مرض النبي
ووصاياه

قال الحافظ:
اختلف في مدة مرضه «صلى الله عليه وآله»، فالأكثر على
أنها ثلاثة عشر يوماً.
وقيل:
بزيادة يوم.
وقيل:
بنقصه.
وقيل:
تسعة أيام. رواه البلاذري عن علي «عليه السلام».
وقيل:
عشرة، وفيه جزم سليمان التيمي.
وكان يخرج إلى الصلاة إلا أنه انقطع ثلاثة أيام.
قال
في العيون:
أمر رسول الله «صلى الله عليه وآله» أن يصلي بالناس،
فصلى بهم فيما روينا سبع عشرة صلاة، ورواه البلاذري عن أبي بكر بن أبي
سبرة([1]).
وقد ذكروا:
أن النبي «صلى الله عليه وآله» قد لدَّ في مرض موته([2])،
(أي أنهم داووه باللدود، وهو من الأدوية ما يسقاه المريض في أحد شقي
الفم)([3])،
في اليوم الذي ثقل فيه، واشتد ما يجده حتى أغمي عليه، وذلك في يوم
الأحد([4])،
قبل وفاته «صلى الله عليه وآله» بيوم واحد.
فمن النصوص والآثار التي حكت لنا ذلك:
1 ـ
ما رواه البخاري وغيره عن عائشة قالت: لددناه في مرضه،
فجعل يشير إلينا: أن لا تلدوني، فقلنا: كراهية المريض للدواء، فلما
أفاق قال: ألم أنهكم أن تلدوني؟
قلنا:
كراهية المريض للدواء.
فقال:
لا يبقى أحد في البيت إلا لد وأنا أنظر، إلا العباس
فإنه لم يشهدكم([5]).
2 ـ
ولفظ محمد بن سعيد: كانت تأخذ رسول الله «صلى الله عليه
وآله» الخاصرة، فاشتدت به فأغمي عليه، فلددناه، فلما أفاق قال: هذا من
فعل نساء جئن من هنا، وأشار إلى الحبشة، وإن كنتم ترون أن الله يسلط
علي ذات الجنب، ما كان الله ليجعل لها علي سلطاناً، والله لا يبقى أحد
في البيت إلا لد، فما بقي أحد في البيت إلى لد، ولددنا ميمونة وهي
صائمة([6]).
3 ـ
ومن طريق أبي بكر بن عبد الرحمن: أن أم سلمة وأسماء بنت
عميس أشارتا بأن يلدوه([7]).
وفي رواية رواها عبد الرزاق بسند
صحيح:
أن قضية اللد قد جرت في بيت ميمونة، وأن نساءه تشاورن
في ذلك، فلما أفاق قال: هذا من فعل نساء جئن من ها هنا وأشار إلى
الحبشة([8]).
4 ـ
قال المعتزلي: «وإن أهل داره ظنوا: أن به ذات الجنب
فلدوه وهو مغمى عليه، وكانت العرب تداوي باللدود من ذات الجنب، فلما
أفاق علم أنهم قد لدّوه، فقال: «لم يكن الله ليسلطها عليَّ، لدوا كل من
في الدار»،
فجعل بعضهم يلد بعضاً»([9]).
5 ـ
وفي رواية عن العباس: أنه دخل على رسول الله «صلى الله
عليه وآله» وعنده نساؤه فاستترن مني إلا ميمونة، فقال: لا يبقى في
البيت أحد شهد اللد إلا لد الخ..
([10]).
6 ـ
وفي رواية مطولة عن عائشة، قالت: وفزع الناس إليه،
فظننا أن به ذات الجنب، فلددناه ثم سرّي عن رسول الله «صلى الله عليه
وآله»، وأفاق فعرف أنه قد لد، ووجد أثر اللدود، فقال: ظننتم أن الله عز
وجل سلطها علي ؟ ما كان الله يسلطها علي، والذي نفسي بيده، لا يبقى في
البيت أحد إلا لد إلا عمي، فرأيتهم يلدونهم رجلاً رجلاً.
وقالت عائشة، ومن في البيت يومئذ فتذكر فضلهم، فلد
الرجال أجمعون، وبلغ اللدود أزواج النبي «صلى الله عليه وآله»، فلددن
امرأة امرأة، حتى بلغ اللدود امرأة منا ـ قال ابن أبي الزناد: لا
أعلمها إلا ميمونة قال: وقال بعض الناس: أم سلمة ـ قالت: إني والله
صائمة.
فقلنا:
بئسما ظننت أن نتركك وقد أقسم رسول الله «صلى الله عليه
وآله»، فلددناها، والله يابن أختي، وإنها لصائمة([11]).
7 ـ
عن ابن عباس، قال: قال رسول الله «صلى الله عليه وآله»:
إن خير ما تداويهم به السعوط، واللدود، والحجامة، والمشي.
فلما اشتكى رسول الله «صلى الله عليه وآله» لده أصحابه،
فلما فرغوا قال: لدوهم، قال: فلدوا كلهم غير العباس..
([12]).
وعنه أيضاً:
إن رسول الله «صلى الله عليه وآله» لدّه العباس
وأصحابه، فقال رسول الله «صلى الله عليه وآله»: من لدّني ؟ فكلهم
أمسكوا.
فقال:
لا يبقى أحد في البيت إلا لد غير عمه العباس.
قال الترمذي:
هذا حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من حديث عباد بن منصور([13]).
8 ـ
وأخيراً.. فقد روت عائشة قالت: أغمي على رسول الله «صلى الله عليه
وآله»، والدار مملوءة من النساء: أم سلمة، وميمونة، وأسماء بنت عميس،
وعندنا عمه العباس بن عبد المطلب، فأجمعوا على أن يلدّوه، فقال العباس:
لا ألده، فلدوه.
فلما أفاق قال:
من صنع بي هذا ؟
قالوا:
عمك.
قال لنا:
هذا دواء جاء من نحو هذه الأرض ـ وأشار إلى أرض الحبشة
ـ قال: فلم فعلتم ذلك؟
فقال العباس:
خشينا يا رسول الله أن يكون بك ذات الجنب.
فقال:
إن ذلك لداء ما كان الله ليقذفني به، لا يبقى أحد في البيت إلا لد إلا
عمي.
قال:
فلقد لدت ميمونة وإنها لصائمة لقسم رسول الله «صلى الله
عليه وآله»، عقوبة لهم بما صنعوا..
([14]).
ونحن بدورنا لا نصدق هذه الروايات، وذلك لما يلي:
أولاً:
عدا عن المناقشة في أسانيدها. فإن في هذه الروايات
تناقضاً واختلافا، ونحن نكتفي بذكر موارد خمسة لهذه التناقضات، ونترك
الباقي لنظر القارئ وملاحظته، فنقول:
1 ـ
رواية تذكر: أن العباس قد لدّه.
وأخرى تقول:
إنه رفض أن يلدّه، واكتفى بالإشارة بذلك..
وثالثة تقول:
لم يشارك لا في لدّه ولا في المشورة به([15]).
2 ـ
واحدة تقول: إن صحابته قد لُدُّوا رجلاً رجلاً حتى بلغ
اللدود نساءه «صلى الله عليه وآله».
وأخرى تذكر:
أن اللد كان للنساء فقط..
وثالثة تذكر:
أن اللد كان لصحابته، ولا تشير إلى النساء أصلاً..
3 ـ
ثم هناك الخلاف في من التدت وهي صائمة، هل هي: أسماء
بنت عميس، أو هي ميمونة..
