رسول الله
مات شهيداً

وقد ذكرت عدة محاولات اغتيال إستهدفت حياة رسول
الله «صلى الله عليه وآله»، نذكر منها:
1 ـ
تهديدات قريش لرسول الله
«صلى الله عليه وآله»
في بدء الدعوة، وعرضهم على أبي طالب أن يسلمهم إياه ليقتلوه، مقابل
أن يعطوه بعض فتيانهم.
وقد تقدمت هذه القصة، فراجعها.
2 ـ
تقدم أيضاً: أنه حين حصر المشركون المسلمين في شعب أبي طالب، كان
أبو طالب ينيم رسول الله
«صلى الله عليه وآله»
في موضع يراه الناس، حتى إذا هدأت الرجل يقيمه، وينيم ولده علياً
«عليه
السلام»
في مكانه. حتى إذا حدث أمر كان علي «عليه السلام» فداءً لرسول الله
«صلى الله عليه وآله»..
3 ـ
محاولاتهم قتله
«صلى الله عليه وآله»
في ليلة الهجرة، على يد عشرة رجال، كل رجل من قبيلة، فأنجاه الله
منهم بعلي
«عليه
السلام».
4 ـ
محاولة اغتياله
«صلى الله عليه وآله»
من قبل بني النضير([1]).
5 ـ
تنفيرهم الناقة به
«صلى الله عليه وآله»
ليلة العقبة([2]).
بل لقد قال (ابن حزم):
إن حذيفة لم يصلِّ على أبي بكر، وعمر،
وعثمان.. «وكان لا يصلي على من أخبره «صلى الله
عليه وآله» بأمرهم»([3]).
6 ـ
محاولة قتله «صلى الله عليه وآله» في خيبر بالسم.
7 ـ
محاولة قتله «صلى الله عليه وآله» في المدينة بالسم
أيضاً، وسنذكر النصوص المرتبطة بهذه
الحادثة.
وبعدما تقدم نقول:
إن
استيفاء البحث هنا يفرض علينا إستعراض النصوص التي ذكرت هذه
الحادثة، ثم إيراد مواقع
النظر فيها، ولذلك، فنحن نتابع الحديث على النحو
التالي:
إن ثمة نصوصاً
عديدة تفيد أن رسول الله
«صلى الله عليه وآله»
قد مات شهيداً بالسم، وهي التالية:
1 ـ
عن ابن مسعود أنه قال: لأن أحلف تسعاً: أن رسول الله «صلى الله
عليه وآله» قتل قتلاً أحب إلي من أن أحلف واحدة.
وذلك أن الله سبحانه وتعالى، اتخذه نبياً، وجعله
شهيداً([4])..
2 ـ
عن الإمام الصادق «عليه
السلام»
عن آبائه: أن الإمام الحسن «عليه
السلام»
قال لأهل بيته: إني أموت بالسم، كما مات رسول الله «صلى الله عليه
وآله»..
قالوا:
ومن يفعل ذلك؟
قال:
امرأتي جعدة بنت الأشعث([5]).
3 ـ
عن الشعبي قال: لقد سم رسول الله «صلى الله عليه وآله»، وسم أبو
بكر الخ..([6]).
4 ـ
الأعمش عن إبراهيم قال: كانوا يقولون: إن اليهود
سمت رسول الله «صلى الله عليه وآله» وسمت أبا بكر([7]).
ومن أقوال العلماء نذكر:
قول الشيخ الطوسي «رحمه الله»:
قبض «صلى الله عليه وآله» مسموماً يوم الإثنين
لليلتين بقيتا من الهجرة سنة عشر الخ..([8]).
وقال الشيخ المفيد:
قبض بالمدينة مسموماً([9]).
وراجع ما قاله العلامة الحلي «رحمه
الله»
حول ذلك أيضاً([10]).
ذكر الصالحي الشامي حديث سم رسول الله
«صلى الله عليه وآله»
في خيبر، فقال ما محصله:
روى الشيخان عن أنس، والإمام أحمد، وابن سعد، وأبو
نعيم عن ابن عباس.
والدارمى، والبيهقي عن جابر، والبيهقي ـ بسند صحيح
ـ عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك.
والطبراني، عنه، عن أبيه.
والبزار، والحاكم، وأبو نعيم عن أبي سعيد.
والبيهقي عن أبي هريرة.
والبيهقي عن ابن شهاب:
أن رسول الله «صلى الله عليه وآله» لما افتتح خيبر،
وقتل من قتل، واطمأن الناس، أهدت زينب ابنة الحارث، امرأة سلام بن
مشكم ـ وهي ابنة أخي مرحب ـ لصفية امرأة رسول الله «صلى الله عليه
وآله» شاة مصلية، وقد سألت: أي عضو الشاة أحب إلى رسول الله «صلى
الله عليه وآله»؟
فقيل لها:
الذراع.
فأكثرت فيها من السم، ثم سمت سائر الشاة.
فدخل رسول الله
«صلى الله عليه وآله»
على صفية، ومعه بشر بن البراء بن معرور، فقدمت إليه الشاة المصلية،
فتناول رسول الله
«صلى الله عليه وآله»
الكتف.
وفي لفظ:
الذراع، وانتهس منها، فلاكها رسول الله
«صلى الله عليه وآله»،
وتناول بشر بن البراء عظماً، فانتهس منه([11]).
وذكر محمد بن عمر:
أنه ألقى من لحم تلك الشاة لكلب، فما تبعت يده رجله حتى مات([12]).
وقال الصحابة السابق ذكرهم:
إن رسول الله
«صلى الله عليه وآله»
أرسل إلى اليهودية، فقال:
«أسممت
هذه الشاة»؟.
فقالت:
من أخبرك؟
قال:
«أخبرتني
هذه التي في يَدَيَّ، وهي الذراع.
قالت:
نعم.
قال:
«ما
حملك على ما صنعت»؟.
قالت:
بلغت من قومي ما لم يخف عليك، فقلت: إن كان ملكاً استرحنا منه، وإن
كان نبياً فسيخبر.
فتجاوز ـ وفي لفظ ـ فعفا عنها رسول الله
«صلى الله عليه وآله»،
ومات بشر من أكلته التي أكل، ولم يعاقبها([13]).
وذكر محمد بن عمر:
أن رسول الله
«صلى الله عليه وآله»
أمر بلحم الشاة فأحرق([14]).
ونقول:
إن لدينا شكوكاً
عديدة في هذا الذي ذكروه من روايات، وفي بعض ما ذكر
حولها أيضاً، ونلخص ذلك فيما يلي:
زعم بعضهم:
أن قوله تعالى:
{وَالله
يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ}([15])
يدل على عدم صحة حديث سم النبي
«صلى الله عليه وآله»
على يد اليهودية..
ونقول:
هذا الزعم باطل بلا شك، وذلك لما يلي:
أولاً:
قد أجيب عن ذلك: بأن حديث السم قد كان في خيبر، والآية قد نزلت في
سورة المائدة بعد ذلك بسنتين، أي في عام تبوك([16]).
ثانياً:
إن الآية قد نزلت سنة عشر يوم عرفة، أو بعد ذلك، لكي تمهد لنصب علي
«عليه
السلام»
في حجة الوداع إماماً للناس، في يوم الغدير، في
الثامن عشر من ذي الحجة، قبل وفاة رسول الله
«صلى الله عليه وآله»
بحوالي سبعين يوماً.
ومفادها التهديد للذين يحاولون منع النبي
«صلى الله عليه وآله»
من تبليغ إمامة علي، ويتصرفون مع النبي
«صلى الله عليه وآله»
برعونة وجرأة، فخبر الله تعالى نبيه
«صلى الله عليه وآله»
بأنهم سوف لا يتمكنون من منع من ذلك بعد الآن..
وليس للآية أي ارتباط بمنع الناس من سم رسول الله،
أو اغتياله، في الظروف العادية الأخرى..
أما بالنسبة لقتل النبي «صلى الله عليه وآله»
بواسطة السم، فقد صرحت الآيات:
بأنه
«صلى الله عليه وآله»
ليس في مأمن من القتل، أو الإغتيال بالسم أو بغيره في سائر الظروف،
قال تعالى:
{وَمَا
مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ
أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ}([17]).
ويشهد لذلك أيضاً:
أنه قد بذلت محاولات كثيرة لقتل رسول الله
«صلى الله عليه وآله»،
فأنجاه الله منها، فلاحظ ما يلي:
وبعدما تقدم نقول:
أما الروايات التي ذكرت محاولة اغتيال النبي «صلى
الله عليه وآله» بالسم فهي مروية عند السنة والشيعة على حد سواء،
وهي تنقسم إلى قسمين:
أحدهما يقول:
إن يهودية دست السم إلى النبي «صلى الله عليه
وآله»..
والآخر يقول:
إنه «صلى الله عليه وآله» قد استشهد بالسم على يد
بعض زوجاته..
ونحن نذكر هنا:
نصوصاً من هذا القسم، ونصوصاً
من
ذاك.. مع بعض المناقشة، أو التوضيح،
أو التصحيح، فنقول:
فمن الروايات التي أوردها أهل السنة في مجاميعهم
الحديثية والتاريخية، وتحدثت عن سم اليهودية له «صلى الله عليه
وآله» نذكر ما يلي:
1 ـ
عن عائشة
وأبي هريرة:
أنه «صلى الله عليه وآله» قال في مرضه الذي توفي
فيه: إني أجد ألم الطعام الذي أكلته بخيبر، فهذا أوان انقطاع أبهري([18])
من ذلك السم.
قال ابن شهاب:
فتوفي رسول الله
«صلى الله عليه وآله» شهيداً([19]).
2 ـ
عن أبي هريرة أنه حين فتحت خيبر، أهديت له «صلى
الله عليه وآله» شاة فيها سم، فقال «صلى الله عليه وآله»: إجمعوا
من كان ههنا من اليهود، فجمعوا، فقال لهم: إني سائلكم عن شيء..
إلى أن قال:
أجعلتم في هذه الشاة سماً؟
قالوا:
نعم.
قال:
فما حملكم على ذلك؟!..
قالوا:
أردنا إن كنت كاذباً أن نستريح منك، وإن كنت نبياً لم يضرك([20]).
3 ـ
عن أنس: أن يهودية أتت النبي «صلى الله عليه وآله» بشاة مسمومة،
فأكل منها، فجيء بها إلى رسول الله «صلى الله عليه وآله» فسألها عن
ذلك، فقالت: أردت لأقتلك..
فقال «صلى الله عليه وآله»:
ما كان الله ليسلطك على ذلك. أو قال: علي..
قالوا:
ألا نقتلها؟
قال «صلى الله عليه وآله»:
لا.
فما زلت أعرفها في لهوات رسول الله «صلى الله عليه
وآله»([21]).
4 ـ
في سيرة ابن هشام: أن التي سمته هي زينب بنت الحارث امرأة سلام بن
مشكم، وأن النبي «صلى الله عليه وآله» لاك من الشاة مضغة فلم يسغها،
فلفظها، ثم قال: إن هذا العظم ليخبرني أنه مسموم..
وكان معه بشر بن البراء بن معرور، وقد أخذ منها
وأساغها.. فسأل النبي «صلى الله عليه وآله» تلك اليهودية عن ذلك..
إلى أن قال:
فتجاوز عنها رسول الله «صلى الله عليه وآله»، ومات بشر من أكلته
التي أكل([22]).
