بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خير خلقه
أجمعين محمد وآله الطاهرين..
فضيلة العالم الكامل، واللبيب الفاضل الشيخ (ص..) دام
تأييده..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
وبعد..
فقد وصلتني رسالتكم الكريمة التي تعبر عن صادق محبتكم،
وطيب أخلاقكم، وطهر روحكم، وعظيم أدبكم، فبارك الله تعالى بكم، وأمد في
عمركم في خير وعافية في الدين والدنيا. إنه سميع مجيب الدعاء.
أخي الكريم الفاضل..
لقد أظهرت رسالتكم الكريمة أنكم بحمد الله من أهل العلم
والعمل به، وأنكم من أهل الإنصاف والتدبر والتقوى، فبارك الله بكم،
وزادكم من عنده ما تقرُّ به عينكم في الدنيا والآخرة..
أخي صاحب الفضيلة..
لم أكن أريد أن أطيل عليكم، غير أن التساؤلات التي
تطرحونها فرضت علي قدراً من البيان، وبعض التفصيل الذي قد يكون مملاً
لكم، أو مرهقاً. فأنا أعتذر لكم إن كنت قد تسببت لكم بشيء من ذلك.. وإن
كان نبل أخلاقكم، ورحابة صدركم يأبيان إلا أن تغمرونا بلطفكم ومحبتكم،
فرضي الله عنكم وأرضاكم.
أخي الفاضل الجليل..
إنني أود أن أهنئكم من كل قلبي على هذا النهج الذي
رضيتموه لأنفسكم، وهو الالتزام بالبحث الموضوعي، واعتماد ضوابطه
الصحيحة، والاحتكام إلى العقل فيما يستقل العقل بحكمه. أو فيما اعتمد
عليه من نتائج قدمها له الدليل القاطع والبرهان الساطع، ليوازن فيما
بينها، وليعطي كلمته الفصل، وحكمه العدل فيها، ليكون ذلك هو المبرر
للالتزام الصارم والحازم بتلك الأحكام، من دون التفات إلى هوى، أو
تعويل على موروث لم يتعرض له أحد بالتحقيق، وبالتمحيص الدقيق.
وهذا توفيق إلهي، حباكم الله به، لا بد من شكره، ومن
الابتهال إليه تعالى بأن يديمه عليكم، وأن لا يحرمكم تعالى من ألطافه
الخفية الزاخرة البركات والعنايات الربانية.
أخي الكريم..
فيما يرتبط بالتساؤلات التي طرحتموها أقول:
إنها وإن كانت تحتاج إلى المزيد من التفصيل والبيان،
غير أنني سأجيب عنها بالاختصار قدر الإمكان، فأقول: وعلى الله أتوكل،
ومنه أستمد العون والقوة:
ذكرتم حفظكم الله: أن السبب في حصر مذاهب التقليد
بالأربعة هو نظم للأمور.. غير أننا نقول:
1 ـ
إننا لم نلمح في التاريخ ما يدل على أن الأمور قد اختلت بسبب فتح باب
الاجتهاد. وهذا باب الاجتهاد مفتوح عند الشيعة الإمامية إلى يومنا هذا
ولم يوجب ذلك اختلالاً في مذهبهم، ولا في مجتمعهم، ولا في سياساتهم،
ولا في غير ذلك. كما أنه لم يوجد أحقاداً بين أتباع مجتهديهم ـ وما
أكثرهم عبر العصور..
2 ـ
بل وجدنا أن الصراعات الصعبة بين أتباع المذاهب الأربعة قد تطورت،
وتنامت، وبلغت إلى حدود الصراعات المسلحة فيما بينهم، وذلك بعد أن حصرت
المذاهب فيها..
3 ـ
إن نفس حصر المذاهب بالأربعة هو الذي ميز بينها، وفرق الناس إلى أربعة
فرق تبعاً لذلك، وجعل لهذه الفرق حدوداً وقيوداً، ولو تركت الأمور على
حالها، وقلد الناس من رأوا فيه الأهلية لذلك لم تتكون تلك الحساسيات
التي انتهت بصراعات دامية. رسخت الفرقة، وزرعت الإحن والأحقاد..
4 ـ
علينا أن لا ننسى أن مذهب أهل البيت «عليهم السلام» كان حاضراً في
الساحة الإسلامية منذ توفي رسول الله «صلى الله عليه وآله». وقد استمر
في التنامي والانتشار عبر العصور، ولم يستطع الحكام منعه من ذلك. فضلاً
عن أن يتمكنوا من اجتثاثه واستئصاله من الجذور، رغم أن الرغبة في
استئصاله قد أفرزت سياسسات بالغة القسوة والشراسة في مختلف العصور..
وأحداث التاريخ خير شاهد على ذلك. ولا أريد أن أرهقكم
بإيراد الأمثلة، فأنا واثق بأنكم لستم بحاجة إلى ذلك..
وقلتم:
إن التصويب هو عين البداء الباطل، الذي ينافي علم الله عز وجل.. ثم
سألتم حقيقة عن البداء الذي يعتقد به الشيعة..
ونجيب بما يلي:
1 ـ
إن البداء إن كان بمعنى أن الله تعالى قد غير رأيه بسبب اكتشافه الخطأ
في الرأي الأول، فهذا باطل، ومحال على الله تعالى العالم بكل شيء،
والآيات القرآنية والأدلة العقلية صريحة في ذلك.
ولا يعتقد أحد من شيعة أهل البيت «عليهم السلام» بهذا
الأمر البديهي البطلان. بل هم يحرصون على اقتلاع أمثال هذه الأباطيل
والأضاليل من أذهان جميع الناس..
2 ـ
إن البداء الذي نعتقد به: هو أن ترد الأخبار عن الله ورسوله عن الآجال
والأرزاق، والخلق، والصحة، والمرض، وما إلى ذلك وفق ما تقتضيه الحكمة
فيما يرتبط بالسنن الإلهية فيها، وإجراء الأمور على طبيعتها.. كالإخبار
عن أن عُمْر فلان من الناس ـ بحسب تركيبة جسده، وطبيعة مكوناته،
والمحيط الذي يعيش فيه، والهواء الذي يتنشقه، و.. و.. الخ.. هو مئة سنة
مثلاً.. ثم لنفترض أن ذلك قد كتب في لوح المحو والإثبات، وتطلع عليه
الملائكة.. وأخبر تعالى نبيه بذلك.. و.. و..
ولكنه تعالى لا يكتب في اللوح،
أو
ولا يخبر نبيه،
أو يخبره ويأمره بعدم البوح
بأنه يعلم أيضاً أن هذا الشخص سوف يقتل ظلماً، أو عقوبة، أو يستشهد في
ساحات الجهاد.. أو أنه سيشرب السم، أو سيخرج من محيطه السليم إلى محيط
آخر موبوء مثلاً، أو سيقع من شاهق، أو سيتعرض لحادث سير، أو زلزال أو
.. أو ..
فإذا حصل ذلك، وقتل هذا الرجل وهو في سن العشرين بسبب
ما ذكرناه، ورأى الناس أو الملائكة أو النبي ذلك، فسيقولون: إن هذا
بداء..
وهكذا الحال فيما لو أخبر بمقدار عمر فلان، ولم يخبر عن
أنه يعلم بأنه سيقطع رحمه، فيموت قبل ذلك التاريخ بثلاثين سنة. أو سيصل
رحمه فيزاد في عمره ثلاثون سنة.
[.. على أن من الممكن أن يطلع الله نبيه على ما في اللوح المحفوظ..
ولكنه يأمره بأن يخبر الناس عما في لوح المحو والإثبات، الذي تكتب فيه
مقتضيات السنن، من دون نظر إلى ما يعرض لها من موانع، أو ما يفقد من
موانع، أو ما يفقد من شرائط، أو ما يَعْرُض من تغيرات، بسبب نشوء
مقتضيات جديدة نتيجة عوامل أخرى فرضتها إرادات آخرين]([1]).
3 ـ
ولو لم يكن العمر الذي نقص أو زاد هو ذلك المقدار الذي اقتضته السنن،
لم يكن معنى للحكم بزيادة العمر، أو بنقيصته، فإن وجود الحد المعين هو
الذي يصحح القول بالزيادة عليه والنقيصة وعنه.
4 ـ
فظهر: أن البداء هو ظهور شيء بعد خفائه، أو تجسده على صفحة الواقع بعد
كمونه.. فإن أضيف البداء إلى غير الله تعالى قُصِد به الظهور بعد
الخفاء، كقوله تعالى: ﴿وَبَدَا
لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا﴾([2]).
وإن أضيف إلى الله تعالى أريد به التجسد والتحقق على
صفحة الوجود لأمر يعلم الله تعالى منذ الأزل أنه يستحقه في حينه بعد
تحقق مقتضياته، وشرائطه، وانتفاء موانعه.
وهذا كتجسد المنْطَبَق للعلم على صفحة الواقع في قوله
تعالى: ﴿وَمَا
جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ
مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ﴾([3])..
وقال سبحانه: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ
حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ
أَخْبَارَكُمْ﴾([4])..
وهناك آيات أخرى تدخل في هذا السياق..
وهكذا يقال بالنسبة للأرزاق وغيرهـا، مما يكـتـب
تقديـره في اللـوح ـ أعني لوح المحو والإثبات ـ ثم ظهرت الموانع التي
لم يخبر عنها أو تفقد الشرائط، فيمحى ما اقتضته السنة الإلهية، ويكتب
ما تحقق على صفحة الوجود بالفعل بالاستناد إلى المقتضيات بحسب ما توفر
لها، أو فقد منها من شرائط وموانع..
[ومن موارد البداء في القرآن الكريم قصة يونس وقومه، وقصة ذبح اسماعيل،
ثم فداؤه بذبح عظيم، وربما تكون قصة نوح وابنه أيضاً من هذا القبيل]([5]).