4 ـ
واحدة تذكر: أنه «صلى الله عليه وآله» لم يعرف باللد
إلا عندما أفاق، حيث وجد أثره في فمه، وأخرى تذكر أنه نهاهم عن ذلك
صراحة أو بالإشارة، ولكنهم لم يمتثلوا لأنهم اعتبروا أن ذلك منه كراهة
المريض للدواء..
5 ـ
رواية تذكر: أن اللدود دواء جاءهم من قبل الحبشة..
وأخرى تقول: «كانت العرب تداوي باللدود من به ذات الجنب».
إلا أن يقال:
لا منافاة بينهما، فلعله كان يأتي من الحبشة، فتأخذه
العرب، فتداوي به مرضاها.
ثانياً:
لقد صرحت رواية المعتزلي، والزمخشري، وابن الأثير([16]):
بأن الرسول «صلى الله عليه وآله» أراد أن يلدهم جميعاً عقوبة لهم..
وهذا «فيه نظر، لأن الجميع لم يتعاطوا ذلك»([17])
فلماذا يعاقب غير الجناة ؟!..
ولو سلم أنهم جميعاً استحقوا العقوبة لتركهم الإنكار
على الفاعلين، ولا سيما مع نهيه «صلى الله عليه وآله» لهم عن ذلك..
فيرد عليه:
أنهم إذا كانوا قد ظنوا أنه «صلى الله عليه وآله» نهاهم
عن ذلك كراهية المريض للدواء كما يدّعون، فهم معذورون في ذلك لأنهم قد
انساقوا مع تأويلهم وفهمهم..
هذا كله،
عدا عن أن بعض الروايات تنكر أن يكون «صلى الله عليه
وآله» قد نهاهم عن ذلك، بل تصرح: بأنه لم يعرف بالأمر إلا بعد إفاقته
من إغمائه..
ولو سلم..
فإنهم في فعلهم ذلك كانوا يحسبون أنهم يحسنون له «صلى
الله عليه وآله»، ويبّرونه، ويحافظون عليه، فهل هم مع هذا يستحقون
عقاباً أو تأديباً كما يزعمه العسقلاني؟!([18]).
وهل ذلك منه «صلى الله عليه وآله» لهم إلا كجزاء سنمار؟!..
ثم أليس يقولون:
إنه «صلى الله عليه وآله» لم يكن ينتقم لنفسه من أحد؟!([19])،
فلماذا غيَّر عادته في هذا الوقت بالذات؟!..
ولو سلم أنهم يستحقون العقاب، فهل عقابهم يكون على هذه
الصورة؟!.
وهل كل من لدّ شخصاً مع عدم رضاه تكون عقوبته اللّد في
المقابل؟!.
وكيف صار عقاب المرتكب للجريمة هو نفس عقاب الراضي
بالفعل، وهل كل من رضي بفعل قوم لا بد وأن يتعرض لنفس العقاب الذي
يتعرّضون له؟! فلو قتل رجل رجلاً ورضي به آخر، فهل يقتلان معاً: الراضي
والقاتل على حد سواء ؟!..
إلى غير ذلك من الأسئلة التي تحتاج إلى أجوبة مقنعة
ومفيدة..
ثالثاً:
الرواية تصرح: بأن الله لم يكن ليبتليه «صلى الله عليه
وآله» بذات الجنب.. ولكن أبا يعلى روى لنا بسند فيه ابن لهيعة، عن
عائشة نفسها: أن النبي «صلى الله عليه وآله» مات من ذات الجنب([20]).
قال المعتزلي:
«واحتج الذاهبون إلى أن مرضه كان ذات الجنب بما روي من
انتصابه وتعذر الإضطجاع والنوم عليه.
قال سلمان الفارسي:
دخلت عليه صبيحة يوم قبل اليوم الذي مات فيه، فقال لي:
يا سلمان، ألا تسأل عما كابدته الليلة من الألم والسهر أنا وعلي؟
فقلت:
يا رسول الله، ألا أسهر الليلة معك بدله؟
فقال:
لا، هو أحق بذلك منك »([21]).
وقال من شرح قول علي «عليه السلام»
في نهج البلاغة:
(وفاضت بين نحري وصدري نفسك) «يروى: أنه «صلى الله عليه
وآله» قذف دماً يسيراً وقت موته، ومن قال بهذا القول زعم أن مرضه كان
ذات الجنب، وأن القرحة التي كانت في الغشاء المستبطن للإضلاع انفرجت في
تلك الحال، وكانت فيها نفسه «صلى الله عليه وآله»..»([22]).
رابعاً:
لو سلمنا: أنه «صلى الله عليه وآله» لم يمت من ذات
الجنب، وإنما مات بالحمى والسرسام الحار.. فإننا لا يمكن أن نقبل أنهم
ظنوا: أن به ذات الجنب، وذلك لأن الحاكم قد روى في المستدرك أن: «ذات
الجنب من الشيطان..»([23]).
فإذا كانت من الشيطان فلا يصح أن يتوهموا أن به ذات
الجنب، لأن الشيطان ليس له سلطان على عباد الله الصالحين من المؤمنين،
فكيف بسيد الأنبياء والمرسلين:
{إِنَّ
عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ}([24])
وقال تعالى حكاية لكلام الشيطان:
{لاَغْوِيَنَّهُمْ
أَجْمَعِينَ، إِلاَ عِبَادَكَ مِنْهُمُ المُخْلَصِينَ}([25]).
وقول ابن حجر العسقلاني:
إن ذات الجنب تطلق بإزاء مرضين: الورم الحار الذي يعرض
للغشاء المستبطن، والآخر ريح محتقن بين الأضلاع، والأول هو المنفي له
«صلى الله عليه وآله» عن نفسه([26]).
لا يحل الإشكال، لأنه لو كان كذلك.. فقد كان عليه «صلى
الله عليه وآله»: أن يبين أيهما هو المعني بكلامه نفياً وإثباتاً..
وكان على الباحثين ذكر ذلك عنه، وإذا كان كذلك ولم يبين فلا بد أن يحمل
كلامه على ما هو المتعارف، والتفكيك في كلامه يحتاج إلى دليل.
ثم كيف يكون هذا هو المنفي في كلامه
مع أنه هو الذي يقولون:
إنه مات به كما تقدّم نقله عن المعتزلي؟!..
خامساً:
إذا كان «صلى الله عليه وآله» مغمى عليه حينما لدّوه
كما تقول رواية البخاري، فما معنى تصريح نفس تلك الرواية بأنه «صلى
الله عليه وآله» يشير إلينا أن لا تلدّوني؟!.
فقلنا:
كراهة المريض للدواء.
وروايات أخرى تصرح:
بأنه «صلى الله عليه وآله» قد علم بأنهم لدّوه بعد
إفاقته من الإغماء. وهذا يتنافى مع رواية البخاري: إنه أشار إليهم أن
لا يلدّوه، فقالوا: كراهة المريض للدواء.
سادساً:
قول بعض الروايات: إن جميع أزواج النبي «صلى الله عليه
وآله» قد احتجبن من العباس سوى ميمونة غريب، فإن العباس وإن كان زوج
أخت ميمونة، ولكن ذلك لا يخرجه عن كونه رجلاً أجنبياً عنها كسائر
الرجال الأجانب، فلماذا لا تحتجب منه ميمونة زوج النبي الأعظم «صلى
الله عليه وآله»؟!!.
وأخيراً..
فقد قال المعتزلي: «وسألت النقيب أبا جعفر يحيى بن أبي
زيد البصري عن حديث اللدود، فقلت: ألدّ علي بن أبي طالب ذلك اليوم؟
فقال: معاذ الله، لو كان لدّ لذكرت عائشة ذلك فيما تذكره وتنعاه عليه.
