن كنت تحبه فازدد له حباً»([6]).
وفي رواية:
«لا تقع في علي، فإنه مني وأنا منه، وهو وليكم بعدي»([7]).
قال بريدة:
فما كان في الناس أحد أحب إلي من علي.
وعن
بريدة:
بعث «صلى الله عليه وآله» علي بن أبي طالب «عليه
السلام»، وخالد بن الوليد كل واحد منهما وحده، وجمعهما، فقال: إن
اجتمعتما فعليكم علي.
قال:
فأخذ يميناً ويساراً، فدخل علي، وأبعد وأصاب سبياً،
وأخذ جارية من السبي، قال بريدة: وكنت من أشد الناس بغضاً لعلي.
قال:
فأتى رجل خالد بن الوليد فذكر أنه أخذ جارية من الخمس،
فقال: ما هذا؟
ثم جاء آخر، ثم تتابعت الأخبار على
ذلك، فدعاني خالد، فقال:
يا بريدة قد عرفت الذي صنع، فانطلق بكتابي هذا إلى رسول
الله «صلى الله عليه وآله».
فكتب إليه، فانطلقت بكتابه حتى دخلت على رسول الله «صلى
الله عليه وآله»، فأخذ الكتاب بشماله، وكان كما قال الله عز وجل: لا
يقرأ ولا يكتب، وكنت إذا تكلمت طأطأت رأسي حتى أفرغ من حاجتي، فطأطأت
رأسي، فرأيت رسول الله «صلى الله عليه وآله» غضب غضباً لم أره غضب مثله
إلا يوم قريظة والنضير.
فنظر إليّ، فقال:
يا بريدة أحِبَّ علياً، فإنما يفعل ما أمر به، فقمت وما
من الناس أحد أحب إليّ منه([8]).
عن بريدة:
أنه لما استلم علي «عليه السلام» الغنائم من خالد بن
الوليد في غزوتهم لبني زبيد، حصلت جارية من أفضل السبي في الخمس، ثم
صارت في سهم آل علي، فخرج عليهم علي «عليه السلام» ورأسه يقطر، فسألوه؛
فأخبرهم: أنه وقع بالوصيفة التي صارت في سهم آل علي.
فقدم بريدة في كتاب من خالد على النبي «صلى الله عليه
وآله»، وصار يقرؤه عليه بريدة، ويصدق (أي بريدة) ما فيه، فأمسك «صلى
الله عليه وآله» بيده، وقال: يا بريدة أتبغض علياً؟
قال:
نعم.
فقال «صلى الله عليه وآله»:
لا تبغضه، وإن كنت تحبه فازدد له حباً،
فوالذي نفسي بيده لنصيب آل علي في الخمس أفضل من وصيفة.
وفي نص آخر:
فتكلم بريدة في علي عند الرسول، فوقع فيه، فلما فرغ رفع
رأسه، فرأى رسول الله غضب غضباً
لم يره غضب مثله إلا يوم قريظة والنضير، وقال: يا بريدة، أحب علياً،
فإنه يفعل ما آمره. وكذا روي عن غير بريدة([9]).
وفي الرواية التي عند المفيد رضوان
الله عليه:
«فسار بريدة، حتى انتهى إلى باب النبي «صلى الله عليه
وآله»، فلقيه عمر، فسأله عن حال غزوتهم، وعن الذي أقدمه؛ فأخبره: أنه
إنما جاء ليقع في علي، وذكر له اصطفاءه الجارية من الخمس لنفسه، فقال
له عمر:
امض
لما جئت له؛ فإنه سيغضب لابنته مما صنع علي»([10]).
قال الصالحي الشامي:
تنبيهات:
الأول:
قال ابن إسحاق وغيره: غزوة علي بن أبي طالب إلى اليمن
مرتين، قال في العيون: ويشبه أن تكون هذه السرية الأولى، وما ذكره ابن
سعد هي السرية الثانية كما سيأتي.
الثاني:
قال الحافظ: كان بعث علي بعد رجوعهم من الطائف، وقسمة
الغنائم بالجعرانة.
الثالث:
قال الحافظ أبو ذر الهروي: إنما أبغض بريدة علياً، لأنه
رآه أخذ من المغنم، فظن أنه غلّ.
فلما أعلمه رسول الله «صلى الله عليه وآله» أنه أخذ أقل
من حقه أحبه.
قال الحافظ:
وهو تأويل حسن، لكن يبعده صدر الحديث الذي رواه أحمد،
فلعل سبب البغض كان لمعنى آخر وزال، ونهى النبي «صلى الله عليه وآله»
عن بغضه.
الرابع:
استشكل وقوع علي رضي الله تعالى عنه على الجارية.
وأجيب:
باحتمال أنها كانت غير بالغ، ورأى أن مثلها لا يستبرأ،
كما صار إليه غيره من الصحابة.
أو أنها كانت حاضت عقب صيرورتها له، ثم طهرت بعد يوم
وليلة، ثم وقع عليها.
أو كانت عذراء.
الخامس:
استشكل أيضاً قسمته لنفسه.
وأجيب:
بأن القسمة في مثل ذلك جائزة ممن هو شريكه فيما يقسمه،
كالإمام إذا قسم بين الرعية وهو منهم، فكذلك ممن نصبه الإمام، فإنه
مقامه([11]).
قد ذكر بعض كتَّاب السيرة النصوص المتقدمة في موضع
واحد، وتحت عنوان واحد.. وقد تابعناه في ذلك مع بعض الإضافات التي
رأيناها مفيدة، وسديدة..
فكان هذا البعض قد فهم أنها تتحدث عن أحداث سفرة واحدة
وهي في سفرة علي «عليه السلام» وخالد إلى اليمن..
وربما يكون ذلك صحيحاً بالنسبة لخالد، فإنه هو الذي بقي
ستة أشهر في اليمن دفعة واحدة، أما علي «عليه السلام» فربما يكون قد
سافر أكثرمن مرة، تارة لأجل بني زبيد كما ذكره في الإشارة، أو لمعالجة
أمور خالد، أو لغير ذلك..
ويمكننا أن نعرض فهمنا لما جرى كما يلي:
كان خالد قد سار إلى اليمن، ليدعو أهلها إلى الإسلام،
ولعله قد خاض حرباً مع بعض الفئات، فأصاب منهم سبياً، فطلب من النبي
«صلى الله عليه وآله» أن يرسل إليه من يقبضه منه، فأرسل علياً «عليه
السلام»، فاصطفى علي «عليه السلام» جاريته من السبي، فأرسل خالد بريدة
إلى النبي «صلى الله عليه وآله» ليشتكيه.. حسبما تقدم.. أو أنه «عليه
السلام» اصطفاها بعد أن أوغل في داخل البلاد وأبعد، وافتتح في طريقه
حصناً، وأصاب سبياً، وانضم السبي بعضه إلى بعض، فاصطفى «عليه السلام»
من مجموع السبي تلك الجارية، فشكاه بريدة إلى رسول الله «صلى الله عليه
وآله»، فأجابه بما تقدم.
ولعل علياً «عليه السلام» قد عاد إلى النبي «صلى الله
عليه وآله» على الظاهر، وبقي خالد في بلاد اليمن، لكي يسعى لأسلمة
أهلها، فلم يفلح. ولعله قد أساء إلى أولئك الناس، فلم يستجيبوا له ـ
كما سنرى ـ وبعد ستة أشهر أرسل «صلى الله عليه وآله» علياً «عليه
السلام» إليه، ليقفله، ويمضي هو إلى اليمن ليدعو أهلها، ففعل ذلك،
فأسلمت همدان في ساعة واحدة([12]).
ثم إنه قد يثور هنا سؤال يقول:
لا شك في أن الإسلام الذي دعا إليه علي «عليه السلام»
أهل اليمن، هو نفس الإسلام الذي دعا إليه خالد بن الوليد، فلماذا لم
يقبلوا من خالد، رغم أنه بقي هو ومن معه ستة أشهر يدعونهم إلى
الإسلام؟! بينما لما أرسل «صلى الله عليه وآله» علياً أمير المؤمنين
«عليه السلام»، فأقفل خالداً ومن معه، ثم ذهب إليهم وصلى بأصحابه، وقرأ
عليهم كتاب رسول الله «صلى الله عليه وآله»، أسلمت همدان كلها في ساعة
واحدة؟!
فما هذه المفارقة التي ظهرت في فعل هؤلاء؟!
وقد حاول البعض أن يجيب على هذا السؤال بما يلي:
«كانت التجريدات العسكرية تقف على أهبة الاستعداد
لمواجهة المقاومة التي يبديها أولئك الذين يرفضون الإستجابة للنداءات
المتكررة لقبول الإسلام من قبل الدعاة. وبذلك تحمل القوة الحربية رسالة
هؤلاء الدعاة السلمية.