5 ـ
ولولا أن الأمر يكون على هذا النحو لم يكن هناك لوح محو وإثبات، ولوح
محفوظ «وهو أم الكتاب»، واللوح المحفوظ أو «أم الكتاب» هو العلم
المخزون المكنون الذي يختص به الله تعالى لنفسه
[فلا يُطلع عليه سائر الملائكة، وقد يُطلع بعض أنبيائه وأوليائه]([6])،
ومن خلال مطابقة ما في لوح المحو والإثبات له.. يأتي،
أو فقل: يتبلور معنى البداء..
6 ـ
ومن الواضح: أن السنن الإلهية مجموعة نظم وقوانين تنتظم في دائرة قانون
العلية، أراد الله تعالى أن يُخضِعَ مسيرة الكون والحياة لها..
واختيار الإنسان من جملة هذه السنن والمؤثرات.
فإذا كان الله تعالى قد جعل نظاماً يرتبط بالأعمار من
خلال عناصر مختلفة داخلة في تكوين البشر، وإنه يستطيع أيضاً إخضاع هذه
الأعمار نفسها لشرائط مختلفة قد تتوفر وقد لا تتوفر له في محيطه، وفي
الهواء والغذاء، وفي الحالات النفسية المختلفة، وما إلى ذلك.. كما أنه
قد يجعل لها موانع ومعوقات، وتكون إرادة الإنسان نفسه بأن يختار ما
يوجب قتل نفسه، أو لا يختاره، وقد تكون الموانع هي إرادات غيره،
فيختارون التسبب بقتله، أو لا يختارون ذلك..
يضاف إلى ذلك:
أن إرادة الله تعالى أيضاً تبقى هي العلة التامة التي
تهيمن على جميع العلل، والأسباب، والمسببات، وأنه تعالى قد يتدخل
لإلغاء الأسباب والعلل، وفقاً لما رسمه تعالى لمسيرة الحياة في أحوالها
وتقلباتها، وما يختل من شرائط، ويطرأ من موانع إلا حين يتنافى إعمالها
مع مقام الألوهية، كما لو كان ذلك من مفردات الظلم، أو إذا كان إعمالها
يتناقض مع الوعد الإلهي، أو غير ذلك.. وقد قال تعالى: ﴿وَلَا
يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً﴾([7])،
وقال: ﴿لَا
يُخْلِفُ الْمِيعَادَ﴾([8]).
7 ـ
وبهذا البيان، وبقانون البداء بالبيان الذي قدمناه يظهر بوضوح: بطلان
قولهم: إن الله تعالى محكوم بقدره، وأنه قد جف القلم بعد أن كتب ما كان
وما يكون إلى يوم القيامة، وصار الله ـ والعياذ بالله ـ مغلول اليد كما
قال تعالى: ﴿وَقَالَتِ
الْيَهُودُ يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا
بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ﴾([9]).
وإذا كان عدم القول بالبداء معناه:
أنه قد فُرِغَ من الأمر. وأن يده تعالى مغلولة، وأنه
عاجز عن التصرف.. فلا أظن أن أحداً يجرؤ على القول بذلك، بعد أن صرح
الله تعالى بذم اليهود على مقولتهم تلك، ولهذا الأمر سلبياته الكبيرة
والخطيرة كما سنشير إليه عن قريب.
1 ـ
إن الاعتقاد بالبداء يذكي الطموح في الإنسان، ويدعوه إلى أن يرسم
الخطط، ويضع البرامج، وأن يسعى للتخلص من العوائق، وتغيير المعادلات.
2 ـ
قد ذكر المجلسي «رحمه الله» أيضاً، ثلاث فوائد للبداء أيضاً، هي:
ألف:
أن يظهر الله سبحانه للملائكة الكاتبين في اللوح، والمطلعين عليه، لطفه
تعالى بعباده، وإيصالهم في الدنيا إلى ما يستحقونه، فيزدادون به
معرفة..
ب:
أن يعلم العباد ـ بواسطة إخبار الرسل والحجج لهم ـ أن لأعمالهم الحسنة
مثل هذه التأثيرات، وكذلك لأعمالهم السيئة تأثيراتها. فيكون ذلك داعياً
لهم إلى فعل الخيرات، وصارفاً لهم عن فعل السيئات..
ج:
إنه إذا أخبر الأنبياء والأوصياء «عليهم السلام»، أحياناً عن لوح المحو
والإثبات، ثم أخبروا بخلافه يلزم الناس الإذعان به، ويكون في ذلك تشديد
للتكليف عليهم، وتسبيب لمزيد من الأجر لهم. إذ لا شك أنهم يؤجرون على
هذا التسليم([10])..
أما الاعتقاد بعدم البداء، ففيه السلبيات التالية:
1 ـ
إنه يجر الإنسان إلى حالة من الكسل والخنوع، ويفقده كل حيوية ونشاط
وقوة، حتى لا يكون إنساناً فاعلاً في الحياة ولا مؤثراً فيها..
2 ـ
إنه يجر الإنسان إلى اليأس القاتل، وإلى الخيبة، والفشل الروحي
الذريع..[والقنوط
من رحمة الله]
([11]).
3 ـ
إنه يعني: أن الله سبحانه عاجز عن التصرف، وأنه غير قادر على فعل أي
شيء، وحين يرى الإنسان ربه عاجزاً عن أي تصرف، فلماذا يرتبط به؟!
ولماذا يطلب منه حوائجه، أو يتوسل إليه لكشف الضر عنه، أو يدعوه لشفاء
المريض، ولزيادة الرزق، ولغير ذلك؟! إنه سيشعر أنه في غنى عنه.. وإنه
لا مبرر للارتباط به.. وبذلك يرى نفسه غير مطالب بتحقيق رضا الله، ولا
بالتزام الحدود الشرعية والإيمانية..
[لأن الأوامر والنواهي تفقد معناها، بعد أن فقدت أثرها]([12]).
4 ـ
إنه يفقد الإيمان بالغيب مضمونه ومعناه.. لأنه يحوله من غيب حي، وفاعل،
ومؤثر، إلى غيب قاس قاهر، يبعث الجمود والشلل في الحياة الإنسانية..
أي أن الاعتقاد بعدم البداء المساوق للاعتقاد بالجبرية
الإلهية للبشر، هو المسبب لتلك السلبيات.
فأما الشيعة الجاهلون بالبداء فإنما يعملون بمقتضى
فطرتهم، التي تقودهم إلى انتهاج سبيل من يؤمن بهذه الحقيقة الفطرية
الراسخة.
أما عدم الاعتقاد به، بسبب الجهل، أو عدم الالتفات فلا
محذور فيه.. من حيث الاعتقاد، ولكنه يوجب حرمان الإنسان من فوائد
وعوائد رصدها الله لمن يلتفت ويعتقد بهذا الأمر بصورة تفصيلية.
وقد ظهر بذلك أن الذين ينكرون البداء، بحجة أنه يستبطن
الجهل من الله، وأنه تعالى لم يكن يعلم بالشيء ثم علمه.. لم يفهموا
حقيقة البداء على النحو الذي بيناه، من أن ما يكتب في اللوح
[أعني لوح المحو والإثبات]([13])
هو ما يوافق الحكمة وما تقتضيه سنن الخلق والتكوين،
ونظام العلية، بغض النظر عما يرد على ذلك من موانع، أو ما يستجد من
مقتضيات، قد يكون بعضها من خلال فعل الإنسان الاختياري الذي يتمثل
بالصدقة، أو الدعاء، أو الاستشفاع، أو ما إلى ذلك..
وقلتم:
«فهل يجوز أن يكون هناك معصوم غير الأنبياء؟! قد يعصم
الإنسان نفسه، وهذا مقدور على الناس، مع السير نحو الله عز وجل؟! ولكن
هل عصمتهم كعصمة الأنبياء»؟!
وبعبارة أخرى:
هل عصمتهم تكوينية، أم غير ذلك؟!
ونقول:
أولاً:
قد ذكرتم أنتم في عبارتكم الآنفة الذكر: أن الإنسان قد يعصم نفسه، وأن
هذا الأمر مقدور للناس، وهذه الإلتفاتة بحد ذاتها كافية في الإجابة على
سؤالكم الأول.. وهو قولكم: «فهل يجوز أن يكون هناك معصوم غير
الأنبياء»؟!
ونزيد على ما ذكرتم:
أن الله سبحانه قد أوجب العصمة على جميع خلقه، فهو
تعالى إذا كان قد شرع أحكاماً، ونهى وأمر، وحث وزجر، فإنه يريد من جميع
الناس إطاعته في جميع ما أمر به، وما نهى عنه، ولو رضي بترك مورد واحد
مما أمر به، أو بفعل مورد واحد مما نهى عنه لم يكن هذا حراماً، وذاك
واجباً.. وكذلك الحال لو صرف النظر عن بعض المستحبات، أو بعض
المكروهات..
كما أنه لو رضي من رسوله، أو من المؤتمن على الشريعة
بالإجابة الخاطئة في واحد من أحكام الشريعة (لأجل نسيان الحافظ، أو سهو
الذاكر، أو خطئه) لم يكن ذلك الحكم مطلوباً لله سبحانه.. لأن رضاه
بالخطأ فيه معناه: أنه لم يعد يريده.
هذا فضلاً عن أن صفة «أهل الذكر» تنتفي عن المسؤول في
هذا المورد الذي أخطأ فيه، فلا يكون هذا المكلف الجاهل بالحكم قد رجع
إلى أهل الذكر له، بل يكون من رجوع الجاهل إلى الجاهل.
ثانياً:
إن الفرق بين عصمة النبي، وعصمة سائر الناس هو:
ألف:
أن النبي واجب العصمة، بمعنى أن عصمته معلومة لنا بالبداهة، إذ لا يمكن
أن يبعث الله نبياً غير معصوم. لأن نفس مقام النبوة يقتضي ذلك.