قال:
وقد كانت فاطمة حاضرة في الدار، وابناها معها، أفتراها
لدّت أيضاً؟ ولدّ الحسن والحسين؟! كلاّ، وهذا أمر لم يكن، وإنما هو
حديث ولّده من ولّده تقريباً إلى بعض الناس الخ..».
ثم يذكر:
أن من لدّ هو فقط أسماء بنت عميس وميمونة، وأن الدواء
جاء به جعفر بن أبي طالب من أرض الحبشة([27]).
ولكن كيف ذلك ونحن نرى ابن أبي
الحديد نفسه يصّرح:
بأن اللدود كانت تستعمله العرب لذات الجنب؟!([28])
كما تقدم.
وهكذا يتضح:
أن هذه الرواية لا يمكن أن تصح، وأن ذكرها في صحيح
البخاري وغيره لا يبرر الالتزام بها، وتصديقها..
ولعل سر اختلاقها هو إظهار صحة نسبة الهُجْرِ إلى رسول
الله «صلى الله عليه وآله» في مرضه. ولعل النقيب المعتزلي يشير إلى هذا
في عبارته الآنفة.
وما أكثر الأكاذيب والمفتريات على نبي الأمة الأعظم
«صلى الله عليه وآله»، رد الله كيد الكاذبين والمنحرفين إلى نحورهم،
وعصمنا من الزلل في الفكر وفي القول والعمل.
عن سهل بن سعد قال:
كان عند رسول الله «صلى الله عليه وآله» سبعة دنانير
وضعها عند عائشة، فلما كان في مرضه قال: يا عائشة، ابعثي الذهب إلى
علي، ثم أغمي عليه، وشغل عائشة ما به، حتى قال ذلك مراراً، كل ذلك يغمى
على رسول الله «صلى الله عليه وآله»، ويشغل عائشة ما به، فبعث به إلى
علي فتصدق به([29]).
وعن المطلب بن عبد الله بن حنطب:
أن رسول الله «صلى الله عليه وآله» قال لعائشة ـ وهي
مسندته إلى صدرها ـ: «يا عائشة، ما فعلت تلك الذهب؟
قالت:
هي عندي.
قال:
فأنفقيها، ثم غشي عليه وهو على صدرها، فلما أفاق قال:
هل أنفقت تلك الذهب يا عائشة؟!
قالت:
لا والله يا رسول الله.
قالت:
فدعا بها فوضعها في كفه، فعدها، فإذا هي ستة دنانير،
فقال: ما ظن محمد بربه أن لو لقي الله وهذه عنده؟ فأنفقها كلها، ومات
من ذلك اليوم([30]).
وعن عائشة قالت:
قال لي رسول الله «صلى الله عليه وآله» في وجعه الذي
مات فيه: ما فعلت بالذهب؟
قلت:
هو عندي يا رسول الله.
قال:
ائت بها.
فأتيت بها، فجعلها في كفه، وهي بين الخمس والسبع، فرفع
بها كفه وقال: أنفقيها، وقال: ما ظن محمد إن لقي الله وهذه عنده،
أنفقيها([31]).
وعن سهل بن يوسف عن أبيه عن جده
قال:
أعتق النبي «صلى الله عليه وآله» في مرضه أربعين نفساً([32]).
ونقول:
1 ـ
لا ندري لماذا تتوانى عائشة في تنفيذ أمر النبي الأعظم
«صلى الله عليه وآله» لها بإرسال الذهب إلى علي «عليه السلام»، حتى
تلجئه إلى معاودة هذا الأمر مراراً وتكراراً، من دون فائدة أو عائدة؟!
حتى اضطر أن يبادر هو بنفسه «صلى الله عليه وآله» إلى أن يبعث به لعلي
«عليه السلام» ليتصدق به؟!
وما الذي كان يشغل عائشة عن امتثال ما يأمرها به النبي
الأعظم «صلى الله عليه وآله»؟! ألم تكن عائشة تستطيع أن تقول لأي إنسان
دخل عليها: خذ تلك الدنانير التي في ذلك المكان إلى علي ليتصدق بها؟!
وإذا كان النبي «صلى الله عليه وآله» هو الذي يعاني من
الأوجاع، فمم كانت عائشة تعاني؟!
وما الذي كانت تفعله للنبي «صلى الله عليه وآله» حين
كان يتوجع، أو يغمى عليه؟! أليس غاية ما تدّعي أنها فعلته له أنها
أسندته وهو في وجعه إلى صدرها؟!
ومع افتراض صحة ذلك، فهل كان هذا يمنعها من امتثال أمره
«صلى الله عليه وآله» الذي كرره عليها مراراً وتكراراً؟!
ألم يكن بإمكانها أن تستفيد من نفس الوسيلة التي استفاد
منها رسول الله «صلى الله عليه وآله» حين اضطر هو إلى مباشرة إرسال تلك
الدنانير إلى عليه «عليه السلام»؟!
وهل كانت ستتلكأ إلى هذا الحد لو كان «صلى الله عليه
وآله» قد أمرها بإرسال تلك الدنانير إلى أبيها، أو إلى أي كان من الناس
غير علي «عليه السلام»؟!
وألا يعتبر تلكؤها هذا من موجبات الأذى لرسول الله «صلى
الله عليه وآله»؟!
وأين كانت سائر نساء النبي «صلى الله عليه وآله» عنه في
يوم موته؟! فلا نسمع إلا اسم عائشة يتردد في كل اتجاه؟!
ولماذا تركه الناس كلهم حتى علي «عليه السلام»، وتركته
نساؤه كلهم إلا عائشة، فتكون هي الوحيدة التي تسنده إلى صدرها، وتهتم
بأوجاعه، وتعصي أوامره؟! كما ترويه لنا عائشة نفسها!!
وأين كانت عنه ابنته الوحيدة فاطمة «عليها السلام» في
ساعاته الأخيرة والحرجة؟!
2 ـ
أما رواية ابن حنطب، فقد استبعدت علياً «عليه السلام»
بالكلية، وقررت أن رسول الله «صلى الله عليه وآله» وضع الدنانير في
كفه، ولم تذكر أنه أنفقها بنفسه، أو أرسلها إلى أحد من الناس!! وإلى من
أرسلها!!
لقد سكتت ولم تذكر شيئاً من ذلك، ثم جاءت رواية عائشة
لتستأثر هي بإنفاق هذه الدنانير، وتستبعد علياً «عليه السلام» حتى من
دائرة الإحتمال بالكلية..
فتبارك الله أحسن الخالقين..
3 ـ
أما ما رواه أبو طاهر فنلاحظ عليه: أنه لم يذكر لنا عن
هؤلاء الأربعين الذين أعتقهم رسول الله «صلى الله عليه وآله» في مرض
موته شيئاً يعرفنا بهم، أو بأسمائهم، وانتماءاتهم، وخصوصياتهم. كما
أننا لم نجد أحداً ممن تقدم على أبي طاهر قد روى شيئاً من ذلك، وإن كنا
لا نمنع من وقوعه..
فاطمة
أول أهل
بيته لحوقاً به:
عن عائشة قالت:
اجتمع نساء رسول الله «صلى الله عليه وآله» لم يغادر
منهم امرأة في وجعه الذي مات فيه، وما رأيت أحداً أشبه سمتاً وهدياً
ودلاًّ برسول الله «صلى الله عليه وآله»، في قيامها وقعودها من فاطمة،
وكانت إذا دخلت عليه قام إليها، وقبلها، وأجلسها في مجلسه، وكان إذا
دخل عليها فعلت ذلك.