وقد بعث خالد بن الوليد في العام العاشر إلى اليمن
للقيام بهذا الواجب، واستمر في ذلك ستة أشهر، ولكن جهوده لم تثمر
النجاح الذي كا يريده محمد «صلى الله عليه وآله»، فعززت قوات خالد بجيش
يقوده علي بن أبي طالب. وزحف في رمضان من ذلك العام.
وكان لذلك أثره الحاسم الذي برز في النتائج السريعة
التي نجمت عنه، فقد قيل: إن كل همدان أسلمت في يوم واحد»([13]).
ونقول:
إن ما ذكره هذا البعض لا يمكن الموافقة عليه، وذلك لما
يلي:
أولاً:
إن هذا الرجل
يريد أن يدَّعي: أن هؤلاء الناس قد أسلموا تحت وطأة التهديد، والجبر،
والقهر، وأن الإسلام كان يفرض على الناس بقوة السيف.. وهذا باطل جزماً،
فإنه {لاَ
إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ}([14])،
و {فَمَن شَاء
فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ}([15])،
و {أَفَأَنتَ
تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ}([16])،
وغير ذلك كثير.. والقتال الذي كان يجري، إنما كان دفاعياً، أو
استباقياً حين يتآمر المشركون، ويتجمعون للانقضاض على المسلمين على حين
غرَّة.
ثانياً:
قد تقدم: أن ذهاب خالد وعلي «عليه السلام» إلى اليمن
إنما كان سنة ثمان بعد فراغ النبي «صلى الله عليه وآله» من الفتح
وحنين، حيث أرسلهما حين كان «صلى الله عليه وآله» لا يزال بالجعرانة،
ولم يكن سنة عشر.
ولعل الأجدر الإجابة على السؤال المتقدم، بما يلي:
أولاً:
الكلمة إذا خرجت من القلب وقعت في القلب([17])،
وإنما أسلم خالد في السنة الثامنة، وهي نفس السنة التي أرسله النبي
«صلى الله عليه وآله» فيها إلى اليمن.. في حين أنه هو نفسه بقي يحارب
الله ورسوله طيلة أكثر من عشرين سنة، رغم أنه يرى المعجزات الإلهية،
ويشاهد محاسن الإسلام وهي تتجلى في سلوك المؤمنين، وفي أقوالهم،
وأفعالهم.
ثم إنه لما رأى سطوع نجمه، وظهوره على الدين كله وأفول
نجم الشرك، وتهاوي أركانه واحداً تلو الآخر، وطمس أعلامه، وسقوط دعاته
في حمأة الخزي والذل والعار، آثر أن يكون مع الكفة الراجحة والناجحة،
ليضمن له موقعاً قبل فوات الأوان.
فأظهر الإسلام ولكنه بقي يحمل مفاهيم الشرك، وعقلية
الجاهلية، ويعيش طموحاته الشخصية والفئوية والعشائرية كما أظهرته
ممارساته، وسيرة حياته.
فراجع ما فعله بمالك بن نويرة لمجرد رفضه بيعة أبي بكر،
فإنه خدعه، ثم قتله وزنى بزوجته في نفس ليلة قتله..
فشتان بين من يريد الإسلام، ليكون وسيلة للوصول إلى
أهدافه وتحقيق مآربه، ونيل غاياته التي يرى أنها هي الأهم والأغلى
عليه.. وبين علي بن أبي طالب «عليه السلام» الذي يرى أن الإسلام هو
الأعلى والأغلى، وأن عليه أن يضحي بنفسه وماله وولده من أجله..
فإذا دعا خالد الناس إلى الإسلام، فإنه لن يكون الداعي
الصادق، والمخلص في دعوته، ولن تخرج كلماته عن الإسلام من قلبه، لتجد
سبيلها إلى قلوب الآخرين، وفقاً لما قيل: «من القلب إلى القلب سبيل»([18]).
ثانياً:
لقد خاطب الله نبيه بقوله:
{ادْعُ
إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ
وَجَادِلهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}([19]).
وهذا يدلنا على:
أن خالداً لم يدْعُ أهل اليمن بالحكمة، والموعظة
الحسنة، ولا جادلهم بالتي هي أحسن. ولذلك لم يستجيبوا له رغم مرور ستة
أشهر على محاولاته، كما أن الناس لم يروا محاسن الإسلام على تصرفات
خالد، ومن معه، ولم تظهر لهم حقائقه ودقائقه، ولا تلمسوا أهدافه،
ومراميه..
أي أنه لم يكن داعياً إلى الله بأفعاله وسلوكه، ليكون
مصداقاً لقول أهل بيت العصمة: «كونوا دعاة إلى الله بغير ألسنتكم».
بل ربما يكون قد أساء إليهم، وحاول أن يبتزهم في
أموالهم أو في أعراضهم، أو أن يفرض عليهم الإستسلام، والخضوع لأوامره
ونواهيه، ليكون إسلامهم مجرد لقلقة لسانية ليس وراءها إيمان ولا
اعتقاد..
أي أنه لم يزد على أن قدم لهم مجرد دعوة لسانية، ولعلها
كانت تحمل في ثناياها الكثير من التحديات، والمنفرات لهم.
أما علي «عليه السلام» فقد بادر إلى إظهار عبوديته ومن
معه لله تعالى، وأظهر لهم أيضاً أن الإسلام يجعل من جميع الناس، الذين
هم متفرقون عشائرياً، ومناطقياً وطبقاتياً في مجتمعاتهم، من الناحية
الإقتصادية، والثقافية، والعرقية وغير ذلك من عناوين أراد الله أن تكون
من أسباب التكامل والتعاون فيما بين البشر، فجعلت منها الأهواء أسباباً
للتمزق، والتفرق، والتشتت والتفتت ـ أظهر لهم أن الإسلام يجعل منهم ـ
صفاً واحداً كأنهم بنيان مرصوص، لهم قائد واحد، وهدف واحد، واتجاه
واحد.
ثالثاً:
قد نجد في النصوص المتقدمة ما يشير إلى أن خالداً كان
هو المشكلة والعائق، حيث إن النبي «صلى الله عليه وآله» قد أمر
بإرجاعه، دون جميع من عداه.. فإنه قد خيرهم بين الرجوع معه، والمضي مع
علي «عليه السلام»، وإن كنا لم نستطع أن نتبين طبيعة الإساءة التي صدرت
منه، ولا بينت لنا النصوص حقيقة ما صدر منه بالتفصيل.. فلاحظ ما سنشير
إليه فيما يلي أيضاً..
وقد ذكرت النصوص المتقدمة:
أن النبي«صلى الله عليه وآله» أمر علياً «عليه السلام»
أن يقفل خالداً إليه، أما من معه، فهم بالخيار بين أن يقفلوا معه، وأن
يلحقوا بأمير المؤمنين «عليه السلام»..
وهذا يثير أكثر من علامة استفهام حول خالد، وحول طبيعة
أدائه فيما يرتبط بالمهمة التي انتدبه النبي «صلى الله عليه وآله»
إليها.
وتتأكد هذه الشبهة إذا لوحظ:
أنه «صلى الله عليه وآله» لم يلزم أحداً ممن كانوا مع
خالد بالمضي، أو بالرجوع..
ولعل عدم الإلزام هذا يهدف إلى تحقيق فرز طبيعي، وطوعي
لمن كان يوافق على مسلكية خالد عمن كان لا يوافقه رأيه، ولا يرضى
مسلكيته. ويكون الذين يلتحقون بعلي «عليه السلام» هم هذا الفريق
الأخير..
غير أن النصوص المتوفرة لنا لا تخولنا تحديد طبيعة
الخلل الذي ظهر من خالد ومن مؤيديه.. ونحن لا نستغرب شحة النصوص هنا،
فإن الأمر يتعلق من جهة بخالد بن الوليد سيف السلطة الذي أشهرته في وجه
معارضيها، ممن رفض البيعة لأبي بكر..
ويرتبط بنحو أو بآخر بعلي «عليه السلام»، الذي غُصب
حقه، ومورست ضده مختلف اساليب القهر والتزوير، وغير ذلك، ولم يزل
مبغَّضاً لكل الذين تعاقبوا على مقام الخلافة منذ وفاة رسول الله «صلى
الله عليه وآله»، وإلى ما بعد المئات من السنين..
والذي يقرأ سياق القصة، الذي ذكرناه آنفاً وفقاً لما
ذكره الصالحي الشامي لا يجد فيها ما يشير إلى أن المسلمين قد خاضوا
حرباً، فما معنى قول البراء: فغنمت أواقي ذوات عدد..