أضاف في نص آخر قوله:
فلما مات بشر أمر بها فقتلت([23]).
وقيل:
صلبت،
كما في أبي داود.
وروى أبو داود:
أنه «صلى الله عليه وآله» قتلها([24]).
وفي كتاب شرف المصطفى:
أنه قتلها وصلبها([25]).
وقيل:
تركها لأنها أسلمت([26])،
كما رواه عبد الرزاق.
فلما مات بشر دفعها إلى أوليائه، فقتلوها به([27]).
كما في الإمتاع،
وابن سعد، وراجع: البيهقي، والسهيلي، والحافظ.
وفي صحيح مسلم:
أنه لم يقتلها([28]).
وعند ابن إسحاق وابن سخنون:
أجمع أهل الحديث على ذلك([29]).
وقال مغلطاي:
لم يقتلها([30]).
وعند الدارمي، عن الزهري:
أنه عفا عنها([31]).
5 ـ
زاد في بعض المصادر قوله: «فلما ازدرد رسول الله
«صلى الله عليه وآله» لقمته ازدرد بشر ما كان في فيه، وأكل القوم.
فقال رسول الله «صلى الله عليه
وآله»:
ارفعوا أيديكم، فإن هذه الذراع، أو الكتف يخبرني: أنها مسمومة (أو
إني نعيت فيها).
فقال له بشر:
والذي أكرمك، لقد وجدت ذلك في أكلتي التي أكلت، فما منعني أن
ألفظها إلا أن أنغص عليك طعامك، فلما أكلت ما في فيك لم أرغب بنفسي
عن نفسك، ورجوت أن لا تكون ازدردتها..
فلم يقم بشر من مكانه حتى عاد لونه كالطيلسان
[أي
أسود].
وماطله وجعه سنة، لا يتحول إلا ما حول، حتى مات.
وطرح منها لكلب فمات([32]).
قال الزهري:
واحتجم رسول الله
«صلى الله عليه وآله» يومئذٍ
على كاهله، حجمه أبو هند مولى بني بياضة، بالقرن والشفرة([33]).
6 ـ
وفي رواية: أنه بعد أن اعترفت اليهودية بتسميم
الشاة، بسط النبي «صلى الله عليه وآله» يده إلى الشاة، وقال: كلوا
باسم الله.
فأكلوا وقد سموا بالله، فلم يضر ذلك أحداً منهم([34]).
قال ابن كثير:
فيه نكارة وغرابة شديدة([35]).
7 ـ
وفي المنتقى: ولاكها رسول الله «صلى الله عليه
وآله» فلفظها، فأخذها بشر بن البراء، فمات من ساعته، وقيل: بعد سنة([36]).
8 ـ
وعند ابن سعد، والواقدي: أن اليهودية اعتذرت عن ذلك: بأنه «صلى
الله عليه وآله» قد قتل أباها، وزوجها، وعمها، وأخاها، ونال من
قومها. فأبوها الحارث، وعمها يسار، وأخوها مرحب، وزوجها سلام بن
مشكم.
فأرادت الانتقام لهم([37]).
9 ـ
وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن: أن النبي «صلى الله عليه وآله» أكل من
الشاة المسمومة، هو وأصحابه، فمات منهم بشر بن البراء، وأن النبي
«صلى الله عليه وآله» أمر باليهودية فقتلت([38]).
إننا وإن كنا مطمئنين إلى صحة
الحديث الذي يقول:
إنه
«صلى الله عليه وآله»
قد استشهد بتأثير سم قد دسه إليه بعضهم.
وإلى أن الراجح هو:
أن محاولة دس السم هذه قد تعددت، وربما يكون قد شارك فيها أكثر من
طرف، غير أننا نقول:
إن ذلك لا يعني صحة ما ورد في الروايات المتقدمة..
ولا
نريد أن نناقش في أسانيد
تلك
الروايات، فإن لنا فيه مقالاً.. بل نكتفي بتسجيل
الملاحظات التالية:
أولاً:
إن النبي الأعظم «صلى الله عليه وآله» لم يكن من
السذاجة بحيث يقبل هدية هذه اليهودية الموتورة، ثم يأكل، ويأمر
أصحابه بالأكل منها.. وهو قد فرغ لتوه من تسديد الضربة القاضية
لقومها..
كما أنه كان قد قتل زوجها، سلام بن مشكم، وأخاها
كعب بن الأشرف قبل ذلك، وقتل عمها، و.. و..
كما أن كل أحد قد رأى غدر اليهود المتكرر
بالمسلمين، وتآمرهم أكثر من مرة على حياة رسول الله «صلى الله عليه
وآله»، فلم يكن النبي «صلى الله عليه وآله» ليغفل عن هذا الأمر،
ويتصرف بهذا الطريقة.
ولو فرض جدلاً أنه «صلى الله عليه وآله» قد سكت عن
هذا الأمر، أو تغافل عنه لمصلحة رآها.. فإن من المتوقع جداً أن
يبادر أحد المسلمين إلى الجهر بالاعتراض على الأكل من ذلك الطعام،
وإبداء مخاوفه من أن يكون مسموماً.
ثانياً:
إن من يقرأ الروايات المتقدمة، ويقارن بينها،
يلاحظ: أنها غير منسجمة فيما بينها.. فلاحظ ما يلي:
1 ـ
بعضها يصرح بأن الله تعالى ما كان ليسلط تلك المرأة
عليه «صلى الله عليه وآله».
لكن بعضها الآخر يقول:
إنه «صلى الله عليه وآله» في مرض موته: قد وجد ألم الطعام الذي
أكله في خيبر، وأخبر أن مطاياه قد قطعت، أو أن ذلك هو أوان انقطاع
أبهره..
2 ـ
يقول بعضها: إنه «صلى الله عليه وآله» قد قتل تلك
المرأة، وبعضها الآخر يقول: إنه «صلى الله عليه وآله» قد عفا
عنها.. وبعض
ثالث يقول: إنه عفا عنها أولاً. ثم قتلت بعد موت
بشر بن البراء..
3 ـ
بعضها يقول: إنه «صلى الله عليه وآله» لم يسغ ما تناوله من لحم
الشاة..
لكن البعض يقول:
إنه قد أساغ ما أكله منها..
4 ـ
وقالوا: إن الذي مات، هو بشر بن البراء؟!.
وقيل:
هو مبشر بن البراء؟!([39]).
وقد يجاب عن هذا:
باحتمال أن يكون الرسم المتقارب للكلمتين هو الذي أوقع الرواة في
الاشتباه في القراءة.
5 ـ
في بعض تلك الروايات: أنه «صلى الله عليه وآله» قد اتهم جماعة من
اليهود بالأمر، فجمعهم، وسألهم عنه، فأقروا به..
وفي بعضها الآخر:
أن المتهم
به
هو
خصوص تلك المرأة
منهم..
6 ـ
بعضها يقول: إن الذي أكل هو بشر بن البراء فقط، وبعضها الآخر يضيف
قوله: وأكل القوم..
وبعض ثالث يقول: كانوا ثلاثة، وضعوا أيديهم في الطعام، ولم يصيبوا
منه.
7 ـ
بعضها يقول: إن الذي حجم النبي «صلى الله عليه وآله» في هذه
المناسبة هو أبو طيبة وقيل: بل حجمه أبو هند..
8 ـ
بعض الروايات يقول: إنه بعد اعتراف اليهودية بما فعلت، أمرهم النبي
«صلى الله عليه وآله» بالتسمية، والأكل من الشاة، فأكلوا فلم يضر
ذلك أحداً منهم..
وبعضها الآخر يقول:
لم يأكلوا.. وتضرر الرسول «صلى الله عليه وآله»،
وتضرر بشر بن البراء..
ثالثاً:
كيف يحسُّ بشر بن البراء بالسم، ثم لا يخبر النبي
«صلى الله عليه وآله» بالأمر، ويتركه يمضغ ما تناوله، ثم
يبتلعه؟!..
فهل كان يعتقد أن النبي «صلى الله عليه وآله» لا
يموت؟!..
أو أنه كان يعرف أنه يموت، وأراد له ذلك؟!.
أو
أنه لم يرده له.. ولكنه سكت عن إعلامه بالأمر؟!.
وكيف سكت؟!. ولماذا؟!.
رابعاً:
يقول بشر: إنه خاف أن ينغص على النبي «صلى الله عليه وآله» طعامه..
وهذا غريب حقاً، إذ كيف رضي من لا يحب أن ينغص على النبي «صلى الله
عليه وآله» طعامه: أن يتناول هذا النبي ذلك السم، ويموت به؟!..
وهل تنغيص الطعام على الرسول أعظم وأشد
عليه
من موته «صلى الله عليه وآله»؟!.
خامساً:
كيف أقدم بشر على ازدراد ما يعلم أنه مسموم؟!.
وما معنى هذه المواساة منه للنبي «صلى الله عليه
وآله» بنفسه؟!..
وهل يجوز له أن يقتل نفسه لمجرد المواساة؟!.
وما هي الفائدة التي توخاها من ذلك؟!..
سادساً:
هل الحجامة تنجي من السم حقاً؟!.. ولو كانت كذلك،
فلماذا لا يستفاد منها في معالجة من تلدغه الحية.. أو من يشرب سماً
خطأ، أو عمداً؟!..
ولماذا أمر النبي «صلى الله عليه وآله» الذين وضعوا
أيديهم في الطعام ولم يأكلوا منه أن يحتجموا؟!
سابعاً:
ما معنى قوله «صلى الله عليه وآله»: هذا أوان انقطاع أبهري، فهل
تناول السم يقطع العرق الأبهر، حتى بعد أن تمضي على تناول ذلك السم
سنوات عدة؟!..
وما هو الربط بين هذا العرق، وبين ذلك السم؟!..
وهل كل من تناول سماً ينقطع أبهره؟!
ثامناً:
إن زينب بنت الحارث اليهودية قد اعتذرت للنبي «صلى الله عليه وآله»
عن فعلتها الشنعاء تلك، بأنه «صلى الله عليه وآله» قد قتل أباها،
وعمها، وزوجها، وأخاها..
وأخوها
ـ كما يزعمون ـ
هو مرحب اليهودي([40])،
الذي قتله الإمام علي «عليه السلام»
ونحن نشك
في صحة كون مرحب أخاً لتلك المرأة..
فإن هناك من يقول:
إنه عمها([41]).
تاسعاً:
إن بعض الروايات كما في شرف المصطفى تحدثت عن أن اليهودية قد قُتلت
وصُلبت، حين مات بشر.
غير أننا نعلم:
أنه ليس في العقوبات الإسلامية الصلب للقاتل.. لا سيما إذا أخذنا
بروايات العفو عنها من قِبل الرسول «صلى الله عليه وآله» قبل ذلك.. حيث
لا يحتمل أن تكون عقوبة قاتل غير النبي القتل والصلب..
وأما
آية:
{إِنَّمَا
جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي
الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ
أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ
ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ
عَظِيمٌ}([42])،
فإنما هو في المحارب شرط أن يكون قد شهر السلاح، وأخذ
المال، وضرب وعقر، ولم يقتل..
هذا كله:
مع غض النظر عن أن روايات العفو عنها تناقض الروايات القائلة بأن بشراً
قد
مات من ساعته، ولم يبق إلى سنة..