فلما مرض جاءت تمشي ما تخطئ مشيتها مشية رسول الله «صلى
الله عليه وآله»، فقال: مرحباً يا بنتي. فأجلسها عن يمينه، أو عن
شماله، فأكبت عليه تقبله، فسارها بشيء، فبكت، ثم سارها فضحكت.
فقلت:
ما رأيت اليوم فرحاً أقرب من حزن، فسألتها عن ذلك، قلت
لها: ما خصك رسول الله «صلى الله عليه وآله» بالسرار وتبكين.
فلما أن قامت قلت لها:
أخبريني بما سارك؟
قالت:
ما كنت لأفشي سر رسول الله «صلى الله عليه وآله».
فلما أن توفي قلت لها:
أسألك بما لي عليك من الحق لما أخبرتيني.
قالت:
أما الآن فنعم، سارني فقال: إن جبريل كان يعارضني
بالقرآن في كل سنة مرة، وإنه عارضني العام مرتين، وإنه لم يكن نبي كان
بعده نبي إلا عاش بعده نصف عمر الذي كان قبله، ولا أرى ذلك إلا اقترب
أجلي.
وفي لفظ:
فقالت: إنه أخبرني أنه يقبض في وجعه، فاتقي الله
واصبري، إن جبريل أخبرني أنه ليس امرأة من نساء المؤمنين أعظم رزنة
منك، فلا تكوني أدنى امرأة منهن صبراً، فنعم السلف أنا لك، فبكيت.
ثم سارني فقال:
أما ترضين أن تكوني سيدة نساء المؤمنين، أو سيدة نساء
هذه الأمة.
وفي لفظ:
«أخبرني أني أول أهله لحوقاً به، فضحكت ضحكي الذي رأيت»([33]).
قال الصالحي الشامي:
قال الحافظ ـ أي العسقلاني ـ:
اتفقت الروايات على أن الذي سارها به أولاً فبكت هو
إعلامه إياها بأنه ميت في مرضه ذلك، واختلف فيما سارها به فضحكت.
ففي رواية عروة:
أنه إخباره إياها بأنها أول أهله لحوقاً به.
وفي رواية مسروق:
بأنه إخباره إياها أنها سيدة نساء أهل الجنة، وجعل
كونها أول أهله لحوقاً به، مضموماً إلى الأول وهو الراجح، ويحتمل تعدد
القضية([34]).
ونقول:
1 ـ
إن من القريب جداً أن يكون «صلى الله عليه وآله»، قد
أخبر ابنته السيدة الزهراء «عليها السلام» بالأمرين معاً، أي أنه قال
لها أولاً: إنه «صلى الله عليه وآله» ميت في مرضه ذلك، فبكت. ثم أخبرها
بأنها سيدة نساء أهل الجنة، وبأنها أول أهل بيته لحوقاً به، فضحكت.
2 ـ
إنه لا بد من الوقوف عند دلالات هذا الإجلال والتعظيم
من قبل رسول الله «صلى الله عليه وآله» لابنته فاطمة «عليها السلام»،
حتى إنه يقوم إعظاماً لها، ويجلسها في مجلسه، مع أن من عادة الآباء
إسقاط الكلفة مع أبنائهم، ولا سيما إذا كانوا يعيشون معهم، ويرونهم في
كل يوم، فإذا كانوا يقومون للغير فإنهم لا يقومون لأبنائهم، فضلاً أن
يجلسوهم في مجلسهم.
ومن الواضح:
أن تعظيم رسول الله «صلى الله عليه وآله» لأي إنسان ليس
لمجرد قرباه النسبيه به، وإنما هو لقربه من الله، ولعظيم فضله وموقعه
من هذا الدين..
3 ـ
قد يستفاد من سياق الحديث أن هذا الذي جرى قد كان في
أول مرض رسول الله «صلى الله عليه وآله»، فقد قالت عائشة عن فاطمة
«عليها السلام»: «فلما مرض جاءت تمشي الخ..».
4 ـ
إن رفض الزهراء «عليها السلام» إفشاء سر رسول الله «صلى
الله عليه وآله» حتى لزوجته في حال حياته يدل على أنها أهل لهذا السر،
وأن من تسعى إلى الاطلاع على ما يريد الرسول «صلى الله عليه وآله» أن
يستره عنها وعن غيرها ليست أهلاً له، إذ لا معنى لأن تطلب هذه المرأة
من الزهراء «عليها السلام» أن تفعل ما لا يرضاه الرسول، ومن يدعو غيره
إلى ذلك، فإنه لا يؤمن من أن يخالف أمره، ويرتكب ما لا يرضيه في حياته
وبعد مماته..
5 ـ
واللافت هنا: أن الله سبحانه كان قبل ذلك قد أنزل آيات
قرآنية فضحت عائشة ورفيقتها حفصة في أمر مشابه لهذه الحادثة، أي
لإفشائهما سر رسول الله «صلى الله عليه وآله» وتظاهرهما عليه.
قال تعالى:
{وَإِذْ
أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثاً فَلَمَّا
نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ
وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ
أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الخَبِيرُ إِنْ
تَتُوبَا إِلَى اللَهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا
عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ
المُؤْمِنِينَ وَالمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ}([35]).
فمطالبتها فاطمة الزهراء «عليها السلام» بأن تفشي سر
رسول الله «صلى الله عليه وآله»، يدل على عدم توبتها من هذا الذنب.
6 ـ
إن ما أخبر به النبي «صلى الله عليه وآله» فاطمة «عليها
السلام» هو من الغيوب التي اختصها به، وهو من الأمور التي لا يمكن
إدراكها بالعقول، ولا بالتحليلات، لأنه أخبرها بوقت موته، وبوقت موتها
أيضاً، ليظهر لعائشة، ولكل من هو على رأيها: أن الله ورسوله وأهل البيت
كانوا يعرفون حتى مثل هذا الأمر، فكيف بغيره مما دلت عليه قرائن
الأحوال، وأظهرت بواطنه فلتات الألسن، وسيئات الأقوال والأعمال، فلا
يظن هؤلاء أنهم يتذاكون على الله ورسوله وأهل بيته، وأن ما يضمرونه
ويريدونه يخفى عليهم، وأنهم تمكنوا من خداعهم، والتلبيس عليهم..
عن علي «عليه السلام» قال:
«أوصاني النبي «صلى الله عليه وآله» إذا أنا مت، فغسلني
بست قرب من بئر غرس، فإذا فرغت من غسلي، فادرجني في أكفاني، ثم ضع فاك
على فمي.
قال:
ففعلت، فأنبأنى بما هو كائن إلى يوم القيمة».
وروي نحو ذلك عن الإمام الصادق «عليه السلام»
([36]).
وعن عمرو بن أبي شعبة قال:
«لما حضر رسول الله «صلى الله عليه وآله» الموت دخل
عليه علي «عليه السلام» فأدخل رأسه معه ثم قال: يا علي، إذا أنا مت
فاغسلني، وكفني، ثم أقعدني، وسائلني، واكتب»([37]).
ونقول:
يدلنا هذا النص على عدة أمور نذكرها فيما يلي:
إن هذا النص يدل على أن النبي «صلى الله عليه وآله» حي
حتى بعد أن يموت، ولأجل ذلك نقرأ في زياراتنا للمعصومين والنبي «صلى
الله عليه وآله» أعظم شأناً منهم: «أشهد أنك ترى مقامي، وتسمع كلامي،
وترد سلامي»([38]).
بل قالوا:
إن الأخبار قد تواترت بحياة النبي «صلى الله عليه وآله»
في قبره، وكذلك سائر الأنبياء «عليه السلام»([39]).
