بداية ذات أهمية

   

صفحة :   

بداية ذات أهمية:

إنه لا ريب في أن الرسول الأكرم «صلى الله عليه وآله»، أعرف من كل أحد بالقرآن ومعانيه، وإشاراته، ومراميه، وهو المرجع والملاذ إذا اشتبهت الأمور، ومست الحاجة إلى التوضيح أو التصحيح.

لكن ما يثير الانتباه في هذا المجال: أننا نرى الرسول الأكرم «صلى الله عليه وآله» يتصدى أحياناً ـ وبصورة طوعية ـ للتوضيح، ووضع النقاط على الحروف، حتى في أمور يظن لأول وهلة أنها من الواضحات.

لكن المفاجأة تواجهنا ونحن نرى: كيف أن الأهواء السياسية، والعصبيات الجاهلية تحاول أن تمد يد الخيانة، وتمارس التزييف والتحريف بالنسبة لنفس ذلك الشيء الذي تصدى الرسول «صلى الله عليه وآله» لتوضيحه، وترسيخه، وتصحيحه. وكأنه «صلى الله عليه وآله» حين تصدى للتفسير والتحديد، ودفع الشبهة، كان ينظر إلى الغيب من ستر رقيق.

ولكن لما كان المساس بالنص القرآني ـ حذفاً، أو زيادة، أو تحريفاً ـ يكاد يلحق بالممتنعات، ودونه خرط القتاد.

فإنهم توصلاًً إلى تحقيق أهدافهم الشريرة يعمدون إلى تحريف معانيه، ودلالاته، والتلاعب بها، بدلاً من تحريف مبانيه، وكلماته، وقد أشار الإمام الباقر «عليه السلام» إلى ذلك فيما كتبه إلى سعد الخير، حيث يقول:

«أقاموا حروفه، وحرفوا حدوده، فهم يروونه ولا يرعونه، والجهال يعجبهم حفظهم للرواية، والعلماء يحزنهم بتركهم للرعاية»([1]).

وهذا بالذات هو ما حصل بالنسبة إلى آية التطهير النازلة في أهل بيت النبوة، ومعدن الرسالة، ومختلف الملائكة.

إذ رغم التأكيدات النبوية الكثيرة والمتواصلة، والتي استمرت أشهراً عديدة، وربما إلى حين وفاته «صلى الله عليه وآله» على أن المراد بـ«أهل البيت في آية التطهير» هم خصوص أهل الكساء، وأنهم استناداً إلى هذه الآية مطهرون من الذنوب.

نعم.. رغم ذلك نجد حملة مسعورة تهدف إلى حرف هذا الأمر عن مواضعه الحقيقية، وإثارة الشبهات حول دلالة الآية، حتى ولو كان ذلك بقيمة تكذيب النبي «صلى الله عليه وآله»، ودفع قوله بصورة ذكية ومبطنة.

ونجد في هذا الفصل إلماحة إلى تفسير النبي «صلى الله عليه وآله» لآية التطهير، ثم سيرى القارئ بنفسه ـ إن شاء الله ـ من خلال سائر ما ذكرناه في هذا الكتاب بعض الكيد الذي جاء به الآخرون من خلال الشبهات التي أثاروها، والدعاوى الباطلة التي أطلقوها.. فإلى ما يلي من صفحات.


 

([1]) راجع: الكافي ج8 ص53 والبحار ج75 ص359 والوافي ج5 ص274 والمحجة البيضاء ج2 ص264 والبيان لآية الله الخوئي ص249.

 
   
 
 

موقع الميزان