بل المذكور فيها هو:
أن علياً «عليه السلام» صلى بأصحابه، ثم قرأ الكتاب على
الناس، فأسلمت همدان.. فمِمَّن غنم البراء تلك الأواقي ذات العدد
الكثير؟ وأين جرى ذلك القتال؟ ومع من؟ ومن الذي قُتل أو أسر فيه؟ ومن
هم السبايا؟ وما مصيرهم؟
فالظاهر الذي تعطيه مراجعة النصوص
في المصادر الروائية والتاريخية:
أن ثمة خلطاً بين الروايات، والصحيح هو: أن علياً «عليه
السلام» قد ذهب في سرية وذهب خالد في سرية أخرى، وقال لهما رسول الله
«صلى الله عليه وآله»: إن التقيتما فعلي هو الأمير..
ثم جرى فتح بعض الحصون على يد علي «عليه السلام»، ولعل
خالداً أيضاً قد حصّل بعض السبايا بسبب قتال في مجال آخر.. ثم اصطفى
علي «عليه السلام» جاريته، واشتكى عليه بريدة بتحريض من خالد. أو
بمشاركة منه كما تقدم..
ولعل هذا قد حصل في سرية كانت إلى بعض أطراف اليمن، أو
القريبة منها، وهي غير إرسال علي «عليه السلام» وخالد لدعوة أهل
اليمن.. حسبما فصلناه..
إن سرور النبي «صلى الله عليه وآله» بدخول الناس في
الإسلام لهو أمر طبيعي يفرضه حرصه «صلى الله عليه وآله» على إخراج
الناس من الظلمات إلى النور. بالإضافة إلى أن يشعر كل من ينجز عملاً
يتضمن نجاة النفوس من الهلاك بنشوة خاصة، ولذة غير عادية.
ولكن ما أظهره النبي «صلى الله عليه وآله» من سرور حين
بلغه إسلام قبيلة همدان كان غير عادي أيضاً إذا قيس بما رأيناه منه حين
إسلام جماعات أخرى من الناس قد تكون أكثر عدداً، ولها موقع قد يتراءى
أنه أشد حساسية، وأعظم أهمية..
فقد سجد «صلى الله عليه وآله» ثم
رفع رأسه وقال:
السلام على همدان.. أكثر من مرة. وأطلق كلمات هامة في
حق همدان أيضاً..
ونحن نعلم:
أن اهتمام النبي «صلى الله عليه وآله» بأمر، يعكس أهمية
ذلك الأمر في تأييد الدين، ونيل رضا رب العالمين، فهل تراه كان ينظر
إلى الغيب، وتكشف له الحجب عن موقف مميز لهذه القبيلة، يكون له أثر هام
في تأييد دين الله، وفي نصرة وصيه «صلى الله عليه وآله»، ووليه تبارك
وتعالى؟!
وإذا راجعنا التاريخ، فإننا لا نجد لهمدان هذا الموقف
المميز في حياة رسول الله «صلى الله عليه وآله»، بل كانت لها مواقف
عظيمة بعد وفاته «صلى الله عليه وآله» طافحة بالتأييد والنصرة في ساحات
الجهاد لوصي علي أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام، في صفين وفي
غيرها، حتى قال «عليه السلام» مادحاً لها:
فـلـو
كنـت
بوابـاً
على بـاب
جنة لـقـلـت
لهمـدان
ادخـلوا
بسلام([20])
ونذكر مثالين آخرين هنا أيضاً من مواقف همدان في نصرة
الحق وأهله، وهما:
1 ـ
إنه حين أراد أهل الكوفة بعد موت يزيد «لعنه الله» أن
يؤمروا عليهم الخبيث المجرم عمر بن سعد لعنه الله واخزاه، جاءت نساء
همدان، وربيعة، وكهلان، والأنصار، والنخع إلى الجامع الأعظم صارخات،
باكيات، معولات، يندبن الحسين«عليه السلام» ويقلن: أما رضي عمر بن سعد
بقتل الحسين حتى أراد ان يكون أميراً علينا على الكوفة؟!
فبكى الناس وأعرضوا عنه([21]).
2 ـ
إنه حين طعن الإمام الحسن «عليه السلام» دعا ربيعة
وهمدان. فأطافوا به ومنعوه، فسار ومعه شوب من غيرهم([22]).
وقد ذكرت بعض نصوص حديث بريدة
المتقدم:
أنه لما ارتد عمرو بن معديكرب أرسل النبي «صلى الله
عليه وآله» علياً «عليه السلام» إلى بني زبيد، فغنم وسبى، واصطفى «عليه
السلام» جارية، وذهب بريدة ليشتكي على علي «عليه السلام».
فسار حتى انتهى إلى باب النبي «صلى الله عليه وآله»،
فلقيه عمر بن الخطاب، فسأله عن حال غزوتهم، وعن الذي أقدمه. فأخبره أنه
إنما جاء ليقع في علي «عليه السلام»، وذكر له اصطفاءه الجارية من الخمس
لنفسه.
فقال له عمر:
امض لما جئت له، فإنه سيغضب لابنته مما صنع علي.
ثم ذكرت الرواية:
أن بريدة دخل على النبي «صلى الله عليه وآله» وجعل
يحدثه بما جرى، فتغير وجه النبي «صلى الله عليه وآله»، فقال له بريدة:
إنك إن رخصت للناس في مثل هذا ذهب فيؤهم..
فقال له «صلى الله عليه وآله»:
ويحك يا بريدة، أحدثت نفاقاً!!
إن علي بن أبي طالب يحل له من الفيء ما يحل لي.
إن علي بن أبي طالب خير الناس لك ولقومك، وخير من أخلف
بعدي لكافة أمتي.
يا بريدة، احذر أن تبغض علياً فيبغضك الله.
قال بريدة:
فتمنيت أن الأرض انشقت لي فسخت فيها الخ..([23]).
والذي يثير الإنتباه في هذا النص هو الأمور التالية:
1ـ
إن بريدة قدم خصيصاً ليقع في علي «عليه السلام».
والسؤال الظاهر هنا هو:
ألم يكن بإمكانه هو وخالد بن الوليد أن يصبرا حتى يقدما
مع السرية على رسول الله «صلى الله عليه وآله»؟
أم أنهما أرادا أن يتخذ رسول الله «صلى الله عليه وآله»
إجراءً غيابياً في حق علي «عليه السلام» من دون أن يتمكن علي «عليه
السلام» من الدفاع عن نفسه؟
أم أن الذي دعاهما للعجلة هو شدة بغضهما لعلي «عليه
السلام»، وقد وجدا الفرصة للتنفيس عن هذا الحقد؟
أم أنهما خافا أن يحن رسول الله «صلى الله عليه وآله»
إلى صهره، وابن عمه، لو أن الشكوى كانت بحضوره؟!
أما في حال غيبته، فإن وطأة هذا الحنين ستكون أخف، ولعل
رسول الله «صلى الله عليه وآله» يسارع إلى إصدار حكمه ضده، وسيكون
التراجع عنه صعباً، أو سيكون تراجعاً ضعيفاً وترقيعياً، لا يفي بالغرض،
ولا يزيل جميع الآثار والندوب والتشويهات؟!
2 ـ
إن علياً «عليه السلام» قد بين لهم الحكم الشرعي،
فلماذا، وما هو المبرر للوقيعة به عند رسول الله «صلى الله عليه وآله»
بعد أن اتضح لهم أنه «عليه السلام» لم يخالف حكم الله، فإن كانوا يرون
خطأ علي «عليه السلام» فيما قال فلماذا لم يعترضوا عليه، ويفندوا
أقواله؟!
ثم ألم يخطر في بالهم أن يجيبهم النبي«صلى الله عليه
وآله» بنفس ما أجابهم به علي «عليه السلام»؟
وهذا ما حصل بالفعل، فإنه «صلى الله عليه وآله» قد أكد
ما قاله لهم علي «عليه السلام» وزاد عليه: أن نصيب علي في الخمس كان
أكثر من وصيفة.
3 ـ
ما هذا الحرص من عمر بن الخطاب على رؤية النبي«صلى الله
عليه وآله» يغضب على علي بن أبي طالب «عليه السلام»، من أجل ابنته
فاطمة الزهراء «عليها السلام»..
فهل كان يرى أن النبي «صلى الله عليه وآله» يبيح للناس
أمراً.. ثم إنه حين يكون الأمر متعلقاً بابنته، يغضب ويمنع منه،
انطلاقاً من هواه والعياذ بالله؟
ولماذا لم يقل عمر لبريدة:
إن وقيعته بعلي «عليه السلام» لا تجدي، لأن علياً «عليه
السلام» قد فعل ما يحل له.. إلا إذا كان عمر بن الخطاب أيضاً يجهل هذا
الحكم الشرعي ؟! وهذا ما لا يرضى فريق كبير من الناس بنسبته إلى عمر!!