وقالوا أيضاً:
إن صلاتنا معروضة على النبي «صلى الله عليه وآله»، وإن
سلامنا يبلغه، وهم أحياء عند ربهم كالشهداء([40]).
ويؤكد ذلك النص القرآني على:
أن النبي «صلى الله عليه وآله» شاهد على أمته، قال
تعالى:
{يَا
أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً
وَنَذِيراً}([41]).
وشهادته على الأمة لا تقتصر على خصوص من عاشوا معه في حال حياته..
وغني عن البيان:
أن وصية النبي «صلى الله عليه وآله» لعلي «عليه السلام»
بأن يضع فمه على فمه، وسماعه منه ما هو كائن إلى يوم القيامة تؤكد أن
لعلي «عليه السلام» خصوصية ليست لأحد سواه، وهي ترتبط بعلم الإمامة، من
خلال اتصاله بالنبي «صلى الله عليه وآله» بعد موته.
وقد قلنا أكثر من مرة: إن معرفة الإمام تقوم على ركنين:
أحدهما:
النص الدال على الإختيار الإلهي لشخص بعينه لمنصب
الإمامة.
والآخر:
العلم الخاص، الذي يُؤْثِر الله به من يشاء من عباده.
وربما يحتاج أيضاً إلى إظهار الكرامة والمعجزة.
وقد ألمح الحديث الآنف الذكر إلى ذلك بصورة أو بأخرى،
فأشار إلى الإختيار بما ظهر من وضع فمه «عليه السلام» على فم رسول الله
«صلى الله عليه وآله»، وإظهار المعجزة بكلامه بعد موته..
والعلم الخاص هو:
أنه «صلى الله عليه وآله» قد علّمه ما هو كائن، إلى يوم
القيامة، وذلك ظاهر لا يخفى.
وكان فيما أوصى النبي «صلى الله عليه وآله» به علياً
«عليه السلام» قوله: «ضع يا علي رأسي في حجرك، فقد جاء أمر الله تعالى،
فإذا فاضت نفسي فتناولها بيدك، وأمسح بها وجهك.
ثم وجهني إلى القبلة.
وتول أمري.
وصل علي أول الناس.
ولا تفارقني حتى تواريني في رمسي.
فأخذ علي «عليه السلام» رأسه، فوضعه في حجره..
إلى أن تقول الرواية:
ثم قُبِضَ «صلى الله عليه وآله»، ويد أمير المؤمنين تحت
حنكه، ففاضت نفسه «صلى الله عليه وآله» فيها، فرفعها إلى وجهه، فمسحه
بها.
ثم وجَّهَهُ، وغمضه، ومد عليه إزاره، واشتغل بالنظر في
أمره([42]).
وكان مما أوصى به رسول الله «صلى الله عليه وآله» أن
يدفن في بيته الذي قبض فيه. ويكفن بثلاث أثواب. أحدهما: يمان. ولا يدخل
قبره غير علي «عليه السلام»([43]).
وفي نص آخر عن ابن عباس:
لما مرض رسول الله «صلى الله عليه وآله»، وعنده أصحابه
قام إليه عمار بن ياسر، فقال له: فداك أبي وأمي يا رسول الله، من يغسلك
منا، إذا كان ذلك منك؟!
قال:
ذاك علي بن أبي طالب، لأنه لا يهم بعضو من أعضائي إلا
أعانته الملائكة على ذلك.
فقال له:
فداك أبي وأمي يا رسول الله، فمن يصلي عليك منا إذا كان
ذلك منك؟!
قال:
مه رحمك الله! ثم قال لعلي: يا ابن أبي طالب، إذا رأيت
روحي قد فارقت جسدي فاغسلني.
إلى أن قال:
واحملوني حتى تضعوني شفير قبري [ثم أخرجوا عني ساعة،
فإن الله تعالى أول من يصلي علي] فأول من يصلي علي الجبار جل جلاله من
فوق عرشه، ثم جبرئيل وميكائيل وإسرافيل [ثم ملك الموت]. في جنود من
الملائكة لا يحصي عددهم إلا الله عز وجل، ثم الحافون بالعرش، ثم سكان
أهل سماء فسماء، [ثم أدخلوا علي زمرة زمرة، فصلوا علي وسلموا تسليماً].
ثم جلُّ أهل بيتي ونسائي، الأقربون فالأقربون. يومون إيماءً، ويسلمون
تسليماً، لا يؤذوني بصوت نادبة، ولا مرَّنة.
[قال
أبو بكر:
فمن يدخل قبرك؟!
قال:
الأدنى فالأدنى من أهل بيتي مع ملائكة لا ترونهم.
قوموا نادوا عني إلى من وراءكم.
فقلت للحارث بن مرة:
من حدثك هذا الحديث؟
قال:
عبد الله بن مسعود].
وذكر الثعلبي ما يقرب من هذه القضية، لكنه ذكر اسم أبي
بكر بدل عمار، وعلي ثم ما وضعناه بين قوسين إنما هو من رواية الثعلبي([44]).
وفي نص آخر:
أوصى أن يخرجوا عنه، حتى تصلي عليه الملائكة([45]).
ويذكر نص آخر:
أن مما أوصى به النبي «صلى الله عليه وآله» علياً «عليه السلام» قوله:
«يا علي، كن أنت وابنتي فاطمة، والحسن والحسين، وكبروا خمساً وسبعين
تكبيرة، وكبر خمساً وانصرف. وذلك بعد أن يؤذن لك في الصلاة.
قال علي «عليه السلام»:
بأبي وأمي، من يؤذن غداً؟!
قال:
جبرئيل «عليه السلام» يؤذنك. قال: ثم من جاء من أهل
بيتي يصلون علي فوجاً فوجاً، ثم نساؤهم، ثم الناس بعد ذلك([46]).
ويبقى سؤال، وهو:
أنه هل كانت هناك أمانات مالية لدى رسول الله «صلى الله
عليه وآله»، أداها عنه علي «عليه السلام» بعد استشهاده «صلى الله عليه
وآله».
ونجيب:
إننا نلاحظ ما يلي:
1 ـ
قال ابن شهرآشوب: «وقد ولاه في رد الودائع لما هاجر إلى
المدينة، واستخلف علياً في أهله وماله، فأمره أن يؤدي عنه كل دين، وكل
وديعة، وأوصى إليه بقضاء ديونه»([47]).
ولكن هذه العبارة ليس لها ظهور في وجود ودائع عند رسول
الله «صلى الله عليه وآله» حين وفاته، وأنه أمر علياً «عليه السلام»
بردها إلى أصحابها. لأنها إنما تتحدث عن أمر الهجرة من مكة إلى
المدينة، وهي قد كانت قبل استشهاده «صلى الله عليه وآله» بأكثر من عشر
سنوات.
2 ـ
هناك روايات كثيرة حول أن الإمام علياً «عليه السلام»
هو الذي يقضي دين رسول الله «صلى الله عليه وآله»، وينجز عداته، ويبرئ
ذمته..([48])،
فقد يستفاد من كلمة يبرئ ذمته: أنه يرد الودائع إلى أهلها.
غير أنني أشك في صحة هذا الإستنتاج، وأرجح أن تكون هذه
العبارة تفسيرية لما قبلها، وذلك لأنه
«صلى الله عليه وآله»،
لما نزلت عليه سورة:
{إِذَا
جَاء نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ..}
في أواسط أيام التشريق في حجة الوداع، عرف أنه الوداع، فركب راحلته
العضباء، وخطب الناس خطبته المعروفة، وفيها:
«أيها الناس، من كانت عنده وديعة، فليؤدها إلى من
ائتمنه عليها»([49]).