يضاف إلى ذلك:
أنها
إنما فعلت ما فعلت قبل أن تسلم، فإسلامها يجبُّ ما قبله، فلا معنى
لقتلها إذا كانت قد أسلمت، حتى لو مات بشر بعد العفو عنها.
عاشراً:
ما ذكره أنس من أنه ما زال يعرف
فيها
ـ أي
آثار
السم ـ في لهوات رسول الله «صلى الله عليه وآله»!! غريب، إذ كيف يمكن
أن يرى أنس ـ باستمرار ـ لهوات رسول الله «صلى الله عليه وآله»؟!. فإن
اللهاة لا تكون ظاهرة للناس، إذ هي لحمة حمراء معلقة في أصل الحنك..
ولو أنه كان يرى لهواته «صلى الله عليه وآله»، فما الذي
كان يراه فيها، هل كان يرى السم نفسه، أو يرى صفرة أو خضرة، أو
ماذا؟
وهل كان غير أنس يرى لهوات رسول الله «صلى الله عليه
وآله» علي الصفة التي كان أنس يراها فيها؟!
حادي عشر:
ظاهر رواية المنتقى: أن بشراً قد التقط اللقمة التي لفظها الرسول «صلى
الله عليه وآله»، فأكلها، فمات منها..
فلماذا فعل ذلك يا ترى؟!. ألم يلتفت إلى أن رسول الله
«صلى الله عليه وآله»
قد لفظها، وأن ذلك
قد كان لأمر غير محبب دعاه إلى ذلك؟!.
ولنفترض:
أنه إنما أخذها ليتبرك بأثر رسول الله «صلى الله عليه وآله»، وبريقه
الشريف، فإن السؤال هو: ألم يكن ينبغي أن ينهاه الرسول «صلى الله عليه
وآله» عن أكلها، بعد أن أحس بما فيها من سم قاتل؟!..
أم تراه لم يره حين التقطها، وأكلها!! وإذا كان «صلى
الله عليه وآله» قد أعلن في نفس تلك اللحظة بأن الشاة أخبرته بأنها
مسمومة، ولفظ ما كان في فيه منها. فلماذا يلتقطه بشر بعده؟!
أما ما رواه الشيعة في مصادرهم حول محاولة سم اليهودية
له «صلى الله عليه وآله»، فنذكر منه ما يلي:
1 ـ
لقد جاء في التفسير المنسوب للإمام العسكري «عليه السلام» ما ملخصه:
إنه لما رجع النبي «صلى الله عليه وآله» من خيبر، جاءته
امرأة من اليهود ـ قد أظهرت الإيمان ـ بذراع مسمومة، وأخبرته أنها كانت
قد نذرت ذلك
له..
وكان مع رسول الله «صلى الله عليه وآله» البراء بن
معرور، والإمام علي «عليه السلام»، فطلب النبي «صلى الله عليه وآله»
الخبز، فجيء به، فأخذ البراء لقمة من الذراع، ووضعها في فيه..
فقال الإمام علي «عليه السلام»:
لا تتقدم رسول الله «صلى الله عليه وآله».
فقال له البراء:
كأنك تبخِّل رسول الله «صلى الله عليه وآله»؟!
فأخبره الإمام علي «عليه السلام»:
بأنه ليس لأحد أن يتقدم على رسول الله «صلى الله عليه وآله» بأكل ولا
شرب، ولا قول ولا فعل..
فقال البراء:
ما أبخِّل رسول الله «صلى الله عليه وآله»..
فقال الإمام علي «عليه السلام»:
ما لذلك قلت. ولكن هذا جاءت به يهودية، ولسنا نعرف
حالها، فإذا أكلتها بدون إذنه وكلت إلى نفسك..
هذا.. والبراء يلوك اللقمة، إذ أنطق
الله الذراع، فقالت:
يا رسول الله، إني مسمومة، وسقط البراء في سكرات الموت، ومات.
ثم دعا «صلى الله عليه وآله» بالمرأة فسألها..
فأجابته بما يقرب مما نقلناه
فيما تقدم
من مصادر أهل السنة.
فأخبرها النبي «صلى الله عليه وآله» بأن البراء لو أكل
بأمر رسول الله «صلى الله عليه وآله» لكفي شره وسمه..
ثم دعا بقوم من خيار أصحابه، فيهم سلمان، والمقداد،
وأبو ذر، وصهيب، وبلال، وعمار، وقوم من سائر الصحابة تمام العشرة،
والإمام علي «عليه السلام» حاضر..
فدعا رسول الله «صلى الله عليه وآله» الله تعالى، ثم
أمرهم بالأكل من الذراع المسمومة، فأكلوا حتى شبعوا، وشربوا الماء.
وحبس المرأة، وجاء بها في اليوم التالي.. فأسلمت..
ولم يصلِّ رسول الله «صلى الله عليه وآله» على البراء
حتى يحضر الإمام علي «عليه السلام» ليُحِلَّ البراء مما كلمه به حين
أكل من الشاة.. وليكون موته بذلك السم كفارة له..
فقال بعض من حضر:
إنما كان مزحاً مازح به علياً، لم يكن جداً فيؤاخذه الله عز وجل بذلك.
فقال «صلى الله عليه وآله»:
لو كان ذلك منه جداً لأحبط الله أعماله كلها. ولو كان تصدق بمثل ما بين
الثرى إلى العرش ذهباً وفضة، ولكنه كان مزحاً وهو في حل من ذلك، إلا أن
رسول الله يريد أن لا يعتقد أحد منكم: أن علياً «عليه السلام» واجد
عليه، فيجدد بحضرتكم إحلالاً، ويستغفر له، ليزيده الله عز وجل بذلك
قربة ورفعة في جنانه.. الخ([43]).
2 ـ
وفي رواية أخرى: أن امرأة عبد الله بن مشكم أتت النبي
«صلى الله عليه وآله» بشاة مسمومة، ومع النبي «صلى الله عليه وآله» بشر
بن البراء بن عازب.. فتناول النبي «صلى الله عليه وآله» الذراع فلاكها،
ولفظها، وقال: إنها لتخبرني أنها مسمومة.
أما بشر فابتلعها فمات..
ثم سأل النبي «صلى الله عليه وآله» اليهودية فأقرت([44]).
3 ـ
وفي رواية عن الأصبغ، عن الإمام علي «عليه السلام»: أنه
يقال للمرأة اليهودية: عبدة.
وأن اليهود هم الذين طلبوا منها ذلك، وجعلوا لها جعلاً.
فعمدت إلى شاة فشوتها، ثم جمعت الرؤساء في بيتها، وأتت
رسول الله «صلى الله عليه وآله»، فقالت: يا محمد، قد علمت ما توجَّب لي
من حق الجوار، وقد حضر في بيتي رؤساء اليهود، فزينِّي بأصحابك..
فقام «صلى الله عليه وآله» ومعه الإمام علي «عليه
السلام»، وأبو دجانة، وأبو أيوب، وسهل بن حنيف، وجماعة من المهاجرين..
فلما دخلوا، وأخرجت الشاة، سدت اليهود آنافها بالصوف،
وقاموا على أرجلهم، وتوكأوا على عصيهم..
فقال لهم النبي «صلى الله عليه
وآله»:
اقعدوا..
فقالوا:
إنا إذا زارنا نبي لم يقعد منا أحد، وكرهنا أن يصل إليه من أنفاسنا ما
يتأذى به.
وكذبت اليهود لعنهم الله، إنما فعلت ذلك مخافة سَوْرة
السم.. ودخانه..
ثم ذكرت الرواية:
تكلُّم كتف الشاة، وسؤال النبي «صلى الله عليه وآله» لعبدة عن سبب
فعلها، وجوابها له.. وأن جبرئيل هبط إليه وعلَّمه دعاء، فقرأه النبي
«صلى الله عليه وآله»، وكذلك من معه، ثم أكلوا من الشاة المسمومة، ثم
أمرهم أن يحتجموا([45]).
4 ـ
عن إبراهيم بن هاشم، عن جعفر بن محمد، عن القداح، عن
إبراهيم، عن الإمام الصادق «عليه السلام»: سمت اليهودية النبي «صلى
الله عليه وآله» في ذراع.
إلى أن قال:
فأكل ما شاء الله، ثم قال الذراع: يا رسول الله، إني مسمومة.
فتركها، وما زال ينتقض به سمه حتى مات «صلى الله عليه
وآله»([46]).
5 ـ
أحمد بن محمد، عن الأهوازي، عن القاسم بن محمد، عن علي،
عن أبي بصير، عن الإمام الصادق «عليه السلام»: سم رسول الله «صلى الله
عليه وآله» يوم خيبر، فتكلم اللحم، فقال: يا رسول الله، إني مسموم.
قال:
فقال النبي «صلى الله عليه وآله»، عند موته: اليوم قطعت مطاياي الأكلة
التي أكلت بخيبر، وما من نبي ولا وصي إلا شهيد([47]).
وكما لم نتعرض لمناقشة أسانيد روايات أهل السنة، رغم ما
فيها من هنات وهنات، فإننا سوف نغض النظر عن الحديث عن مناقشة روايات
الشيعة أيضاً، وإن كنا نجد من بينها ما هو معتبر من حيث السند، ونكتفي
بمناقشة متونها، فنقول:
أولاً:
قد ذكرت الرواية الأولى: أن البراء بن معرور هو الذي
أكل من الشاة المسمومة فمات.
مع أن البراء بن معرور، قد توفي قبل أن يهاجر رسول الله
«صلى الله عليه وآله» إلى المدينة بشهر([48]).
ولم يحضر رسول الله «صلى الله عليه وآله» موت البراء،
لكنه «صلى الله عليه وآله» حين هاجر زار قبره.
ويقال:
إنه قد صلى على قبره([49]).
وقضية خيبر إنما كانت في السنة السابعة بعد الهجرة،
فكيف يكون البراء بن معرور قد مات من أكلة خيبر، إذا كان قد مات قبلها
بسبع سنوات؟!.
وقد يعتذر عن ذلك:
بأن ثمة سقطاً من الرواية.
وأن الصحيح هو:
بشر بن البراء..
غير أننا نقول:
إن تكرر كلمة البراء في الروايات مرات عديدة يأبى قبول
هذا الإعتذار، فإن السهو لا يتكرر في جميع الموارد عادة، وهذا واضح.
ثانياً:
إن هذه الروايات التي رواها الشيعة تختلف فيما بينها:
1 ـ
فرواية التفسير المنسوب للإمام العسكري «عليه السلام»،
تقول: إن الضحية هو البراء بن معرور.
وروايات أخرى تقول:
إنه بشر بن البراء بن معرور.
ورواية ثالثة تقول:
إنه بشر بن البراء بن عازب..
2 ـ
رواية التفسير المنسوب للإمام العسكري «عليه السلام» تقول: إن الذي
مات، قد مات وهو يلوك اللقمة.
والرواية التي بعدها تقول:
إنه قد ابتلع اللقمة.
وقد يجمع بينها:
بأن الذي يلوك اللقمة كثيراً ما يبتلع بعضها. فلعل كل رواية تحدثت عن
شيء من ذلك بخصوصه. ولم تلحظ الخصوصية الأخرى.
3 ـ
يظهر من بعض تلك الروايات: أن النبي «صلى الله عليه وآله» لم يأكل من
الذراع،
وهي وإن كانت لا تنافي الراوية الأخرى التي تقول: إنه
«صلى الله عليه وآله» قد لاك اللقمة ولم يسغها..