وهذا في بداهته يساوق بداهة ملازمة النهار لطلوع الشمس،
إذ لا يمكن أن تكون الشمس طالعة، والنهار غير موجود. وإذا قلت: هذا
جسم، فمعنى ذلك: أن له طولاً وعرضاً وعمقاً، لأن هذه هي خصوصية
الأجسام، وأنه قابل للقسمة، وهكذا الحال بالنسبة لقابلية الأطوال
للقسمة أيضاً.
كما أن الزمان يقتضي التجدد والحدوث ويقبل القسمة.
والأمثلة على ذلك كثيرة.
ب:
إن النبي «صلى الله عليه وآله» معصوم عن الذنب، والخطأ، والنسيان،
والسهو، ومنزه عن كل عيب ونقص.
أما العصمة التكوينية فهي غير معقولة لا في الأنبياء،
ولا في غيرهم، وذلك لما يلي:
ألف:
إننا نسأل عن السبب في تخصيص هؤلاء بهذه العصمة الإجبارية التكوينية؟!
ولماذا لم ينلها غيرهم من سائر بني الإنسان؟!!
ولماذا نحن نتعب ونشقى، ونحصل على القليل، ثم تكون لهم
هم الدرجات العالية، مع أنهم لم يتعبوا ولم يجاهدوا أنفسهم مثلنا؟!
ب:
ألا يكون الشخص الذي يقوم بالامتناع ـ من تلقاء نفسه ـ
عن سيئة واحدة، أو يبادر إلى عمل حسنة واحدة في حياته، يجاهد بها نفسه
وغرائزه، ـ ألا يكون ـ أفضل من جميع النبيين والأوصياء المعصومين
بالتكوين وبالإجبار؟!
ج:
ألا يعني ذلك: أن لا يستحق المعصوم مدحاً ولا أجراً على
عباداته، ولا على أي شيء من طاعاته للأوامر والزواجر الإلهية؟!([14]).
إلى غير ذلك من علامات استفهام لا يمكن استيفاؤها في
هذا البحث المقتضب.
1 ـ
إن المدعين للعصمة الإجبارية هم أنفسهم يقولون: إن النبي «صلى الله
عليه وآله» قد يخطئ، ولكن الله تعالى لا يقره على خطئه.
فأولاً:
كيف نجمع بين تكوينية العصمة، وبين صدور الخطأ من المعصوم؟!
ثانياً:
ولو جاز ذلك، فلا شيء يوجب الطمأنينة إلى عدم تكرار الخطأ في المرة
الثانية، التي يزعمون: أنها تصحيح للمرة الأولى، بل لا شيء يدلنا على
أن المرة الثانية هي الخطأ، والأولى هي الصواب أيضاً.
إن الحديث عن جبرية العصمة، قد ألجأ البعض إلى القول:
بأن الله تعالى قد جعل الثواب بالتفضل على البشر، ونفى أن يكون
للإستحقاق أي دور فيه، استناداً إلى القول بأن الثواب على غير المقدور
غير قبيح، بل القبيح هو العقاب على غير المقدور..
ونقول:
إن هذا غير مقبو ل، ولا معقول.. وذلك لما يلي:
1 ـ
إن قبح العقاب على غير المقدور، وعدم قبح الثواب عليه، لا ينتج أن يكون
الثواب للعباد كلهم وفي كل شيء بالتفضل لا بالإستحقاق، بل تحتاج
المثوبة بالتفضل إلى شرط آخر، وهو أن لايلزم من سلب القدرة محذور آخر،
مثل:
الترجيح بلا مرجح.
أو الخروج عن دائرة العدل.
أو أن يصبح أشقى الأشقياء كفرعون ـ إذا فعل حسنة واحدة
ـ أفضل من أعظم الأنبياء كنبينا محمد «صلى الله عليه وآله».
أو أن يكون على خلاف القاعدة التي رسمهـا،
والسنة التي أجراهـا
الله سبحـانه
في عباده، حيث جعل المثـوبـة
والعقوبـة
بالإستحقاق بصـورة
عامة.
وهذه اللوازم كلها، وبالإضافة إلى لوازم أخرى فاسدة سوف
تصبح قائمة وموجودة هنا، إذا كان ثواب العباد كلهم في كل شيء بالتفضل
لا بالإستحقاق.. وسيتضح ذلك في النقاط التالية:
2 ـ
إذا كان الله تعالى يجبر الأنبياء على أمور، ثم يثيبهم عليها تفضلاً
منه مع أنهم لا اختيار لهم فيها، ولا يفعل ذلك بغيرهم من الناس، ولا
يتفضل عليهم فيما لا اختيار لهم فيه، بل يطلب منهم بذل جهود جبارة
ومقاومة الإغراءات القوية، لكي يثيبهم، فهل هذا من العدل؟!
وهل يصح نسبته إلى الله تعالى؟!
3 ـ
لماذا رجَّح أشخاصاً بأعيانهم على غيرهم فقرر عصمتهم
التكوينية الجبرية، وأن يثيبهم على الأمر غير المقدور لهم، وجعلهم
أنبياء وأئمة، ولم يختر غيرهم لذلك، ولم يعصم غيرهم، ولم يثبهم على مثل
ذلك؟! فهل هذا إلا من قبيل الترجيح بلا مرجح؟!
4 ـ
إن جبرية العصمة تعني: أن يكون أشقى الأشقياء ـ كابن
ملجم، أو فرعون مثلاً ـ إذا عمل حسنة واحدة في حياته، مهما كانت تلك
الحسنة صغيرة، أو إذا امتنع عن سيئة واحدة، أفضل من خاتم الأنبياء محمد
«صلى الله عليه وآله»، لأنه إنما فعل ذلك باختياره، وبمجاهدة نفسه،
وغرائزه، وشهواته، وأهوائه..
5 ـ
إن هؤلاء الناس يتحدثون كثيراً عن أوضاع سلبية في
الفكر، وفي الممارسة للأنبياء، وعن نسيانهم، وعن سهوهم في الأمور
الحياتية، وعن أن العصمة لا تمنع من الخطأ في تقدير الأمور، وتفاصيل
متنوعة لممارسات زعم أنها صدرت، أو يحتمل أن تكون قد صدرت من الأنبياء
«عليهم السلام» بعضها يصل إلى حد الشرك بالله سبحانه، وقتل نفوس بريئة،
وارتكاب جرائم دينية..
ثم يقولون:
إن الله تعالى لا يرضى ذلك، ويقولون: إن العصمة إجبارية.. فهل عجز الله
عن إجبار وليه، أو نبيه على ما يريد؟! وكيف يمكن أن نلائم بين جبرية
العصمة، وبين صدور الأخطاء الصغيرة، أو الكبيرة، المقصودة، وغير
المقصودة هنا، وهناك؟! أو احتمال الشرك، واحتمال وقوع جرائم دينية
منهم؟!
6 ـ
إذا كان القول بالجبر الإلهي المطلق مرفوضاً، لبطلان الثواب والعقاب،
بل لبطلان التكليف من أساسه، وقلنا: إن التفويض أيضاً مرفوض، لاستلزامه
التعطيل، وغير ذلك من المحاذير.
وإذا كان القول الصواب هو أنه:
«لا جبر ولا تفويض بل أمر بين أمرين»، فهل استثنى الله تعالى أنبياءه،
وأولياءه من هذه القاعدة؟!
وأين الدليل على هذا التخصيص، والاستثناء؟!
7 ـ
إن بعض القائلين بجبرية العصمة يفرق أيضاً بين الطاعات،
فلا جبر فيها، والمعاصي فيكون فيها القهر والجبر([15]).
ولا ندري ما هو المبرر لهذا التفريق.
ومن الواضح:
أن ترك الطاعة هو الآخر يكون من المعاصي، فالنبي إذن لا
يقدر على هذا الترك، فما معنى كونه مختاراً في فعل أمر لا يقدر على
تركه؟!
8 ـ
إن مقولة البلخي عن أن الثواب للبشر جميعاً وفي كل شيء
إنما هو بالتفضل قد رفضها علماؤنا الأبرار «رضوان الله عليهم»..
والتزموا بأنه بالإستحقاق، إذ لا يجوز في حكم العقل: المساواة بين
المطيع والعاصي، فضلاً عن أن يعطى العاصي ويمنع المطيع.
ولو أن المثوبة كانت من باب التفضل لجاز ذلك، وقد ذكرنا
الدليل على ذلك، وذكرنا الرد على مقولة البلخي في كتابنا: مأساة
الزهراء([16])،
فراجع.
وعلينا أن نشير هنا:
إلى أن هذا لا يتنافى مع ما روي، من أن النبي «صلى الله
عليه وآله» وأهل بيته «عليهم السلام» كانوا أنواراً مطيفين بالعرش، وأن
آدم «عليه السلام» قد تمنى مقامهم، ثم توسل بهم كما توسل بهم نوح،
وإبراهيم،، ويونس، وسائر الأنبياء «عليهم السلام»..
فجعلهم مطيفين بالعرش معناه:
أن الله تعالى قد تفضل عليهم بمقام، قبل أن يفعلوا ما يوجب ذلك.. وهذا
يعطي: أن المثوبات تكون بالتفضل لا بالاستحقاق..
ونجيب:
بأن من المجازفة القول:
بأن إعطاء هذا المقام كان عن غير استحقاق منهم، فإنه تعالى يقول: ﴿وَإِنْ
مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ﴾([17]).
ونحن نقطع بأنهم حين خرجوا من عالم الخزائن خرجوا ساعين بكل وجودهم
إليه، فمن أين يمكن الجزم بأنهم «صلوات الله عليهم» حين أخرجهم الله من
عالم الخزائن لم يخرجوا ساعين بكل وجودهم إليه، وطالبين قربه ورضاه؟!
ولم يحصل ذلك من أي من سائر المخلوقات حتى سائر الأنبياء «عليهم
السلام».. ولهذا البحث مجال آخر..
