واستدلوا أيضاً على دخول النساء في مفاد آية التطهير
بحديث زيد بن أرقم. فإنه حينما روى حديث الثقلين في سياق روايته لحديث
الغدير، قيل له: أليس نساؤه من أهل بيته؟!
قال:
نساؤه من أهل بيته، ولكن أهل بيته من حرم الصدقة بعده: آل علي، وآل
عقيل، وآل جعفر، وآل عباس([1]).
ونقول:
إنه استدلال لا يصح أيضاً. وذلك
لوجوه عديدة:
نذكر منها عدا ما تقدم من النصوص الصحيحة والصريحة في أن «أهل
البيت»
هم: أصحاب الكساء والأئمة الاثنا عشر «عليهم السلام»، ما يلي:
1 ـ
لو صح ما ذكروه في معنى كلام زيد ـ وهو لا يصح ـ فإننا نقول: إن تفسير
زيد هذا اجتهاد منه، فلا يؤخذ منه في مقابل النص الوارد عن رسول الله
«صلى الله عليه وآله»، والذي حدد فيه أهل بيته في أهل الكساء، وما يشمل
الأئمة الاثني عشر دون سواهم.
2 ـ
إننا نشك في صحة نسبة ذلك إلى زيد بن أرقم؛ حيث إن الحديث الثاني قد
تضمن إنكاره كون نسائه «صلى الله عليه وآله» من أهل بيته، وتضمن
استدلاله لهذا الإنكار أيضاً.
فقد سأله الحصين:
من أهل بيته؟! نساؤه؟!
قال:
لا، وأيم الله، إن المرأة لتكون مع الرجل العصر من الدهر، ثم يطلقها؛
فترجع إلى أبيها وقومها. أهل بيته أصله وعصبته الذين حرموا الصدقة من
بعده([2]).
3 ـ
إن سياق عبارته المنقولة في الاستدلال المتقدم يظهر منه: أن زيداً قد
نفى كون النساء من «أهل البيت».
وذلك بدليل:
أنه قد قرر: أن المراد بـ «أهل البيت»
هم من حرم الصدقة بعد رسول الله «صلى الله عليه وآله» وزوجاته «صلى
الله عليه وآله» لم يحرمن من الصدقة بعده «صلى الله عليه وآله»، وإنما
الذين حرموا الصدقة هم خصوص بني هاشم.
4 ـ يضاف إلى ما تقدم:
أن الظاهر أن زيداً قد أورد كلامه بصيغة الاستفهام الإنكاري فحذف أداة
الاستفهام، وقدرها موجودة، فكأنه قال:
أنساؤه من أهل بيته؟!
ويشير إلى ذلك:
أنه قد عقب ذلك بكلمة «ولكن»، الدالة على أن ما بعدها هو الصحيح؛ وإلا
لكان الأنسب أن تكون العبارة هكذا: «نساؤه من أهل بيته، وكذا من حرم
الصدقة بعده».
5 ـ
إن من حرم الصدقة بعد النبي «صلى الله عليه وآله» لا ينحصرون في من
ذكرهم زيد، فإن بني عبد المطلب يشاركونهم في الحرمان([3]).
6 ـ
إن آل الرجل غيره على الصحيح، فعلى هذا يخرج النبي «صلى الله عليه
وآله» عن أن يكون من «أهل البيت»([4]).
وهو خلاف ما عليه المحققون، وأثبتته النصوص الكثيرة
المتقدمة.
([1])
راجع: الدر المنثور ج5 ص199 وصحيح مسلم ج7 ص130 وتفسير القرآن
العظيم ج3 ص486 وفتح القدير ج4 ص280 وكنز العمال ج13 ص641
والمواهب اللدنية ج2 ص122 والتفسير الحديث ج8 ص261 والبرهان في
تفسير القرآن ج3 ص324 والصواعق المحرقة ص226 وراجع ص227 و228
والسنن الكبرى ج2 ص148 وتهذيب الأسماء واللغات ج1 ص347 وكتاب
سليم بن قيس ص104 ونور الأبصار ص110 وإسعاف الراغبينص108
والاتحاف ص22 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص300 وراجع البحار ج35
ص229 وكفاية الطالب ص53 (وليس فيه عبارة نساؤه من أهل بيته)؟!
عن مسلم، وأبي داود، وابن ماجة. وفي هامشه عن: مسند أحمد ج4
ص336 وعن كنز العمال ج1 ص45 وعن مشكل الآثار ج4 ص368 وعن أسد
الغابة ج2 ص12 وعن المستدرك على الصحيحين ج3 ص109.
([2])
ستأتي مصادر هذا الحديث حين الكلام حول عدم شمول الآية لبني
هاشم.
([3])
راجع: كفاية الطالب ص54 وخلاصة عبقات الأنوار ج2 ص67 و371 عنه.
|