لكنها تناقض الرواية التي صرحت:
بأنه
«صلى الله عليه وآله» قد أكل منها ما شاء الله،
بعد أن علمه جبرئيل دعاء..
4 ـ
بعض الروايات يقول: إن إخبار الذراع له «صلى الله عليه وآله» بأنها
مسمومة كان قبل أن يسيغ اللقمة.
وغيرها يقول:
إن الذراع تكلمت قبل أن يبدأ هو وأصحابه بالأكل منها.
وبعض آخر يقول:
إنه «صلى الله عليه وآله» قد أكل منها ما شاء الله، ثم أخبرته الذراع
بأنها مسمومة..
5 ـ
الروايات تصرح بأن اليهودية هي زوجة سلام بن مشكم.
لكن رواية الخرائج والجرائح تقول:
إنها امرأة عبد الله بن مشكم، ولا نعرف أحداً بهذا الاسم فيما بين
أيدينا من مصادر..
فإن وجد، فالروايتان متناقضتان من هذه الجهة..
6 ـ
الروايات تقول: إن اسم اليهودية زينب.
ورواية الأصبغ عن الإمام علي «عليه السلام» تقول:
إنها يقال لها: عبدة..
7 ـ
رواية التفسير المنسوب للإمام العسكري «عليه السلام» تقول: إن القضية
كانت في المدينة.
وسائر الروايات تقول:
في خيبر..
8 ـ
الروايات تتحدث عن أن اليهودية جاءته بذراع أو شاة مسمومة.
لكن رواية الأصبغ تقول:
إن اليهودية دعته للإجتماع مع الرؤساء في بيتها، حيث قدمت له الشاة
المسمومة.
إلا أن يدَّعى:
أنها قد جاءته بها بعد قدومه إلى بيتها..
9 ـ
وأخيراً.. هل جاءته بذراع؟! أم جاءته بشاة؟! إن الروايات قد اختلفت في
ذلك.
وقد يدَّعى أيضاً:
أنه لا مانع من إطلاق اسم الجزء على الكل.
وهناك موارد أخرى يظهر فيها هذا الإختلاف، لا نرى حاجة
إلى تتبعها.
ثالثاً:
إذا كان الإمام علي «عليه السلام» قد صرح بأنه يشك في هدية تلك
اليهودية، كما ذكرته رواية التفسير المنسوب للإمام العسكري «عليه
السلام»، معللاً ذلك بقوله: «ولسنا نعرف حالها».
فلماذا لم يشك رسول الله «صلى الله عليه وآله» فيها
أيضاً، ولم يحذِّر من معه من الأكل منها قبل التثبت من حالها.. بل بادر
فأكل منها ما شاء الله، أو أنه لاك ما تناوله منها، ثم أساغه، أو لم
يسغه، حسب اختلاف الروايات؟!..
ولماذا لم يحذر الإمام علي «عليه السلام» النبي «صلى
الله عليه وآله»، من الأكل منها، كما حذر البراء بن معرور؟!
وإذا كان النبي «صلى الله عليه وآله» حاضراً في المجلس
ينتظر إحضار الخبز، وكان يسمع الحوار بين الإمام علي «عليه السلام»،
وبين ابن معرور، فلماذا لم يأخذ تحذير الإمام علي «عليه السلام» بعين
الإعتبار؟!..
بل لماذا لم يؤثر هذا التحذير
في
البراء نفسه أيضاً؟!
فلم يرتِّب أي أثر على هذا التحذير، ولو بأن يلفظ ما كان في فمه، حتى
لو مات بعد ذلك بقليل.
رابعاً:
قد ذكرت رواية التفسير المنسوب للإمام العسكري «عليه السلام»: أنه «صلى
الله عليه وآله» دعا قوماً من خيار أصحابه.. ثم عددتهم، وذكرت من بينهم
صهيباً. مع أن صهيب الرومي كما ذكرته الروايات والنصوص، كان عبد سوء،
وهو ممن تخلف عن بيعة أمير المؤمنين «عليه السلام»، وكان من أعوان
المعتدين على الزهراء «عليها السلام»، والغاصبين لحق الإمام علي «عليه
السلام»، بل كان من المعادين لأهل البيت «عليهم السلام»([50]).
خامساً:
كيف يدعو النبي «صلى الله عليه وآله» خيار أصحابه ليأكلوا من الشاة،
فيأكلون إلى حد الشبع، ثم لا يصيبهم أي شيء. ويبقون أحياءً بعد موته
«صلى الله عليه وآله» عشرين عاماً،
وأكثر من ذلك.. لكنه هو «صلى الله عليه وآله» وحده الذي يصاب؟!
حيث تذكر الروايات الأخرى:
أنه «صلى الله عليه وآله» بعد ثلاث سنوات قد وجد ألم أكلته بخيبر، وأن
عِرْقَه الأبهر قد انقطع..
بل بعض الروايات تقول:
فما زال ينتقض به سمه حتى مات «صلى الله عليه وآله».
سادساً:
إن رواية التفسير المنسوب للإمام العسكري «عليه السلام» قد ذكرت أيضاً
أمراً خطيراً، نجل عنه رسول الله «صلى الله عليه وآله» كل الإجلال..
وهو:
أنه «صلى الله عليه وآله» لم يصلِّ على البراء،
بانتظار حضور الإمام علي «عليه السلام»، لكي يُحِلَّه مما كلمه به.
وليكون موته بذلك السم كفارة له..
ولكنه «صلى الله عليه وآله» حين اعترضوا عليه، بأن
البراء قد قال ذلك مزاحاً، ولم يكن ليؤاخذه الله بذلك، تراجع «صلى الله
عليه وآله»، وقال: «..ولكنه كان مزحاً، وهو في حل من ذلك»..
ثم اعتذر لهم عن موقفه الأول بأنه يريد أن لا يعتقد أحد
منهم بأن الإمام علياً «عليه السلام» واجد عليه، فأراد أن يجدد بحضرتهم
إحلالاً له، ويستغفر له.. ليزيده الله بذلك قربة ورفعة في جنانه..
وهذا معناه:
أن هذه الرواية تنسب إلى رسول الله ـ والعياذ بالله ـ
التدليس، والإخبار بغير الحق.. ثم التراجع عن الموقف بعد ظهور الأمر..
و.. و..
الخ.. وحاشاه من ذلك كله..
سابعاً:
هل صدَّق رؤساء اليهود بنبوة رسول الله «صلى الله عليه وآله» حتى قالوا
له: إذا زارنا نبي لم يقعد منا أحد؟!
وكيف صدقهم رسول الله «صلى الله عليه وآله» والمسلمون
في قولهم هذا؟!. ألم يكن النبي «صلى الله عليه وآله» قد زارهم قبل ذلك،
واجتمع بهم؟! فهل كانوا يقومون أيضاً، ويسدُّون
آنافهم بالصوف..حتى لا يتأذى بأنفاسهم؟!.
وحين سدوا آنافهم بالصوف مخافة سَوْرة السم، هل تنفسوا
من أفواههم بعد سد الآناف؟!..
وهل التنفس من الفم يمنع من سَوْرة السم حقاً؟!
أم أنهم سدوها بالصوف، والتزموا بأن يتنفسوا منها
أيضاً؟
إن الرواية لم توضح لنا ذلك!!
وإذا كان السم يؤثر إلى هذا الحد، فلا حاجة بهم إلى
إطعام الرسول «صلى الله عليه وآله» من الشاة، بل يكفي أن يضعوها
أمامه.. ويدخل السم إلى بدنه الشريف عن طريق التنفس.
ثامناً:
إذا كان النبي «صلى الله عليه وآله» قد علم بالسم، وقرأ
الدعاء، وأمرهم بأكل ما هو مسموم، ليظهر المعجزة، والكرامة بذلك، فما
معنى أمره لمن معه بالإحتجام بعد ذلك؟!..
فهل أثّر الدعاء في حجب أثر السم،
أم لم يؤثر؟ فإن كان قد أثّر، فما الحاجة إلى الحجامة؟!. وإن كان لم
يؤثر، فلماذا كان الدعاء؟!
وكيف أقدم «صلى الله عليه وآله» على تناول سم يؤدي إلى
الموت، من دون تثبُّت من تأثير الدعاء في منع تأثيرالسم؟!..
تاسعاً:
إن بعض تلك الروايات
يقول:
إنه بعد أن أكل النبي «صلى الله عليه وآله» ما شاء الله، كلمته الذراع،
وقالت: إني مسمومة.. فلماذا أخرت الذراع كلامها إلى حين أكل النبي «صلى
الله عليه وآله» منها ما شاء الله؟!.
ولماذا لم يمت النبي «صلى الله عليه وآله» من ذلك السم
من ساعته، إذا كان ذلك السم مؤثراً؟!.. بل تأخر أثره إلى ثلاث
سنوات؟!..
أوليس قد مات بعض المسلمين بسبب أكله من نفس السم الذي
أكل منه رسول الله
«صلى الله عليه وآله».
وبعدما تقدم نقول:
إن أصابع الاتهام لا تتوجه في هذا الأمر إلى اليهود
وحسب، فإن هناك روايات تلمِّح، وأخرى تصرح بأنه «صلى الله عليه وآله»
قد مات مسموماً بفعل بعض نسائه.. فلاحظ ما يلي:
1 ـ
إن من الروايات التي ربما يقال إنها تلمح إلى ذلك، الرواية المتقدمة عن
الإمام الصادق «عليه السلام»،
وفيها:
أن الإمام الحسن بن علي «عليهما السلام» قال لأهل بيته: إني أموت
بالسم، كما مات رسول الله «صلى الله عليه وآله»..
ثم ذكر لهم:
أن زوجته هي التي تسممه..
فربما يقال:
إنه «عليه السلام» يريد الإشارة إلى هذا الأمر بالذات، وإلا فقد كان
يكفيه أن يقول: إن امرأتي تقتلني بالسم.. ولكنه لم
يكتف بذلك،
بل شبه ما يجري له بما جرى لرسول الله «صلى الله عليه وآله».. فكما أن
زوجتيه «صلى الله عليه وآله» قد سمتاه، فإن زوجة الإمام الحسن «عليه
السلام» سوف تدس له السم أيضاً..
وعهدة هذا الفهم للرواية على هذا النحو تبقى على
مدّعيه..
إذا لم يرد أن يؤيد ذلك بالروايات الأخرى الآتية المصرحة بهذا الأمر.
2 ـ
ما روي عن الإمام الصادق «عليه السلام»، في تفسير قوله تعالى:
{وَمَا
مُحَمَّدٌ إِلاَ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ
مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ}([51]).
حيث قال «عليه السلام»:
«أتدرون، مات رسول الله «صلى الله عليه وآله» أو قتل؟! إنهما سقتاه قبل
الموت»..
3 ـ
وروي أيضاً عن عبد الصمد بن بشير، عن أبي عبد الله «عليه السلام»، قال:
«أتدرون مات النبي «صلى الله عليه وآله» أو قتل؟!.. إن الله يقول:
{أَفَإِنْ
مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ}.
فسم قبل الموت، إنهما سمتاه»، أو سقتاه([52]).