ثم إنكم طرحتم سؤالاً آخر يقول:
من أين لأهل الذكر القدرة على استنباط الأمور، والجواب على مستحدثات
المسائل، وقد انقطع الوحي، بوفاة أو باستشهاد رسول الله «صلى الله عليه
وآله»؟! فكيف كانوا يصلون إلى مقاصد الشريعة، وإلى الحكم الشرعي، من
دون إِعمال الإجتهاد، والحال أن الوحي قد انقطع، حتى إن قلنا: أن لهم
القدرة على ضبط الأحكام كما علَّمها النبي «صلى الله عليه وآله» لعلي
«عليه السلام»؟!
ونجيب:
أولاً:
إن كان مرادكم: أن ما بلغه النبي «صلى الله عليه وآله» للأمة، علمه
لعلي «عليه السلام» لا يشتمل على مستحدثات المسائل بعده، فهذا يعني: أن
الشريعة التي جاء بها «صلى الله عليه وآله» ناقصة، لا تفي بحاجات الناس
إلى يوم القيامة، بل هي بحاجة إلى اجتهاد المجتهدين، ليقدموا للناس
حلولاً وأحكاماً للموضوعات الحادثة بعد الرسول «صلى الله عليه وآله»..
ونحن نجل مقامكم السامي في العلم والدين على أن يكون هذا هو ما
قصدتموه..
ثانياً:
إن القرآن فيه تبيان كل شيء، والذي عنده علم الكتاب هو النبي «صلى الله
عليه وآله» ووصيه علي «عليه السلام» كما ورد في الروايات([18])
ـ لا عبد الله بن سلام، ولا غيره من علماء أهل الكتاب ـ ولهذا البحث
مجال آخر.
ولنا هنا سؤالان:
أحدهما:
هل إن إيداع الله تعالى كل شيء في كتابه، حتى أصبح ﴿تِبْيَاناً
لِكُلِّ شَيْءٍ﴾([19]).
كان لأجل انتفاع الناس به، واستخراج ذلك منه؟! أو كان لغرض آخر؟! فإن
كان لا يريد ذلك، فما هو الغرض الآخر الذي توخاه من ذلك؟! وما فائدة
هذه المعارف، إذا كان لا أحد يقدر على الاستفادة منها إلى يوم
القيامة؟!
وإن كان المطلـوب هو الإستفـادة من بعض ما في الكتاب
دون بعض ـ قل أو كثر ـ فيرد السؤال عن فائدة ما لم يمكن اكتشافه منها،
ولا يراد الإستفادة منه؟!
وإن كان المطلوب هو الإستفادة من كل ما فيه، فلا بد من
أن لا يكون ذلك على سبيل الحدس والتظني، ولا بالإستحسان والآراء، ولا
سيما إذا ضممنا إلى ذلك ما ورد من النهي عن تفسير القرآن بالرأي([20]).
ونحن لا نجد أحداً يمكن أن يدعي أن بإمكانه أن يعرف كل
ما تضمنه القرآن.. ولو ادعى ذلك، فلا أحد يصدقه في دعواه، إلا إن كان
النبي «صلى الله عليه وآله» هو الذي أشار إليه، ودل عليه.
ويقول الشيعة:
إن النبي «صلى الله عليه وآله» قد دل الناس على علي
«عليه السلام»
[قال عنه: أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد
المدينة فليأتها من بابها]([21])
والذي
علمه الرسول «صلى الله عليه وآله» ألف باب من العلم
يفتح له من كل باب ألف باب([22])،
والذي لو شاء لأوقر سبعين بعيراً من سورة الفاتحة([23])،
فما بالك بما سواها. بالإضافة إلى قرائن وروايات أخرى، وتؤيد الأحداث
بعد وفاته: أنه كان هو الأعلم من كل أحد، وأن احتياج الكل إليه
واستغنائه عن الكل، دليل على أنه إمام الكل كما قال الخليل بن أحمد
الفراهيدي([24]).
وحسبك في ذلك قول عمر الذي تكرر سبعين مرة أو أكثر:
لولا علي لهلك عمر([25])،
أو لا أبقاني الله لمعضلة ليس لها أبو الحسن([26])،
أو نحو ذلك..
ومن الذي يستطيع أن ينفي بضرس قاطع أن يكون ما علمه علي
«عليه السلام» قد كان عند الحسنين «عليهما السلام» أيضاً، إما بتعليم
من النبي «صلى الله عليه وآله»، أو من علي «عليه السلام» أو من
كليهما؟!
ومن الذي يستطيع أن ينفي أن يكون سائر الأئمة «عليهم
السلام» قد أخذوا تلك العلوم بعينها يداً بيد، وكابراً عن كابر؟!
الثاني:
هل يستطيع أحد أن يقول: إن الأمم المتعاقبة قد استنفدت المليون باب من
العلم الذي علمه رسول الله «صلى الله عليه وآله» لعلي «عليه السلام»؟!
وكم هي الأبواب التي احتاجها الناس من علم علي «عليه
السلام» في عصر الأئمة، وهي ألف ألف باب من العلم؟!
وهل احتاج الناس في تلك العصور إلى جميع ما في القرآن
من علوم ومعارف، ودلائل وأحكام؟! وها نحن نشاهد بأم أعيننا ضآلة ما
اكتشفه الناس حتى الآن من معارف القرآن!!
ثالثاً:
إن ما احتاج إليه الناس خارج دائرة النصوص الصريحة والمباشرة، لا يعدو
كونه مجرد تطبيقات لقواعد شرعية عامة لهج بها القرآن، وصرح بها رسول
الله «صلى الله عليه وآله».
وتطبيق القاعدة على مصداقها ليس إعمالاً للرأي، بل هو
تطبيق للنص على مورده.. فمثلاً: قاعدة: «لا تعاد الصلاة إلا من خمس»
يمكن تطبيقها على عشرات المسائل التي قد يبتلي بها المكلف في مقام
العمل..
وهكذا يقال بالنسبة لقاعدة:
«لا ضرر ولا ضرار في الإسلام».. وغير ذلك كثير..
ولكن ذلك لا يعني:
أن شطراً من هذه الأحكام قد علمه الرسول «صلى الله عليه وآله» لأمير
المؤمنين «عليه السلام»، ووصل إلى الأئمة من بعده.. كما أن ذلك لا يعني
أن فهم جميع ما في القرآن كان ميسوراً لغير علي «عليه السلام» والأئمة
من بعده.
غير أننا نريد أن نقول هنا:
إن ما احتاجه الناس من أحكام في زمن الأئمة «عليهم
السلام»، وبعدهم كان لا يتعدى حدود هذه القواعد وتلك النصوص التي عرفها
علي والأئمة «عليهم السلام». ولا ريب في أنه لم يخرج عن دائرة دلالات
القرآن أيضاً..
وهل لو عاش علي «عليه السلام» في القرن الثاني والثالث
للهجرة لم يكن يعرف أحكام الله في الوقائع التي حدثت، ليحتاج إلى
اجتهاد الرأي؟!
رابعاً:
إن كان المراد بالإجتهاد هو فهم آيات القرآن، وكلمات النبي «صلى الله
عليه وآله»، فكيف صار أئمة المذاهب أقدر من غيرهم على فهمها؟!
خامساً:
لماذا اختلفت فتاوى الفقهاء الأربعة فيما بينهم، بل اختلفت فتاوى
الفقيه الواحد بين قديمه وجديده، بل كان لكل واحد من أولئك الفقهاء
فتاوى متعددة ومختلفة في المسألة الواحدة؟!
فلماذا لم يختلف أئمة أهل البيت «عليهم السلام» في
الفتاوى لا مع بعضهم، ولا مع أنفسهم؟! مع أنهم اثنا عشر إماماً، وقد
عاشوا أكثر من ماءتين وثلاث وسبعين سنة؟!
ولماذا لم توحد معرفة أئمة المذاهب الأربعة بمقاصد
الشريعة ـ على حد تعبيركم ـ بين فتاواهم؟!
وهل كان الشافعي مثلاً يعرف مقاصد الشريعة في فقهه
القديم، ثم جهلها في فقهه الجديد، أو بالعكس؟! فإن كان الجواب بأنه كان
يعرف المقاصد في كلا الحالتين، فيرد سؤال: لماذا اختلفت فتاواه الجديدة
مع القديمة إذن؟! وإن كان الجواب بالنفي، فلا تبقى قيمة لفقهه، ولا
لفتاواه، وإن كان الجواب بالسلب في مرحلة، والإيجاب في أخرى، فيرد
السؤال: من الذي قال: إن معرفته بالمقاصد قد حدثت في فقهه الجديد دون
القديم، وفي صورة العكس لماذا لا يكون العكس؟!
وحين اختلفت فتاوى الفقهاء لماذا لم تحفظهم معرفتهم
بمقاصد الشريعة من الاختلاف في الفتوى؟!
إشارة:
ألمحتم في كلامكم إلى التعابير التي صدرت منا، الدالة
على استشهاد الرسول «صلى الله عليه وآله»..
ونقول:
إن النصوص تؤكد:
أن النبي «صلى الله عليه وآله» قد مات شهيداً بسم الخيبرية له على أقل
تقدير.
ورووا:
أنه «صلى الله عليه وآله» قال في مرض موته مشيراً إلى ذلك: فهذا أوان
انقطاع أبهري([27]).
وقد تساءلتم عن العترة، هل هم خصوص أهل البيت «عليهم
السلام» دون زوجاته؟! أم أعمام النبي «صلى الله عليه وآله»؟! أم
زوجاته؟!
فهل هم أولاد فاطمة «عليها صلوات الله»؟!
ولماذا خصوص هؤلاء لا غيرهم من ولد الحسنين «عليهما
السلام»؟! لا غيرهم من ولد علي، أو الحسنين «رضوان الله عليهم»..
ونجيب:
إن تفصيل القول في هذا الموضوع يحتاج إلى كتابة مئات
الصفحات، لذلك رأيت أن أقتصر على ذكر عناوين مشيرة للمطلوب، من دون
دخول في التفاصيل، مع العلم بأن لي كتاباً بعنوان: أهل البيت في آية
التطهير، وكتاباً آخر باسم: الغدير والمعارضون، قد يسهمان في الإجابة
على هذه الأسئلة.