4 ـ
إن علياً «عليه السلام» كان رجلاً حيياً وستِّيراً ولم
يكن من عادته أن يظهر للناس أي شيء يدلهم على طبيعة ممارساته الجنسية،
إلا إذا قتضت ضرورات دينية ذلك منه، وقد رأيناه هنا وكأنه يعتمد دفعهم
إلى معرفة ما فعله، حيث يخرج على الناس ورأسه يقطر، فدعاهم ذلك إلى
سؤاله عن ذلك، وإذ به يجيبهم بالتفصيل، مصرحاً لهم: بأنه قد وقع بتلك
الوصيفة التي هي من أفضل السبي، على حد تعبير الروايات، وقد رأوها
وعرفوها ولعلهم كانوا يرغبون بها أيضاً.
مع أنه كان يستطيع أن يتجنب التصريح بهذا الأمر، فإن
الإغتسال قد يكون لأكثر من سبب، أو أن يمتنع عن الإجابة، ويقول: ما
أنتم وهذا السؤال؟
وقد ذكرت رواية المفيد «رحمه الله»:
أن النبي«صلى الله عليه وآله» قد قال لبريدة عن علي
«عليه السلام»: إنه خير الناس لبريدة ولقومه، بل هو خير من يخلف بعده
لكافة أمته «صلى الله عليه وآله».
وبذلك يكون «صلى الله عليه وآله» قد أدخل علياً «عليه
السلام» إلى قلب بريدة عن طريق الرغبة الطبيعية لكل إنسان باستجلاب
المنافع لنفسه ولقومه، ودرء المضار والأسواء عن نفسه وعنهم..
ثم أطلق «صلى الله عليه وآله» دعوته الشاملة لكافة أمته
إلى محبة علي «عليه السلام»، مرتكزاً في دعوته تلك على نفس هذه
المعادلة التي قدمها لبريدة..
وبديهي:
أن الناس قبل تصفية أرواحهم، والسمو بنظرتهم، وإطلاق
عقولهم من أسر الأهواء والشهوات، ينطلقون في مواقفهم من حبهم وبغضهم،
وارتباطاتهم، ويكون إقدامهم وإحجامهم من منطلقات محسوسة أو قريبة من
الحس بالنسبة إليهم، ولا يتفاعلون بعمق مع المُثل والقيم الشريفة،
والمفاهيم والمعاني الإيمانية العالية، ذات القيمة الروحية والمعنوية.
من أجل ذلك كان لابد من الرفق بهم، وتيسير الأمور
عليهم، بإبراز الجانب الحسي، أو القريب من الحس لتقريبهم من خط
الإستقامة على طريق تصفية قلوبهم، وأرواحهم، ليتمكنوا من نيل المعاني
السامية، والتفاعل الروحي معها، والإنصهار في بوتقة الإيمان، والإنشداد
إلى كل حقائقه ودقائقه، والتفاعل معها بكل وجودهم.
وقد دلنا بريدة على بغضه الشديد لعلي «عليه السلام»،
حتى لقد ذكر أنه كان يحب البعض لمجرد معرفته بشدة بغضه لأمير المؤمنين
«عليه السلام».. ولكنه لم يذكر لنا أي مبرر لهذا البغض، رغم أن بريدة
قد أسلم في أول سني الهجرة، حين مرَّ النبي «صلى الله عليه وآله» به ـ
مهاجراً ـ من مكة، ثم قدم إلى المدينة بعد بدر وأحد
([24]).
وقيل:
إنه أسلم بعد منصرف النبي «صلى الله عليه وآله» قبل بدر([25]).
فبريدة إذن قد عاش مع رسول الله «صلى الله عليه وآله»،
ومع علي «عليه السلام» سنوات عديدة، يرى فيها تضحيات علي «عليه السلام»
وسلوكه المثالي، وعبادته، واستقامته، ويرى حب النبي «صلى الله عليه
وآله»، وتقديمه له، ويسمع أقواله فيه، فلماذا استمر على بغضه، ولم يؤثر
فيه شيء من ذلك؟!
ثم جاء هذا التحول الذي يتحدث عنه بريدة، بعد أن وجد
نفسه أمام غضب رسول الله «صلى الله عليه وآله»، وغضب الله سبحانه،
الأمر الذي جعله أمام خيار خطير جداً لا قِبَلَ له به، فآثر أن يعلن
توبته عن هذه الموبقة الكبرى، على الرضا بأن يكون في دائرة الكفر
والنفاق، الذي انتقل ـ بما سمعه من رسول الله «صلى الله عليه وآله» ـ
من الخفاء إلى العلن، وكاد أن يجد نفسه أمام فضيحة مرعبة وهائلة..
تجعله في مواجهة الخزي والعار، وفي موضع غضب الله ورسوله في الدنيا
والآخرة.
وقد كان بريدة قبل هذه الحادثة يرى أنه قادر على التعلل
فيما بينه وبين نفسه بأن له الحق في أن يبغض علياً «عليه السلام»، إن
كان لم يسمع قول النبي «صلى الله عليه وآله» فيه: لا يبغضك إلا منافق،
أو ابن زنا، أو نحو ذلك.. ثم أن يزين لنفسه أن جهاد وتضحية علي «عليه
السلام» وما يراه من مواقف له، وما يسمعه من ثناء نبوي عليه، إنما يجري
وفق ظواهر الأمور، وربما تكون البواطن على خلاف ذلك..
ولكنه بعد هذا الحدث ـ الصدمة ـ لم يعد قادراً على
السير في هذا الإتجاه، لأن النبي «صلى الله عليه وآله» قد أخبره ـ وهو
كما قال الله عز وجل:
{وَمَا
يَنطِقُ عَنِ الهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}([26])
ـ: أن الله يبغض مبغض علي «عليه السلام»، وأن حبه واجب عليه، وأنه ولي
كل مؤمن، فلم تعد القضية مقتصرة على ظواهر الأمور، بل هي قد كشفت
بواطنها أيضاً..
وقد ظهر من الروايات التي ذكرناها
فيما سبق:
أنها تتضمن نصوصاً متعددة كلها منسوبة إلى النبي «صلى
الله عليه وآله» في حق علي «عليه السلام»..
ونبادر إلى القول:
إن ذلك الإختلاف لا يقلل من قيمتها، ولا يسيء إلى
صدقيتها، واختلافها لا يؤيد الحكم باختلاقها. لأن من القريب جداً أن
يكون النبي «صلى الله عليه وآله» قد قال ذلك كله، لكن الرواة قد
اختزلوا أقواله لدواع مختلفة.
ولعل بعض الإختلاف قد كان بسبب النقل بالمعنى أحياناً،
كما أن نسيان الراوي لبعض الفقرات، قد يكون له دور في اقتصار روايته
على فقرات دون غيرها. فليلاحظ ذلك.
علي
قابض أم
قاسم:
قد اختلفت الروايات المتقدمة في المهمة التي أرسل النبي
«صلى الله عليه وآله» علياً «عليه السلام» لإنجازها، هل هي قبض الخمس
من خالد؟ أم قسمة الفيء؟
ولعل الأرجح:
أنه «صلى الله عليه وآله» قد أرسله ليغنم، وليقبض،
ويقسم، إذ لو كان المقصود هو مجرد قبض الخمس، فقد كان بإمكان خالد أن
يرسله، أو أن يوصله هو إلى رسول الله «صلى الله عليه وآله» من دون حاجة
إلى الطلب من رسول الله «صلى الله عليه وآله» بأن يرسل إليه من يقبضه
منه..
وقد كانت السرايا تقتسم الغنائم، وتحتفظ بالخمس إلى حين
قدومها على رسول الله «صلى الله عليه وآله»..
ولم نعهد في أية سرية سوى هذه السرية أن قائد سرية أرسل
إلى رسول الله «صلى الله عليه وآله» يطلب منه أن يبعث إليه من يقبض منه
خمس الغنائم، وما أكثر السرايا التي أسر وسبى فيها المسلمون الشيء
الكثير، العشرات والمئات، وغنموا في بعضها المئات والألوف، من الإبل،
والغنم، وغير ذلك..
فما جرى في هذه الحادثة يعطينا: أنه «صلى الله عليه
وآله» ـ لسبب ما ـ كان قد منع خالداً من التصرف بشيء من السبي
والغنائم. إما لأنه كان يتهمه في أمانته، أو لأنه أراد أن ينبه الناس
على أن تأميره على السرية لا يعني صلاحيته لأي أمر آخر قد يحاول أن
يرشح نفسه، أو يرشحه محبوه له.
أو لغير ذلك من مقاصد..
وقد صرح النص المذكور عن الطبراني:
بأن المخبرين قد تتابعوا على خالد بما صنعه علي «عليه
السلام»، ثم تتابعت الأخبار.
