صفحة :   

أهل اللغة ماذا يقولون:

وبالمراجعة إلى أهل اللغة، يتضح: أن إطلاق عبارة «أهل البيت» على الزوجات، وكونهن مشمولات لها موضع شك كبير، إن لم نقل: إنه يمكن الجزم بخلافه، فقد قال الزبيدي:

«ومن المجاز: الأهل للرجل: زوجته ويدخل فيه الأولاد»([1]).

ومعنى هذا: أن قول النبي «صلى الله عليه وآله» لأم سلمة: إنك من أهلي قد ورد على سبيل المجاز أيضاً.

وعند ابن منظور: سئل النبي «صلى الله عليه وآله»: اللهم صل على محمد وآل محمد، من آل محمد؟!

قال قائل: أهله، وأزواجه.

كأنه ذهب إلى أن الرجل تقول له: ألك أهل؟!

فيقول: لا. وإنما يعني ليس له زوجة.

قال: هذا معنى يحتمله اللسان. ولكنه معنى كلام لا يعرف إلا أن يكون له سبب كلام يدل عليه، وذلك أن يقال للرجل: تزوجت؟!

فيقول: ما تأهلت، فيعرف بأول الكلام: أنه أراد ما تزوجت.

أو يقول الرجل: أجنبت من أهلي، فيعرف أن الجنابة لا تكون إلا من الزوجة. فأما أن يبدأ الرجل، فيقول: أهلي ببلد كذا الخ([2]).

وهذا معناه أن دلالة كلمة الأهل على الزوجة إنما تكون مع القرينة لا بدونها.

والراغب الأصفهاني أيضاً قد أشار إلى أن إرادة الزوجة من لفظ «الأهل» إنما هو من باب الإطلاق والاستعمال، الذي هو أعم من الحقيقة، فقد قال: «وعُبِّر بأهل الرجل عن امرأته»([3]).

وأخيراً فقد قال البعض: «لكن هل أزواجه من أهل بيته؟! على قولين: هما روايتان عن أحمد.

إحداهما: أنهن لسن من «أهل البيت»، ويروى هذا عن زيد بن أرقم»([4]).

وظاهر كلام زيد: أنه ينكر ويستنكر صدق العنوان «أهل البيت» على الزوجات بحسب اللغة والعرف كما سنرى حين نقل كلامه مع مصادره الكثيرة، حين الكلام على القول بأن المراد بـ «أهل البيت» هم جميع بني هاشم.

فظهر مما تقدم: أن أهل اللغة يقولون: إن الزوجة ليست من أهل الرجل.. ودلت نفس أقوال رسول الله «صلى الله عليه وآله» لأم سلمة، وعائشة، وزينب على أنها ليست من «أهل البيت» ودل عليه أيضاً قول زيد بن أرقم حيث استنكر أن تكون الزوجة من أهل بيت الرجل.. إذ استدل على ذلك بأن الزوجة تكون عند الرجل الدهر، ثم يفارقها فترجع إلى أهلها وقومها فكيف تكون من أهل بيته..

بل إننا نقول: لنفترض جدلاً أن أهل اللغة يقولون بأن الزوجة أهل للرجل وأن زيد ابن أرقم لم ينكر كونها من «أهل البيت» لكن إخراج رسول الله «صلى الله عليه وآله» لهن، ومنعهن من الدخول تحت الكساء يدل على أن للنبي «صلى الله عليه وآله» اصطلاحاً جديداً لا بد من الوقوف عنده، والانتهاء إليه، والالتزام به ولأجل ذلك حصر «أهل البيت» في خمسة، فلم يشمل العباس ولا أبناءه مع أن العباس أقرب نسباً إلى النبي «صلى الله عليه وآله» من علي «عليه السلام» ونسبة علي «عليه السلام» ونسبة أبناء العباس إلى النبي واحدة أيضاً.


 

([1]) تاج العروس ج1 ص217.

([2]) لسان العرب ج11 ص38.

([3]) مفردات الراغب ص29.

([4]) منهاج السنة ج4 ص21.

 
   
 
 

موقع الميزان