ولعل الأخوة يرسلون إليكم هذين الكتابين.
وفي جميع الأحوال أقول:
أولاً:
إن المقصود بأهل البيت «عليهم السلام» هم الذين عنتهم الآية المباركة،
الدالة على عصمتهم: ﴿إِنَّمَا
يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ
وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً﴾([28]).
حيث دلنا رسول الله «صلى الله عليه وآله» من خلال حديث الكساء المعروف
والثابت: على أن أهل البيت في هذه الآية هم: علي، وفاطمة، والحسنان
«عليهم السلام »([29]).
ولم يجعل معهم العباس، ولا أولاده، ولا غيرهم من بني
هاشم.
ومنع أم سلمة، وعائشة، وزينب، من الدخول معهم تحت
الكساء، وقال لها: إنك من أهلي، وهؤلاء أهل بيتي. أو قال لها: إنك على
خير، وهؤلاء أهل بيتي، أو نحو ذلك.. فراجع المصادر، ويبدو من النصوص:
أن هذه الحادثة قد تكررت أكثر من مرة..
ثانياً:
إن المقصود بأهل البيت هو أهل بيت النبوة، لا أهل بيت السكنى.
ثالثاً:
إن ورود آية التطهير في ضمن الآيات التي تتحدث عن الزوجات لا يعني دخول
الزوجات في جملة أهل البيت، وذلك لأكثر من دليل وشاهد، مثل:
ألف:
ما أشرنا إليه من منع زوجاته من الدخول تحت الكساء، حيث نزلت الآية
الكريمة في تلك المناسبة..
ب:
إن الزوجة من أهل الرجل، وليست من أهل بيته، وقد روي هذا عن زيد بن
أرقم([30]).
ج:
إن شمول الآية للزوجات غير ظاهر إلا من خلال السياق، والحال أن الدلالة
السياقية، التي هي من أضعف الدلالات تسقط إذا توفرت أية دلالة أخرى على
خلافها.
د:
إن السياق لا يأبى أن يكون المقصود هو خصوص أهل الكساء، لأن الآيات في
سياقها العام إنما تخاطب النبي «صلى الله عليه وآله»، فتقول: ﴿يَا
أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ
الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ
وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً﴾([31]).
﴿وَإِنْ([32])
كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ
اللهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْراً عَظِيماً﴾([33]).
ثم تقول:
وكأنه بتقدير: وقل لهن يا أيها النبي: ﴿يَا
نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ
يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ
يَسِيراً﴾([34]).
وقل لهن: ﴿وَمَنْ
يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحاً نُؤْتِهَا
أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقاً كَرِيماً﴾([35]).
وقل لهن: ﴿وَقَرْنَ
فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ
الْأُولَى..﴾.
إلى أن قال: ﴿إِنَّمَا
يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ
وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً﴾([36]).
وقل لهن: ﴿وَاذْكُرْنَ
مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ
اللَّهَ كَانَ لَطِيفاً خَبِيراً﴾([37]).
إلى آخر الآيات.. فكل هذه الآيات هي مقول القول الأول في الآية
الأولى..
فكأنه تعالى بعد أن أمر نبيه «صلى الله عليه وآله» بأن
يبلغ أزواجه هذه الأوامر والنواهي والتوجيهات، التفت إليه وقال له:
إنما نأمرك بأن تقول لهن ذلك، لأن بيتك بيت نبوة، وطهارة. فلا بد من
إبعاد حتى النسبة المجازية التي تكون لأدنى ملابسة.
فلا يجوز أن تأتي ذلك ولو من طريق الجار أو القريب، أو
الساكن في البلد، فكيف بمن هي زوجة أحد أفراد أهل بيت النبوة؟!
ويمكن تقريب المقصود بالمثال
التالي:
لو أن شخصاً جليلاً عابداً زاهداً كان يسكن في منطقة
فيها بعض من يرتكب مخالفات شرعية، فإن الناس يطلبون منهم الكف عن
التجاهر بهذه الأمور، حفاظاً منهم على قداسة ذلك الرجل الجليل..
ولو كان لذلك الرجل الجليل ولد متجاهر ببعض الذنوب، فإن
الناس ينهونه ويقولون له: إننا نصر عليك بترك هذه الأفعال، حفاظاً على
مكانة أبيك..
[ولكن لو أن ذلك الولد لم يستجب للدعوة إلى الإرتداع، فلا يعني ذلك
لحوق الرجس بوالده، بل يعني: أن ذلك الولد في غاية السوء، وأنه هو الذي
يتحمل مسؤولية أعماله. وأن والده برئ منها.
وهكذا يقال بالنسبة لآية التطهير، فإن عدم ارتداع
النساء عما نهاهن الله عنه، واستغلالهن للعلقة الزوجية برسول الله يظهر
سوءهن في أنفسهن، ولا يلحق برسول الله
«صلى الله عليه وآله»
رجساً، ولا نقصاً.
وتكون آية التطهير شاهداً على ذلك، ودليلاً عليه.. وبها
يَحفظ الله تعالى لأهل البيت
«عليهم
السلام»
طهرهم ونقاءهم، ويضع المسؤولية على عاتق النساء إن صدرت
منهن مخالفة]([38]).
هـ:
إنه يمكن أن يكون الخطاب في الآيات موجهاً للنبي «صلى
الله عليه وآله»، ثم التفت إلى النساء وخاطبهن في آيات كثيرة، فهو
كقوله تعالى: ﴿بِسْمِ
اللِه الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، الْحَمْدُ لِلهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ،
الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾([39])،
فإنها كلها تحدثت عن الله تعالى بضمير الغائب.. ثم التفت بالخطاب إليه
تعالى مباشرة، فقال: ﴿إِيَّاكَ
نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ..﴾([40]).
ومثله قوله تعالى: ﴿عَبَسَ
وَتَوَلَّى، أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى﴾([41])،
فإنه تحدث عن الذي فعل هذا الأمر المشين بصيغة الغائب، ثم التفت إليه
وقال له: ﴿وَمَا
يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى﴾([42])،
وأمثال ذلك كثير..
و:
الملاحظ: هو أن الله تعالى قد عدى كلمة يريد في آية
التطهير باللام، فقال: ﴿يُرِيدُ
اللهُ لِيُذْهِبَ﴾([43])..
فهو نظير قوله تعالى: ﴿يُرِيدُونَ
لِيُطْفِئُوا نُورَ اللهِ بِأَفْوَاهِهِمْ﴾([44])..
مع أنه تعالى يقول في آية أخرى: ﴿يُرِيدُونَ
أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللهِ بِأَفْوَاهِهِمْ﴾([45])..
والفرق بينهما: أن إرادة الكافرين في هذه الآية الأخيرة تعلقت بالمصدر
الحاصل من الفعل وكلمة أن، وهو الإطفاء مباشرة.
أما في الآية الأخرى التي عدَّت الإطفاء باللام، فقد
تعلقت إرادة الكافرين بشيء آخر، وهو الإفتراء على الله، ليكون وسيلتهم
لإطفاء نور الله. فإطفاء نور الله كان هو الداعي لتعلق إرادتهم بالكذب
والإفتراء على الله سبحانه..
ز:
إن الآيات المباركة حول الزوجات لا تناسب مضمون آية
التطهير إلاعلى النحو الذي ذكرناه، لأن تلك الآيات قد قررت: أن الزوجات
كنَّ في معرض التسريح من بيت الزوجية، وأن فيهن المحسنات، وغير
المحسنات، وقد خيَّر الله تعالى نبيه «صلى الله عليه وآله» بين أن
يُرجى من يشاء منهن، ويؤوي إليه من يشاء، وهدد بعضهن في سورة التحريم
تهديداً شديداً.. كما أنه «صلى الله عليه وآله» قد اعتزلهن، وكان بصدد
طلاقهن، بسبب إصرارهن على الحصول على ما لا يحق لهن الحصول عليه من
نفقات لا ينبغي لأمثالهن طلبها..
وقد آذين رسول الله «صلى الله عليه وآله» في ذلك
كثيراً..
فدل ذلك كله:
على أن الله تعالى كان بصدد حفظ مقام النبوة، وأهل بيت
النبوة. ولم يكن مهتماً بالزوجات إلا بمقدار إرجاعهن إلى طريق الصواب،
وقيامهن بما يجب عليهن، وعدم التسبب بأي شيء ينقص حتى لدى أهل الأهواء
أو العقول القاصرة من مقام النبي، ومقام أهل بيته. حتى لو كانت هذه
النسبة مجازية كنسبة إساءات المنحرفين من بلد أو قبيلة إلى الأبرياء من
أهل ذلك البلد، أو القبيلة.
لأجل ذلك نلاحظ:
أن الآيات التي سبقت ولحقت آية التطهير قد اقتصرت على
الطلب من الزوجات مجرد العمل بتكاليفهن العادية، كالعزوف عن الدنيا،
والسعي إلى الآخرة، والإبتعاد عن الفاحشة المبينة. ودعوتهن إلى العمل
الصالح الذي يجعلهن أهلاً لأن يرزقهن الله رزقاً كريماً. والإلتزام
بتقوى الله، والتستر عن الرجال الأجانب بنحو لائق، وعدم التبرج تبرج
الجاهلية الأولى، وإن يقمن الصلاة، ويؤتين الزكاة، ويطعن الله ورسوله..
وهذا هو الحجم الذي أعطته الآيات للزوجات. وما ورد في
سورة التحريم أيضاً يزيد في وضوح هذا الأمر، أما أهل بيت النبوة ومعدن
الرسالة، فلهم حديث آخر، ومقام آخر..
وهم الذين جاءت الآية لتؤكد فضلهم ومقامهم. وسعي الرسول
«صلى الله عليه وآله» لإيضاح ما ترمي إليه الآية فيما ظهر وتجلى في
حديث الكساء.