فإذا كان
«صلى الله عليه وآله»
يأمر الناس برد الودائع، فالمتوقع أن يبادر هو
«صلى الله عليه وآله»
إلى ذلك حين علم بقرب أجله.
إلا أن يقال:
إنه إذا كان مطمئناً إلى وجود من يوصل الودائع بعده إلى
أهلها، فلا غضاضة في أن يوكل الأمر إليه.
3 ـ
وثمة شاهد آخر لعله يشير إلى ما نرمي إليه، وهو: أن
الروايات قد صرحت بأن النبي «صلى الله عليه وآله» حينما دنا أجله، كانت
لديه سبعة أو ستة دنانير، فخاف أن يقبضه الله، وهي عنده، فأمر أهله
بالتصدق بها.. ثم تصدق بها([50]).
وهذا يشير إلى أنه «صلى الله عليه وآله» لا بد أن يهتم
بأمانات الناس، وبإيصالها إلى أهلها قبل أن يقبضه الله تعالى، وأن لا
يكل ذلك إلى وصيه من بعده..
ولعلك تقول:
إن هذه الإستفادة لا تلائم ما هو معروف عنه «صلى الله
عليه وآله» من أنه خرج من مكة حين هاجر، دون أن يرجع الأمانات إلى
أصحابها، بل هو قد وكَّل الإمام علياً «عليه السلام» بالقيام بهذه
المهمة، ثم هاجر.
وقد روى الواقدي، وإسحاق الطبري:
«أن عمير بن وائل الثقفي أمره حنظلة بن أبي سفيان: أن
يدّعي على علي
«عليه السلام»
ثمانين مثقالاً من الذهب وديعة عند محمد
«صلى الله عليه وآله»،
وأنه هرب من مكة وأنت وكيله، فإن طلب بينة الشهود، فنحن معشر قريش نشهد
عليه. وأعطوه على ذلك مائة مثقال من الذهب، منها قلادة ـ عشرة مثاقيل ـ
لهند..
فجاء، وادّعى على علي
«عليه السلام»،
فاعتبر الودائع كلها، ورأى عليها أسامي أصحابها، ولم يكن لما ذكره عمير
خبر، فنصح له نصحاً كثيراً، الخ..»([51]).
وهذا معناه:
أنه «صلى الله عليه وآله» لم يرجع الودائع إلى أصحابها
حين الهجرة، واكتفى بتوكيل علي «عليه السلام» لكي يقوم بذلك بعده..
وفيها: أنه يريد أن يظهر للناس موقع علي «عليه السلام» منه «صلى الله
عليه وآله».. وأنه هو الذي يقوم مقامه في غيبته، وغير ذلك..
فيجاب بأن:
ثمة فرقاً بين الهجرة وبين الوفاة، فإنه «صلى الله عليه
وآله» لو باشر بنفسه بإرجاع الودائع لأصحابها حين الهجرة، لأثار ذلك
الكثير من التساؤلات، لربما يفتضح أمر هجرته، ويزيد الأمر تعقيداً،
ولربما يغيِّر ذلك من مسار الأحداث إلى ما هو أضرّ وأمرّ.. فكان أن
أوكل ذلك إلى علي «عليه السلام»، مشيراً للناس إلى أن علياً «عليه
السلام» هو الذي يقوم مقامه في غيبته، وعليهم أن يعرفوا له هذا الموقع
منه «صلى الله عليه وآله».
ولم يكن هذا المحذور قائماً حين وفاته «صلى الله عليه
وآله».. فالمتوقع أن يأتي تصرفه حين الوفاة موافقاً لما هو المطلوب منه
في الحالات الطبيعية.. ولم يكن هناك مانع آخر يمنع من ذلك..
4 ـ
وقد ورد في حديث الغدير قوله: ثم أخذ بيد علي «عليه
السلام» فرفعها، فقال: هذا وليي، ويؤدي عني ديني، وأنا موالي من والاه،
ومعادي من عاداه([52]).
غير أننا نقول:
لعل المراد هو الإعلان بأن لعلي «عليه السلام» هذا
الموقع من رسول الله «صلى الله عليه وآله»، وهو موقع المسؤول بعد موت
الرسول «صلى الله عليه وآله» عن كل ما كان الرسول مسؤولاً عنه في
حياته.
ولعل مما يدل على ذلك دلالة واضحة الحديث المتقدم عن
أنه حين دنا أجل رسول الله «صلى الله عليه وآله» كانت لديه سبعة
دنانير، فخاف أن يقبضه الله وهي عنده، فأمر أهله بالتصدق بإرسالها إلى
علي «عليه السلام» ليتصدق بها، فلم يفعلوا، فأرسلها إليه «صلى الله
عليه وآله» بنفسه وتصدق بها.
فلو كان عليه دين، فالأولى أن يقضي بها دينه، لا أن
يتصدق بها.
([1])
راجع: سبل الهدى والرشاد ج12 ص244 وفتح الباري ج8 ص98 وراجع:
إمتاع الأسماع ج2 ص130 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص507
والبداية والنهاية ج5 ص276 وعمدة القاري ج18 ص60 والكامل لابن
عدي ج4 ص26 وتاريخ مدينة دمشق ج30 ص298 وسير أعلام النبلاء ج8
ص506.
([2])
شرح النهج للمعتزلي ج13 ص31 وج10 ص266 و 267 وذخائر العقبى
ص192 و تاريخ الأمم والملوك ج2 ص438 وإمتاع الأسماع ج14 ص434
والسيرة النبوية لابن هشام ج4 ص1065 وعمدة القاري ج18 ص73 وسبل
الهدى والرشاد ج12 ص228 والبداية والنهاية ج5 ص245 وإمتاع
الأسماع ج10 ص328 وج14 ص433 والسيرة النبوية لابن كثير ج4
ص446.
([3])
وفي لسان العرب ج3 ص390 عن الفراء، قال: اللد أن يؤخذ بلسان
الصبي فيمد إلى أحد شفتيه، ويوجر في الآخر الدواء في الصدف بين
اللسان وبين الشدق.
([4])
كنز العمال ج10 ص573.
([5])
صحيح البخاري ج3 ص54 و (ط دار الفكر) ج5 ص143 وج7 ص17 وج8 ص40
و 42 وصحيح مسلم ج7 ص24 وشرح مسلم للنووي ج14 ص199 وعمدة
القاري ج18 ص73 وج21 ص248 و 249 وج24 ص48 و 57 وتغليق التعليق
ج4 ص164 وصحيح ابن حبان ج14 ص554 وكتاب الوفاة للنسائي ص29
وتحفة الأحوذي ج6 ص170 والبداية والنهاية ج5 ص246 وتاريخ الأمم
والملوك ج2 ص437 ومسند ابن راهويه ج5 ص42 والسنن الكبرى
للنسائي ج4 ص255 و 375 وشرح النهج للمعتزلي ج13 ص32، ومسند
أحمد ج1 ص53 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص449.
([6])
فتح الباري ج8 ص112 و 113 وعمدة القاري ج18 ص73 وسبل الهدى
والرشاد ج12 ص228.
([7])
راجع: فتح الباري ج8 ص113 وفي الطبقات الكبرى لابن سعد ج2
ص236: أنهما لدتاه..
([8])
راجع: المصنف للصنعاني ج5 ص429 ومسند ابن راهويه ج5 ص42 وموارد
الظمآن ج7 ص57 وكنز العمال ج7 ص268 وتاريخ مدينة دمشق ج26 ص333
والثقات لابن حبان ج2 ص131 والمعجم الكبير ج24 ص140 وفتح
الباري ج8 ص112، والمستدرك للحاكم ج4 ص202 وصحيح ابن حبان ج14
ص553 ومجمع الزوائد ج9 ص33 ومسند أحمد ج1 ص438، لكن فيه: أن
الذي اتهم نساء الحبشة هو غير النبي «صلى الله عليه وآله».