4 ـ
وروي عن الإمام الصادق «عليه السلام»: في حديث الحسين
بن علوان الديلمي:
«أنه حينما أخبر النبي «صلى الله عليه وآله» إحدى نسائه، لمن يكون
الأمر من بعده، أفشت ذلك إلى صاحبتها، فأفشت تلك ذلك إلى أبيها،
فاجتمعوا على أن يسقياه سماً، فأخبره الله بفعلهما. فهمَّ «صلى الله
عليه وآله» بقتلهما، فحلفا له: أنهما لم يفعلا، فنزل قوله تعالى:
{يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لاَ تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ}([53])»([54]).
ونحن، رغم أننا قد ذكرنا بعض الإشكالات على الطائفتين
المتقدمتين أولاً، عن السنة والشيعة، حول سم اليهود له «صلى الله عليه
وآله».. فإننا لا نريد أن نتسرع في إصدار الحكم النهائي حتى مع وجود
هذه الطائفة الثالثة المذكورة آنفاً، وذلك لأننا إذا نظرنا إلى الطوائف
الثلاث من الروايات.. نجد أن في الطائفة الثانية روايات معتبرة، لا ترد
عليها الإشكالات في مضمونها، إذا أخذت بمفردها، وهي أيضاً تتوافق مع
بعض روايات أهل السنة في أصل المسألة.
ولأجل ذلك، نقول:
إن النظرة المنصفة لهذه الطوائف الثلاث تدعونا إلى
تقرير ما يلي:
إنه ربما يظهر من مجموع ما ذكرناه:
أن المحاولات التي بذلها اليهود لقتله «صلى الله عليه وآله» قد تعددت،
ولعل بعضها قد حصل في خيبر، وبعضها حصل بالمدينة..
ولعل التي سمته في خيبر هي زينب بنت الحارث اليهودية،
والتي سمته في المدينة هي تلك اليهودية التي يقال لها: عبدة..
وربما تكون الذراع قد كلمت النبي «صلى الله عليه وآله»
مرتين: إحداهما في خيبر، والأخرى في المدينة.
ولعله أهديت له «صلى الله عليه وآله» ذراع تارة، وأهديت
له «صلى الله عليه وآله» شاة
مصليّة
أخرى..
ثم لعل الذي مات في إحداهما:
هو مبشر بن البراء، وأما أخوه بشر بن البراء
أو بشر بن البراء بن عازب،
فمات في حادثة أخرى..
وربما يكون بشر قد مات في إحداهما، ولم يمت أحد من
المسلمين في المحاولة الأخرى..
ويمكن أن يقال أيضاً:
إن المحاولة التي جرت في المدينة،
ربما تكون قد جرت بالتواطؤ مع بعض نسائه «صلى الله عليه وآله».. وربما
تكون محاولة بعض نسائه قد جاءت منفصلة عن قصة اليهودية واليهود..
وربما تكون محاولة بعض نسائه قد فشلت مرة، وذلك في قضية
إفشاء سره «صلى الله عليه وآله» في موضوع سورة التحريم، إذ إن الرواية
تقول:
إن الله تعالى أخبره بذلك، ثم نجحت في المحاولة
الثانية، واستشهد رسول الله «صلى الله عليه وآله» بفعل السم الذي دسسنه
له..
وإنما فضح الله أمرهن في المرة
الأولى ليعرف الناس:
أنهن قد يقدمن على هذا الأمر الشنيع
مرة أخرى،
حتى إذا فعلن ذلك، وذلك حين وفاته «صلى الله عليه وآله»، فتصديق الناس
بهذا الأمر يصبح أسهل وأيسر..
كما أن تعريف الناس بحقيقة أولئك النسوة يحصِّن الناس
من الاغترار بهن،
بحجة
كونهن زوجات له «صلى الله عليه وآله»!!..
نعم.. إن ذلك كله.. وسواه محتمل في تلك الروايات..
ونحن وإن لم نستطع الجزم بأي من تلك الوجوه.. ولكن لا
شك في أنها
وفق ما ذكرناه
لا تكون متعارضة فيما بينها ولا متنافرة، لأنها إنما
تكون كذلك لو فرض أنها كلها تحكي عن قضية واحدة دون سواها..
وكونها تحكي عن قضية واحدة مما لا سبيل إلى إثباته..
وتعدد محاولات اغتياله
حسبما تقدم
في أوائل هذا البحث قد يؤيد هذا الأمر..
وتبقى حقيقة واحدة لا مجال لإنكارها
من أحد أيضاً، وهي:
أنه في ظل هذا الذي ذكرناه، لا بد أن تسقط كل الآراء
التي تسعى لتبرئة هذا الفريق أو ذاك..
وتبقى الشبهة تحوم حول الذين ذُكرت أسماؤهم في الروايات
في الطوائف الثلاث المتقدمة. لاسيما مع وجود نصوص صحيحة السند عند
الشيعة والسنة..
بل إنه حتى أولئك الذين كانوا من المعروفين،
وتدعى لهم الكرامات الراسخة، والمقامات الشامخة،
قد أثبت لنا التاريخ
أنهم قد
شنوا حرباً ضارية ضد علي «عليه السلام» قتل فيها ألوف من المسلمين، ولو
استطاعوا قتل
علي
«عليه
السلام»
نفسه
لقتلوه، مع أنه وصي رسول الله «صلى الله عليه وآله»
وأخوه ونفسه، كما جاء في آية المباهلة..
بل إنه حتى بالنسبة إلى النصوص التي لم توفق لسند صحيح،
فإنه لا يمكن دفع احتمالات صحتها، خصوصاً إذا لوحظت الظروف التي أحاطت
برسول الله «صلى الله عليه وآله» من أول بعثته، وإلى حين وفاته.
مع علمنا بأن الجهر بالحقيقة كان يساوق المجازفة
بالحياة، وبالأخص بالنسبة لبعض الشخصيات التي كانت تحتل مكانة خاصة في
قلوب بعض الفئات، التي كانت هي الحاكمة عبر أحقاب التاريخ..
ولتفصيل هذا الأمر، محل ومجال آخر..
وربما يمكن تأكيد استشهاد رسول الله «صلى الله عليه
وآله» بالسم بالروايات التي تقول: ما من نبي أو وصي إلا شهيد، فقد:
1 ـ
روى محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد، عن الحسين
بن سعيد، عن القاسم بن محمد، عن علي، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله
«عليه السلام»، قال:
سم رسول الله «صلى الله عليه وآله» يوم خيبر، فتكلم
اللحم، فقال: يا رسول الله، إني مسموم.
قال:
فقال النبي «صلى الله عليه وآله» عند موته: اليوم قطعت مطاياي الأكلة
التي أكلت بخيبر، وما من نبي، ولا وصي إلا شهيد([55]).
وقد أكدت النصوص المتقدمة صحة ذلك، بالنسبة للنبي «صلى
الله عليه وآله»، أما بالنسبة لأوصيائه الاثني عشر، فقد وردت عدة
روايات تفيد هذا المعنى أيضاً، وبعض هذه الروايات معتبر من حيث السند،
ونذكر منها ما يلي:
2 ـ
عن تميم القرشي، عن أبيه، عن أحمد بن علي الأنصاري، عن أبي الصلت
الهروي، عن الإمام الرضا «عليه السلام» في نفي قول من قال: إن الإمام
الحسين «عليه السلام» لم يقتل، ولكن شبِّه لهم، قال «عليه السلام»:
والله، لقد قتل الحسين «عليه السلام»، وقتل من كان
خيراً من الحسين، أمير المؤمنين، والحسن بن علي، وما منا إلا مقتول،
وإني ـ والله ـ لمقتول بالسم الخ..([56]).
ويمكن أن يستفاد من هذه الرواية،
وغيرها مما يأتي:
أن النبي «صلى الله عليه وآله» أيضاً قد مات شهيداً، إذ كان المقصود
بكلمة منا هو أهل البيت، وعلى رأسهم رسول الله «صلى الله عليه وآله».
3 ـ
محمد بن موسى بن المتوكل، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه،
عن أبي الصلت الهروي، قال: سمعت الإمام الرضا «عليه السلام» يقول:
«والله، ما منا إلا مقتول شهيد».
وليس في سند هذه الرواية إشكال([57]).
4 ـ
قال الصدوق «رحمه الله»: وفي حديث آخر: «..وجميع الأئمة
الأحد عشر بعد النبي «صلى الله عليه وآله» قتلوا، منهم بالسيف، وهو
أمير المؤمنين، والحسين «عليهما السلام». والباقون قتلوا بالسم، قتل كل
واحد منهم طاغية زمانه، وجرى ذلك عليهم على الحقيقة والصحة الخ..»([58]).
5 ـ
روى الخزاز القمي: عن محمد بن وهبان البصري، عن داود بن
الهيثم، عن إسحاق بن البهلول، عن طلحة بن زيد، عن الزبير بن باطا، عن
عمير بن هاني، عن جنادة بن أميد: أن الإمام الحسن بن علي «عليهما
السلام» قال في مرضه الذي توفي فيه:
«والله، إنه لعهد عهده إلينا رسول الله «صلى الله عليه
وآله»: أن هذا الأمر يملكه اثنا عشر إماماً من ولد علي «عليه السلام»
وفاطمة «عليها السلام»، ما منا إلا مسموم، أو مقتول الخ..»([59]).
6 ـ
قال الطبرسي «رحمه الله»، وكذلك الإربلي «رحمه الله»، وهما يتحدثان عن
الإمام العسكري «عليه السلام»: «ذهب كثير من أصحابنا إلى أنه «عليه
السلام» مضى مسموماً، وكذلك أبوه وجده، وجميع الأئمة «عليهم السلام»،
خرجوا من الدنيا بالشهادة».
واستدل القائلون بذلك بما روي عن الإمام الصادق «عليه
السلام»:
والله، ما منا إلا مقتول أو شهيد([60]).
7 ـ
وروى الحسين بن محمد بن سعيد الخزاعي، عن عبد العزيز بن
يحيى الجلودي، عن الجوهري، عن عتبة بن الضحاك، عن هشام بن محمد، عن
أبيه، قال: خطب الإمام الحسن بن علي «عليهما السلام» بعد قتل أبيه،
فقال في خطبته:
«لقد
حدثني حبيبي جدي رسول الله «صلى الله عليه وآله»:
أن الأمر يملكه اثنا عشر إماماً من أهل بيته وصفوته، ما منا إلا مقتول
أو مسموم»([61]).
يضاف إلى ما تقدم:
وجود نصوص روائية، وتاريخية، تتحدث عن كل إمام، وتروي أنه قد مات بالسم
أو القتل على يد طاغية زمانه، مع وجود محاذير كبيرة، وأخطار جسيمة
تتهدد من يعلن هذا الأمر، لأن إظهاره ليس في مصلحة أولئك الحكام..
وبعد
هذا..
فلا يصح نفي حصول هذا الأمر بصورة قاطعة، أو استبعاده..
المفيد
&
ينكر حديث ما منا إلا مقتول:
وقد يسأل سائل هنا فيقول:
إذا كان النبي «صلى الله عليه وآله» قد مات شهيداً، فما معنى أن ينكر
ذلك الشيخ المفيد «رحمه الله»، حسبما ذكره في بعض مؤلفاته؟!([62]).
ونقول في الجواب:
إنه لا ريب في أن الشيخ المفيد «رحمه الله» هو من أعاظم
علماء الإمامية، وله مكانته الرفيعة، وأثره العظيم في حفظ المذهب، وفي
الذب عنه، وفي ترويجه، فجزاه الله عن الإسلام وأهله خير جزاء وأوفاه.
