واستدلوا أيضاً على دخول النساء في مفاد الآية بأن
المراد بـ «البيت» في الآية مساكن نسائه «صلى الله عليه وآله»؛ لقوله
تعالى: ﴿وَاذْكُرْنَ
مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ﴾.
فأضاف البيت إليهن، فلابد من دخولهن في مدلول الآية، لأنهن الساكنات في
بيوته «صلى الله عليه وآله»([1]).
ولا أقل من أن تكون الآية ناظرة
إلى الأعم من بيت النسب وبيت السكنى، فتشمل زوجاته «صلى الله عليه
وآله»، كما ذكره الزمخشري، والبيضاوي([2]).
ولكنه دليل غير تام أيضاً، وذلك لعدة أمور، نذكر منها:
أولاً:
قد عرفنا أن المراد بالبيت هو بيت النبوة، ومعدن الرسالة([3])،
ولا أقل من أن ذلك هو الظاهر.
وحتى لو كان محتملاً، فإن احتماله يوجب وهن الاستدلال
بما ذكروه على إرادة بيت السكنى، ثم الاستدلال به على أن الخطاب موجه
لزوجاته «صلى الله عليه وآله».
ولو سلمنا جدلاً، أن المراد هو بيت السكنى، فإن ذلك لا
يحتم دخول الزوجات إذ أن الألف واللام فيه إنما هي للعهد الخارجي. وهو
البيت الذي اجتمع فيه أهل الكساء مع النبي «صلى الله عليه وآله» فيه.
فيخرج منهم وعنهم كل من لم يكن داخلاً في ذلك البيت
آنئذٍ. لاسيما وأن النبي «صلى الله عليه وآله» قد أخرج أم سلمة وغيرها،
كما نصت الروايات.
ثانياً:
قد ذكرنا أكثر من مرة أن كلمة «أهل البيت»
في آية التطهير قد جاءت مفردة محلاةً بألف ولام العهد. بخلاف بيت
السكنى للأزواج؛ فإنه ورد مرتين قبل آية التطهير وبعدها بصيغة جمع
الإناث. وهذا يدل على أن المراد بكلمة البيت في آية التطهير ليس هو بيت
السكنى.
وثالثاً:
لقد أنكر زيد بن أرقم صحة إطلاق كلمة «أهل
البيت»
على الزوجات. وتقدم سؤال أم سلمة إدخالها في جملة «أهل
البيت»،
ولو حكماً؛ ورفض النبي «صلى الله عليه وآله» ذلك.
ولو كان الاستعمال مجازياً في الآية، فلابد من قرينة.
([1])
راجع: فتح القدير ج4 ص278 و280 والصواعق المحرقة ص141 ولباب
التأويل للخازن ج3 ص466 والجامع لأحكام القرآن ج14 ص182
والتسهيل لعلوم التنزيل ج3 ص137 وإسعاف الراغبين (مطبوع بهامش
نور الأبصار) ص108 والسنن الكبرى ج2 ص150 ونظرية الإمامة ص181
و182 عن التحفة الاثني عشرية ص202.
([2])
راجع: إسعاف الراغبين (مطبوع بهامش نور الأبصار) ص108.
([3])
راجع: مجمع البيان ج8 ص356 وتأويل الآيات الظاهرة ج2 ص456.
|