فالأهمية القصوى هي لأهل بيت النبوة كما قلنا..
رابعاً:
إن قوام بيت النبوة ليس بمجرد القربى النسبية، بل بالمواصفات الفاضلة،
والسجايا الكريمة، والميزات الرفيعة التي تؤهل شخصاً مّا لهذا المقام،
ولأجل ذلك قال رسول الله «صلى الله عليه وآله»: «سلمان منا أهل البيت».
إذ المقصود ليس كونه منتسباً إليهم، فإنه كان رجلاً
فارسياً، ولا كان منتسباً إليهم بالولاء، لأنه هو الذي كاتب له، واشترى
نفسه منه، وإعانة النبي «صلى الله عليه وآله» سيده لا تجعل سلمان من
مواليه، بحيث يترتب عليها أحكام الولاء. فهو من أهل البيت لاستجماعه
ميزات قريبة منهم.. ورفعته دون غيره إليهم..
ولأن الميزات المشار إليها لم تكن متوفرة في غير أهل
الكساء لم يدخل النبي «صلى الله عليه وآله» عمه العباس في أهل البيت،
ولا أدخل أحداً من أبناء العباس، ولا من أبناء سائر أعمامه «صلى الله
عليه وآله»، ودخل ابن عمه علي «صلوات الله وسلامه عليه» فيهم..
إلا
أن يقال:
إن علياً «عليه السلام» كان أقرب إلى النبي «صلى الله
عليه وآله» من عمه العباس، لأن علياً «عليه السلام» كان ابن عم النبي
«صلى الله عليه وآله» لأبيه وأمه، ولم يكن العباس كذلك، بل كان عم
النبي «صلى الله عليه وآله» لأبيه دون أمه، ولأجل ذلك كان علي «عليه
السلام» هو الذي يرث رسول الله «صلى الله عليه وآله» بعد الطبقة الأولى
دون عمه العباس..
إلا أن يقال:
إن حكم الإرث شيء، والأقربية النسبية شيء آخر.. وهذا
قول غير ظاهر الوجه.
وحاصل الكلام:
أن أهل بيت النبوة لا يعرفون بالنسب، ولا بغيره، بل
بمميزات أخلاقية ونفسانية، وسلوكية، ومواصفات خاصة ترتقي بالشخص منهم
عن مستوى الإنسان العادي، وتجعله بهذا المقام السامي والرفيع..
وإذا كان من المتعسر أو المتعذر إطلاع الناس على حقيقة
المزايا التي يمتلكها الأشخاص، فلا بد من الرجوع إلى عالم الغيب
والشهادة لمعرفة هؤلاء الناس وتمييزهم عن غيرهم. ويكون ذلك بالرجوع إلى
أمناء الوحي، وهو النبي «صلى الله عليه وآله» نفسه.
وقد رجعنا إلى النبي «صلى الله عليه وآله» فوجدناه في
حديث الكساء الصحيح قد نص على أن علياً والحسنين، والزهراء، من أهل بيت
النبوة..
ثم وجدناه يقول:
يكون بعدي اثنا عشر خليفة، أو أميراً، أو إماماً كلهم
من قريش([46]).
كما رواه لنا البخاري، ومسلم، وأحمد، وغيرهم كثير، كما أن في الروايات
عن رسول الله «صلى الله عليه وآله» تصريح بأسماء هؤلاء الخلفاء، وهذه
الروايات موجودة في كثير من كتب أهل السنة والشيعة على حد سواء..
وهذا ما يفسر لنا ما نجده من تآليف كثيرة لعلماء كبار
من أهل السنة حول الأئمة الاثني عشر، مثل: كفاية الطالب للكنجي
الشافعي، والفصول المهمة لابن الصباغ المالكي، والإتحاف بحب الأشراف،
للشبراوي الشافعي، ونور الأبصار للشبلنجي الشافعي، وينابيع المودة
للقندوزي الحنفي، والصواعق المحرقة لابن حجر الهيثمي، والأئمة الاثنا
عشر للفضل بن روزبهان، وتذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي، وذخائر العقبى..
وغير ذلك كثير جداً..
ويبدو لنا:
أن هؤلاء الأعلام أرادوا حل معضلة حديث: يكون بعدي اثنا
عشر إماماً أو أميراً أو خليفة كلهم من قريش.. خدمة منهم لمذهب التسنن،
فاعتبروا: أن المراد هو الإمامة والخلافة بالعلم، والصلاح، والتقوى،
وظهور الكرامات، بل توسع بعضهم في الولاية والأولياء حتى نسب لأقطاب
الصوفية من الكرامات ما يجعلهم في مقامات تضارع مقامات الأنبياء، أو
تزيد..
وبذلك يكونون قد حلوا المعضلة التي نشأت من الحديث
المذكور من جهة، وحجموا وضيقوا مفهوم الإمامة، وأفرغوها من محتواها
العميق، لتصبح أمراً عادياً يمكن لكل أحد أن يناله من جهة أخرى.. فقد
اعتبروا الأئمة المنصوص عليهم مجرد عباد وزهاد ومجتهدين في الفقه،
ولديهم قسط وافر من العلم، كما هو عند غيرهم.
فتلخص مما تقدم:
أن تعيين الأئمة في ولد الحسين «عليه السلام»، إنما جاء من النص من
النبي «صلى الله عليه وآله» مباشرة، أو من نص الإمام السابق على
اللاحق.. ومن الأهلية الظاهرة التي لمسها الناس فيهم، حتى إن الجاحظ
يقول في رسالته: «فضل هاشم على عبد شمس» ما يلي:
«ومن الذين يعد من قريش، أو من غيرهم، ما يعد الطالبيون
في نسق واحد، كل واحد منهم: عالم، زاهد، ناسك، شجاع، جواد، طاهر، زاك،
فمنهم خلفاء، ومنهم مرشحون: ابن، ابن، ابن، ابن. هكذا إلى عشرة.. وهم:
الحسن بن علي، بن محمد، بن علي، بن موسى، بن جعفر، بن محمد، بن علي، بن
الحسين، بن علي.
وهذا لم يتفق لبيت من بيوت العرب، ولا من العجم إلخ..»([47]).
ولكي يتضح ما نرمي إليه، نشير إلى الأمور التالية:
1 ـ
إن الجاحظ ليس رجلاً عادياً، بل هو عالم معروف، وكاتب مشهور في عصره،
وبعد عصره، وهو متنوع الثقافة، وقد كتب في مختلف الموضوعات التي شاع
التكلم بها في عصره.. وكان معتزلياً على طريقة أهل البصرة، الذين كانوا
عثمانية، أي يقدمون عثمان على علي «عليه السلام»، مقابل معتزلة بغداد
الذين يقدمون علياً «عليه السلام» على عثمان وعلى جميع الصحابة..
وهو وإن كان يظهر الحياد في كتاباته، ولكن أهل نحلته من
المعتزلة، كالإسكافي وغيره كانوا يتهمونه بالنصب والعداء لأهل البيت.
وقد ألف كتاباً في نقض فضائل أمير المؤمنين «عليه
السلام»([48]).
ولعله هو كتاب العثمانية المطبوع الذي رد عليه الإسكافي المعتزلي،
وأورد ابن أبي الحديد المعتزلي شطراً من ردوده..
2 ـ
إن الجاحظ كان يعيش في البصرة، وقد توفي قبل وفاة الإمام الحسن العسكري
«عليه السلام» بخمس سنين. فلو فرضنا: أن الجاحظ قد كتب عباراته التي
ذكرناها آنفاً في آخر ساعة من ساعات حياته. فذلك يعني: أن عمر الإمام
الحسن العسكري «عليه السلام» حين كتب الجاحظ هذه الكلمات كان في حدود
اثنتين وعشرين سنة.
3 ـ
إن الإمام العسكري «عليه السلام» لم يكن أشهر ولا أعرف من آبائه
الطاهرين. ولا سيما الإمام علي، والحسن، والحسين والصادق، والباقر،
والرضا «عليهم السلام».
بل كان الأئمة بعد الإمام الرضا «عليه السلام» ـ رغم
نباهة شأنهم، وعلو قدرهم يعرفون بـ «ابن الرضا». ويطلق هذا التعبير على
الإمام الجواد، والهادي، والعسكري أيضاً([49]).
ويؤيد ذلك:
قول أسلم بن مهوز المنبجي في داليته المعروفة التي يمدح
بها أئمة سامراء:
إذا ما بلغت
الصادقين بني الرضا فحسبك من هـاد يشـير إلى هادي
4 ـ
وإذا كان الإمام العسكري «عليه السلام» في سامراء موضوعاً تحت الرقابة
الشديدة، وكان لا يصل إليه إلا من ترضى السلطة بإيصاله.. وكان الجاحظ
في البصرة، وهو منحرف عن علي «عليه السلام» وولده. وكان نقل الأخبار في
تلك الأيام وتداولها محدوداً جداً، ويواجه بصعوبات عملية، إذ لم يكن
هناك وسائل اتصال، ولا إذاعات، ولا أجهزة تلفاز، ولا هواتف ثابتة ولا
نقالة، ولا إنترنت.. ولا.. ولا..
وإذا كانت السلطة تفرض هيبتها وسياستها على الناس،
وتمنع من تداول فضائل وكرامات وعلوم ومعارف أهل البيت عليهم.. وتحدُّ
بكل وسيلة من وسائل القمع من نشاطات شيعة أهل البيت «عليهم السلام»، ـ
نعم، إذا كان الأمر على هذا الحال ـ فإن شيوع ذكر هذا الإمام المحاط
بالسدود والموانع، حتى لا يكاد يصل إليه، أو يتصل به أحد من الناس،
والذي كان لا يزال شاباً في مقتبل عمره.. إن شيوع ذكره، وذيوع صيته
سيكون في مستوى الكرامات، ويبلغ حدود المعجزات، فكيف إذا بلغ الأمر
بالمنحرفين عنه إلى حدّ أن يصفوه بما وصفه به الجاحظ في مثل هذه الظروف.