غير أن علينا أن لا ننسى أنه «رحمه الله» كان يعيش في
بغداد، عاصمة الخلافة العباسية. وكان أسلاف الحكام في بغداد، هم الذي
دبروا لارتكاب جرائم قتل الأئمة صلوات الله وسلامه عليهم.. وسجل لنا
التاريخ عنهم أموراً هائلة تظهر: أن العباسيين كانوا أشد على أهل البيت
وشيعتهم من الأمويين. وفي كتابنا الحياة السياسية للإمام الرضا «عليهم
السلام»، نبذة صالحة لإعطاء الانطباع عن فظاعة هذا الأمر، وعمقه،
ومداه.
وفي إلماحة إلى ذلك هنا نقول:
إن الإمام الحسين «عليهم السلام»، لم يعش في زمن
العباسيين، ولا حاربهم، بل هو قد قضى شهيداً مظلوماً بسيوف أعدائهم
الأمويين، وقد حاول العباسيون أن يستفيدوا من مظلوميته هذه في حركتهم
المناهضة لبني أمية، فرفعوا شعار الأخذ بثاراتته «عليه السلام»..
كما أن مما لا شبهة فيه:
أن الإمام الحسين «عليهم السلام» هو أقدس رجل مشى على وجه الأرض بعد
جده النبي «صلى الله عليه وآله»، وأبيه علي وأخيه الحسن «عليهما
السلام».
ومع ذلك، فإن العباسيين قصدوا قبره «عليه السلام»
بالهدم، وحرثوه، وقطعوا الشجر من حوله.. وهو ما فعله المنصور العباسي،
والرشيد والمتوكل و.. كما أنهم قد قطعوا السبل لمنع الناس من الوصول
إلى كربلاء لزيارة القبر الشريف، وعاقبوا زواره بأشد العقوبات، حتى
بالقتل..
فإذا كان هذا هو موقفهم من قبر الحسين! «الشهيد»! ومن
زوار ذلك القبر الشريف، فماذا سيكون موقفهم من الأئمة المعاصرين لهم؟!
والذين تتعاظم هواجسهم، وخوفهم منهم!!.
إن التاريخ يحدثنا:
أن سيرتهم معهم ومع شيعتهم قد أنست الناس سيرة وسياسات بني أمية، مع
أهل البيت «عليهم السلام»، ومع من يتشيع لهم، ويتصل بهم.. حتى قال
الشاعر:
تالله مـــا
فـعـلــت أمـيـة منهم معشـار مـا فـعـلـت بـنو العباس
وقال الآخر:
يا لـيـت جـور
بـني أميـة دام لنا ولـيـت عـدل بني العباس في النار
وإذا ما لمحنا أحياناً شيئاً من التخفيف من وطأة هذه
السياسة، فقد كان ذلك استجابة لمقتضيات فرضت نفسها، أو لانشغالهم بأمور
حاضرة، كان عليهم المبادرة لمعالجتها، وتأجيل ما سواها..
وفي جميع الأحوال، نقول:
إن الشيخ المفيد «رحمه الله» كان يعيش في ظل حكم هؤلاء،
الذين ورثوا عن أسلافهم الحقد، والضغينة، على أهل البيت «عليهم السلام»
وشيعتهم، وقد كان الحديث عن قتل الأئمة يعنيهم مباشرة، دون كل من
سواهم..
فهل تراهم سوف يسمحون وهم أصحاب السلطة والهيمنة
السياسية والعسكرية والثقافية والأمنية الخ.. ـ هل سيسمحون للشيخ
المفيد أو لغيره ـ بإثارة هذا الاتهام ضد أسلافهم؟! وأن يتداول الناس
هذا الأمر؟! ويصبح جزءاً من ثقافتهم، وأن يدون في الكتب والأسفار
لينتقل إلى الأجيال اللاحقة، في جملة ما ينتقل من الأخبار؟!
أم تراهم سيمنعون منه، لكي لا يصبح وسيلة طعن، وسند
إدانة يبرر للناس الذين يرتبطون بأهل البيت إيمانياً وعاطفياً بأن
يكرهوهم، وأن يزيد حبهم، وتعاطفهم مع الخط المناوئ لهم، والذي تراود
هؤلاء الحكام الشكوك والهواجس تجاههم، وتجاه كل حركة تصدر منهم وعنهم؟!
إن أسلافهم الأمويين قد قتلوا الحسين «عليهم السلام»،
وقتلوا زيداً، ويحيى وغيرهم جهاراً نهاراً.. وحملوا النساء والأطفال
سبايا، وطافوا بهم البلاد.. ولكنهم لم يسمحوا للناس بأن يتداولوا
الحديث عن تلك الجرائم بحرية، وبصدقية، ووضوح..
فهل يسمح العباسيون بكشف وتداول أمر لا يمكنهم الاعتراف
به؟!.. بل هم يظهرون للناس إدانتهم له، ويجهدون لإقناعهم ببراءتهم
منه؟!..
فراجع ما سجله الحديث والتاريخ من مواقف لهم في هذا
السياق تجاه الإمام الرضا، والإمام الكاظم، وسواهما من الأئمة «عليهم
السلام»، حيث كانوا يقتلونهم بالسم، ثم يظهرون للناس بمظهر البريء،
ويمشون في جنازتهم، ويكشفون أجسادهم للشهود ليشهدوا ببراءتهم من دمهم،
ومن سيجرؤ على أن يشهد بضد ما يريدون؟ وأن يقول خلاف ما يحبون؟!
وكل ذلك يوضح لنا:
مدى صعوبة إظهار وإشاعة أخبار استشهاد الأئمة الطاهرين صلوات الله
وسلامه عليهم أجمعين، على أيدي أسلاف أولئك الحكام، في تلك العصور
الصعبة، مثل عصر الشيخ المفيد، أو عصر غيره.
ثانياً:
لنفترض أن من الممكن تدوين ذلك، ولكن السؤال هو: هل كان الشيخ المفيد
قادراً على أن يجمع مؤلفات السابقين عليه، في عصر كان يصعب فيه التنقل
في البلاد، ولم يكن هناك وسائل ارتباط، ولا كانت هناك وسائل لتكثير
الكتب، وتوزيعها.. أو وسائل لكشف مطالبها ومحتوياتها، سوى القراءة
المباشرة والشاملة؟!..
كما أن الكتّاب والقراء في تلك العصور، لم يكونوا من
الكثرة بحيث يمكن مقايستهم بمن يقرأ ويكتب في عصرنا الحاضر.. بل كان
الغالب على الناس هو الأمية، والجهل..
أما الحالة المادية للناس فلم تكن تفي بمتطلبات حياتهم،
ولا تلبي حاجاتهم.. فضلاً عن أن يتمكنوا من شراء ما يحتاجون إليه من
كتب، والتفرغ لقراءتها، والإطلاع على ما فيها، فضلاً عن شراء الكتب
لأجل التجمل بها، واقتنائها لمجرد الإقتناء.
إلى غير ذلك من عوامل قد توافرت وتضافرت، كان من شأنها
أن تقلل من فرص الحصول على النصوص التي تفيد في جلاء الحقيقة، فكيف إذا
كانت هذه النصوص مضطهدة من أكثر من فريق.. ومنها السلطة، وتحاول التخفي
في حنايا وثنايا الكتب المهجورة، أو البعيدة عن الأنظار، مما تقبع في
زوايا الإهمال، بانتظار الوقت الذي تسوق أحدهم الصدفة إليها، وينشط أو
يجد الوقت للاطلاع عليها..
وبعدما تقدم، نعود إلى إثارة السؤال من جديد، فنقول:
إلى أي حدٍ كان الشيخ المفيد قادراً على جمع تلك
المؤلفات، ثم تصيد تلك الفرائد الشوارد من الأخبار، من نوادر تلك الكتب
والأسفار؟!..
ثالثاً:
إن مما لا شك فيه أن العلماء المتأخرين. قد استطاعوا أن يجمعوا مؤلفات
كثيرة من مختلف البلاد، وأن يقفوا حتى على كتب الفئات والأشخاص التي
بقيت محظورة طيلة مئات السنين، إما تقية من أصحابها، أو بقرارات
وسياسات من السلطة الغاشمة.. أو لغير ذلك من أسباب.
وهناك كتب تمكنت في هذا العصر من رؤية النور، فظهرت
وكان مؤلفوها قد اطلعوا على مصادر لم تصل إلينا أيضاً.. لأن الوسائل
الحديثة قد يسرت وصولها إلينا، بل إلى كل إنسان. كما أنها قد يسرت
الحصول على كل فكرة فيه.. مهما كان نوعها، أو حجمها، دون أن يحتاج ذلك
إلى بذل أي جهد يذكر..
وهذا ما يجعل أهل هذا العصر أقدر على الوصول إلى
المعلومات المتنوعة، من مصادرها المختلفة، وأن يستفيدوا منها، ويوظفوها
في تحقيقاتهم وبحوثهم على أكمل وجه.
ولذلك، فإننا نتوقع ظهور كثير من الحقائق التي نثبتها
والدراسات، مع أنها كانت طيلة العصور الخالية قاصرة عن نيلها، وعن
الوصول إلى الكثير مما يفيد في استجلائها، والوقوف على وجه الصواب
فيها..
رابعاً:
إننا بعد كل هذا الذي قدمناه، نقول:
إن الشيخ المفيد «رحمه الله» حين
يقول:
إنه لا طريق لإثبات استشهاد من عدا علي والحسنين، والكاظم والرضا
«عليهم السلام».. وأن الخبر بالنسبة إليه في قتل أو سم من عدا هؤلاء
يجري مجرى الإرجاف، وليس إلى تيقنه سبيل.. وإذا استبعدنا شبح احتمال
التقية في قوله هذا ـ فإنما يقول هذا بعد أن راجع ما توفر لديه من
مصادر سيرة.. وظهر له أنه غير قادر على تحصيل اليقين منها بذلك..
لكن هذا لا يعني أن يكون الآخرون الذين لديهم مصادر
أكثر، ونصوص أوفر. ولا يكلفهم استخراجها إلا اليسير من الوقت والجهد ـ
نعم لا يعني أن يكون هؤلاء غير قادرين على تحصيل الأدلة، أو امتلاك
الحجة على أنهم «عليهم السلام» قد تعرضوا للسم أو للقتل..
وببيان آخر نقول:
إنه يمكن للشيخ المفيد «رحمه الله»
أن يقول:
لم أجد.. وليس له أن يقول: لا سبيل إلى اليقين، إلا إذا كان يقصد بذلك
يقينه هو.. لأن عدم الوجدان لا يدل على عدم الوجود..
وكل ذلك يعطينا:
أن قوله «رحمه الله» في هذا المجال ليس ملزماً للباحثين بعده.. ولا هو
مما يصح الاحتجاج به على النفي..
ولا نبالغ إذا قلنا:
إن لدينا ما يصلح للإستدلال به على نقض كلامه «رحمه الله».. سواء في
ذلك النصوص العامة التي وردت في سياق: ما منا إلا مقتول أو مسموم. أو
نحو ذلك مما تقدم، أو النصوص الخاصة التي صرحت بأن كل إمام بخصوصه قد
قتل بالسم، أو بغيره..
فراجع:
ما قدمناه لتقف على حقيقة الحال..