وهذا يدل على:
أن المهتمين بإيصال أخبار علي «عليه السلام» إلى خالد
كانوا على درجة كبيرة من الكثرة، وفي ذلك إشارة إلى كثرة المتعاطفين مع
خالد، والمتحاملين على علي «عليه السلام»..
ولابد أن ينتج ذلك أيضاً:
أن يكون الذين سوف يطلعون على موقف رسول الله «صلى الله
عليه وآله» من هذا الأمر سيكونون كثيري العدد جداً، خصوصاً بعد انضمام
كثير من أهل المدينة إليهم.. وسوف يزداد انتشار خبر بريدة، حين يرى
الناس تبدل أحواله تجاه علي «عليه السلام» وتحوله من مبغض حاقد إلى محب
مادح وحامد. ولابد أن يكون ذلك مفيداً جداً في تعريف الناس على ولاية
علي «عليه السلام»، التي أنشأها النبي «صلى الله عليه وآله» في قوله
لبريدة: من كنت وليه فعلي وليه.
وعن أخذ رسول الله «صلى الله عليه وآله» كتاب خالد من
بريدة بشماله نقول:
إن لهذا الحديث مغزى عميقاً، ودلالة هامة جداً، لأن
المروي عنه «صلى الله عليه وآله» أنه: «كان يمينه لطعامه وشرابه، وأخذه
وإعطائه، فكان لا يأخذ إلا بيمينه، ولا يعطي إلا بيمينه، وكان شماله
لما سوى ذلك من بدنه، وكان يحب التيمن في كل أموره»([27]).
فأخذه كتابه بشماله ـ وهو ما لم نقرأ ولم نسمع أنه فعله
في أي مورد آخر ـ يدلنا على: أن الله سبحانه قد كشف لنبيه «صلى الله
عليه وآله» عن مضمون تلك الرسالة، وعرفه أنها تحمل في طياتها أموراً لا
خير ولا يمن فيها، بل هي بمثابة قاذورات لابد من التنزه عنها قولاً،
وفعلاً، وممارسة، كما لابد من إرفاقها بدلالات عملية، من شأنها أن
تتجذر في عمق الذاكرة، لتبقى العلامة الفارقة، التي لا مجال للتلاعب
بها، أو التحايل عليها، والتي تشير إلى أن ثمة معنى سلبياً لا يتمكن
أصحاب الأهواء من التعمية عليه، وتضييع سبل الوصول إليه.
ويأتي قوله «صلى الله عليه وآله»
لبريدة في هذه المناسبة بالذات:
«من كنت وليه، فعلي وليه»، ليدل على أن ما يفعله علي
«عليه السلام» في الشأن العام وكل ما يرتبط بالناس، فإنما هو من موقع
الولاية، التي بيَّن النبي «صلى الله عليه وآله» فيها ثلاثة أمور:
الأول:
أنها من سنخ ولايته «صلى الله عليه وآله»..
الثاني:
أن سعتها وامتدادها يوازي سعة وامتداد ولاية رسول الله
«صلى الله عليه وآله»..
الثالث:
أنها ولاية فعلية، وفي عرض ولاية رسول الله «صلى الله
عليه وآله»، وليست إنشائية، بحيث تكون فعليتها بعد وفاة رسول الله «صلى
الله عليه وآله»، كما ربما يتوهمه البعض.
علي
يفعل ما
أمر به:
وقد صرحت رواية الطبراني المتقدمة:
بأن النبي «صلى الله عليه وآله» قد قال لبريدة حينما
وقع في علي «عليه السلام» بسبب الجارية: «أحب علياً، فإنما يفعل ما أمر
به».
وهذا معناه:
أن النبي «صلى الله عليه وآله» نفسه هو الذي دبر هذا
الأمر، وذلك بأمر من الله تبارك وتعالى، ربما ليمهد السبيل إلى التقرير
الواضح والصريح: في أن ولاية علي «عليه السلام» على الناس على حد ولاية
النبي «صلى الله عليه وآله» عليهم.
فإن استدراج خالد وحزبه لإظهار دخائل نفوسهم تجاه علي
«عليه السلام» كان مطلوباً.. لتعريف الناس بأن ذلك يغضب الله ورسوله..
وليكون كل موقف يتخذه هؤلاء، ومن هم على شاكلتهم إذا كان يتضمن الطعن
في علي «عليه السلام»، والإنتقاص منه، فإنما يمثل تمرداً منهم على
وليهم الذي تبلغ حدود ولايته نفس ما بلغته ولاية رسول الله «صلى الله
عليه وآله» عليهم..
وبذلك تكون الحجة قد أقيمت وتمت على هؤلاء وعلى غيرهم،
من الله ورسوله، قبل اتخاذهم أي موقف. الأمر الذي يجعل مواقفهم
المخالفة قبل حدوثها مدانة ومرفوضة، وساقطة سلفاً، وهي من موجبات غضب
الله ورسوله، ولا مجال لأي بحث، ولا يصح أي جدل فيها وحولها.
وقد صرح بريدة:
بأنه رأى رسول الله «صلى الله عليه وآله» قد غضب غضباً
لم يره غضب مثله إلا يوم قريظة والنضير..
وكيف لا يغضب «صلى الله عليه وآله» وهو يرى أن هؤلاء
يصرون على الطعن في علي «عليه السلام»، وعلى عدم الاستسلام لأمر الله
ورسوله فيه، رغم مرور السنوات على رؤيتهم لجهاده وتضحياته، وكراماته
الظاهرة، وآياته الباهرة، في بدر وفي أحد، وفي خيبر، والخندق، والفتح،
وحنين، وذات السلاسل وغير ذلك، ورغم سماعهم مباشرة، أو من خلال الشياع
في الآفاق ما كان ينزله الله تعالى فيه من آيات، وما يقوله رسوله «صلى
الله عليه وآله» في حقه «عليه السلام».
فلماذا يصمون آذانهم، ويطبقون أعينهم، فلا يرون، ولا
يسمعون، ولا يعقلون ذلك كله، ولا يستجيبون لما يريده الله ورسوله «صلى
الله عليه وآله»؟! وذلك هو سر تناهي غضب رسول الله «صلى الله عليه
وآله» إلى هذا الحد، فإن من الواضح: أن عدم الإنقياد للإمام «عليه
السلام» وعدم الرضا بالإمامة يوازي هدم أساس الإسلام، وتقويض أركانه.
وفي سنة تسع، وبعد مرجع النبي «صلى الله عليه وآله» من
تبوك جاء وفد همدان إلى رسول الله «صلى الله عليه وآله» مع وفود وملوك
حمير.
قالوا:
«وكان الوافدون من كل بطن سيدهم، فكتب لهم «صلى الله
عليه وآله» كتاباً، وجعل لهم بعض الأراضي «ما أقاموا الصلاة، وآتوا
الزكاة»، فأسلموا، واستعمل مالك بن نمط على من أسلم من قومه، وأمره
بقتال ثقيف، فكان لا يخرج لهم سرح إلا أغار عليه»([28]).
وذكروا:
أن النبي «صلى الله عليه وآله» قال حين قدوم وفد همدان:
«نعم الحي همدان، ما أسرعها إلى النصر، وما أصبرها على الجهد، وفيهم
أبدال، وفيهم أوتاد الإسلام»([29]).
ونقول:
إن لنا ملاحظات على ما سبق هي التالية:
1 ـ
قالوا: «لم تكن همدان تقاتل ثقيفاً، ولا تغير على
سرحهم، فإن همدان باليمن، وثقيف بالطائف»([30]).
ولذلك رجحوا بل صححوا الحديث المتقدم، عن أن إسلام
همدان كان على يد علي «عليه السلام» في اليمن نفسها، لا أنهم وفدوا إلى
المدينة وأسلموا فيها([31]).
2 ـ
استدل الزرقاني على بطلان حديث وفود همدان وإسلامها
بنفس حديث إرسال خالد ثم علي «عليه السلام» إلى اليمن، إذ لو كانوا
وفدوا إلى المدينة وأسلموا لم يرسل النبي «صلى الله عليه وآله» خالداً
ولا علياً «عليه السلام» إليهم.
وهناك مفارقة أخرى، وهي:
أن في حديث البراء: أن بعث خالد وعلي «عليه السلام» قد
كان في السنة الثامنة بعد قسمة غنائم حنين في الجعرانة، والوفد إلى
المدينة إنما كان في التاسعة بعد تبوك.
فكيف يقال:
إنهم أسلموا حين وفدوا إلى المدينة؟.
ثم جمع بين القولين:
بأنه قد يكون الذين أسلموا طائفة من همدان، والوفد إلى
المدينة كان من طائفة أخرى منها، وإن اتحدا في الاسم([32]).
ونقول:
إن
هذا الجمع لا يصح، لأن النص المتقدم يقول:
«فأسلمت همدان جميعاً».