فهذا إن دل على شيء، فهو يدل على أنه «عليه السلام» كان
على درجة من العظمة استطاعت أن تقهر كل تلك الموانع والسدود لتشرق شمس
فضله على القريب والبعيد، والعدو والولي. رغم أنف السلطة، ورغم كل
جهودها لخنق صوت أهل هذا البيت، وإخماد صيتهم.
مع أنك تجد اهتمام تلك السلطات التي تحمل اسم الخلافة
لرسول الله «صلى الله عليه وآله»، وتنتحل صفته، كإمام وراع، وحافظ
للدين وأهله.. تجد اهتمامها ظاهراً بالمغنين، والجواري والأعراب، وحتى
قطاع الطرق، والمجرمين، وإعلاء شأنهم، وإلخ..
وأعتقد أنكم واقفون على كثير من الحقائق في هذا المجال.
وفي الختام أقول: ربما أكون في أكثر ما قلته لكم في هذه الرسالة كناقل
التمر إلى هجر.. ومثلكم من غض النظر وعذر..
والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى وآله الطاهرين..
25 / 1/1431 هـ. ق الموافق 11/1/2010 م ش.
جعفر مرتضى الحسيني العاملي
([1])
ما بين المعقوفتين إضافة لاحقة للتوضيح.
([2])
الآية 48 من سورة الزمر.
([3])
الآية 143 من سورة البقرة.
([4])
الآية 31 من سورة محمد.
([5])
ما بين المعقوفتين إضافة لاحقة للتوضيح.
([6])
ما بين المعقوفتين إضافة لاحقة للتوضيح.
([7])
الآية 49 من سورة الكهف.
([8])
الآية 9 من سورة آل عمران والآية 31 من سورة الرعد.
([9])
الآية 64 من سورة المائدة.
([10])
راجع سفينة البحار مادة البداء.
([11])
ما بين المعقوفتين إضافة لاحقة للتوضيح.
([12])
ما بين المعقوفتين إضافة لاحقة للتوضيح.
([13])
ما بين المعقوفتين إضافة لاحقة للتوضيح.
([14])
هذا السؤال قد سأله علماؤنا رضوان الله تعالى عليهم لأولئك
القائلين بعدم قدرة المعصوم على المعصية. راجع اللوامع
الإلهية: ص169.
([15])
راجع: اللوامع الإلهية ص169 فإنه قد نسب ذلك إلى الأشاعرة.
([17])
الآية 21 من سورة الحجر.
([18])
راجع المصادر التالية: شواهد التنزيل للحسكاني ج1 ص308 و 310 و
307 ومناقب ابن المغازلي الحديث رقم361، والخصائص ص26 وغاية
المرام ص357 و 360 و 104 عن تفسير الثعلبي والحبري (مخطوط)،
ودلائل الصدق ج2 ص135 عن ينابيع المودة ص102 ـ 105 ونقل عن أبي
نعيم، وتفسير الثعلبي ج5 ص303 وشواهد التنزيل ج1 ص400 و 401 و
402 و 404 و 405 وأحكام القرآن لابن العربي ج3 ص86 وزاد المسير
ج4 ص252 والجامع لأحكام القرآن ج9 ص336 والبحر المحيط ج5 ص390.
وراجع: إحقاق الحق (الملحقات) ج4 ص362 ـ 365 وج3 ص451 و 452
متناً وهامشاً وج3 ص280 ـ 285 متناً وهامشاً وج20 ص75 ـ 77 عن
العديد من المصادر، والعمدة لابن بطريق ص124 والجامع لأحكام
القرآن ج9 ص336.
([19])
الآية 89 من سورة النحل.
([20])
راجع: تفسير الثوري ص6 وتفسير السمرقندي ج1 ص36 وتفسير الرازي
ج7 ص191 والبرهان للزركشي ج2 ص164.
([21])
ما بين المعقوفتين إضافة لاحقة للتوضيح.
([22])
راجع: الفصول المهمة لابن الصباغ ج1 ص571 والخصال ص572 و 652
ومصباح البلاغة (مستدرك نهج البلاغة) ج3 ص165 وكتاب سليم بن
قيس (تحقيق الأنصاري) ص211 و 330 و 420 و 431 و 435 و 462
ودلائل الإمامة للطبري (ط مؤسسة البعثة) ص235 و (مؤسسة المهدي)
ص131 والإحتجاج ج1 ص223 ومدينة المعاجز ج5 ص69 وبحار الأنوار
ج22 ص463 وج31 ص425 و 433 وج40 ص216 وج69 ص183 وج89 ص42
والتفسير الصافي ج1 ص42 والدر النظيم ص285 و 606.
وراجع ايضاً: الأنوار العلوية ص337 وموسوعة الإمام علي بن أبي
طالب «عليه السلام» في الكتاب والسنة والتاريخ ج10 ص16 و 17
وغاية المرام ج5 ص224 وج6 ص107 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج7
ص600 وج23 ص452 وتنزيه الشيعة الإثني عشرية عن الشبهات الواهية
للتبريزي ج1 ص156 و 163.
([23])
راجع: التراتيب الإدارية ج2 ص183 وبحار الأنوار ج89 ص103 و 93
عن أسرار الصلاة، ومناقب آل أبي طالب ج2 ص53 وتفسير البرهان ج1
ص3 وينابيع المودة ص65 وجامع الاخبار والآثار للأبطحي ج2 ص48
وإحقاق الحق (الملحقات) ج7 ص594 كلاهما عن: أسرار الصلاة ص138
وعن شرح ديوان أمير المؤمنين ص15 مخطوط. وشرح عين العلم وزين
الحلم ص91 والروض الأزهر ص33 وجالية الكدر ص40 وتاريخ آل محمد
ص150.
([24])
راجع: الإمام علي بن أبي طالب للهمداني ص135 ومعجم رجال الحديث
للسيد الخوئي ج8 ص81.
([25])
راجع: الإستيعاب (ط دار الجيل) ج3 ص1103 وشرح نهج البلاغة
للمعتزلي ج1 ص18 و 141 وج12 ص179 و 205 ونظم درر السمطين ص129
و 132 والمواقف للإيجي ج3 ص627 و 636 وتفسير السمعاني ج5 ص154
وتفسير الرازي ج21 ص22 والمناقب للخوارزمي ص81 ومطالب السؤول
ص76 و 77 والفصول المهمة لابن الصباغ ج1 ص201 وجواهر المطالب
لابن الـدمشقي
ج1 ص195 و 296 وينـابيع
المـودة
ج1 ص216 وج2 ص172
= =
وج3 ص14 وذخائر العقبى ص80 والرياض النضرة ج3 ص143 والأربعين
للفخر الرازي ص466.
([26])
راجع: شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج12 ص101 ونصب الراية للزيلعي
ج3 ص117 والمناقب للخوارزمي ص101 وذخائر العقبى ص82 وينابيع
المودة ج2 ص172 عن أحمد، وأبي عمر، وفتح الباري ج13 ص286
وتأويل مختلف الحديث ص152 والإستيعاب ج3 ص1102 ونظم درر
السمطين ص131 وفيض القدير ج4 ص470 وأسد الغابة ج4 ص23 وتهذيب
التهذيب ج7 ص296 ومطالب السؤول ص163 والفصول المهمة لابن
الصباغ ج1 ص201 وجواهر المطالب لابن الدمشقي ج1 ص195.
([27])
راجع: المستدرك على الصحيحين للحاكم ج3 ص58 وتلخيص المستدرك
للذهبي، وصححاه على شرط الشيخين، وذكر نحوه عن تأويل مختلف
الحديث لابن قتيبة ص169 وراجع: تاريخ الخميس ج2 ص53 والسيرة
الحلبية (ط دار المعرفة) ج2 ص432 والدرر لابن عبد البر ص269
وكنز العمال ج11 ص466 وراجع ص467 وراجع: المجموع للنووي ج18
ص386 وإمتاع الأسماع ج13 ص348 والطب النبوي لابن القيم الجوزي
ص97 وتخريج الأحاديث والآثار ج1 ص71 ومجمع البيان ج9 ص121 و
122 وفيه: ما أزال أجد ألم الطعام.. وفي نص آخر: ما زالت أكلة
خيبر تعاودني كل عام..
وراجـع:
بحـار
الأنـوار
ج21 ص6 و 7 والمحـلى
لابن حـزم
ج11 ص25 و 27
= =
والمصنف للصنعاني ج11 ص29 وراجع: سبل الهدى والرشاد ج1 ص434
وج5 ص134 والبداية والنهاية ج3 ص400 وج4 ص239 و 240 والكامل
لابن عدي ج3 ص402 والطبقات الكبرى لابن سعد (ط دار التحرير
بالقاهرة سنة 1388 هـ) ج2 ق2 ص32 و (ط دار صادر) ج8 ص314
والسيرة النبوية لابن هشام المجلد الثاني ص338 سلسلة تراث
الإسلام. وعن سنن أبي داود ج2 ص370 وسنن الدارمي ج1 ص32 والسنن
الكبرى للبيهقي ج10 ص11 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص303 والتنبيه
والإشراف ص224 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص399 و 400.
([28])
الآية 33 من سورة الأعراف.