([9])
شرح النهج للمعتزلي ج10 ص266 ومسند أبي يعلى ج12 ص62 وراجع:
الطبقات الكبرى لابن سعد ج2 ص236.
([10])
مسند أحمد ج1 ص209 وتاريخ مدينة دمشق ج26 ص333 وراجع: مجمع
الزوائد ج5 ص181 ومسند أبي يعلى ج12 ص62 وسبل الهدى والرشاد
ج11 ص252.
([11])
مسند أحمد ج6 ص118 والمستدرك للحاكم ج4 ص203 وتاريخ مدينة دمشق
ج26 ص332 وتغليق التعليق ج4 ص166 ومسند أبي يعلى ج8 ص354 وسبل
الهدى والرشاد ج12 ص227.
([12])
سنن الترمذي ج3 ص262 و 264 والطب النبوي لابن القيم الجوزي ص41
والعهود المحمدية للشعراني ص586 والفائق ج3 ص313 والنهاية ج4
ص245، وزاد: أنه فعل ذلك عقوبة لهم.
([13])
سنن الترمذي ج3 ص265.
([14])
شرح النهج للمعتزلي ج13 ص31 و 32 وذخائر العقبى ص192 وتاريخ
الأمم والملوك ج2 ص438 والسيرة النبوية لابن هشام ج4 ص1065
والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج3 ص471 وراجع: تاريخ مدينة
دمشق ج26 ص333 والمعجم الكبير ج24 ص140.
([15])
راجع: شرح النهج للمعتزلي ج13 ص32 و 33 وراجع المصادر المتقدمة
في الهوامش السابفة.
([16])
الفائق ج3 ص313، والنهاية ج4 ص245، وفيهما: فعل ذلك عقوبة لهم،
لأنهم لدوه بغير إذنه. وراجع المصادر في الهوامش السابقة.
([17])
فتح الباري ج8 ص112.
([18])
نفس المصدر السابق.
([19])
نفس المصدر السابق.
([20])
تهذيب التهذيب ج5 ص331 وسبل الهدى والرشاد ج12 ص227 والمعجم
الأوسط ج9 ص6 وفتح الباري ج8 ص113، وشرح النهج للمعتزلي ج10
ص267 ومسند أبي يعلى ج8 ص258 وعمدة القاري ج21 ص253 ومجمع
الزوائد ج9 ص34 والمستدرك للحاكم ج4 ص405.
([21])
شرح النهج للمعتزلي ج10 ص267 و 266 على الترتيب، وراجع: كتاب
الأربعين للشيرازي ص129 ومستدرك سفينة البحار ج7 ص381 وشرح
إحقاق الحق (الملحقات) ج6 ص533.
([22])
شرح النهج للمعتزلي ج10 ص267 و 266 على الترتيب.
([23])
المستدرك ج4 ص405 ومسند ابن راهويه ج2 ص577 ومسند أحمد ج6 ص274
وفتح الباري ج8 ص113 وعمدة القاري ج21 ص253 وسبل الهدى والرشاد
ج11 ص459 وج12 ص228 وكنز العمال ج11 ص469 وتاريخ الأمم والملوك
ج2 ص438 والبداية والنهاية ج5 ص245 وإمتاع الأسماع ج10 ص328
وج11 ص228 وإمتاع الأسماع ج14 ص433 و 435 والشفا بتعريف حقوق
المصطفى للقاضي عياض ج2 ص120 والسيرة النبوية لابن كثير ج4
ص446.
([24])
الآية 42 من سورة الحجر.
([25])
الآية 83 من سورة ص، والآية 40 من سورة الحجر.
([26])
فتح الباري ج8 ص112 وج10 ص145 وسبل الهدى والرشاد ج12 ص228.
([27])
شرح النهج للمعتزلي ج13 ص32.
([28])
شرح النهج للمعتزلي ج10 ص266.
([29])
سبل الهدى والرشاد ج12 ص250 عن ابن سعد والطبراني برجال
الصحيح، وراجع: مجمع الزوائد ج3 ص124 والعهود المحمدية
للشعراني ص158 والطبقات الكبرى لابن سعد ج2 ص239 وإمتاع
الأسماع ج14 ص515 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج8 ص627 والمعجم
الكبير ج6 ص198 و السيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج3 ص472.
([30])
سبل الهدى والرشاد ج12 ص250 عن ابن سعد، والطبقات الكبرى لابن
سعد ج2 ص237 وراجع: إمتاع الأسماع ج14 ص516.
([31])
سبل الهدى والرشاد ج12 ص250 عن مسدد، وأبي عمر، وابن أبي شيبة،
وأحمد برجال الصحيح، وتاريخ مدينة دمشق ج4 ص110 وإمتاع الأسماع
ج2 ص292 والطبقات الكبرى لابن سعد ج2 ص238 وصحيح ابن حبان ج8
ص8.
([32])
سبل الهدى والرشاد ج12 ص250 عن أبي طاهر المخلص، وإمتاع
الأسماع ج6 ص302 وج14 ص516 والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج3
ص422 والتراتيب الإدارية ج1 ص27.
([33])
سبل الهدى والرشاد ج12 ص251 عن الخمسة، والطبراني، وابن حبان،
والحاكم.
([34])
سبل الهدى والرشاد ج12 ص251 وراجع: ينابيع المودة ج2 ص55
وراجع: صحيح البخاري (ط مطبعة الأميرية) ج4 ص203 وصحيح مسلم ج7
ص142 ومسند الطيالسي ص196 والطبقات الكبرى لابن سعد ج8 ص26
وحلية الأولياء ج2 ص39 والخصائص للنسائي (ط دار التقدم بمصر)
ص34 ومصابيح السنة (ط دار الخيرية بمصر) ج2 ص204 ومسند أحمد ج6
ص282 وأنساب الأشراف ج1 ص552 وصفة الصفوة (ط حيدرآباد) ج2 ص5
وطرح التثريب ج1 ص149 والمختار من مناقب الأخيار (ط دمشق) ص56
ونظم درر السمطين ص179 وتذكرة الخواص ص319 ومنتخب تاريخ ابن
عساكر ج1 (ط الترقي بدمشق) ص298 والبداية والنهاية ج5 ص226
وجمع الفوائد ج2 ص233 وتكملة المنهل العذب المورود ج3 ص222
والثغور الباسمة (ط بمبي) ص13 وأشعة اللمعات في شرح المشكاة ج4
ص693 ووسيلة النجاة للمولوي ص228 ومرآة المؤمنين ص190 وأضواء
على الصحيحين ص345 وفضائل الصحابة ص77 وسنن ابن ماجة ج1 ص518
ومسند أبي يعلى ج12 ص112 والمعجم الكبير ج22 ص419 وعن أسد
الغابة ج5 ص522 والأوائل للطبراني ص84 وعن المصادر التالية:
كتاب الأربعين للماحوزي ص314 وفتح الباري ج8 ص103 ومسند أبي
يحيى الكوفي ص79 ومسند ابن راهويه ج5 ص7 و السنن الكبرى
للنسائي ج5 ص96 و 146 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص448 وسير
أعلام النبلاء ج2 ص120 وكشف الغمة ج2 ص80.
([35])
الآيتان 3 و 4 من سورة التحريم.