إلا أن يقال:
لعل المقصود: أن جميع من حضر منها قد أسلم بدعوة علي
«عليه السلام».
ولكن هذا الإحتمال خلاف ظاهر النص، فلا يصار إليه..
ولعل الأقرب إلى الإعتبار أن يقال:
قد تضمن كلام مالك بن نمط في محضر رسول الله «صلى الله
عليه وآله» ما يدل على أنهم كانوا مسلمين قبل وفودهم إليه، لا أنهم قد
وفدوا، ثم أسلموا عنده، فقد قال مالك:
«أتوك على قلص نواج، متصلة بحبال الإسلام، لا تأخذهم في
الله لومة لائم، من مخلاف خارف، ويام، وشاكر، أهل السَّوَد، والقَوَد.أجابوا
دعوة الرسول، وفارقوا الآلهات والأنصاب، الخ..»([33]).
ومما يدل على ذلك دلالة واضحة
أيضاً:
قولهم: إن النبي «صلى الله عليه وآله» كتب إلى عمير ذي
مرَّان ومن أسلم من همدان كتاباً جاء فيه:
«أما بعد ذلك، فإنه بلغنا إسلامكم، مرجعنا من أرض الروم
(أي من غزوة تبوك) فأبشروا، فإن الله قد هداكم بهداه..».
إلى أن قال:
«إن الصدقة لا تحل لمحمد ولا لأهل بيته، إنما هي زكاة
تزكونها عن أموالكم لفقراء المسلمين..».
إلى أن قال:
«وكتب على بن أبي طالب»([34]).
فيلاحظ في هذا الكتاب:
1 ـ
إنه يذكر: أن إسلام همدان قد بلغه بعد رجوعه من تبوك،
وهو يدل على أنهم قد أسلموا في بلادهم قبل وصول وفدهم إليه، بل إن هذا
الكتاب نفسه يدل على أنهم قد أسلموا أولاً، فبلغ ذلك النبي «صلى الله
عليه وآله»، فكتب لهم هذا الكتاب، ولعلهم قد أرسلوا إليه وفداً بعد
وصول هذا الكتاب إليهم..
2 ـ
إن هذا الكتاب كان بخط علي «عليه السلام»، فلعله كان هو
الذي أخبر النبي «صلى الله عليه وآله» بإسلامهم.
ولكن السؤال هنا هو:
إذا كان علي «عليه السلام» قد ذهب إليهم فور الفراغ من
حرب حنين، فإنه قد عاد قبل غزوة تبوك قطعاً، لأن النبي «صلى الله عليه
وآله» قد خلفه في المدينة في هذه الغزوة قائلاً له: «أما ترضى أن تكون
مني بمنزلة هارون من موسى..»، فلماذا أخر إخبار النبي «صلى الله عليه
وآله» بإسلامهم إلى ما بعد عودته من تبوك؟!
بل إن النصوص المتقدمة قد صرحت:
بأنه لما أسلمت همدان كتب «عليه السلام» إلى رسول الله
«صلى الله عليه وآله» بإسلامهم، فلما قرأ الكتاب خر «صلى الله عليه
وآله» ساجداً، وقال: السلام على همدان الخ..
ويمكن أن يجاب:
بأن ذلك وإن كان صحيحاً، لكن لعله «صلى الله عليه وآله»
كان ينتظر تأكد إسلامهم عملياً، بحيث يظهر ذلك، ويرى الناس صدقهم فيه،
وأنه لم يكن عن خوف من علي «عليه السلام».. فلما بلغه ذلك كتب إليهم
بهذا الكتاب.
3 ـ
لقد لاحظنا: أنه «صلى الله عليه وآله» يستبق الأمور
فيما يرتبط بدفع الوساوس والشبهات عن الناس، وتحصينهم من سوء الظن الذي
يسيء إلى صفاء العقيدة، بل قد يسوقهم إلى التشكيك بالنبوة، والخروج من
الإسلام، أو يجعل إسلامهم مشوباً بالنفاق، حين يظنون برسول الله «صلى
الله عليه وآله» حب الدنيا، والطمع بأموالهم..
فأفهمهم «صلى الله عليه وآله» بما كتبه إليهم عن
الصدقات التي تؤخذ منهم: أنه لا مجال لتلك التوهمات في حقه، لأن ذلك
مما لا يمكن حصوله، فقد أعلمهم أن هذه الأموال التي يأخذها منهم محرمة
عليه وعلى أهل بيته أيضاً.
يضاف إلى ذلك:
أنها ملك الغير، وليس مطلق الغير، بل خصوص الفقراء
منهم.
فيتعاضد الحاجز الشرعي المتمثل بحرمة ذلك، مع المانع
العاطفي والإنساني، ما دام أن ذلك المال هو للفقراء، الذين يكون نفس
فقرهم حاجزاً للإنسان عن العدوان على أموالهم، الأمر الذي يجعل من أي
وسوسة شيطانية ظاهرة الفساد، ولا يمكن إفساح المجال لها، إلا ممن يكون
في قلبه مرض.
([1])
سبل الهدى والرشاد ج6 ص235 و 427 عن البيهقي في السنن بإسناد
صحيح، والدلائل، والمعرفة، وعن البخاري مختصراً، وقال في
الهامش: أخرجه البيهقي في السنن ج2 ص366 و 369 وفي الدلائل ج5
ص369 والبخاري ج7 ص663 (4349) وراجع: المواهب اللدنية للزرقاني
ج5 ص176 و 177. وأشار في مكاتيب الرسول ج3 ص387 إلى المصادر
التالية أيضاً: السيرة الحلبية ج3 ص259 والسيرة النبوية لدحلان
(بهامش الحلبية) ج3 ص31 والكامل في التاريخ لابن الأثير ج2
ص300 وتاريخ الأمم والملوك للطبري ج3 ص131 و 132 وأنساب
الأشراف للبلاذري ج1 ص384 وعن فتح الباري ج8 ص53 وينابيع
المودة ص219 والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ص833 و (في ط
أخرى) ج2 ق2 ص55 والبحار ج21 ص360 و 363 عن إعلام الورى،
وغيره، وج38 ص71 والمناقب لابن شهرآشوب ج2 ص129 والإرشاد
للمفيد «رحمه الله» ص28 والبداية والنهاية ج5 ص105 وزاد المعاد
ج3 ص36 ومجموعة الوثائق السياسية ص132/80 عن إمتاع الأسماع
للمقريزي ج1 ص504 و 509 و 510، وحياة الصحابة ج1 ص95 والعدد
القوية ص251 والتنبيه والإشراف ص238 وذخائر العقبى ص109 وتاريخ
الخميس ج2 ص145 وملحقات إحقاق الحق ج18 ص64 وج21 ص620 عن:
الجامع بين الصحيحين ص731 ونثر الدر المكنون ص43 والسيرة
النبوية لابن كثير ج4 ص201 من طرق كثيرة، والتدوين للقزويني ج2
ص429 وشرح المواهب اللدنية للزرقاني ج4 ص34.
([2])
صحيح البخاري (ط دار الفكر) ج5 ص110 وراجع: عمدة القاري ج18
ص6.
([3])
سبل الهدى ج6 ص235 عن الترمذي، وقال في هامشه: أخرجه الترمذي
ج4 ص180. وراجع: نهج السعادة للمحمودي ج5 ص285 وتاريخ مدينة
دمشق ج42 ص196 والبحار ج39 ص11 ومناقب أهل البيت «عليهم
السلام» للشيرواني ص142 وسنن الترمذي ج3 ص124 وينابيع المودة
لذوي القربى للقندوزي ج1 ص169.
([4])
سبل الهدى ج6 ص235 و 236 عن أحمد، والبخاري، والنسائي،
والإسماعيلي، وفي هامشه قال: أخرجه البخاري في كتاب
النكاح(5210). وراجع: فتح الباري ج8 ص52 ونيل الأوطار ج7 ص110
والعمدة لابن البطريق ص275 ونهج السعادة ج5 ص284 ومسند أحمد ج5
ص351 ومجمع الزوائد ج9 ص127 وخصائص أمير المؤمنين «عليه
السلام» للنسائي ص102 وتاريخ مدينة دمشق ج42 ص196 و البداية
والنهاية ج5 ص120 وج7 ص380 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص202
وموسوعة الإمام علي بن أبي طالب «عليه السلام» في الكتاب
والسنة والتاريخ للريشهري ج11 ص260 وشرح إحقاق الحق ج21 ص630
وج23 ص5 و 274 و 276 وج30 ص272.
