يقول البعض:
إن الله لم يرد من آية التطهير نفي صدور الخطأ، لأن الخطأ مغفور، ولا
يضر وجوده([1]).
والتطهير من الذنب قد يكون بأن لا يفعله المكلف، وقد
يكون بأن يفعله المكلف، ثم يتوب منه، فالتطهير يحصل حتى لمن يرتكب
الذنب، فليس من شرط المطهرين العصمة من الذنب والخطأ، فمن وقع ذنبه
مغفوراً أو مكفراً، فقد طهره الله منه تطهيراً.
والنبي «صلى الله عليه وآله» إذا دعا بدعاء أجابه الله
بحسب استعداد المحل؛ فإذا استغفر للمؤمنين لم يلزم؛ أن لا يصدر من مؤمن
ذنب، بل يغفر الله لهم ما يصدر منهم، إما بالتوبة، أو بالحسنات
الماحية.
فالتطهير ليس هو العصمة؛ «فإن أهل
السنة عندهم لا معصوم إلا النبي «صلى الله عليه [وآله] وسلم» والشيعة
يقولون: لا معصوم غير النبي «صلى الله عليه وآله» والإمام، فقد وقع
الاتفاق على انتفاء العصمة المختصة بالنبي «صلى الله عليه [وآله] وسلم»
والإمام عن أزواجه، وبناته، وغيرهن من النساء. وإذا كان كذلك امتنع أن
يكون التطهير المدعو به للأربعة متضمناً للعصمة التي يختص بها النبي
«صلى الله عليه [وآله] وسلم» والإمام عندهم، فلا يكون من دعاء النبي
«صلى الله عليه [وآله] وسلم» له بهذا العصمة، لا لعلي ولا لغيره، فإنه
دعا بالطهارة لأربعة مشتركين لم يختص بعضهم بدعوة»([2]).
ونقول:
أما بالنسبة للعصمة عن الذنب فقد تقدم تفنيد ما ادعاه
هذا الرجل بصورة قاطعة، لا حاجة لإعادة ذلك.
وأما بالنسبة لارتكاب بعض المعاصي على سبيل الخطأ
والنسيان، فإننا نقول:
1 ـ
إن الرجس ـ على ما في نهاية اللغة لابن الأثير، وغيره من كتب اللغة،
وكما يفهم من موارد استعمالاته هو: كل ما يوجب نقصاً في الروح،
واضطراباً في الرأي. والمعصية والسهو، والنسيان، والخطأ، توجب ذلك، فهي
رجس منفي بالآية، فالآية من أدلة العصمة، وهي مضادة للآيات المربوطة
بأمهات المؤمنين([3]).
2 ـ
قد قرب بعض العلماء دلالة الآية على العصمة عن الخطأ والسهو بما حاصله:
إن للحرام ـ برأي الشيعة والمعتزلة
ـ مفاسد واقعية اقتضت النهي عنه، فالخمر مثلاً قد حُرِّمت لإسكارها،
والسم حرام لما يوجبه من الضرر.ومجرد السهو والخطأ وإن كان يرفع
التكليف المشروط بالقدرة والالتفات، ولكنه لا يرفع الأثر الوضعي
للحرام، وقبحه الذاتي عنه، وهو صورة أخرى عن الرجس([4]).
كالذي يشرب الخمر، فإنه وإن لم يكن متعمداً، ليستحق
العقاب، إلا أن أثره الوضعي كالسكر والنقص الروحي متحقق، مع أنه لم
يقصد إلى تعاطي الخمر وشربها بعنوان أنها خمر.
3 ـ
ويبقى أن نشير إلى الخطأ الذي وقع فيه هذا الرجل، حيث
نسب إلى الشيعة قولهم بعصمة النبي والإمام فقط، فإن كان
يقصد بالإمام هنا خصوص علي «عليه السلام» فنقول له: إن الشيعة يقولون
بعصمة فاطمة والحسنين «عليهم السلام»، بالإضافة إلى النبي «صلى الله
عليه وآله»، وعلي «عليه السلام»..
وإن كان يقصد بالإمام ما يشمل الحسنين «عليهما السلام»
أيضاً.. فنقول له: إن الشيعة يقولون بعصمة فاطمة «عليها السلام»
أيضاً..
والحمد لله أولاً، وآخراً، وباطناً وظاهراً، والصلاة
والسلام على خير خلقه أجمعين محمد وآله الطيبين الطاهرين.
([1])
راجع: منهاج السنة ج4 ص22 و24.
([2])
راجع: منهاج السنة ج4 ص22 و23.
([3])
راجع تعليقات الشيخ عين الله الحسني الأرموي على كتاب نهج الحق
ص74.
([4])
راجع: تأملات في الصحيحين ص228 وراجع ص385 و386.
|