وقد استدلوا أيضاً على دخول الزوجات في مفاد الآية بما
روي عن أم سلمة من أنه لما جمع النبي «صلى الله عليه وآله» أهل بيته
تحت الكساء، وقال ما قال في حقهم، فيما يرتبط بآية التطهير التي هي
مورد البحث، قالت له أم سلمة: أما أنا من «أهل
البيت»؟!
قال بلى، إن شاء الله([1]).
ونقول:
أولاً:
إن نفس سؤال أم سلمة هذا يشير إلى أن كلمة «أهل
البيت»
ليست كافية للدلالة على دخولها في مدلول آية التطهير، وإلا.. لم يكن
لسؤالها مورد، إذ لا شك حينئذ في كونها من «أهل
البيت».
أضف إلى ذلك: أن ما ذكرته روايات أخرى من تقرير النبي
«صلى الله عليه وآله»: أنها من أهله، ومن زوجات النبي، لا من «أهل
البيت»،
يسقط الدعوى التي تقول أن أم سلمة تعرف أن الزوجة من «أهل
البيت»،
لكن ما فعله النبي «صلى الله عليه وآله» من ضم أولئك النفر تحت الكساء،
قد أثار الشبهة لدى أم سلمة فطرحت السؤال المذكور..
نعم، إن ذلك يسقط هذه الدعوى، لأن موقف النبي «صلى الله
عليه وآله» هذا قد أكد على خروجها، عن «أهل
البيت»،
ولم يستجب لطلبها بالدخول معهم تحت الكساء، ولا نفى الشبهة الحاصلة
لديها، إن صح أن يقال: إنه قد حصلت لها شبهة..
وثانياً:
قوله «صلى
الله عليه وآله» في جوابه لأم سلمة في الرواية التي هي مورد البحث: «إن
شاء الله»
يؤكد الشك في صدق عبارة «أهل البيت»
على الزوجات، إذ لو كنّ داخلات في مدلولها لم يكن لتعليق ذلك على
المشيئة معنى.
والقول بأن «إن»
بمعنى «إذ»،
ليس له ما يبرره، ولا دليل عليه، إلا حب كون الزوجات من «أهل
البيت».
وثالثاً:
إن هذا الحديث معارض بالأحاديث الكثيرة المصرحة بإخراج الزوجات عن «أهل
البيت».
وقد روي ذلك عن أم سلمة نفسها بطرق صحيحة وكثيرة. بل إن هذا الحديث غير
قادرٍ على معارضة الأحاديث النافية، لعدم التكافؤ بينه وبينها، لا من
حيث السند ولا من حيث الدلالة.
ورابعاً:
قد روي هذا الحديث بزيادة تدل على أنه «صلى الله عليه وآله» لم يدخل أم
سلمة تحت الكساء لتشارك أهل بيته بما اختصهم الله به، بل أدخلها إرضاءً
لها، وتطييباً لخاطرها بعد أن أتم ما أراد فعله بالنسبة لأهل بيت
النبوة.
فقد ورد أنها قالت بعد قوله «صلى الله عليه وآله»: بلى.
إنه «صلى الله عليه وآله» قد أدخلها الكساء بعد ما قضى دعاءه لابن عمه،
وابنته، وابنيه، فراجع المصادر التي ذكرناها في الفصل الثاني من القسم
الأول من هذا الكتاب.
وخامساً:
إن إدخال أم سلمة في «أهل البيت»
لو صح؛ فهو أخص من المدعى، لأنه لا يدل إلا على أنها هي من «أهل
البيت»،
دون سائر زوجاته، إذ لعل لأم سلمة خصوصية استحقت بها ذلك، تماماً كما
كان الحال بالنسبة إلى سلمان الفارسي، فإن إدخاله في «أهل
البيت»
في حديث: «سلمان منا أهل البيت»
إنما هو لخصوصية كانت له.
ويدل على أن ذلك لخصوصية لها:
ما ورد من أنه «صلى الله عليه وآله» قد منع
عائشة وزينب من الدخول في جملة أهل بيته. ولم يرد في
أية رواية أنه «صلى الله عليه وآله» قد أدخل أياً منهما.
وليس ذلك عن أم سلمة، المرأة المخلصة والمجاهدة ببعيد.
([1])
راجع: السنن الكبرى للبيهقي ج2 ص150 والطرائف ص126 وشواهد
التنزيل ج2 ص 74 و75 و78 و61 و63 وذخائر العقبى ص22 و23
وينابيع المودة ص228 و229 و294 وتفسير فرات ص335 والبرهان
(تفسير) ج3 ص331 ومسند أحمد ج6 ص296 والبحار ج35 ص220 وج45
ص199 وذكر أخبار أصبهان ج2 ص253 وأسد الغابة ج5 ص521 و289
ومناقب الإمام علي «عليه السلام» لابن المغازلي ص306 وترجمة
الإمام الحسين «عليه السلام» من تاريخ دمشق (بتحقيق المحمودي)
ص65 وراجع ص72 ومشكل الآثار ج1 ص335 وراجع ص333 والصواعق
المحرقة ص142 وراجع ص227 والمناقب للخوارزمي ص23 ومختصر التحفة
الاثني عشرية ص149 والجامع لأحكام القرآن ج14 ص183 وإحقاق الحق
ج2 ص568.
|