([5])
سبل الهدى ج6 ص236 وراجع: نيل الأوطار ج7 ص110 والعمدة لابن
البطريق ص275 ونهج السعادة ج5 ص283 ومسند أحمد ج5 ص359 وصحيح
البخاري (ط دار المعرفة) ج5 ص110 والسنن الكبرى للبيهقي ج6
ص342 وفتح الباري ج8 ص53 وعمدة القاري ج18 ص6 وتحفة الأحوذي
ج10 ص145 وخصائص أمير المؤمنين «عليه السلام» للنسائي ص102
ومعرفة السنن والآثار ج5 ص156 وتاريخ مدينة دمشق ج42 ص194 و
195 وأسد الغابة ج1 ص176 وتهذيب الكمال ج20 ص460 والبداية
والنهاية ج7 ص380 وجواهر المطالب في مناقب الإمام علي «عليه
السلام» لابن الدمشقي ج1 ص88 وشرح إحقاق الحق ج6 ص86 وج16 ص453
ج21 ص532 وج23 ص275 و 276 و 277 و 278 وج30 ص278.
([6])
راجع: سبل الهدى والرشاد ج6 ص236 ونيل الأوطار ج7 ص111 والعمدة
لابن البطريق ص275 والبحار ج39 ص277 ونهج السعادة ج5 ص285
ومسند أحمد ج5 ص351 ومجمع الزوائد ج9 ص127 وفتح الباري ج8 ص53
وعمدة القاري ج18 ص7 والسنن الكـبرى للنسـائي ج5 ص136 = =
وخصائص أمير المؤمنين «عليه السلام» للنسائي ص103 وتاريخ مدينة
دمشق ج42 ص196 والبداية والنهاية ج5 ص121 وج7 ص381 وكشف الغمة
ج1 ص293 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص202 وجواهر المطالب في
مناقب الإمام علي «عليه السلام» لابن الدمشقي ج1 ص87 وشرح
إحقاق الحق ج6 ص85 وج16 ص451 ج21 ص630 وج23 ص6 و 275 و 276
وج30 ص272.
([7])
سبل الهدى ج11 ص297 وج6 ص236 وقال في هامشه: أخرجه أحمد في
المسند ج5 ص356، وذكره الهيثمي في المجمع ج9 ص128، والمتقي
الهندي في الكنز (42942). وراجع: ذخائر العقبى ص68 والبحار ج37
ص220 وج38 ص326 والنص والإجتهاد للسيد شرف الدين ص560 وفتح
الباري ج8 ص53 وعمدة القاري ج18 ص7 وتحفة الأحوذي ج10 ص146 و
147 وكنز العمال ج11 ص608 وفيض القدير ج4 ص471 وطبقات المحدثين
بأصبهان ج3 ص388 وتاريخ مدينة دمشق ج42 ص190 والبداية والنهاية
ج7 ص380 وكشف الغمة ج1 ص294 وجواهر المطالب في مناقب الإمام
علي «عليه السلام» لابن الدمشقي ج1 ص87 وينابيع المودة ج2 ص159
وشرح إحقاق الحق ج5 ص288 و 290 و 292 وج15 ص103 و 106 و 107
وج20 ص527 وج23 ص544.
([8])
مجمع الزوائد ج9 ص128عن الطبراني في الأوسط.
وراجع روايات بريدة على اختلافها في المصادر التالية: شرح
الأخبار ج1
ص94
والعمدة
لابن البطريق
ص198والطرائف للسيد ابن طاووس ص66 وذخائر العقبى ص68 والصراط
المستقيم ج2ص59 وكتاب الأربعين للشيرازي
ص111والبحار ج37 ص220وج38
ص326 وكتاب الأربعين للماحوزي
ص32 وخلاصة عبقات الأنوار ج9
ص306 و 307 والمراجعات للسيد شرف الدين
ص223 والنص والإجتهاد للسيد شرف الدين
ص339 و 560 والغدير= = ج3
ص244 ومكاتيب الرسول ج1 ص564 ونهج السعادة ج5 ص277 و 278 ومسند
أحمد ج5 ص356 ومجمع الزوائد ج9 ص128 وفتح الباري ج8 ص53 وعمدة
القاري ج16 ص214 وعمدة القاري ج18
ص7 وتحفة الأحوذي ج10 ص146 و 147 وكنز العمال ج11 ص608 وفيض
القدير ج4 ص471 وطبقات المحدثين بأصبهان ج3 ص388 وتاريخ مدينة
دمشق ج42 ص189 و 190 ومناقب علي بن أبي طالب «عليه السلام»
لابن مردويه الأصفهاني ص119 والبداية والنهاية ج5 ص104 وج7
ص342 و و344 و 380 وكشف الغمة للشعراني ج2 ص114 وكشف الغمة
للأربلي ج1 ص294 ومجمع الفوائد ج2 ص68 والمنهل العذب المورود
ج1 ص114 ومشكل الآثار ج4 ص160 ونهج الإيمان لابن جبر
ص483 و 483 وجواهر المطالب في مناقب الإمام علي «عليه السلام»
لابن الدمشقي ج1
ص87 والسيرة الحلبية
ج3
ص338 وينابيع المودة ج2 ص159والشافي في الإمامة للشريف المرتضى
ج3 ص243 وغاية المرام للسيد هاشم البحراني ج5 ص26 ونظرة في
كتاب البداية والنهاية للشيخ الأمينيي ص93 وشرح إحقاق الحق
للمرعشي ج5 ص288 و 290 و 291 و 292 وج15
ص103 و106 و 107 وج16 ص157 وج20 ص527 وج21 ص23 و 144 وج22
ص582 وج23 ص161 و 544 وج30
ص415 والفضائل لأحمد بن حنبل ج2 ص351 والسنن الكبرى للبيهقي ج6
ص342 وخصائص أمير المؤمنين علي «عليها السلام» للنسائي (ط
التقدم بمصر) ص25 وتيسير الوصول ج2 ص132 ومناقب علي «عليها
السلام» للعيني الحيدرآبادي ص48 وإزالة الخفاء ج2 ص449 وقرة
العين في تفضيل الشيخين ص169 والتاج الجامع للأصول ج3 ص298.
([9])
راجع: مجمع الزوائد ج9 ص128 عن الطبراني، وخصائص النسائي ص102
و 103، ومشكل الآثار ج4 ص160، ومسند أحمد ج5 ص359 و 350 و 351،
وسنن البيهقي ج6 ص342 وقال: رواه البخاري في الصحيح، وحلية
الأولياء ج6 ص294، وسنن الترمذي ج5 ص632 و 639، وكنز العمال
ج15 ص124 و 125 و126 ـ 271، ومناقب الخوارزمي الحنفي ص92،
ومستدرك الحاكم ج3 ص110 و 111 على شرط مسلم، وتلخيص المستدرك
للذهبي بهامشه وسكت عنه، والبداية والنهاية ج7 ص344 و345 عن
أحمد والترمذي، وأبي يعلى وغيره بنصوص مختلفة. والغدير ج3 ص216
عن بعض من تقدم، وعن كنز العمال ج6 ص152 و 154 و 300، وعن نـزل
الأبـرار = = للبدخشي ص22، والرياض النضرة ج3 ص129 و 130، وعن
مصابيح السنة للبغوي ج2 ص257. والبحر الزخار ج6 ص435، وجواهر
الأخبار والآثار المستخرجة من لجة البحر الزخار للصعدي (مطبوع
بهامش المصدر السابق) نفس الجلد والصفحة، عن البخاري والترمذي.
([10])
إرشاد المفيد ص93، وقاموس الرجال ج2 ص173 عنه.
([11])
راجع:سبل الهدى والرشاد ج6 ص236.
([12])
راجع: السنن الكبرى للبيهقي ج2 ص369 وفتح الباري ج8 ص52 وتاريخ
= = الإسلام للذهبي ج2 ص690 والبداية والنهاية ج5 ص121 وأعيان
الشيعة ج1 ص410 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص203 وسبل الهدى
والرشاد ج6 ص235 و 427 السيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج3 ص319
وشرح إحقاق الحق ج21 ص622 و 626.
([13])
راجع: نشأة الدولة الإسلامية، تأليف عون شريف قاسم ص227 و 240.
([14])
الآية 256 من سورة البقرة.
([15])
الآية 29 من سورة الكهف.
([16])
الآية 99 من سورة يونس.
([17])
راجع: شرح النهج للمعتزلي ج20 ص287 وجامع بيان العلم وفضله
لابن عبد البر ج2 ص8 وشرح اللمعة للشهيد الثاني ج1 ص661.
([18])
راجع: تفسير الآلوسي ج23 ص214.
([19])
الآية 125 من سورة النحل.