([36])
بصائر الدرجات ص304 والبحار ج40 ص213 و 214 و 215 وج22 ص517 و
514 عنه، ومستدرك الوسائل ج2 ص189 وجامع أحاديث الشيعة ج3 ص190
ومستدركات علم رجال الحديث ج1 ص649.
([37])
البحار ج40 ص213 و 214 وج22 ص518 عن بصائر الدرجات، وعن
الخرائج والجرائح، والكافي.
([38])
راجع: عدة الداعي لابن فهد الحلي ص56 وجامع أحاديث الشيعة ج12
ص364 و 516 و 523 ومستدرك الوسائل ج10 ص345 والبحار ج97 ص295.
([39])
سبل الهدى والرشاد ج10 ص466 و 486 وج12 ص355 و 356 و 360 عن
إنباه الأزكياء بحياة الأنبياء، وعن التذكرة للقرطبي والسيرة
الحلبية (ط دار المعرفة) ج2 ص82 و 84 و 432 وج35 ص385.
([40])
سبل الهدى والرشاد ج12 ص355 عن الأنوار في أعمال الأبرار
للأردبيلي الشافعي، وعن التذكرة للقرطبي. وراجع: فتاوى عبد
القاهر بن طاهر البغدادي، وتنوير الحلك للسيوطي ص5.
([41])
الآية 45 من سورة الأحزاب.
([42])
الإرشاد للمفيد ص94 ـ 98 و (ط دار المفيد) ج1 ص187 والبحار ج22
ص470 و 521 عنه، وعن إعلام الورى ص82 ـ 84 و (ط أخرى) 143 ـ
144 و (ط مؤسسة آل البيت) ج1 ص267 وعن مناقب آل أبي طالب ج1
ص203 ومصباح الفقيه (ط.ق) ج1 ق2 ص346 وجواهر الكلام ج4 ص11
وراجع: قصص الأنبياء للراوندي ص357 والدر النظيم ص194 والحجة
على الذاهب إلى تكفير أبي طالب للسيد فخار بن معد ص304.
([43])
البحار ج22 ص 493 و 494 وج87 ص379 عن الطرائف ص42 و 43 و45
وجامع أحاديث الشيعة ج3 ص231 و 234 و350 والوسائل (ط مؤسسة آل
البيت) ج3 ص83 و (ط دار الإسلامية) ج2 ص779 ومستدرك الوسائل ج2
ص206.
([44])
الأمالي للصدوق ص732 و 733 والبحار ج22 ص507 و 531 عنه، وعن
كشف الغمة ص6 ـ 8 عن الثعلبي، وروضة الواعظين للفتال
النيسابوري ص72 وجامع أحاديث الشيعة ج3 ص231.
([45])
سبل الهدى والرشاد ج 12 ص 329 والسيرة النبوية لابن كثير ج4
ص527 والبداية والنهاية ج5 ص285.
([46])
البحار ج22 ص 493 و 494 وج78 عن الطرائف ص42 و 43 و45 وجامع
أحاديث الشيعة ج3 ص350 والوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج3 ص83 و
(ط دار الإسلامية) ج2 ص779.
([47])
مناقب آل أبي طالب ج1 ص329 ـ 333 و (ط المكتبة الحيدرية ـ
النجف) ج1 ص396 والبحار ج38 ص73 عنه.
([48])
كتاب سليم بن قيس (بتحقيق الأنصاري) ص136 والبحار ج21 ص380
و381 وج28 ص55 وج36 ص109 و 311 و 355 وج38 ص1 و 73 و 103 و 111
و 334 وج39 ص33 و 216 وج72 ص445 وج99 ص106 والخصال ج2 ص84
والأمالي للصدوق ص450 وعيون أخبار الرضا «عليه السلام» ج1 ص9
وكفاية الأثر ص76 و 135 و 217 ومناقب الإمام أمير المؤمنين
«عليه السلام» للكوفي ج1 ص432 وشرح الأخبار ج1 ص113 و 117 و
211 ومائة منقبة لمحمد بن أحمد القمي ص140 والأمـالي للطـوسي =
= ص600 والمناقب لابن شهرآشوب ج1 ص396 وج2 ص247 وج3 ص16 وكتاب
الأربعين للماحوزي ص192 والعمدة لابن البطريق ص181 والمزار
لابن المشهدي ص577 وإقبال الأعمال لابن طاووس ج1 ص507 والطرائف
ص133 وكتاب الأربعين للشيرازي ص53 عن المناقب لابن المغازلي
الشافعي ص261 ح309 وبشارة المصطفى للطبري ص101 و 258 وكشف
الغمة ج1 ص341 ونهج الإيمان ص196 و 440 وفضائل أمير المؤمنين
«عليه السلام» لابن عقدة الكوفي ص204 وتفسير نور الثقلين ج3
ص624 وتفسير القمي ج2 ص109 ومسند الإمام الرضا «عليه السلام»
للعطاردي ج1 ص123 و 127 وجامع أحاديث الشيعة ج23 ص252.
([49])
الكافي ج7 ص273 و 275 والخصال ص487 ومن لا يحضره الفقيه ج4 ص93
وتحرير الأحكام العلامة ج4 ص520 وج5 ص416 وجواهر الكلام ج41
ص670 ومصباح الفقيه (ط.ق) ج2 ق 1 ص169وتحف العقول ص31 والوسائل
(ط مؤسسة آل البيت) ج5 ص120 وج29 ص10 و (ط دار الإسلامية) ج3
ص424 وج19 ص3 ومستدرك الوسائل ج9 ص12 والفصول المهمة ج2 ص80
والبحار ج21 ص381 وج73 ص349 وج74 = = ص118 وج80 ص279 وجامع
أحاديث الشيعة ج13 ص479 وج18 ص545 وج26 ص100 ومستدرك سفينة
البحار ج10 ص270 ومسند أحمد ج5 ص73 والسنن الكبرى للبيهقي ج6
ص97 ومجمع الزوائد ج3 ص266 و 267 وشرح النهج للمعتزلي ج1 ص126
وكنز العمال ج5 ص131 وجامع البيان للطبري ج3 ص434 وإعجاز
القرآن للباقلاني ص132 وتفسير الثعلبي ج4 ص347 وتفسير البغوي
ج2 ص243 وأحكام القرآن لابن العربي ج2 ص503 والدر المنثور ج3
ص235 والتعديل والتجريح للباجي ج1 ص18 وتاريخ الأمم والملوك ج2
ص402 والبداية والنهاية ج5 ص221 و 222 وج2 ق2 ص58 وإمتاع
الأسماع ج2 ص118 والسيرة النبوية لابن هشام ج4 ص1022 والسيرة
النبوية لابن كثير ج4 ص402 و 403 وسبل الهدى والرشاد ج8 ص482.
([50])
راجع: مسند أحمد ج6 ص104 والسنن الكبرى للبيهقي ج6 ص356 وصحيح
ابن حبان ج8 ص9 وموارد الظمآن ج7 ص42 والبداية والنهاية ج6
ص61.
([51])
المناقب لابن شهرآشوب ج1 ص486 و487 و (ط المكتبة الحيدرية ـ
النجف) ج 2 ص 175 والبحار ج40 ص219 و220 عنه وجامع أحاديث
الشيعة ج25 ص106 ومستدرك الوسائل ج17 ص384.
([52])
خصائص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب للنسائي ص28 و (ط مكتبة
نينوى الحديثة) ص48 والسنن الكبرى للبيهقي ج5 ص107 ح8397
وخلاصة عبقات الأنوار ج7 ص313 والمراجعات للسيد شرف الدين ص263
والغدير ج1 ص38 وشرح إحقاق الحق ج22 ص190 وج30 ص428 وج31 ص31.
|