صفحة :   

لستن كأحد من النساء:

وبعد أن ذكر الآيتين، وهما آية: ﴿يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ وآية التطهير، قال:

«ولكنهما والله العالم مرتبطتان تمام الارتباط، ويكون معنى الآيتين سوية: يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن، والتزمتن بتكليفكن المشدد، واتبعتن أوامر الله تعالى ونواهيه التي شددها عليكن، لأن الله تعالى ـ وباعتباركن من أهل بيت النبي «صلى الله عليه وآله» ـ أراد لكنّ باتباعكن هذه الأوامر أن تحظين بطهارة أسمى من كل نساء الأمة، وأن تكنّ في سوية أرفع منهن وأعلى..».

ونقول:

أولاً: إن هذا التقرير يقتضي أن يأتي في آية التطهير بضمير الإناث، فيقول: منكن ويطهركن.. ويقتضي أيضاً إخراج النبي «صلى الله عليه وآله»، وعلي والحسنين «عليهم السلام»، من مفاد الآية..

والقول بأن تذكير الضمائر قد جاء على سبيل التغليب..

يجاب عنه: بأنه لا ارتباط بين تكليف النساء، والتشديد عليهن، وبين طهارة غيرهن، إلا ما ذكرناه في ثنايا الكتاب وسائر ما أشرنا إليه في الموارد المختلفة..

كما أنه مناف لما ذكره صاحب الرسالة من أن اختصاص التطهير بالنساء مرتبط بالتكليف الموجهة إليهن.

وثانياً: لم نفهم السر في الإتيان بكلمة «من» المفيدة للتبعيض، حيث قال: « ـ وباعتباركن من «أهل البيت» ـ » مع أن الآيات القرآنية قد اعتبرت المخاطبين فيها كل «أهل البيت»: فهي تقول: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً لأن من صدرت لهن الأوامر ـ حسب تقريره للآيتين ـ هم المخاطبون بإذهاب الرجس دون زيادة أو نقيصة؟!

وثالثاً: إن هذا التقرير ليس بأولىمن التقرير الذي ذكرناه، ولاسيما بملاحظة: سياق الآيات، وأن الخطاب في الأساس كان مع النبي «صلى الله عليه وآله»، ثم التفت وخاطب النساء، ثم عاد ليتم كلامه مع الرسول «صلى الله عليه وآله»..

وبملاحظة: أن المهم في نظره هو إبعاد الرجس عن مقام النبوة، حتى لو كان هذا الرجس ينسب إليهم نسبة خفية، حيث يكون بواسطة أناسٍ لهم بهم أدنى ارتباط..

وبملاحظة: ما ذكرناه في المعنى اللغوي لكلمة «أهل البيت»، وما ذكرناه من رواية لما جرى في حديث الكساء، وما جرى لأم سلمة وغيرها،

وبملاحظة: إنكار زيد بن أرقم لذلك..

وكذلك سائر القرائن التي ذكرناها في الكتاب..

فإن ذلك كله يؤيد ويؤكد ما قلناه في تفسير الآية الكريمة، فالالتزام بسواه، يستتبع محاذير ذكرناها في كتابنا: «أهل البيت في آية التطهير».

 
   
 
 

موقع الميزان