صفحة :   

2 ـ الاعتراض:

ولنا أن نعتبر قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ.. جملة اعتراضية، إذا صححنا ورود الاعتراض في آخر الكلام، أو اعتبرنا الآيات سابقاً ولاحقاً كلها ذات وحدة واحدةً، جاءت الجملة الاعتراضية فيما بينها؛ للإشارة إلى حيثيات ودوافع الحكم الوارد في الفقرات السابقة واللاحقة.

وهذا الاعتراض ليس فقط قد جاء معقولاً ومقبولاً، بل هو راجح ومطلوب، بل ضروري أيضاً؛ لحكمة ونكتة، وهي بيان هذا الأمر الهام والخطير، أعني أن الإرادة الإلهية قد تعلقت بتطهير «أهل البيت»، ثم هو لبيان الفرق الشاسع بين أهل بيته الحقيقيين، وبين الزوجات اللواتي لا يصح توهم أنهن في مستوى أهل بيت النبوة في العصمة والطهارة.

وبعد هذا فإن الجمل الاعتراضية كثيرة في القرآن، وقد قال تعالى:

﴿فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ([1]).

وقال تعالى: ﴿وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ([2]).

وقال تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لاَ تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً.. إلى أن قال: ﴿يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ([3]).

وأمثال ذلك في القرآن ليس بعزيز.


 

([1]) الآيتان 28 و 29 من سورة يوسف.

([2]) الآية 76 من سورة الواقعة.

([3]) الآيات 13 ـ 16 من سورة لقمان. وليراجع حول الالتزام بالاستطراد والاعتراض: تفسير القمي ج2 ص193 / 194 والكلمة الغراء (مطبوع مع الفصول المهمة) ص213 / 214 ونهج الحق (هامش) ص174.

 
   
 
 

موقع الميزان