([1])
راجع: ما قدمناه في هذا الكتاب. في غزوة بني النضير ج8 ص40 ـ
50.
([2])
راجع: السيرة الحلبية (ط دار إحياء التراث العربي) ج3 ص143
وأسد الغابة ج1 ص468 ودلائل النبوة للبيهقي ج5 ص260 ـ 262
والمغازي للواقدي ج3 ص1042 ـ 1045 وإمتاع الأسماع ص477 ومجمع
البيان ج3 ص46 وإرشاد القلوب للديلمي ص330 ـ 333 والمحلى ج11
ص225، وشرح أصول الكافي ج12 ص193، وكتاب سليم بن قيس ص272
والمسترشد ص593 والهداية الكبرى ص79 والبحار ج28 ص99 و 128
ومكاتيب الرسول ج1 ص602 والدرجات الرفيعة ص298 والفوائد
الرجالية ج2 ص172 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص466 والكنى والألقاب
ج2 ص235.
([3])
راجع: المحلى لابن حزم ج11 ص225.
([4])
الطبقات الكبرى لابن سعد (ط دار صادر) ج2 ص201 و (ط دار
التحرير بالقاهرة سنة 1388 هـ) ج2 ق2 ص7 وسبل الهدى والرشاد
ج12 ص303 ودلائل النبوة للبيهقي ج7 ص172 والمستدرك للحاكم ج3
ص58 وصححه على شرط الشيخين، هو والذهبي في تلخيص المستدرك
(مطبوع بهامشه)، وراجع: فيض القدير للمناوي ج5 ص448 ومسند أحمد
ج1 ص381 و 408 و 434 ومسند أبي يعلى ج9 ص132 ومجمع الزوائد ج9
ص34 والمصنف للصنعاني ج5 ص269 والمعجم الكبير ج10 ص109
والبداية والنهاية ج5 ص247 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص449
وإمتاع الأسماع ج14 ص437 وعن أنساب الأشراف ج1 ص576.
([5])
المناقب لابن شهرآشوب ج3 ص175 والبحار ج44 ص153 وج43 ص327
والخرائج والجرائح ج1 ص241.
([6])
سبل الهدى والرشاد ج11 ص260 والمستدرك للحاكم ج3 ص59 وج3 ص64
وتلخيص المستدرك للذهبي بهامشه.
([7])
الطبقات الكبرى لابن سعد ج2 ص200.
([8])
البحار ج22 ص514 وتهذيب الأحكام ج6 ص1، وشرح أصول الكافي ج7
ص143 والأنوار البهية ص41.
([9])
المقنعة ص456، الأنوار البهية ص41، وكذا في روضة الواغظين ص71.
([10])
منتهى المطلب ج2 ص887 والحدائق الناضرة ج17 ص424 وجواهر الكلام
ج20 ص79.
([11])
سبل الهدى والـرشـاد ج5 ص134 و 135 وفي هـامشـه عن: البخـاري
ج5 = = ص272 (2617) ومسلم ج4 ص1721 (45/2190)، وأحمد ج2 ص451
وأخرجه البيهقي في الدلائل ج4 ص259 وأخرجه البخاري من حديث أبي
هريرة (3169 و 4249 و 5777) وأبو داود في الديات (6)، وابن
ماجة في الطبراني (45) والدارمي في المقدمة 11 وانظر المغازي
للواقدي ج2 ص677 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص293 و (نشر
مكتبة محمد علي صبيح وأولاده) ج3 ص800 وشرح المواهب ج2 ص239
وابن كثير في البداية والنهاية ج4 ص208 و (ط دار إحياء التراث
العربي) ج4 ص240 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص394 و (ط دار
المعرفة) ج3 ص399 وراجع: تفسير الثعلبي ج9 ص52 والبحار ج21 ص6
وتخريج الأحاديث والآثار ج1 ص70 وتفسير مجمع البيان للطبرسي ج9
ص204 وتفسير الميزان ج18 ص298 وتفسير البغوي ج4 ص197 وتاريخ
الأمم والملوك ج2 ص303.
([12])
سبل الهدى والرشاد ج5 ص134 والطبقات الكبرى ج2 ص202.
([13])
سبل الهدى والرشاد ج5 ص134 وج10 ص15 وراجع: البحار ج21 ص7
ومجمع البيان ج9 ص204 والميزان ج18 ص298 وتاريخ الأمم والملوك
ج2 ص303 والتنبيه والإشراف ص223 وإمتاع الأسماع ج13 ص346
والبداية والنهاية ج4 ص238 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص801
والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص397 وراجع: المجموع ج18 ص386
والمحلى ج11 ص26 وفقه السنة ج2 ص517 وعن سنن الدارمي ج1 ص33
وعن سنن أبي داود ج2 ص369 والسنن الكبرى للبيهقي ج8 ص46 وعون
المعبود ج12 ص148 والشفا بتعريف حقوق المصطفى ج1 ص317 وتخريج
الأحاديث والآثار ج1 ص72 والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج2
ص769.
([14])
سبل الهدى والرشاد ج5 ص135 والسنن الكبرى للبيهقي ج8 ص47 وعون
المعبود ج12 ص148.
([15])
الآية 67 من سورة المائدة.
([16])
سبل الهدى والرشاد ج5 ص155 وراجع ج1 ص434 والشفا بتعريف حقوق
المصطفى للقاضي عياض ج1 ص317.
([17])
الآية 144 من سورة آل عمران.
([18])
الأبهر: عرق مستبطن الصلب. والظاهر: أنه هو ما يعرف بالنخاع
الشوكي.
([19])
المستدرك على الصحيحين للحاكم ج3 ص58، وتلخيص المستدرك للذهبي،
وصححاه على شرط الشيخين، وذكر نحوه عن تأويل مختلف الحديث لابن
قتيبة ص169 وراجع: تاريخ الخميس ج2 ص53 و السيرة الحلبية (ط
دار المعرفة) ج2 ص432 والدرر لابن عبد البر ص269 وكنز العمال
ج11 ص466 وراجع ص467 وراجع: المجموع للنووي ج18 ص386 وإمتاع
الأسماع ج13 ص348 والطب النبوي لابن القيم الجوزي ص97 وتخريج
الأحاديث والآثار ج1 ص71 ومجمع البيان ج9 ص121 و122 وفيه: ما
أزال أجد ألم الطعام.. وفي نص آخر: ما زالت أكلة خيبر تعاودني
كل عام..
وراجع: البحار ج21 ص6 و7 والمحلى ج11 ص25 و27 والمصنف للصنعاني
ج11 ص29 وراجع: سبل الهدى والرشاد ج1 ص434 وج5 ص134 والبداية
والنهاية ج3 ص400 وج4 ص239 و 240 والكامل لابن عدي ج3 ص402
والطبقات الكبرى لابن سعد (ط دار التحرير بالقاهرة سنة 1388
هـ) ج2 ق2 ص32 و (ط دار صادر) ج8 ص314 والسيرة النبوية لابن
هشام المجلد الثاني ص338 سلسلة تراث الإسلام. وعن سنن أبي داود
ج2 ص370 وسنن الدارمي ج1 ص32 والسنن الكبرى للبيهقي ج10 ص11
وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص303 والتنبيه والإشراف ص224 والسيرة
النبوية لابن كثير ج3 ص399 و 400.
([20])
تاريخ الإسلام للذهبي ج2 ص435 وسنن الدارمي ج1 ص33، والمجموع
ج18 ص376، وعن مسند أحمد ج2 ص451 وصحيح البخاري ج7 ص203 و (ط
دار الفكر) ج7 ص32 وعمدة القاري ج21 ص290 والمصنف لابن أبي
شيبة ج5 ص435 وعن تفسير القرآن العظيم ج1 ص123وسير أعلام
النبلاء ج1 ص270 والبداية والنهاية ج4 ص237 و 239 والسيرة
النبوية لابن كثير ج3 ص395 و 398 وراجع: المجموع للنووي ج18
ص386 وإمتاع الأسماع ج8 ص45.
([21])
تاريخ الإسلام للذهبي ج2 ص436 وصحيح البخاري ج5 ص179 و (ط دار
الفكر) ج3 ص141 والمحلى ج11 ص26 و 416 ونيل الأوطار ج8 ص219
وصحيح مسلم ج7 ص14 و15 وعن سنن أبي داود ج2 ص368 والسنن الكبرى
للبيهقي ج8 ص46 وج10 ص11 وشرح مسلم للنووي ج14 ص178 وعن فتح
الباري ج10 ص209 والأدب المفرد ص61 والمعجم الأوسط ج3 ص43 وعن
البداية والنهاية ج4 ص238 والشفا بتعريف حقوق المصطفى ج1 ص317
والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص396 والأدب المفرد للبخاري ص61
وسبل الهدى والرشاد ج9 ص215 والنهاية في غريب الحديث ج4 ص284
ولسان العرب ج15 ص262 وتارج العروس ج10 ص335 وراجع: الإنتصار
للشريف المرتضى ص482 والمجموع للنووي ج18 ص386 وعمدة القاري
ج13 ص171 وج15 ص91 وعون المعبود ج12 ص147 وجزء ابن عاصم ص122
وإمتاع الأسماع ج8 ص46.
([22])
السيرة النبوية لابن هشام (ط تراث الإسلام) ج3 ص337 و (نشر
مكتبة محمد علي صبيح وأولاده) ج3 ص801 وتاريخ الخميس ج2 ص52
والبحار ج21 ص7 وعن تفسـير مجمع البيـان ج9 ص204 وتاريـخ الأمم
والملـوك ج2 ص303 = = والكامل في التاريخ ج2 ص221 والتنبيه
والإشراف ص223 وعن البداية والنهاية ج4 ص240 والسيرة النبوية
لابن كثير ج3 ص399 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص135 وراجع: تفسير
البغوي ج4 ص197.
([23])
السيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج2 ص769 والشرح الكبير لابن
قدامة ج9 ص328 ومعرفة السنن والآثار ج6 ص168 والسنن الكبرى
للبيهقي ج8 ص46 والمغني لابن قدامة ج9 ص329 وعمدة القاري ج15
ص91.
([24])
إمتاع الأسماع ج1 ص316 وراجع: البحار ج68 ص402 وتخريج الأحاديث
والآثار ج1 ص74.
([25])
إمتاع الأسماع ج1 ص316 وعن مجمع الزوائد ج8 ص296 والسنن الكبرى
للبيهقي ج8 ص47 والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج2 ص769 وسبل
الهدى والرشاد ج5 ص155وعمدة القاري ج15 ص91.
([26])
السيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج2 ص769 وفتح الباري ج7 ص381
وعمدة القاري ج15 ص91 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص155 والعبر
وديوان المبتدأ والخبر ج2 ق2 ص39.
([27])
عمدة القاري ج15 ص91 وشرح أصول الكافي ج8 ص321 والبحار ج68
ص402 وشرح مسلم للنووي ج14 ص179 وعون المعبود ج12 ص149 = =
وتخريج الأحاديث والآثار
ج1 ص74 والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ق2 ص39 وسبل الهدى
والرشاد ج5 ص155 والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج2 ص769.
([28])
السيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج2 ص769 وإمتاع الأسماع ج1
ص316 وشرح مسلم للنووي ج14 ص179 وعون المعبود ج12 ص149.