([29])
راجع المصادر التالية: جامع البيان ج22 ص5 و 7 والدر المنثور
ج5 ص198 و 199 عنه، وعن ابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني،
وابن مردويه، والخطيب، والترمذي، والحاكم، وصححاه، والبيهقي في
سننه، وابن أبي شيبة، وأحمد، ومسلم، وفتح القدير ج4 ص279 و 280
وجوامع الجامع ص372 والتسهيل لعلوم التنزيل ج3 ص137 وتأويل
الآيات الظاهرة ج2 ص457 ـ 459 والطرائف ص122 و 130 المناقب
لابن المغازلي ص301 ـ 307 وشواهد التنزيل ج2 ص11 و 92 ومسند
الطيالسي ص274 والعمدة لابن بطريق ص31 ـ 46 ومجمع الزوائد ج7
ص91 وج9 ص121 و 119 و 146 و 167ـ 169 و 172 وأسد الغابة ج4 ص49
وج2 ص9 و 12 و 20 وج3 ص413 وج5 ص66 و 174 و 521 و 589 وآية
التطهير في أحاديث الفريقين المجلد الأول كله. وأسباب النزول
ص203 ومجمع البيان ج9 ص138 وج8 ص356 و 357 وبحار الأنوار ج35
ص206 و 223 وج45 ص199 وج37 ص35 و 36 ونهج الحق ص173 و
= =
175 والجامع لأحكام القرآن ج14 ص182 وصحيح مسلم ج7 ص130 وسعد
السعود ص204 و 106 و 107 وذخائر العقبى ص21 ـ 25 و 87 وكشف
اليقين في فضائل أمير المؤمنين ص405 والإيضاح لابن شاذان ص170
ومسند أحمد ج4 ص107 وج3 ص259 و 285 وج6 ص292 و 298 و 304 وج1
ص331 وتفسير القرآن العظيم ج3 ص483 و 486 وكفاية الطالب ص54 و
242 و 371 و 377 وترجمة الإمام علي بن أبي طالب «عليه السلام»
من تاريخ دمشق (بتحقيق المحمودي) ج1 ص184 و 183 والمعجم الصغير
ج1 ص65 و 135 والجامع الصحيح ج5 ص663 و 699 و 351 و 352 وخصائص
الإمام علي «عليه السلام» للنسائي ص49 و 63 والمستدرك على
الصحيحين ج2 ص416 وج3 ص172 و 146 و 147 و 158 و 133 وتلخصيه
للذهبي (مطبوع بهامشه)، وتفسير القمي ج2 ص193 والتبيان ج8 ص307
ـ 309 والتفسير الحديث ج8 ص261 و 262 ومختصر تاريخ دمشق ج7 ص13
والبرهان (تفسير) ج3 ص309 ـ 325 وتفسير فرات ص332 ـ 340 ووفاء
الوفاء ج1 ص450 وراجع: نزهة المجالس ج2 ص222 ومنتخب ذيل المذيل
للطبري ص83 وحبيب السير ج1 ص407 وج2 ص11 والشفاء لعياض ج2 ص48
وسير أعلام النبلاء ج10 ص346 و 347 وج3 ص270 و 315 و 385 و 254
والغدير ج1 ص50 وج3 ص196 وإحقاق الحق (الملحقات) ج9 ص1 ص69 وج3
ص513 و 531 وج2 ص502 و 573 وج14 ص40 ـ 105 وج18 ص359 و 383 عـن
مصادر كثيرة جداً، وسليم بن قيس ص105 و 52 و 53 وراجع ص100
ونزل الأبرار ص102 ـ 104 و 108 وكنز العـمال
ج13 ص646 ونـوادر
الأصـول
ص69
= =
و265 والصراط المستقيم ج1 ص184 و 188 وقال في جملة ما قال:
«أسند نزولها فيهم صاحب كتاب الآيات المنتزعة. وقد وقفه
المستنصر بمدرسته، وشرط أن لا يخرج من خزانته. وهو بخط ابن
البواب. وفيه سماع لعلي بن هلال الكاتب. وخطه لا يمكن أحد أن
يزوره عليه» ومرقاة الوصول ص105 ـ 107 وذكر أخبار أصبهان ج2
ص253 وج1 ص108 وتهذيب التهذيب ج2 ص297 والرياض النضرة ج3 ص152
و 153 ونهج الحق (مطبوع ضمن إحقاق الحق) ج2 ص502 و 563 ومصابيح
السنة ج4 ص183 والكشاف ج1 ص369 والإتقان ج2 ص199 و 200 وتذكرة
الخواص ص233 وأحكام القرآن لابن عربي ج3 ص1538 والفصول المهمة
لابن الصباغ ص7 و 8 والإصابة ج2 ص509 وج4 ص378 وترجمة الإمام
الحسن «عليه السلام» لابن عساكر (بتحقيق المحموي) ص63 و 70
والصواعق المحرقة ص141 ـ 143 و 137 ومتشابه القرآن ومختلفه ج2
ص52 وتفسير نور الثقلين ج4 ص270 ـ 277 وإسعاف الراغبين (مطبوع
بهامش نور الأبصار) ص106 و 107 ونور الأبصار ص110 ـ 112 وفضائل
الخمسة من الصحاح الستة ج1 ص224 و 243 والاستيعاب (مطبوع بهامش
الإصابة) ج4 ص46 وج3 ص37 وفرائد السمطين ج1 ص316 و 368 وج2 ص10
و 19 و 22 و 23 وينابيع المودة ص107 و 167 و 108 و 228 و 229 و
230 و 260 و 15 و 8 و 174 و 294 و 193 والعقد الفريد ج4 ص313
ومقتل الحسين «عليه السلام» للخوارزمي ج2 ص61 و 62 وراجع: التـاريخ
الكبـير
للبخـاري
ج1 قسم2 ص69 و 70 و 110 وراجع ص197 وكتاب الكنى للبخاري ص25 ـ
26 ونظم درر السمطين ص133 و 238 و 239 وتهـذيـب
= =
تاريخ دمشق ج4 ص207 ـ 209 والنهاية في اللغة ج1 ص446 ولباب
التأويل ج3 ص466 والكلمة الغراء «مطبوع مع الفصول المهمة» ص203
و 217 وأنساب الأشراف (بتحقيق المحمودي) ج2 ص104 و 106 وترجمة
الإمام الحسين «عليه السلام» من تاريخ دمشق (بتحقيق المحمودي)
ص60 ـ 76 والمعتصر من المختصر ج2 ص226 و 267 وراجع أيضاً:
المواهب اللدنية ج2 ص122 والمحاسن والمساوئ ج1 ص481 ونفحات
اللآهوت ص84 و 85 وتيسير الوصول ج2 ص161 والكافي ج1 ص287
ومنتخب كنز العمال (مطبوع بهامش مسند أحمد) ج5 ص96 عن ابن أبي
شيبة وكنز العمال (ط الهند) ج16 ص257 والاتحاف ص18 وتاريخ
الإسلام للذهبي (عهد الخلفاء الراشدين) ص44 وأحكام القرآن
للجصاص ج5 ص230 وتاريخ بغداد ج10 ص278 وج9 ص26 و 27 والمناقب
للخوارزمي ص23 و 224 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص300 ومشكل
الآثار ج1 ص332 ـ 339 والسنن الكبرى ج2 ص149 ـ 152 وج7 ص63
والبداية والنهاية ج5 ص321 وج8 ص35 و 205 ومنهاج السنة ج3 ص4
وج4 ص20 وعن ذخائر المواريث ج4 ص293 وعن ميزان الاعتدال ج2
ص17.
([30])
راجع: منهاج السنة ج4 ص21 وصحيح مسلم ج7 ص123 وتفسير القرآن
العظيم ج3 ص494.
([31])
الآية 28 من سورة الأعراف.
([32])
إنما تستعمل كلمة (إن) في مورد يكون كل من الطرفين محتملاً في
حق النساء. ولو أنه أبدلها بكلمة (إذا) لدل على حتمية حصول
الشرط. ويكون كقولك: إذا جاءك زيد فاعطه هذه الأمانة. حيث تدل
كلمة (إذا) على حتمية مجيئه.
(هذا الهامش أضيف لاحقاً للتوضيح).
([33])
الآية 29 من سورة الأعراف.
([34])
الآية 30 من سورة الأعراف.
([35])
الآية 31 من سورة الأعراف.
([36])
الآية 33 من سورة الأعراف.
([37])
الآية 34 من سورة الأعراف.
([38])
ما بين المعقوفتين إضافة لاحقة للتوضيح.
([39])
الآيات 1 ـ 3 من سورة الفاتحة.
([40])
الآية 4 من سورة الفاتحة.
([41])
الآيتان 1 و 2 من سورة الفاتحة.
([42])
الآية 3 من سورة الفاتحة.
([43])
الآية 33 من سورة الأعراف.
([44])
الآية 8 من سورة الصف.
([45])
الآية 32 من سورة التوبة.
([46])
راجع: مسند أحمد ج5 ص90 و 92 و 93 و 99 و 101 وج6 ص4 وصحيح
مسلم ج6 ص4 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج13 ص34 و 37 وكتاب
الغيبة للنعماني ص123 والمعجم الكبير للطبراني ج2 ص196 وراجع:
الأمالي للصدوق ص387 والخصال ص475 وكمال الدين ص273 وبحار
الأنوار ج36 ص231 و 241 وغايـة
المـرام
ج2 ص271 ومسند أبي عوانـة:
ج4 ص394 وحلية الأولياء ج4 ص333 وإعلام الورى ص382 والعمدة
لابن البطريق ص416 ـ 422 وإكمال الدين ج1 ص272 و 273 والخصال
ج2 ص469 و 275 وفتح الباري ج13 ص181 ـ 185 والغيبة للنعماني
ص119 ـ 125 وصحيح البخاري ج4 ص159 وينابيع المودة: ص444 و 446
وتاريخ بغداد ج2 ص126 وج14 ص353 والمستدرك على الصحيحين ج3
ص618 وتلخيصه للذهبي (مطبوع بهامشه) نفس الصفحة، ومنتخب الأثر
ص10 ـ 23 عن مصادر كثيرة، والجامع الصحيح للترمذي ج4 ص501 وسنن
أبي داود ج4 ص116 وكفاية الأثر من ص49 حتى نهاية الكتاب.
([49])
مروج الذهب ج3 ص237 وراجع: قاموس الرجال ج10 ص248. والرسالة
التي في آخر ج11 من قاموس الرجال ص58.
|