([20])
مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب ج1 ص394 والبحار ج32 ص477 وج38
ص71 وأصدق الأخبار للسيد محسن الأمين ص9 والغدير ج11 ص222
ومستدرك سفينة البحار ج10 ص552 والإمام علي بن ابي طالب «عليه
السلام» للرحماني الهمداني ص770 ومكاتيب الرسول ج2 ص556 و 575
ومواقف الشيعة ج1 ص390 ونهج السعادة للمحمودي ج5 ص43 وشرح
النهج للمعتزلي ج5 ص217 وج8 ص78 وتفسير الآلوسي ج19 ص149
وتاريخ مدينة دمشق ج45 ص487 والأعلام للزركلي ج8 ص94 وأنساب
الأشراف للبـلاذري ص322 والأنسـاب للسمعاني ج5 ص647 = =
والجوهرة في نسب الإمام علي وآله للبري ص25 والعبر وديوان
المبتدأ والخبر ج2 ق1 ص252 وتاريخ الكوفة للسيد البراقي ص234 و
531 وأعيان الشيعة ج1 ص410 و 489 و 505 و 553 وج2 ص515 وج4
ص160 و 366 وج7 ص43 و 243 و 245 وج9 ص234 ووقعة صفين للمنقري
ص274 و 437 والفصول المهمة لابن الصباغ ج1 ص604 وجواهر المطالب
في مناقب الإمام علي «عليه السلام» لابن الدمشقي ج2 ص255
والخصائص الفاطمية للشيخ الكجوري ج2 ص110.
([21])
مروج الذهب ج2 ص105 ومقتل الحسين للمقرم ص246 عنه. وأنصار
الحسين «عليه السلام» للشيخ محمد مهدي شمس الدين ص199عن المبرد
(أبو العباس محمد بن يزيد): الكامل (تحقيق محمد أبو الفضل
إبراهيم والسيد شحاتة ـ مطبعة نهضة مصر) (غير مؤرخة) ج1 ص223.
([22])
كشف الغمة للأربلي ج2 ص163 وراجع: الأخبار الطوال ص217
والإرشاد= = للمفيد ج2 ص12 وشرح النهج للمعتزلي ج16 ص41 وأعيان
الشيعة ج1 ص569.
([23])
الإرشاد للمفيد ج1 ص160 و 161 وراجع: قاموس الرجال ج2 ص288
عنه. وراجع: المستجاد من الإرشاد (المجموعة) ص98 والبحار ج21
ص358 وكشف الغمة ج1 ص230.
([24])
الإصابة ج1 ص146 والإستيعاب (مطبوع بهامش الإصابة) ج1 ص173 و
174 و 175 ومكاتيب الرسول ج3 ص235.
([25])
سبل السلام ج1 ص107 وتحفة الأحوذي ج1 ص400 وج2 ص191 وشرح مسند
أبي حنيفة للملا علي القاري ص103 وفيض القدير ج1 ص421 والإكمال
في أسماء الرجال للخطيب التبريزي ص27 وتقريب التهذيب ج1 ص124 و
378 والأعلام للزركلي ج2 ص50 وتاريخ الإسلام للذهبي ج5 ص76
وأعيان الشيعة ج3 ص560 وسبل الهدى والرشاد ج11 ص377 والإصابة
ج1 ص146 والإستيعاب (مطبوع بهامش الإصابة) ج1 ص173 و 174 و 175.
([26])
الآيتان 3 و 4 من سورة النجم.
([27])
مكارم الأخلاق ص23 والبحار ج16 ص237 وسنن النبي للسيد
الطباطبائي ص120 وموسوعة أحاديث أهل البيت «عليهم السلام»
للشيخ هادي النجفي = = ج1 ص144 ومستدرك سفينة البحار ج14 ص154
وتفسير الميزان ج6
ص313 ومعجم المحاسن والمساوئ لأبي طالب التبريزي
ص471.
وراجع: سنن النسائي ج8 ص133 ومنتهى المطلب (ط ق) ج1 ص306 ومغني
المحتاج للشربيني ج1 ص55 وفتح المعين ج1 ص65 والمغني لابن
قدامة ج1 ص90 والشرح الكبير لابن قدامة ج1 ص19 و 110 وج2 ص87
وتلخيص الحبير ج1 ص419 ومسند أحمد ج6 ص94 و 130 و 147 و 210
وصحيح البخاري ج1 ص110 وج6 ص197 وج7 ص49 وصحيح مسلم ج1 ص156
وسنن أبي داود ج2 ص277 وشرح مسلم للنووي ج3 ص160 و 161 ومسند
أبي داود الطيالسي ج1 ص200 ومجمع الزوائد ج5 ص171 وج10 ص139
وجامع الأحاديث والمراسيل ج5 ص519 ومشكاة المصابيح للهيثمي ج2
ص111 والفتح الكبير ج2 ص364 وعمدة القاري ج3 ص31 وج4 ص171 وج21
ص31 ومسند ابن راهويه ج3 ص820 و 821 ومسند ابي يعلى ج4 ص478
والجامع الصغير ج2 ص351 وكنز العمال ج7 ص124 والطبقات الكبرى
لابن سعد ج3 ص386 و 481 والسنن الكبرى للنسائي ج5 ص411 وتاريخ
مدينة دمشق ج4 ص61 وإمتاع الأسماع ج2 ص258 وسبل الهدى والرشاد
ج8 ص93 وج9 ص354 والنهاية في غريب الحديث ج5 ص302 ولسان العرب
ج13 ص458 ومجمع البحرين ج4 ص583.
([28])
الإستيعاب (مطبوع بهامش الإصابة) ج3 ص379 و (ط دار الجيل) ج3
ص1360 والإصابة ج3 ص356 و (ط دار الكتب العلمية) ج5 ص559
وتاريخ الخميس ج2 ص195 شرح المواهب اللدنية للزرقاني ج4 ص34
وأسد الغابة ج4 ص294 وزاد المعاد ج3 ص34 وعن السيرة الحلبية ج3
ص259 وراجع: السيرة النبوية لابن هشام ج4 ص244 ـ 245 ومكاتيب
الرسول ج3 ص391 وتاريخ مدينة دمشق ج56 ص482.
([29])
أسد الغابة ج2 ص51 ومكاتيب الرسول ج3 ص377 و 387 وكنز العمال
ج12 ص68 والطبقات الكبرى لابن سعد ج1 ص341 وتاريخ مدينة دمشق
ج15 ص186 وأعيان الشيعة ج1 ص243 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص427
والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج3 ص265.
([30])
تاريخ الخميس ج2 ص195 عن هدى العباد لابن القيم، وشرح المواهب
اللدنية للزرقاني ج4 ص34 والسيرة الحلبية ج2 ص230 و (ط دار
المعرفة) ج3 ص265 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص427 ومكاتيب الرسول
ج3 ص391.
([31])
شرح المواهب اللدنية للزرقاني ج4 ص34 والسيرة الحلبية ج3 ص230.
([32])
راجع: شرح المواهب اللدنية للزرقاني ج4 ص34.
([33])
راجع: السيرة النبوية لابن هشام ج4 ص244 و (نشر مكتبة علي صبيح
بمصر) = = ج4 ص1017 وسبل الهدى والرشاد ج2 ص101 وغريب الحديث
لابن قتيبة ج1 ص239 ومكاتيب الرسول ج3 ص389 والفايق في غريب
الحديث ج3 ص299 ومعجم ما استعجم ج3 ص848 والنهاية في غريب
الحديث لابن الأثير ج1 ص333.
([34])
تاريخ اليعقوبي ج2 ص70 ونقله في مكاتيب الرسول ج3 ص393 عن
اليعقوبي، وعن: المعجم الكبير ج17 ص47 و 48 وأسد الغابة ج4
ص147 ورسالات نبوية ص202 وإعلام السائلين ص24 والإصابة ج3 ص121
في ترجمة عمير وج3 ص354 والمصنف لابن أبي شيبة ج14 ص339 و
340/18479 ونشأة الدولة الإسلامية ص346. ومجموعة الوثائق
السياسية ص230/111 عن جمع ممن تقدم، وعن: معجم الصحابة لابن
قانع خطية كوپرلو ملخصاً ورقة: 121 ـ ألف، ثم قال: قابل
المعارف لابن قتيبة ص234 وراجع ص719 عن سبل الهدى والرشاد
للشامي خطية باريس/1992 ورقة: 67 ـ ألف. وأوعز إليه في: أسد
الغابة ج2 ص145 في «ذي مران» وج3 ص83 في عامر بن شهر، والإصابة
ج2 ص251 في عامر بن شهر، والإستيعاب (مطبوع بهامش الإصابة) ج2
ص493 والطبقات الكبرى ج6 ص18 و 42 = = والكامل لابن عدي ج6
ص2414 والإكليل ج10 ص49. وفي رسالات نبوية: قال الحافظ وابن
الأثير: أخرج الطبراني ـ ثم ساق الكتاب، فقال ـ قال ابن
الأثير: أخرجه ابن مندة، وأبو نعيم، وابن عبد البر، وأخرجه ابن
سعد في الطبقات.
|