([29])
شرح مسلم للنووي ج14 ص179 وعون المعبود ج12 ص149 وإمتاع
الأسماع ج1 ص316.
([30])
وراجع فيما تقدم: السيرة الحلبية ج3 ص55 و 56 وراجع: تاريخ
الخميس ج2 ص52 والمحلى ج11 ص26 و 27 والطبقات الكبرى لابن سعد
(ط دار التحرير) ج2 ق2 ص7 والمغازي للواقدي ج2 ص678. وراجع:
سبل الهدى والرشاد ج5 ص135 والبداية والنهاية ج4 ص240 والسيرة
النبوية لابن كثير ج3 ص400 ونيل الأوطار ج8 ص222 وشرح أصول
الكافي ج8 ص306.
([31])
مغني المحتاج ج4 ص7 وسنن الدارمي ج1 ص33 وفقه السنة ج2 ص517
والبحار ج68 ص402 وتخريج الأحاديث والآثار ج1 ص74 وإمتاع
الأسماع ج1 ص316.
([32])
السيرة الحلبية ج3 ص55 و (ط دار المعرفة) ج2 ص766 وعن سنن أبي
داود ج4 ص174 والطبقات الكبرى لابن سعد ج2 ص202 وج3 ص571
والمغازي للواقدي ج2 ص677 و678 وتاريخ الخميس ج2 ص52 عن
الإكتفاء، وسبل الهدى والرشاد ج5 ص134 وج12 ص303 وراجع:
البداية والنهاية ج4 ص238 و 239 والسيرة النبوية لابن كثير ج3
ص397 و 398 وراجع: سنن الدارمي ج1 ص33 والسنن الكبرى للبيهقي
ج2 ص46 وإمتاع الأسماع ج13 ص349.
([33])
راجع: الإصابة ج7 ص363 وعمدة القاري ج12 ص103 وسنن الدارمي ج1
ص33 وسنن أبي داود ج2 ص369 والسنن الكبرى للبيهقي ج8 ص46
والطبقات الكبرى لابن سعد ج2 ص202 وأسد الغابة ج1 ص346
والبداية والنهاية ج4 ص238 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص134 وج12
ص303 وإمتاع الأسماع ج1 ص317 وج13 ص346 و 350 والسيرة النبوية
لابن كثير ج3 ص397 والطب النبوي لابن القيم ص97.
([34])
راجع: السيرة الحلبية ج3 ص56 و (ط دار المعرفة) ج2 ص770 وسبل
الهدى والرشاد ج5 ص135 عن البزار، وراجع: البداية والنهاية ج4
ص240 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص400 وإمتاع الأسماع ج13
ص345 والمستدرك للحاكم ج4 ص109.
([35])
راجع: السيرة النبوية لابن كثير ج3 ص400 والبداية والنهاية ج4
ص240.
([36])
تاريخ الخميس ج2 ص52.
([37])
فتح الباري ج10 ص208 و 210 وج7 ص381 وعمدة القاري ج15 ص91
وراجع: سبل الهدى والرشاد ج5 ص135 وتخريج الأحاديث والآثار ج1
ص73 والبحار ج17 ص319 والتفسير المنسوب للإمام العسكري ص178
والطبقات الكبرى ج2 ص202 وإمتاع الأسماع ج1 ص316 والسيرة
الحلبية (ط دار المعرفة) ج2 ص769.
([38])
الطبقات الكبرى لابن سعد (ط دار التحرير بالقاهرة سنة 1388هـ)
ج2 ق2 ص6 و 7 و (ط دار المعرفة) ج2 ص107 وتخريج الأحاديث
والآثار ج1 ص73.
([39])
راجع: مغازي الواقدي ج2 ص679 وإمتاع الأسماع ج13 ص350.
([40])
سبل الهدى والرشاد ج5 ص135 و 155 عن سنن أبي داود، وبه جزم
السهيلي وعن سنن أبي ج2 ص369 وشرح مسلم للنووي ج14 ص179 وعن
فتح الباري ج7 ص381 والديباج على مسلم ج5 ص207 وعن عون المعبود
ج12 ص148 وتفسير القرآن العظيم ج4 ص128 وعمدة القاري ج15 ص91
وفتح الباري ج7 ص381.
([41])
راجع: الطبقات الكبرى لابن سعد ج2 ص201 وتاريخ اليعقوبي ج2 ص56
وتاريخ الإسلام للذهبي ج2 ص437 ودلائل النبوة للبيهقي ج4 ص263
والبداية والنهاية ج4 ص239 وإمتاع الأسماع ج1 ص310 و 316
والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص398 والسيرة الحلبية (ط دار
المعرفة) ج2 ص766 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص155 ومجمع الزوائد ج6
ص153. وفتح الباري (المقدمة) ص282 وج7 ص381 والمعجم الكبير ج2
ص35 وكنز العمال ج7 ص371 وراجع: البحار ج21 ص6 وتفسير مجمع
البيان ج9 ص204.
([42])
الآية 33 من سورة المائدة.
([43])
راجع: البحار ج17 ص318 و 320 و 396 والتفسير المنسوب للإمام
العسكري ص177 والمناقب لابن شهرآشوب ج1 ص128.
([44])
البحار ج17 ص232 وراجع ص408 عن الخرائج والجرائح، وقرب الإسناد
ص326. وراجع: الخصائص الكبرى ج2 ص63 ـ 65 وقرب الإسناد ص326
وقصص الأنبياء للراوندي ص311 والخرائج والجرائح ج1 ص27 و 109
وج2 ص509.
([45])
راجع: الأمالي للصدوق ص294 والبحار ج17 ص395 و 396 وج92 ص140
والمناقب لابن شهرآشوب ج1 ص80 وروضة الواعظين ص61 ومستدرك
الوسائل ج16 ص307 والثاقب في المناقب ص81 والجواهر السنية ص139
وجامع أحاديث الشيعة ج23 ص542.
([46])
البحار ج17 ص406 وج22 ص516 وبصائر الدرجات ص523 وجامع أحاديث
الشيعة ج23 ص318.
([47])
بصائر الدرجات ص523 والبحار ج22 ص516 وج17 ص405 وإثبات الهداة
ج1 ص604 ومختصر بصائر الدرجات ص15.
([48])
راجع: السيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج1 ص308 أسد الغابة ج1
ص174 والإصابة ج1 ص144 و145 و (ط دار الكتب العلمية) الإصابة
ج1 ص415 والإستيعاب (بهامش الإصابة) ج1 ص136 و (ط دار الجيل)
ج1 ص152 وفتح الباري ج5 ص276 وج7 ص173 والثقات لابن حبان ج1
ص136 والطبقات الكبرى لابن سعد ج3 ص620 والمصنف لابن أبي شيبة
ج3 ص239 وصحيح ابن حبان ج15 ص474 والمستدرك للحاكم ج3 ص181
والبحار ج19 ص132 ونيل الأوطار ج4 ص91 وإعانة الطالبيين ج2
ص123 وراجع: كنز العمال ج13 ص294 وتاريخ مدينة دمشق ج56 ص19.
([49])
راجع: السيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج1 ص308 أسد الغابة ج1
ص174 والإصابة ج1 ص144 و145 و (ط دار الكتب العلمية) الإصابة
ج1 ص415 والإستيعاب (بهامش الإصابة) ج1 ص136 و (ط دار الجيل)
ج1 ص152 والثقات لابن حبان ج1 ص136 والطبقات الكبرى لابن سعد
ج3 ص620 ونيل الأوطار ج4 ص91 والمصنف لابن أبي شيبة ج3 ص239
والبحار ج19 ص132 وإعانة الطالبيين ج2 ص123 وراجع: كتاب الأم
ج1 ص309 وتلخيص الحبير ج5 ص196 وتحفة الأحوذي ج4 ص112 وبغية
الباحث ص98.
([50])
راجع: قاموس الرجال ج5 ص135 ـ 137 وغيره من كتب التراجم.
([51])
الآية 144 من سورة آل عمران.
([52])
راجع: البحار ج28 ص20 وج22 ص516 وج31 ص641وتفسير العياشي ج1
ص200 وتفسير البرهان ج1 ص320 وتفسير الصافي ج1 ص359 و 389 و
390 ونور الثقلين ج1 ص33 و 401 وتفسير كنز الدقائق ج2 ص251.
([53])
الآية 7 من سورة التحريم.
([54])
البحار ج22 ص246 وج31 ص641 والصراط المستقيم ج3 ص168 وكتاب
الأربعين للشيرازي ص627.
([55])
بصائر الدرجات ص523 ومختصر بصائر الدرجات ص15.
([56])
عيون أخبار الرضا ج2 ص203 و (ط مؤسسة الأعلمي) ج1 ص220 ومسند
الإمام الرضا «عليه السلام» للعطاردي ج1 ص87 وج2 ص405 والتفسير
الصافي ج1 ص513 وتفسير كنز الدقائق ج2 ص660 وتفسير نور الثقلين
ج1 ص565 والبحار ج44 ص271 وج49 ص285 وج27 ص213.
([57])
راجع: البحار ج49 ص320 وج50 ص238 وج99 ص32 وج27 ص209 والأمالي
للصدوق (ط سنة 1417 مؤسسة البعثة ـ قم) ص120 وعيون أخبار الرضا
ج2 ص256 و (ط مؤسسة الأعلمي للمطبوعات) ج1 ص287 ومن لا يحضره
الفقيه ج2 ص351 و (ط مركز النشر الإسلامي) ج2 ص585 وروضة
الواعظين ص233 والوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج14 ص568 و (ط دار
الإسلامية) ج10 ص446 والعقد النضيد والدر الفريد لمحمد بن
الحسن القمي ص32 ومستدرك سفينة البحار ج8 ص414 وجامع أحاديث
الشيعة ج12 ص596 ومسند الإمام الرضا «عليه السلام» ج1 ص149
والمناقب لابن شهرآشوب ج2 ص51.
([58])
عيون أخبار الرضا (ط سنة 1404 هـ مؤسسة الأعلمي) ج2 ص193
والبحار ج25 ص118.
([59])
كفاية الأثر ص226 و227 والصراط المستقيم ج2 ص128 والأنوار
البهية (ط سنة 1417 هـ) ص322 ونهج السعادة للمحمودي ج8 ص238
والبحار ج27 ص217 و 364 وج44 ص139.
([60])
المناقب لابن شهرآشوب ج2 ص51 وكشف الغمة (ط سنة 1381 هـ
المطبعة العلمية ـ قم) ج2 ص430 و (ط دار الأضواء) ج3 ص227
والفصول المهمة لابن الصباغ ج2 ص1093 والبحار ج27 ص209 وج50
ص38 عن إعلام الورى، ومستدرك سفينة البحار ج8 ص414 والأنوار
البهية ص322 وأعلام الورى (ط سنة 1390 هـ.) ص367 و (ط مؤسسة آل
البيت) ج2 ص132.
([61])
البحار ج27 ص217 وج43 ص364 وكفاية الأثر ص162 ومستدرك سفينة
البحار (ط سنة 1409 هـ مؤسسة البعثة) ج1 ص164 و (نشر مركز
النشر الإسلامي) ج1 ص200 ونهج السعادة للمحمودي ج8 ص506
والأنوار البهية ص322.
([62])
تصحيح إعتقادات الإمامية للشيخ المفيد ص131 و 132.
|